الثلاثاء، 6 يونيو 2023

س و ج.

س1.

💥 أريد أن أسألكم لعلي أجد الجواب لديكم إن شاء الله.. هل صحيح أن "بائع وشاري القرآن الكريم مؤثم" بما معنى أن القرآن يجب أن يوزع لوجه الله تعالى ولا يباع ويشترى، كما يحصل في أيامنا هذه، أتمنى ممن يعرف الجواب أن يجيب للفائدة للجميع وعلي إن شاء الله؟
 
💥 سؤال آخر لو سمحتم وآسف على الإطالة عليكم، وهو: هل فعلاً لا تقوم القيامة على مسلم أي أن جميع المسلمين الحق لن يروا أهوال يوم القيامة، أي تكون فقط للكافرين والمرتدين وغيرهم ممن لم يتبعوا سنة الله ورسوله؟ وشكراً، مع فائق تقديري واحترامي.

الإجابــة

💥 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تقدم بيان حكم بيع وشراء القرآن في الفتوى رقم:  فنرجو مراجعتها.

والساعة لا تقوم حتى يتحقق خلو الأرض من كل مسلم ومؤمن، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه -فيه ذكر الدجال إلى أن

💥 قال صلى الله عليه وسلم-: ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه، قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكراً فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون؟ فيقولون فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور...

قال الحافظ في فتح الباري: قوله صلى الله عليه وسلم: من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء. قال ابن بطال: هذا وإن كان لفظه لفظ العموم فالمراد به الخصوص ومعناه أن الساعة تقوم في الأكثر والأغلب على شرار الناس بدليل قوله لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة فدل هذا الخبر أن الساعة تقوم أيضاً على قوم فضلاء. قلت -أي الحافظ-: ولا يتعين ما قال

 

💥 فقد جاء ما يؤيد العموم المذكور كقوله في حديث ابن مسعود أيضا رفعه لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. أخرجه مسلم،

= ولمسلم أيضا من حديث أبي هريرة رفعه: إن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته.

💥 وله في آخر حديث النواس بن سمعان الطويل في قصة الدجال وعيسى ويأجوج ومأجوج: إذ بعث الله ريحا طيبة فتقبض روح كل مؤمن ومسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة. والله أعلم.

=====


💥 يَخْرُجُ الدجالُ في أُمَّتِي ، فيمكثُ أربعينَ ، فيبعثُ اللهُ تعالى عيسى ابنَ مريمَ كأنه عُرْوَةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ ، فيَطْلُبُه ، فيُهْلِكُه ، ثم يمكثُ الناسُ سبعَ سِنِينَ ، ليس بين اثنينِ عداوةٌ ، ثم يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا باردةً من قِبَلِ الشامِ ، فلا يَبْقَى على وجهِ الأرضِ أحدٌ في قلبِه مِثْقالُ ذَرَّةٍ من إيمانِ إلا قَبَضَتْهُ ، حتى لو أنَّ أحدَكم دخل في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْ عليه ، حتى تَقْبِضَه ، فيَبْقَى شِرَارُ الناسِ ، في خِفَّةِ الطيرِ ، وأحلامِ السِّباعِ ، لا يَعْرِفُونَ معروفًا ، ولا يُنْكِرونَ مُنْكَرًا ، فيتمثلُ لهم الشيطانُ ، فيقولُ : أَلَا تستجيبونَ ؟ فيقولونَ : بِمَ تَأْمُرُنا ؟ فيأمرُهم بعبادةِ الأوثانِ ، فيعبدونَها ، وهم في ذلك دارُّ رِزْقُهُم ، حَسَنٌ عَيْشُهُم ، ثم يُنْفَخُ في الصورِ ، فلا يَسْمَعُ أحدٌ إلا أَصْغَى لِيتًا ، ورَفَع لِيتًا ، وأولُ مَن يَسْمَعُه رجلٌ يَلُوطُ حوضَ إِبِلِه ، فيُصْعَقُ ويُصْعَقُ الناسُ ، ثم يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا كأنه الطَّلُّ ، فيَنْبُتُ منه أجسادَ الناسِ ، ثم يُنْفَخُ فيه أخرى ، فإذا هم قِيامٌ ينظرونَ ثَمَّ ؟ يقالُ : يا أَيُّها الناسُ ! هَلُمَّ إلى ربِّكم وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ، ثم يُقالُ : أَخْرِجُوا بَعْثَ النارِ ، فيُقالُ : مِن كم ؟ فيُقالُ : من كلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائةٍ وتِسْعَةٌ وتِسْعُونَ ، فذلك يومَ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا ، وذلك يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ


الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 8047 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

💥 سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقالَ: ما هذا الحَديثُ الَّذي تُحَدِّثُ بهِ؟! تَقُولُ: إنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إلى كَذَا وَكَذَا! فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ! -أَوْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ! أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا- لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أُحَدِّثَ أَحَدًا شيئًا أَبَدًا، إنَّما قُلتُ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا؛ يُحَرَّقُ البَيْتُ، وَيَكونُ وَيَكونُ،

ثُمَّ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ:

يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ -لا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا- فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأنَّهُ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فيُهْلِكُهُ،

ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، ليسَ بيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ،

ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّأْمِ، فلا يَبْقَى علَى وَجْهِ الأرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ أَوْ إيمَانٍ إلَّا قَبَضَتْهُ، حتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عليه حتَّى تَقْبِضَهُ،

قالَ: سَمِعْتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. قالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ؛ لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لهمُ الشَّيْطَانُ، فيَقولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فيَقولونَ: فَما تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمْ في ذلكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ،

 

ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قالَ: وَأَوَّلُ مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ،

ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ -أَوْ قالَ: يُنْزِلُ اللَّهُ- مَطَرًا كَأنَّهُ الطَّلُّ -أَوِ الظِّلُّ؛ نُعْمَانُ الشَّاكُّ- فَتَنْبُتُ منه أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، هَلُمَّ إلى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولونَ،

قالَ: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فيُقَالُ: مِن كَمْ؟ فيُقَالُ: مِن كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، قالَ: فَذَاكَ يَومَ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا، وَذلكَ يَومَ يُكْشَفُ عن سَاقٍ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2940 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد مسلم على البخاري


💥 بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلاماتِ السَّاعةِ وما يَحدُثُ مِن شَدائدَ قبْلَها، وفصَّلها وبيَّن أحْوالَها وكيْف يَنْجو النَّاسٌ مِن الفتنِ الَّتي تَسبِقُ القيامةَ، ووَجَّه المسْلِمين إلى عَملِ الطَّاعاتِ استعدادًا للسَّاعةِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ يَعقوبُ بنُ عاصمِ بنِ عُروةَ بنِ مَسعودٍ الثَّقفيِّ أنَّه جاء رجلٌ إلى عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما، فقال: «ما هذا الحديثُ الَّذي تحدِّث به؟! تقولُ: إنَّ السَّاعةَ» وهي يومُ القيامةِ، «تقومُ إلى كذا وكذا!» يُحدِّثُه بالحديثِ الَّذي سَمِعه عنه، وكأنَّ الرَّجلَ يَستنكِرُ ما جاء فيه، فقال عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه للرَّجلِ: «سُبحانَ الله! أو لا إلهَ إلَّا اللهُ! أو كلمةً نحوَهما» أي: قَريبةً منهما، وقدْ قال عبدُ اللهِ هذه الكلمةَ تَعجُّبًا مِن مُراجَعةِ الرَّجلِ له في الحديثِ وما جاء فيه مِن أخبارٍ، أو أنَّ الَّذي قالَه الرَّجلُ مِن حَديثٍ مَنسوبٍ لِعبدِ اللهِ فيه مُخالَفةٌ لصَحيحِ حَديثِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه الَّذي حَدَّث به، ثمَّ قال عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه «لقدْ هَمَمْتُ»، أي: عَزَمتُ في نَفْسي على «ألَّا أحدَّثَ أحدًا شيئًا أبدًا» أي: أنْ يَمتنِعَ عن ذِكرِ الحديثِ والرِّوايةِ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لوْلا ما وَرَد عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن التَّحذيرِ مِن كَتْمِ العلمِ ومَنعِه، ثمَّ جَعَل رَضيَ اللهُ عنه يُحدِّثُهم بالحديثِ على وَجهِه الصَّحيحِ، فقال: «إنَّما قلتُ: إنَّكم سَترَوْن بعد قليلٍ» مِن الزَّمنِ «أمرًا عظيمًا» يدُلُّ على قُربِ السَّاعةِ؛ فمنه أنَّه «يُحرَّقُ البيتُ» الحرامُ، وقدْ وَقَع ذلكَ في عَهدِ وِلايةِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ؛ وذلكَ أنَّ يَزيدَ بنَ مُعاويةَ وَجَّه مِن الشَّامِ مُسْلمَ بنَ عُقْبةَ المدنيَّ في جَيشٍ عَظيمٍ لقِتالِ ابنِ الزُّبيرِ، فنَزَل بالمدينةِ، وقاتَلَ أهْلَها في وَقْعةِ الحَرَّةِ، وهَزَمهم وأباحَ المدينةَ ثلاثةَ أيَّامٍ، ثمَّ سار إلى مكَّةَ فمات بقُدَيْد، ووَلِيَ الجيشَ الحُصَينُ بنُ نُمَيرٍ وأكمَلَ المسيرَ إلى مكَّةَ، فحاصَرَ ابنَ الزُّبيرِ وأُحرِقَت الكعبةِ حتَّى انهَدَمَ جِدارُها وسَقَط سَقفُها، وكان عبدُ للهِ بنُ عمرٍو إذ ذاكَ حيًّا، ورُوِي أنَّه تُوفِّيَ أيَّامَ تلك الفتنةِ، وقولُه: «ويكونُ ويكونُ» مِن الفتنِ الواقعةِ بيْنَ المسْلِمين، يعني كُنتُ ذكَرْتُ أشياءَ أُخرى مِن الفِتنِ الَّتي ستَقَعُ قبْلَ قِيامِ السَّاعةِ.
ثُمَّ أخبَرَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «يَخرُجُ الدَّجَّالُ» مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِبُ، والدَّجَّالُ: شَخصٌ مِن بَني آدمَ ابتَلَى اللهُ به عِبادَه وأَقْدَرَه على أشياءَ مِن مَقدوراتِ اللهِ تَعالَى؛ مِن إحياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُله، ومِن ظهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَع كلُّ ذلك بقُدرة الله تَعالَى ومشيئتِه، ثُمَّ يُعجِزُه اللهُ تَعالَى بعد ذلك فلا يَقدِر على قتلِ ذلك الرَّجلِ ولا غيرِه، ويَبطُل أمرُه، ويَقتُله عِيسَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُثبِّتُ اللهُ الَّذين آمَنوا، «فيَمكُثُ أربعينَ» قال عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو: «لا أدْري» أي: لا أعلَمُ هلْ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أربعين يومًا أو شهرًا أو عامًا»، وعندَ مُسلمٍ مِن حَديثِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعانَ رَضيَ اللهُ عنه: «أربعونَ يومًا، يومٌ كسَنةٍ، ويومٌ كشَهرٍ، ويومٌ كجُمعة، وسائرُ أيَّامِه كأيَّامِكم»، فيُبْقِيه اللهُ سُبحانه تلكَ المدَّةَ حتَّى يَبعَثَ عِيسَى ابنَ مَرْيَمَ، فيَنزِلُه مِن السَّماءِ حاكمًا بشَريعةِ الإسلامِ، كما وَرَد في الرِّواياتِ، وعِيسى عليه السَّلامُ يُشبِهُ عُرْوةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ رَضيَ اللهُ عنه، كان أحدَ الأكابرِ مِن قَومِه، وكانت له اليدُ البيضاءُ في تَقريرِ صُلحِ الحُدَيبيةِ، فيَطلُبُ ويَتوجَّهُ عِيسَى عليه السلام إلى الدَّجَّالِ «فيُهلِكُه» أي: يَقتُلُه بِحَرْبَةٍ، وفي الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «والَّذي نَفْسي بيَدِه، لَيُوشِكَنَّ أنْ يَنزِلَ فيكم ابنُ مَرْيمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَكَمًا مُقسِطًا، فيَكسِرُ الصَّليبَ، ويَقتُلُ الخِنزيرَ، ويَضَعُ الجِزيةَ، ويَفِيضُ المالُ حتَّى لا يَقبَلَه أحدٌ»، فيُهلِكُ اللهُ في زَمانِه المِلَلَ كلَّها، إلَّا الإسلامَ....
ثُمَّ بعْدَ قَتلِه الدَّجَّالَ يَمكُثُ عِيسى عليه السَّلامُ بيْنَ النَّاسِ سَبْعَ سِنينَ ليْس بينَ اثنينِ عَدَاوةٌ؛ وذلك لقوَّةِ الإيمانِ والأمانةِ والرَّخاءِ في الأموالِ، وفي تَمامِ رِوايةِ أبي هُرَيرةَ عندَ أحمدَ: «ثمَّ تَقَعُ الأَمَنةُ على الأرضِ حتَّى تَرتَعَ الأُسودُ مع الإبلِ، والنِّمارُ مع البقَرِ، والذِّئابُ مع الغنَمِ، ويَلعَبُ الصِّبيانُ بالحيَّاتِ، لا تَضُرُّهم».
ثُمَّ بعْدَ مُرورِ هذه السَّنواتِ، يُرسِلُ اللهُ رِيحًا باردةً من جِهةِ الشَّأْمِ، والشَّامُ الآنَ يَشمَلُ: سُوريَةَ، والأُردنَّ، وفِلسطينَ، ولُبنانَ، فتَقبِضُ تلك الرِّيحُ رُوحَ كلِّ مُؤمنٍ باللهِ عزَّ وجلَّ، فلا يَبقَى على وَجهِ الأرضِ أحدٌ في قلبِه مِثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلَّا قَبَضَتْه، حتَّى لو أنَّ أحدًا دَخَل في «كَبِد جَبَلٍ»، أي: في وَسَطِه وجَوْفِه لَدخلَتْه عليه تلك الرِّيح، فتكونُ سَببًا في قَبضِ رُوحِه ومَوتِه. فيَبقَى على الأرضِ بعْدَ مَوتِ كلِّ مُؤمنٍ بتلك الرِّيحِ «شِرارُ النَّاسِ» وهُم خُبثاؤهم ورَذائلُهم، فإنَّهم يَبْقَون على حالٍ يُشبِهُ «خِفَّةَ الطَّيرِ»، أي: اضطرابَها ونُفورَها وسُرعتَها، «وأحلامِ السِّباعِ»، أي: في عقولِ السِّباعِ النَّاقصةِ، ومعنى ذلك أنَّهم يَكونون في سُرعتِهم إلى الشُّرورِ وقَضاءِ الشَّهواتِ والفسادِ كسُرعةِ طَيَرانِ الطَّيرِ، ويكونونَ في حالةِ كَونِهم في المعاداةِ وظُلمِ بعضِهم بعضًا في أخلاقِ السِّباعِ العاديةِ بعضِها على بَعض، فهم «لا يَعرِفون مَعروفًا» أي: لا يَمتثِلون به، فضْلًا عن أنْ يَأتَمِروا به فيما بيْنهم، والمعروفُ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما عُرِف مِن طاعةِ اللهِ تَعالَى، والإحسانِ إلى النَّاسِ.
«ولا يُنكِرون مُنكَرًا» أي: لا يَجتنِبون مَنهيًّا مِن مَناهي الشَّرعِ، فضْلًا عن أنْ يَتناهَوا عنه فيما بيْنهم، والمنكَرُ: هو كلُّ ما قَبُح مِنَ الأفعالِ والأقوالِ وأدَّى إلى مَعصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو اسمٌ شاملٌ لجميعِ أبوابِ الشَّرِّ، «فيَتمثَّلُ لهم الشيطانُ»، أي: يَتصوَّرُ لهم بصُورةِ إنسانٍ، «فيقولُ: ألَا تَستجِيبون؟» أي: ألَا تُطِيعوني فيما آمَرُكم به، قيل: وقَعَ في بَعضِ النُّسخِ لمسْلمٍ -وقد رَجَّحه البعضُ-: «ألَا تَسْتحْيُون» ومعناه: ألَا تَسْتحيُون منِّي في تَركِ ما آمُرُكم به؟ فيقولونَ: «فما تَأمُرُنا؟» أيْ: بأيَّ شَيءٍ تأمُرُنا لِنُطِيعَك فيه؟ فيأمُرُهم الشَّيطانُ حينئذٍ بعبادةِ «الأوثانِ» جمْعُ وثَنٍ، وهو: كلُّ ما له جُثَّةٌ، مُتَّخَذٌ مِن نَحوِ الحِجارةِ والخشَبِ؛ كصُورةِ الآدمِيِّ. «وهم في ذلك» أي: والحالُ أنَّهم فيما ذُكِر مِن الأوصافِ الرَّديئةِ والعباداتِ الوَثَنِيَّةِ «دَارٌّ»، أي: نازلٌ عليهم «رِزقُهم» بكَثرةٍ كدُرورِ الضَّرعِ اللَّبَنَ غيْرَ المنقطِعِ والسَّماءِ بالمطَرِ الغزيرِ، «حَسَنٌ عَيْشُهم» فهم في سَعةٍ في مَعاشِهم مِن مَطْعَمٍ ومَشرَبٍ ومَلبَسٍ وعافيةٍ.
«ثُمَّ يُنفَخُ في الصُّورِ» على أولئكَ الشِّرارِ النَّفخةُ الأُولى، وهي نَفخةُ الصَّعقِ والإماتةِ، والصُّورُ: قَرنٌ يُنفَخُ فيه، والنَّافخُ هو ملَكٌ مِن الملائكةِ، واسمُه إسرافيلُ عليه السَّلامُ، «فلا يَسْمَعُه أحدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا ورَفَع لِيتًا»، والمرادُ: أنَّ كلَّ مَن يَسمَعُ نَفخةَ الصُّورِ، فإنَّه يُصْغي جانبًا مِن عُنقِه للسُّقوطِ على الأرضِ، ويَرفَعُ الجانبَ الآخَرَ لاستماعِ النَّفخةِ، وهو كنايةٌ عن سُقوطِ رَأسِه على أحدِ الشِّقَّينِ بسَببِ الصَّعقةِ الَّتي تَأخُذُه عندَ ذلك، فلا تُمهِلُه، «وأوَّلُ مَن يَسمَعُه رَجلٌ يَلُوطُ»، أي: يُطيِّنُ ويُصلِحُ «حَوْضَ إبِلِه» بالطِّينِ حتَّى لا يَتسرَّبَ الماءُ، ويُنظِّفُه مِن الغُثاءِ لِيَسقِيَ الإبلَ الماءَ، «فيَصعَقُ»، أي: يَموتُ هو أوَّلًا «ويَصْعَقُ النَّاسُ» كلُّهم معه، «ثُمَّ» بعْدَما يَموتُ النَّاسُ كلُّهم «يُرسِلُ اللهُ مَطَرًا كأنَّه الطَّلُّ»، وهو ما يَنزِلُ في آخِرِ اللَّيلِ مِن الرُّطوبةِ، وقولُه: «أو الظِّلُّ» شكٌّ مِن الرَّاوي وليْس صَوابًا، والأرجحُ ما تَقدَّمَ، «فتَنبُتُ» بسَببِه «أجسادُ النَّاسِ» النَّخِرَةُ في قُبورِهم، ثُمَّ بعْدَ ذلك المطَرِ يُنفَخُ في الصُّورِ مرَّةً أُخرَى، وهي نَفخةُ البعثِ والنُّشورِ، فإذا النَّاسُ قِيامٌ مِن قُبورِهم، فيَنظُرُ بعضُهم إلى بعضٍ، ثُمَّ يُقالُ لهم: «يا أيُّها النَّاسُ، هَلُمَّ»، أي: تَعالَوْا أقْبِلوا أو ارجِعوا وأَسرِعوا إلى ربِّكم، ويُقالُ للملائكةِ: «وَقِفُوهم» أوْقِفوا النَّاسَ في مَوقفِ القيامةِ واحْبِسوهم فيه، «إنَّهم مَسْؤولون» عن أعمالِهم خيرًا أو شَرًّا؛ لِيُجازُوا عليها.
قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ثُمَّ يُقالُ: أَخرِجوا»، أي: مَيِّزوا بينَ الخلائقِ وافْصِلوا بيْنَ أهلِ الموقفِ «بَعْثَ النَّارِ»، أي: مَن يُبعَث إليها ويُعذَّبُ فيها، وفي حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه في الصَّحيحينِ أنَّ هذا القولَ يُخاطَبُ به آدمُ عليه السَّلامُ، ولفظُه: «يا آدَمُ، فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعدَيْكَ، والخيرُ في يَدَيكَ، فيقولُ: أخرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قال: وما بَعثُ النَّارِ؟» فيُقالُ: «مِن كَمْ؟» أي: يَسألُ المخاطَبون عن العَدَدِ المبعوثِ إلى النَّارِ، «فيُقال: مِن كلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائةٍ وتِسعةً وتِسعين»، وهذا مِن جميعِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ عليه السَّلامُ بما فيهم يَأْجوجُ ومَأجوجُ، فيكونُ مِن كلِّ ألفٍ واحدٌ يَدخُلُ الجَنَّةَ، وقد جاءَ في رِواياتٍ أُخرى في الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أبي سَعيدٍ أنَّ ذلِك كَبُرَ على الصَّحابةِ وعَظُم عليهم، وقالوا: أيُّنا ذلك الواحدُ؟! فقال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَبشِروا؛ فإنَّكم في أُمَّتَينِ ما كانتَا في شيءٍ إلَّا كثَّرتاه؛ يَأجوجُ ومَأجوجُ؛ مِنكم واحدٌ، ومِن يَأجوجَ ومَأْجوجَ ألْفٌ، فاسْتبْشَرَ الصَّحابةُ بذلك.
وفي هذا الوقتِ يُصيرُ فيه الصِّبيانُ «شِيبًا»، أي: يَبْيضُّ شَعرَهم مِن هَوْلِ المَوقِفِ، «وذلك اليومُ هو «يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ»، فيَكشِفُ اللهُ فيه عن ساقِه ويَتجلَّى لعِبادِه ويُكشَفُ الحِجابُ بيْنه وبيْنهم، وساقُ اللهِ صِفةٌ ثابتةٌ له تَعالَى نُثبِتُها ونَعتقِدُها لا نُكيِّفُها ولا نُمثِّلُها، ليْس كمِثلِه شَيءٌ وهو السَّميعُ البصيرُ، ورَوى البُخاريُّ مِن حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «يَكشِفُ ربُّنا عن ساقِه، فيَسجُدُ له كلُّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ، فيَبْقى كلُّ مَن كان يَسجُدُ في الدُّنيا رِياءً وسُمعةً، فيَذهَبُ لِيَسجُدَ، فيَعودُ ظَهْرُه طَبَقًا واحدًا».
وفي الحديثِ: بيانُ أحوالِ الدَّارِ الآخِرَةِ.
وفيه: إخبارُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الغَيْبِيَّاتِ.
وفيه: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: بيانُ فِتنةِ الدَّجَّالِ.

=============

 

 

المستدرك على الصحيحين-الحاكم النيسابوري {كتاب الفتن والملاحم»

المستدرك على الصحيحين الحاكم - أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري   »
كتاب الفتن والملاحم    »

إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة
[ ص: 640 ] 3473 - إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة

3474 - أحوال أهل الجاهلية يوم القيامة

8439 - أما حديث ثوبان فحدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن سنان القزاز ، ثنا إسحاق بن إدريس ، ثنا أبان بن يزيد ، ثنا يحيى بن أبي كثير ، ثنا أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، حدثني أبو أسماء الرحبي ، أن ثوبان حدثه ،

💥  أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، يقول

💥   { إن ربي زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ،

💥  { وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض ،

💥  { وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ،

💥  { وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة فأعطانيها ،

💥  { وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها ،

💥 {وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها ، وقال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء لم يرد إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكها بسنة عامة ، ولا أظهر عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم بعامة ، ولو اجتمع من بأقطارها حتى يكون بعضهم هو يهلك بعضا هو يسبي بعضا ،

💥  { وإني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين ،

💥  ولن تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ،

💥   وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة " ،

💥  وأنه قال : " كل ما يوجد في مائة سنة ،

💥  وسيخرج في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي ،

💥  وأنا خاتم الأنبياء ، لا نبي بعدي ،

💥   ولكن لا تزال في أمتي طائفة يقاتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " ، قال : وزعم " أنه لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمرها شيئا إلا أخلف الله مكانها مثلها " ،

💥  وأنه قال : " ليس دينار ينفقه رجل بأعظم أجرا من دينار ينفقه على عياله ، ثم دينار ينفقه على فرسه في سبيل الله ، ثم دينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله " ،

💥  قال : وزعم " أن نبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عظم شأن المسألة ، وأنه إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم ، فيسألهم ربهم - عز وجل - : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : ربنا لم ترسل إلينا رسولا ، ولم يأتنا أمر ولو أرسلت إلينا رسولا لكنا أطوع عبادك لك ، فيقول لهم ربهم : أرأيتم إن أمرتكم بأمر [ ص: 641 ] أتطيعوني ؟ قال : فيقولون : نعم . قال : فيأخذ مواثيقهم على ذلك ، فيأمرهم أن يعمدوا لجهنم فيدخلونها ، قال : فينطلقون حتى إذا جاءوها رأوا لها تغيظا وزفيرا ، فهابوا فرجعوا إلى ربهم ، فقالوا : ربنا فرقنا منها ، فيقول : ألم تعطوني مواثيقكم لتطيعوني ، اعمدوا لها فادخلوا ، فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا فرجعوا ، فقالوا : ربنا لا نستطيع أن ندخلها ، قال : فيقول : ادخلوها داخرين " قال : فقال نبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردا وسلاما " " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذه السياقة ، وإنما أخرج مسلم حديث معاذ بن هشام ، عن قتادة ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان مختصرا .


ثوبان النبوي ( م ، 4 )

مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبي من أرض الحجاز ، فاشتراه النبي - صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 16 ] وأعتقه ، فلزم النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه ، وحفظ عنه كثيرا من العلم ، وطال عمره ، واشتهر ذكره . يكنى أبا عبد الله ، ويقال : أبا عبد الرحمن . وقيل : هو يماني . واسم أبيه جحدر ، وقيل : بجدد .

حدث عنه : شداد بن أوس ، وجبير بن نفير ، ومعدان بن طلحة ، وأبو الخير اليزني ، وأبو أسماء الرحبي ، وأبو إدريس الخولاني ، وأبو كبشة السلولي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وخالد بن معدان ، وراشد بن سعد . نزل حمص . وقال مصعب الزبيري : سكن الرملة ، وله بها دار ولم يعقب . وكان من ناحية اليمن . وقال ابن سعد نزل حمص ، وله بها دار ، وبها مات سنة أربع وخمسين يذكرون أنه من حمير . وذكر عبد الصمد بن سعيد في تاريخ حمص : أنه من ألهان وقبض بحمص ، وداره بها حبسا على فقراء ألهان . وقال ابن يونس : شهد فتح مصر ، واختط بها . [ ص: 17 ] وقال ابن منده : له بحمص دار ، وبالرملة دار ، وبمصر دار . عاصم الأحول : عن أبي العالية ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من تكفل لي أن لا يسأل أحدا شيئا وأتكفل له بالجنة؟ فقال ثوبان : أنا . فكان لا يسأل أحدا شيئا . إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، قال شريح بن عبيد : مرض ثوبان بحمص ، وعليها عبد الله بن قرط فلم يعده ، فدخل على ثوبان رجل يعوده ، فقال له ثوبان : أتكتب ؟ قال : نعم . قال : اكتب ، فكتب : للأمير عبد الله بن قرط ، من ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما بعد : فإنه لو كان لموسى وعيسى مولى بحضرتك لعدته . فأتي بالكتاب ، فقرأه ، وقام فزعا . قال الناس : ما شأنه أحضر أمر ؟ فأتاه ، فعاده ، وجلس عنده ساعة ، ثم قام ، فأخذ ثوبان بردائه ، وقال : اجلس حتى أحدثك ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا .

أخرجه أحمد في " مسنده " . [ ص: 18 ] عن ثور بن يزيد ، أن ثوبان مات بحمص سنة أربع وخمسين .

 

لا يذهبُ الليلُ والنهارُ حتى تُعبَدَ اللَّاتُ والعُزَّى ، ثُمَّ يَبعثُ اللهُ رِيحًا طيِّبةً ، فيُتوَفَّى كلُّ مَنْ كان في قلبِهِ مِثقالُ حبةِ خردَلٍ من إيمانٍ ، فيَبقَى مَنْ لا خيرَ فيه ، فيرجِعونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ

💥- لا يذهبُ الليلُ والنهارُ حتى تُعبَدَ اللَّاتُ والعُزَّى ، ثُمَّ يَبعثُ اللهُ رِيحًا طيِّبةً ، فيُتوَفَّى كلُّ مَنْ كان في قلبِهِ مِثقالُ حبةِ خردَلٍ من إيمانٍ ، فيَبقَى مَنْ لا خيرَ فيه ، فيرجِعونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 7683 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

💥 1.لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ والنَّهارُ حتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ والْعُزَّى، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 9] أنَّ ذلكَ تامًّا، قالَ: إنَّه سَيَكونُ مِن ذلكَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَوَفَّى كُلَّ مَن في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ، فَيَبْقَى مَن لا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2907 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
يومُ القيامَةِ لا يَعْلَمُ مَوعِدَهُ إلَّا اللهُ سُبْحانهُ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم ببعْضِ العلاماتِ الصُّغْرى والكُبْرى، الَّتي إذا ظَهَرتْ فإنَّ القيامَةَ تكونُ قد أَظَلَّتِ النَّاسَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَذهبُ اللَّيلُ والنَّهارُ بمُرورِ الأزمانِ حتَّى تُعبَدَ اللَّاتُ والعُزى، وهُما صَنَمانِ كانت العربُ تَعبُدُهما مِن دونِ اللهِ في الجاهليَّةِ، واللَّاتُ اسمُ صَنمٍ لِثَقيفَ، وكان بالطَّائفِ، والعُزَّى صَنمٌ لقُرَيشٍ وبَني كِنانةَ.
وفي رِوايَةٍ أُخْرى عندَ مُسلِمٍ أيضًا: «لا تَقومُ الساعَةُ وعلى وَجْهِ الأرْضِ أحَدٌ يقولُ: اللهُ اللهُ»، وبذلِك يكونُ عِندما يَتَوفَّى اللهُ كُلَّ المُؤْمِنينَ، ولمْ يَبْقَ إلَّا الأشْرارُ والكُفَّارُ، فتَقومُ عليهم القيامَةُ.
فأخبَرَت عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها كانت تظُنُّ لمَّا أنزَلَ اللهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33، الصف: 9]، أنَّ ذلكَ تامٌّ، فعَلِمْتُ مِن مَفهومِ الآيةِ أنَّ ملَّةَ الإِسلامِ ظاهرةٌ على الأَديانِ كلِّها، غالبةٌ عَليها غيرُ مَغلوبةٍ؛ فكيفَ تُعبَدُ اللَّاتُ وَالعُزَّى؟! فوضَّحَ لَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ذلكَ الظُّهور المَوعود يَكونُ إلى ما شاءَ اللهُ، «ثُمَّ يَبعثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبةً» أي: لَيِّنةً هادئةً، فيُتوفَّى وَيموتُ بهذه الرِّيحِ كلُّ مَن في قَلبِه مِثقالُ حبَّةِ خَردلٍ مِن إِيمانٍ، والخَردَلُ: نَباتٌ مَعروفٌ يُشبِهُ الشَّيءَ القَليلَ البليغَ في القِلَّةِ، وهو كِنايةٌ عن تَناهي العملِ في الصِّغَرِ.
فبَقاءُ أهلِ الكُفرِ وحْدَهم على الأرضِ دونَ أنْ يكونَ هناك مُسلِمون، أمرٌ يَحدُثُ في أَواخرِ أَيَّامِ الدُّنيا، قبلَ انعِقادِ القيامةِ الكُبْرى، وبعدَ خُروجِ الرِّيحِ القابضَةِ لأَنفُسِ جميعِ المُؤمنينَ حتَّى لا تَبقى الطَّائفةُ المنْصُورةُ والنَّاجيةُ على ظَهرِ الأَرضِ، فيَبقَى مَن لا خيرَ فيهم فيَرجِعون إلى دِينِ آبائِهم في الكُفرِ والشِّركِ وعِبادةِ الأصنامِ، فهَذا هوَ الوقتُ الَّذي قَصَده رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: فضْلُ الإيمانِ باللهِ عزَّ وجلَّ مهْما بَلَغ في قَلبِ الإنسانِ.
وفيه: أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ.

=========

- لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ نِساءِ دَوْسٍ علَى ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 7116 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | أحاديث مشابهة | شرح الحديث
أحاديث مشابهة:

- لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ نِساءِ دَوْسٍ، حَوْلَ ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2906 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

====



0 - لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ نِساءِ دَوْسٍ، حَوْلَ ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 2906 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ نِساءِ دَوْسٍ علَى ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7116 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
النَّاسُ مع مَرِّ الزَّمانِ يتخَفَّفون من التمَسُّكِ بتعاليمِ الدِّينِ، فتنفَكُّ عُراه عُروةً بعد أخرى، وكلَّما انفكَّت عُروةٌ ازداد بُعدُ النَّاسِ عن دينِهم، حتى إذا كانت السَّاعةُ وقامت القيامةُ لا يكونُ في الأرضِ إلَّا شِرارُ النَّاسِ الذين لا يَعبُدون اللهَ، فعَليهم تقومُ السَّاعةُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن عَلامةٍ مِن عَلاماتِ السَّاعةِ، فيَقولُ: «لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى تَضطَرِبَ» أي: تَتحرَّكَ «أَليَاتُ» جَمعُ أَلْيَةٍ، وهيَ الأعجازُ والأردافُ، «نِساءِ دَوسٍ»، أي: مِن قَبيلَةِ دَوسٍ في اليَمنِ، فيَذْهَبْنَ إلى ذي الخَلَصَةِ -بفَتْحِ الخَاءِ واللَّامِ على المشهورِ، ويُقال بضَمِّهما، ويُقال بفتْح الخاءِ مع سُكونِ اللَّامِ- وهوَ اسمٌ لِصَنمٍ كانَ يُعبَدُ في الجاهليَّةِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أرسل إليه جريرَ بنَ عبدِ اللهِ، فهدمه وخَرَبه.
وهذا خَبرٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ النَّاسَ يَعودُون في آخِرِ الزَّمَانِ إلى عِبادةِ الْأَوْثَان، والمعنى: أنَّهم يَرتدُّونَ إلى جاهليِّتِهم في عِبادةِ الأوثان، فتَسْعَى نِساءُ دَوْسٍ طائفاتٍ حوْلَ ذِي الخَلَصةِ، فتَرتَجُّ أعجازُهنَّ؛ وذلِك مِن التَّزاحُمِ عِندَ الطَّوافِ حَوْلَه بِحَيثُ تَضرِبُ عَجيزةُ بَعضِهِنَّ الأُخْرى، وفي هذا أيضًا وصْفٌ لقُوَّةِ الحِرْصِ على السَّعْي حوْلَ ذلك الصَّنَمِ الَّذي كانَ يُعبَدَ، حَتَّى اضطرَّبت أعضاءُ النِّساءِ لشِدَّةِ الحَرَكةِ.
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن علاماتِ نُبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: أنَّ مِن عَلاماتِ السَّاعةِ كُفرَ قَبيلةِ دَوسٍ التي باليَمَنِ.

=====



0 - إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها ، وإنَّ مُلكَ أمَّتي سيبلغُ ما زُوِي لي منها ، وأُعطيتُ كَنزَيْن : الأحمرَ والأبيضَ ، وإنِّي سألتُ ربِّي عزَّ وجلَّ لأمِّتي أن لا يُهلكَهم بسنةٍ عامَّةٍ ، ولا يسلِّطَ عليهم عدوًّا سواهم فيستبيحَ بيْضتَهم ، وإنَّ ربِّي عزَّ وجلَّ قال : يا محمَّدُ ! إنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنَّه لا يُردُّ ولو اجتمع عليهم من بأقطارِها ، حتَّى يكونَ بعضُهم يسبي بعضًا ، ويملكُ بعضُهم بعضًا ، وحتَّى يكونَ بعضُهم يُفني بعضًا ، وإنَّما أخافُ على أمَّتي الأئمَّةَ المُضلِّين ، وإذا وقع عليهم السَّيفُ لم يُرفع عنهم إلى يومِ القيامةِ ، ولا تقومُ السَّاعةُ حتى يلحقَ حيٌّ من أمَّتي بالمشركين ، وحتى تعبدَ قبائلُ من أمَّتي الأوثانَ ، وأنَّه سيكونُ في أمَّتي كذَّابون ثلاثون ، كلُّهم يزعمُ أنَّه نبيُّهم ، وأنا خاتمُ النَّبيِّين لا نبيَّ بعدي ، ولا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ ظاهرين ، لا يضرُّهم من خذلهم – أو خالفهم - حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء | الصفحة أو الرقم : 2/328 | خلاصة حكم المحدث : ثابت من حديث أيوب عن أبي قلابة وفيه ألفاظ تفرد بها عن النبي ثوبان

زُوِيَتْ لي الأرضُ حتَّى رأيتُ مشارقَها ومغارِبَها وأُعطيتُ الكَنزينِ الأصفَرَ أو الأحمرَ والأَبيضَ يَعني الذَّهبَ والفضَّةَ وقِيلَ لي إنَّ مُلكَك إلى حيثُ زُوِيَ لكَ وإنِّي سَألتُ اللهَ عزَّ وجلَّ ثلاثًا أنْ لا يسلِّطَ على أُمَّتي جوعًا فيهلكَهم بهِ عامَّةً وأنْ لا يَلبِسَهم شيَعًا ويُذيقَ بَعضَهم بأسَ بَعضٍ وإنِّه قِيلَ لي إذا قَضيتُ قضاءً فلا مردَّ لهُ وإنِّي لنْ أُسلِّطَ علَى أُمَّتِك جوعًا فيُهلكَهم فيهِ ولَن أجمعَ عليْهِم من بينِ أقطارِها حتَّى يُفنِيَ بعضُهم بَعضًا ويقتُلَ بعضُهم بَعضًا وإذا وُضِعَ السَّيفُ في أَُّمَّتي فلَن يُرفَعَ عنهم إلى يومِ القيامةِ وإنَّ ممَّا أتَخوَّفُ على أُمَّتي أئمَّةً مضلِّينَ وستَعبدُ قبائلُ مِن أُمَّتي الأَوثانَ وستَلحَقُ قبائلُ من أُمَّتي بالمشركينِ وإنَّ بينَ يدَي السَّاعةِ دجَّالينَ كذَّابينَ قريبًا مِن ثلاثينَ كلُّهم يزعُمُ أنَّه نبيٌّ ولن تزالَ طائفةٌ من أُمَّتي على الحقِّ مَنصورينَ لا يضُرُّهُم مَن خالفَهم حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ عزَّ وجلَّ
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3207 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحِبًّا لأُمَّتِه، وقد دعا لها كثيرًا، بل دعا اللهَ أنْ يجعَلَ دُعاءَه على أيِّ أحدٍ مِن أُمَّتِه رَحمةً له، ومِن كَمالِ شَفقتِه أنَّه دعا اللهَ وسأَلَه ألَّا يُهْلِكَ أُمَّتَه بالقَحطِ والجَدبِ، وألَّا يُهْلِكَهم عدُوٌّ مِن غيرِهم.
وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ هذه المعاني، حيث يُخبرُ ثَوبانَ مَوْلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: "زُوِيَت لي الأرضُ"، أي: جُمِعَت، وقُرِّبَت وانضَمَّ بعضُها إلى بعضٍ، يُريدُ به تَقريبَ البعيدِ منها حتَّى اطَّلَعَ عليه كاطِّلاعَه على القريبِ منها، وحاصِلُه أنَّ اللهَ سُبحانَه قد طوى له الأرضَ ليعرِفَ ما بها، "حتَّى رأيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها. وأُعْطِيتُ الكَنزينِ الأصفرَ- أو الأحمرَ- والأبيضَ، يعني: الذَّهبَ والفِضَّةَ"، وقيل: يُريدُ بالكَنزِ الأحمرِ: خزائنَ كِسرى؛ فإنَّ الغالبَ على نُقودِ ممالكَ كِسرى الذَّهبُ، وبالكَنزِ الأبيضِ: خزائنَ قَيصرَ؛ فإنَّ الغالبَ على نُقودِ الرُّومِ الدَّراهمُ، "وقيل لي"، أي: مِن اللهِ عَزَّ وجَلَّ، "إنَّ مُلْكَك إلى حيثُ زُوِيَ لكَ"، أي: سيبلُغُ الدِّينُ إلى حُدودِ ما رأيْتَه وما ضُمَّ لك من الأرضِ، وقد وقَعَ ذلك؛ فوصَلَ الإسلامُ من أقصى بَحرِ طَنْجةَ في الغربِ ومُنْتهى عِمارةِ المغربِ، إلى أقصى المشرقِ ممَّا وراء خُراسانَ والنَّهرِ وكثيرٍ من بلادِ الهندِ والسِّندِ، ولم يتَّسِعْ ذلك الاتِّساعَ من جِهةِ الجنوبِ والشَّمالِ الَّذي لم يذكُرْ عليه السَّلامُ أنَّه أُرِيَه، وأنَّ مُلْكَ أُمَّتِه سيبلُغُه.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وإنِّي سألْتُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ ثلاثًا"، أي: دعوتُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أنْ بثلاثِ دَعواتٍ؛ الأُولى: "ألَّا يُسلِّطَ على أُمَّتي جُوعًا، فيُهلِكَهم به عامَّةً"، أي: بقَحطٍ شائعٍ لجميعِ بلادِ المُسلمينَ، فيَنتشِر فيهم الموتُ جوعًا. والثَّانيةُ ذُكِرَت في رِوايةِ مُسلمٍ، وفيها: "وألَّا يُسلِّطَ عليهم عدُوًّا مِن سِوى أنفُسِهم، فيستبِيحَ بَيضتَهم"، أي: مُجتمعَهم وموضِعَ سُلطانِهم، ومُستَقرَّ دَعوتِهم، وبَيضةُ الدَّارِ أوسطُها ومُعظمُها، أراد عدُوًّا يستأصِلُهم ويُهلِكُهم جميعَهم، والثَّالثةُ: "وألَّا يَلْبِسَهم شِيَعًا ويُذيقَ بعضَهم بأسَ بعضٍ"، أي: ولا يجعَلَ المُسلمينَ فِرَقًا وأحزابًا يُحارِبُ بعضُهم بعضًا. ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإنَّه قِيلَ لي"، أي: مِن اللهِ عَزَّ وجَلَّ، "إذا قَضَيْتُ قَضاءً فلا مَرَدَّ له"، أي: فلا يرُدُّه شَيءٌ، بخِلافِ الحُكمِ المُعلَّقِ بشَرْطِ وُجودِ شَيءٍ أو عدَمِه، وهذا تَوطئةٌ وبَيانٌ لِمَا أجاب اللهُ عَزَّ وجَلَّ فيه لنبِيِّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفيما كان مِن قِبَلِ قَضائِه سُبحانَه الَّذي قُضِيَ الَّذي لا يُمْكِنُ إجابةُ الدَّعوةِ فيه، "وإنِّي لنْ أُسلِّطَ على أُمَّتِك جوعًا، فيُهلِكَهم فيه ولنْ أجمَعَ عليهم مِن بين أقطارِها حتَّى الَّذين هم بأطرافِ الأرضِ كلِّها، أو مَن هم بأطرافِ أرضِهم وبلادِهم، والمعنى: فلا يستبيحُ عدُوٌّ من الكفَّارِ بَيضتَهم، ولو اجتمَعُوا على مُحاربتِهم، وفي روايةِ مُسلمٍ: "وألَّا أُسَلِّطَ عليهم عدُوًّا مِن سِوى أنفُسِهم يستبيحُ بَيضتَهم، ولو اجتمَعَ عليهم مَن بأقطارِها - أو قال: مَن بين أقطارِها"، أي: إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أجاب نبِيَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الدَّعوةِ الأُولى والثَّانيةِ، ولم يُجِبْه في الثَّالثةِ، الَّتي في قولِه: "حتَّى يُفْنِيَ بعضُهم بعضًا ويقتُلَ بعضُهم بعضًا"، أي: حتَّى يكونَ بعضُهم يُهْلِكُ بعضًا، ويَسْبي ويأسِرُ بعضُهم بعضًا.
واللهُ تَعالى في خلْقِه قَضاءانِ: قضاءٌ مُعلَّقٌ بفعلٍ، وقَضاءٌ مُبرَمٌ؛ فالمُعلَّقُ كما يُقال: إنْ فعَلَ الشَّيءَ الفُلانيَّ كان كذا وكذا، وإنْ لم يفعَلْه فلا يكونُ كذا وكذا، مِن قَبِيلَ ما يتطرَّقُ إليه المحوُ والإثباتُ، كما قال تَعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39]، وأمَّا القضاءُ المُبرَمُ فهو عِبارةٌ عمَّا قدَّرَه سُبحانَه في الأزلِ مِن غيرِ أنْ يُعلِّقَه بفعلٍ، فهو في نافذُ الوُقوعِ غايةَ النَّفاذِ بحيث لا يتغيَّرُ بحالٍ، ولا يتوقَّفُ على المَقْضِيِّ عليه ولا المَقْضِيِّ له؛ لأنَّه مِن عِلْمِه بما كان وما يكونُ، وخلافُ مَعلومِه مُستحيلٌ قَطعًا، وهذا من قِبَلِ ما لا يتطرَّقُ إليه المحوُ والإثباتُ، قال تعالى: {لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]، وقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا مَرَدَّ لقَضائِه، ولا مَرَدَّ لحُكمِه"، فقولُه: "إذا قضَيْتُ قَضاءً فلا مرَدَّ له" مِن هذا القَبيلِ الذي هو القضاءُ المُبرمُ؛ ولذلك لم يُجَبِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ إليه.
ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإذا وُضِعَ السَّيفُ في أُمَّتِي فلنْ يُرْفَعَ عنهم إلى يومِ القيامةِ"، أي: إذا ظهَرَتِ الحربُ فيهم ستَبْقى إلى يومِ القِيامةِ، وقد وُضِعَ السَّيفُ بقَتلِ عُثمانَ رضِيَ اللهُ عنه، فلم يزَلْ إلى الآنَ، "إنَّ ممَّا أتخوَّفُ على أُمَّتي أئمَّةً مُضلِّينَ"، أي: داعينَ الخَلقَ إلى البِدعِ وغيرِها ممَّا لا يثبُتُ في أصلِ الدِّينِ، أو يقولونَ في الدِّينِ بأهوائِهم، "وستَعْبُدُ قبائلُ مِن أُمَّتي الأوثانَ"، أي: الأصنامَ، "وستَلْحَقُ قبائلُ مِن أُمَّتي بالمُشركينَ" سواءٌ باللِّحاقِ بهم في أرضِ الشِّركِ، أو باتِّباعِهم على ضَلالِهم وغَيِّهم وشِرْكِهم، "وإنَّ بين يدَيِ السَّاعةِ"، أي: عَلاماتٍ تكونُ قبْلَ قِيامِها، "دَجَّالينَ كذَّابينَ قريبًا مِن ثَلاثينَ، كلُّهم يزعُمُ أنَّه نَبيٌّ" أي: أنَّ الأصلَ والقصدَ في ادِّعائِهم للنُّبوَّةِ الدَّجلُ والكذِبُ على النَّاسِ، "ولنْ تزالَ طائفةٌ من أُمَّتي على الحقِّ مَنصورينَ لا يضُرُّهم مَن خالَفَهم"، أي: ستظَلُّ جماعةٌ من أُمَّةِ الإسلامِ يُجاهِدونَ في سبيلِ نُصرةِ الحقِّ، وهم مُنتصِرونَ وغالِبونَ، وسيظلُّونَ على هذه الحالِ إلى يَومِ القِيامةِ طائفةً بعد طائفةٍ، وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا يَنقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ؛ فهناك مَن يَتوارَثُه جِيلًا بعد جيلٍ، "حتَّى يأتِيَ أمرُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ"، أي: الرِّيحُ الَّتي تَقْبِضُ نفْسَ كلِّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ، ولا يَبقَى إلَّا شِرارُ الخَلقِ، وعليهم تقومُ الساعةُ.
وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
وفيه: أنَّ الأنبياءَ مُستجابو الدَّعوةِ إلَّا فيما استثناه اللهُ وأبرَمَ قضاءَه.

القرآن الكريم : وورد

  القرآن الكريم :  سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِ...