السبت، 25 يونيو 2022

ك1. علامات القيامة وك الصبر

 

1 - قرأت على الشيخ أبي طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري رضي الله عنه وأرضاه لستة من ربيع الآخر من سنة أربع وأربعين وأربعمائة ، فأقر به ، قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي ، قال : حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا الهيثم بن خارجة ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يكون في أمتي خسف (1) وقذف ومسخ (2) » قيل : يا رسول الله ، متى ؟ قال : « إذا ظهرت المعازف (3) والقينات ، واستحلت الخمر »
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
(2) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
(3) المعازف : آلات الطرب

(1/2)


2 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو موسى الهروي ، قال : أخبرنا عبد الله بن عبد القدوس ، قال : حدثني الأعمش ، عن هلال بن يساف ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يكون في أمتي قذف ومسخ (1) وخسف (2) » قيل : يا رسول الله ، ومتى ذلك ؟ قال : « إذا ظهرت المعازف (3) ، وكثرت القينات (4) ، وشربت الخمر »
__________
(1) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
(2) الخسف : الذهاب والغياب في عمق الأرض
(3) المعازف : آلات الطرب
(4) القينة : الجارية المغنية

(1/3)


3 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا فرقد السبخي ، قال : حدثني قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وحدثني عاصم بن عمرو البجلي ، عن أبى أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يبيت قوم من هذه الأمة على طعام وشرب ولهو ، فيصبحون وقد مسخوا (1) قردة وخنازير ، وليصيبنهم خسف (2) وقذف ، حتى يصبح الناس ، فيقولون : خسف الليلة بدار فلان ، خسف الليلة ببني فلان ، وليرسلن عليهم حاصبا ، حجارة من السماء كما أرسلت على قوم لوط ، على قبائل فيها ، وعلى دور فيها ، وليرسلن عليهم الريح العقيم ، التي أهلكت عادا بشربهم الخمر ، وأكلهم الربا ، واتخاذهم القينات (3) ، ولبسهم الحرير » وزادني غير القواريري : « وقطيعتهم الرحم »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
(2) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
(3) القينة : الجارية المغنية

(1/4)


4 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني الحسن بن محبوب ، قال : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن المنكدر ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يكون في أمتي خسف (1) ومسخ (2) وقذف » قالت عائشة : يا رسول الله ، وهم يقولون : لا إله إلا الله ؟ قال : « إذا ظهرت القيان (3) ، وظهر الربا ، وشربت الخمر ، ولبس الحرير ، كان ذا عند ذا »
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
(2) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
(3) القيان : جمع قينة ، وهي : الجارية المغنية

(1/5)


5 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الربيع بن ثعلب ، قال : حدثنا الفرج بن فضالة ، عن علي بن سعيد ، عن محمد بن علي ، عن علي ، رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة (1) حل بها البلاء (2) » قيل : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : « إذا كان المغنم دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما (3) ، وأطاع الرجل زوجته وعق (4) أمه ، وبر (5) صديقه وجفا (6) أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، وشربت الخمور ، ولبس الحرير ، واتخذوا القيان (7) والمعازف (8) ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ثلاثا : ريحا حمراء ، وخسفا (9) ، ومسخا (10) »
__________
(1) الخصلة : خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة
(2) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
(3) المغرم : المراد مغرم الذنوب والمعاصي ، وقيل المغرم هو الدين الذي لله أو للعباد
(4) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(5) بر : أحسن إلى غيره
(6) جفا فلانا : أعرض عنه وقطعه
(7) القيان : جمع قينة ، وهي : الجارية المغنية
(8) المعازف : آلات الطرب
(9) الخسف : الذهاب والغياب في عمق الأرض
(10) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح

(1/6)


6 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الجبار بن عاصم أبو طالب ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن التميمي ، عن عباد بن أبى علي ، عن علي بن أبى طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يمسخ (1) طائفة من أمتي قردة ، وطائفة خنازير ، ويخسف (2) بطائفة ويرسل على طائفة الريح العقيم بأنهم شربوا الخمر ، ولبسوا الحرير ، واتخذوا القيان (3) ، وضربوا بالدفوف »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
(2) الخسف : الذهاب والغياب في عمق الأرض
(3) القيان : جمع قينة ، وهي : الجارية المغنية

(1/7)


7 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو عمرو هارون بن عمر القرشي ، قال : حدثنا الخصيب بن كثير ، عن أبي بكر الهذلي ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليكونن في هذه الأمة خسف (1) وقذف ومسخ (2) وذلك إذا شربوا الخمور ، واتخذوا القينات (3) ، وضربوا بالمعازف »
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
(2) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
(3) القينة : الجارية المغنية

(1/8)


8 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، قال : حدثنا سليمان بن سالم أبو داود ، قال : حدثنا حسان بن أبى سنان ، عن رجل ، عن أبى هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يمسخ (1) قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير » قالوا : يا رسول الله ، أليس يشهدون أن لا إله ألا الله ، وأن محمدا رسول الله ؟ قال : « بلى ، ويصومون ، ويصلون ، ويحجون » قالوا : فما بالهم ؟ قال : « اتخذوا المعازف (2) والدفوف والقينات ، فباتوا على شربهم ولهوهم ، فأصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
(2) المعازف : آلات الطرب

(1/9)


9 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : حدثنا جرير ، عن أبان بن تغلب ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن سابط ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يكون في أمتي خسف (1) وقذف ومسخ (2) » قالوا : فمتى ذلك يا رسول الله ؟ قال : « إذا ظهرت المعازف (3) ، واستحلوا الخمور »
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
(2) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
(3) المعازف : آلات الطرب

(1/10)


10 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبيد الله بن عبيد ، عن أبى العباس الهمداني ، عن عمارة بن راشد ، عن الغاز بن ربيعة ، رفع الحديث ، قال : « ليمسخن قوم وهم على أريكتهم (1) قردة وخنازير ، بشربهم الخمر ، وضربهم البرابط والقيان »
__________
(1) الأريكة : كل ما اتكئ عليه من سرير أو فراش أو منصة

(1/11)


11 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا أبو طالب ، قال : حدثنا المغيرة بن المغيرة ، عن عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « سيكون في أمتي خسف (1) ، ورجف ، وقردة ، وخنازير »
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها

(1/12)


12 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا عبد الجبار بن عاصم ، قال : حدثني المغيرة بن المغيرة ، عن صالح بن خالد ، رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقول : « ليستحلن ناس من أمتي الحرير ، والخمر ، والمعازف (1) ، وليأتين الله على أهل حاضر منهم عظيم بجبل حتى ينبذه عليهم ، ويمسخ آخرون قردة وخنازير »
__________
(1) المعازف : آلات الطرب

(1/13)


13 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الجبار بن عاصم ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عقيل بن مدرك ، عن أبى الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لتستصعبن الأرض بأهلها ، حتى لا يكون على ظهرها أهل بيت مدر (1) ولا وبر (2) ، وليبتلين آخر هذه الأمة بالرجف ، فإن تابوا تاب الله عليهم ، وإن عادوا عاد الله عليهم بالرجف ، فإن تابوا تاب الله عز وجل عليهم ، وإن عادوا عاد الله عليهم بالرجف فإن تابوا تاب الله عز وجل عليهم وإن عادوا عاد الله عز وجل عليهم بالرجف والقذف (3) والمسخ والصواعق »
__________
(1) المدر : الطين اللزج المتماسك، وما يصنع منه مثل اللَّبِنِ والبيوت وهو بخلاف وبر الخيام
(2) الوبر : صوف الإبل والأرانب ونحوهما والمقصود أهل البادية لأنهم يتخذون بيوتهم منهم
(3) القذف : الرمي والمراد أن تمطر السماء حجارة

(1/14)


14 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، عن الحسين بن واقد ، عن علي بن ثابت ، عن فرقد السبخي ، عن أبى أمامة ، قال : « يبيت قوم على شرب الخمور وضرب القيان (1) ، فيصبحون قردة »
__________
(1) القيان : جمع قينة ، وهي : الجارية المغنية

(1/15)


15 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو إسحاق الأزدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبى أويس ، قال : حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أحد ، ولد أنس بن مالك ، وعن غيره ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليبيتن رجال على أكل وشرب وعزف ، يصبحون على أرائكهم ممسوخين (1) قردة وخنازير »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح

(1/16)


16 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، قال : حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد بن إياس الجريري ، عن أبى العلاء ، عن عبد الرحمن بن صحار ، وكان من عبد القيس ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تقوم الساعة حتى يخسف (1) بقبائل ، فيقال : من بقي من بني فلان ؟ » فعلمت أن بني فلان : العرب ، وأن العجم تنتسب إلى قراها «
__________
(1) الخسف : الذهاب والغياب في عمق الأرض

(1/17)


17 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني هارون بن عبد الله ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا أشرس أبو شيبان الهذلي ، قال : قلت لفرقد السبخي : أخبرني يا أبا يعقوب ، عن تلك الغرائب التي ، قرأت في التوراة ، قال : يا أبا شيبان والله ما أكذب على ربي مرتين أو ثلاثا ، لقد قرأت في التوراة التي جاء بها جبريل عليه السلام أمين الله عز وجل إلى موسى نبي الله صلى الله عليه وسلم : « ليكونن مسخ (1) ، وقذف ، وخسف (2) في أمة محمد في أهل القبلة » قال : فقلت : يا أبا يعقوب ، ما أعمالهم ؟ قال : باتخاذهم القينات (3) ، وضربهم بالدفوف ، ولباسهم الحرير والذهب ، ولئن بقيت حتى ترى أعمالا ثلاثة فاستيقن ، واستعد ، واحذر ، قال : قلت : ما هي ؟ قال : تكافأ الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ورغبت العرب في آنية العجم ، فعند ذلك قلت له : أللعرب خاصة ؟ قال : لا ، بل أهل القبلة ، ثم قال : والله ليقذفن رجال من السماء بالحجارة ، يشدخون (4) بها في طرقهم وقبائلهم ، كما فعل بقوم لوط ، وليمسخن آخرون قردة وخنازير ، كما فعل ببني إسرائيل ، وليخسفن بقوم كما خسف بقارون «
__________
(1) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
(2) الخسف : الذهاب والغياب في عمق الأرض
(3) القينة : الجارية المغنية
(4) الشدخ : الكسر

(1/18)


18 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن رجل ، من أشجع ، عن سالم بن أبى الجعد ، قال : « ليأتين على الناس زمان يجتمعون فيه على باب رجل منهم ، ينتظرون أن يخرج إليهم ، فيطلبون إليه الحاجة ، فيخرج إليهم وقد مسخ (1) قردا أو خنزيرا ، وليمرن الرجل على الرجل في حانوته يبيع ، فيرجع عليه وقد مسخ قردا أو خنزيرا »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح

(1/19)


19 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الله بن عاصم ، قال : حدثني المغيرة بن المغيرة ، عن صالح بن خالد ، أن أبا الزاهرية ، كان يقول : « لا تقوم الساعة حتى يمشي الرجلان إلى الأمر يعملانه ، فيمسخ أحدهما قردا أو خنزيرا ، فلا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمسي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته ، وحتى يمشي الرجلان إلى الأمر يعملانه ، فيخسف (1) بأحدهما ، فلا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمضي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته منه »
__________
(1) يُخسف بهم : تغور بهم الأرض

(1/20)


20 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال : حدثنا شهر بن حوشب ، قال : حدثني عبد الرحمن بن غنيم ، أنه قال : « يوشك أن تقعد أمتان على تفال رحى ، فتطحنان ، فتمسخ إحداهما ، والأخرى تنظر »

(1/21)


21 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، قال : حدثنا شهر ، قال : حدثني ابن غنم ، إنه « سيكون حيان متجاوران فيشق بينهما نهر ، ويسقيان منه ، قبسهم واحد ، يقتبس بعضهم من بعض ، فيصبحان يوما من الأيام وقد خسف (1) بأحدهما ، والآخر حي »
__________
(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها

(1/22)


22 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني المؤمل بن إهاب قال : حدثنا سيار بن حاتم ، عن جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار ، قال : « بلغني أن ريحا تكون في آخر الزمان وظلمة ، فيفزع الناس إلى علمائهم ، فيجدونهم قد مسخوا (1) »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح

(1/23)


23 - حدثنا محمد قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن عبيد الله ، عن القاسم ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أو عن أبى أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « لا يحل بيع المغنيات ، ولا تعليمهن ، ولا شراؤهن ، ولا أكل أثمانهن »

(1/24)


24 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا جرير ، عن رقبة بن مصقلة ، عن عبيد الله الأفريقي ، عن القاسم الشامي ، عن أبى أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يحل بيع المغنيات ، ولا تعليمهن ، ولا تجارة فيهن » ، قال : ثمنهن حرام «

(1/25)


25 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن ليث بن أبى سليم ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل حرم القينة (1) ، وبيعها ، وثمنها وتعليمها ، والاستماع إليها » ثم قرأ : ( « ومن الناس من يشتري لهو الحديث (2) ) »
__________
(1) القينة : الجارية المغنية
(2) سورة : لقمان آية رقم : 6

(1/26)


26 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثني صفوان بن عيسى ، عن حميد الخراط ، عن عمارة بن أبى معاوية ، عن سعيد بن جبير ، عن أبى الصهباء ، قال : « سألت عبد الله بن مسعود عن قوله : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث (1) ) قال : هو والله الغناء »
__________
(1) سورة : لقمان آية رقم : 6

(1/27)


27 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني زهير بن حرب ، قال : حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث (1) ) قال : « هو الغناء وأشباهه »
__________
(1) سورة : لقمان آية رقم : 6

(1/28)


28 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن إسماعيل بن أبى خالد ، عن شعيب بن يسار ، قال : سألت عكرمة : « لهو الحديث ؟ ، قال : هو الغناء »

(1/29)


29 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن سفيان بن سعيد ، عن حبيب بن أبى ثابت ، عن إبراهيم : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث (1) ) قال : « هو الغناء » وقال مجاهد : هو لهو الحديث
__________
(1) سورة : لقمان آية رقم : 6

(1/30)


30 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا محمد بن طلحة ، عن سعيد بن كعب المرادي ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود ، قال : « الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع ، والذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع »

(1/31)


31 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، وعبيد الله بن عمر ، قالا : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله بن مسعود : « الغناء ينبت النفاق في القلب »

(1/32)


32 - قال : حدثنا وكيع ، ويحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن حبيب ، عن مجاهد « ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث (1) ) قال : الغناء »
__________
(1) سورة : لقمان آية رقم : 6

(1/33)


33 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ( وأنتم سامدون (1) ) قال : هو الغناء بالحميرية ، اسمدي لنا : تغني لنا
__________
(1) سورة : النجم آية رقم : 61

(1/34)


34 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا أبو خيثمة ، وعبيد الله بن عمر ، قالا : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله بن مسعود : « الغناء ينبت النفاق في القلب » حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، بمثله

(1/35)


35 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عمر الأنصاري ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : حدثنا حماد ، قيل : إن تحدث هذا الرأي ، عن إبراهيم ، أن عبد الله ، قال : « إن الغناء ينبت النفاق في القلب »

(1/36)


36 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : كانوا يقولون : « الغناء ينبت النفاق في القلب » حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا فضيل ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، مثله

(1/37)


37 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا فضيل ، قال : حدثنا هشيم ، عن العوام ، عن حماد ، قال : قال عبد الله : « الغناء ينبت النفاق »

(1/38)


38 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن المنذر ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، قال : حدثنا ليث ، عن طلحة بن مصرف ، قال : قال عبد الله : « الغناء ينبت النفاق في القلب »

(1/39)


39 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عصمة بن الفضل ، قال : حدثني حرمي بن عمارة ، قال : حدثنا سلام بن مسكين ، قال : حدثنا شيخ ، عن أبى وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل »

(1/40)


40 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبى معمر ، عن عبد الله ، قال : « إذا ركب الرجل الدابة ، ولم يسم ، ردفه (1) شيطان ، فقال : تغنه ، فإن كان لا يحسن ، قال له : تمنه »
__________
(1) الردف : الراكب خلف قائد الدابة

(1/41)


41 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو بكر بن سهل التميمي ، قال : حدثنا ابن أبى مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثني عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله عز وجل إليه بشيطانين يجلسان على منكبيه (1) ، يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك »
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد

(1/42)


42 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عبيد الله بن عمر ، وأبو خيثمة ، قالا : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : حدثني نافع ، أن ابن عمر ، مر عليه قوم محرمون ، وفيهم رجل يتغنى ، فقال : ألا لا سمع الله لكم ، ألا لا سمع الله لكم

(1/43)


43 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا بشر بن السري ، عن عبد العزيز الماجشون ، قال : مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني فقال : « لو ترك الشيطان أحدا ترك هذه »

(1/44)


44 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، وأبو خيثمة ، قالا : حدثنا يحيى بن سليم ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : سأل إنسان القاسم بن محمد عن الغناء ؟ قال : أنهاك عنه ، وأكرهه لك ، قال : أحرام هو ؟ قال : انظر يا ابن أخي إذا ميز الله الحق من الباطل ، في أيهما يجعل الغناء ؟

(1/45)


45 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا داود بن عمرو الضبي ، قال : حدثنا عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت عمرو بن شعيب ، يقول : « كان مجاهد ، يقول : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث (1) ) قال : هو الغناء »
__________
(1) سورة : لقمان آية رقم : 6

(1/46)


46 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن داود ، عن القاسم بن سلمان ، عن الشعبي ، قال : « لعن المغني والمغنى له »

(1/47)


47 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبى ، وأحمد بن منيع ، قال : حدثنا مروان بن شجاع ، عن عبد الكريم الجزري ، قال : « إذا رأيتم الرجل قد هجر (1) المسجد ، وعكف على الغناء الشرار ، فلا تسألوا عنه »
__________
(1) هجر : ترك

(1/48)


48 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثني يعقوب بن محمد ، قال : حدثت عن زافر بن سليمان ، قال : كان رجل يجلس في المسجد ، فترك الجلوس فيه ، واتخذ قينة ، فكتب إليه رجل من إخوانه : أما بعد ، فإن الله عز وجل لم يرض لنبيه صلى الله عليه وسلم الشعر ، فقال : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له (1) ) وكيف إذا اجتمع زي الفاسقين وأصواتهم اللعينة ، وعيدانهم الوحشة الملعونة ، والنساء المتبرجات بالزينة ؟ والله ما أرى من فعل هذا يوقى الهلكة ، ولا عذر في النعمة ، ولا وضع ما رزقه الله حيث أمره الله عز وجل ، فانظر يا أخي من أي شيء خرجت ، وفي أي شيء دخلت ، وعلى من أقبلت ، ومن أقبل عليك ، وعن من أعرضت ، ومن أعرض عنك فإنك إن أحسنت النظر علمت أنك خرجت من النور ودخلت في الظلمة ، وأعرضت عن الله عز وجل ، وأعرض الله عز وجل عنك فتدارك نفسك ، فإنك إن لم تفعل ذلك فإن أهون داء من دائك يقتل صاحبه والسلام على من اتبع الهدى
__________
(1) سورة : يس آية رقم : 69

(1/49)


49 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عبد الله بن عبد الوهاب ، قال : أخبرني أبو حفص الأموي عمر بن عبد الله قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده : من عبد الله عمر أمير المؤمنين ، إلى سهل مولاه أما بعد : « فإني اخترتك على علم مني بك لتأديب ولدي وصرفتهم إليك عن غيرك من موالي وذوي الخاصة لي ، فخذهم بالجفاء فهو أمعن لإقدامهم ، وترك الصحبة ، فإن عادتها تكسب الغفلة ، وقلة الضحك ؛ فإن كثرته تميت القلب ، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي ، التي بدؤها من الشيطان ، وعاقبتها سخط (1) الرحمن ، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف (2) واستماع الأغاني واللهج بهما ينبت النفاق في القلب ، كما ينبت العشب الماء ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه ، وهو حين يفارقها لا يعتمد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع به وليفتتح كل غلام منهم بجزئه من القرآن ، يتثبت في قراءته ، فإذا فرغ منه تناول قوسه وكنانته ، وخرج إلى العرض حافيا فرما سبعة أرشاق ، ثم انصرف إلى القائلة (3) ، فإن ابن مسعود كان يقول : يا بني قيلوا ؛ فإن الشيطان لا يقيل (4) ، والسلام »
__________
(1) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
(2) المعازف : آلات الطرب
(3) القائلة : الظهيرة ، أو : النوم بعد الظهيرة
(4) قال : نام وسط النهار

(1/50)


50 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن محمد المروزي ، عن أبى عثمان الليثي ، قال : قال يزيد بن الوليد الناقص : يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياة ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة ، فإنه لينوب عن الخمر ، يفعل ما يفعل السكر ، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء ، فإن الغناء داعية الزنا

(1/51)


51 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن الفضل الأزدي ، قال : نزل الحصيب برجل من العرب ومعه ابنته مليكة ، فلما جنه الليل سمع غناء ، فقال لصاحب المنزل كف (1) هذا عني ، قال له : وما يكره من ذلك قال : إن الغناء رائد من رادة الفجور (2) ، ولا أحب أن تسمع هذه يعني ابنته فإن كففته (3) وإلا خرجت عنك
__________
(1) الكف : المنع
(2) الفجور : اسم جامع لكل شر ، أي الميل إلى الفساد والانطلاق إلى المعاصي
(3) كففته : منعته

(1/52)


52 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير ، قال : حدثنا أبو إسحاق الطالقاني ، عن الفضل بن موسى ، عن داود بن عبد الرحمن ، عن خالد بن عبد الرحمن ، قال : « كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك ، فسمع غناء من الليل ، فأرسل إليهم بكوة فجيء بهم ، فقال : إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة ، وإن الفحل ليحظر فتضبع له الناقة ، وإن التيس (1) ليثب فتستحرم له العنز ، وإن الرجل ليغني فتشتاق إليه المرأة » ، ثم قال : اخصوهم ، فقال عمر بن عبد العزيز هذا مثلة (2) ولا يحل فخلا سبيلهم «
__________
(1) التيس : الذَّكَرُ من الظِّبَاء والمَعْزِ والوُعُولِ، أو إذا أَتَى عليه سَنَةٌ
(2) المُثْلة : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد تنكيلا

(1/53)


53 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثني أبو زيد النميري ، قال : حدثنا خلاد بن زيد ، قال : سمعت شيوخنا ، من أهل مكة منهم سليم يذكرون أن القس عند أهل مكة من أحسنهم عبادة ، وأطهرهم تبتلا وأنه مر يوما بسلامة ، - جارية كانت لرجل من قريش - ، وهى التي اشتراها يزيد بن عبد الملك ، فسمع غناءها ، فوقف يستمع غناءها ، فرآه مولاها ، فدنا منه ، فقال : هل لك أن تدخل فتسمع فتأبى عليه ، فلم يزل به حتى سمع غناءها ، وقال : أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني قال : أفعل فدخل ، فتغنت ، فأعجبته فقال مولاها : هل لك أن أحولها إليك ؟ فتأبى (1) ، ثم سمع ، فلم يزل يسمع غناءها حتى شغف بها وشغفت به ، وعلم ذلك أهل مكة فقالت له يوما : أنا والله أحبك قال : وأنا والله أحبك قالت : وأحب أن أضع فمي على فمك قال : وأنا والله قالت : وأحب أن ألصق صدري بصدرك ، وبطني ببطنك قال : وأنا والله قالت : فما يمنعك ؟ ، فوالله إن الموضع لخال قال : إني سمعت الله عز وجل يقول : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين (2) ) وأنا أكره أن تكون خلة ما بيني وبينك تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة قالت : يا هذا ، أتحسب أن ربي وربك لا يقبلنا إن نحن تبنا إليه ؟ قال : بلى ، ولكن لا آمن أن أفاجأ ، ثم نهض وعيناه تذرفان (3) ، فلم يرجع بعد ، وعاد إلى ما كان عليه من النسك
__________
(1) تأبي : تمتنع وترفض
(2) سورة : الزخرف آية رقم : 67
(3) تذرف : تسيل منها الدموع

(1/54)


54 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثني الحسين بن عبد الرحمن ، قال : تنسك رجل بذكور ، ثم إنه دخل في عمل السلطان ، فأولم (1) على ابنه ، فدعا الناس ، ودعا اللعابين ، فدخل رجل ممن كان تنسك معه فلما رآه على تلك الحال ، قال له : نعوذ بالله من زوال النعمة ، ثم خرج ولم يطعم شيئا
__________
(1) أولم : صنع وليمة ، والوليمة ما يصنع من الطعام للعُرس ويُدعى إليه الناس

(1/55)


55 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثني الحسين بن عبد الرحمن ، قال : قال فضيل بن عياض : الغناء رقية الزنا

(1/56)


56 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني بشر بن عمار القهستاني ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن ابن أبى خالد ، عن الشعبي ، أنه « كره أجر المغنية »

(1/57)


57 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : قال رافع بن حفص المدني : « أربعة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : الساحرة ، والنائحة ، والمغنية ، والمرأة مع المرأة ، وقال : من أدرك ذلك الزمان فأولى به طول الحزن »

(1/58)


58 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أزهر بن مروان ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : حدثني أبو يزيد ، عن علي بن حسين ، قال : « ما قدست أمة فيها البربط »

(1/59)


59 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الرحمن ، قال : قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : « جاور الحطيئة قوما من بني كليب ، قال : فمشى ذوو النهى منهم بعضهم إلى بعض ، وقالوا : يا قوم إنكم قد رميتم بنيطل ، هذا الرجل شاعر ، والشاعر يظن فيحقق ، ولا يستأني فيثبت ، ولا يؤخذ بالفضل فيعفو ، قال : فأتوه وهو في فناء خبائه (1) ، فقالوا : يا أبا مليكة إنه قد عظم حقك علينا ، وبتخطيك القبائل إلينا ، وأتيناك لنسألك عما تحب فنأتيه ، وعما تكره ، فنزدجر عنه ، فقال : خبئوا نداء مجلسكم ، ولا تسمعوني أغاني شبيبتكم ؛ فإن الغناء رقية الزنا ، وقال فيهم : جاورت آل مقلد فحمدتهم إذ لا يكاد أخو جوار يحمد أزمان من يرد الصنيعة يصطنع فيها ومن يرد الزهادة يزهد »
__________
(1) الخباء : الخيمة

(1/60)


60 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني الحسن بن محبوب ، قال حدثنا أبو النضر ، عن أبي جعفر الرازي ، عن عاصم الأحول ، عن أبى المهلب ، عن عبيد الله القرشي ، عن أبى أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه « نهى عن بيع المغنيات ، وعن شرائهن ، وعن كسبهن ، وعن أكل أثمانهن »

(1/61)


61 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني الحسين بن علي العجلي ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : أخبرنا مسلمة بن جعفر ، عن سعد ، عن زيد بن علي ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : فزبره (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا صلى الفجر رفع رأسه إلى السماء ، فقال : « تبارك خالقها وراتقها ومبدلها وطاويها كطي السجل للكتب » ثم نظر إلى الأرض فقال : « تبارك خالقها وواضعها ومبدلها وطاويها كطي السجل للكتب » ، ثم قال : « أين السائل عن الساعة ؟ » قال : فجثا (2) رجل من آخر القوم على ركبتيه ، فإذا هو عمر بن الخطاب رحمه الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ذلك عند حيف الأئمة ، وتكذيب بالقدر ، وإيمان بالنجوم ، وقوم يتخذون الأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، والفاحشة زيارة » قال : فسألت عن « الفاحشة زيارة » ؟ قال : قد سألت عنها ، يزعم أنه سأل إياه عنها ، فقال : « الرجلان من أهل الفسق ، يصنع أحدهم طعاما وشرابا ، ويأتيه بالمرأة ، فيقول : اصنع لي كما صنعت ، قال : فيتزاورون على ذلك ، قال : فعند ذلك هلاك أمتي يا ابن الخطاب »
__________
(1) زبره : انتهره وزجره
(2) الجثو : الجلوس على الركبتين

(1/62)


باب : في المزمار

(1/63)


62 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن عثمان العجلي ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، قال : حدثنا ابن أبى ليلى ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن عوف ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « إنى نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نعمة ، لهو ولعب ، ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة ، خمش (1) وجوه ، وشق جيوب (2) ، ورنة (3) شيطان »
__________
(1) خمش : خدش
(2) الجيب : فتحة أعلى الثوب يدخل منه الرأس عند لبسه
(3) الرنة : الصيحة الحزينة

(1/64)


63 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو إبراهيم الترجماني ، قال : حدثني صالح المري ، عن الحسن ، قال : « صوتان ملعونان : » مزمار عند نعمة ، ورنة (1) عند مصيبة «
__________
(1) الرنة : الصيحة الحزينة

(1/65)


64 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبو حاتم الرازي ، قال : حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي ، قال : حدثنا صفوان بن هبيرة ، عن أبي بكر الهذلي ، قال : قلت للحسن : أكان نساء المهاجرين يصنعن كما تصنعون اليوم ؟ قال : لا ، لكن هاهنا خمش وجوه ، وشق جيوب (1) ، ونتف أشفار ، ولطم خدود ، ومزامير شيطان ، صوتان قبيحان فاحشان ، عند نعمة إن حدثت ، وعند مصيبة إن نزلت ، ذكر الله عز وجل المؤمنين فقال : ( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم (2) ) وجعلتم أنتم في أموالكم حقا معلوما لمغنية عند النعمة ، وللنائحة عند المصيبة ، يتزوج منكم المتزوج فتحملون نساءكم ، معهن هذه الصنوج والمعازف (3) ، ويقول الرجل لامرأته تحفلي تحفلي ، فيحملها على حصان ويسير خلفها غلامان معهما قضيبا (4) شيطان ، معهما من لعن الله عز وجل ورسوله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن مخنثي (5) الرجال ، ومذكرات النساء وقال : « أخرجوهن من بيوتكم » ، وكان حذيفة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يتشبه الرجل بالمرأة في لبسها ، ولا تتشبه المرأة بالرجل في لبسه » وأنتم تخرجون النساء في ثياب الرجال ، وتخرجون الرجال في ثياب النساء ، ثم يمر بها على المساجد والمجالس ، فيقال : من هذه ؟ فيقال : امرأة فلان ابن فلان مرة إلى زوجها ، وإلى أبيها أخرى لا بر ولا تقوى ، ولا غيرة ولا حياء ، ويقال : ما هذه الجموع ؟ فيقال : رجل لم يكن له زوجة ، فأفاده الله عز وجل زوجة ، استقبل نعمة الله عز وجل بما ترون من الشكر ، هذا في هذه النعمة فإن كانت مصيبة ، فماذا ؟ يموت منكم الميت ، وعليه الدين ، وعنده الأمانة ، فيوصى بالوصية ، فيأتي الشيطان أهله ، فيقول : والله لا تفقدوا تركته ، ولا تؤدوا أمانته ، ولا تمضوا وصيته حتى تبدءوا بحقي في ماله ، فتشتروا ثيابا جددا ، ثم تشق عمدا ، وتجيئون بها بيضاء ، ثم تصبغ سوداء ، ثم يمد لها خمس سرادقا (6) في داره ، فيأتون بأمة (7) مستأجرة تبكي لغير شجوهم ، وتبيع عبرتها (8) بدراهمهم تفتن أحياءهم في دورهم ، وتؤذي أمواتهم في قبورهم ، وتمنعهم أجرهم في الآخرة لما يعطونها من أجرها في الدنيا وما عسى أن تقول النائحة (9) ، تقول : أيها الناس إني آمركم بما نهاكم الله عز وجل عنه ، وأنهاكم عما أمركم الله عز وجل به ، ألا إن الله عز وجل أمرنا بالصبر ، فأنا أنهاكم أن تصبروا ، ألا إن الله قد نهاكم عن الجزع (10) فأنا آمركم أن تجزعوا ، يقال : اعرفوا لها حقها ، يبرد لها الشراب ، وتكسى الثياب ، وتحمل على الدواب ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، فما كنت أرى أن أخلف في أمة يكون هذا فيهم
__________
(1) الجيب : فتحة أعلى الثوب يدخل منه الرأس عند لبسه
(2) سورة :
(3) المعازف : آلات الطرب
(4) القضيب : العود
(5) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه
(6) السرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء
(7) الأمة : الجارية المملوكة
(8) العبرة : الدمعة
(9) النائحة : الباكية على الميت بجزع وعويل لها أو لغيرها
(10) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/66)


65 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني علي بن مسلم ، قال : حدثنا سيار ، قال : حدثنا جعفر ، قال : سمعت مالك بن دينار ، يقول : يعمد أحدهم فيتزوج ديباجة الحرم ، وكانت ديباجة الحرم أجمل ما تكون من النساء في زمانها ، وخاتون بنت ملك الروم ، ويعمد إلى جارية قد سمنها أبواها ، وترفاها حتى صارت كأنها زبدة ، فيدخل بها ، فتأخذ بقلبه ، فيقول : أي شيء تريدين ؟ فتقول : أريد رداء بابوك ، وكان في زمان مالك أردية يقال لها : البابوكية ، ويقول : أي شيء تريدين ؟ قالت : أريد خمارا جنيا ، وكان في زمن مالك خمر يقال لها الجنية ، قال : ويقول : وأي شيء تريدين ؟ قالت : أريد مرطا (1) أخضر ، فتمرط والله دين ذلك المقرئ مرطا ، ويدع أن يتزوجها يتيمة فيؤجر ، ويكسوها فيؤجر
__________
(1) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان

(1/67)


66 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني عمرة بن سعيد بن سليمان القرشي ، قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، عن نافع ، قال : كنت أسير مع عبد الله بن عمر في طريق ، فسمع زمارة راع ، فوضع أصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق ، فلم يزل يقول : يا نافع أتسمع ؟ قلت : لا ، فأخرج أصبعيه من أذنيه ثم رجع عن الطريق ، فلم يزل يقول ، وقال : « هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع »

(1/68)


67 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أبى روح ، عن أنس بن مالك ، قال : « أخبث الكسب كسب الزمارة »

(1/69)


68 - حدثني الفضل بن إسحاق ، قال : حدثنا أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد ، قال : « رأيت زبيدا اليامي أخذ من صبي زمارة ، فشقها ، ثم قال : لا ينبغي هذا »

(1/70)


69 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا شجاع بن الأشرس ، قال : حدثنا حشرج بن نباتة ، عن أبى عبد الملك ، عن عبد الله بن أنيس ، عن جده ، عن أبى أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل بعثني رحمة وهدى للعالمين ، بعثني لأمحق المعازف (1) والمزامير وأمر الجاهلية ، والأوثان (2) ، وحلف ربي عز وجل بعزته لا يشرب الخمر أحد في الدنيا إلا سقاه الله مثلها من الحميم (3) يوم القيامة ، مغفور له أو معذب ، ولا يدعها أحد في الدنيا إلا سقيته إياها في حظيرة (4) القدس حتى تقنع نفسه »
__________
(1) المعازف : آلات الطرب
(2) الأوثان : جمع وَثَن وهو الصنم، وقيل : الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة، والصَّنَم : الصُّورة بِلا جُثَّة
(3) الحميم : الماء الحار
(4) حظيرة القدس : الجنة

(1/71)


70 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني داود بن عمرو الضبي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن مالك بن أنس ، عن محمد بن المنكدر ، قال : « إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم عن اللهو ومزامير الشيطان ؟ أسكنوهم رياض (1) المسك ، ثم يقول للملائكة : أسمعوهم حمدي وثنائي ، وأعلموهم أن ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (2) ) »
__________
(1) الرياض : جمع الروضة وهي البستان
(2) سورة : يونس آية رقم : 62

(1/72)


71 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن حاتم الطويل ، قال : حدثنا زافر بن سليمان ، عن حمزة الزيات ، عن شبيل ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك (1) ) ، قال بالمزامير ( وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ) قال : كل راكب ركب في معصية في خيل إبليس ، وكل راجل (2) في معصية في رجل خيل إبليس
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 64
(2) الراجل : السائر على قدميه

(1/73)


72 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا حمدون بن سعد المؤذن ، قال : حدثنا زياد أبو السكن ، قال : « كان زبيد إذا دعي إلى العرس (1) فإن سمع صوت بربط أو مزمار لم يدخل » حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا أويس بن الربيع ، عن أبى حصين . . . . . . . صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يقلب كعباتها أحد ينتظر ما تأتي به إلا عصى الله عز وجل ورسوله »
__________
(1) العرس : الزفاف أعْرَس الرجُل فهو مُعْرِسٌ إذا دَخَل بامْرَأتِهِ عند بِنائِها

(1/74)


73 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا زياد بن أيوب ، قال : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، قال : حدثنا إبراهيم بن مسلم ، عن أبى الأحوص ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اتقوا هاتين الكعبتين الموسومتين اللتين تزجران (1) زجرا ، فإنهما من ميسر العجم »
__________
(1) الزجر : الإلقاء والدفع

(1/75)


74 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبى الأحوص ، عن عبد الله ، قال : « إياكم وهذه الكعبات الموسومة ، اللتين تزجران (1) زجرا ، فإنها من الميسر وفى نسخة أخرى : » من ميسرة العجم « حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، قال : وحدثنا أبو يزيد المعني ، قال : حدثنا علي بن صالح ، جميعا ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبى الأحوص ، عن عبد الله ، مثله
__________
(1) الزجر : الإلقاء والدفع

(1/76)


75 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف ، قال : حدثنا عمرو بن حمران ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « الكعبتان من ميسر العجم »

(1/77)


76 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا سلام بن مسكين ، قال : حدثنا قتادة ، عن أبى أيوب ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : اللاعب بالنرد قمارا كآكل لحم الخنزير ، واللاعب بها عن غير قمار كالمدهن بودك (1) الخنزير
__________
(1) الوَدَك : دَسَم اللَّحْمِ ودُهْنُه الذي يُسْتَخْرَج منه.

(1/78)


77 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا حبيب المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : « اللاعب بالفصين قمارا كآكل لحم الخنزير ، واللاعب بها غير قمار كالغامس يده في دم الخنزير »

(1/79)


78 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا المعلى بن زياد ، عن حنظلة السدوسي ، قال جعفر : أحسبه عن رجل ، من الأنصار ، قال : من لعب بالنرد فكأنما أدهن بشحم خنزير ، ومن قامر فكالآكل لحم خنزير

(1/80)


79 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي ، عن مالك بن أنس ، عن موسى بن ميسرة ، عن سعيد بن أبى هند ، عن أبى موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لعب بالنرد شير فقد عصى الله ورسوله »

(1/81)


80 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا يوسف ، قال : حدثنا أبو سلمة المنقري ، قال : حدثنا ربيعة بن كلثوم ، قال : حدثني أبى ، قال : خطبنا ابن الزبير ، فقال : « يا أهل مكة ، بلغني عن رجال ، يلعبون بلعبة يقال فيها : النردشير ، وإن الله عز وجل يقول في كتابه : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر (1) ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون (2) ) وإني أحلف بالله لا أوتى بأحد لعب بها إلا عاقبته في شعره وبشره ، وأعطيت سلبه (3) من أتاني به »
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 90
(2) سورة : المائدة آية رقم : 91
(3) السلب : ما يأْخُذُه أَحدُ القِرْنَيْن في الحربِ من قِرْنِه، مما يكونُ عليه ومعه من ثِيابٍ وسلاحٍ ودابَّةٍ، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ أَي مَسْلُوب

(1/82)


81 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا عبد العزير بن محمد الدراوردي ، قال : حدثنا علقمة بن أبى علقمة ، عن أمه ، أن عائشة ، رضي الله عنها « بلغها أن قوما يلعبون في دارها بالنرد ، فأرسلت إليهم : لتخرجنها أو لتخرجن أهل البيت الذي هي عندهم »

(1/83)


82 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني بشر بن معاذ العقدي ، قال : حدثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبى كثير ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون بالنرد ، فقال : « قلوب لاهية ، وأيد عاملة ، وألسنة لاغية »

(1/84)


83 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا الفضل ابن دلهم عن الحسن ، قال : « النرد ميسر العجم »

(1/85)


84 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : « اللاعب بها قمارا من الميسر ، واللاعب بها سفاحا كالصابغ يده في دم الخنزير ، والجالس عندها كالجالس عند سالخه وإنما قالوا : كالصابغ يده في لحم الخنزير ، وإنه يؤمر بالوضوء منها ، والكعبتين والشطرنج سواء »

(1/86)


85 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني إبراهيم بن إسحاق ، قال : حدثني سريج بن النعمان ، قال : « سألت عبد الله بن نافع عن الشطرنج ، والنرد ، فقال : ما أدركت أحدا من علمائنا إلا وهو يكرهها ، هكذا كان مالك يقول : قال سريج : وسألته عن شهادتهم ، فقال : لا تقبل شهادتهم ولا كرامة إلا أن يكون يخفي ذلك ولا يعلنه ، وهكذا كان مالك يقول ، وكذلك قوله في الغناء ، لا تقبل لهم شهادة »

(1/87)


86 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا جرير ، عن الفضيل بن غزوان ، قال : مر مسروق بقوم يلعبون بالنرد ، فقالوا : يا أبا عائشة ، إنا ربما فرغنا فلعبنا بها ، فقال : ما بهذا أمر الفراغ

(1/88)


باب في الشطرنج

(1/89)


87 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا زياد بن أيوب ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن فضيل بن مرزوق ، عن ميسرة بن حبيب ، قال : « مر علي بن أبى طالب رضوان الله عليه على قوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم عليها عاكفون ؟ »

(1/90)


88 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي ، أنه « مر على قوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ، لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها »

(1/91)


89 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن إسماعيل ، قال : « سئل أبو جعفر عن الشطرنج ، فقال : دعونا من هذه المجوسية »

(1/92)


90 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن عقبة بن صالح ، وقال : قلت لإبراهيم : « ما تقول في اللعب بالشطرنج فإني أحب اللعب بها ؟ قال : إنها ملعونة ، فلا تلعب بها ، قال : قلت : إنى لا أصبر عنها ، قال : فاحلف لا تلعب بها سنة ، قال : فحلفت ، فصبرت عنها »

(1/93)


91 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الحسن ، عن نعيم ، عن أبى جعفر ، قال : تلك المجوسية ، لا تلعبوا بها يعني الشطرنج

(1/94)


92 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : قيل للقاسم : « هذه النردة تكرهونها ، فما بال الشطرنج ؟ قال : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر »

(1/95)


93 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن الحسن ، عن طلحة بن مصرف ، قال : « كان إبراهيم وأصحابنا لا يسلمون على أحد إذا مروا به من أصحاب هذه اللعب »

(1/96)


94 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : « رأى رجل من أهل الشام أنه يغفر لكل مؤمن أو لكل مسلم في كل يوم اثنتي عشرة مرة ، إلا أصحاب الشاهين يعني الشطرنج »

(1/97)


95 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا زياد بن أيوب ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا حفص بن عبد الملك ، قال : سمعت محمد بن سيرين ، يقول : « لو ردت شهادة من يلعب بالشطرنج ، كان لذلك أهلا »

(1/98)


96 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسحاق بن البهلول ، قال : سمعت معن بن عيسى ، يقول : قال مالك بن أنس : الشطرنج من النرد ، بلغنا عن ابن عباس ، أنه ولي مال يتيم فأحرقها

(1/99)


97 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا الفضل بن الصباح ، قال : حدثنا أبو بدر ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : « سئل ابن عمر عن الشطرنج فقال : هي شر من النرد »

(1/100)


98 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الفضل بن الصباح ، قال : حدثنا أبو عبيد الحداد ، عن بسام الصيرفي ، قال : سألت أبا جعفر عن الشطرنج فقال : دع المجوسية

(1/101)


99 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني إبراهيم بن راشد أبو إسحاق قال حدثنا القعنبي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن محمد بن أبى زكريا ، عن عمار بن أبى عمار ، قال : مر علي عليه السلام بمجلس من مجالس بني أمية وهم يلعبون بالشطرنج ، فوقف عليهم ، فقال : « أما والله لغير هذا خلقتم ، أما والله لولا أن تكون سنة لضربت بها وجوهكم »

(1/102)


باب في الشهاردة

(1/103)


100 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن صفية ، أن ابن عمر ، دخل على بعض أهله وهم يلعبون بهذه الشهاردة وكسرها ، وسمعت حمادا يقول : كسرها على رأسه

(1/104)


101 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أبو سفيان موسى ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : « مر ابن عمر بقوم يلعبون بالشهاردة ، فأحرقها بالنار »

(1/105)


102 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني يعقوب بن عبيد ، قال : أخبرنا أبو عاصم ، عن يزيد بن أبى عبيد ، عن سلمة بن الأكوع « أنه كان ينهى ولده أن يلعبوا بالأربعة عشرة ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنهم يحلفون ويأثمون »

(1/106)


103 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبى الحارث ، قال : حدثنا موسى بن داود ، عن ابن لهيعة ، عن عبد الله بن زياد ، عن المنذر بن الجهم بن سويد ، عن أم سلمة ، قالت : « لأن يضطرم نار في بيت أحدكم خير له من أن يكون فيه الأربعة عشرة »

(1/107)


باب في السدر

(1/108)


104 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني بشر بن معاذ ، قال : حدثنا عامر بن يساف ، قال : « سألت يحيى بن أبى كثير عن السدر فقال : هي الشيطانة الصغرى ، إياك وإياها »

(1/109)


باب في المراجيح

(1/110)


105 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني أبى ، قال : أخبرنا هشيم ، عن زاذان أبى عمر ، عن صالح أبى الخليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع المراجيح

(1/111)


106 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الفضل بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو قتيبة ، قال : حدثنا الحسن بن حكيم ، عن أمه ، قالت : « رأيت أبا برزة إذا رأى أحدا من أهله وولده يلعب على المراجيح ضربهم وكسرها »

(1/112)


107 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عثمان العجلي ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة ، قال : « إنى لأكره المراجيح يوم النيروز ، وأراها شعبة من المجوسية ، ورأى إنسانا على أرجوحة »

(1/113)


باب في القمار

(1/114)


108 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا عمرو بن حمران ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : « كان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله ، يقعد حزينا سليبا ينظر إلى ماله في يد غيره ، وكانت تورث بينهم العداوة والبغضاء فنهى الله عز وجل عن تلك ، وتقدم فيه ، وأخبر : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (1) ) »
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 90

(1/115)


109 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا حماد بن نجيح ، عن محمد بن سيرين ، أنه رأى غلمانا يتقامرون بالمربد يوم عيد ، فقال : لا تقامروا فإن القمار من الميسر

(1/116)


110 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا معمر ، قال : سمعت ليثا ، يذكر عن عطاء ، وطاووس ، ومجاهد ، قالوا : « كل شيء من القمار فهو من الميسر ، حتى لعب الصبيان بالكعاب (1) والجوز »
__________
(1) الكِعاب : فُصُوص النَّرْدِ

(1/117)


111 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، قال : « الميسر القمار »

(1/118)


112 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، قال : « ما كان من لعب فيه قمار أو قيام أو صياح أو شر فهو من الميسر »

(1/119)


113 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثني يحيى بن سعد ، عن عثمان بن غياث ، قال : « سألت الحسن عن دقاق البيض ، فقال : لا يصلح »

(1/120)


114 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، قال هشام : يذكر عن الحسن ، أنه كان يرخص في قمار الصبيان بالبيض ، وكان ابن سيرين يكرهه

(1/121)


115 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : قال خالد بن خداش ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه كان لا يرى بأسا بشوي البيض الذي يقامر به الصبيان ، أو قال : بأكله

(1/122)


باب في اللعب بالحمام

(1/123)


116 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إبراهيم بن راشد ، قال : حدثنا أبو ربيعة زيد بن عوف ، وحدثنا عبد الله ، قال : حدثنا موسى بن محمد البصري ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « رأى رجلا يتبع حمامة ، فقال : » شيطان يتبع شيطانة «

(1/124)


117 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرني المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : شهدت عثمان وهو يخطب ، وهو يأمر بذبح الحمام وقتل الكلاب

(1/125)


118 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن خالد ، عن رجل يقال له أيوب ، قال : « كان ملاعب آل فرعون الحمام »

(1/126)


119 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني إسحاق بن حاتم المدائني ، عن شيخ ، من النخع ، حدثه عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : « من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى يذوق ألم الفقر »

(1/127)


120 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا أبو تميلة ، قال : حدثني حسين بن واقد ، عن أبى منازل أن شريحا ، « كان لا يجيز شهادة صاحب حمام ولا حمامي »

(1/128)


باب : في عمل قوم لوط

(1/129)


121 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا القاسم بن عبد الواحد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من أخوف ما أخاف على أمتي أو على هذه الأمة عمل قوم لوط »

(1/130)


122 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، قال : حدثنا عمرو بن أبى عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « فيمن عمل عمل قوم لوط : » يقتل الفاعل والمفعول به «

(1/131)


123 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثني سلم بن قتيبة ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : « لو أن رجلا عبث بغلام بين أصبعين من أصابع رجليه يريد الشهوة لكان لواطا »

(1/132)


124 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن الصباح ، قال : حدثنا شريك ، عن القاسم بن الوليد ، عن بعض ، قومه أن عليا ، رجم لوطيا

(1/133)


125 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا غسان بن مضر ، قال : حدثنا سعيد بن يزيد ، عن أبى نضرة أن ابن عباس ، سئل : « ما حد اللوطي ؟ قال : ينظر أعلى بناء بالقرية فيلقى منه ، ثم يتبع بالحجارة »

(1/134)


126 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرني حماد بن سلمة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين ، لرجم اللوطي

(1/135)


127 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثني هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، ومغيرة ، عن إبراهيم ، قال : « حد اللوطي حد الزاني »

(1/136)


128 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثني هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، ومغيرة ، عن إبراهيم ، قال : « إذا قذف الرجل الرجل بعمل قوم لوط ضرب الحد »

(1/137)


129 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا محمد بن سواء ، عن سعيد بن أبى عروبة ، قال : قال عبد ربه بن يزيد الرشك لفرقد : يا لوطي ، فسأل فرقد الحسن وابن سيرين ، فقالا : إن أباه كان رجلا صالحا ، ولكن لو قال لك : « إنك تعمل عمل قوم لوط كان عليه الحد »

(1/138)


130 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعدويه ، عن علي بن عيسى ، عن عبيدة ، عن إبراهيم ، في الرجل يقول للرجل : يا معفوج ، قال : يجلد الحد

(1/139)


131 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا مجاهد يعني ابن موسى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن يحيى بن الوليد ، قال : شهدت ابن أشوع أتي برجل قال لرجل : يا معفوج ، فأمر به فضرب الحد

(1/140)


132 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا عيسى بن عبد الله التميمي ، قال : أخبرنا بقية بن الوليد ، عن الوضين بن عطاء ، عن بعض التابعين ، قال : كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى الغلام الجميل

(1/141)


133 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني عيسى بن عبد الله ، قال : أخبرنا بقية ، قال : قال بعض التابعين : « ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه »

(1/142)


134 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الهيثم بن خارجة ، قال : حدثنا محمد بن حمير ، عن النجيب بن السري ، قال : كان يقال : « لا يبيت الرجل في بيت مع المرد »

(1/143)


135 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسن بن يوسف ، قال : حدثنا بقية ، قال : أخبرني عبيد الله بن الوليد بن أبى السائب ، عن أبى سهل ، قال : « سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف : صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل »

(1/144)


136 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سويد بن سعيد ، قال : حدثنا مسلم بن خالد ، عن إسماعيل بن كثير ، عن مجاهد ، قال : « لو أن الذي يعمل ذلك العمل - يعني عمل قوم لوط - اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسا »

(1/145)


137 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سويد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، قال : « اللوطي يرجم أحصن (1) أو لم يحصن ، سنة ماضية »
__________
(1) الإحْصان : المَنْع، والمرأة تكون مُحْصَنة بالإسلام، وبالعَفاف، والحُرِّيَّة، وبالتَّزْويج وكذلك الرجُل

(1/146)


138 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سويد ، قال : حدثنا ابن أبى زائدة ، عن ابن أبى ليلى ، عن يزيد بن قيس ، أن عليا رجم لوطيا

(1/147)


139 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني أبى ، وسويد ، قالا : حدثنا إبراهيم بن هراسة ، عن عثمان بن صالح ، عن الحسن بن ذكوان ، قال : « لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صورا كصور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى »

(1/148)


140 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم ، عن داود بن بكر ، عن محمد بن المنكدر ، أن خالد بن الوليد ، كتب إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه أنه وجد رجلا في نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة فجمع أبو بكر لذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهم علي بن أبى طالب رضي الله عنهما فقال علي : « إن هذا ذنب لم تعمل به أمة إلاأمة واحدة ، ففعل الله بهم ما قد علمتم ، أرى أن يحرق بالنار ، فاجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار » فأمر أبو بكر أن يحرق بالنار قال : وقد حرقهم أبو الزبير وهشام بن عبد الملك

(1/149)


141 - حدثنا مجاهد ، حدثنا حماد بن خلف ، حدثنا ابن أبى ذئب ، عن الزهري ، أن رجلا ، قال لرجل : « يا لوطي ، فقال الزهري : يضرب الحد »

(1/150)


باب اللوطية في النساء

(1/151)


142 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عمار بن نصر المروزي ، قال : حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن عنبسة ، عن أبى العلاء ، عن مكحول ، عن واثلة بن الأسقع ، رفعه ، قال : « سحاق النساء زنا بينهن »

(1/152)


143 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثني عثمان بن اليمان المكي ، قال : سمعت سعيد بن عثمان ، بقلزم عن ابن شهاب ، قال : كنت في مجلس عروة ، فأتانا سالم بن عبد الله ، قال : استأذنت علي البارحة (1) امرأتان ، قال : فسلمتا : فقالت الصغرى منهما : أرأيت المرأة تضجع إلى جنب المرأة ، فتصيب منها من اللذة ما تصيب من زوجها ؟ ، فأمرت بإحراقها ، فتفكرت حتى كادت أن تفوتني صلاة العتمة (2) ، فقلت : قد أهلك الله قوما ركب بعضهم بعضا ، ولو وليت من الأمر شيئا لرجمتهما بالحجارة قال عروة : ولكني لو وليت من الأمر شيئا لضربتها ضربا مبرحا ، ونفيتهما من البلد الذي أنا فيه ، قال الزهري : فلما كبرت وحنكتني (3) الأمور ، علمت أن القول ما قال عروة ، قال عثمان بن اليمان : ليس يؤخذ بقول سالم في الرجم ، ولا يجب النفي به قال عثمان بن اليمان : وكان سعيد بن عثمان هذا عاملا على قلزم
__________
(1) البارحة : أقرب ليلة مضت
(2) العتمة : صلاة العشاء
(3) حنكتني : أحكمتني وهذبتني

(1/153)


144 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكار ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : حدثنا حفص ، أو أبو حفص ، عن جعفر بن محمد بن علي ، قال : جاءته امرأتان قد قرأتا القرآن ، فقالتا : « هل نجد عشاق المرأة المرأة محرما في كتاب الله عز وجل ؟ فقال لهما : نعم هن اللواتي كن على عهد تبع ، وهن صواحب الرس ، وكل نهر وبئر رس ، قال : يقطع لهن سبعون جلبابا من نار ودرع من نار ونطاق من نار ، وتاج من نار ، وخفان من نار ، ومن فوق ذلك ثوب غليظ ، جاف ، حلف متين من نار » قال جعفر : علموا هذا نساءكم

(1/154)


145 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : قال أبى ، أخبرت عن عمرو بن هاشم الجنبي ، عن أبى حمزة ، قال : قلت لمحمد بن علي : « عذب الله نساء قوم لوط بعمل رجالهم ؟ قال : الله أعدل من ذلك ، استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء »

(1/155)


146 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن راشد ، قال : حدثنا القعنبي ، قال حدثنا مروان بن معاوية ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ ، عن علي ، قال : « من أخلاق قوم لوط الجلاهق يعني بالجلاهق قوس البندق ، ويقال المقلاع والصفير ، والحدق ، ومضغ العلك »

(1/156)


147 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أبو محمد ، عن علي بن محمد القرشي ، عن جويرية بن أسماء ، عن عمه ، قال : « حججت وأنا لفي رفقة مع قوم إذ نزلنا منزلا ومعنا امرأة فنامت فانتبهت وحية منطوية عليها قد جمعت رأسها مع ذنبها (1) بين ثدييها فهالنا ذلك ، وارتحلنا فلم تزل منطوية عليها لا تضرها شيئا حتى دخلنا أنصاب الحرم ، فانسابت ، فدخلنا مكة فقضينا نسكنا وانصرفنا حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوقت عليها منه الحية وهو المنزل الذي نزلنا ، فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها ، ثم صفرت الحية ، فإذا بالوادي يسيل علينا حيات فنهشتها حتى بقيت عظاما ، فقلت لخادمة كانت لها : ويحك (2) أخبرينا عن هذه المرأة ، قالت : بغت (3) ثلاث مرات كل مرة تلد ولدا ، فإذا وضعته سجرت التنور (4) ، ثم ألقته فيه »
__________
(1) الذنب : الذيل
(2) ويْح : كَلمةُ تَرَحُّمٍ وتَوَجُّعٍ، تقالُ لمن وَقَع في هَلَكةٍ لا يَسْتَحِقُّها. وقد يقال بمعنى المدح والتَّعجُّب
(3) بغت : زنَت
(4) التنور : المَوْقِدُ

(1/157)


148 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن أبى زائدة ، عن أبى صخرة رفعه قال : « كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة »

(1/158)


149 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثنا الحسين بن علي ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبى ظبيان ، عن حذيفة ، قال : « إنما حق القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء ، والرجال بالرجال »

(1/159)


150 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسين بن علي ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبى روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس « في قوله عز وجل : ( أتأتون الفاحشة (1) ) ، قال : أدبار الرجال »
__________
(1) سورة : الأعراف آية رقم : 80

(1/160)


151 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثني حسين بن علي ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، عن شيخ ، من بني تميم عن عبيد الله ، قال : « سألت الشعبي عن امرأتين ، وجدتا ، تسحقان ؟ قال : تعزران »

(1/161)


152 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسين بن علي ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، عن شيخ من تميم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أنه أتي بامرأتين تستحقان ، فعزرهما مائة مائة

(1/162)


ومن ذكر اللوطيين في الرجال

(1/163)


153 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا العباس بن يزيد ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر ، « في رجل عمل عمل قوم لوط قال : قتلة قوم لوط ، أحصن (1) أو لم يحصن » قال : وكان جابر بن زيد يقول : حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج قال قتادة : وكان الحسن يقول : « حده حد الزاني إن كان قد أحصن وإلا فالحد »
__________
(1) الإحْصان : المَنْع، والمرأة تكون مُحْصَنة بالإسلام، وبالعَفاف، والحُرِّيَّة، وبالتَّزْويج وكذلك الرجُل

(1/164)


154 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن أبى نجيح : ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (1) ) قال عمرو بن دينار : « ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط »
__________
(1) سورة : الأعراف آية رقم : 80

(1/165)


155 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني الفضل بن إسحاق ، قال : حدثني أبو قتيبة ، عن عرفطة العبدي ، قال : سمعت ابن سيرين ، يقول : « ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار »

(1/166)


156 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد ، عن عمرو بن أبى عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاثا ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط »

(1/167)


157 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني القاسم بن هاشم قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا صفوان بن عمرو ، قال : كتب عبد الملك بن مروان إلى أبى حبيب قاضى حمص يسأله : كم عقوبة اللوطي ؟ فكتب إليه أن عليه أن يرمى بالحجارة كما رجم قوم لوط ، قال الله عز وجل : ( وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل (1) ) فقبل عبد الملك ذلك منه وحسنه من رأيه
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 74

(1/168)


باب : في المخنثين

(1/169)


158 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : حدثنا جرير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة ، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في بيت أم سلمة ، وعنده مخنث (1) جالس ، فقال لعبد الله بن أبى أمية أخي أم سلمة : يا عبد الله ، إن فتح الله عليكم الطائف غدا ، فأنا أدلك على ابنة غيلان امرأة من ثقيف تقبل بأربع ، وتدبر بثمان (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل هذا عليكن »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه
(2) ثمان : المرأة كان لها أربع عُكن في بطنها فإذا رأيتها من خلف رأيت لكل عكنة طرفين، فصارت ثمانية.

(1/170)


159 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبى الزناد ، قال : « لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يحتجبن من المخنثين (1) جلسا ينوحان »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/171)


160 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبى كثير ، وأيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين (1) من الرجال ، والمترجلات (2) من النساء »
__________
(1) المخنث : الذي يتشبه بالنساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته
(2) المترجلات : المتشبهات بالرجال في زيِّهم وهيأتهم

(1/172)


161 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا حسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبى كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أخرجوا المخنثين (1) من بيوتكم » قال : فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم مخنثا ، وأخرج عمر مخنثا «
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/173)


162 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسن بن حماد الضبي ، قال : حدثنا عبدة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد ، عن موسى بن عبد الرحمن بن عياش بن أبى ربيعة ، قال : كان المخنثون (1) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة : ماتع ، وهرم وهيت ، قال : فكان ماتع لفاختة بنت عمرو بن عائذ خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يغشى (2) بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ويدخل عليهن حتى إذا حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخالد بن الوليد : إن فتحت الطائف غدا ، فلا تنفلتن منك نادية بنت غيلان ، فإنها تقبل بأربع ، وتدبر بثمان (3) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا أرى هذا الخبيث يفطن لهذا إلا بوطئ ، عليكم بعد هذا الكساية » قال : ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا (4) ، حتى كان بذي الحليفة ، قال : « لا تدخل المدينة » ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فكلم فيه ، وقيل له : إنه مسكين ، ولا بد له من شيء ، فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما في كل ، يدخل فيسأل ، ثم يرجع إلى منزله ، فلم يزل كذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر ، وعلى عهد عمر ونفا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبيه معه : هرم ، والآخر : هيت «
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه
(2) يغشى : يحضر ويزور ويخالط
(3) ثمان : المرأة كان لها أربع عُكن في بطنها فإذا رأيتها من خلف رأيت لكل عكنة طرفين، فصارت ثمانية.
(4) قفل : عاد ورجع

(1/174)


163 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عثمان ، قال : حدثنا عثمان بن الأسود ، عن مجاهد ، أنه « كره إمامة المخنث (1) »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/175)


164 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو إسحاق الأزدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبى أويس ، قال : سألت مالك بن أنس ، عن القدري والمخنث ، أيجوز لي أن أجعله ، سترا بين يدي في الصلاة ؟ فقال : إذا حققت أنهما كذلك فلا تجعلهما سترة في الصلاة

(1/176)


165 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن الوليد بن العيزار ، عن عكرمة ، قال : « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت الذي يدخله المخنث (1) »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/177)


166 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا أبو إسحاق الأزدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبى أويس ، قال : سمعت مالك بن أنس ، أو غيره من أهل العلم قال : كان ابن شهاب الزهري ، وربيعة بن أبى عبد الرحمن في صف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وراء الإمام ، فتقدم ربيعة بين يديه ، فقال له ابن شهاب : كنت في سعة ، فتقدمت إلى الصف الذي بين يديك في ضيق ، فلم فعلت ذلك ؟ فقال له ربيعة : « إنه كان بين يدي رجل يؤبن بالتخنث ، وكرهت أن يكون بين يدي ؛ فلذلك تقدمت »

(1/178)


167 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين (1) من الرجال والمترجلات (2) من النساء »
__________
(1) المخنث : الذي يتشبه بالنساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته
(2) المترجلات : المتشبهات بالرجال في زيِّهم وهيأتهم

(1/179)


168 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني إبراهيم بن راشد ، قال : حدثنا أبو ربيعة زيد بن عوف ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عمر بن أبى سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة ، فرأى عندها مخنثا (1) ، وهو يقول : يا عبد الله بن أمية ، لو فتحت الطائف لأريتك نادية بنت غيلان ، فإنها تقبل بأربع ، وتدبر بثمان (2) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تدخلي هذا عليكم »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه
(2) ثمان : المرأة كان لها أربع عُكن في بطنها فإذا رأيتها من خلف رأيت لكل عكنة طرفين، فصارت ثمانية.

(1/180)


169 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : وحدثني محمد بن سهل ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث (1) ، وكانوا يعدونه من غير أولى الإربة ، قال : فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض أزواجه وهو ينعت امرأة ، فقال : إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمان (2) ، فقال : « ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا ، لا يدخلن عليكم بعد » فحجبوه (3) «
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه
(2) ثمان : المرأة كان لها أربع عُكن في بطنها فإذا رأيتها من خلف رأيت لكل عكنة طرفين، فصارت ثمانية.
(3) حجب : منع وحجز

(1/181)


170 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا يعقوب بن إسحاق بن زياد ، قال : حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، قال : حدثنا إبراهيم بن جعفر ، عن صالح بن إبراهيم ، عن أبيه ، أن عثمان « جلد رجلا قال لرجل : يا مخنث (1) عشرين »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/182)


171 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا الحسين بن علي ، قال : حدثنا أبو جعفر الثقفي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم ، قال : حدثني داود بن بكر ، عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن ، عن أبى سلمة أنه كره أن يصلى خلف مخنث (1)
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/183)


172 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا زياد بن أيوب ، قال : حدثنا محمد بن يزيد ، قال أخبرنا محمد بن مسلم الطائفي ، قال : سئل طاوس عن الرجل الذي ، يأتي المرأة في عجيزتها ، قال : تلك كفرة ، إنما بدأ قوم لوط ذلك ، صنعه الرجال بالنساء ، ثم صنعه الرجال بالرجال==

الصبر

 1 - حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان قال : قال ابن شهاب : أخبرني عطاء بن يزيد الجندعي ، أن أبا سعيد الخدري ، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يصبر يصبره الله ، ولم يعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر »

(1/2)


2 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عتبة بن أبي حكيم ، حدثني عمرو بن جارية اللخمي ، حدثني أبو أمية الشعباني ، عن أبي ثعلبة الخشني ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن من ورائكم أيام الصبر ، صبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين يعملون مثل عمله » وزادني غيره : قالوا : يا رسول الله ، أجر خمسين منهم ؟ قال : « أجر خمسين منكم »

(1/3)


3 - حدثنا ابن جميل ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، أخبرني أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار : « إنكم ستجدون أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض » قالوا : سنصبر

(1/4)


4 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : سمعت عثمان بن زائدة يحدث عن الزبير بن عدي قال : دخلنا على أنس بن مالك ، فشكونا إليه الحجاج فقال : « اتقوا الله واصبروا ، فإنه ليس من عام إلا والذي بعده أشد منه ، حتى تقوم الساعة » . قال عثمان : فسمعت مسعرا يحدث عن الزبير بن عدي ، عن أنس قال : سمعت ذلك من نبيكم صلى الله عليه وسلم

(1/5)


5 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو المطرف مغيرة الشامي ، عن العرزمي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا جمع الله الخلائق نادى مناد : أين أهل الصبر ؟ » قال : « فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعا إلى الجنة ، فيلقاهم الملائكة فيقولون : إنا نراكم سراعا إلى الجنة فمن أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقولون : وما كان صبركم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ، وكنا نصبر عن معاصي الله ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين »

(1/6)


6 - وحدثت عن محمد بن معاوية الأنماطي ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن ليث ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إن أفضل عيش أدركناه بالصبر ، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريما »

(1/7)


7 - حدثني أبي ، حدثنا الأصمعي ، عن عبد الله بن عمر قال : قال عمر بن الخطاب : « لو كان الصبر والشكر بعيرين ، ما باليت (1) أيهما ركبت »
__________
(1) باليت : اهتممت

(1/8)


8 - حدثنا أبو بشر عاصم بن عمر بن علي ، حدثنا أبي ، عن السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا قطع الرأس باد الجسد ، ثم رفع صوته فقال : ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له »

(1/9)


9 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سليمان بن الحكم بن عوانة ، حدثنا عتبة بن حميد ، عمن حدثه ، عن قبيصة بن جابر قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « الصبر على أربع شعب : على الشوق ، والشفق ، والزهادة ، والترقب . فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات . ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات . ومن ارتقب الموت تسارع إلى الخيرات »

(1/10)


10 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن سليمان الشيباني قال : سمعت يسير بن عمرو ، أن أبا مسعود الأنصاري ، لما قتل عثمان رضي الله عنه احتجب في بيته ، فدخلت عليه ، فسألته ، أو قال : فسأل عن أمر الناس ، فقال : « عليك بالجماعة ، فإن الله لن يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ، واصبر حتى يستريح بر ، ويستراح من فاجر »

(1/11)


11 - حدثني بشر بن معاذ العقدي ، حدثنا محمد بن عاصم العبدي ، حدثنا حوشب قال : كان الحسن يقول : « ابن آدم لا تؤذ وإن أوذيت فاصبر »

(1/12)


12 - حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن ضرار بن مرة أبي سنان قال : كان يقال : يا دنيا أمري على المؤمن يصبر عليك ، لا تحولي له فتفتنيه

(1/13)


13 - حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن الفرج بن مزيد قال : مكتوب في بعض الحكمة : « طوبى لمن غلب بتقواه هواه ، وبصبره الشهوات »

(1/14)


14 - حدثنا محمد بن عبد الله ، أخبرنا يونس بن محمد ، حدثنا أبو ليلى ، عن عدي بن ثابت قال : « إن الكرام الكاتبين ربما شكوا إلى الله من صاحبهم الذي يكونون معه أن من أمره إن إن ، فيؤمرون بالصبر »

(1/15)


15 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي قال : « لو كان الصبر من الرجال لكان كريما »

(1/16)


16 - حدثني علي بن الحسن ، عن زيد بن الحباب ، حدثني مرجى بن وداع ، عن غالب القطان قال : سمعت الحسن ، يقول : « الصبر كنز من كنوز الخير ، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عليه »

(1/17)


17 - حدثني علي بن الحسن ، عن موسى بن داود ، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن سالم أبي سعيد ، سمع إبراهيم التيمي ، يقول : « ما من عبد وهب الله له صبرا على الأذى ، وصبرا على البلاء ، وصبرا على المصائب ، إلا وقد أوتي أفضل ما أوتيه أحد ، بعد الإيمان بالله »

(1/18)


18 - حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال : « الصبر صبران ، الصبر على المصيبة حسن ، وأفضل من ذلك الصبر عن المعاصي »

(1/19)


19 - قال يحيى : وحدثنا أبو المليح ، عن ميمون قال : سمعته يقول : « ما نال أحد شيئا من جسيم الخير ، نبي فمن دونه ، إلا بالصبر »

(1/20)


20 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا محمد بن روح المصري ، حدثنا القاسم بن كثير قال : سمعت سليمان بن القاسم ، يقول : « كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر . قال الله عز وجل : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) قال : كالماء المنهمر »
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10

(1/21)


21 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال : سمعت محمد بن ميمون ، يقول : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) قال : فقال بيديه هكذا - وبسطهما - : غرفا غرفا
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10

(1/22)


22 - حدثني محمد بن الحسن ، حدثنا سعيد بن عامر ، حدثنا محمد بن عمرو قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول على المنبر : « ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه ، فعاضه مكان ما انتزع منه الصبر ، إلا كان ما عوضه خيرا مما انتزع منه ، ثم قرأ : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) »
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10

(1/23)


23 - حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا زيد بن الحباب ، أخبرني جعفر بن سليمان ، حدثنا أبو عمران الجوني ، في قول الله عز وجل : سلام عليكم بما صبرتم (1) قال : « على دينكم ، فنعم ما أعقبتكم من الدنيا الجنة »
__________
(1) سورة : الرعد آية رقم : 24

(1/24)


24 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، حدثني عمر بن يونس ، عمن حدثه عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الصبر ثلاث : فصبر على المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض ، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم (1) الأرض إلى منتهى العرش ، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش مرتين »
__________
(1) التخوم : المعالم والحدود والأنحاء

(1/25)


25 - حدثني زياد بن أيوب ، حدثنا سعيد بن عامر قال : كان صالح المري يدعو : « اللهم ارزقنا صبرا على طاعتك ، وارزقنا صبرا عن معصيتك ، وارزقنا صبرا على ما تحب ، وارزقنا صبرا على ما نكره ، وارزقنا صبرا عند عزائم الأمور »

(1/26)


26 - حدثنا عيسى بن عبد الله التميمي ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن مسلم البطين قال : قلت لسعيد بن جبير : الشكر أفضل أم الصبر ؟ قال : « الصبر ، والعافية أحب إلي »

(1/27)


27 - حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا أبو اليمان ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب قال : « الحلم زين ، والتقى كرم ، والصبر خير مراكب الصعب »

(1/28)


28 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا سعد بن عبد الحميد ، أخبرنا محمد بن مروان ، عن أبي حمزة ، عن محمد بن علي ، في قوله تعالى : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا (1) قال : « الغرفة : الجنة ، بما صبروا : على الفقر »
__________
(1) سورة : الفرقان آية رقم : 75

(1/29)


29 - حدثنا الحسن بن محبوب ، حدثنا أبو يزيد الرقي الفيض بن إسحاق قال : سألت الفضيل عن قوله : سلام عليكم بما صبرتم (1) فقال : « صبروا أنفسهم على ما أمرهم به من طاعته ، وصبروا أنفسهم عما نهاهم عنه من معصيته ، فقالت لهم الملائكة حين أكرمهم الله : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار »
__________
(1) سورة : الرعد آية رقم : 24

(1/30)


30 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن ، حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل ، في هذه الآية : الذين صبروا وعملوا الصالحات (1) قال : « صبروا في البأساء والضراء والزلازل ، و وعملوا الصالحات في الرخاء والسراء »
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 11

(1/31)


31 - حدثني إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا حجاج بن محمد ، عن عثمان بن عطاء ، عن أبيه قال : « إن الجنة حظرت بالصبر والمكاره ، فلا تؤتى إلا من باب صبر أو مكروه ، وإن جهنم شعبت بالشهوات واللذات ، فلا تؤتى إلا من باب شهوة أو لذة »

(1/32)


32 - حدثني محمد بن هارون ، حدثنا أبو عمير ، حدثنا هاشم بن مليح ، عن البطال الخثعمي قال : سمعت الأوزاعي ، يسأل خصيلة بنت واثلة بن الأسقع : ما سمعت أباك ، يقول لما حضرته الوفاة ؟ قالت : دعاني ، فأخذ بيدي فقال : « يا بنية » اصبري « ، حتى عد أصابعي الخمس ، ثم أخذ بيساري فقال : » يا بنية اصبري « ، حتى عد أصابعي الخمس

(1/33)


33 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني علي بن بحر ، حدثني محمد بن المعلى الكوفي ، عن زياد بن خيثمة ، عن أبي داود ، عن عبد الله بن سخبرة ، عن سخبرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من ابتلي فصبر ، وأعطي فشكر وظلم فغفر ، وظلم فاستغفر » ثم سكت قالوا : ما له يا رسول الله ؟ قال : « أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (1) »
__________
(1) سورة : الأنعام آية رقم : 82

(1/34)


34 - حدثنا محمود بن غيلان المروزي ، والحسن بن الصباح قالا : حدثنا المؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا حميد الطويل ، عن طلق بن حبيب ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة : قلب شاكر ، ولسان ذاكر ، وبدن على البلاء صابر ، وزوجة لا تبغيه خونا في نفسه ولا ماله »

(1/35)


35 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي ، حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله بن حكيم الأسدي الحلبي ، حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال : « الصبر والسماح »

(1/36)


36 - حدثني أبي ، حدثنا الأصمعي ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن قال : قيل له : ما الصبر ؟ وما السماح ؟ قال : « السماح بفرائض الله ، والصبر عن محارم الله »

(1/37)


37 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، حدثنا سفيان ، عن بعض المحدثين ، عن مجاهد : واستعينوا بالصبر والصلاة (1) قال : « الصبر : الصيام »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 45

(1/38)


38 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا مسلمة بن جعفر ، عن عمرو بن عامر البجلي ، عن وهب بن منبه قال : « ثلاث من كن فيه أصاب البر : سخاوة النفس ، والصبر على الأذى ، وطيب الكلام »

(1/39)


39 - حدثني محمد بن عبد الله أبو الحسن البصري ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا محمد بن عيسى أبو مالك ، حدثني محمد بن عبد الله ، عن عوف بن محمد ، عن أبيه ، عن أم هانئ قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أبشري فإن الله عز وجل قد أنزل لأمتي الخير كله ، وقد أنزل : إن الحسنات يذهبن السيئات (1) » فقالت : بأبي أنت وأمي ، ما تلك الحسنات ؟ قال : « الصلوات الخمس » ثم دخل علي فقال : « أبشري فإنه قد نزل خير لا شر بعده » قلت : ما هو بأبي أنت وأمي ؟ قال : « أنزل الله جل ذكره : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها (2) » فقلت : يا رب زد أمتي ، فأنزل الله تبارك اسمه : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة (3) فقلت : يا رب زد أمتي ، فأنزل الله تعالى : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (4)
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 114
(2) سورة : الأنعام آية رقم : 160
(3) سورة : البقرة آية رقم : 261
(4) سورة : الزمر آية رقم : 10

(1/40)


40 - حدثني عون بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن المصفى ، أخبرنا بقية ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن أبي عمران ، عن أبي سلام الحبشي ، عن ابن غنم الأشعري ، عن أبي موسى الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الصبر رضا »

(1/41)


41 - حدثني علي بن الحسن ، عن عصمة بن المتوكل ، عن زافر بن سليمان قال : « قال لقمان الحكيم : حقيقة اليقين الصبر ، وحقيقة العمل النية »

(1/42)


42 - حدثني علي بن مسلم ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، حدثنا مالك بن دينار قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : « خشية الله ، وحب الفردوس يباعدان من زهرة الدنيا ، ويورثان الصبر على المشقة »

(1/43)


43 - حدثني علي بن مسلم ، حدثنا سيار ، حدثنا رياح بن عمرو القيسي قال : سمعت مالك بن دينار ، يقول : « ما من أعمال البر عمل إلا ودونه عقيبة ، فإن صبر صاحبها أفضت به إلى روح وإن جزع (1) رجع »
__________
(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/44)


44 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، عن صفوان بن عمرو ، أن أبا الدرداء قال : « إن الدنيا خوانة لا يدوم نعيمها ، ولا يؤمن فجائعها ، ومن يعش يبتل ، ومن يتفقد يفقد ، ومن لا يعد صبرا لفجائع الأمور يعجز »

(1/45)


45 - حدثني علي بن الحسن ، عن زهير بن عباد ، عن أبي سليمان النصيبي قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله ، كيف لنا أن ندرك جماع الصبر ومعرفته ؟ قال : « اجعلوا عزمكم في الأمور كلها بين يدي هواكم ، ثم اتخذوا كتاب الله إماما لكم في دينكم »

(1/46)


46 - حدثني الفضل بن جعفر ، حدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، حدثني سلامة بن روح ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : قال إسماعيل بن عبد الله يعني ابن جعفر ، عن أبيه قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بياسر ، وبعمار بن ياسر ، وأم عمار وهم يؤذون في الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صبرا يا أبا ياسر وآل ياسر ، فإن موعدكم الجنة »

(1/47)


47 - حدثنا أبو العباس العتكي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن الأبار ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي قال : « لو كان الصبر من الرجال كان كريما »

(1/48)


48 - وقال عمر : « وهل وجدنا عيشنا إلا في الصبر »

(1/49)


49 - وحدثنا أبو العباس ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا عقبة بن عمار ، عن المغيرة بن حذف ، عن ربعي بن حراش ، أن عمر قال لأشياخ من بني عبس : بم قابلتم الناس ؟ قالوا : بالصبر ، لم نلق قوما إلا صبرنا لهم ما صبروا لنا

(1/50)


50 - وحدثنا أبو العباس ، حدثنا موسى بن إسماعيل قال : أخبرني عمر بن علي بن مقدم قال : قال زياد بن عمرو : « كلنا نكره الموت وألم الجراح ، ولكنا نتفاضل بالصبر »

(1/51)


51 - حدثنا علي بن الحسن ، عن أبي بحر السكوني ، عن أبي بكر بن عياش قال : قيل للبطال : ما الشجاعة ؟ قال : « صبر ساعة »

(1/52)


52 - أنشدني الحسين بن عبد الرحمن : إذا لم تسامح في الأمور تعقدت عليك فسامح واخرج العسر باليسر فلم أر أوفى للبلاء من التقي ولم أر للمكروه أشفى من الصبر

(1/53)


53 - حدثني أبو خيثمة ، حدثنا أبو عامر ، عن شعبة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي تبكي على قبر ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « اتقي الله واصبري » فقالت : إليك عني وما تبالي بمصيبتي ؟ فقيل لها : إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت فأتته فقالت : إني لم أعرفك قال : « الصبر عند أول صدمة »

(1/54)


54 - حدثني أبو خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن عمر بن سعد ، عن أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « عجبت للمؤمن ، إن أصابه خير حمد الله وشكره ، وإن أصابته مصيبة احتسب وصبر . المؤمن يؤجر في كل شيء ، حتى اللقمة يرفعها إلى فيه »

(1/55)


55 - حدثني أبو الحسن الرقي ، حدثنا عبد الله بن صالح أبو صالح ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : جلس إلي يوما زياد مولى ابن عياش ، فقال لي : يا عبد الله قلت : « ما تشاء ؟ » فقال : ما هي إلا الجنة والنار ؟ قلت : « لا والله ما هي إلا الجنة والنار » . قال : ما بينهما منزل ينزله العباد ؟ فقلت : ما بينهما منزل ينزله العباد قال : « فوالله لنفسي نفس أضن بها عن النار ، وللصبر اليوم عن معاصي الله خير من الصبر على الأغلال في نار جهنم »

(1/56)


56 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد - إن شاء الله - قال : سمع عمر ، رجلا يقول : اللهم استنفق مالي وولدي في سبيلك ، فقال عمر : « ألا يسكت أحدكم ؟ فإن أعطي شكر وإن ابتلي (1) صبر »
__________
(1) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر

(1/57)


57 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن شعيب بن سليمان ، عن محرز بن عمرو ، عن الحسن قال : « إن الله ، وله الحمد لا شريك له ، رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وأحل لهم في حال الضرورة كثيرا مما حرم عليهم وأعطاهم خمسا : أعطاهم الدنيا قرضا ، وسألهم إياها قرضا ، فما أعطوه عن طيب نفس منهم فلهم به الأضعاف الكثيرة ، من العشرة إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما لا يعلم علمه إلا الله تبارك وتعالى ، وذلك قوله عز وجل : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة (1) وما أخذ منهم كرها فصبروا واحتسبوا فلهم به الصلاة والرحمة وتحقيق الهدى ، وذلك لقوله جل وعز : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (2) والثالثة : إن شكروا أن يزيدهم ، وذلك لقوله جل ثناؤه : لئن شكرتم لأزيدنكم (3) والرابعة : أن أحدهم لو عمل من الخطايا والذنوب حتى يبلغ الكفر ، ثم تاب ، أن يتوب عليه ويوجب له محبته ، وذلك لقوله جل وعز : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (4) والخامسة : لو أعطيها جبريل وميكائيل عليهما السلام وجميع النبيين ، لكان قد أجزل لهم العطاء ، حيث يقول : ادعوني أستجب لكم (5) »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 245
(2) سورة : البقرة آية رقم : 156
(3) سورة : إبراهيم آية رقم : 7
(4) سورة : البقرة آية رقم : 222
(5) سورة : غافر آية رقم : 60

(1/58)


58 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي ، عن عبيد بن الطفيل ، عن الضحاك بن مزاحم ، في قوله : والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس (1) قال : « أما البأساء : فالفقر ، وأما الضراء (2) : فالمرض ، وأما حين البأس : فهو حين القتال »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 177
(2) سورة : الأعراف آية رقم : 95

(1/59)


59 - حدثنا عبيد الله بن جرير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا الوليد بن خالد ، عن ابن عون قال : « كل عمل له ثواب يعرف إلا الصبر قال الله : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) »
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10

(1/60)


60 - حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن عمران أبي بكر قال : حدثني عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله لي فقال : « إن صبرت فلك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك » قالت : إني أتكشف ، فادع الله أن لا أنكشف . فدعا لها

(1/61)


61 - حدثنا القاسم بن هاشم قال : قال إبراهيم بن الأشعث ، سمعت سفيان بن عيينة يقول : « لم يعط العباد أفضل من الصبر ، به دخلوا الجنة »

(1/62)


62 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا عبيد الله بن موسى قال : سمعت الحسن بن صالح ، يقول : « لقد دخل التراب من هذا المصر (1) قوم قطعوا عنهم الدنيا بالصبر على طاعة الله ، وبين لهم هذا القرآن غير الدنيا قال : أفرأيت إن متعناهم سنين ، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون (2) » ثم بكى حسن ، ثم قال : « إذا جاء الموت وسكراته لم يغن عن الفتى ما كان فيه من النعيم واللذة ثم مال مغشيا (3) عليه »
__________
(1) المصر : البلد أو القرية
(2) سورة : الشعراء آية رقم : 205
(3) الغشي : فقدان الوعي ، والإغماء

(1/63)


63 - حدثنا علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين قال : حدثني خلف بن إسماعيل قال : « سمعت رجلا مبتلى من هؤلاء الزمنى يقول : وعزتك لو أمرت الهوام (1) فتقتسمني مضغا ما ازددت لك - بتوفيقك - إلا صبرا ، وعنك - بمنك ونعمتك - إلا رضا . قال خلف : وكان الجذام (2) قد قطع يديه ورجليه وعامة بدنه »
__________
(1) الهوام : جمع هامَّة وهي كل ذات سم يقتل ، وأيضا هي ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات
(2) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف

(1/64)


64 - قال خلف : « وسمعت رجلا منهم يقول : إن كنت إنما ابتليتني لتعرف صبرى فأفرغ علي صبرا يبلغني رضاك عني ، وإن كنت إنما ابتليتني لتثيبني وتأجرني وتجعل بلاءك لي سببا إلى رحمتك بي ، فمن من عبادك أعظم نعمة ومنة مننت بها علي إذ رأيتني لاختبارك لها أهلا ، فلك الحمد على كل حال ، فأنت أهل كل خير وولي كل نعمة قال : فلما كان بالعشي مات »

(1/65)


65 - قال خلف : وسمعت رجلا مبتلى يقول : « الصبر على منن الرجال أشد من الصبر على ما بي من البلاء »

(1/66)


66 - قال خلف : وسمعت أبا سليمان داود الجواربي يقول يوما ، وأقبل علي ، فقال : يا أبا إسماعيل ، قل لأصحابك أهل البلاء : « اغتنموا الصبر فكأنكم قد بلغتم مدته »

(1/67)


67 - قال خلف : فذكرت ذلك لرجل منهم يكنى أبا ميمون ، وكان عاقلا ، فقال : يا أبا إسماعيل إن للصبر شروطا قلت : ما هي يا أبا ميمون ؟ قال : « إن من شروط الصبر أن تعرف كيف تصبر ؟ ولمن تصبر ؟ وما تريد بصبرك ؟ وتحتسب في ذلك وتحسن النية فيه ، لعلك إن يخلص لك صبرك ، وإلا فإنما أنت بمنزلة البهيمة نزل بها البلاء فاضطربت لذلك ، ثم هدأ فهدأت ، فلا هي عقلت ما نزل بها فاحتسبت وصبرت ولا هي صبرت ، ولا هي عرفت النعمة حين هدأ ما بها فحمدت الله على ذلك وشكرت »

(1/68)


68 - حدثنا علي بن مسلم ، حدثنا سعيد بن عامر ، عن المعتمر ، عن ليث بن أبي سليم قال : « قيل لأيوب : يا أيوب لا تعجبن بصبرك ، فإني قد علمت ما يمتص كل شعرة من لحمك ودمك ، ولولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبرا ما صبرت »

(1/69)


69 - حدثنا عبد الرحمن بن يونس أبو مسلم ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن وهب بن منبه قال : « لم يكن الذي خرج بأيوب أكلة ، كان الذي يخرج به أمثال ثدي النساء ثم يتفطر »

(1/70)


70 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا علي بن ثابت ، عن الأسواري ، عن هشام ، عن الحسن قال : « مكث أيوب عليه السلام ملقى على زبالة سبع سنين يمر به الرجل فيمسك على أنفه ، حتى مر به رجلان فقالا : لو كان لله في هذا حاجة لما بلغ هذا منه ، فعند ذلك قال : مسني الضر (1) »
__________
(1) سورة : الأنبياء آية رقم : 83

(1/71)


71 - حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن زبيد قال : « قال إبليس : ما أصبت من أيوب شيئا فرحت به ، إلا أني كنت إذا سمعت أنينه علمت أني قد أبلغت إليه »

(1/72)


72 - حدثني محمد بن قدامة ، حدثنا موسى بن داود ، حدثني رياح القيسي أبو المهاجر ، عن الحسن قال : « إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب فيأخذها فيعيدها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله »

(1/73)


73 - حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت : أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله عز وجل يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات ، فإن الله معطيك إحداهن : اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك ، أو صبرا على بليتك ، أو خروجا من الدنيا إلى رحمتك »

(1/74)


74 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثني يحيى بن صالح ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن عبد الرحمن بن سلمة الجمحي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلما حفظته محوته : « قد أفلح من أسلم وجعل رزقه كفافا (1) ، فصبر على ذلك »
__________
(1) الكفاف : ما أغنى عن سؤال الناس وحفظ ماء الوجه وسد الحاجة من الرزق

(1/75)


75 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا شريك بن الخطاب العنبري ، عن المغيرة أبي محمد ، عن الحسن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أدخل نفسك في هموم الدنيا ، واخرج منها بالصبر »

(1/76)


76 - حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا ابن المبارك ، حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن ، يقول : « إذا شئت رأيت بصيرا لا صبر له ، فإذا رأيت بصيرا ذا صبر فهناك »

(1/77)


77 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، حدثنا أبي قال : نظر الحجاج بن يوسف إلى ظفر له قد كان أعور فعولج ، فخرج سليما فقال : « ما أحسن عاقبة الصبر »

(1/78)


78 - أنشدني أحمد بن يحيى قوله : مفتاح باب الفرج الصبر كل عسر معه يسر والدهر لا يبقى على حاله والأمر يأتي بعده الأمر والكره تفنيه الليالي التي يفنى عليها الخير والشر وكيف يبقى حال من حاله يسرع فيها اليوم والشهر

(1/79)


79 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله قال : بلغنا أن عيسى ابن مريم ، عليه السلام قال : يوشك أن يفضي بالصابر البلاء إلى الرخاء ، وبالفاجر الرخاء إلىالبلاء

(1/80)


80 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا عفير بن معدان ، عن سليم بن عامر ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم أمرا لا تستطيعون أن تغيروا ، فاصبروا حتى يكون الله هو الذي يغيره »

(1/81)


81 - حدثنا محمد بن عبد الله الأرزي ، حدثنا علي بن واقد ، حدثنا النهاس بن قهم ، عن عصمة بن أبي حكيمة قال : بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فقيل : يا رسول الله ما أبكاك ؟ قال : « ذكرت آخر أمتي وما يلقون من البلاء ، فالصابر منهم يجيء يوم القيامة وله أجر شهيدين »

(1/82)


؛ § §  ؛ ؛

(1/83)


83 - حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا ابن عيينة قال : قال بعض العلماء : « إن الله عز وجل أعطاكم الدنيا قرضا ، وسألكموها قرضا ، فإن أعطيتموها طيبة بها أنفسكم ضاعف لكم ما بين الحسنة إلى العشر ، إلى السبعمائة ، إلى أكثر من ذلك وإن أخذها منكم وأنتم كارهون ، فصبرتم واحتسبتم ، كان لكم الصلاة والرحمة ، وأوجب لكم الهدى »

(1/84)


84 - حدثني علي بن الحسن ، عن عبد الله بن نافع الزبيري قال : كان شيخ بالمدينة يقول : « في الصبر جوامع التقوى وإليه موئل المؤمنين »

(1/85)


85 - حدثني علي بن الحسن ، عن قدامة بن محمد ، عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن رجل ، عن مجاهد قال : « الصبر معقل »

(1/86)


86 - حدثني علي ، عن الحميدي ، عن سفيان قال : كان يقال : « يحتاج المؤمن إلى الصبر كما يحتاج إلى الطعام والشراب »

(1/87)


87 - حدثنا محمد بن أبي غالب ، حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي قال : « أريت في النوم كأنه ورد بي على نهر فقيل لي : اشرب واسق بما صبرت وكنت من الكاظمين »

(1/88)


88 - حدثني علي بن الحسن ، عن زكريا بن أبي خالد ، عن يزيد بن تميم قال : لما أدخل إبراهيم التيمي سجن الحجاج ، رأى قوما مقرنين في الأغلال ، يقومون جميعا ويقعدون جميعا ، فقال : « يا أهل بلاء الله في نعمته ، ويا أهل نعمته في بلائه ، إن الله قد رآكم أهلا أن يختبركم ، فأروه أهلا أن تصبروا له » . فقالوا : من أنت رحمك الله ؟ قال : « من ينتظر من البلاء مثل ما نزل بكم » ، قالوا : ما نحب أن نخرج من موضعنا

(1/89)


89 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن خباب قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد (1) ببرد (2) له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ فجلس محمرا وجهه فقال : « قد كان من كان قبلكم يؤخذ الرجل ، فيحفر له في الأرض ، ثم يجاء بالمنشار فيوضع فوق رأسه ، ما يصرفه عن دينه أو يمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ، ما يصرفه عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ، ولكنكم تعجلون »
__________
(1) توسد : اتخذ الرداء أو غيره تحت رأسه وسادة ومخدة
(2) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ

(1/90)


90 - حدثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدي ، حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن سلمة ، عن أبيه ، عن المغيرة بن عبد الله ، عن قيس بن أبي حازم ، عن خباب بن الأرت قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع تحت شجرة ، متوسد رداءه تحت رأسه ، فقلت : ألا تدعو على هؤلاء القوم الذين قد خشينا أن يردونا عن ديننا ؟ فصرف وجهه ، حتى فعل ذلك ثلاثا ، كل ذلك أقول له ، ثم جلس في الثالثة فقال : « أيها الناس ، اتقوا واصبروا ، فوالله إن كان الرجل من المؤمنين قبلكم ليوضع المنشار على رأسه فيشق باثنين ، لا يرتد عن دينه فاتقوا الله واصبروا ، فإن الله فاتح وصانع لكم »

(1/91)


91 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد عن علي بن زيد قال : تلا عمر بن عبد العزيز هذه الآية : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا (1) فقال عمر : جعل بعضكم لبعض فتنة فاصبروا
__________
(1) سورة : الفرقان آية رقم : 20

(1/92)


92 - حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثنا أبو مسهر قال : سمعت سعيد بن عبد العزيز قال : « إذا رأيت أمرا لا تستطيع غيره ، فاصبر وانتظر فرج الله »

(1/93)


93 - حدثنا أبو عمران الخصاصي قال : سمعت صالح بن عبد الكريم يقول : « جعل الله رأس أمور العباد العقل ، ودليلهم العلم ، وسائقهم العمل ، ومقويهم على ذلك الصبر »

(1/94)


94 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، أخبرني ابن وهب قال : سمعت مالك بن أنس قال : قال عمرو بن العاص : « إني لأصبر على الكلمة لهي أشد علي من القبض على الجمر ، ما يحملني على الصبر عليها إلا التخوف من أخرى شر منها »

(1/95)


95 - حدثني عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا عمر بن معروف المؤدب ، عن ليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن محمد بن عبد السلمي ، عن عمران بن حصين ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة : الصبر عند البلاء (1) ، والرضا بالقضاء ، والدعاء في الرخاء »
__________
(1) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر

(1/96)


96 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عمر بن معروف ، عن ليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح ، عن ابن حلبس قال : سمعت أم الدرداء ، تقول : سمعت أبا الدرداء ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شيئا ما سمعته قبلها ولا بعدها قال : « إن الله عز وجل قال : يا عيسى ، إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، أعطيهم من حلمي وعلمي »

(1/97)


97 - حدثنا أبو محمد الأزدي البصري قال : رأى رجل الحسن بن حبيب بن ندبة في النوم بعدما مات ، فقال : ما فعل الله بك ؟ قال : « غفر لي بصبري على الفقر في الدنيا »

(1/98)


98 - حدثني عبيد الله بن جرير الأزدي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا عقبة بن عمار ، عن المغيرة بن حذف ، عن ربعي بن حراش ، أن عمر ، بعث إلى عزبة من الأرض ، فأتى بأشياخ من بني عبس ، فقال : إنكم قاتلتم الناس في الجاهلية ، « فأي الخيل وجدتم أصبر ؟ » قالوا : الكمت الخمر قال : « فأي الإبل (1) وجدتم أصبر ؟ » قالوا : الحمر الجعاد (2) قال : « فأي النساء وجدتم أصبر ؟ » قالوا : ما صبرت فينا غريبة قط قال : « بم كنتم تغلبون الناس ؟ » قالوا : بالصبر ، لم نلق قوما إلا صبرنا لهم ما صبروا لنا
__________
(1) الإبل : الجمال والنوق ليس له مفرد من لفظه
(2) الجَعْد : في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا : فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر أي خشنه، وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا

(1/99)


99 - حدثني علي بن الحسن بن موسى ، عن موسى بن عيسى ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي قال : حدثني بعض الحكماء قال : خرجت وأنا أريد الرباط ، حتى إذا كنت بعريش مصر ، أو دون عريش مصر ، إذا أنا بمظلة وإذا فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره ، وإذا هو يقول : اللهم إني أحمدك حمدا يوافي محامد خلقك ، كفضلك على سائر خلقك ، إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا ، فقلت : والله لأسألنه أعلمه أم ألهمه إلهاما ؟ قال : فدنوت منه ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت : إني سائلك عن شيء أتخبرني به ؟ قال : إن كان عندي منه علم أخبرتك به ، فقلت : على أي نعمة من نعمه تحمده عليها ؟ أم على أي فضيلة من فضائله تشكره عليها ؟ قال : أليس ترى ما قد صنع بي ؟ قال : قلت : بلى قال : فوالله لو أن الله سبحانه صب علي السماء نارا فأحرقتني ، وأمر الجبال فدمرتني ، وأمر البحار فغرقتني ، وأمر الأرض فخسفت بي ، ما ازددت له إلا حبا ، ولا ازددت له إلا شكرا . وإن لي إليك حاجة ، بني لي كان يتعاهدني لوقت صلاتي ، ويطعمني عند إفطاري ، وقد فقدته منذ أمس ، انظر هل تحسه لي ؟ فقلت : إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى الله . قال : فخرجت في طلبه ، حتى إذا كنت بين كثبان من رمال ، إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله قال : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، كيف آتي هذا العبد الصالح من وجه رفيق فأخبره الخبر لا يموت ؟ قال : فأتيته ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت : إني سائلك عن شيء أتخبرني به ؟ قال : إن كان عندي منه علم أخبرتك به قال : قلت : أنت أكرم على الله منزلة أم أيوب عليه السلام ؟ قال : بل أيوب صلى الله عليه وسلم كان أكرم على الله مني ، وأعظم منزلة عند الله مني . قال : قلت : أليس ابتلاه الله فصبر ، حتى استوحش منه من كان يأنس به وصار غرضا لمرار الطريق ؟ قال : بلى . قلت : فإن ابنك الذي أخبرتني من قصته ما أخبرتني ، خرجت في طلبه ، حتى إذا كنت بين كثبان من رمال ، إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله . فقال : الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا ثم شهق شهقة فمات رحمه الله . قال : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون من يعينني على غسله وكفنه ودفنه ؟ قال : فبينما أنا كذلك ، إذا أنا بركب قد بعثوا رواحلهم يرويدون الرباط . قال : فأشرت إليهم ، فأقبلوا إلي . فقالوا : ما أنت وهذا ؟ فأخبرتهم بالذي كان من أمره قال : فثنوا أرجلهم ، فغسلناه بماء البحر ، وكفناه ، بأثواب كانت معهم ، ووليت الصلاة عليه من بينهم ، ودفناه في مظلته تلك ومضى القوم إلى رباطهم ، وبت في مظلته تلك الليلة أنسا به فلما مضى من الليل مثل ما بقي منه ، إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء ، عليه ثياب خضر ، قائما يتلو الوحي ، فقلت : ألست أنت صاحبي ؟ قال : بلى . قلت : فما الذي صيرك إلى ما أرى ؟ قال : وردت من الصابرين على درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء . قال الأوزاعي : قال لي الحكيم : يا أبا عمرو وما تنكر من هذا الولي ؟ والاه ، ثم ابتلاه فصبر ، وأعطاه فشكر ؟ والله لو أن ما حنت عليه أقطار الجبال ، وضحكت عنه أصداف البحار ، وأتى عليه الليل والنهار ، أعطاه الله أدنى خلق من خلقه ، ما نقص ذلك من ملكه شيئا قال الوليد : قال لي الأوزاعي : ما زلت أحب أهل البلاء منذ حدثني الحكيم بهذا الحديث

(1/100)


100 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا وكيع ، عن مسعر ، عن سعد بن إبراهيم قال : مروا برجل يوم القادسية ، وقد قطعت يداه ورجلاه ، وهو يضحك ويقول : « مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (1) » فقيل : ممن أنت رحمك الله ؟ قال : « امرؤ من الأنصار »
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 69

(1/101)


101 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، عن هشام بن محمد ، أن زيد بن صوحان ، أصيبت يده في بعض فتوح العراق ، فتبسم والدماء تشخب (1) ، فقال له رجل من قومه : ما هذا موضع تبسم فقال زيد : « ألم حل هونه ثواب الله عليه ، أفأردفه بألم الجزع (2) الذي لا جدوى فيه ، ولا دريكة لفائت معه ؟ وفي تبسمي عزية لبعض المؤتسين من المؤمنين » فقال الرجل : أنت أعلم بالله مني
__________
(1) تشخب : تسيل
(2) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/102)


102 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا محمد بن بشر العبدي ، عن مسعر قال : مر برجل يوم اليمامة وقد نثر قصبه في الأرض ، وهو يقول لبعض من مر به : « ضم إلي منه لعلي أدنو قيد رمح أو رمحين في سبيل الله »

(1/103)


103 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبيه قال : قال الحجاج لحطيط : اصدقني . قال : « سلني ، فقد عاهدت الله إن خلوت لي لأقتلنك ، وإن عذبتني لأصبرن ، وإن سألتني لأصدقن » . فقال : ما قولك في عبد الملك ؟ قال : « ما أسفهك ، تسألني عن رجل أنت خطيئة من خطاياه ، وقد ملأت الأرض فسادا ؟ » قال : فهل خلوت لك ؟ قال : « مرة واحدة ، فحال بيني وبينك شيء منعني منك » . قال : كأني قد عرفت ، أما الثالثة فلا تصبر عليها . قال : « ما شاء الله » . قال : دونك يا معد . قال : فعذبه بكل شيء ، ثم جاء فقال : ما يبالي . فقال الحجاج : أله حميم ؟ قالوا : أم وأخ . قال : فوضع على أمه الدهق . فقال حطيط : « يا أمه : اصبري ، اصبري » . قال : فقتلها

(1/104)


104 - حدثني علي بن الحسن ، عن عمرو بن حماد بن طلحة قال : سمعت عبد الله بن حميد الثقفي ، يذكر عن أبيه ، وكان من حرس الحجاج ، قال : لما أتي بحطيط فكلمه الحجاج ، أمر به ليعذب قال : فأخرجه صاحب عذابه فقال : يا حطيط ، قد علمت الذي أمرني به فيك الأمير ، فماذا أعددت له ؟ فقال له حطيط : « ثكلتك أمك ، أنت تطيعه في معصية الله وتبيع آخرتك بدنياه ، أنت ممن خسر الدنيا والآخرة ، فتبا لك آخر الدهر » . قال : ما أعددت لذلك يا حطيط لما أمرني به فيك ؟ فلما أكثر عليه قال : « ثكلتك أمك ، أعددت لذلك ما وعد الله عليه تكملة الأجور بغير حساب ، أعددت والله لذلك الصبر حتى ينفذ في قضاء الله وقدره » قال : فعذب بأنواع العذاب ، فما نبس بكلمة ، حتى إذا قرب أن تخرج نفسه ، أخرج فرمي به على مزبلة ، فاجتمع عليه الناس ، فجعلوا يقولون له : يا حطيط قل لا إله إلا الله فجعل يحرك شفتيه بها ولا يبين الكلام ، ثم فاضت نفسه

(1/105)


105 - حدثني علي بن الحسن بن أبي مريم ، عن أحمد بن يحيى بن مالك ، حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، أن رجلا ، كان يقال له عقيب ، كان يعبد الله تعالى على جبل ، وكان في ذلك الزمان رجل يعذب الناس بالمثلات ، وكان جبارا ، فقال عقيب : « لو نزلت إلى هذا فأمرته بتقوى الله كان أوجب علي » ، فنزل من الجبل ، فقال له : « يا هذا اتق الله » . فقال له الجبار : يا كلب ، مثلك يأمرني بتقوى الله ؟ لأعذبنك عذابا لم يعذب به أحد من العالمين . قال : فأمر به أن يسلخ من قدمه إلى رأسه وهو حي ، فسلخ ، فلما بلغ بطنه أن أنة ، فأوحى الله إليه : عقيب ، اصبر أخرجك من دار الحزن إلى دار الفرح ، ومن دار الضيق إلى دار السعة ، فلما بلغ السلخ إلى وجهه صاح ، فأوحى الله إليه : عقيب ، أبكيت أهل سمائي وأهل أرضي ، وأذهلت ملائكتي عن تسبيحي ، لئن صحت الثالثة لأصبن عليهم العذاب صبا ، فصبر حتى سلخ وجهه ، مخافة أن يأخذ قومه العذاب

(1/106)


106 - حدثني علي بن الحسن ، عن أبي يزيد الرقي ، عن فضيل بن عياض ، أنه سئل عن الأمر والنهي ، فلم يأمر بذلك ، ثم قال : « إن صبرت كما صبر الإسرائيلي فنعم » . قيل له : وكيف كان الإسرائيلي ؟ قال : « كان ثلاثة نفر ، فاجتمعوا فقالوا : إن هذا الرجل يفعل ويفعل ، يعنون ملكهم ، ثم قالوا : يأتيه واحد منا فيخلو به في السر فيأمره وينهاه ، فذهب واحد منهم ، فدخل عليه ، فأمره ونهاه . فقال : ألا أراك ها هنا ؟ فأمر به فحبس ، فبلغ الخبر الآخرين . فقالا : الآن وجب ، فجاءه واحد منهما . فقال : يا هذا ، جاءك رجل فأمرك ونهاك ، فأمرت به فحبس . فقال : ألا أراك إلا صاحبه . أما إني لا أفعل بك ما فعلت به ، فأمر به ، فضرب حتى قتل ، فجاء الخبر إلى الثالث . فقال : الآن وجب فأتاه فقال له : يا هذا جاءك رجل فأمرك ونهاك فحبسته ، وجاءك الآخر فضربته حتى قتلته . فقال : ألا أراك إلا صاحبه . أما إني لا أصنع بك ما صنعت به . فأمر به فضرب وتد في أذنه في الأرض في الشمس ، فحر الشمس من فوقه ومن تحته ، فأرادوه على أن يتكلم بشيء ، أي شبه الاعتذار إلى الملك ، فأبى » . قال أبو يزيد : قال بعضهم : وأحدكم لو انتهر لقال : جعلني الله فداءك

(1/107)


107 - حدثني علي بن مسلم ، حدثنا سعيد بن عامر ، عن عبد الله بن المبارك ، « أن الحجاج ، قطع يد رجل ورجله ، ثم أمر به أن يحمل إلى الكوفة فيصلب على بابه قال : فحمل في سفينة ، حتى إذا قاربوا الكوفة ، وكان فيهم رجل كأنه سمع خشخشة ، فقال : ما لكم ؟ قالوا : هذا الموضع الذي أمرنا فيه بصلبك ، فنخاف أن تلقي نفسك في الماء . قال : أنا ألقي نفسي ؟ فوالله إن الذباب ليقع على يدي أو رجلي فأكره أن أحكه مخافة أن أعين على نفسي . قال : وسمعوه يدعو : اللهم إني أعوذ بك أن أفر من بأس الناس إلى بأسك ، وأعوذ بك أن أجعل فتنة الناس كعذابك ، وأعوذ بك أن يرى الناس في خيرا ولا خير في ، اللهم أرد بي خيرا وافعله بي ، إنك فعال لما تريد »

(1/108)


108 - حدثنا عبد الله بن رومي اليمامي ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، عن عبد الصمد بن معقل ، عن وهب بن منبه قال : سأله بعض أهل الطرار فقال : يا أبا عبد الله ، هل سمعت ببلاء أو عذاب أشد مما نحن فيه ؟ قال : أنتم لو نظرتم إلى ما أنتم فيه وإلى ما خلا ، لكأن ما أنتم فيه مثل الدخان عند النار ، ثم قال : أتي بامرأة من بني إسرائيل يقال لها سارة وسبعة بنين لها إلى ملك كان يفتن الناس على أكل لحم الخنازير . فدعا أكبرهم ، فقرب إليه لحم الخنزير ، فقال : كل . فقال : ما كنت لآكل شيئا حرمه الله علي أبدا ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، وقطعه عضوا عضوا حتى قتله ، ثم دعا بالذي يليه فقال : كل ، فقال : ما كنت لآكل شيئا حرمه الله علي ، فأمر بقدر من نحاس ، فملئت زفتا ، ثم أغليت ، حتى إذا غلت ألقاه فيها ، ثم دعا بالذي يليه فقال : كل . فقال : أنت أذل وأقل وأهون على الله من أن آكل شيئا حرمه الله علي . فضحك الملك ثم قال : أتدرون ما أراد بشتمه إياي ؟ أراد أن يغضبني فأعجل في قتله ، وليخطئنه ذلك . فأمر به فحز جلد عنقه ، ثم أمر به أن يسلخ جلد رأسه ووجهه ، فسلخ سلخا ، فلم يزل يقتل كل واحد منهم بلون من العذاب غير قتل أخيه ، حتى بقي أصغرهم ، فالتفت إليه وإلى أمه ، فقال لها : لقد أويت لك مما رأيت ، فانطلقي بابنك هذا فاخلي به وأريديه على أن يأكل لقمة واحدة فيعيش لك . قالت : نعم ، فخلت به فقالت : أي بني ، اعلم أنه كان لي على كل رجل من إخوتك حق ، ولي عليك حقان ، وذلك أني أرضعت كل رجل منهم حولين حولين ، فمات أبوك وأنت حبل ، فنفست بك ، فأرضعتك ، لضعفك ورحمتي إياك ، أربعة أحوال ، فلي عليك حقان ، فأسألك بالله وحقي عليك لما صبرت ولم تأكل شيئا مما حرم الله عليك ، ولا ألفين إخوتك يوم القيامة ولست معهم . فقال : الحمد لله الذي أسمعني هذا منك ، فإنما كنت أخاف أن تريديني على أن آكل ما حرم الله علي ، ثم جاءت به إلى الملك فقالت : ها هو ذا ، قد أردته وعزمت عليه ، فأمره الملك أن يأكل ، فقال : ما كنت لآكل شيئا حرمه الله تعالى علي . فقتله ، وألحقه بإخوته ، وقال لأمهم : إني لأجدني أربى لك مما رأيت اليوم ويحك ، فكلي لقمة ثم أصنع بك ما شئت ، وأعطيك ما أحببت تعيشي به فقالت : أجمع ثكل ولدي ومعصية الله ؟ فلو حييت بعدهم ما أردت ذلك ، وما كنت لآكل شيئا مما حرمه الله علي أبدا ، فقتلها ، وألحقها ببنيها

(1/109)


109 - حدثني علي بن الحسن ، عن الصلت بن حكيم قال : حدثني أبو عبد الرحمن المغازلي قال : دخلت على رجل مبتلى بالحجاز ، فقلت : كيف تجدك ؟ قال : أجد عافيته أكثر مما ابتلاني به ، وأجد نعمه علي أكثر من أحصيها . فقلت : أتجد لما أنت فيه ألما شديدا ؟ فبكى ثم قال : سلا بنفسي عن ألم ما بي ما وعد عليه سيدي أهل الصبر من كمال الأجور في شدة يوم عسير . قال : ثم غشي عليه ، فمكث مليا ، ثم أفاق فقال : إني لأحسب أن لأهل الصبر عند الله غدا في القيامة مقاما شريفا لا يتقدمه من ثواب الأعمال شيء ، إلا ما كان من الرضا عن الله جل وعز

(1/110)


110 - أنشدني أبو جعفر الأموي شيخ أهل الحجاز لأعرابي من عذرة « عليك بتقوى الله واقنع برزقه فخير عباد الله من هو قانع ولا تلهك الدنيا ولا طمع بها فقد أهلك المغرور فيها المطامع وصبرا على نوبات ما ناب واعترف فما يستوي عبد صبور وجازع ألم تر أهل الصبر يجزوا بصبرهم بما صبروا والله راء وسامع ومن لم يكن في نعمة الله عنده سوى ما حوت يوما عليه الأضالع فقد ضاع في الدنيا وخيب سعيه وليس لرزق ساقه الله مانع »

(1/111)


111 - أنشدني رجل من قريش : الخلق للخالق والشكر للـ ـمنعم والتسليم للقادر وخالص البر ومحض التقى والورع الصادق للصابر

(1/112)


112 - حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن الأعمش ، عن الحسن قال : « إنما يصيب الإنسان الخير في صبر ساعة »

(1/113)


113 - حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما يزال البلاء (1) بالمؤمن والمؤمنة في جسده وفي ولده حتى يلقى الله يوم القيامة وما عليه من خطيئة »
__________
(1) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر

(1/114)


114 - حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا قراد ، أخبرنا المسعودي ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أول من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله على السراء والضراء »

(1/115)


115 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا هشيم قال : أخبرني عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة ، رفعه : في قوله : فصبر جميل (1) قال : صبر لا شكوى فيه
__________
(1) سورة : يوسف آية رقم : 18

(1/116)


116 - حدثنا محمد بن الحسين ، حدثني الحسين بن الحسن ، عن بقية بن الوليد ، عن معاوية بن يحيى ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الصبر يأتي من الله العبد على قدر المصيبة »

(1/117)


117 - حدثنا أبو بكر بن هاشم بن القاسم ، حدثنا أبو أسامة ، عن النهاس بن قهم ، عن عصمة أبي حكيمة قال : بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : ما الذي أبكاك يا رسول الله ؟ قال : « ذكرت آخر أمتي وما يلقون من البلاء ، فالصابر منهم يجيء وله أجر شهيدين »

(1/118)


118 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عبد الله بن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، أن سعيد بن جبير قال : « الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه ، واحتسابه عند الله رجاء ثوابه ، وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر »

(1/119)


119 - حدثني محمد بن يزيد الآدمي ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، عن يونس بن يزيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن ما منتهى الصبر ؟ قال : « أن يكون يوم تصيبه المصيبة مثله قبلها »

(1/120)


120 - وحدثني إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم ، حدثني سعيد بن عبد الله المعافري ، عن عبد الأعلى بن الحجاج ، عن أخيه قيس بن الحجاج في قول الله : فاصبر صبرا جميلا (1) قال : « أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو ؟ »
__________
(1) سورة : المعارج آية رقم : 5

(1/121)


121 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا الأسود بن عامر ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن عمرو بن قيس الملائي ، : فصبر جميل (1) قال : « الرضا بالمصيبة ، والتسليم »
__________
(1) سورة : يوسف آية رقم : 18

(1/122)


122 - حدثنا محمد بن عباد بن موسى حدثني محمد بن عبد الملك الواسطي ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن قال : الكظيم : الصبور

(1/123)


123 - حدثنا خالد بن خداش قال : قال لنا صالح المري : « لو كان الصبر حلوا ما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : اصبر (1) ولكن الصبر مر »
__________
(1) سورة : ص آية رقم : 17

(1/124)


124 - حدثني علي بن الحسن بن أبي مريم ، عن الصلت بن حكيم ، حدثنا النضر بن إسماعيل ، عن عمر بن ذر ، عن مجاهد : فاصبر إن وعد الله حق (1) قال : « ما وعد الله من ثوابه الصابرين »
__________
(1) سورة : الروم آية رقم : 60

(1/125)


125 - حدثني علي بن الحسن ، عن يحيى بن إسحاق ، عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : « سب رجل رجلا من الصدر الأول ، فقام الرجل وهو يمسح العرق عن وجهه ، وهو يتلو : ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور (1) » . قال الحسن : « عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون »
__________
(1) سورة : الشورى آية رقم : 43

(1/126)


126 - حدثني علي بن الحسن ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن زافر بن سليمان ، عن محمد بن سوقة قال : كان يقال : « انتظار الفرج بالصبر عبادة »

(1/127)


127 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبيه قال : كان حطيط زياتا ، وكان شابا أبيض ، فأتى الحجاج فقال : « أما تستحيي تكذب وأنت أمير ، تزعم أنه لا يحل ترك عاص ، وهؤلاء بنو عمك حولك كلهم عصاة ؟ أليس كذلك ؟ » يقول لمن حوله ، فقالوا كلهم : اسقنا دمه

(1/128)


128 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن عيينة ، عن طعمة الجعفري ، عن عمر بن قيس قال : لما أتي الحجاج بحطيط الزيات قال له : أحروري أنت ؟ قال : « ما أنا بحروري (1) ، ولكني عاهدت الله أن أجاهدك بيدي وبلساني وبقلبي ، فأما يدي فقد فتها ، وأما لساني فهذا تسمع ما تقول ، وأما قلبي فالله أعلم بما فيه » . قال : فوثب حوشب - صاحب شرطه - فساره بشيء . قال : يقول له حطيط : « لا تسمع منه ، فإنه غاش لك » . قال : فقال له الحجاج : ما تقول في أبي بكر وعمر رحمهما الله ؟ فقال : « أقول فيهما خيرا » . قال : ما تقول في عثمان رحمه الله ؟ قال : « ما ولدت إذ ذاك » . فقال له الحجاج : يا ابن اللخناء ، ولدت في زمن أبي بكر وعمر ولم تولد في زمن عثمان ؟ فقال له حطيط : « يا ابن اللخناء لا تعجل ، إني وجدت الناس اجتمعوا على أبي بكر وعمر فقلت بقولهم ، واختلفوا في عثمان فوسعني السكوت » . فوثب معد - صاحب عذاب الحجاج - فقال : إن رأى الأمير أن يدفعه إلي ، فوالله لأسمعنك صياحه . قال : خذه إليك . قال : فحمله ، فمكث يعذبه ليلته جمعاء ولا يكلمه حطيط ، فلما كان عند الصبح دعا بدهق ، واعتمد على ساقه فكسرها واكتبى عليها . قال : فقال له حطيط : « يا أفسد الناس وألأمهم ، تكتبي على ساقي بعد أن كسرتها ؟ والله لا كلمتك » ، فلما أصبح دخل على الحجاج . فقال له الحجاج : ما فعل أسيرك ؟ قال : إن رأى الأمير أن يأخذه ، فقد أفسد علي أهل سجني ، يستحيون أن لا يصبروا . قال : علي به فأتي به ، فوضع بين يديه . قال : وإلى جنب الحجاج شيخ من مشيخة أهل الشام قال : فقال حطيط للحجاج : « كيف رأيت ؟ » قال إسحاق : يعني قول معد له : والله لأسمعنك صياحه قال : فقال له الحجاج : أتقرأ من القرآن شيئا ؟ قال : « نعم » . قال : فاقرأ . قال به حطيط : « لا ، بل اقرأ أنت » . قال : فقال له الحجاج : اقرأ . قال حطيط : « لا ، بل اقرأ أنت » . كل ذلك يرد عليه . قال : فقرأ الحجاج : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (2) حتى بلغ إلى قوله : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (3) قال : فقال له حطيط : « قف » . قال : فوقف الحجاج ، فقال له حطيط : « هو ذا أنت تعذبهم » . قال : فقال : علي بالعذاب . قال : فأتي بمسال أو سلاء ، فأمر بها فغرزت في أنامله ، فقال الشيخ الذي إلى جنب الحجاج : تالله ما رأيت كاليوم رجلا أصبر منه . قال : فقال له حطيط : « إن الله يفرغ الصبر على المؤمنين إفراغا » . قال : فقال الحجاج لمعد : ويحك ، أرحني منه . قال : فحمله من بين يديه . قال بعض أعوان الحجاج : فرحمته ، فدنوت منه فقلت : هل لك من حاجة ؟ قال : « لا إلا أن لساني قد يبس فما أستطيع أن أذكر الله » . حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبيه ، أن الحجاج قال : أله حميم ؟ قالوا : أم وأخ . قال : فوضع على أمه الدهق ، فقال حطيط : يا أمه اصبري . فقتلها
__________
(1) الحرورية : طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء
(2) سورة : الإنسان آية رقم : 1
(3) سورة : الإنسان آية رقم : 8

(1/129)


129 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبيه ، عن أبي ثابت ، مولى المغيرة بن عبد الله الثقفي قال : أتي الحجاج بحطيط عند المغرب ، فضرب بطنه مائة ، وظهره مائة ، ثم أدرجه في عباءة وألقاه في الدار فقلت : أعطشان أنت يا حطيط ؟ فقال : « إني والله لعطشان » قلت : أسقيك ماء ؟ قال : « لا ، أخاف أن يراك أحد فتلقى في سبيي »

(1/130)


130 - حدثنا القاسم بن محمد بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن طعمة بن عمرو ، عن عمرو بن قيس الماصر ، أن حطيطا كان مولى لبني ضبة ، وأنه لما رفع من بين يدي الحجاج وقد بلغ العذاب منه وما يتكلم ، جاء ذباب فوقع على جراحته . فقال : « حس » . فقيل له : صبرت على العذاب ، وإنما هو ذباب قال : « إن هذا ليس من عذابكم » .

(1/131)


131 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش قال : « كان يدخل في يده المسال ، ثم تسل »

(1/132)


132 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر يعني ابن أبي المغيرة قال : خرج سعيد بن مسجوح وحطيط الزيات إلى مكة ، فلما انتهيا إلى ذات عرق قال سعيد بن مسجوح لحطيط : يا حطيط ، إني أظن هؤلاء قد وضعوا لنا المراصد ، فهل لك أن نميل إلى البصرة ؟ فقال له حطيط : « أما أنا فأمضى » ، فمضى سعيد إلى البصرة ، ورجع حطيط فأخذته المراصد . فقال : هيه ؟ قال : « عاهدت ربي على ثلاث عند الكعبة : لئن سئلت لأصدقن ، ولئن ابتليت لأصبرن ، ولئن عوفيت لأشكرن » . قال : حدثني عني . قال : « أحدثك أنك من أعداء الله في الأرض ، تجهز البعوث وتقتل النفوس على الظنة ، فذكر مساوئه » . قال : حدثني عن الخليفة . قال : « أحدثك أنه أعظم جرما منك ، وإنما أنت شررة منه » . ثم ذكر من مساوئه ما شاء أن يذكر . قال : قطعوا عليه العذاب ، فقطعوا عليه العذاب ، حتى كان في آخر ذلك قال : شققوا له القصب فجعلوا يلزمونها ظهره ، ثم يمترخون لحمه ، حتى تركوه بآخر رمق ، فقالوا للحجاج : إن هذا بآخر رمق . قال : اطرحوه ، فطرحوه في الرحبة . قال جعفر : فانتهت إليه ، فإذا ناس - أظنهم - كانوا إخوانا له أو معرفة . فقال له بعضهم : يا حطيط ألك حاجة ، أو تشتهي شيئا ؟ قال : « شربة » ، فأتي بشربة ، لا أدري أسويق حب الرمان كانت أم ماء ؟ فشربها ، ثم طفئ

(1/133)


133 - حدثني علي بن الحسن بن أبي مريم قال : « كان رجل بالمصيصة ذاهب النصف الأسفل ، لم يبق منه إلا روحه في بعض جسده ضرير على سرير ملقى ، مثقوب له للبول فدخل عليه داخل فقال : كيف أصبحت يا أبا محمد ؟ قال : ملك الدنيا منقطع إلى الله تبارك وتعالى ما لي إليه من حاجة إلا أن يتوفاني على الإسلام »

(1/134)


134 - حدثنا علي بن الحسن قال : قال رجل مرة : لأمتحنن أهل البلاء . قال : فدخلت على رجل بطرسوس وقد أكلت الأكلة أطرافه . فقلت : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت والله وكل عضو مني يألم على حدته من الوجع ، لو أن الروم في شركها وكفرها اطلعت علي لرحمتني مما أنا فيه ، وإن ذلك لبعين الله أحبه إلي أحبه إلى الله ، وما قدر ما أخذ ربي مني ؟ وددت أن ربي قد قطع مني الأنامل التي بها اكتسبت الإثم ، وأنه لم يبق مني إلا لساني يكون له ذاكرا . قال : فقال له الرجل : متى بدأت بك هذه العلة ؟ فقال : أما كفاك ؟ الخلق كلهم عبيد الله وعياله فإذا رأيت من العباد عيلة فالشكوى إلى الله ، ليس الله يشتكى إلى العباد

(1/135)


135 - حدثني يعقوب بن إسحاق بن دينار ، حدثنا أبو عبد الله البراثي قال : قال لي خلف البريراني : أوتيت برجل مجذوم ذاهب اليدين والرجلين ، أعمى فجعلته مع المجذومين فغفلت عنه أياما ، ثم ذكرته فقلت : يا هذا إني غفلت عنك . فقال لي المجذوم : إن لي من لا يغفل عني . قلت : إني أنسيتك . قال : إن لي من لا ينساني . قلت : إني لم أذكرك . قال : إن لي من يذكرني ، قد شغلتني عن ذكر الله . قلت : ألا أزوجك امرأة تنظفك من هذه الأقذار ؟ فبكى ثم قال لي : يا خلف ، تزوجني وأنا ملك الدنيا وعروسها عندي ؟ قلت : ما الذي عندك من ملك الدنيا وأنت ذاهب اليدين والرجلين ، أعمى ، تأكل كما تأكل البهائم ؟ قال : رضاي عن الله عز وجل إذ أبلى جوارحي وأطلق لساني بذكره . قال : فوقع مني بكل منزلة ، فما لبث إلا يسيرا حتى مات ، فأخرجت له كفنا كان فيه طول ، فقطعت منه ، فأتيت في منامي فقيل لي : يا خلف بخلت على ولي بكفن طويل ؟ قد رددنا عليك كفنك ، وكفناه عندنا في السندس والإستبرق (1) . قال : فنهضت إلى بيت الأكفان ، فإذا الكفن ملقى
__________
(1) الإستبرق : نوع من الحرير السميك

(1/136)


136 - حدثنا علي بن أبي مريم ، عن محمد بن سلام الجمحي قال : سمعت يحيى بن عمر الحنفي ، وذكر عن رجل من بني حنيفة قال : « أرادوا شيخا لهم كان به داعي العلاج ، فأبى وقال : وجدت الله قد نحل (1) أهل الصبر نحلا ما نحله غيرهم من عباده » قيل : ما هو رحمك الله ؟ قال : سمعته يقول تبارك اسمه : « إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (2) فما كنت لأعدل بذلك شيئا أبدا » قال : فلم يتعالج ، وكان إذا اشتد به الوجع قال : « حسبي الله ونعم الوكيل » ، فيسكن عنه الألم ، ويجد لذلك خفة وهدوءا
__________
(1) النُّحْل : العَطِيَّة والهبة ابتِداءً من غير عِوَض ولا اسْتِحْقاق
(2) سورة : الزمر آية رقم : 10

(1/137)


137 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني داود بن المحبر قال : سمعت أبي المحبر بن قحذم ، يقول : لما مثل (1) بالشجاء صبرت ، وجعلت تعزي نفسها بالقرآن وتقول : واصبر وما صبرك إلا بالله (2) ، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين (3) ثم قالت : لئن كنت على بصيرة من أمري إن هذا لقليل في جنب عظيم ما أطلب من ثواب الله قال : فما تكلمت بغير هذا حتى ماتت
__________
(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به
(2) سورة : النحل آية رقم : 127
(3) سورة : النحل آية رقم : 126

(1/138)


138 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثني سعد بن ربيعة ، حدثني أبو عاصم العباداني ، عن أبي خلدة قال : قال أبو السوار العدوي : لما مثل (1) بالشجاء ، ما رأيت رجلا قط ولا امرأة أصبر على بلاء من هذه . قال : وكان قد حضرها وهم يمثلون بها ، فقالت : سلا بنفسي عن الدنيا القدوم على الله عز وجل ، والله لله أحب إلي من خلقه ثم ماتت
__________
(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به

(1/139)


139 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي قال : حدثني رجل ، أدرك ذاك قال : « لما أتي بها ابن زياد ، أمر بها فقطعت يداها ورجلاها فما نبست بكلمة قال : فأتى بنار لتكوى بها فلما رأت النار صرخت فقيل لها : قطعت يداك ورجلاك فلم تكلمي ، فلما رأيت النار صرخت من قبل أن تدنى (1) منك ؟ قالت : » ليس من ناركم صرخت ، ولا على دنياكم أسفت ، ذكرت بها النار الكبرى ، فكان الذي رأيتم من ذلك « قال : فأمر بها فسملت عيناها ، فقالت : » اللهم قد طال في الدنيا حزني ، فأقر بالآخرة عيني « ، ثم خمدت
__________
(1) الدنو : الاقتراب

(1/140)


140 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني أبو عمر الضرير ، حدثنا عمران بن خالد ، حدثنا عبد الجليل القيسي قال : لما أمر ابن زياد بالشجاء أن يمثل (1) بها ، جاء الذي يريد أن يلي ذلك منها ومعه الحديد والحبال ، فقالت : « إليكم عني ، أتكلم بكلمات يحفظهن عني من سمع بهن » . قال : فحمدت الله وأثنت عليه ، ثم قالت : « هذا آخر يومي من الدنيا ، وهو غير مأسوف عليه ، وأرجو أن يكون أول أيامى من الآخرة ، وهو اليوم المرغوب فيه ثم قالت : إن علمي ، والله ، بفنائها هو الذي زهدني في البقاء فيها ، وسهل علي جميع بلواها ، فما أحب تعجيل ما أخر الله ، ولا تأخير ما عجل الله » . ثم قدمت ، فمثل بها حتى ماتت
__________
(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به

(1/141)


141 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا أبو عمر الضرير ، حدثني بكر بن حمران قال : لما قيل لها : قد أمر بقطع يديك ورجليك وسمل (1) عينيك . قالت : الحمد لله على السراء والضراء ، وعلى العافية والبلاء ، قد كنت أؤمل في الله ما هو أكثر من هذا . قال : فلما قطعت جعل الدم لا يرقأ ، فأحست بالموت وقالت : حياة كدرة وميتة طيبة ، لئن نلت ما أملت يا نفس من جزيل ثواب الله لقد نلت سرورا دائما لا يضرك معه كدر عيش ولا ملاحاة الرجال في الدار الفانية قال : ثم اضطربت حتى ماتت
__________
(1) سمر العين : أحْمَى لهم مَساَمِير الحَديد ثم كَحَلَهم بها وفقأ أعينهم.

(1/142)


142 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني خالد بن خداش ، حدثنا سالم بن عمر قال : صلى سالم الهلالي على جنازة ، ثم قعد في ظل قصر أوس ، فقال لأصحابه : ألا إن كل ميتة على الفراش فهي ظنون ، ثم قال : هل تدرون ما كان حال أختكم الشجاء ؟ قالوا : وما كان حالها ؟ قال : قطع ابن زياد يديها ورجليها وسمل عينها ، فما قالت : حس ، فقيل لها في ذلك . فقالت : « شغلني هول المطلع عن ألم حديدكم هذا »

(1/143)


143 - حدثني علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، حدثني مجالد بن عبيد الله الباهلي قال : حدثني بكر بن مصاد العابد قال : كان مالك بن دينار يبكي ويبكي أصحابه ، ويقول في خلال بكائه : « اصبروا على طاعته ، فإنما هو صبر قليل وغنم طويل ، والأمر أعجل من ذلك »

(1/144)


144 - حدثني إبراهيم بن عبد الله ، عن ابن جميل قال : قال عبد الله بن المبارك : « من صبر فما أقل ما يصبر ، ومن جزع فما أقل ما يتمتع »

(1/145)


145 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن سعيد الأصبهاني قال : سمعت محمد بن صبيح العجلي ، يقول : « أعطي الصابرون الصلاة من الله عليهم ، والرحمة منه لهم ، فمن ذا الذي يدرك فضلهم إلا من كان منهم ؟ هنيئا للصابرين ، ما أرفع درجتهم وأعلى هناك منازلهم والله إن نال القوم ذلك إلا بمنه وتوفيقه ، فله الحمد على ما أعطى من فضله ، وأسدى من نعمه ، وله الحمد كثيرا علينا وعلى جميع خلقه ، فهو الغني فلا يمنعه نائل ، وهو الكريم فلا يحفيه سائل ، وهو الحميد فلا يبلغ مدحه قائل ، ونحن عباده ، فمن بين مخذول حرم طاعته فلم يصبر عن معصيته ، ومن بين مطيع وفقه لمرضاته وصبره عن الدنيا وما فيها من معصيته ، ثم غمرنا بعد ذلك بتفضله فقال : ورحمتي وسعت كل شيء (1) فنحن نرجو أن ننالها بتفضله وإن لم نكن من أهلها بسوء أعمالنا القبيحة ، واسوأتاه ، من كريم يكرمك وأنت متعرض لما يكره صباحا ومساء »
__________
(1) سورة : الأعراف آية رقم : 156

(1/146)


146 - حدثنا علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين قال : حدثنا سورة بن قدامة ، حدثنا يونس بن حبيب النحوي قال : كان حبيب أبو محمد يقول لإخوانه : اشكا ماذا اشكا فاذو : كأنكم بعاقبة الصبر محمودة ، ليت شعري ما يصنع في القيامة من غبن أيامه الحالية ، ثم يبكي حتى تسيل الدموع على لحيته

(1/147)


147 - حدثنا خلف بن هشام البزار ، حدثنا أبو شهاب الحناط ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبي إسحاق ، عن ميثم ، أن موسى عليه السلام قال : أي رب ، أي عبادك أصبر ؟ قال : أكظمهم للغيظ

(1/148)


148 - حدثني هارون بن أبي يحيى السلمي ، عن شيخ ، من تميم أن معاوية قال لصعصعة بن صوحان : ما المروءة ؟ قال : « الصبر والصمت : الصبر لمن غاظك وإن بلغ منك ، والصمت حتى تسأل »

(1/149)


149 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا علي بن عياش ، حدثنا معاوية بن يحيى أبو مطيع ، حدثنا نصر بن علقمة ، عن أخيه ، عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لقي في الله فصبر حتى يقتل أو يغلب لم يفتن في قبره »

(1/150)


150 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين ، حدثنا حكيم بن جعفر قال : سمعت مسمع بن عاصم قال : قال لي عبد الواحد بن زيد : « من نوى الصبر على طاعة الله صبره الله عليها وقواه لها ، ومن عزم على الصبر عن معاصي الله أعانه الله على ذلك وعصمه عنها » . قال : وقال لي : يا سيار ، « أتراك تصبر لمحبته عن هواك فيخيب صبرك ؟ لقد أساء بسيده الظن من ظن به هذا وشبهه » قال : ثم بكى عبد الواحد حتى خفت أن يغشى عليه ، ثم قال : « بأبي أنت يا مسمع ، نعمه رائحة وغادية على أهل معصيته ، فكيف ييأس من رحمته أهل محبته ؟ »

(1/151)


151 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين ، حدثني إسحاق بن إبراهيم الثقفي ، حدثنا مضر ، عن عبد الواحد بن زيد قال : قال لي عابد من أهل الشام : « أما والله يا أبا عبيدة ليعلمن الصابرون غدا أن موئل الصبر موئل كريم هنيء غير مردي وليعلمن أهل الاستخفاف بمعاصي الله أن ذلك كائن عليهم وبالا ، ولبئس سبيل الخائف الغرة وترك الحذر والاحتراس مما يخاف وبكى »

(1/152)


152 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين ، حدثني إبراهيم بن سلمة الشعيثي قال : سمعت ابن السماك ، يقول : « من امتطى الصبر قوي على العبادة ، ومن أجمع اليأس استغنى عن الناس ، ومن أهمته نفسه لم يول تربتها غيره ، ومن أحب الخير وفق له ، ومن كره الشر جنبه ، ومن رضي بالدنيا من الآخرة حظا فقد أخطأ حظ نفسه ، ومن أراد الحظ الأكبر من الآخرة سعى لها سعيها وأعمل نفسه لها ، وهانت عليه الدنيا وجميع ما فيها ، والصبر عن الدنيا رأس الزهد فيها ، والصبر عن المعاصي هو الكره لها ، والصبر على طاعة الله فرع الخير وتمامه »

(1/153)


153 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين ، حدثنا حكيم بن جعفر قال : حدثني قرة النحات قال : قلت لعابد في بيت المقدس : أوصني . قال : « عليك بالصبر ، والتصبر ، والاصطبار » . قال : قلت : ما الصبر ؟ ، وما التصبر ؟ ، وما الاصطبار ؟ قال : « أما الصبر فالتسليم والرضا بنزول المصائب والبلوى ، وتوطين النفوس عليها قبل حلولها ، وأما التصبر فتجرع مرارتها عند نزولها ، ومجاهدة النفس على هدوئها وسكونها ، وأما الاصطبار فاستقبال ما ينزل منها من المصائب والبلوى بالطلاقة والبشر ، وانتظار ما لم ينزل منها بالاعتبار والفكر ، فإذا كان العبد كذلك كان مصطبرا ، لم يبال ما تقدم من ذلك » . وجدت في بعض الحكمة : الصبر على عشرة وجوه : الصبر على المعاصي ، والصبر على الفرائض ، والصبر على الشبهات ، والصبر على الفقر ، والصبر على الأوجاع ، والصبر على المصائب ، والصبر على أذى الناس ، والصبر عن الشهوات ، والصبر عن فضول الكلام ، والصبر على النوافل ، وكل عمل من هذه الوجوه تعمله وهو شاق عليك فأنت فيه صابر ، وكل عمل تعمله منها وليس فيه مشقة فليس ذلك من باب الصبر ، ويكون ذلك من حسن المعونة من الله سبحانه لعبده ، كفاه مؤنة المشقة وأذاقه حلاوة المعونة

(1/154)


154 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين قال : حدثني خلف بن إسماعيل قال : قال لي رجل من عقلاء الهند : « لا يكون الصبر إلا في رجل له عند الله عظيم من الذخر ، ولرب صابر برز به صبره أمام المتقين يوم القيامة ، والصبر في كل شيء حسن ، وهو في طاعة الله وعن معصيته أحسن »

(1/155)


155 - حدثني الحسين بن ناصح مولى محمد بن سليمان الهاشمي ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن الحجاج بن فرافصة ، عن محمد بن عجلان ، عن رجل ، من جهينة ، عن أبي الدرداء قال : « إنها ستكون أمور تنكرونها ، فعليكم فيها بالصبر ، صبر كقبض على الجمر ، ولا تقولوا : تغير ، حتى يكون الله يغير »

(1/156)


156 - حدثني محمد بن عباد بن موسى العكلي ، عن محمد بن مسعر اليربوعي قال : حدثني عطية بن سليمان قال : صليت الجمعة ثم انصرفت ، فجلست إلى يونس بن عبيد حتى صلينا العصر ، فقال : هل لكم في جنازة ؟ قال : فمضينا إلى ناحية بني سعد ، فصلينا على جنازة ، ثم قال : هل لكم في فلان العابد نعوده ؟ فأتينا رجلا قد وقعت في فمه الخبيثة حتى أبدت عن أضراسه ، فكان إذا أراد أن يتكلم دعا بقعب (1) من ماء وبقطنة فبل لسانه ، ثم يتكلم بكلمات يحسن فيهن ، فلما دخلنا عليه دعا بالقدح ليفعل كما كان يفعل ، فبينا هو يبل لسانه إذا سقطت حدقتاه في القدح ، فأخذهما فمرثهما بيده ثم قال : إني لأجد فيهما دسما ، وما كنت أظن بقي فيهما ، ثم استقبل القبلة ثم قال : الحمد لله الذي أعطانيهما فأمتعني بهما شبابي وصحتي ، حتى إذا فنيت أيامي وحضر أجلي أخذهما مني ، ليبدلني بهما ، إن شاء الله ، خيرا منهما . فقال له يونس : قد كنا تهيأنا لنعزيك ، فنحن الآن سنهنئك ، فقال خيرا ودعا ، ثم خرجنا من عنده فأتينا أبا رجاء العطاردي ، فحدثناه بقصتنا فقال : شهدتم عيدا ، وقعدتم حتى صليتم جماعة ، ثم شيعتم جنازة ، ثم عدتم مريضا ، ثم زرتم أخا ، لقد أصبتم خيرا . وأنا والله قد أصبت خيرا ، قد قرأت البارحة أكثر من ألف آية
__________
(1) القعب : قدح وإناء يروي رجلا واحدا

(1/157)


157 - حدثني محمد بن سهل التميمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري قال : « وقعت في رجل عروة بن الزبير الآكلة ، فصعدت في ساقه ، فبعث إليه الوليد بن عبد الملك فحمل إليه الأطباء ، فقالوا ليس له دواء إلا أن تقطع رجله قال : فقطعت رجله وهو جالس عند الوليد ، فما تضور وجهه »

(1/158)


158 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، عن هشام بن محمد ، عن أبيه قال : قال علي بن أبي طالب : « لو كان الصبر رجلا كان أكمل الرجال ، وإن الجزع (1) والجهل والشره والحسد لفروع أصلها واحد »
__________
(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/159)


159 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال : قال بعض حكماء الهند : « الصبر قوة من قوى العقل ، وبقدر مولد العقل ينمى الصبر »

(1/160)


160 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال : أنشدني أبو العتاهية لنفسه : صبرت ولم أبد اكتئابا ولن ترى أخا جزع (1) إلا يصير إلى الصبر وإني وإن أبديت صبرا لمنطو على حزن منه أحر من الجمر وأملك من عيني الدموع وربما تبادر عاص من سوابقها يجري
__________
(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/161)


161 - أنشدني الحسين بن عبد الرحمن : تعز إذا أصبت بكل أمر من التقوى أمرت به مصابا فكل مصيبة عظمت وجلت تخف إذا رجوت لها ثوابا

(1/162)


162 - حدثني علي بن الحسن بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين ، حدثني إسحاق بن إبراهيم الثقفي ، حدثني مضر أبو سعيد القارئ قال : قال بعض العباد على بعض السواحل : إنك والله أيها المرء ما التمست اتباع رضوانه بشيء أبلغ فيما تريد من اجتناب سخطه قال : ثم بكى وقال : وكيف وغرور الأمال تلهينا عن سرعة ممر الآجال ؟ قال : ثم بكى وقال : لا تعجب أيها المرء من سهو وغفلة غلبا على عقولنا ، فنحن نحرص على الدنيا ونعمل لها ، غير مستزيدين في أرزاقنا ، بالحرص عليها والعمل لها ، وندع حظنا في هذه الدار الفانية من الدار الباقية ، التي يرزق أهلها فيها بغير حساب ، وإنما جعلت هذه الدار سبيلا إلى الوصلة إلى الدار الأخرى قال : فإن أعمالنا وحرصنا على طلب الدار الآخرة يزيد في أرزاقنا ولذاتنا في الدنيا والآخرة ، ثم بكى وقال : يا عبد الله ، احتجز الصبر على إرادته يبلغك خير إرادتك لديه ، فما رأينا مثل الصبر على طاعته شيئا

(1/163)


163 - حدثني علي بن الحسن بن أبى مريم ، عن محمد بن الحسين قال : حدثني عبد الرحمن بن هانئ قال : سمعت عمر بن ذر ، يقول في دعائه : « أسألك اللهم خيرا يبلغنا ثواب الصابرين لديك ، وأسألك اللهم شكرا يبلغنا مزيد الشاكرين لك ، وأسألك اللهم توبة تطهرنا بها من دنس الآثام حتى نحل بها عندك محلة المنيبين إليك ، فأنت ولي جميع النعم والخير ، وأنت المرغوب إليه في كل شديدة وكرب وضر ، اللهم وهب لنا الصبر على ما كرهنا من قضائك ، والرضا بذلك طائعين ، وهب لنا الشكر على ما جرى به قضاؤك من محبتنا ، والاستكانة لحسن قضائك ، متذللين لك خاضعين ؛ رجاء المزيد والزلفى لديك يا كريم ، اللهم فلا شيء أنفع لنا عندك من الإيمان بك ، وقد مننت به علينا فلا تنزعه منا ولا تنزعنا منه حتى تتوفانا عليه ، موقنين بثوابك ، خائفين لعقابك ، صابرين على بلائك ، راجين لرحمتك يا كريم »

(1/164)


164 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن سلام الجمحي قال : قال أبو خيرة النحوي : « الصبر أعلى خلال الكرم »

(1/165)


165 - وحدثني علي بن أبي مريم ، عن زيد بن الحباب قال : حدثنا حوشب بن عقيل قال : سمعت أبا عمران الجوني ، يقول : « ما أعطي عبد - بعد الإيمان - أفضل من الصبر إلا الشكر ، فإنه أفضلهما وأسرعهما ثوابا »

(1/166)


166 - وحدثني علي بن أبي مريم ، عن موسى بن داود قال : حدثنا مجمع بن أبي غاضرة العنبري قال : سمعت قتادة ، يقول : « الصبر من الإيمان بمنزلة اليدين من الجسد ، من لم يكن صابرا على البلاء لم يكن شاكرا على النعماء ، ولو كان الصبر رجلا لكان كريما جميلا »

(1/167)


167 - حدثني علي بن الحسن ، عن محمد بن الحسين ، حدثني رستم بن أسامة ، حدثنا عمار بن عمرو البجلي قال : سمعت عمر بن ذر ، يقول : « من أجمع على الصبر في الأمور فقد حوى الخير ، والتمس معاقل البر وكمال الأجور »

(1/168)


168 - حدثني علي بن الحسن ، عن محمد بن الحسين ، حدثني حكيم بن جعفر ، حدثني درست القزاز قال : قال لي حبيب أبو محمد : « إن أردت أن تعرف فضل ثواب الصبر على جميع أعمال البر ، فانظر إلى أهل البلاء مع أهل العافية ، ثم ميز ما بينهم ، واعلم أن الله عز وجل لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض »

(1/169)


169 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا رشدين بن سعد قال : أخبرني أبو هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه جاره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كف أذاك عنه واصبر لأذاه ، فكفى بالموت مفرقا »

(1/170)


170 - حدثني علي بن الحسين ، عن يحيى بن إسحاق البجلي ، حدثنا أبو المغيرة القاص قال : سمعت عمر بن ذر ، يقول لرجل آذاه جار له : « اصبر أي أخي ، فوالله ما أرى أن لثواب الصبر في القيمة مثلا . أي أخي ، عليك بالصبر تدرك به ذخر أهله ، واعلم أن الصبر مواهب ، ولن يعطاه إلا من كرم على سيده ، فاغتنمه ما قدرت عليه ؛ لأنك ستجد عاقبته عاجلا وآجلا إن شاء الله »

(1/171)


171 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك قال : حدثنا سفيان قال : سمعت محمد بن المنكدر قال : قال ابن عمر حين أتته بيعة يزيد : « إن كان خيرا رضينا ، وإن كان بلاء صبرنا »

(1/172)


172 - حدثني المشرق بن سعيد القرشي ، حدثني أحمد بن واصل الكوفي قال : كنت أكتب للطالبيين ، وكانت امرأة من أهل مكة تكاتبهم قال : فكتبت إليهم : « أما والذي لا خلد إلا لوجهه ومن ليس في العز المنيع له كفو لئن كان بدء الصبر مرا فعقبه لقد يجتنى من غبه الثمر الحلو »

(1/173)


173 - حدثني الحسن بن يحيى بن كثير العنبري قال : حدثنا خزيمة أبو محمد قال : مر وهب بن منبه برجل أعمى مجذوم مقعد عريان ، وبه وضح (1) ، وهو يقول : « الحمد لله على نعمته » ، فقال رجل كان مع وهب : أي شيء عليك من النعمة وأنت على هذه الحال ؟ فقال الرجل : « ارم ببصرك إلى أهل المدينة ، فانظر إلى كثرة أهلها ، أو لا أحمد الله على نعمته أنه ليس أحد فيها يعرف الله غيري ؟ »
__________
(1) الوضح : البياض من كل شيء

(1/174)


174 - حدثني أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار : « إنكم ستجدون أثرة (1) شديدة ، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله ، فإني على الحوض » قالوا : سنصبر
__________
(1) الأثرة والاستئثار : الانفراد بالشيء دون الآخرين

(1/175)


175 - حدثني علي بن الحسن ، عن محمد بن الحسين ، حدثنا خلف بن إسماعيل قال : سمعت عبد العزيز بن أبي رواد ، يقول : كان يقال : « القول بالحق والصبر عليه يعدل بأعمال الشهداء »

(1/176)


176 - حدثنا محمد بن الحسين ، حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، حدثنا أصحابنا ، عن رجالهم قال : « قام موسى عليه السلام في بني إسرائيل بخطبة أحسن فيها ، فأعجب بها ، فقالت له بنو إسرائيل : أفي الناس أعلم منك ؟ قال : لا . فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : إن في الناس من هو أعلم منك . فقال : أي رب ، ومن أعلم مني وقد آتيتني التوراة وفيها علم كل شيء ؟ فأوحى الله إليه : أعلم منك عبد من عبادي حملته الرسالة ، ثم بعثته إلى ملك جبار عنيد ، فقطع يديه ورجليه ، وجدع أنفه ، فأعدت إليه ما قطع منه ، ثم أعدته إليه رسولا ثانية ، فولى وهو يقول : رضيت لنفسي ما رضيت لي ، ولم يقل كما قلت أنت عند أول وهلة : إني أخاف أن يقتلون »

(1/177)


177 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني محمد بن معاوية الأزرق ، حدثنا شيخ ، لنا قال : التقى يونس وجبريل عليهما السلام فقال يونس : يا جبريل ، دلني على أعبد أهل الأرض ، قال : فأتى على رجل قد قطع الجذام (1) يديه ورجليه وهو يقول : متعتني بهما حيث شئت ، وسلبتنيهما حيث شئت ، وأبقيت لي فيك طول الأمل ، يا بار يا وصول ، فقال يونس : يا جبريل ، إني إنما سألتك أن ترينيه صواما قواما . قال جبريل : إن هذا كان قبل البلاء قانتا لله هكذا ، وقد أمرت أن أسلبه بصره . قال : فأشار إلى عينيه ، فسالتا ، فقال : متعتني بهما حيث شئت ، وسلبتنيهما حيث شئت ، وأبقيت لي فيك طول الأمل ، يا بار يا وصول ، فقال جبريل : هلم تدعو الله وندعو معك فيرد الله عليك يديك ورجليك وبصرك ، فتعود إلى العبادة التي كنت فيها . قال : ما أحب ذاك . قال : ولم ؟ قال : أما إذا كانت محبته في هذا فمحبته أحب إلي من ذاك . قال يونس : يا جبريل ، بالله ما رأيت أحدا أعبد من هذا قط . قال جبريل : يا يونس هذا طريق لا يوصل إلى الله تبارك وتعالى بشيء أفضل منه
__________
(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف

(1/178)


178 - حدثنا ثابت بن أحمد الخزاعي ، حدثنا أبي ، حدثنا سليمان بن صالح ، حدثني علي بن أبي حفص ، عن أبي الصيداء قال : أرسل الحجاج إلى حطيط ، وبلغه عنه أنه كان يقول : « اللهم إني أعاهدك لئن أعطيتني لأشكرن ، ولئن ابتليتني (1) لأصبرن » ، فسأله فصدقه ، فلم يكن يسأله عن شيء إلا صدقه ، وهو في ذاك ينكته (2) بقضيبه (3) ، فقال له : أمسك عني يديك وإلا عاهدت الله ألا أكلمك كلمة حتى ألقاه قال : فأبى الحجاج إلا تناوله ، وسكت حطيط ، فأراده على الكلام ، فأبى ، ودعا صاحب العذاب فأمره أن يحمله على الأشقر ، والأشقر حبل من ليف ممدود بين ساريتين يحمل عليها الرجل ويفضى بفرجه إليه ، يرجل به ويمسه الرجال ، ففعل ذلك به أياما ، كلما قرح ما هناك عادوا به عليه ، فيقول إذا رجل به : « إن الإنسان خلق هلوعا ، إذا مسه الشر جزوعا ، وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين (4) ثم يمطط في قوله إلا المصلين (5) » فيمدها ، ولا ينبس بكلمة حتى يرفع عنه العذاب ، فلم يزل كذلك حتى هجم الحبل على جوفه ، ثم قال : اذهبوا بي إلى الحجاج فأكلمه ، فانطلق البشراء ، فقال : أجزع (6) الخبيث ؟ ائتوني به ، فلما جاءوا به ، قال : إيه أجزعت ؟ قال : « لا والله ما جزعت ، ولا طمعت في الحياة ، وإني لأعلم أني ميت ، ولكن جئت لأوبخك بأعمالك الخبيثة وأشفي صدري ، ألست صاحب كذا ؟ ألست صاحب كذا ؟ » يوبخه حتى أمحكه ؟ فدعا بالحربة فأوجرها إياه
__________
(1) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر
(2) ينكت : يضرب
(3) القضيب : العود
(4) سورة : المعارج آية رقم : 19
(5) سورة : المعارج آية رقم : 22
(6) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/179)


179 - حدثنا ثابت بن أحمد الخزاعي ، حدثنا أبي ، حدثنا سليمان ، حدثني عبد الله بن المبارك ، حدثني إسحاق بن يحيى قال : جعل حطيط يقول وهو يعذب : « اللهم إنك تفرغ الصبر إفراغا ، فأفرغ الصبر على عبدك حطيط »

(1/180)


180 - حدثنا ثابت بن أحمد ، حدثنا أبي ، حدثنا سليمان قال : حدثني عبد الله ، عن داود بن عبد الرحمن قال : حدثني القاسم بن عبد الواحد ، أن زيادا ، أتي بذي الثفنات ، فقطع يديه ورجليه وقال : كيف تجدك ؟ فقال : « أفسدت علي دنياي ، وأفسد عليك آخرتك » . فأرسل إلى امرأة كانت عنده يسألها عنه . قالت : لا أدري ، إلا أني لم أفرشه فراشا ليلا ولا نهارا ، ولم أتخذ له طعاما نهارا . قال : إنك لتحدثينني أنه يصوم النهار ويقوم الليل . فأعتق مائة رقبة

(1/181)


181 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي حيان التيمي قال : دخلوا على سويد بن شعبة - وكان من أفاضل أصحاب عبد الله - وأهله تقول له : نفسي فداؤك ، ما نطعمك ؟ ما نسقيك ؟ فأجابها بصوت له ضعيف : « بليت الحراقف ، وطالت الضجعة ، والله ما يسرني أن الله نقصني منه قلامة ظفر »

(1/182)


182 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة قال : كان الربيع بن خيثم قد أصابه الفالج قال : فسال من فيه ماء أجن على لحيته ، فرفع يده فلم يستطع أن يمسحه ، فقام إليه بكر بن ماعز فمسحه عنه ، فلحظه ربيع ثم قال : « يا بكر ، ما أحب أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله تعالى »

(1/183)


183 - حدثني المثنى بن عبد الكريم ، حدثنا زافر بن سليمان ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبي سفيان ، عن سالم ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من وعك ليلة فصبر ورضي بها عن الله ، خرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه »

(1/184)


184 - حدثني الحسين بن علي العجلي ، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، حدثنا زافر بن سليمان ، عن عبيد الله قال : سمعت الحسن ، يحدث عن أبي سعيد الخدري قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كبرت سني ، وسقم جسدي ، وذهب مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا خير في جسد لا يبلى ، ولا خير في مال لا يرزأ منه إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه (1) ، وإذا ابتلاه صبره »
__________
(1) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر

(1/185)


185 - حدثني علي بن الحسن ، عن محمد بن الحسين قال : حدثني حكيم بن جعفر قال : حدثني قرة النحات قال : قلت لعابد من أهل الأردن ممن كان يأوي جبالها : أوصني قال : « اقتن فعل الخيرات ، وتوصل إلى الله بالحسنات ، فإني لم أر شيئا قط أرضى للسيد مما يحب ، فبادر محبته يسرع في محبتك » ، ثم بكى ، فقلت : زدني رحمك الله قال : « الصبر على محبة الله وإرادته رأس كل بر ، أو قال : كل خير »

(1/186)


186 - قال : حدثني قرة النحات قال : قال لي عابد بفلسطين : كان يقال : « الصبر من الرضا بمنزلة الرأس من الجسد ، لا يصلح أحدهما إلا بالآخر »

(1/187)


187 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا وكيع ، عن أبيه ، عن منصور ، عن إبراهيم ، أن أم الأسود ، أقعدت من رجليها ، فجزعت (1) ابنة لها ، فقالت : « اللهم إن كان خيرا فزد »
__________
(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

(1/188)


188 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن مصعب ، عن يحيى بن سليم ، عن ابن أبي رواد قال : رأيت في يد محمد بن واسع قرحة ، فكأنه رأى ما شق علي منها ، فقال : « أتدري ماذا لله علي في هذه القرحة من النعمة ؟ » فسكت ، فقال : « حين لم يجعلها على حدقتي (1) ، ولا على طرف لساني ، ولا على طرف ذكري » . قال : فهانت علي قرحته
__________
(1) الحدقة : سواد مستدير وسط العين

(1/189)


189 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا الهيثم بن جميل ، وأحمد بن يونس ، يزيد أحدهما على صاحبه ، عن أبي شهاب ، عن أبي حيان التيمي ، عن أبيه قال : دخلت على سويد بن شعبة ، وكان من أصحاب الخطط الذين خط لهم عمر بالكوفة ، فإذا هو منكب على وجهه مسجى (1) بثوب ، فلولا أن امرأته قالت : أهلي فداؤك ، ما نطعمك ؟ ما نسقيك ؟ ما ظننت أن تحت الثوب شيئا ، فلما رآني قال : « يا ابن أخي ، دبرت الحراقف والصلب ، فما من ضجعة غير ما ترى ، والله ما أحب أني نقصت منه قلامة ظفر »
__________
(1) مسجى : مغطى

(1/190)


190 - حدثنا أبو مسلم ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ليث قال : أخبرت طلحة بن مصرف ، عن طاوس ، أنه كان يكره الأنين ، فما سمع له أنين في مرضه حتى مات

(1/191)


191 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة ، حدثنا حماد بن زيد ، عن بديل بن ميسرة ، أن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، كان يقول : لأن أعافى فأشكر ، أحب إلي من أن ابتلى (1) فأصبر . وزعم أن أبا العلاء كان يقول : اللهم أي ذاك كان أحب إليك فاجعله لي
__________
(1) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر

(1/192)


192 - حدثني إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، حدثنا عطاء بن دينار الهذلي ، عن سعيد بن جبير قال : « الصبر على نحوين : أما أحدهما فالصبر عما حرم الله ، والصبر لما افترض الله من عبادته ، وذلك أفضل الصبر ، والصبر الآخر في المصائب ، وهو اعتراف النفس لله لما أصاب العبد ، واحتسابه عند الله رجاء ثوابه ، فذلك الصبر الذي يثيب عليه الأجر العظيم ، وإنك لتجد الرجل صبورا عند المصيبة ، جليدا وليس بمحتسب لها ، ولا راج لثوابها ، وفي كل الملل تجد الصبور على المصيبة ، فإذا تفكرت في صبر المصائب وجب صبران : أحدهما لله ، والآخر خليقة تكون في الإنسان » ، وسئل عن الجزع فقال : « الجزع على نحوين : أحدهما في الخطايا أن يجزع الرجل إليها ، والآخر في المصائب ، فأما جزع المصيبة فهو ألا يحتسبها العبد عند الله ولا يرجو ثوابها ، ويرى أنه سوء أصابه ، فذلك الجزع ، ويفعل ذلك وهو متجلد لا يبين منه إلا الصبر »

(1/193)


193 - حدثني إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن شماس ، حدثنا أبو معاوية عبد الله بن عبيد بن عباد البصري قال : سمعت يزيد الرقاشي : وتواصوا بالحق (1) قال : « الحق كتاب الله وتواصوا بالصبر قال : الصبر على طاعة الله »
__________
(1) سورة : العصر آية رقم : 3

(1/194)


194 - قال محمد بن بشير ، حدثنا سعيد بن عصام ، وسهيل بن حميد الهجيمي قالا : كان يزيد الرقاشي يقول : « يا معشر الشيوخ الذين لم يتركوا الذنوب حتى تركتهم ، فيا ليتهم إذ ضعفوا عنها لا يتمنون أن تعود لهم القوة عليها حتى يعملوا بها »

(1/195)


195 - حدثني إبراهيم بن عبد الله قال : حدثني علي بن الحسن قال : قال رجل للأحنف بن قيس : ما أصبرك قال : « الجزع شر الحالين ، يباعد المطلوب ، ويورث الحسرة ، ويبقي على صاحبه عارا »

(1/196)


196 - حدثني أبو بكر بن محمد بن هانئ قال : حدثني أحمد بن شبويه قال : حدثني عبد الله قال : حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة قال : جعل حطيط يقول وهو يعذب : « اللهم إنك تفرغ الصبر إفراغا ، فأفرغ الصبر على عبدك حطيط »

(1/197)


197 - حدثني عون بن إبراهيم قال : حدثني أبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي قال : قال بكر بن خنيس : « مررت بمجذوم وهو يقول : وعزتك وجلالك لو قطعتني بالبلاء قطعا ما ازددت لك إلا حبا »

(1/198)


198 - حدثني الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة قال : قيل للقمان : أي الناس أصبر ؟ قال : « صبر لا يتبعه أذى »

(1/199)


199 - حدثني عبد الرحيم بن يحيى ، حدثنا عثمان بن عمارة ، عن عبد الواحد بن زيد قال : خرجت أنا ، وفرقد السبخي ، ومحمد بن واسع ، ومالك بن دينار ، نزور أخا لنا بأرض فارس ، فلما جاوزنا رامهرمز إذا نحن بنويرة في سفح جبل ، فتراكضنا نحوه ، فإذا نحن برجل مجذوم (1) يتقطر قيحا ودما ، فقال له بعضنا : يا هذا ، لو دخلت هذه المدينة فتداويت ، وتعالجت من بلائك هذا فرفع طرفه إلى السماء وقال : إلهي أتيت بهؤلاء ليسخطوني عليك لك الكرامة والعتبى بأن لا أخالفك أبدا
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه

  200 - حدثني الحسن بن علي ، حدثنا كثير بن عبيد الحذاء الحمصي ، حدثنا محمد بن حمير ، عن مسلمة بن علي ، عن عمر بن ذر ، عن أبي قلابة ، عن أبي مسلم الخولاني ، عن أبي عبيدة بن الجراح ، عن عمر بن الخطاب قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيته ، وأنا أعرف الحزن في وجهه ، فقال : « إنا لله وإنا إليه راجعون ، أتاني جبريل عليه السلام آنفا فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقلت أجل ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، مم ذاك يا جبريل ؟ فقال : إن أمتك مقتتلة من بعدك بقليل من الدهر غير كثير ، فقلت : من أين وأنا تارك فيهم كتاب الله ؟ فقال : بكتاب الله يضلون ؟ وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم ، يمنع الأمراء الناس حقوقهم ، فيطلبونها فلا يعطونها فيقتتلون ، ويتبع القراء الأمراء فيمدونهم في الغي (1) ثم لا يقصرون ، فقلت : بم يسلم من يسلم منهم ؟ قال : بالكف والصبر ، إن أعطوا الذي لهم أخذوه ، وإن منعوا تركوا »
__________
(1) الغي : الضلال والانهماك في الشر

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القرآن الكريم : وورد

  القرآن الكريم :  سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِ...