💥- لا يذهبُ الليلُ
والنهارُ حتى تُعبَدَ اللَّاتُ والعُزَّى ، ثُمَّ
يَبعثُ اللهُ رِيحًا طيِّبةً ، فيُتوَفَّى كلُّ مَنْ كان في قلبِهِ مِثقالُ حبةِ
خردَلٍ من إيمانٍ ، فيَبقَى مَنْ لا خيرَ فيه ، فيرجِعونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني |
المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 7683 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
💥 1.لا
يَذْهَبُ اللَّيْلُ والنَّهارُ حتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ والْعُزَّى، فَقُلتُ: يا
رَسولَ اللهِ، إنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 9] أنَّ ذلكَ تامًّا، قالَ: إنَّه سَيَكونُ مِن ذلكَ ما شاءَ
اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَوَفَّى كُلَّ مَن في
قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ، فَيَبْقَى مَن لا خَيْرَ فِيهِ،
فَيَرْجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر :
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2907 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
يومُ القيامَةِ لا يَعْلَمُ مَوعِدَهُ إلَّا اللهُ
سُبْحانهُ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ أصحابَه رَضيَ اللهُ
عنهم ببعْضِ العلاماتِ الصُّغْرى والكُبْرى، الَّتي إذا ظَهَرتْ فإنَّ القيامَةَ
تكونُ قد أَظَلَّتِ النَّاسَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ أنَّه لا يَذهبُ اللَّيلُ والنَّهارُ بمُرورِ الأزمانِ حتَّى تُعبَدَ
اللَّاتُ والعُزى، وهُما صَنَمانِ كانت العربُ تَعبُدُهما مِن دونِ اللهِ في
الجاهليَّةِ، واللَّاتُ اسمُ صَنمٍ لِثَقيفَ، وكان بالطَّائفِ، والعُزَّى صَنمٌ
لقُرَيشٍ وبَني كِنانةَ.
وفي رِوايَةٍ أُخْرى عندَ مُسلِمٍ أيضًا: «لا تَقومُ
الساعَةُ وعلى وَجْهِ الأرْضِ أحَدٌ يقولُ: اللهُ اللهُ»، وبذلِك يكونُ عِندما
يَتَوفَّى اللهُ كُلَّ المُؤْمِنينَ، ولمْ يَبْقَ إلَّا الأشْرارُ والكُفَّارُ،
فتَقومُ عليهم القيامَةُ.
فأخبَرَت عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها النَّبيَّ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ أنَّها كانت تظُنُّ لمَّا أنزَلَ اللهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33، الصف: 9]، أنَّ ذلكَ تامٌّ، فعَلِمْتُ
مِن مَفهومِ الآيةِ أنَّ ملَّةَ الإِسلامِ ظاهرةٌ على الأَديانِ كلِّها، غالبةٌ
عَليها غيرُ مَغلوبةٍ؛ فكيفَ تُعبَدُ اللَّاتُ وَالعُزَّى؟! فوضَّحَ لَها
النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ذلكَ الظُّهور المَوعود يَكونُ إلى ما
شاءَ اللهُ، «ثُمَّ يَبعثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبةً» أي: لَيِّنةً هادئةً، فيُتوفَّى
وَيموتُ بهذه الرِّيحِ كلُّ مَن في قَلبِه مِثقالُ حبَّةِ خَردلٍ مِن إِيمانٍ،
والخَردَلُ: نَباتٌ مَعروفٌ يُشبِهُ الشَّيءَ القَليلَ البليغَ في القِلَّةِ، وهو
كِنايةٌ عن تَناهي العملِ في الصِّغَرِ.
فبَقاءُ أهلِ الكُفرِ وحْدَهم على الأرضِ دونَ أنْ يكونَ
هناك مُسلِمون، أمرٌ يَحدُثُ في أَواخرِ أَيَّامِ الدُّنيا، قبلَ انعِقادِ
القيامةِ الكُبْرى، وبعدَ خُروجِ الرِّيحِ القابضَةِ لأَنفُسِ جميعِ المُؤمنينَ
حتَّى لا تَبقى الطَّائفةُ المنْصُورةُ والنَّاجيةُ على ظَهرِ الأَرضِ، فيَبقَى
مَن لا خيرَ فيهم فيَرجِعون إلى دِينِ آبائِهم في الكُفرِ والشِّركِ وعِبادةِ
الأصنامِ، فهَذا هوَ الوقتُ الَّذي قَصَده رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: فضْلُ الإيمانِ باللهِ عزَّ وجلَّ مهْما
بَلَغ في قَلبِ الإنسانِ.
وفيه: أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ.
=========
- لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ
نِساءِ دَوْسٍ علَى ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح
البخاري
الصفحة أو الرقم : 7116 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
أحاديث مشابهة | شرح الحديث
أحاديث مشابهة:
- لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ
نِساءِ دَوْسٍ، حَوْلَ ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح
مسلم
الصفحة أو الرقم : 2906 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه
====
0 - لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ
نِساءِ دَوْسٍ، حَوْلَ ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح
مسلم | الصفحة أو الرقم : 2906 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألَياتُ نِساءِ
دَوْسٍ علَى ذِي الخَلَصَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح
البخاري
الصفحة أو الرقم: 7116 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
النَّاسُ مع مَرِّ الزَّمانِ يتخَفَّفون من التمَسُّكِ
بتعاليمِ الدِّينِ، فتنفَكُّ عُراه عُروةً بعد أخرى، وكلَّما انفكَّت عُروةٌ ازداد
بُعدُ النَّاسِ عن دينِهم، حتى إذا كانت السَّاعةُ وقامت القيامةُ لا يكونُ في
الأرضِ إلَّا شِرارُ النَّاسِ الذين لا يَعبُدون اللهَ، فعَليهم تقومُ السَّاعةُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم عَن عَلامةٍ مِن عَلاماتِ السَّاعةِ، فيَقولُ: «لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى
تَضطَرِبَ» أي: تَتحرَّكَ «أَليَاتُ» جَمعُ أَلْيَةٍ، وهيَ الأعجازُ
والأردافُ، «نِساءِ دَوسٍ»، أي: مِن قَبيلَةِ دَوسٍ في اليَمنِ، فيَذْهَبْنَ إلى
ذي الخَلَصَةِ -بفَتْحِ الخَاءِ واللَّامِ على المشهورِ، ويُقال بضَمِّهما،
ويُقال بفتْح الخاءِ مع سُكونِ اللَّامِ- وهوَ اسمٌ لِصَنمٍ كانَ يُعبَدُ في
الجاهليَّةِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أرسل إليه جريرَ بنَ عبدِ
اللهِ، فهدمه وخَرَبه.
وهذا خَبرٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ
النَّاسَ يَعودُون في آخِرِ الزَّمَانِ إلى عِبادةِ الْأَوْثَان، والمعنى: أنَّهم
يَرتدُّونَ إلى جاهليِّتِهم في عِبادةِ الأوثان، فتَسْعَى نِساءُ دَوْسٍ طائفاتٍ
حوْلَ ذِي الخَلَصةِ، فتَرتَجُّ أعجازُهنَّ؛ وذلِك مِن التَّزاحُمِ عِندَ
الطَّوافِ حَوْلَه بِحَيثُ تَضرِبُ عَجيزةُ بَعضِهِنَّ الأُخْرى، وفي هذا أيضًا
وصْفٌ لقُوَّةِ الحِرْصِ على السَّعْي حوْلَ ذلك الصَّنَمِ الَّذي كانَ يُعبَدَ،
حَتَّى اضطرَّبت أعضاءُ النِّساءِ لشِدَّةِ الحَرَكةِ.
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن علاماتِ نُبُوَّتِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: أنَّ مِن عَلاماتِ السَّاعةِ كُفرَ قَبيلةِ دَوسٍ
التي باليَمَنِ.
=====
0 - إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقَها
ومغاربَها ، وإنَّ مُلكَ أمَّتي سيبلغُ ما زُوِي لي منها ، وأُعطيتُ كَنزَيْن :
الأحمرَ والأبيضَ ، وإنِّي سألتُ ربِّي عزَّ وجلَّ لأمِّتي أن لا يُهلكَهم بسنةٍ
عامَّةٍ ، ولا يسلِّطَ عليهم عدوًّا سواهم فيستبيحَ بيْضتَهم ، وإنَّ ربِّي عزَّ
وجلَّ قال : يا محمَّدُ ! إنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنَّه لا يُردُّ ولو اجتمع عليهم
من بأقطارِها ، حتَّى يكونَ بعضُهم يسبي بعضًا ، ويملكُ بعضُهم بعضًا ، وحتَّى يكونَ
بعضُهم يُفني بعضًا ، وإنَّما أخافُ على أمَّتي الأئمَّةَ المُضلِّين ، وإذا وقع
عليهم السَّيفُ لم يُرفع عنهم إلى يومِ القيامةِ ، ولا تقومُ السَّاعةُ حتى يلحقَ
حيٌّ من أمَّتي بالمشركين ، وحتى تعبدَ قبائلُ من أمَّتي الأوثانَ ، وأنَّه سيكونُ
في أمَّتي كذَّابون ثلاثون ، كلُّهم يزعمُ أنَّه نبيُّهم ، وأنا خاتمُ النَّبيِّين
لا نبيَّ بعدي ، ولا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ ظاهرين ، لا يضرُّهم من
خذلهم – أو خالفهم - حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم |
المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء | الصفحة أو الرقم : 2/328 | خلاصة
حكم المحدث : ثابت من حديث أيوب عن أبي قلابة وفيه ألفاظ تفرد بها عن النبي ثوبان
زُوِيَتْ لي الأرضُ حتَّى رأيتُ مشارقَها ومغارِبَها
وأُعطيتُ الكَنزينِ الأصفَرَ أو الأحمرَ والأَبيضَ يَعني الذَّهبَ والفضَّةَ
وقِيلَ لي إنَّ مُلكَك إلى حيثُ زُوِيَ لكَ وإنِّي سَألتُ اللهَ عزَّ وجلَّ ثلاثًا
أنْ لا يسلِّطَ على أُمَّتي جوعًا فيهلكَهم بهِ عامَّةً وأنْ لا يَلبِسَهم شيَعًا
ويُذيقَ بَعضَهم بأسَ بَعضٍ وإنِّه قِيلَ لي إذا قَضيتُ قضاءً فلا مردَّ لهُ
وإنِّي لنْ أُسلِّطَ علَى أُمَّتِك جوعًا فيُهلكَهم فيهِ ولَن أجمعَ عليْهِم من
بينِ أقطارِها حتَّى يُفنِيَ بعضُهم بَعضًا ويقتُلَ بعضُهم بَعضًا وإذا وُضِعَ
السَّيفُ في أَُّمَّتي فلَن يُرفَعَ عنهم إلى يومِ القيامةِ وإنَّ ممَّا أتَخوَّفُ
على أُمَّتي أئمَّةً مضلِّينَ وستَعبدُ قبائلُ مِن أُمَّتي الأَوثانَ وستَلحَقُ
قبائلُ من أُمَّتي بالمشركينِ وإنَّ بينَ يدَي السَّاعةِ دجَّالينَ كذَّابينَ
قريبًا مِن ثلاثينَ كلُّهم يزعُمُ أنَّه نبيٌّ ولن تزالَ طائفةٌ من أُمَّتي على
الحقِّ مَنصورينَ لا يضُرُّهُم مَن خالفَهم حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ عزَّ وجلَّ
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم |
المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3207 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحِبًّا
لأُمَّتِه، وقد دعا لها كثيرًا، بل دعا اللهَ أنْ يجعَلَ دُعاءَه على أيِّ أحدٍ
مِن أُمَّتِه رَحمةً له، ومِن كَمالِ شَفقتِه أنَّه دعا اللهَ وسأَلَه ألَّا
يُهْلِكَ أُمَّتَه بالقَحطِ والجَدبِ، وألَّا يُهْلِكَهم عدُوٌّ مِن غيرِهم.
وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ هذه المعاني، حيث يُخبرُ
ثَوبانَ مَوْلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: "زُوِيَت لي الأرضُ"، أي: جُمِعَت، وقُرِّبَت
وانضَمَّ بعضُها إلى بعضٍ، يُريدُ به تَقريبَ البعيدِ منها حتَّى اطَّلَعَ عليه
كاطِّلاعَه على القريبِ منها، وحاصِلُه أنَّ اللهَ سُبحانَه قد طوى له الأرضَ
ليعرِفَ ما بها، "حتَّى رأيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها. وأُعْطِيتُ الكَنزينِ
الأصفرَ- أو الأحمرَ- والأبيضَ، يعني: الذَّهبَ والفِضَّةَ"، وقيل: يُريدُ بالكَنزِ الأحمرِ: خزائنَ كِسرى؛ فإنَّ الغالبَ على
نُقودِ ممالكَ كِسرى الذَّهبُ، وبالكَنزِ الأبيضِ: خزائنَ قَيصرَ؛ فإنَّ الغالبَ
على نُقودِ الرُّومِ الدَّراهمُ، "وقيل لي"، أي: مِن اللهِ عَزَّ
وجَلَّ، "إنَّ مُلْكَك إلى حيثُ زُوِيَ لكَ"، أي: سيبلُغُ الدِّينُ
إلى حُدودِ ما رأيْتَه وما ضُمَّ لك من الأرضِ، وقد وقَعَ ذلك؛ فوصَلَ الإسلامُ من
أقصى بَحرِ طَنْجةَ في الغربِ ومُنْتهى عِمارةِ المغربِ، إلى أقصى المشرقِ ممَّا
وراء خُراسانَ والنَّهرِ وكثيرٍ من بلادِ الهندِ والسِّندِ، ولم يتَّسِعْ ذلك
الاتِّساعَ من جِهةِ الجنوبِ والشَّمالِ الَّذي لم يذكُرْ عليه السَّلامُ أنَّه
أُرِيَه، وأنَّ مُلْكَ أُمَّتِه سيبلُغُه.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وإنِّي سألْتُ اللهَ
عَزَّ وجَلَّ ثلاثًا"، أي: دعوتُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أنْ بثلاثِ دَعواتٍ؛
الأُولى: "ألَّا يُسلِّطَ على أُمَّتي جُوعًا، فيُهلِكَهم به عامَّةً"،
أي: بقَحطٍ شائعٍ لجميعِ بلادِ المُسلمينَ، فيَنتشِر فيهم الموتُ جوعًا. والثَّانيةُ
ذُكِرَت في رِوايةِ مُسلمٍ، وفيها: "وألَّا يُسلِّطَ عليهم عدُوًّا مِن سِوى
أنفُسِهم، فيستبِيحَ بَيضتَهم"، أي: مُجتمعَهم وموضِعَ سُلطانِهم، ومُستَقرَّ
دَعوتِهم، وبَيضةُ الدَّارِ أوسطُها ومُعظمُها، أراد عدُوًّا يستأصِلُهم
ويُهلِكُهم جميعَهم، والثَّالثةُ: "وألَّا يَلْبِسَهم شِيَعًا ويُذيقَ بعضَهم
بأسَ بعضٍ"، أي: ولا يجعَلَ المُسلمينَ فِرَقًا وأحزابًا يُحارِبُ بعضُهم
بعضًا. ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإنَّه قِيلَ
لي"، أي: مِن اللهِ عَزَّ وجَلَّ، "إذا قَضَيْتُ قَضاءً فلا مَرَدَّ له"،
أي: فلا يرُدُّه شَيءٌ، بخِلافِ الحُكمِ المُعلَّقِ بشَرْطِ وُجودِ شَيءٍ أو
عدَمِه، وهذا تَوطئةٌ وبَيانٌ لِمَا أجاب اللهُ عَزَّ وجَلَّ فيه لنبِيِّه صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وفيما كان مِن قِبَلِ قَضائِه سُبحانَه الَّذي قُضِيَ الَّذي
لا يُمْكِنُ إجابةُ الدَّعوةِ فيه، "وإنِّي لنْ أُسلِّطَ على أُمَّتِك جوعًا،
فيُهلِكَهم فيه ولنْ أجمَعَ عليهم مِن بين أقطارِها حتَّى الَّذين هم بأطرافِ
الأرضِ كلِّها، أو مَن هم بأطرافِ أرضِهم وبلادِهم، والمعنى: فلا يستبيحُ عدُوٌّ
من الكفَّارِ بَيضتَهم، ولو اجتمَعُوا على مُحاربتِهم، وفي روايةِ مُسلمٍ:
"وألَّا أُسَلِّطَ عليهم عدُوًّا مِن سِوى أنفُسِهم يستبيحُ بَيضتَهم، ولو
اجتمَعَ عليهم مَن بأقطارِها - أو قال: مَن بين أقطارِها"، أي: إنَّ اللهَ
عَزَّ وجَلَّ أجاب نبِيَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الدَّعوةِ الأُولى والثَّانيةِ،
ولم يُجِبْه في الثَّالثةِ، الَّتي في قولِه: "حتَّى يُفْنِيَ بعضُهم بعضًا
ويقتُلَ بعضُهم بعضًا"، أي: حتَّى يكونَ بعضُهم يُهْلِكُ بعضًا، ويَسْبي
ويأسِرُ بعضُهم بعضًا.
واللهُ تَعالى في خلْقِه قَضاءانِ: قضاءٌ مُعلَّقٌ
بفعلٍ، وقَضاءٌ مُبرَمٌ؛ فالمُعلَّقُ كما يُقال: إنْ فعَلَ الشَّيءَ الفُلانيَّ
كان كذا وكذا، وإنْ لم يفعَلْه فلا يكونُ كذا وكذا، مِن قَبِيلَ ما يتطرَّقُ إليه
المحوُ والإثباتُ، كما قال تَعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}
[الرعد: 39]، وأمَّا القضاءُ المُبرَمُ فهو عِبارةٌ عمَّا قدَّرَه سُبحانَه في
الأزلِ مِن غيرِ أنْ يُعلِّقَه بفعلٍ، فهو في نافذُ الوُقوعِ غايةَ النَّفاذِ بحيث
لا يتغيَّرُ بحالٍ، ولا يتوقَّفُ على المَقْضِيِّ عليه ولا المَقْضِيِّ له؛ لأنَّه
مِن عِلْمِه بما كان وما يكونُ، وخلافُ مَعلومِه مُستحيلٌ قَطعًا، وهذا من قِبَلِ
ما لا يتطرَّقُ إليه المحوُ والإثباتُ، قال تعالى: {لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]،
وقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا مَرَدَّ لقَضائِه، ولا
مَرَدَّ لحُكمِه"، فقولُه: "إذا قضَيْتُ قَضاءً فلا مرَدَّ له" مِن
هذا القَبيلِ الذي هو القضاءُ المُبرمُ؛ ولذلك لم يُجَبِ النبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّمَ إليه.
ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
"وإذا وُضِعَ السَّيفُ في أُمَّتِي فلنْ يُرْفَعَ عنهم إلى يومِ
القيامةِ"، أي: إذا ظهَرَتِ الحربُ فيهم ستَبْقى إلى يومِ القِيامةِ، وقد
وُضِعَ السَّيفُ بقَتلِ عُثمانَ رضِيَ اللهُ عنه، فلم يزَلْ إلى الآنَ، "إنَّ ممَّا
أتخوَّفُ على أُمَّتي أئمَّةً مُضلِّينَ"، أي: داعينَ الخَلقَ إلى البِدعِ
وغيرِها ممَّا لا يثبُتُ في أصلِ الدِّينِ، أو يقولونَ في الدِّينِ بأهوائِهم،
"وستَعْبُدُ قبائلُ مِن أُمَّتي الأوثانَ"، أي: الأصنامَ، "وستَلْحَقُ قبائلُ مِن
أُمَّتي بالمُشركينَ" سواءٌ باللِّحاقِ بهم في أرضِ الشِّركِ، أو باتِّباعِهم
على ضَلالِهم وغَيِّهم وشِرْكِهم، "وإنَّ بين يدَيِ السَّاعةِ"، أي: عَلاماتٍ تكونُ قبْلَ
قِيامِها، "دَجَّالينَ كذَّابينَ قريبًا مِن ثَلاثينَ، كلُّهم يزعُمُ أنَّه
نَبيٌّ" أي: أنَّ الأصلَ والقصدَ في ادِّعائِهم للنُّبوَّةِ الدَّجلُ والكذِبُ على
النَّاسِ، "ولنْ تزالَ طائفةٌ من أُمَّتي على الحقِّ مَنصورينَ لا يضُرُّهم
مَن خالَفَهم"، أي: ستظَلُّ جماعةٌ من أُمَّةِ الإسلامِ يُجاهِدونَ في سبيلِ
نُصرةِ الحقِّ، وهم مُنتصِرونَ وغالِبونَ، وسيظلُّونَ على هذه الحالِ إلى يَومِ
القِيامةِ طائفةً بعد طائفةٍ، وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا يَنقطِعُ في
أُمَّةِ الإسلامِ؛ فهناك مَن يَتوارَثُه جِيلًا بعد جيلٍ، "حتَّى يأتِيَ أمرُ
اللهِ عَزَّ وجَلَّ"، أي: الرِّيحُ الَّتي تَقْبِضُ نفْسَ كلِّ مُؤمنٍ
ومُؤمنةٍ، ولا يَبقَى إلَّا شِرارُ الخَلقِ، وعليهم تقومُ الساعةُ.
وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صَلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ .
وفيه: أنَّ الأنبياءَ مُستجابو الدَّعوةِ إلَّا فيما
استثناه اللهُ وأبرَمَ قضاءَه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق