السبت، 25 يونيو 2022

باب حفظ اللسان وفضل الصمت وباب عليكم بالصدق ؛ فإنه مع البر

 

باب حفظ اللسان وفضل الصمت

(1/2)


1 - أخبرنا سيدنا الشيخ الإمام الأوحد القدوة جمال الدين عمدة الحفاظ رحلة الوقت ، بركة المسلمين ، شرف الدين أبو محمد ، وأحمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي رحمه الله تعالى قراءة مني عليه وهو يسمع وينظر في أصله في العاشرة من رمضان ، سنة اثنتين وسبعمائة بالقاهرة المعزية ، قال أخبرنا الشيخ الصالح المعمر أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي الحنبلي ، قراءة عليه وأنا أسمع ، قيل له : أخبرتكم الشيخة الكاتبة فخر النساء شهدة بنت أبي نصر أحمد بن أبي الفرج الإبري قراءة عليها وأنت تسمع ، وأجاز لك الأشياخ الحافظ بن الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي ، وأبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد الشهرزوري ، وأبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام ، وأبو محمد المبارك بن المبارك بن علي بن نصر السراج المعروف بابن التعاويذي ، والرئيس أبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن الحصين النعالي ، قراءة عليه ونحن نسمع ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن صالح بن محمد بن عثمان النعالي ، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المندر ، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي رحمه الله تعالى ، قال الشيخ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي حرسه الله ، قال : وقرأت على أبي القاسم يحيى بن أبي السعود نصر بن أبي القاسم بن أبي الحسن القمصي التميمي البغدادي بجامع الأزهر بالقاهرة ، قلت له : أخبرتك أم عتب تجنى بنت عبد الله الوهانية ، قرئ عليها وأنت تسمع ، قالت : أخبرنا عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي بسنده المتقدم ، قال المصنف رحمه الله : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد الله القرشي قال : حدثني أبي ، وعبيد الله بن عمر الجشمي ، قالا : حدثنا هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن سفيان ، عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحدا بعدك ، قال : « قل : آمنت بالله ثم استقم » ، قلت : فما أتقي ؟ فأومأ (1) بيده إلى لسانه
__________
(1) الإيماء : الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه

(1/3)


2 - حدثنا عبد الله ، ثنا داود بن عمرو الضبي ، وسعدويه ، عن عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال عقبة بن عامر رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله ، ما النجاة ؟ قال : « أملك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك »

(1/4)


3 - حدثنا عاصم بن عمر بن علي ، حدثني أبي ، عن أبي حازم المدني ، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يتوكل لي بما بين لحييه ورجليه أتوكل له بالجنة »

(1/5)


4 - حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، أخبرني أبي وعمي ، عن جدي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال : « تقوى الله ، وحسن الخلق » ، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ، قال : « الأجوفان : الفم والفرج »

(1/6)


5 - حدثنا يونس بن عبد الرحيم العسقلاني ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن صدقة بن عبد الله ، عن عبد الله بن علي ، عن سليمان بن حبيب ، حدثني أسود بن أصرم المحاربي رضي الله عنه قال : قلت : أوصني يا رسول الله ، قال : « أتملك يدك ؟ » قال : قلت : فما أملك إذا لم أملك يدي ؟ قال : « أتملك لسانك ؟ » قال : فما أملك إذا لم أملك لساني ؟ قال : « فلا تبسط يدك إلا إلى خير ، ولا تقل بلسانك إلا معروفا »

(1/7)


6 - حدثنا أبو خيثمة ، وإسحاق بن إسماعيل ، قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن الحكم بن عتيبة ، وحبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، أنؤاخذ بما نقول ؟ قال : « ثكلتك أمك يا ابن جبل ، وهل يكب (1) الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟ » قال حبيب في هذا الحديث : « وهل تقول شيئا إلا لك أو عليك »
__________
(1) الكب : الإلقاء والطرح

(1/8)


7 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن ماعز ، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله ، حدثني بأمر أعتصم به . قال : « قل : ربي الله ثم استقم » . قال : قلت : يا رسول الله ، ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسانه ثم قال : « هذا »

(1/9)


8 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، حدثني ابن غنم : أن معاذا رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، أي الأعمال أفضل ؟ « فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لسانه ، ثم وضع عليه أصبعيه »

(1/10)


9 - حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا علي بن مسعدة الباهلي ، حدثنا قتادة ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جاره بوائقه (1) »
__________
(1) بوائقه : ظلمه وشروره ومصائبه

(1/11)


10 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الله بن يزيد ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن عمرو ، وعن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : « من صمت نجا (1) »
__________
(1) نجا : تخلص من الهلاك

(1/12)


11 - حدثنا عبد الله ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن عمر بن حفص ، عن عثمان بن عبد الرحمن ، عن الزهري ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سره أن يسلم فليلزم الصمت »

(1/13)


12 - حدثني عمران بن موسى يعني القزاز ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي الصهباء ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي سعيد قال ، أراه رفعه قال : « إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول : اتق الله فينا ، فإنك إن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت (1) اعوججنا »
__________
(1) الاعوجاج : الميل والانحراف والزيغ

(1/14)


13 - حدثني عبد الرحمن بن زبان بن الحكم الطائي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اطلع على أبي بكر رضي الله عنه وهو يمد لسانه فقال : ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ فقال : إن هذا أوردني الموارد ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدته »

(1/15)


14 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، وسعدويه ، وغيرهما ، - وهذا لفظ إسحاق بن إسماعيل - ، عن محمد بن يزيد بن خنيس ، قال : دخلنا على سفيان الثوري نعوده ، فدخل عليه سعيد بن حسان ، فقال سفيان : الحديث الذي حدثتني به عن أم صالح ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « كل كلام ابن آدم هو عليه إلا أمرا بمعروف ، أو نهيا عن منكر ، أو ذكرا لله » قال : فقال رجل : ما أشد هذا الحديث . قال : فقال سفيان : « وأين شدته ؟ أليس يقول : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا (1) ) ؟ أليس يقول الله : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس (2) ) ؟ أليس الله عز وجل يقول : ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير (3) ) »
__________
(1) سورة : النبأ آية رقم : 38
(2) سورة : النساء آية رقم : 114
(3) سورة : سبأ آية رقم : 23

(1/16)


15 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد قال : « قال عيسى عليه السلام : طوبى (1) على من بكى على خطيئته ، وخزن لسانه ، ووسعه بيته »
__________
(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها

(1/17)


16 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن يزيد بن حيان ، عن عنبس بن عقبة التيمي قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أفقر - وقال أبو معاوية : أحوج - إلى طول سجن من لسان »

(1/18)


17 - حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا سليم بن أخضر ، حدثنا ابن عون ، حدثني عطاء البزاز ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : « لا يتقي الله عز وجل رجل أو أحد حق تقاته حتى يخزن من لسانه »

(1/19)


18 - حدثنا أبو عمر التميمي ، حدثني أبي ، عن أبي بكر النهشلي ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه كان على الصفا يلبي (1) ويقول : يا لسان ، قل خيرا تغنم ، أو أنصت تسلم ، من قبل أن تندم ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، هذا شيء تقوله ، أو شيء سمعته ؟ قال : لا ، بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه »
__________
(1) التلبية : أصل التلبية الإقامة بالمكان ، وإجابة المنادي ، ولبى بالحج قال : لبيك اللهم لبيك

(1/20)


19 - حدثنا الفضيل بن عبد الوهاب ، وعلي بن الجعد ، وأحمد بن عمران الأخنسي ، قالوا : حدثنا النضر بن إسماعيل ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : رأيت أبا بكر رضي الله عنه آخذا بطرف لسانه وهو يقول : « هذا أوردني الموارد »

(1/21)


20 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه رضي الله عنهما قال : أخذ أبو بكر الصديق رضي الله عنه لسانه وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وقاه الله عز وجل شر ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة »

(1/22)


21 - حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا شبابة بن سوار ، عن المغيرة بن مسلم ، عن هشام بن أبي إبراهيم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كف لسانه ستر الله عز وجل عورته (1) ، ومن ملك غضبه وقاه الله عز وجل عذابه ، ومن اعتذر إلى الله عز وجل قبل عذره »
__________
(1) العورة : العيب والخلل وسوأة الإنسان ، وكل ما يستحيا منه إذا ظهر

(1/23)


22 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة : أن معاذ بن جبل ، رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، أوصني . قال : « اعبد الله كأنك تراه ، واعدد نفسك في الموتى ، وإن شئت أنبأتك بما هو أملك بك من هذا كله » قال : « هذا » وأتى بيده إلى لسانه

(1/24)


23 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « ما شيء أحق بطول سجن من اللسان »

(1/25)


24 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، قال : قال عبد الله بن عمرو : « دع ما لست منه في شيء ، ولا تنطق فيما لا يعنيك ، واخزن لسانك كما تخزن ورقك (1) »
__________
(1) الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.

(1/26)


25 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا المسعودي ، عن رجل ، من همدان ، عن الشعبي ، قال : قلت لعبد الله بن عمرو : حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ودع الكتب ؛ فإني لا أعبأ بها شيئا . فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما كره ربه »

(1/27)


26 - حدثنا العباس العنبري ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا إسرائيل ، عن هلال ، عن أبي بشر ، عن أبي وائل عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كسب طيبا ، وعمل في سنة ، وأمن الناس بوائقه (1) دخل الجنة »
__________
(1) بوائقه : ظلمه وشروره ومصائبه

(1/28)


27 - حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن صفوان بن سليم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن : الصمت وحسن الخلق »

(1/29)


28 - حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، وحميد ، عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « المؤمن من أمنه الناس ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر السوء ، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه (1) »
__________
(1) بوائقه : ظلمه وشروره ومصائبه

(1/30)


29 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا النضر بن إسماعيل ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام أفضل ؟ قال : « من سلم المسلمون من لسانه ويده »

(1/31)


30 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن نسير بن ذعلوق ، عن بكر بن ماعز ، عن الربيع بن خثيم قال : « يا بكر بن ماعز ، اخزن لسانك إلا مما لك ولا عليك »

(1/32)


31 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي الأغر ، عن وهب بن منبه ، قال في حكم آل داود : « حق على العاقل أن يكون عارفا بزمانه ، حافظا للسانه ، مقبلا على شأنه »

(1/33)


32 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن أبي حيان التيمي قال : « كان يقال : ينبغي للرجل أن يكون أحفظ للسانه منه لموضع قدمه »

(1/34)


33 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد ، قال : بلغني أن محمد بن واسع ، كان في مجلس ، فتكلم رجل فأكثر الكلام ، فقال محمد : « ما على أحدكم لو سكت فتنقى وتوقي »

(1/35)


34 - حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا علي بن ثابت ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه »

(1/36)


35 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا خلف بن تميم ، عن عبد الله بن محمد الأنصاري ، عن الأوزاعي قال : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رحمه الله برسالة لم يحفظها غيري وغير مكحول : « أما بعد ، فإنه من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ، ومن عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا ينفعه »

(1/37)


36 - حدثني هارون بن عبد الله ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، عن وهيب بن الورد رحمه الله ، قال : كان يقال : « الحكمة عشرة أجزاء : فتسعة منها في الصمت ، والعاشرة عزلة الناس »

(1/38)


37 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا أبو إسحاق الطالقاني ، عن عبد الله بن المبارك ، رحمه الله تعالى ، قال : قال بعضهم في تفسير العزلة : « هو أن يكون مع القوم ، فإن خاضوا في ذكر الله ، فخض معهم ، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت »

(1/39)


38 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، عن محمد بن مزاحم ، عن وهيب بن الورد قال : « وجدت العزلة (1) اللسان »
__________
(1) العزلة : البعد والتنحي

(1/40)


39 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، قال : « قال بعض الماضين : إنما لساني سبع ، إن أرسلته خفت أن يأكلني »

(1/41)


40 - حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني سفيان بن حمزة الأسلمي ، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت »

(1/42)


41 - حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا حزم بن أبي حزم ، قال : سمعت الحسن يقول : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « رحم الله عبدا تكلم فغنم ، أو سكت فسلم »

(1/43)


42 - حدثنا شجاع بن الأشرس ، حدثنا ليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي شريح رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت »

(1/44)


43 - حدثنا مهدي بن حفص ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن مطعم بن المقدام الصنعاني ، عن عنبسة بن سعيد الكلاعي ، عن نصيح العنسي ، عن ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « طوبى (1) لمن أنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله »
__________
(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها

(1/45)


44 - حدثني هارون بن عبد الله ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : قال رجل لسلمان رضي الله عنه : أوصني . قال : « لا تكلم » . قال : وكيف يصبر رجل على أن لا يتكلم ؟ قال : « فإن كنت لا تصبر عن الكلام فلا تتكلم إلا بخير أو اصمت »

(1/46)


45 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن مسلم ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنه : « يا لسان ، قل خيرا تغنم ، أو اسكت عن شر تسلم »

(1/47)


46 - حدثنا إسحاق ، حدثنا سفيان ، قال : « قالوا لعيسى ابن مريم عليه السلام : دلنا على عمل ندخل به الجنة ؟ قال : لا تنطقوا أبدا . قالوا : لا نستطيع ذلك . قال : فلا تنطقوا إلا بخير »

(1/48)


47 - حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا سهل بن هاشم ، عن الأوزاعي ، قال : « قال سليمان بن داود صلى الله عليهما وسلم : إن كان الكلام من فضة ، فالصمت من ذهب »

(1/49)


48 - حدثني علي بن الحسين ، عن حبان بن هلال ، حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : سمعت مالك بن دينار رحمه الله ، يقول : « لو كلف الناس الصحف (1) لأقلوا الكلام »
__________
(1) الصحيفة : ما يكتب فيه من ورق ونحوه

(1/50)


49 - حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي ، حدثنا سفيان ، قال : قال وهيب بن الورد رحمه الله : « إن الرجل ليصمت ، فيجتمع إليه لبه »

(1/51)


50 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن خلف بن تميم ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، قال : كان إبراهيم بن أدهم ، رحمه الله ، يطيل السكوت ، فإذا تكلم ربما انبسط قال : فأطال ذات يوم السكوت ، فقلت : لو تكلمت فقال : « الكلام على أربعة وجوه : فمن الكلام كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته ، والفضل في هذا السلامة منه ، ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته فأقل ما لك في تركه خفة المؤنة على بدنك ولسانك ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ، ولا تأمن عاقبته ، فهذا قد كفى العاقل مؤنته ، ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته فهذا الذي يجب عليك نشره » قال خلف : فقلت لأبي إسحاق : أراه قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام . قال : « نعم »

(1/52)


51 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن زيد بن الحباب ، حدثنا محمد بن حوشب ، قال : سمعت أبا عمران الجوني يقول : « إنما لسان أحدكم كلب ، فإذا سلطه على نفسه أكله »

(1/53)


52 - وحدثني ابن أبي مريم ، عن يحيى بن إسحاق ، حدثنا أبو الأحوص ، عن محمد بن النضر الحارثي قال : « كان يقال : كثرة الكلام تذهب بالوقار »

(1/54)


53 - حدثني أحمد بن عبيد التيمي ، حدثنا عبيد الله بن محمد التميمي ، حدثنا دريد بن مجاشع ، عن غالب القطان ، عن مالك بن دينار ، عن الأحنف بن قيس قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « من كثر كلامه كثر سقطه »

(1/55)


54 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني خلف بن إسماعيل قال : « قال لي رجل من عقلاء الهند : كثرة الكلام تذهب بمروءة الرجل »

(1/56)


55 - قال محمد بن الحسين : سمعت محمد بن عبد الوهاب السكري ، يقول : الصمت يجمع للرجل خصلتين : السلامة في دينه ، والفهم عن صاحبه

(1/57)


56 - قال محمد : حدثنا قبيصة ، قال : قال داود الطائي لمحمد بن عبد العزيز ذات يوم : « أما علمت أن حفظ اللسان أشد الأعمال وأفضلها ؟ » قال محمد : بلى ، وكيف لنا بذاك ؟

(1/58)


57 - حدثنا علي بن أبي مريم ، عن أحمد بن إسحاق الحضرمي ، حدثنا جعفر الخراز ، قال : سمعت محمد بن واسع يقول لمالك بن دينار : « أبا يحيى ، حفظ اللسان على الناس أشد من حفظ الدنانير والدراهم »

(1/59)


58 - حدثنا علي بن الحسن ، عن خلف بن الوليد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن عمران بن يزيد ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « اللسان قوام البدن ، فإذا استقام اللسان استقامت الجوارح ، وإذا اضطرب اللسان لم يقم له جارحة »

(1/60)


59 - حدثني علي بن الحسن ، عن يحيى بن أبي بكير ، حدثنا عباد بن الوليد القرشي ، قال : قال الحسن رضي الله عنه : « اللسان أمير البدن ، فإذا جنى على الأعضاء بشيء جنت ، وإن عف عفت »

(1/61)


60 - حدثني الحسن بن الصباح ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن سليمان بن المغيرة ، قال : سمعت يونس بن عبيد يقول : « ما من الناس أحد يكون لسانه منه على بال ، إلا رأيت صلاح ذلك في سائر عمله »

(1/62)


61 - وحدثني محمد بن الحسين ، عن عبيد الله بن محمد التيمي ، قال : قيل لأحنف بن قيس يوم قطري : تكلم ، قال : « أخاف ورطة لساني »

(1/63)


62 - حدثني داود بن عمرو الضبي ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا ابن عون ، عن الحسن رضي الله عنه قال : كانوا يتكلمون عند معاوية رضي الله عنه والأحنف ساكت فقالوا : ما لك لا تكلم يا أبا بحر ؟ قال : « أخشى الله إن كذبت ، وأخشاكم إن صدقت »

(1/64)


63 - حدثنا أبو بكر بن أبي النضر ، حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي قال : سمعت الأعمش يحدث ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم قال أيمن أحدكم وأشأمه بين لحييه يعني لسانه

(1/65)


64 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا ابن لهيعة ، حدثني خالد بن أبي عمران : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك لسانه طويلا ثم قال : « رحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو سكت عن سوء فسلم »

(1/66)


65 - حدثني هاشم بن الوليد أبو طالب الهروي سألته فقال : سمعت أبا بكر بن عياش رحمه الله قال : « اجتمع أربعة ملوك فرموا رمية واحدة بكلمة واحدة ، ملك الهند ، وملك الصين ، وكسرى ، وقيصر ، قال أحدهم : أنا أندم على ما قلت ، ولا أندم على ما لم أقل . وقال الآخر : إني إذا تكلمت ملكتني ولم أملكها ، وإذا لم أتكلم ملكتها ولم تملكني . وقال الثالث : عجبت للمتكلم إن رجعت عليه كلمته ضرته ، وإن لم ترجع لم تنفعه . وقال الرابع : أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت »

(1/67)


66 - وحدثني هارون بن أبي يحيى السلمي ، عن حفص بن عمرو أبي عمر العمري ، عن لقيط بن بكير المحاربي ، قال : قال الشعبي : قلت للهيثم بن الأسود النخعي : « أي الثلاثة أشعر منك ، ومن الأعور الشني ، وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت حيث تقول : وأعلم علما ليس بالظن أنه إذا زال مال المرء فهو ذليل ، وأن لسان المرء ما لم يكن له حصاة على عوراته (1) لدليل ، أم الأعور الشني حيث يقول : لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فهل بعد إلا صورة اللحم والدم ، وكائن ترى من ساكت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم ، أو عبد الرحمن بن حسان حيث يقول : ترى المرء مخلوقا وللعين حظها وليس بأحناء الأمور بخابر ، وذاك كماء البحر لست مسيغه وتعجب منه ساجنا كل ناظر » فقال الهيثم : هيهات ، الأعور أشعرنا
__________
(1) العورة : العيب والخلل وسوأة الإنسان ، وكل ما يستحيا منه إذا ظهر

(1/68)


67 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا عيسى بن عبد الرحمن ، حدثني طلحة الأيامي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عوسجة ، عن البراء رضي الله عنه قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل يدخلني الجنة . قال : « أطعم الجائع ، واسق الظمآن ، وأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، فإن لم تطق فلق لسانك إلا من خير »

(1/69)


68 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي مراوح الليثي ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « كف شرك عن الناس ؛ فإنها صدقة منك على نفسك »

(1/70)


باب النهي عن فضول الكلام ، والخوض في الباطل

(1/71)


69 - حدثنا مهدي بن حفص ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن مطعم بن المقدام الصنعاني ، عن عنبسة بن سعيد الكلاعي ، عن نصيح العنسي ، عن ركب المصري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « طوبى (1) لمن أنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله »
__________
(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها

(1/72)


70 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا أبو معاوية ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن جده ، علقمة بن وقاص ، عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الرجل ليتكلم بالكلمة ، من رضوان الله ، ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ، من سخط (1) الله ، ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عليه بها سخطه (2) إلى يوم القيامة » قال : وكان علقمة يقول : « كم من كلام منعنيه حديث بلال بن الحارث رضي الله عنه »
__________
(1) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
(2) سخطه : غضبه

(1/73)


71 - حدثنا الحسن بن عيسى ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا الزبير بن سعيد ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك منها جلساءه يهوي بها أبعد من الثريا (1) »
__________
(1) الثريا : مجموعة من نجوم السماء

(1/74)


72 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : « إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي (1) بها في جهنم ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا ، يرفعه الله بها إلى الجنة »
__________
(1) يهوي : يسقط

(1/75)


73 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا مهدي بن ميمون ، عن غيلان بن جرير ، عن مطرف بن عبد الله ، عن أبيه رضي الله عنهما قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط (1) من بني عامر فقالوا : أنت والدنا ، وأنت سيدنا ، وأنت أفضلنا علينا فضلا وأنت أطولنا علينا طولا ، وأنت الجفنة (2) الغراء ، وأنت أنت . فقال : « قولوا بقولكم ، ولا يستهوينكم (3) الشيطان »
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
(2) الجفان : جمع جفنة وهي القصعة أو البئر الصغيرة
(3) استهواه : دفعه إلى اتباع الهوى

(1/76)


74 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا أبو جعفر الرازي ، عن قتادة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل »

(1/77)


75 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، قال : قال سلمان رضي الله عنه : « أكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم كلاما في معصية الله »

(1/78)


76 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن صالح بن حيان ، عن حصين بن عقبة قال : قال عبد الله رضي الله عنه : « إن أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل »

(1/79)


77 - حدثني أبي ، أخبرنا ابن علية ، عن الليث ، عن عطاء ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « أنذرتكم فضول الكلام ، بحسب أحدكم ما بلغ حاجته »

(1/80)


78 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، وغيره ، قالوا : أخبرنا يعلى بن عبيد ، قال : دخلنا على محمد بن سوقة ، فقال : أحدثكم بحديث لعله ينفعكم ، فإنه قد نفعني ، قال لنا عطاء بن أبي رباح : « يا بني أخي ، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام ، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه ، أو تأمر بمعروف ، أو تنهى عن منكر ، أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها ، أتنكرون ( إن عليكم لحافظين كراما كاتبين (1) ) ، ( عن اليمين وعن الشمال قعيد (2) ) ، ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (3) ) أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملى صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه »
__________
(1) سورة :
(2) سورة : ق آية رقم : 17
(3) سورة : ق آية رقم : 18

(1/81)


79 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن جابر ، عن مجمع التيمي ، عن رجل ، يدعى زيدا أو يزيد ، عن علي رضي الله عنه قال : « لسان الإنسان قلم الملك ، وريقه مداده (1) »
__________
(1) المداد : الحِبْرُ وكل وسائل يُكْتَبُ به

(1/82)


80 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الله بن العيزار ، عن صاحب ، له عن أبي تميمة السلمي ، قال : سمعت الأحنف بن قيس يقول : قال الله عز وجل : ( عن اليمين وعن الشمال قعيد (1) ) « فصاحب اليمين يكتب الخير ، وهو أمين على صاحب الشمال ، فإن أصاب العبد خطيئة قال : أمسك . فإن استغفر الله نهاه أن يكتبها ، وإن أبى (2) إلا أن يصر كتبها »
__________
(1) سورة : ق آية رقم : 17
(2) أبى : رفض وامتنع

(1/83)


81 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (1) ) قال : « الملكان »
__________
(1) سورة : ق آية رقم : 18

(1/84)


82 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا المعتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد قال : « إن الكلام ليكتب حتى إن الرجل ليسكت ابنه : أبتاع لك كذا وكذا ، وأفعل كذا وكذا ، فيكتب كذيبة »

(1/85)


83 - حدثنا علي بن الحسين ، عن خالد بن يزيد ، عن مندل بن علي ، عن عبد الله بن مروان ، عن يزيد بن علي رضي الله عنه قال : « إذا خرجت الكلمة من فم الإنسان نظر الملك ، فإذا كان أراد شرا أمضاها ، وإن كان لم يرد شرا وإنما كانت فلتة ، قال له صاحبه : لا تعجل لعله أن يستغفر الله منها ، فإن استغفر لم تكتب ، وكتب له حسنات الاستغفار »

(1/86)


84 - وحدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عقبة بن أبي الصهباء ، حدثنا قرة بن عيسى ، عن هارون البربري ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن الأحنف بن قيس قال : « يوحي الله تعالى إلى الحافظين اللذين مع ابن آدم : لا تكتبا على عبدي في ضجره شيئا »

(1/87)


85 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي ، حدثنا يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن قال : « يا ابن آدم ، بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان يكتبان عملك ، فأمل ما شئت فأكثر أو أقل »

(1/88)


86 - حدثني سويد بن سعيد ، حدثنا مروان بن معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن طارق بن شهاب قال : « بعث سليمان بن داود عليهما السلام بعض عفاريته ، وبعث نفرا ينظرون ما يقول ويخبرونه ، قال : فأخبروه أنه مر على السوق فرفع رأسه إلى السماء ، ثم نظر إلى الناس وهز رأسه ، فسأله سليمان لم فعل ذلك ؟ قال : عجبت من الملائكة على رءوس الناس ، ما أسرع ما يكتبون ، ومن الذين أسفل منهم ما أسرع ما يملون »

(1/89)


87 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن نسير بن ذعلوق ، عن بكر بن ماعز قال : كان الربيع بن خثيم يقول : « لا خير في الكلام إلا في تسع : تهليل ، وتكبير ، وتسبيح ، وتحميد ، وسؤالك عن الخير ، وتعوذك من الشر ، وأمرك بالمعروف ، ونهيك عن المنكر ، وقراءتك القرآن »

(1/90)


88 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن عثمان بن زفر التيمي ، حدثنا محمد بن عبد العزيز التيمي ، قال : ذكر الحي ، عن إبراهيم قال : « المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر ، فإن كان كلامه له تكلم ، وإن كان عليه أمسك عنه ، والفاجر (1) إنما لسانه رسلا رسلا »
__________
(1) الفاجر : العاصي غير المكترث بما يفعل

(1/91)


89 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا ابن لهيعة ، عن عياش بن عباس ، عن شييم بن بيتان ، عن شفي الأصبحي ، قال : « من كثر كلامه ، كثرت خطيئته »

(1/92)


90 - حدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا وهيب ، عن هشام ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « من كثر ماله ، كثرت ذنوبه ، ومن كثر كلامه ، كثر كذبه ، ومن ساء خلقه ، عذب نفسه »

(1/93)


91 - وحدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا إسماعيل بن عياش ، حدثني عقيل بن مدرك : أن رجلا قال لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أوصني ، قال : « عليك بالصمت إلا في حق ؛ فإنك به تغلب الشيطان »

(1/94)


92 - وحدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، قال : قال عبد الله رضي الله عنه ، كان طاوس رضي الله عنه يعتذر من طول السكوت ، ويقول : « إني جربت لساني فوجدته لئيما راضعا »

(1/95)


93 - حدثني إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا محمد بن مقاتل ، حدثنا ابن المبارك ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، قال : تكلم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كم دون لسانك من باب ؟ » قال : أسناني وشفتاي . قال : « أما كان في ذلك ما يرد كلامك ؟ »

(1/96)


94 - وبلغني عن ابن عائشة ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي عثمان ، قال : أثنى رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فاستخفر في الثناء ، فقال : « كم بينك وبين لسانك من حجاب ؟ » قال : شفتاي وأسناني . قال : « أما كان فيهما ما يرد فضل قولك عنا منذ اليوم ؟ » ثم قال : « ما أوتي رجل شرا من فضل في لسان »

(1/97)


95 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا مجالد بن سعيد ، عن الشعبي رضي الله عنه قال : « ما من خطيب يخطب إلا عرضت عليه خطبته يوم القيامة »

(1/98)


96 - حدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن رجاء أبي المقدام ، عن نعيم ، كاتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال عمر بن عبد العزيز : « إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة »

(1/99)


97 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا رشدين بن سعد ، حدثنا الحجاج بن شداد ، أنه سمع عبيد الله بن أبي جعفر ، - وكان أحد الحكماء - يقول في بعض قوله : « إذا كان المرء يحدث في مجلس فأعجبه الحديث ، فليسكت ، وإن كان ساكتا فأعجبه السكوت فليتحدث »

(1/100)


98 - وحدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرني رجل ، من أهل الشام ، عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه قال : « من فتنة العالم ، أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع ، وإن وجد من يكفيه ، فإن في الاستماع سلامة ، وزيادة في العلم . والمستمع شريك المتكلم في الكلام ، إلا من عصم الله . ترمق وتزين ، وزيادة ونقصان »

(1/101)


99 - حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « إن أحق ما طهر الرجل لسانه »

(1/102)


100 - حدثني الفضل بن يعقوب ، حدثنا سعيد بن مسلمة ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال : رأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان ، فقال : « لو كانت هذه خرساء كان خيرا لها »

(1/103)


101 - وحدثني الفضل بن يعقوب ، حدثنا أبو عصام العسقلاني ، حدثنا سفيان ، عن طلحة ، عن عطاء رضي الله عنه : ( وأصلحنا له زوجه (1) ) قال : « كان في لسانها طول »
__________
(1) سورة : الأنبياء آية رقم : 90

(1/104)


102 - حدثني العباس العنبري ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يرى أن تبلغ به حيث بلغت ترديه في النار أربعين خريفا (1) »
__________
(1) الخَرِيف : الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله

(1/105)


103 - حدثني محمد بن عبد الملك ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن حماد ، عن إبراهيم رحمه الله قال : « يهلك الناس في خلتين (1) : فضول المال ، وفضول الكلام »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(1/106)


104 - حدثني الحسن بن الصباح ، حدثنا قبيصة ، عن سفيان الثوري ، عن أبي حيان التيمي ، عن إبراهيم التيمي رحمه الله قال : « ما عرضت قولي على عملي ، إلا خشيت أن أكون مكذبا »

(1/107)


105 - حدثني الحسن بن الصباح ، حدثنا شعيب بن حرب ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن محمد بن سيرين قال : « كان رجل من الأنصار يمر بمجلس لهم فيقول : توضئوا ؛ فإن بعض ما تقولون شر من الحدث »

(1/108)


106 - حدثني الحسن بن الصباح ، حدثنا شعيب بن حرب ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : « الوضوء من الحدث (1) ، وأذى المسلم »
__________
(1) الحدث : فعل ما ينقض الوضوء ويزيل الطهارة

(1/109)


باب النهي عن الكلام فيما لا يعنيك

(1/110)


107 - حدثنا علي بن الجعد ، وخالد بن خداش ، وخلف بن هشام ، قالوا : حدثنا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « » من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (1) « »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/111)


108 - حدثني سعد بن زنبور الهمداني ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله العمري ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (1) »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/112)


109 - حدثني عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن الأعمش ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : « استشهد غلام منا يوم أحد ، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع ، فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت : هنيئا لك يا بني الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : » وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه (1) ، ويمنع ما لا يضره «
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/113)


110 - حدثنا أحمد بن عيسى المصري ، حدثنا ضمام بن إسماعيل الإسكندراني ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، وموسى بن وردان ، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كعبا فسأل عنه ، فقالوا : مريض ، فخرج يمشي حتى أتاه ، فلما دخل عليه ، قال : « أبشر يا كعب » فقالت أمه : هنيئا لك الجنة يا كعب . فقال : « من هذه المتآلية على الله ؟ » قال : هي أمي يا رسول الله . فقال : « وما يدريك يا أم كعب ، لعل كعبا قال ما لا يعنيه (1) ، أو منع ما لا يغنيه »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/114)


111 - وحدثنا علي بن الجعد ، أخبرني أبو معشر ، عن محمد بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أول من يدخل هذا الباب رجل من أهل الجنة » فدخل عبد الله بن سلام ، فقام إليه ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه بقول النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : فأخبرنا بأوثق (1) عملك في نفسك ترجو به ، قال : إني لضعيف ، وإن أوثق ما أرجو به لسلامة الصدر وترك ما لا يعنيني (2)
__________
(1) أوثق : أفضل وأحسن
(2) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/115)


112 - حدثني هارون بن عبد الله ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، عن وهيب بن الورد ، رحمه الله بلغه : أن أبا ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أعلمك بعمل خفيف على البدن ، ثقيل في الميزان ؟ » قلت : بلى يا رسول الله . قال : « هو الصمت ، وحسن الخلق ، وترك ما لا يعنيك »

(1/116)


113 - وحدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، قال : دخل على أبي دجانة وهو مريض ، ووجهه يتهلك ، فقال : ما من عملي شيء أوثق في نفسي من اثنتين : لم أتكلم فيما لا يعنيني (1) ، وكان قلبي للمسلمين سليما
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/117)


114 - حدثني أبو محمد العتكي عبد الرحمن بن صالح ، حدثني أبو هارون ، جليس لأبي بكر بن عياش ، عن محرز التيمي ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعته يقول : « خمس لهن أحسن من الدهم الموقفة : لا تتكلم فيما لا يعنيك ، فإنه فضل ، ولا آمن عليك الوزر (1) ، ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعا ، فإنه رب متكلم في أمر يعنيه (2) ، قد وضعه في غير موضعه فعنت ، ولا تمار (3) حليما ولا سفيها (4) فإن الحليم يقليك ، وإن السفيه يؤذيك ، واذكر أخاك إذا تغيب عنك مما تحب أن يذكرك به ، واعفه عما تحب أن يعفيك منه ، واعمل عمل رجل يرى أنه مجازى بالإحسان ، مأخوذ بالإجرام »
__________
(1) الوِزْر : الحِمْل والثِّقْل، وأكثر ما يُطْلَق في الحديث على الذَّنْب والإثم. يقال : وَزَرَ يَزِرُ ٌ، إذا حَمل ما يُثْقِل ظَهْرَه من الأشياء المُثْقَلة ومن الذنوب.
(2) عناه الأمر : خصه وأهمه
(3) المراء : الجدال والمناظرة والتنازع
(4) السَّفَه : الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لا اسِتقامَةَ له، والسفيه : الجاهلُ

(1/118)


115 - حدثنا علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن سيار أبي الحكم قال : « قيل للقمان الحكيم : ما حكمتك ؟ قال : لا أسأل عما كفيت (1) ولا أتكلف ما لا يعنيني (2) »
__________
(1) كفى : عصم وحفظ
(2) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/119)


116 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو شهاب ، عن عمرو بن قيس : « أن رجلا مر بلقمان - والناس عنده - فقال : ألست عبد بني فلان ؟ قال : بلى . الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا ؟ قال : بلى . قال : فما الذي بلغ ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، وطول السكوت عما لا يعنيني (1) »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/120)


117 - حدثني أبي ، أخبرنا إسماعيل بن علية ، عن داود بن أبي هند ، قال : بلغني أن معاوية رضي الله عنه قال لرجل : « ما بقي من حلمك ؟ » قال : لا يعنيني (1) ما لا يعنيني
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/121)


118 - حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا عفان ، عن جعفر بن سليمان ، عن المعلى بن زياد ، قال : قال مورق العجلي : « أمر أنا أطلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه » . قالوا : ما هو أبا المعتمر ؟ قال : « الصمت عما لا يعنيني (1) »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/122)


119 - حدثني علي بن الحسين ، عن داود بن المحبر ، حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : سمعت شميطا العنسي يقول : « من لزم ما يعنيه (1) أوشك أن يترك ما لا يعنيه »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/123)


120 - حدثنا عبد الله بن خيران ، أخبرنا المسعودي ، عن وديعة يعني الأنصاري ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « لا تعرض لما لا يعنيك ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك من القوم إلا الأمين ، ولا أمين إلا من خشي الله تعالى ، ولا تصحب الفاجر لتعلم من فجوره ، ولا تطلعه على سرك ، واستشر في أمرك الذين يخشون الله » حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا حبان بن علي ، عن محمد بن عجلان ، عن إبراهيم بن مرة ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نحوه

(1/124)


121 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عمرو بن هاشم ، عن ثابت الثمالي ، عن أبي جعفر قال : « كفى عيبا أن يبصر العبد من الناس ما يعمى عليه من نفسه ، وأن يؤذي جليسه فيما لا يعنيه (1) »
__________
(1) عناه الأمر : خصه وأهمه

(1/125)


باب ذم المراء

(1/126)


122 - حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا المحاربي ، عن ليث ، عن عبد الملك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تمار (1) أخاك ولا تمازحه ، ولا تعده موعدا فتخلفه »
__________
(1) المراء : الجدال والمناظرة والتنازع

(1/127)


123 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن الحكم ، قال : قال عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمهما الله : « لا أماري صاحبي ، فإما أن أكذبه ، وإما أن أغضبه »

(1/128)


124 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد ، عن محمد بن واسع ، قال : كان مسلم بن يسار يقول : « إياكم والمراء (1) ، فإنها ساعة جهل العالم ، وبها يبتغي (2) الشيطان زلته » قال حماد : فقال لنا محمد : « هذا الجدال هذا الجدال »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة
(2) الابتغاء : الطلب والالتماس

(1/129)


125 - حدثنا خالد بن خداش ، ثنا حماد بن زيد ، عن محمد بن واسع ، قال : رأيت صفوان بن محرز في المسجد ، وقريبا منه ناس يتجادلون ، فرأيته قام فنفض ثيابه ، وقال : « إنما أنتم حراب »

(1/130)


126 - حدثنا محمد بن إسحاق الباهلي ، حدثنا سفيان ، قال : حدثني رجل صالح ، قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « المراء (1) لا تعقل حكمته ، ولا تؤمن فتنته »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/131)


127 - وحدثني علي بن الحسين ، عن زيد بن الحباب ، عن صالح بن موسى ، عن أبيه ، قال : سمع الربيع بن خثيم ، رجلا يلاحي (1) رجلا فقال : « مه (2) لا تلفظ إلا بخير ، ولا تقل لأخيك إلا ما تحب أن تسمعه من غيرك ، فإن العبد مسئول عن لفظه محصي عليه ذلك كله : ( أحصاه الله ونسوه (3) ) »
__________
(1) تلاحى الرجلان : تنازعا وتشاتما
(2) مه : كلمة زجر بمعنى كف واسكت وانته
(3) سورة : المجادلة آية رقم : 6

(1/132)


128 - حدثني علي بن الحسين ، عن إبراهيم بن مهدي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن مهاجر ، قال : سمعت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : « إذا سمعت المراء (1) فأقصر »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/133)


129 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن برد ، عن سليمان بن موسى ، قال : قال أبو الدرداء رضي الله عنه : « كفى بك إثما (1) أن لا تزال مماريا (2) »
__________
(1) الإثم : الذنب والوزر والمعصية
(2) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/134)


130 - حدثني أبو سلمة المخزومي يحيى بن المغيرة ، حدثني أخي محمد بن المغيرة ، عن عبد الله بن الحارث الجمحي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « ولا يتعلم العلم لثلاث ولا يترك لثلاث : لا يتعلم ليمارى به ، ولا يباهى به ، ولا يراءى به ، ولا يترك حياء من طلبه ، ولا زهادة فيه ، ولا رضا بالجهل منه »

(1/135)


131 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة ، حدثنا المبارك بن سعيد ، حدثنا حميد الملائي ، عن مجاهد رحمه الله ، قال : « كان لي صديق من قريش فقلت له : تعال حتى أواضعك الرأي ، فأنظر أين تقع من رأيي ، وأين أقع من رأيك ؟ فقال : دع الود كما هو » قال مجاهد : « فغلبني القرشي »

(1/136)


132 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا حماد بن مالك الدمشقي ، حدثنا عبد العزيز بن حصين قال : « بلغني أن عيسى ابن مريم عليه السلام ، قال : من كثر كذبه ذهب جماله ، ومن لاحى (1) الرجال سقطت مروءته ، ومن كثر همه سقم (2) جسمه ، ومن ساء خلقه عذب نفسه »
__________
(1) لاحاه : نازعه وخاصمه
(2) السقم : المرض

(1/137)


133 - حدثني نصر بن علي الجهضمي ، أخبرني أبي ، عن يحيى بن المتوكل ، عن إسماعيل بن رافع ، عن ابن أم سلمة ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أول ما عهد إلي ربي ، ونهاني عنه - بعد عبادة الأوثان ، وشرب الخمر : - : ملاحاة الرجال »

(1/138)


134 - حدثنا بشر بن معاذ ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، حدثنا الحجاج بن دينار ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما ضل قوم إلا أوتوا الجدل »

(1/139)


135 - وحدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا ابن فضيل ، عن حجاج بن دينار الشاعر ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما ضل قوم - بعد هدى كانوا عليه - إلا أوتوا الجدل (1) » ، ثم قرأ : ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون (2) )
__________
(1) الجدَل والجدال : مُقابَلة الحُجَّة بالحجَّة. والمُجَادَلَة : المُناظَرةُ والمخاصَمة. وطَلبُ المغالَبة
(2) سورة : الزخرف آية رقم : 58

(1/140)


136 - حدثنا جعفر ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني رشدين ، عن العمري ، عن هشام بن عروة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رحم الله من كف لسانه عن أهل القبلة ، إلا بأحسن ما يقدر عليه » يردد قوله سبع مرات

(1/141)


137 - حدثني العباس بن جعفر ، حدثنا هاشم بن الوليد ، قال : سمعت الفضيل بن عياض رحمه الله ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين قال : « كنا نحدث أن أكثر ، الناس خطايا ، أفرغهم لذكر خطايا الناس »

(1/142)


138 - حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، عن عباد بن العوام ، عن عبد الله بن سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان ، حتى يدع المراء (1) وإن كان محقا ، ويدع كثيرا من الحديث مخافة الكذب »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/143)


139 - حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا أنس بن عياض ، عن سلمة بن وردان ، قال : حدثني مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه ، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وجبت (1) ، وجبت ، وجبت » فقال أصحابه : ما هذا الذي قلت يا رسول الله ؟ قال : « من ترك المراء (2) وهو محق ، بني له في ربض (3) الجنة ، ومن ترك الكذب بني له في ربض الجنة ، ومن حسن خلقه بني له في ربض الجنة »
__________
(1) وجب : ثبت وحُقَّ ولزم
(2) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة
(3) ربض الجنة : ما حَوْلها خارجا عنها، تَشْبيها بالأبْنِيَة التي تكون حول المُدُن وتحت القِلاَع.

(1/144)


140 - حدثنا أحمد بن المقدام العجلي ، حدثنا أمية بن خالد ، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ، قال : حدثني ابن كعب بن مالك ، عن أبيه رضي الله عنهم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من طلب العلم ليجاري (1) به العلماء أو يماري (2) به السفهاء ، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار »
__________
(1) يجاري : يجادل ويناظر
(2) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/145)


141 - حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن داود بن شابور ، قال : سمعته من شهر بن حوشب قال : « قال لقمان عليه السلام لابنه : أي بني ، لا تعلم العلم تباهي به العلماء ، أو تماري (1) به السفهاء ، أو ترائي به في المجالس »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/146)


142 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن حريث بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تجار أخاك ، ولا تشاره ، ولا تماره (1) »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/147)


143 - وحدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا الفضيل ، عن ليث ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : « لا تمار (1) أخاك ، ولا تفاكهه » يعني المزاح
__________
(1) المراء : الجدال والمناظرة والتنازع

(1/148)


144 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا المسعودي ، حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، قال : حدثني مولاي عبد الله بن السائب قال : كنت شريك النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، فلما قدمنا المدينة قال لي : « أتعرفني ؟ » قلت : نعم ، كنت شريكي ، فنعم الشريك ، كنت لا تداري (1) ، ولا تماري (2) «
__________
(1) لا تداري : لا تخالف ولا تمانع
(2) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/149)


145 - حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا عتاب بن بشير ، عن علي بن بذيمة قال : قيل لميمون بن مهران : ما لك لا يفارقك أخ لك عن قلى ؟ قال : « إني لا أشاريه ، ولا أماريه »

(1/150)


باب ذم التقعر في الكلام

(1/151)


146 - حدثنا أبو خيثمة ، والقواريري ، قالا : حدثنا يحيى القطان ، عن ابن جريج ، أخبرني سليمان بن عتيق ، عن طلق بن حبيب ، عن الأحنف بن قيس ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ألا هلك المتنطعون » ثلاث مرات

(1/152)


147 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، حدثنا ديلم بن غزوان ، عن ميمون الكردي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أخوف ما أخاف على أمتي ، كل منافق عليم اللسان »

(1/153)


148 - حدثنا عبد الله ، ثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حفص بن غياث ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن مصعب بن سعد قال : جاء عمر بن سعد إلى أبيه يسأله حاجة ، فتكلم بين حاجته بكلام ، فقال له سعد رضي الله عنه : ما كنت من حاجتك أبعد منك اليوم ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يأتي الناس زمان ، يتخللون فيه الكلام بألسنتهم ، كما تتخلل (1) البقر الكلأ (2) بألسنتها »
__________
(1) تتخلل : تحرك لسانها في فمها وخلال أسنانها
(2) الكلأ : النَّبات والعُشْب رطبا كان أو يابسا

(1/154)


149 - حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني ، حدثنا علي بن ثابت ، عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، عن عبد الله بن حسين ، عن أمه ، عن فاطمة بنت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « شرار أمتي الذين غذوا بالنعم ، الذين يأكلون ألوان الطعام ، ويلبسون ألوان الثياب ، ويتشدقون في الكلام »

(1/155)


150 - حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، حدثنا أبو تميلة ، قال : حدثني أبو جعفر النحوي حدثنا صخر بن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن جده ، قال : بينما هو جالس بالكوفة في مجلس مع أصحابه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن من البيان (1) سحرا ، وإن من العلم جهلا ، وإن من الشعر حكما ، وإن من القول عيالا (2) » : فقال صعصعة بن صوحان - وهو أحدث القوم سنا : - : صدق الله ورسوله ، ولو لم يقلها كان كذلك . قال : فتوسمه رجل من الجلساء ، فقال له بعدما تصدع القوم من مجلسهم - : ما حملك على أن قلت صدق نبي الله ، وإن لم يقلها كان كذلك ؟ قال : بلى ، أما قول نبي الله صلى الله عليه وسلم : « إن من البيان سحرا » فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق ، فيسحر القوم ببيانه ، فيذهب بالحق وهو عليه ، وأما قوله : « إن من العلم جهلا » تكلف العالم إلى علمه ما لا يعلم فيجهله ذلك ، وأما قوله : « إن من الشعر حكما » فهي هذه المواعظ والأمثال التي يعظ بها الناس ، وأما قوله : « إن من القول عيالا » فعرضك كلامك وحديثك على من ليس من شأنه ولا يريده
__________
(1) البيان : الفصاحة وسهولة العبارة مع البلاغة في الكلام
(2) إن من القول عيالا : المراد عَرْضُ الحديث على من لا يريده وليس من شأنه ، كأنه لم يهتد لمن يطلب علمه فعرضه على من لا يريده

(1/156)


151 - حدثنا إسماعيل بن إسحاق الأزدي ، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي ، عن عبد الله بن عمر ، عن حميد الطويل ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إن شقاشق الكلام من شقاشق الشيطان »

(1/157)


باب ذم الخصومات

(1/158)


152 - حدثني أزهر بن مروان الرقاشي ، حدثنا مسكين أبو فاطمة ، حدثنا رجاء أبو يحيى ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من جادل في خصومة بغير علم ، لم يزل في سخط (1) الله حتى ينزع »
__________
(1) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به

(1/159)


153 - حدثنا علي بن الحسين العامري ، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، عن الأشجعي ، حدثنا الربيع بن الملاح ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : « إياكم والخصومة ، فإنها تمحق الدين » . وحدثني من سمعه يقول : « وتورث الشنآن وتذهب الاجتهاد »

(1/160)


154 - حدثني أبي ، وأحمد بن منيع ، قالا : حدثنا مروان بن شجاع ، عن عبد الكريم بن أبي أمية قال : « ما خاصم ورع (1) قط » - يعني - في الدين
__________
(1) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المُباح والحلال .

(1/161)


155 - حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي ، حدثنا أبو عوانة ، عن صالح بن مسلم ، قال : قال عامر : « لقد تركتني هذه الصعافقة ، وللمسجد أبغض (1) إلي من كناسة داري » يعني أصحاب القياس
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت

(1/162)


156 - حدثنا أبو خيثمة ، ثنا وكيع ، حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أبغض الرجال إلى الله الألد (1) الخصم »
__________
(1) الألد : شديد الخصومة

(1/163)


157 - حدثني أبو بكر محمد بن هاني ، حدثني أحمد بن شبويه ، حدثني سليمان بن صالح ، حدثني عبد الله بن المبارك ، عن جويرية بن أسماء ، عن سلم بن قتيبة ، قال : مر بي بشير بن عبد الله بن أبي بكرة ، فقال : « ما يجلسك ؟ » قلت : خصومة بيني وبين ابن عم لي ادعى شيئا في داري . قال : « فإن لأبيك عندي يدا ، وإني أريد أن أجزيك بها ، وإني والله ما رأيت من شيء أذهب لدين ، ولا أنقص لمروءة ، ولا أضيع للذة ، ولا أشغل لقلب من خصومة » . قال : فقمت لأرجع ، فقال : خصمي : ما لك ؟ قلت : لا أخاصمك . قال : عرفت أنه حقي ؟ قلت : لا ، ولكني أكرم نفسي عن هذا وسأبقيك بحاجتك . قال : فإني لا أطلب منك شيئا هو لك . قال : فمررت بعد ببشير وهو يخاصم ، فذكرته قوله قال : « لو كان قدر خصومتك عشر مرات فعلت ، ولكنه مرغاب أكثر من عشرين ألف ألف »

(1/164)


158 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا حفص بن غياث ، عن ليث ، عن الحكم ، عن محمد بن علي ، قال : « لا تجالسوا أصحاب الخصومات ، فإنهم يخوضون في آيات الله »

(1/165)


159 - حدثني محمد بن أبي حاتم ، حدثنا عبد الله بن داود ، قال : سمعت سفيان ، عن الحسن بن عمرو ، عن فضيل قال : قال إبراهيم : ما خاصمت ؟ قال : قلت : « قط » . قال ابن داود : « كذا يعني »

(1/166)


160 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، قال : قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : « من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل (1) »
__________
(1) التنقل : التحول من شيء إلى آخر ومن حال إلى حال

(1/167)


باب الغيبة وذمها

(1/168)


161 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا داود بن قيس ، حدثني أبو سعيد ، مولى عبد الله بن عامر بن كريز ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كل المسلم على المسلم حرام ، دمه ، وماله ، وعرضه (1) »
__________
(1) العرض : كل ما يمدح ويذم في الإنسان سواء كان في نَفْسه أو في سَلَفه، أو مَن يَلْزمه أمْرُه

(1/169)


162 - حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا سفيان بن حمزة ، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا (1) ، ولا تدابروا ، ولا يغتب بعضكم بعضا ، وكونوا عباد الله إخوانا »
__________
(1) لا تباغضوا : لا تكسبوا أسبابا مفضية إلى البغض والعداوة

(1/170)


163 - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا أسباط ، عن أبي رجاء الخراساني ، عن عباد بن كثير ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن جابر ، وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياكم والغيبة ؛ فإن الغيبة (1) أشد من الزنا ، إن الرجل قد يزاني فيتوب فيتوب الله عليه ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/171)


164 - حدثني أبو بكر محمد بن أبي عتاب ، حدثنا عبد القدوس أبو المغيرة ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مررت ليلة أسري (1) بي على قوم يخمشون (2) وجوههم بأظافيرهم ، فقلت : يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يغتابون (3) الناس ، ويقعون في أعراضهم »
__________
(1) الإسراء : السير ليلا
(2) خمش : خدش
(3) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/172)


165 - حدثنا أبو خيثمة ، ثنا يزيد بن هارون ، عن زياد بن أبي زياد ، عن محمد بن سيرين ، قال : قال سليم بن جابر : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : علمني خيرا ينفعني الله به . قال : « لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تصب من دلوك (1) في إناء المستسقي ، وأن تلقى أخاك ببشر حسن ، وإذا أدبر فلا تغتابه (2) »
__________
(1) الدلو : إناء يُستقى به من البئر ونحوه
(2) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/173)


166 - حدثنا إبراهيم بن دينار ، حدثنا مصعب بن سلام ، عن حمزة بن حبيب الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن البراء رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق (1) في بيوتها فقال : « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، لا تغتابوا (2) المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ؛ فإنه من يتبع عورة (3) أخيه يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه وهو في جوف بيته »
__________
(1) العواتق : جمع عاتق ، وهي الأنثى أول ما تبلغ ، والتي لم تتزوج بعد
(2) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(3) العورة : العيب والخلل وسوأة الإنسان ، وكل ما يستحيا منه إذا ظهر

(1/174)


167 - حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، وأحمد بن عمران الأخنسي ، قالا : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن سعيد بن عبد الله بن جريج ، عن أبي برزة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، لا تتبعوا عورات المسلمين ، ولا عثراتهم (1) ؛ فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع الله عثرته ، ومن يتبع الله عثرته يفضحه وإن كان في بيته »
__________
(1) العثرة : الزلة والسقطة

(1/175)


168 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن رجل ، من أهل البصرة ، عن أبي برزة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « لا تتبعوا عثرات (1) المسلمين ، فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع الله عثرته حتى يفضحه في جوف بيته »
__________
(1) العثرة : الزلة والسقطة

(1/176)


169 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا الربيع بن صبيح ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصوم يوم وقال : « لا يفطرن أحد حتى آذن له » فصام الناس حتى إذا أمسوا جعل الرجل يجيء فيقول : يا رسول الله ، إني ظللت صائما ، فأذن لي فأفطر ، فيأذن له والرجل ، والرجل حتى جاء رجل فقال : يا رسول الله ، فتاتان من أهلك ظلتا صائمتين ، وإنهما يستحيان أن يأتياك ، فأذن لهما أن يفطرا ، فأعرض عنه ثم عاوده فأعرض عنه ، ثم عاوده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وكيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس ، اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين فليستقيئا » فرجع إليهما فأخبرهما ، فاستقاءتا فقاءت كل واحدة منهما علقة من دم ، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : « والذي نفس محمد بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار »

(1/177)


170 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا سليمان التيمي ، قال : سمعت رجلا ، يحدث في مجلس أبي عثمان النهدي ، عن عبيد ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن امرأتين من الأنصار صامتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست إحداهما إلى الأخرى ، فجعلتا تأكلان لحوم الناس ، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن ها هنا امرأتين صامتا ، وقد كادتا أن تموتا من العطش ، فأعرض (1) عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فسكت قال : ثم جاءه بعد ذلك أحسبه قال : في الظهيرة فقال : يا رسول الله ، إنهما والله لقد ماتتا أو كادتا أن تموتا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إيتوني بهما » فجاءتا فدعا بعس (2) أو قدح فقال لإحداهما : « قيئي » فقاءت من قيح ودم وصديد حتى ملأت القدح ، وقال للأخرى : « قيئي » ، فقاءت من قيح ودم وصديد حتى ملأت القدح ، فقال : « إن هاتين صامتا مما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى ، فجعلتا تأكلان لحوم الناس »
__________
(1) أعرض : ولى الأمر ظهره وصد عنه وانصرف
(2) العس : القدح الكبير وجمعه : عِساس وأعساس

(1/178)


171 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو شهاب ، أخبرني هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة إلى الطعام ، وكان في لسانها شيء ، فقالت : يا رسول الله ، إني صائمة . فقال : « لم تفعلي ؟ » فلما كان يوم آخر تحفظت بعض التحفظ ، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطعام ، فقالت : يا رسول الله ، إني صائمة ، قال : « قد كدت ولم تفعلي » فلما كان في اليوم الثالث ، تحفظت ، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطعام فقالت : يا رسول الله ، إني صائمة قال : « قد فعلت »

(1/179)


172 - حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن عبد الله بن سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الربا سبعون حوبا (1) ، أيسره كنكاح الرجل أمه ، وأربى الربا عرض الرجل المسلم »
__________
(1) الحوب : الإثم والذنب

(1/180)


173 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أربى الربا تفضيل المرء على أخيه بالشتم »

(1/181)


174 - حدثنا محمد بن علي بن شقيق ، قال : سمعت أبي ، حدثنا أبو مجاهد ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الربا ، وعظم شأنه ، فقال : « إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا ، أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل ، وأربى الربا عرض الرجل المسلم »

(1/182)


175 - حدثنا محمد بن علي ، حدثنا النضر بن شميل ، أخبرنا أبو العوام : واسمه عبد العزيز بن ربيع الباهلي ، حدثنا أبو الزبير : واسمه محمد ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ، فأتى على قبرين يعذب صاحباهما ، فقال : « أما إنهما لا يعذبان في كبير ويل : أما أحدهما فكان يغتاب (1) الناس ، وأما الآخر فكان لا يتأذى (2) من بوله » ودعا بجريدة رطبة أو جريدتين فكسرهما ، ثم أمر بكل كسرة ، فغرست على قبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما إنه سيهون من عذابهما ما كانتا رطبتين ، أو ما لم ييبسا (3) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(2) التأذي : التضرر
(3) يبس : جف

(1/183)


176 - حدثنا عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا يزيد بن هارون ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : مر عمرو بن العاص رضي الله عنه على بغل ميت ، فقال : « والله لأن يأكل أحدكم من لحم هذا خير له من أن يأكل لحم أخيه »

(1/184)


177 - حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، حدثنا محمد بن سلمة الحراني ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمه موسى بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : « من أكل لحم أخيه في الدنيا ، قرب إليه لحمه في الآخرة ، فقيل له : كله ميتا كما أكلته حيا . فيأكله ويضج ويكلح »

(1/185)


178 - حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، حدثنا يحيى بن سليم ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، قال : « اتقوا المفطرين الغيبة (1) والكذب »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/186)


179 - حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن ليث ، عن مجاهد قال : « المسلم يسلم له صومه ، يتقي الغيبة (1) والكذب »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/187)


180 - حدثنا عبد الله ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا سعيد بن عامر ، عن الربيع بن صبيح : أن رجلين كانا قاعدين عند باب من أبواب المسجد الحرام ، فمر بهما رجل كأنه مخنث (1) فتركا ذاك ، فقالا : لقد بقي فيه منه شيء ، فأقيمت الصلاة ، فدخلا فصليا مع الناس ، فحاك في أنفسهما مما قالا ، فأتيا عطاء رضي الله عنه ، فسألاه « فأمرهما أن يعيدا الوضوء والصلاة » ، وكانا صائمين ، « فأمرهما أن يقضيا صيام ذلك اليوم »
__________
(1) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/188)


181 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا يزيد بن هارون ، عن هشام بن حسان ، عن خالد الربعي قال : « دخلت المسجد ، فجلست إلى قوم ، فذكروا رجلا ، فنهيتهم عنه ، فكفوا ثم جرى بهم الحديث حتى عادوا في ذكره ، فدخلت معهم في شيء ، فلما كان من الليل رأيت في المنام كأن شيئا أسود طويلا جدا ، معه طبق خلاف أبيض ، عليه لحم خنزير ، فقال : كل . قلت : آكل لحم خنزير ؟ والله لا آكله . فأخذ بقفاي وقال : كل ، وانتهرني انتهارة شديدة ، ودسه في فمي ، فجعلت ألوكه ولا أسيغه ، وأفرق أن ألقيه واستيقظت قال : فمخلوفه لقد مكثت ثلاثين يوما وثلاثين ليلة ما آكل طعاما ، إلا وجدت طعم ذلك اللحم في فمي » وسمعت يحيى بن أيوب ، يذكر عن نفسه أنه « رأى في المنام - صنع به نحو هذا - وأنه وجد طعم الدسم على شفتيه أياما ، وذلك أنه كان يجالس رجلا يغتاب الناس »

(1/189)


182 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي مودود ، عن زيد بن مولى قيس الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ولا تلمزوا أنفسكم (1) ) قال : « لا يطعن بعضكم على بعض »
__________
(1) سورة : الحجرات آية رقم : 11

(1/190)


183 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( ويل لكل همزة لمزة (1) ) قال : « الهمزة : الطعان في الناس ، واللمزة : الذي يأكل لحوم الناس »
__________
(1) سورة : الهمزة آية رقم : 1

(1/191)


184 - حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن وهب بن منبه : « أن ذا القرنين عليه السلام ، قال لبعض الأمم : ما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة ؟ قالوا : إنا من قبل لا نتخادع ، ولا يغتاب (1) بعضنا بعضا »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/192)


185 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني ثعلبة بن مسلم الخثعمي ، عن أيوب العجلي ، عن شفي بن ماتع الأصبحي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى ، يسعون بين الحميم والجحيم ، يدعون بالويل والثبور (1) ، يقول بعض أهل النار لبعض : ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى ؟ قال : فرجل مغلق عليه تابوت من جمر ، ورجل يجر أمعاءه ، ورجل يسيل فوه قيحا ودما ، ورجل يأكل لحمه فيقال للذي يأكل لحمه : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ فيقول : إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ويمشي بالنميمة »
__________
(1) الثبور : الهلاك والخسران

(1/193)


186 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا مروان بن معاوية ، ويزيد بن هارون ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : مر عمرو بن العاص رضي الله عنه على بغل ميت ، فقال لأصحابه : « والله لأن يأكل أحدكم من لحم هذا حتى يمتلئ ، خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم »

(1/194)


187 - حدثني أبو حاتم ، حدثنا أصبغ ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قوذر ، عن كعب ، قال : « الغيبة (1) تحبط العمل »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/195)


188 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا ابن علية ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة رضي الله عنه قال : « ذكر لنا أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث : ثلث من الغيبة ، وثلث من البول ، وثلث من النميمة »

(1/196)


189 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : ( ولا تلمزوا أنفسكم (1) ) قال : « اللمز : النميمة »
__________
(1) سورة : الحجرات آية رقم : 11

(1/197)


190 - حدثنا محمد بن أبي حاتم الأزدي ، حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا الربيع بن صبيح ، قال : سمعت الحسن رضي الله عنه يقول : « والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده »

(1/198)


191 - حدثني عيسى بن عبد الله التميمي ، قال : بلغني عن عتاب بن بشير ، عن خصاف ، وخصيف ، وعبد الكريم بن مالك ، قالوا : « أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم ، ولا في الصلاة ، ولكن في الكف عن أعراض الناس »

(1/199)


192 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك ، فاذكر عيوبك »

(1/200)


193 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال : « يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ، وينسى الجذل في عينه »

(1/201)


194 - حدثنا خالد بن مرداس ، حدثنا أبو عقيل ، عن حفص بن عثمان ، قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : « لا تشغلوا أنفسكم بذكر الناس فإنه بلاء (1) ، وعليكم بذكر الله فإنه رحمة »
__________
(1) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر

(1/202)


195 - حدثني أبو محمد الأزدي ، حدثنا علي بن ثابت ، عن صالح المزني ، قال : كتب سلمان إلى أبي الدرداء رضي الله عنهما : « أما بعد ، فإني أوصيك بذكر الله فإنه دواء ، وأنهاك عن ذكر الناس فإنه داء »

(1/203)


196 - حدثنا نصر بن طرخان ، حدثنا عمران بن خالد الخزاعي قال : كان الحسن رضي الله عنه يقول : « ابن آدم ، إنك لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك ، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك ، فإذا فعلت ذلك كان شغلك في خاصة نفسك ، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا »

(1/204)


197 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا يزيد بن هارون ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : « ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس ، إلا من غفلة غفلها عن نفسه »

(1/205)


198 - حدثني المفضل بن غسان ، عن أبيه ، قال : قال بكر بن عبد الله : « إذا رأيتم الرجل مولعا بعيوب الناس ناسيا لعيبه ، فاعلموا أنه قد مكر به »

(1/206)


199 - حدثني أبي ، أخبرنا الأصمعي ، عن معتمر بن سليمان ، عن حزم القطعي ، عن سليمان التيمي ، قال : قال الأحنف بن قيس : « ما ذكرت أحدا بسوء بعد أن يقوم من عندي »

(1/207)


200 - حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي ، حدثنا الأصمعي ، عن أبيه ، قال : كان الأحنف بن قيس إذا ذكر عنده رجل قال : « دعوه يأكل رزقه ويأتي عليه أجله » . وقال عن غير أبيه : إن الأحنف ، قال : « دعوه يأكل رزقه ويكفي قرنه »

(1/208)


201 - وحدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا جعفر بن حيان ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « يا ابن آدم ، تبصر القذى في عين أخيك ، وتدع الجذل معترضا في عينك »

(1/209)


202 - حدثني العباس العنبري ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا محرز وهو أبو رجاء الشامي ، عن عمر بن عبد الله ، عن عمران بن عبد الرحمن ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « عليكم بذكر الله فإنه شفاء ، وإياكم وذكر الناس فإنه داء »

(1/210)


باب تفسير الغيبة

(1/211)


203 - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « هل تدرون ما الغيبة ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : « ذكرك أخاك بما يكره » . قيل : أرأيت إن كان في أخي ما أقوله ؟ قال : « إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته (1) »
__________
(1) بهته : كذَبت وافْتَريْت عليه

(1/212)


204 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا علي بن عاصم ، عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : ذكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما أعجزه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اغتبتم (1) أخاكم » . قلنا : يا رسول الله ، قلنا ما فيه ، قال : « إن قلتم ما فيه اغتبتموه ، وإن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/213)


205 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي حذيفة ، عن عائشة رضي الله عنها ، أنها ذكرت امرأة فقالت : إنها قصيرة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اغتبتها (1) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/214)


206 - حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي ، حدثنا أبو معاوية ، قال : ذكر الشيباني ، عن حسان بن مخارق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت امرأة قصيرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس ، فقلت بإبهامي هكذا ، وأشرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنها قصيرة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اغتبتها (1) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/215)


207 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا قران بن تمام ، عن محمد بن أبي حميد ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، ما أعجز فلانا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أكلتم لحم أخيكم ، واغتبتموه »

(1/216)


208 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عباس الجريري ، عن سنان بن سلمة قال : كنت مع أبي عند ابن عمر رضي الله عنهما ، فسئل عن الغيبة ، فقال ابن عمر رضي الله عنهما : « الغيبة : أن تقول ما فيه ، والبهتان : أن تقول ما ليس فيه »

(1/217)


209 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا حسين بن محمد ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : « إذا قلت ما في الرجل وأنت تعلم أنه يكره ذلك فقد اغتبته ، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته »

(1/218)


210 - وحدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا ابن علية ، حدثنا هشام الدستوائي ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : « الغيبة : أن تذكر من أخيك ما تعلم فيه ، وإذا قلت ما ليس فيه فذلك البهتان »

(1/219)


211 - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا مروان بن معاوية ، عن عمر بن سيف قال : قال الحسن : « يخشون أن يكون قولنا حميد الطويل غيبة (1) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/220)


212 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا محمد بن ميسر أبو سعد ، حدثنا جرير بن حازم ، قال : ذكر ابن سيرين رجلا ، فقال : ذاك الرجل الأسود ، ثم قال : « أستغفر الله ، إني أراني قد اغتبته (1) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/221)


213 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو شهاب ، عن هشام بن حسان قال : « الغيبة : أن يقول الرجل ما هو فيه مما يكره »

(1/222)


214 - أخبرنا عبيد الله العتكي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا الهنيد بن القاسم ، قال : سمعت غبطة بنت خالد قالت : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول : لا يغتاب (1) منكن أحد أحدا ، فإني قلت لامرأة مرة وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذه لطويلة الذيل . فقال : « الفظي الفظي » فلفظت بضعة من لحم
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/223)


215 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، قال : وحدثني واصل ، مولى أبي عيينة قال : حدثني خالد بن عرفطة ، عن طلحة بن نافع ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فارتفعت لنا ريح منتنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون (1) المؤمنين »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/224)


216 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا المسعودي ، وقيس بن الربيع ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رجل : يا رسول الله ، أي الإسلام أفضل ؟ قال : « يسلم المسلمون من لسانه ويده »

(1/225)


باب الغيبة التي يحل لصاحبها الكلام بها

(1/226)


217 - حدثنا أبو خيثمة ، وإسحاق بن إسماعيل ، قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، سمع عروة قال : حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت : استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ائذنوا له ، فبئس ابن العشيرة ، أو بئس رجل العشيرة » ، فلما أن دخل ألان له القول ، فلما خرج قلنا : قلت الذي قلت ، ثم ألنت له القول ؟ قال : « أي عائشة ، شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه - أو تركه - الناس اتقاء شره »

(1/227)


218 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني عثمان بن مطر ، عن ثابت ، عن أنس : أن رجلا أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حلقة ، فأثنوا عليه شرا ، فرحب به النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « شر الناس منزلة يوم القيامة من يخاف لسانه ، أو يخاف شره »

(1/228)


219 - حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم ، حدثنا الجارود بن يزيد ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أترعون عن ذكر الفاجر ؟ متى يعرفه الناس ؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس »

(1/229)


220 - حدثنا الحسن بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر عن زيد بن أسلم ، قال : « إنما الغيبة (1) لمن لم يعلن بالمعاصي »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/230)


221 - حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم قال : « ثلاث كانوا لا يعدونهن من الغيبة (1) : الإمام الجائر ، والمبتدع ، والفاسق المجاهر بفسقه »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/231)


222 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « ليس بينك وبين الفاسق حرمة »

(1/232)


223 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا الربيع بن صبيح ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « ليس لمبتدع غيبة (1) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/233)


224 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا حسين الجعفي ، عن هانئ بن أيوب ، قال : سألت محارب بن دثار عن غيبة (1) الرافضة ، قال : « إنهم إذن لقوم صدق »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/234)


225 - وبلغني عن أحمد بن عمران الأخنسي ، حدثنا سليمان بن حيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : « ثلاث ليس لهم غيبة : الظالم ، والفاسق ، وصاحب البدعة »

(1/235)


226 - حدثنا أبي ، أخبرنا هشيم ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : « كانوا لا يرونها غيبة ما لم يسم صاحبها »

(1/236)


227 - حدثنا رباح بن الجراح العبدي ، حدثنا سابق بن عبد الله - وكان من البكائين رحمه الله - عن أبي خلف ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا مدح الفاسق غضب الله ، واهتز لذلك العرش »

(1/237)


228 - حدثنا محمد بن أبي سمينة ، حدثنا المعافى بن عمران ، عن سابق ، عن أبي خلف ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله يغضب إذا مدح الفاسق »

(1/238)


229 - حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن يونس ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « من دعا لظالم ببقاء ، فقد أحب أن يعصى الله عز وجل »

(1/239)


230 - حدثني يحيى بن جعفر ، أخبرنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي ، حدثنا الصلت بن طريف ، قال : قلت للحسن رضي الله عنه : الرجل الفاجر المعلن بفجوره ، ذكري له بما فيه غيبة ؟ قال : « لا ، ولا كرامة »

(1/240)


231 - حدثني محمد بن عباد بن موسى ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن همام ، عن قتادة ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « ليس لفاجر حرمة » وكان رجل قد خرج مع يزيد بن المهلب فكان الحسن إذا ذكره هرته

(1/241)


232 - حدثني محمد ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل رضي الله عنه قال : ذكروا الغيبة (1) عند سعيد بن جبير رضي الله عنه فقال : « ما استقبلته به ثم قلته من ورائه فليس بغيبة »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/242)


233 - حدثني محمد ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، عن شريك ، عن عقيل ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « ثلاثة ليس لهم غيبة (1) : صاحب هوى ، والفاسق المعلن بالفسق ، والإمام الجائر (2) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(2) الجور : البغي والظلم والميل عن الحق

(1/243)


234 - حدثني محمد ، حدثنا مروان بن معاوية ، عن زائدة بن قدامة قال : قلت لمنصور بن المعتمر : إذا كنت صائما أنال من السلطان ؟ قال : « لا » . قلت : فأنال من أصحاب الأهواء ؟ قال : « نعم »

(1/244)


235 - حدثنا عبيد الله بن جرير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا المبارك ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « إذا ظهر فجوره ، فلا غيبة (1) له نحو المخنث (2) ، ونحو الحرورية »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(2) المخنث : الذي يشبه النساء في أخلاقه وفي كلامه وحركاته. وتارة يكون هذا خلقة من الأصل ، وتارة يكون بتكلف وهو المنهي عنه

(1/245)


236 - حدثني عبيد الله ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا الصلت بن طريف المغولي ، قال : سألت الحسن رضي الله عنه قلت : رجل قد علمت منه الفجور ، وقتلته علما ، أفذكري له غيبة (1) ؟ قال : « لا ، ولا نعمت عين للفاجر »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/246)


237 - حدثني أبي ، أخبرنا علي بن شقيق ، أخبرنا خارجة ، حدثنا ابن جابان ، عن الحسن قال : « ثلاثة لا تحرم عليك أعراضهم : المجاهر بالفسق ، والإمام الجائر (1) ، والمبتدع »
__________
(1) الجور : البغي والظلم والميل عن الحق

(1/247)


باب ذب المسلم عن عرض أخيه

(1/248)


238 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « من رد عن عرض (1) أخيه بالمغيبة ، كان حقا على الله أن يرد عن عرضه يوم القيامة »
__________
(1) العرض : كل ما يمدح ويذم في الإنسان سواء كان في نَفْسه أو في سَلَفه، أو مَن يَلْزمه أمْرُه

(1/249)


239 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عثمان بن عمر ، عن عبيد الله بن أبي زياد ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ذب (1) عن عرض أخيه بالمغيبة ، كان حقا على الله أن يعتقه من النار »
__________
(1) الذب : الدفع والمنع

(1/250)


240 - حدثنا أبو بلال الأشعري ، حدثنا أبو المنقذ القرشي ، عن شيخ ، من أهل البصرة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من حمى عن عرض أخيه في الدنيا ، بعث الله إليه ملكا - يوم القيامة - يحميه عن النار »

(1/251)


241 - حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثني علي بن الحسن العسقلاني ، عن عبد الله بن المبارك ، عن ليث بن سعد ، قال : حدثني يحيى بن سليم بن زيد ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ، سمع إسماعيل بن بشير مولى بني مغالة يقول : سمعت جابر بن عبد الله ، وأبا طلحة الأنصاريين رضي الله عنهما يقولان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من امرئ يخذل (1) امرءا مسلما في موطن تنتهك (2) فيه حرمته ، وينتقص فيه من عرضه ، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ، وما من امرئ ينصر امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وتنتهك فيه من حرمته ، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته » قال : وحدثنيه عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن عتبة بن شداد
__________
(1) خذل فلانا : تخلى عن عونه ونصرته
(2) تنتهك : تنتقص ويعتدى عليها

(1/252)


242 - حدثني يعقوب بن عبيد ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا أبو محبر الحمصي ، عن شيخ ، من أهل البصرة ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا وقع في الرجل وأنت في ملإ ، فكن للرجل ناصرا ، وللقوم زاجرا أو قم عنهم » ثم تلا هذه الآية : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه (1) ) «
__________
(1) سورة : الحجرات آية رقم : 12

(1/253)


243 - حدثني إبراهيم بن راشد أبو إسحاق ، حدثنا زيد بن عوف ، عن حماد بن سلمة ، عن شيخ ، من أهل البصرة ، عن العلاء بن أنس ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من اغتيب عنده أخوه المسلم ، فلم ينصره ، وهو يستطيع نصره ، أدركه الله في الدنيا والآخرة »

(1/254)


244 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبد الله بن محمد ، أخبرنا حبان بن موسى ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : « من نصر أخاه المسلم بالغيب ، نصره الله في الدنيا والآخرة »

(1/255)


245 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو شهاب ، عن الأعمش ، عن أبي وائل : أن عمر رضي الله عنه قال : « ما يمنعكم إذا رأيتم السفيه (1) يخرق أعراض الناس أن تعربوا عليه ؟ » قالوا : نخاف لسانه ، قال : « ذلك أدنى أن لا تكونوا شهداء »
__________
(1) السَّفَه : الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لا اسِتقامَةَ له، والسفيه : الجاهلُ

(1/256)


246 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن يحيى بن الحصين ، قال : سمعت طارقا قال : كان بين سعد وخالد كلام ، فذهب رجل يقع في خالد عند سعد فقال : « مه (1) ، إن ما بيننا لم يبلغ ديننا »
__________
(1) مه : كلمة زجر بمعنى كف واسكت وانته

(1/257)


247 - حدثني أبي رحمه الله ، عن شيخ ، من قريش قال : قال مولى لعمرو بن عتبة بن أبي سفيان : رآني عمرو بن عتبة وأنا مع رجل وهو يقع في آخر ، فقال لي : « ويلك ، - ولم يقلها لي قبلها ، ولا بعدها - نزه سمعك عن استماع الخنا (1) ، كما تنزه لسانك عن القول به ، فإن المستمع شريك القائل ، وإنما نظر إلى شر ما في وعائه فأفرغه في وعائك ، ولو رددت كلمة السفيه في فيه ، لسعد بها رادها ، كما شقي بها قائلها »
__________
(1) الخنا : الفحش

(1/258)


248 - حدثنا الحسن بن عيسى ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا يحيى بن أيوب ، عن عبد الله بن سليمان ، أن إسماعيل بن يحيى المعافري أخبره ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من يحمي مؤمنا من منافق بغيبة ، بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم ، ومن قفا مسلما بشيء يريد به شينه (1) ، حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال »
__________
(1) الشين : العيب والنقيصة والقبح

(1/259)


249 - حدثنا أبو بكر بن هاشم بن القاسم ، حدثنا سعيد بن عامر ، عن حزم قال : « كان ميمون بن سياه لا يغتاب (1) ، ولا يدع أحدا عنده يغتاب ، ينهاه ، فإذا انتهى وإلا قام »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/260)


250 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا أبو بكر النهشلي ، عن مرزوق أبي بكر التيمي ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من رد عن عرض (1) أخيه ، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة »
__________
(1) العرض : كل ما يمدح ويذم في الإنسان سواء كان في نَفْسه أو في سَلَفه، أو مَن يَلْزمه أمْرُه

(1/261)


باب ذم النميمة

(1/262)


251 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا مهدي بن ميمون ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل قال : بلغ حذيفة ، عن رجل ، أنه ينم الحديث ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخل الجنة نمام »

(1/263)


252 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة ، رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنة قتات (1) » قال الأعمش : « والقتات : النمام »
__________
(1) القتات : النمام الذي يتسمّع كلام الناس من حيث لا يعلمون ثم ينقل ما سمع

(1/264)


253 - حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام ، حدثني صالح المري ، عن سعيد الجريري ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن أحبكم إلى الله أحسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون ، وإن أبغضكم (1) إلى الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الإخوان ، الملتمسون للبراء (2) العثرات »
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(2) البرآء : جمع بريء وهو البعيد عن التهم

(1/265)


254 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا بهز بن أسد ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت أبا الأحوص ، يحدث ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : إن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يقول : « ألا أنبئكم بالعضة ؟ هي النميمة ، القالة بين الناس »

(1/266)


255 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا داود العطار ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا أخبركم بشراركم ؟ » قالوا : بلى . قال : « المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون (1) للبرآء (2) العنت (3) »
__________
(1) الباغون : جمع باغ وهم المتمنون
(2) البرآء : جمع بريء وهو البعيد عن التهم
(3) العنت : المشقة والفساد والهلاك والإثم والغلط والزنا والحديث يحتمل كلها

(1/267)


256 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا أبو معاوية ، عن عبد الله بن ميمون ، عن موسى بن مسكين ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من أشاد على مسلم كلمة ليشينه بها بغير حق شانه الله بها في النار يوم القيامة »

(1/268)


257 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا ابن المبارك ، عن وهيب يعني ابن خالد ، عن موسى بن عقبة ، عن سليمان بن عمرو بن ثابت ، عن جبير بن نفير الحضرمي ، أنه سمع أبا الدرداء رضي الله عنه يقول : « أيما رجل أشاع على رجل كلمة وهو منها بريء ليشينه بها في الدنيا كان حقا على الله أن يدنيه (1) بها يوم القيامة في النار »
__________
(1) الدنو : الاقتراب

(1/269)


258 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا جهير بن يزيد ، عن خداش بن عباس أبو عياش ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من شهد على مسلم بشهادة ليس لها بأهل فليتبوأ (1) مقعده من النار »
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك

(1/270)


259 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، أخبرنا جرير ، عن ليث ، عن عبد الملك ، عن أنس رضي الله عنه قال : « من أكل بأخيه المسلم أكلة أطعمه الله بها أكلة من النار ، ومن لبس بأخيه المسلم ثوبا ألبسه الله به ثوبا من النار ، ومن قام بأخيه المسلم مقام سمعة أو رياء أقامه الله مقام رياء (1) وسمعة »
__________
(1) الرياء : إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرا

(1/271)


260 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أنا ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن عبد الله بن زرير الغافقي ، عن علي رضي الله عنه قال : « القائل الكلمة الزور والذي يمد بحبلها في الإثم سواء »

(1/272)


261 - حدثنا أحمد بن جميل ، أنا ابن المبارك ، أنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن شبيل بن عوف رحمه الله ، قال : « كان يقال : من سمع بفاحشة (1) فأفشاها فهو كالذي أبداها »
__________
(1) الفاحشة : القبيح الشنيع من الأقوال والأفعال

(1/273)


262 - حدثني هارون بن عبد الله ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ، عن مسكين أبي فاطمة ، عن شيخ ، من أهل البصرة ، عن أبي الجوزاء ، قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما : أخبرني من هذا الذي ندبه الله بالويل . فقال : ( ويل لكل همزة (1) ) ، قال : « هو المشاء بالنميمة ، المفرق بين الإخوان ، والمغري بين الجميع »
__________
(1) سورة : الهمزة آية رقم : 1

(1/274)


263 - أخبرنا ابن جميل ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : ( حمالة الحطب (1) ) قال : « كانت تمشي بالنميمة »
__________
(1) سورة : المسد آية رقم : 4

(1/275)


264 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي هاشم ، عن أبي العالية ، أو غيره ، قال : حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني البارحة (1) رجلان ، فاكتنفاني (2) ، فانطلقا بي حتى مرا بي على رجل في يده كلاب يدخله في في رجل فيشق شدقه (3) ، حتى يبلغ لحييه ، فيعود فيأخذ فيه ، فقلت : من هذا ؟ قال : هم الذين يسعون بالنميمة »
__________
(1) البارحة : أقرب ليلة مضت
(2) اكتنفه : أحاط به
(3) الشدق : جانب الفم

(1/276)


265 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال : « لما تعجل موسى عليه السلام إلى ربه رأى تحت العرش رجلا فغبطه بمكانه ، وقال : إن هذا لكريم على ربه ، فسأل ربه أن يخبره باسمه ؟ فلم يخبره ، فقال : أحدثك من أمره بثلاث : كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ، وكان لا يعق والديه ، ولا يمشي بالنميمة »

(1/277)


266 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا خالد ، عن بيان ، عن حكيم بن جابر رحمه الله ، قال : « من أشاع فاحشة (1) ، فهو كباديها »
__________
(1) الفاحشة : القبيح الشنيع من الأقوال والأفعال

(1/278)


267 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد رحمه الله ، قال : « كانت لنا جارية أعجمية ، فحضرتها الوفاة ، فجعلت تقول : هذا فلان يمرغ في الحمأة . فلما ماتت سألنا عن الرجل ، فقالوا : ما كان به بأس ، إلا أنه كان يمشي بالنميمة »

(1/279)


268 - حدثنا إبراهيم أبو إسحاق ، حدثني زيد بن عوف ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد : « أن رجلا ساوم (1) بعبد ، فقال مولاه : إني أبرأ (2) إليك من النميمة ، فقال : نعم ، أنت بريء منها ، قال : فاشتراه ، فجعل يقول لمولاه : إن امرأتك تبغي وتفعل وتفعل ، وإنها تريد أن تقتلك ، ويقول للمرأة : إن زوجك يريد أن يتزوج عليك ، ويتسرى عليك ، فإن أردت أن أعطفه عليك فلا يتزوج عليك ، ولا يتسرى ، فخذي الموسى فاحلقي شعرة من حلقه إذا نام ، وقال للزوج : إنها تريد أن تقتلك إذا نمت ، قال : فذهب فتناوم لها ، وجاءت بموسى لتحلق شعرة من حلقه ، فأخذ بيدها فقتلها ، فجاء أهلها ، فاستعدوا ، فقتلوه »
__________
(1) المساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري وفصل ثمن السلعة
(2) برئ من الشيء : خلص وخلا

(1/280)


269 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا أبو عوانة ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن بريدة ، قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول في قوله : ( فخانتاهما (1) ) قال : « لم يكن زنا ، ولكن امرأة نوح كانت تخبر أنه مجنون ، وامرأة لوط تخبر بالضيف إذا نزل » حدثنا فضيل ، حدثنا بزيغ ، قال : سمعت الضحاك يقول : « كانت خيانتهما النميمة »
__________
(1) سورة : التحريم آية رقم : 10

(1/281)


270 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام رحمه الله ، قال : كنا عند حذيفة رضي الله عنه ، فذكروا رجلا أنه ينقل الحديث إلى عثمان رضي الله عنه ، فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخل الجنة قتات (1) »
__________
(1) القتات : النمام الذي يتسمّع كلام الناس من حيث لا يعلمون ثم ينقل ما سمع

(1/282)


271 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أكل بأخيه المسلم أكلة في الدنيا أطعمه الله بها أكلة في النار ، ومن لبس بأخيه المسلم ثوبا في الدنيا ألبسه الله يوم القيامة ثوبا من النار ، ومن سمع بأخيه المسلم سمع الله به يوم القيامة »

(1/283)


272 - حدثنا محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ بن الفرج ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قوذر ، عن كعب رضي الله عنه قال : « اتقوا النميمة ، فإن صاحبها لا يستريح من عذاب القبر »

(1/284)


باب ذم ذي اللسانين

(1/285)


273 - حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا شريك ، حدثنا الركين بن الربيع ، عن نعيم بن حنظلة ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان له وجهان في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القيامة »

(1/286)


274 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تجدون من شر عباد الله يوم القيامة ذا الوجهين ، الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء ، وهؤلاء بحديث هؤلاء »

(1/287)


275 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا ابن عيينة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « تجدون من شر الناس ذا الوجهين ، الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه »

(1/288)


276 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عبد الرحمن المسعودي ، عن مالك بن أسماء بن خارجة ، قال : كنت مع أبي أسماء إذ جاء رجل إلى أمير من الأمراء ، فأثنى عليه وأطراه ، ثم جاء إلى أبي أسماء فجلس إليه وهو جالس في جانب الدار ، فجرى حديثهما ، فما برح حتى وقع فيه ، فقال أبو أسماء ، سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : « إن ذا اللسانين في الدنيا له يوم القيامة لسانان من نار »

(1/289)


277 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سلام بن سليم ، عن أبي إسحاق ، عن غريب الهمداني قال : قلت لابن عمر رضي الله عنهما : إنا إذا دخلنا على الأمراء زكيناهم (1) بما ليس فيهم ، فإذا خرجنا دعونا عليهم ، قال : « كنا نعد ذلك النفاق »
__________
(1) زكَّى : مدح

(1/290)


278 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي الشعثاء ، قال : قيل لابن عمر رضي الله عنهما : إنا ندخل على أمرائنا فنقول القول ، فإذا خرجنا قلنا غيره . فقال : « كنا نعد ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النفاق »

(1/291)


279 - حدثنا الحسن بن حماد الضبي ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، وقتادة ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان له لسانان في الدنيا ، جعل له لسانان من نار يوم القيامة »

(1/292)


280 - حدثني الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا ينبغي (1) لذي الوجهين أن يكون أمينا عند الله »
__________
(1) ينبغي : يجب ويحق ويتيسر

(1/293)


باب ما نهي عنه العباد أن يسخر بعضهم من بعض

(1/294)


281 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا أبو أسامة ، قال حاتم بن أبي صغيرة : أخبرني عن سماك بن حرب ، عن أبي صالح ، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر (1) ) قال : « كانوا يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم ، فهو المنكر الذي كانوا يأتون »
__________
(1) سورة : العنكبوت آية رقم : 29

(1/295)


282 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا سفيان بن سعيد ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي حذيفة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : حكيت (1) إنسانا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ما أحب أني حكيت إنسانا ، وأن لي كذا وكذا »
__________
(1) حكَيْت فلانًا وحاكَيْتُه : فَعلْتُ مثل فِعْله

(1/296)


283 - حدثني الحسين بن الجنيد ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فوعظهم في ضحكهم من الضرطة (1) ، وقال : « علام يضحك أحدكم مما يفعل ؟ »
__________
(1) الضرطة : خروح الريح من الدبر مع حدوث صوت

(1/297)


284 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا روح بن عبادة ، عن مبارك ، عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم باب من الجنة فيقال : هلم . هلم فيجيء بكربه وغمه ، فإذا جاء أغلق دونه ثم يفتح له باب آخر ، فيقال له : هلم هلم . فيجيء بكربه وغمه ، فإذا جاء أغلق دونه . فما يزال كذلك ، حتى إن الرجل ليفتح له الباب ، فيقال له : هلم هلم . فما يأتيه »

(1/298)


285 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا يزيد بن هارون ، عن جرير بن حازم ، عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « البلاء (1) موكل بالقول »
__________
(1) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر

(1/299)


286 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، رحمة الله عليه ، قال : « إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء ، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن ابتلي به »

(1/300)


287 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عير أخاه بذنب - قال ابن منيع : قال أصحابنا : قد تاب إلى الله منه - لم يمت حتى يعمله

(1/301)


288 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثني صالح المري ، قال : سمعت الحسن ، رحمه الله ، يقول : « كانوا يقولون : من رمى أخاه بذنب ، قد تاب إلى الله منه ، لم يمت حتى يبتليه (1) الله به »
__________
(1) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر

(1/302)


289 - حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى ، حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل : ( يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (1) ) قال : « الصغيرة : التبسم بالاستهزاء بالمؤمن ، والكبيرة : القهقهة بذلك »
__________
(1) سورة : الكهف آية رقم : 49

(1/303)


باب كفارة الاغتياب

(1/304)


290 - حدثني أبو عبيدة عبد الوارث بن عبد الصمد ، حدثنا أبي ، حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي ، عن خالد بن يزيد ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كفارة (1) من اغتبت (2) أن تستغفر له »
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
(2) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/305)


291 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا محمد بن عبد الله الليثي ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : « كفارة (1) أكلك لحم أخيك أن تثني عليه ، وتدعو له بخير »
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب

(1/306)


292 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أبو النضر الدمشقي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن أبي شيبة يحيى بن يزيد الرهاوي ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عطاء بن أبي رباح ، أنه سئل عن التوبة من الفرية (1) ، قال : « تمشي إلى صاحبك ، فتقول : كذبت بما قلت لك ، وظلمت وأسأت ، فإن أخذت بحقك ، وإن شئت عفوت »
__________
(1) الفرية : الكذب

(1/307)


293 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا داود بن معاذ ابن أخت مخلد بن حسين ، عن شيخ له ، عن أبي حازم رضي الله عنه قال : « من اغتاب أخاه فليستغفر له ، فإن ذلك كفارة (1) لذلك »
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب

(1/308)


294 - حدثني محمد بن عثمان العقيلي ، حدثنا ابن عون - صاحب القرب - عن مالك بن دينار رحمه الله قال : « مر عيسى عليه السلام والحواريون على جيفة (1) كلب ، فقال الحواريون : ما أنتن ريح هذا . فقال عيسى عليه السلام : ما أشد بياض أسنانه . يعظهم وينهاهم عن الغيبة (2) »
__________
(1) الجِيفَة : جُثة الميت إذا أنْتَن
(2) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/309)


295 - حدثني حسين بن عبد الرحمن ، قال : سمع المهلب بن أبي صفرة ، رجلا يغتاب (1) رجلا ، فقال : « اكفف ، فوالله لا ينقى فوك من سهكها »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/310)


296 - حدثني حسين ، قال : سمع علي بن حسين ، رجلا يغتاب (1) رجلا ، فقال : « إياك والغيبة ، فإنها إدام (2) كلاب الناس »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(2) الإدَام والأدْم : ما يُؤكَلُ مع الخُبْزِ أيّ شيء كان

(1/311)


297 - حدثنا حسين ، قال : سمع قتيبة بن مسلم ، رجلا يغتاب (1) رجلا ، فقال : « أما والله لقد تلمظت بمضغة ، طالما لفظتها الكرام »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/312)


298 - حدثنا حسين بن عبد الرحمن : أنه حدث عن بشر بن السري ، قال : قال منصور بن زاذان ، رحمه الله : « إن الرجل من إخواني يلقاني فأفرح ، إن لم يسؤني في صديقي ويبلغني الغيبة (1) ممن اغتابني ، وإني لفي جهد من جليسي حتى يفارقني مخافة أن يأثم ويؤثمني »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(1/313)


299 - حدثني أبو الحسن الرقي علي بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثني أبي ، عن الحسن رحمه الله ، أنه كان يقول : « إياكم والغيبة ، والذي نفسي بيده لهي أسرع في الحسنات من النار في الحطب »

(1/314)


باب ما أمر به الناس أن يستعملوا فيه أنفسهم من القول الحسن للناس أجمعين

(1/315)


300 - حدثنا بشار بن موسى الخفاف ، حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح ، قال : حدثني أبي المقدام ، عن أبيه ، عن جده هانئ أبو شريح رضي الله عنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني بشيء يوجب الجنة . قال : « عليك بحسن الكلام ، وبذل الطعام »

(1/316)


301 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، سمع محمد بن المنكدر يقول : « يمكنكم من الجنة إطعام الطعام ، وطيب الكلام »

(1/317)


302 - حدثنا شجاع بن الأشرس ، حدثنا ليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، أنه بلغه عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : « إن في الجنة غرفا يرى من في باطنها من في ظاهرها ، ومن في ظاهرها من في باطنها ، هي لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وصلى بالليل والناس نيام »

(1/318)


303 - حدثني محمد بن قدامة الجوهري ، حدثنا محمد بن عبيد ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، وأبي جعفر : في قوله عز وجل : ( وقولوا للناس حسنا (1) ) قال : « للناس كلهم »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 83

(1/319)


304 - حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا عبد الرحيم بن زيد ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وأطاب الكلام »

(1/320)


305 - حدثني الحسين بن علي بن يزيد ، أخبرنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا مالك بن أنس رضي الله عنه قال : « مر بعيسى ابن مريم عليه السلام خنزير ، فقال : مر بسلام . فقيل : يا روح الله لهذا الخنزير تقول ؟ قال : أكره أن أعود لساني الشر »

(1/321)


306 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، حدثنا حسن بن صالح ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه ، وإن كان مجوسيا ، ذلك ؛ لأن الله عز وجل يقول : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها (1) ) »
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 86

(1/322)


307 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا خالد ، عن عبد الملك ، عن عطاء رضي الله عنه : ( وقولوا للناس حسنا (1) ) قال : « للناس كلهم المشرك وغيره »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 83

(1/323)


308 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا شريك ، عن أبي سنان ، قال : قلت لسعيد بن جبير رضي الله عنه : المجوسي يوليني من نفسه ، ويسلم علي ، أفأرد عليه ؟ فقال سعيد : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن نحو من ذلك فقال : « لو قال لي فرعون خيرا لرددت عليه »

(1/324)


309 - حدثنا علي بن أبي مريم ، عن أبي عبد الرحمن ابن عائشة قال : « قال بعض الحكماء : الكلام اللين يغسل الضغائن المستكنة في الجوانح »

(1/325)


310 - وحدثني علي ، عن أبي عبد الرحمن قال : « قال بعض الحكماء : كل كلام لا يوتغ دينك ، ولا يسخط (1) ربك إلا أنك ترضي به جليسك ، فلا تكن به عليه بخيلا ، فلعله يعوضك منه ثواب المحسنين »
__________
(1) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به

(1/326)


311 - حدثني محمد بن عباد بن موسى ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن محمد بن سواء ، قال : أخبرني همام بن يحيى ، عن هشام بن عروة رضي الله عنهما قال : عطس نصراني طبيب عند أبي ، فقال له : « رحمك الله » . فقيل له : إنه نصراني . فقال : « إن رحمة الله على العالمين »

(1/327)


312 - حدثنا الحسن بن عيسى ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الكلمة الطيبة صدقة »

(1/328)


313 - حدثنا محمد بن مسعود ، أخبرنا الفريابي ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اتقوا النار ولو بشق (1) تمرة ، فإن لم يكن بشق تمرة فكلمة طيبة »
__________
(1) الشق : النصف والمعنى لا تستقلوا من الصدقة شيئا

(1/329)


314 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا مسلمة بن جعفر ، عن عمرو بن عامر البجلي ، عن وهب بن منبه قال : « ثلاث من كن فيه أصاب البر : سخاوة النفس ، والصبر على الأذى ، وطيب الكلام »

(1/330)


315 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل قال : قال ابن عمر رضي الله عنهما : « البر شيء هين : وجه طليق وكلام لين »

(1/331)


باب ذم الفحش والبذاء

(1/332)


316 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني المسعودي ، وقيس بن الربيع ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مالك ، أو عن عبد الله بن مالك ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياكم والفحش (1) ، فإن الله لا يحب الفحش ، ولا التفحش (2) »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب
(2) التفحش : تكلُّف القبح وتعمده في القول والفعل

(1/333)


317 - حدثنا أحمد بن جميل ، أنبأنأ عبد الله بن المبارك ، أنبأنا المسعودي ، قال : أنبأنا عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أبي كثير الزبيدي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا فاتقوا الله ، وإياكم والفحش (1) ، فإن الله لا يحب الفحش ، ولا التفحش (2) »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب
(2) التفحش : تكلُّف القبح وتعمده في القول والفعل

(1/334)


318 - حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : « كان أحسن الناس خلقا ، لم يكن فاحشا (1) ، ولا متفحشا (2) ، ولا صخابا (3) في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة مثلها ، ولكن يعفو ويصفح »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل
(3) الصخَّب والسَّخَب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ للخِصَام

(1/335)


319 - حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا من مظلمة ظلمها قط ، ما لم ينتهك من محارم الله شيء ، فإذا انتهك من محارم الله شيء كان أشدهم في ذلك غضبا . وما خير بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما »

(1/336)


321 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني القاسم بن الفضل الحداني ، عن محمد بن علي رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسب قتلى بدر من المشركين وقال : « لا تسبوا هؤلاء ، فإنه لا يخلص إليهم شيء مما تقولون وتؤذون الأحياء ، ألا إن البذاء (1) لؤم »
__________
(1) البذاء : الفحش في القول

(1/337)


322 - حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الحسن بن عمرو ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، عن عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس المؤمن بالطعان (1) ، ولا اللعان ، ولا الفاحش (2) البذيء (3) »
__________
(1) الطعان : الوقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة
(2) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(3) البذاء : الفحش في القول

(1/338)


323 - حدثنا عصمة بن الفضل ، حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عياش بن عباس ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الجنة حرام على كل فاحش (1) يدخلها »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح

(1/339)


324 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني ثعلبة بن مسلم الخثعمي ، عن أيوب بن بشير العجلي ، عن شفي بن ماتع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى ، يسعون بين الحميم (1) والجحيم ، يدعون بالويل والثبور (2) ، ورجل يسيل فوه قيحا ودما فيقال له : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ فيقول : إن الأبعد كان ينظر إلى كل كلمة قذعة خبيثة فيستلذها ، كما يستلذ الرفث (3) »
__________
(1) الحميم : الماء الحار
(2) الثبور : الهلاك والخسران
(3) الرفث : كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة ، وأصله الكلام الفاحش

(1/340)


325 - حدثنا أحمد بن عيسى ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن ثابت بن ميمون ، عن سعيد بن أبي سعيد رحمه الله قال : « يقال : من استلذ من الرفث (1) سال فوه قيحا ودما يوم القيامة »
__________
(1) الرفث : كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة ، وأصله الكلام الفاحش

(1/341)


326 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : « ألأم خلق المؤمن الفحش (1) »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب

(1/342)


327 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا محمد بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة قال : « يقال : الفاحش (1) المتفحش (2) يوم القيامة في صورة كلب ، أو في جوف كلب »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل

(1/343)


328 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الله لا يحب الفاحش (1) المتفحش (2) »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل

(1/344)


329 - حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها : « يا عائشة ، لو كان الفحش (1) رجلا لكان رجل سوء »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب

(1/345)


330 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا المسعودي ، عن عون بن عبد الله رحمه الله ، قال : « ألا إن الفحش (1) والبذاء (2) من النفاق ، وهن مما يزدن في الدنيا وينقصن في الآخرة ، وما ينقصن في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب
(2) البذاء : الفحش في القول

(1/346)


331 - حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا محمد بن سابق ، عن إسرائيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس المؤمن بطعان (1) ، ولا بلعان ، ولا الفاحش (2) ، ولا البذي »
__________
(1) الطعان : الوقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة
(2) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح

(1/347)


332 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا عبيد بن أبي قرة ، عن ابن لهيعة ، عن أبي النضر ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان الفحش (1) رجلا كان رجل سوء »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب

(1/348)


333 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني أبو غسان محمد بن مطرف ، عن حسان بن عطية ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « البذاء (1) والبيان (2) شعبتان من شعب النفاق »
__________
(1) البذاء : الفحش في القول
(2) البيان : إظهار الفصاحة والتعمق في إظهار البلاغة بلا داع

(1/349)


334 - حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما كان الفحش (1) في شيء قط إلا شانه »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب

(1/350)


335 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا معلى بن منصور ، حدثنا يحيى بن زكريا ، حدثني عثمان بن حكيم ، حدثني محمد بن أفلح ، مولى أبي أيوب ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : أما إني أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أني سمعته يقول : « لا يحب الله الفاحش (1) المتفحش (2) »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل

(1/351)


336 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي مليكة ، عن يعلى بن ملك ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء رضي الله عنهما يبلغ به قال : « إن الله عز وجل يبغض (1) الفاحش (2) البذيء (3) »
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(2) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(3) البذاء : الفحش في القول

(1/352)


337 - حدثنا أبو موسى الهروي ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا عثمان بن حكيم ، عن أفلح ، مولى أبي أيوب ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الله عز وجل لا يحب الفاحش (1) المتفحش (2) »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل

(1/353)


338 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا مروان بن معاوية ، حدثنا أبو بكر الفضل بن مبشر الأنصاري ، قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يحب الله الفاحش (1) المتفحش (2) ، الصياح في الأسواق »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل

(1/354)


339 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا معمر ، قال : قال الأحنف بن قيس رحمه الله : « أو لا أخبركم بأدوأ الداء ؟ اللسان البذيء (1) ، والخلق الدنيء »
__________
(1) البذاء : الفحش في القول

(1/355)


340 - حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا أبو أسامة ، عن زكريا بن سياه ، عن عمران بن رياح ، عن علي بن عمارة الثقفي ، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا وأبي أمامي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الفحش (1) والتفحش (2) ليسا من الإسلام في شيء ، وإن أحسن الناس إسلاما أحاسنهم أخلاقا »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب
(2) التفحش : تكلُّف القبح وتعمده في القول والفعل

(1/356)


341 - حدثنا أبو عقيل الأسدي ، حدثنا أبو أسامة ، عن محمد بن عمرو ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : جاء رجل يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « بئس أخو العشيرة » فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فبش به ، قالت عائشة : فقلت له في ذلك ، فقال : « يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش (1) ولا التفحش (2) »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب
(2) التفحش : تكلُّف القبح وتعمده في القول والفعل

(1/357)


باب ما نهي أن يتكلم به

(1/358)


342 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا شعبة ، عن منصور ، عن عبد الله بن يسار ، عن حذيفة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقولن أحدكم : ما شاء الله وشئت ، ولكن ليقل : ما شاء الله ثم شئت »

(1/359)


343 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن الأجلح ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في بعض الأمر ، فقال : ما شاء الله وشئت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أجعلتني لله عدلا ؟ قل : ما شاء الله وحده »

(1/360)


344 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا ابن عيينة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم رحمه الله ، قال : خطب رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى (1) . فقال : « لا تقل هكذا ، قل : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى »
__________
(1) الغي : الضلال ، والانهماك في الشر

(1/361)


345 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي ، حدثنا مغيرة ، قال : كان إبراهيم رحمه الله يكره أن يقول الرجل : « أعوذ بالله وبك . ويرخص أن يقول : أعوذ بالله ثم بك . ويكره أن يقول : لولا الله وفلان . ويرخص أن يقول : لولا الله ثم فلان »

(1/362)


346 - حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، حدثنا أبو عمران الجوني قال : « أدركت أربعة من أفضل من أدركت ، فكانوا يكرهون أن يقولوا : اللهم أعتقنا من النار ويقولون : إنما يعتق منها من دخلها ، وكانوا يقولون : نستجير بالله من النار ، ونعوذ بالله من النار »

(1/363)


347 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رجل : اللهم اجعلني ممن تصيبه شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم . فقال حذيفة : « إن الله يغني المؤمنين عن شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتكون شفاعته للمذنبين من المسلمين »

(1/364)


348 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عبد الله بن قبيصة ، عن ليث ، عن مجاهد رحمه الله ، أنه كان يكره أن يقول : « اللهم أدخلني في مستقر من رحمتك ، فإن مستقر رحمته نفسه »

(1/365)


349 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد : أن رجلا شهد عند شريح فقال : أشهد بشهادة الله . فقال له شريح : « لا تشهد بشهادة الله ، ولكن اشهد بشهادتك ، فإن الله لا يشهد إلا على حق »

(1/366)


350 - حدثنا سعيد بن سليمان ، عن أبي حفص الأبار ، عن الأعمش ، عن حكيم بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : « أن موسى صلى الله عليه وسلم كان في نفر من بني إسرائيل فقال : اشربوا يا حمير . فأوحى الله إليه : تقول لخلق من خلقي خلقتهم : اشربوا يا حمير »

(1/367)


351 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا محمد بن خازم ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم رحمه الله ، قال : « إذا قال الرجل لأخيه : يا خنزير . قال الله له يوم القيامة : تراني خلقته خنزيرا ؟ »

(1/368)


352 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا حفص بن غياث ، عن ليث ، عن مجاهد رحمه الله أنه كره أن تقول للميت : « استأثر الله به »

(1/369)


353 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا ابن عيينة ، عن منصور ، عن إبراهيم رحمه الله ، « أنه كان يكره أن يقال : على قراءة ابن مسعود ، ولكن كما كان ابن مسعود يقرأ »

(1/370)


354 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن مغيرة ، عن إبراهيم رحمه الله قال : « كان يكره أن تقول : لعمر الله ، لا بحمد الله »

(1/371)


355 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن القاسم بن مخيمرة ، رحمه الله ، قال : « لأن أحلف بالصليب أحب إلي من أن أحلف بحياة رجل »

(1/372)


356 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن كعب ، رضي الله عنه قال : « إنكم تشركون في قول الرجل : كلا وأبيك ، كلا والكعبة ، كلا وحياتك ، وأشباه هذا ، احلف بالله صادقا أو كاذبا ، ولا تحلف بغيره »

(1/373)


357 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا ابن أبي خالد ، عن مولى لابن عباس ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أحسب هكذا قال : « إن أحدكم ليشرك حتى يشرك بكلبه ، يقول : لولاه لسرقنا الليلة »

(1/374)


358 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني حميد بن عبد الرحمن : أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من حلف منكم باللات (1) فليقل : لا إله إلا الله ، ومن قال لصاحبه : تعال أقامرك فليتصدق »
__________
(1) اللات : اسم صنم كان يعبد في الجاهلية

(1/375)


359 - حدثني خالد يعني ابن خداش ، حدثنا عبد الله ، أخبرنا يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم » قال عمر : « والله ما حلفت بها مذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها »

(1/376)


360 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسموا العنب الكرم ، فإنما الكرم الرجل المسلم »

(1/377)


361 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، قال : سمعت النعمان يحدث ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقولن أحدكم : خبثت نفسي ، ولكن ليقل لقست »

(1/378)


362 - حدثنا هاشم بن الوليد ، حدثنا النضر بن شميل ، عن عوف ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يقولن أحدكم : عبدي ، ولا أمتي ، وليقل : فتاي وفتاتي ، ولا يقل المملوك : ربي ولا ربتي ، ولكن سيدي وسيدتي ، كلكم عبيد والرب الله »

(1/379)


363 - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقل أحدكم عبدي ، أمتي كلكم عبيد الله ، وكل نسائكم إماء الله ، ولكن ليقل : غلامي وجاريتي ، وفتاي وفتاتي »

(1/380)


364 - حدثني عبد الرحيم بن موسى الأبلي ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقولوا للمنافق : سيدنا ، فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم (1) ربكم »
__________
(1) أسخط : أغضب

(1/381)


365 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن مسعر ، عن سماك الحنفي ، سمع ابن عباس رضي الله عنهما ، « يكره أن يقول الرجل : إني كسلان »

(1/382)


366 - حدثنا أبو مسلم الحراني ، حدثنا مسكين بن بكير ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله رضي الله عنه قال : « لا تقولوا : أصبحنا وأصبح الملك لله ، ولكن قولوا : أصبحنا والملك لله والحمد »

(1/383)


367 - حدثنا أبو مسلم ، حدثنا مسكين بن بكير ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله رحمه الله ، قال : « لا يقولن أحدكم : نعم الله بك عينا ، فإن الله لا ينعم بشيء ، ولكن ليقل : أنعم الله بك عينا » . « فإنما أنعم : أقر »

(1/384)


368 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا علي بن الحسن ، حدثنا الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال : إني بريء من الإسلام ، فإن كان كاذبا فهو كما قال ، وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما »

(1/385)


369 - حدثنا محمد بن عمرو الباهلي ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، قال : سمعت خالدا ، عن غيلان بن جرير ، عن مطرف قال : « لا تقل : إن الله يقول ، ولكن قل : إن الله قال » . قال : « وأحدهم يكذب مرتين إذا سئل : من هذا ؟ قال : لا شيء ، إلا شيء ليس بشيء »

(1/386)


370 - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دعا أحدكم فلا يقل : اللهم إن شئت ، ولكن ليعزم وليعظم الرغبة ، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه »

(1/387)


باب ذم اللعانين

(1/388)


371 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، وامرأة من الأنصار على ناقة ، فضجرت (1) فلعنتها ، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة » قال عمران : « فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد »
__________
(1) الضجر : ضيق النفس والقلق

(1/389)


372 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن العلاء بن المسيب ، عن الفضيل بن عمرو : أن رجلا لعن شيئا ، فخرج ابن مسعود رضي الله عنه من البيت فقال : « إذا لعن شيء دارت اللعنة ، فإن وجدت مساغا (1) قيل لها : اسلكيه ، فإن لم تجد مساغا قيل لها : ارجعي من حيث جئت ، فخفت أن ترجع وأنا في البيت »
__________
(1) المساغ : المراد طريق يمر فيه

(1/390)


373 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن بكر بن خنيس رفعه ، قال : « علامة أبدال أمتي أنهم لا يلعنون شيئا أبدا »

(1/391)


374 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي ، عن أبي عوانة ، عن زياد بن كليب ، عن إبراهيم رحمه الله ، « في الرجل يقول : اللهم العن فلانا ، والعن ليلته ويومه . قال : » تقول : أعصانا لله «

(1/392)


375 - حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال : دخلت أم الدرداء رضي الله عنها على جيران لها وهم يلعنون ، فقالت : « كيف تكونون صديقين وأنتم لعانون »

(1/393)


376 - حدثنا محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قوذر ، عن كعب رضي الله عنه قال : « من لعن من غير ذنب ، لم تزل اللعنة تردد بين السماء والأرض حتى تلزم ترقوة (1) صاحبها »
__________
(1) التَرْقُوَة : عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان

(1/394)


377 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا يعلى بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، قال : كان أبو الدرداء رضي الله عنه مضطجعا بين أصحابه ، وقد غطى وجهه ، فمر عليه قس سمين فقالوا : اللهم العنه ما أغلظ رقبته . فقال أبو الدرداء رضي الله عنه : « من ذا الذي لعنتم (1) آنفا » ، فأخبروه ، فقال : « لا تلعنوا أحدا ، فإنه ما ينبغي للعان أن يكون عند الله صديقا يوم القيامة »
__________
(1) اللعن : الدعاء على شخص باللعنة وهي الطرد من رحمة الله

(1/395)


378 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، عن سالم قال : لم أسمع ابن عمر رضي الله عنهما يلعن خادما له قط غير مرة واحدة غضب فيها على بعض خدمه ، فقال : « لعنة الله عليك ، كلمة لم أحب أن أقولها »

(1/396)


379 - حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا عباد بن العوام ، أخبرنا حصين ، قال : سمعت مجاهدا يقول : « قل ما ذكر الشيطان قوم إلا حضرهم ، فإذا سمع أحدا يلعنه قال : لقد لعنت (1) ملعنا . ولا شيء أقطع لظهره من : لا إله إلا الله »
__________
(1) اللعن : السب والدعاء

(1/397)


380 - حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري ، حدثنا علي بن مجاهد الكابلي ، أخبرنا الجعد ، عن مزيدبن هلال الضبعي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن استطعت أن لا تلعن شيئا فافعل ، فإن اللعنة إذا خرجت من صاحبها فكان الملعون لها أهلا أصابته ، فإن لم يكن لها أهلا وكان اللاعن لها أهلا رجعت عليه ، فإن لم يكن بعد لها أهلا أصابت يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ، فإن استطعت أن لا تلعن أبدا شيئا فافعل »

(1/398)


381 - حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا الوليد بن رباح ، قال : سمعت نمران يذكر ، عن أم الدرداء رضي الله عنها قالت : سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء ، فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض ، فتغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يمينا وشمالا ، فإذا لم تجد مساغا (1) رجعت إلى الذي لعن ، فإن كان لذلك أهلا ، وإلا رجعت إلى قائلها »
__________
(1) المساغ : المراد طريق يمر فيه

(1/399)


382 - حدثنا أبو عمرو المقرئ ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، حدثني زيد بن أسلم ، عن أم الدرداء رضي الله عنها ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ، ولا شفعاء »

(1/400)


383 - حدثنا بندار بن بشار ، حدثنا أبو عامر ، عن كثير بن زيد ، قال : سمعت سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يكون المؤمن لعانا »

(1/401)


384 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أبو النضر الدمشقي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن قيس رحمه الله ، قال : « إذا ركب الرجل الدابة قالت : اللهم اجعله بي رفيقا رحيما . فإذا لعنها قالت : على أعصانا لله لعنة الله »

(1/402)


385 - حدثنا محمد بن علي بن شقيق ، أخبرنا إبراهيم بن الأشعث ، قال : سمعت فضيل بن عياض رحمه الله يقول : « كان يقال : ما أحد يسب شيئا من الدنيا دابة ولا غيرها فيقول : أخزاك (1) الله ، ولعنك الله ، إلا قالت : أخزى الله أعصانا لله » قال فضيل : « وابن آدم أعصى وأظلم »
__________
(1) الخزي : الذل والعار والهوان والاستحياء من القبيح

(1/403)


386 - حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا كثير بن زيد ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، قال : « ما سمعت ابن عمر رضي الله عنهما لعن إنسانا قط ، إلا إنسانا واحدا »

(1/404)


387 - وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا »

(1/405)


388 - حدثنا إسماعيل بن إسحاق الأزدي ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا أبي ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير (1) فلعن بعيره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا عبد الله ، لا تسر معنا على بعير ملعون »
__________
(1) البعير : ما صلح للركوب والحمل من الإبل ، وذلك إذا استكمل أربع سنوات ، ويقال للجمل والناقة

(1/406)


باب ذم المزاح

(1/407)


389 - حدثنا القاسم بن أبي شيبة ، حدثنا المحاربي ، عن ليث ، عن عبد الملك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تمار (1) أخاك ، ولا تمازحه »
__________
(1) المراء : الجدال والمناظرة والتنازع

(1/408)


390 - حدثني الحسن بن الصباح ، حدثنا محمد بن كثير ، عن عبد الله بن واقد ، عن موسى بن عقيل : أن الأحنف بن قيس رحمه الله كان يقول : « من كثر كلامه وضحكه ومزاحه قلت هيبته ، ومن أكثر من شيء عرف به »

(1/409)


391 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر قال : « قالت لي أمي : لا تمازح الصبيان فتهون عليهم »

(1/410)


392 - حدثني الحسين بن علي بن يزيد ، وغيره قالوا : حدثنا جعفر بن عون ، قال : سمعت مسعر بن كدام رحمه الله ، يقول لابنه : « إني نحلتك (1) يا كدام نصيحتي فاسمع لقول أب عليك شفيق ، أما المزاحة والمراء فدعهما خلقان لا أرضاهما لصديق ، إني بلوتهما (2) فلم أحمدهما لمجاور جارا ولا لرفيق ، والجهل يزري بالفتى في قومه وعروقه في الناس أي عروق »
__________
(1) النحلة : العطاء عن طيب نفس بدون عوض
(2) بلوتهما : اختبرتهما وامتحنتهما

(1/411)


393 - حدثنا أحمد بن عبيد التميمي ، حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، حدثنا دريد بن مجاشع ، عن غالب القطان ، عن مالك بن دينار ، عن الأحنف بن قيس رحمه الله ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « من مزح استخف به »

(1/412)


394 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا شعبة ، عن الحكم رحمه الله قال : قال ابن عمر رضي الله عنهما : « لا يبلغ رجل حقيقة الإيمان حتى يدع المراء (1) ، وهو محق ، والكذب في المزاح »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/413)


395 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا زكريا بن عدي ، عن عبد الله بن المبارك ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، قال : قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : « اتقوا الله ، وإياي والمزاحة ، فإنها تورث الضغينة وتجر القبيحة ، تحدثوا بالقرآن ، وتجالسوا به ، فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال »

(1/414)


396 - حدثني أبو صالح المروزي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رزمة ، عن عبد الله بن المبارك ، قال : قال سعيد بن العاص رحمه الله لابنه : « يا بني ، لا تمازح الشريف فيحقد عليك ، ولا تمازح الدنيء فيجترئ عليك »

(1/415)


397 - حدثني علي أبو الحسن ، حدثنا أبو صالح ، حدثني الليث بن سعد : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : « هل تدرون لم سمي المزاح ؟ قالوا : لا . قال : لأنه زاح عن الحق »

(1/416)


398 - حدثنا سعيد بن سليمان ، عن أبي معشر ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل : يا رسول الله ، تمزح ؟ قال : « نعم ، ولا أقول إلا حقا »

(1/417)


399 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، قال : قال خالد بن صفوان رحمه الله : « المزاح سباب النوكى » . قال : « وكان يقال : لكل شيء بذر وبذر العداوة المزاح »

(1/418)


400 - قال : وبلغني عن الحسن بن حيي رحمه الله قال : « المزاح استدراج من الشيطان واختداع من الهوى »

(1/419)


401 - حدثني علي بن يعقوب القيسي ، قال : « سمعت شيخا ينشد اليزيدي هذين البيتين : والوجه تخلقه المزاحة إنها لفظ يضر ومنطق لا يرشد ، فدع المزاحة للسفيه فربما هاجت عجاج عداوة لا تخمد »

(1/420)


402 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن ، رحمه الله قال : « كان يقال : المزاح مسلبة للبهاء مقطعة للصداقة »

(1/421)


باب حفظ السر

(1/422)


403 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا ابن أبي ذئب ، أخبرني عبد الرحمن بن عطاء ، عن عبد الملك بن جابر بن عتيك ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة »

(1/423)


404 - وحدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا حيوة بن شريح ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحديث بينكم أمانة »

(1/424)


405 - حدثنا ابن جميل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن رحمه الله ، قال : « سمعته يقول : إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك »

(1/425)


406 - حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير ، عن حمزة الزيات ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « لا تفش سرك إلا إليك ، فإن لكل نصيح نصيحا ، فإني رأيت غواة الرجال لا يتركون أديما (1) صحيحا »
__________
(1) الأديم : الجلد المدبوغ

(1/426)


407 - حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا زيد بن الحباب ، عن موسى بن علي ، عن أبيه قال : قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : « ما وضعت سري عند أحد أفشاه علي فلمته ، أنا كنت أضيق به حيث استودعته إياه »

(1/427)


408 - وحدثني أبي ، عن بعض ، أشياخه قال : أسر معاوية رضي الله عنه إلى الوليد بن عتبة حديثا ، فقال لأبيه : يا أبت ، إن أمير المؤمنين أسر إلي حديثا ، وما أراه يطوي عنك ما بسطه إلى غيرك . قال : « فلا تحدثني به ، فإن من كتم سره كان الخيار له ، ومن أفشاه كان الخيار عليه » قال : قلت : يا أبت ، وإن هذا ليدخل بين الرجل وبين أبيه ؟ قال : « لا والله يا بني ، ولكن أحب أن لا تذلل لسانك بأحاديث السر » . فأتيت معاوية رضي الله عنه فحدثته ، فقال : يا وليد ، أعتقك أخي من رق الخطأ

(1/428)


409 - حدثني أبي ، عن رجل من همذان قال : « سمعت أعرابيا يقول لابن عم له : إن سرك من دمك فلا تضعه إلا عند من تثق به »

(1/429)


باب قلة الكلام والتحفظ في المنطق

(1/430)


410 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن المهلب بن أبي حبيبة ، حدثنا الحسن ، عن أبي بكرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقولن أحدكم صمت رمضان كله وقمته » ، قال فما أدري أكره التزكية (1) أم لا بد من غفلة أو رقدة «
__________
(1) التزكية : المدح على سبيل الإعجاب

(1/431)


411 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقولن أحدكم إني قمت رمضان كله » قال قتادة : « فالله أعلم أخشي التزكية على أمته ، أم لا بد من راقد أو غافل »

(1/432)


412 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا السري بن يحيى ، عن ثابت البناني ، رضي الله عنه قال : قال شداد بن أوس لغلامه : « ائتنا بالسفرة نعبث ببعض ما فيها » . فقال له رجل من أصحابه : ما سمعت منك كلمة منذ صاحبتك ، أرى أن يكون فيها شيء من هذه . قال : « صدقت ، ما تكلمت بكلمة مذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أزمها وأخطمها إلا هذه ، وأيم الله لا تذهب مني هكذا » ، فجعل يسبح ويكبر ، ويحمد الله عز وجل

(1/433)


413 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن نسير بن ذعلوق ، عن بكر بن ماعز ، عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه قال : « يا بكر بن ماعز ، اخزن عليك لسانك ، إلا مما لك ولا عليك »

(1/434)


414 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي ، عن مفضل ، عن رجل ، عن إبراهيم التيمي قال : أخبرني من ، صحب الربيع بن خثيم عشرين سنة « فلم يتكلم بكلام لا يصعد »

(1/435)


415 - حدثنا أحمد بن عمران ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا أبو حيان التيمي ، عن أبيه قال : « ما سمعت الربيع بن خثيم يذكر شيئا من أمر الدنيا قط »

(1/436)


416 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن هشيم ، عن العوام بن حوشب قال : « ما رأيت إبراهيم التيمي رافعا رأسه إلى السماء في الصلاة ولا في غيرها ، ولا سمعته قط يخوض في شيء من أمر الدنيا »

(1/437)


417 - حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا أبو حيان التيمي ، عن أبيه قال : « رأيت ابنة الربيع بن خثيم أتته فقالت : يا أبتاه أذهب ألعب ؟ قال : يا بنية ، اذهبي قولي خيرا »

(1/438)


418 - حدثني محمد بن قدامة ، حدثني أبو حفص الدمشقي ، عن صدقة بن عبد ربه قال : « لما كبر آدم جعل بنو بنيه يعبثون به ، فيقول : يا بني ، إني رأيت ما لم تروا ، وسمعت ما لم تسمعوا ، رأيت الجنة ، وسمعت كلام ربي ، وقيل لي حين أخرجني منها : إن أنت حفظت لسانك أعدتك إليها »

(1/439)


419 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن أبي إسحاق الطالقاني ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى رحمه الله قال : « أثنى رجل على رجل ، فقال له بعض السلف : وما علمك به ؟ قال : رأيته يتحفظ في منطقه »

(1/440)


420 - وحدثني ابن أبي مريم ، عن مطرف أبي مصعب ، قال : حدثني عبد العزيز الماجشون ، عن أبي عبيد قال : « ما رأيت رجلا قط أشد تحفظا في منطقه من عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه »

(1/441)


421 - حدثني محمد بن عباد بن موسى العكلي ، حدثنا يحيى بن سليم ، عن أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال : كنا عند عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فقال رجل لرجل : تحت إبطك . فقال عمر رضي الله عنه : « وما على أحدكم أن يتكلم بأجمل ما يقدر عليه » قالوا : وما ذاك ؟ قال : « لو قال : تحت يدك كان أجمل »

(1/442)


422 - حدثني ابن أبي مريم ، عن عثمان بن زفر ، حدثنا محمد بن عبد العزيز التيمي ، قال : ذكر الحسن ، عن إبراهيم التيمي رحمه الله قال : « المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر ، فإن كان كلامه له تكلم ، وإن كان عليه أمسك عنه ، والفاجر (1) إنما لسانه رسلا رسلا »
__________
(1) الفاجر : العاصي غير المكترث بما يفعل

(1/443)


423 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم العبدي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « كانوا يقولون : لسان الحكيم من وراء قلبه ، فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه ، فإن كان له قال ، وإن كان عليه أمسك ، وإن الجاهل قلبه على طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه ، ما جرى على لسانه تكلم به »

(1/444)


424 - وحدثني علي بن الحسن ، عن مطرف أبي مصعب ، قال : سمعت عبد العزيز بن الماجشون ، قال : قال أبو حازم لبعض أولئك الأمراء : « والله لولا تبعة لساني لأشفيت منكم اليوم صدري »

(1/445)


425 - وحدثني علي بن الحسن ، عن زكريا بن عدي ، حدثنا الصلت بن بسطام ، حدثني رجل ، من تيم الله ، وكان قد جالس الشعبي وإبراهيم قال : « ما رأيت أحدا أملك للسانه من طلحة بن مصرف »

(1/446)


426 - وحدثني علي ، عن حجاج بن نصير ، حدثنا جسر أبو جعفر قال : سمعت ميمون بن سياه يقول : « ما تكلمت بكلمة منذ عشرين سنة لم أتدبرها قبل أن أتكلم بها إلا ندمت عليها إلا ما كان من ذكر الله »

(1/447)


427 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أبو النضر الدمشقي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن أبي سلمة الصنعاني ، عن كعب قال : « قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه رعة حسنة ، وقلة وزر (1) ، وخفة من الذنوب »
__________
(1) الوِزْر : الحِمْل والثِّقْل، وأكثر ما يُطْلَق في الحديث على الذَّنْب والإثم. يقال : وَزَرَ يَزِرُ ٌ، إذا حَمل ما يُثْقِل ظَهْرَه من الأشياء المُثْقَلة ومن الذنوب.

(1/448)


428 - حدثنا محمد بن عمرو أبو بكر الباهلي ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق ، عن سليمان بن سحيم ، عن أمه ابنة أبي الحكم الغفارية رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الرجل ليدنو (1) من الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ، إلا قيد رمح فيتكلم بالكلمة فيتباعد منها أبعد من صنعاء »
__________
(1) الدنو : الاقتراب

(1/449)


429 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن زكريا بن عدي ، عن الصلت بن بسطام التيمي قال : قال لي أبي : « الزم عبد الملك بن أبجر فتعلم من توقيه في الكلام ، فما أعلم بالكوفة أشد تحفظا للسانه منه »

(1/450)


430 - حدثني ابن أبي مريم ، عن زكريا بن عدي ، قال : سمعت أبا خالد الأحمر قال : « لم يكن في أترابه أطول صمتا منه ، يعني مسعرا »

(1/451)


431 - حدثني ابن أبي مريم ، عن خالد بن يزيد ، حدثني مرزوق الموصلي ، قال : قال لي خليد بن دعلج : « دع من الكلام ما لك منه بد ، فعسى إن فعلت ذلك تسلم ، ولا أراك »

(1/452)


432 - حدثني ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن عمارة بن زاذان الصيدلاني ، قال : سمعت زيادا النميري يقول : قال أنس بن مالك رضي الله عنه لرجل ، وبعثه في حاجة : « إياك وكل أمر تريد أن تعتذر منه ، وإذا أردت أن تتكلم بكلام فانظر فيه قبل أن تتكلم به ، فإن كان لك فتكلم به ، وإن كان عليك فالصمت عنه خير لك »

(1/453)


433 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن عبيد الله بن محمد قال : قال لنا صالح المري : « اتقوا الله ودعوا من الكلام ما يوتغ دينكم »

(1/454)


434 - حدثني علي ، عن الحميدي ، عن سفيان قال : « كان يقال : طول الصمت مفتاح العبادة »

(1/455)


435 - حدثنا محمد بن الحسين ، حدثني يحيى بن بسطام قال : قلت لجار لضيغم : سمعت أبا مالك ، يذكر من الشعر شيئا ؟ قال : ما سمعته يذكر إلا بيتا واحدا . قلت : ما هو ؟ قال : « قد يخزن الورع (1) التقي لسانه حذر الكلام وإنه لمفوه »
__________
(1) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المُباح والحلال .

(1/456)


436 - حدثني محمد بن ناصح ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن أرطاة بن المنذر قال : « تعلم رجل الصمت أربعين سنة بحصاة يضعها في فيه ، لا ينزعها إلا عند طعام أو شراب أو نوم »

(1/457)


437 - حدثني عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت فضيل بن عياض ، رحمه الله يقول : « كان بعض أصحابنا يحفظ كلامه من الجمعة إلى الجمعة »

(1/458)


438 - حدثنا المثنى بن معاذ ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت إسحاق بن سويد قال : سمعت العلاء بن زياد يحدث ، أن عمر رضي الله عنه ، كان في مسير فتغنى فقال : « هلا زجرتموني إذ لغوت (1) »
__________
(1) اللغو : الكلام الذي لا أصل له من الباطل

(1/459)


439 - حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن عمران بن أبي ليلى ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : كان شداد بن أوس في سفر ، فنزل منزلا ، فقال لغلامه : « ائتنا بالسفرة نفيت بها » . فأنكرت عليه ، فقال : « ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها (1) وأزمها إلا كلمتي هذه ، فلا تحفظوها علي »
__________
(1) خطم : شد زمام البعير في أنفه ليسهل قياده والمراد أنه يمسك بزمام لسانه وكلامه

(1/460)


440 - حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا إسحاق بن منصور السلولي ، عن عبد السلام يعني ابن حرب ، عن سعيد الجريري ، عن مطرف بن الشخير ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما للسانه : « ويحك قل خيرا تغنم ، وإلا فاعلم أنك ستندم ، قال : فقيل له : أتقول هذا ؟ قال : بلغني أن الإنسان ليس هو يوم القيامة أشد منه على لسانه إلا أن يكون قال خيرا فغنم أو سكت فسلم »

(1/461)


441 - حدثني أبو صالح المروزي ، قال : سمعت سعيد بن عامر يقول : عرض على عمرو بن عبيد طيلسان ، فقال : « ما ثوب بأجود منه . فعيب به خمسين سنة ، كانوا يقولون : إن عمرا لا يحفظ لسانه »

(1/462)


باب الصدق وفضله

(1/463)


442 - حدثني علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن يزيد بن خمير قال : سمعت سليم بن عامر يحدث ، عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط ، سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة فقال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول مقامي هذا ، ثم بكى أبو بكر ثم قال : « عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة ، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار »

(1/464)


443 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقا »

(1/465)


444 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، أخبرني عمرو بن مرة ، قال : سمعت مرة الهمداني ، قال : كان عبد الله رضي الله عنه يقول : « عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، ويثبت البر في قلبه ، فلا يكون للفجور موضع إبرة يستقر فيها »

(1/466)


445 - حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني عمرو بن أبي عمر ، عن المطلب ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم »

(1/467)


446 - حدثنا هارون بن عمرو القرشي ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا الحارث بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن حجيرة ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاث إذا كن فيك لم يضرك ما فاتك من الدنيا : صدق حديث ، وحفظ أمانة ، وعفة في طعمة »

(1/468)


447 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا مروان بن معاوية ، عن مجمع بن يحيى الأنصاري ، عن منصور بن المعتمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تحروا (1) الصدق وإن رأيتم أن فيه الهلكة ، فإن فيه النجاة »
__________
(1) تحرى : قصد الأمر وعمد إليه وطلبه وتوخاه بإمعان

(1/469)


448 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، حدثنا منصور بن أذين ، عن مكحول ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يؤثر الصدق ، وحتى يترك الكذب في المزاحة ، والمراء (1) وإن كان صادقا »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(1/470)


449 - حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا الهيثم بن عمران ، قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله المخزومي ، قال : « أمرني عبد الملك بن مروان أن أعلم بنيه الصدق كما أعلمهم القرآن »

(1/471)


450 - حدثنا عبد العزيز بن بحر ، حدثنا أبو عقيل ، عن محمد بن نعيم ، مولى عمر بن الخطاب ، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن جده علي رضي الله عنه قال : « زين الحديث الصدق »

(1/472)


451 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا أبو داود ، عن شعبة ، أخبرني عمارة بن أبي حفصة ، سمع أبا مجلز يقول : « قال رجل لقومه : عليكم بالصدق فإنه نجاة »

(1/473)


452 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن الليث ، عن أبي حصين : أن رجلا أتى ابن مسعود رضي الله عنه فقال : علمني كلمات نوافع جوامع . فقال : « تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتزول مع القرآن أين ما زال ، ومن جاءك بالصدق من صغير أو كبير ، وإن كان بعيدا بغيضا فاقبله منه ، ومن أتاك يكذب من صغير أو كبير ، وإن كان حبيبا قريبا فاردده عليه »

(1/474)


453 - حدثنا عمر بن بكير النحوي ، أخبرنا أبو عبد الرحمن الطائي ، أخبرنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة ، قال : كان يقال : إن ربعي بن حراش رضي الله عنه لم يكذب كذبا قط ، فأقبل ابناه من خراسان قد تأجلا ، فجاء العريف إلى الحجاج فقال : أيها الأمير ، إن الناس يزعمون أن ربعي بن حراش لم يكذب قط ، وقد قدم ابناه من خراسان وهما عاصيان ، فقال الحجاج : علي به . فلما جاء قال : أيها الشيخ . قال : « ما تشاء ؟ » قال : ما فعل ابناك ؟ قال : « المستعان الله خلفتهما في البيت » ، قال : لا جرم ، والله لا أسوؤك فيهما ، هما لك

(1/475)


باب الوفاء بالوعد

(1/476)


454 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن يونس ، عن الحسن رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « العدة عطية »

(1/477)


455 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إبراهيم أبو إسحاق الطالقاني ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن لهيعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الوأي - يعني الوعد - مثل الدين أو أفضل »

(1/478)


456 - حدثني سليمان بن منصور أبو شيخ الخزاعي ، عن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : أنشدني ابن خربوذ للفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب : « إنا أناس من سجيتنا صدق الحديث ووأينا حتم ، لبسوا الحياء ، فإن نظرت حسبتهم سقموا ولم يمسسهم سقم ، شر الإخاء إخاء مزدرد مزج الإخاء إخاؤه ، وهم ، زعم ابن عمي أن حلمي (1) ضرني ما ضر قبلي أهله الحلم »
__________
(1) الحلم : الأناة وضبط النفس

(1/479)


457 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثني محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن هارون بن رئاب ، قال : لما حضرت عبد الله بن عمرو الوفاة رضي الله عنه قال : « إنه كان خطب إلي ابنتي رجل من قريش ، وقد كان مني إليه شبيه بالوعد ، فوالله لا ألقى الله بثلث النفاق ، اشهدوا أني قد زوجتها إياه »

(1/480)


458 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن سنان العوقي ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن بديل بن ميسرة ، عن عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق ، عن أبيه ، عن عبد الله بن أبي الحمساء رضي الله عنه قال : بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث ، فبقيت له بقية ، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك ، فنسيت يومي والغد فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه فقال : « يا فتى لقد شققت (1) علي ، أنا ها هنا منذ ثلاث أنتظرك »
__________
(1) شق عليه : صعَّب عليه

(1/481)


459 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا كعب بن فروخ الرقاشي ، حدثنا يزيد الرقاشي رحمه الله : « أن إسماعيل نبي الله عليه السلام وعد رجلا ميعادا ، فجلس له إسماعيل عليه السلام اثنين وعشرين يوما مكانه لا يبرح لميعاده ، ولهى الآخر عن ذلك حتى جاء بعد ذلك »

(1/482)


460 - وحدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا عبد ربه القصاب قال : واعدت محمد بن سيرين رحمه الله أن اشتري له أضاحي ، فنسيت وعده بشغل ، ثم ذكرت بعد ، فأتيته قريبا من نصف النهار ، وإذا محمد ينتظرني ، فسلمت عليه ، ورفع رأسه فقال : « أما إنه قد يقبل أهون ذنب منك » فقلت : شغلت ، وعنفني أصحابي في المجيء إليك ، وقالوا : قد ذهب ولم يقعد إلى الساعة . فقال : « لو لم تجئ حتى تغرب الشمس ما قمت من مقعدي هذا إلا للصلاة أو حاجة لا بد منها »

(1/483)


461 - حدثنا أحمد ، حدثنا محمد بن الصباح البزاز ، حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن الحسن بن عبيد الله ، قال : قلت لإبراهيم : الرجل يواعد الرجل الميعاد ولا يجيء . قال : « لينتظره ما بينه وبين أن يدخل وقت الصلاة التي تجيء »

(1/484)


462 - وحدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي ، حدثني فرات بن سلمان قال : « كان يقال : إذا سئلت فلا تعد ، وقل : اسمع ما تقول ، فإن يقدر شيء يكن »

(1/485)


463 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن شعبة رحمه الله قال : ما واعدت أيوب موعدا قط إلا قال لي حين يريد أن يفارقني : « ليس بيني وبينك موعد » فإذا جئت وجدته قد سبقني

(1/486)


464 - حدثنا أحمد ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة قال : كان رقبة ، رحمه الله يعدنا في الحديث ثم يقول : « ليس بيني وبينكم موعد نأثم من تركه ، فيسبقنا إليه »

(1/487)


465 - حدثنا أحمد ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا حجاج ، عن أبي إسحاق قال : كان أصحاب عبد الله رضي الله عنه يقولون : إذا وعد فقال : « إن شاء الله » فلم يخلف

(1/488)


466 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن رجل منهم يقال له لهب بن خندق قال : قال عوف بن النعمان في الجاهلية الجهلاء : « لأن أموت قائما عطشا أحب إلي من أن أكون مخلافا لموعد »

(1/489)


باب ذم الكذب

(1/490)


467 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، قال : سمعت سليم بن عامر يحدث ، عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط ، سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول مقامي هذا ، ثم بكى أبو بكر ، ثم قال : « إياكم والكذب ، فإنه مع الفجور وهما في النار »

(1/491)


468 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا »

(1/492)


469 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، أخبرني عمر بن مرة قال : سمعت مرة الهمداني ، قال : كان عبد الله رضي الله عنه يقول : « إياكم والكذب فإنه يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، ويثبت الفجور في قلبه فلا يكون للبر موضع إبرة يستقر فيها »

(1/493)


470 - حدثنا أبو حفص الصيرفي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، أخبرني منصور قال : سمعت أبا وائل ، عن عبد الله رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان »

(1/494)


471 - حدثنا أبو حفص ، حدثنا يحيى بن محمد بن قيس ، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان »

(1/495)


472 - حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، وإن كانت فيه خصلة (1) منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا وعد أخلف ، وإذا حدث كذب ، وإذا خاصم فجر ، وإذا عاهد غدر »
__________
(1) الخصلة : خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة

(1/496)


473 - حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا علي بن هاشم ، قال : سمعت الأعمش ذكره ، عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « على كل خلة (1) يطبع أو يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(1/497)


474 - حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، عن أبي عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : الشيخ الزاني ، والإمام الكذاب ، والعائل المزهو »

(1/498)


475 - حدثنا إسماعيل بن خالد الضرير ، حدثنا يعلى بن الأشدق ، حدثنا عبد الله بن جراد قال : قال أبو الدرداء رضي الله عنه : يا رسول الله ، هل يكذب المؤمن ؟ قال : « لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر من حدث فكذب »

(1/499)


476 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، وبيان ، سمعا قيس بن أبي حازم ، سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول : « أيها الناس ، إياكم والكذب ، فإنه مجانب الإيمان »

(1/500)


477 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا نصر بن طريف الباهلي ، حدثنا إبراهيم بن ميسرة ، عن عبيد بن سعد ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « ما كان من خلق أشد عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع على الرجل من أصحابه على الكذب ، فما ينحل من صدره حتى يعلم أنه قد أحدث لله منها توبة »

(2/1)


478 - حدثني أبو محمد عبد الله بن أيوب المخرمي ، حدثنا عبد الرحيم بن هارون أبو هشام الغساني ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه قال : « إن العبد ليكذب الكذبة فيتباعد الملك منه ميلا أو ميلين ، مما جاء به »

(2/2)


479 - حدثني عبد العزيز بن بحر ، أخبرنا أبو عقيل ، عن محمد بن نعيم ، مولى عمر بن الخطاب ، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن جده علي رضي الله عنه قال : « أعظم الخطايا عند الله : اللسان الكذوب ، وشر الندامة ندامة يوم القيامة »

(2/3)


480 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، حدثني عبد الرحمن بن عابس ، حدثني ناس ، من أصحاب عبد الله رضي الله عنه ، أنه كان يقول في خطبته : « شر الروايا روايا الكذب ، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب »

(2/4)


481 - حدثني يحيى بن أيوب ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان »

(2/5)


482 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن عوف ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « يعد من النفاق : اختلاف القول والعمل ، واختلاف السر والعلانية ، والمدخل والمخرج ، وأصل النفاق ، والذي بني عليه النفاق : الكذب »

(2/6)


483 - حدثني الحسين بن السكن بن أبي السكن ، حدثنا المعلى بن أسد ، حدثنا الحسن بن ميمون الحضرمي قال : سمعت إياس بن معاوية ، رحمه الله يقول : « إن الكذب عندي : من يكذب فيما لا يضره ولا ينفعه ، فأما رجل كذب كذبة ليرد عن نفسه بها بلية ، أو يجر إلى نفسه بها معروفا فليس عندي بكذب »

(2/7)


484 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا محمد بن خالد النيلي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن مالك بن أنس ، رضي الله عنه قال : قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : « ما كذبت كذبة منذ شددت علي إزاري (1) »
__________
(1) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن

(2/8)


485 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا محمود بن خالد ، حدثنا أبي ، حدثني عيسى بن المسيب ، عن عدي بن ثابت قال : قال عمر رضي الله عنه : « أحبكم إلينا ما لم نركم : أحسنكم اسما ، فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم خلقا ، فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة »

(2/9)


486 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، أخبرنا إبراهيم بن الأشعث ، حدثنا الفضيل ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن ثروان أبي قيس ، عن هزيل بن شرحبيل ، رحمه الله قال : « قال موسى عليه السلام : رب أي عبادك خير عملا ؟ قال : من لا يكذب لسانه ، ولا يفجر قلبه ، ولا يزني فرجه »

(2/10)


487 - حدثني الحسين بن علي بن يزيد ، حدثنا أبو مروان البزاز قال : جاءنا سالم يطلب ثوبا سباعيا ، فنشرت عليه ثوبا سباعيا ، فذرعه ، فإذا هو أقل من سباعي فقال : « أليس قلت سباعي ؟ قلت : كذلك نسميها . قال : » كذلك يكون الكذب «

(2/11)


488 - حدثنا أبو حذيفة الفزاري ، حدثنا عبد الرحمن بن مسعود الزجاج الموصلي ، عن معمر ، عن موسى بن شيبة ، رحمه الله : « أن النبي صلى الله عليه وسلم رد شهادة رجل في كذبة »

(2/12)


489 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثني عبد العزيز بن عبد الله العامري ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن أخي ابن شهاب ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبته : ليس فيما دون الصدق من الحديث خير ، من يكذب يفجر ، ومن يفجر يهلك

(2/13)


490 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : « لا تجد المؤمن كذابا »

(2/14)


491 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا سفيان ، وشعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد رضي الله عنه قال : « كل الخلال (1) يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(2/15)


492 - وحدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : « كل الخلال (1) يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(2/16)


493 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا المسعودي ، عن رجل ، من بني أسد قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « إن المبارز لله تعالى بالمعصية كمن حلف باسمه كاذبا ، وإن الكذبة لتفطر الصائم »

(2/17)


494 - حدثنا أحمد ، حدثنا يعلى بن عبيد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم رحمه الله قال : كانوا يقولون : « إن الكذب ليفطر الصائم »

(2/18)


495 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا مبشر الحلبي ، حدثني جعفر بن برقان ، حدثني أبو عبد الله الجرشي ، حدثنا رجل ، من حرس معاوية قال : « بعث طاغية الروم إلى معاوية يعرض عليه الجزية ، فقال له الرومي : يا معاوية ، لا تماكرني ، فإنك لا تجد مكرا إلا ومعه كذب »

(2/19)


496 - حدثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ، حدثنا سفيان قال : قال مطرف بن طريف : « ما أحب أني كذبت وأن لي الدنيا وما فيها » قال سفيان : « تفسيره : ما أحب أني ذهبت أتعرض لغضب الله ثم لا أدري يتوب علي أو لا يتوب »

(2/20)


497 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا أبو بكر بن عياش قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « لا خير فيما دون الصدق من الحديث ، من يكذب يفجر ، ومن يفجر يهلك ، قد أفلح من حفظ من ثلاث : الطمع ، والهوى ، والغضب »

(2/21)


498 - حدثنا محمد بن عمرو الباهلي ، حدثنا أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس ، حدثنا ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا ينظر الله يوم القيامة إلى ثلاثة : الإمام الكذاب ، ولا إلى الشيخ الزاني ، ولا إلى العائل المزهو »

(2/22)


499 - حدثني محمد بن عمرة ، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز قال : سمعت مالك بن دينار رحمه الله يقول : « قرأت في بعض الكتب : ما من خطيب يخطب إلا عرضت خطبته على عمله ، فإن كان صادقا صدق ، وإن كان كذابا قرضت شفتاه بمقراضين من نار ، كلما قرضتا نبتتا »

(2/23)


500 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال : « أيها الناس ، ما يحملكم أن تتابعوا بالكذب كما تتابع الفراش في النار ، كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاث خصال (1) : رجل كذب امرأته ليرضيها ، ورجل كذب امرأين ليصلح بينهما ، ورجل كذب في خديعة الحرب »
__________
(1) الخصال : جمع خصلة وهي خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة

(2/24)


501 - حدثنا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، أخبرنا حميد بن عبد الرحمن بن عوف : أن أمه وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، أخبرته ، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، فيقول خيرا وينمي خيرا » قال ابن شهاب : « فلم أسمع يرخص فيما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها »

(2/25)


502 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني ، حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعد بن سنان ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا حدثتم فلا تكذبوا ، وإذا اؤتمنتم فلا تخونوا »

(2/26)


503 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا عباد بن العوام ، أخبرنا داود بن أبي هند ، عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كل كذب مكتوب كذب لا محالة إلا الكذب في ثلاث : الكذب في الحرب خدعة (1) ، وكذب الرجل فيما بين الرجلين ليصلح بينهما ، وكذب الرجل امرأته » قال داود : « يمنيها »
__________
(1) الخدعة : المكر والحيلة

(2/27)


504 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا ابن علية ، عن سوار بن عبد الله قال : نبئت أن ميمون بن مهران قال : وعنده رجل من قرى أهل الشام : « إن الكذب في بعض المواطن خير من الصدق » ، فقال الشامي : لا ، الصدق في كل موطن خير . قال : « أرأيت لو رأيت رجلا يسعى وآخر يتبعه بالسيف ، فدخل دارا فانتهى إليك ، فقال : رأيت الرجل ؟ ما كنت قائلا ؟ » قال : كنت أقول : لا . قال : « فهو ذلك »

(2/28)


505 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا سفيان ، عن أبي حيان ، عن أبي الزنباع ، عن أبي الدهقان قال : صحب الأحنف بن قيس رحمه الله رجل ، فقال : ألا تميل فنحملك ونفعل ؟ قال : « لعلك من العراضين ؟ » قال : وما العراضون ؟ قال : « الذين يحبون أن يحمدوا ولا يفعلوا » . قال : يا أبا بحر ، ما عرضت عليك ، حتى . قال : « يا ابن أخي إذا عرض لك الحق فاقصد له ، واله عما سوى ذلك »

(2/29)


506 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن حيان ، حدثنا عيسى بن كثير الأسدي الرقي قال : مشيت مع ميمون بن مهران حتى أتى باب داره ومعه ابنه عمرو ، فلما أردت أن أنصرف قال له عمرو : يا أبت ألا تعرض عليه العشاء ؟ قال : « ليس ذلك من نيتي »

(2/30)


507 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن ابن عون قال : اعتذر رجل عند إبراهيم ، فقال : « قد عذرناك غير معتذر ، إن الاعتذار يخالطه الكذب »

(2/31)


508 - حدثني أسد بن عمار التميمي ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا بكر الأعتق ، عن خالد بن رخيم ، عن مطرف ، قال : « المعاذر مفاجر »

(2/32)


509 - حدثني عيسى بن عبد الله التميمي ، أخبرنا يحيى بن بكير المصري ، قال : سمعت الليث بن سعد قال : كانت ترمص عينا سعيد بن المسيب حتى يبلغ الرمص خارج عينيه - وصف يحيى بيده إلى المحاجر - فيقال له : لو مسحت هذا الرمص ، فيقول : « فأين قولي للطبيب وهو يقول لي : لا تمس عينك . فأقول : لا أفعل »

(2/33)


510 - حدثنا بندار محمد بن بشار ، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد ، حدثنا قرة بن خالد ، عن الحسن ، قال : ، قال سمرة بن جندب ، وكان داهية : « لأن أقول : لا ، أحب إلي من أن أقول : نعم ، ثم لا أفعل »

(2/34)


511 - حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيت ليلة أسري (1) بي رجالا تقرض (2) شفاههم بمقارض من نار فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : خطباء من أمتك ، الذين يأمرون الناس بالبر ، وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون »
__________
(1) الإسراء : السير ليلا
(2) قرض : قطع

(2/35)


512 - حدثني هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، قال : حدثنا مالك بن دينار ، عن الحسن ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من عبد يخطب خطبة إلا الله سائله عنها يوم القيامة : ما أردت بها ؟ » قال : فكان مالك إذا حدثني بهذا بكى ، ثم يقول : « أتحسبون أن عيني تقر بكلامي عليكم ، وأنا أعلم أن الله سائلي عنه يوم القيامة ما أردت به ؟ أنت الشهيد على قلبي ، لو أعلم أنه أحب إليك لم أقرأ على اثنين أبدا »

(2/36)


513 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا أبو عبيدة الحداد ، عن سعيد بن يزيد ، قال : سمعت الشعبي ، يتمثل (1) : « أنت الفتى كل الفتى إن كنت تصدق ما تقول ، لا خير في كذب الجواد وحبذا صدق البخيل »
__________
(1) يتمثل : يستحضر كلاما ليستشهد به من شعر وغيره

(2/37)


514 - حدثني أسد بن عمار التميمي ، حدثنا سعيد بن عون البصري ، حدثنا جعفر قال : سمعت مالك بن دينار رحمه الله يقول : « الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما صاحبه »

(2/38)


515 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي ، حدثنا أصبغ بن الفرج ، أخبرني عبد الله بن وهب ، عن مسلمة بن علي قال : قال يزيد بن ميسرة : « الكذب يسقي باب كل شر كما يسقي الماء أصول الشجر »

(2/39)


516 - حدثني سعيد بن سليمان ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « الكذب جماع النفاق »

(2/40)


517 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد رحمه الله في قوله : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن (1) ) قال : « رجلان خرجا على ملإ قعود ، فقالا : والله لئن رزقنا الله من فضله لنصدقن ، فلما رزقهم بخلوا به »
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 75

(2/41)


518 - حدثنا أحمد بن إبرهيم ، حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : قال عبد الله رضي الله عنه : « اعتبروا المنافق بثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر » ، ثم قرأ : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله (1) ) الآية
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 75

(2/42)


519 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عباس بن الوليد ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة رضي الله عنه ، في قوله عز وجل : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين (1) ) قال : « ذكر لنا أن رجلا من الأنصار أتى على مجلس للأنصار فقال : لئن آتاه الله مالا ليؤتين كل ذي حق حقه ، فآتاه الله مالا ، فصنع فيه ما يسمعون » : ( فلما آتاهم من فضله بخلوا به (2) ) إلى قوله ( وبما كانوا يكذبون (3) )
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 75
(2) سورة : التوبة آية رقم : 76
(3) سورة : التوبة آية رقم : 77

(2/43)


520 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا بهز بن أسد ، حدثنا شعبة ، حدثنا أبو إسحاق ، قال : سمعت أبا الأحوص يحدث ، أن عبد الله رضي الله عنه ، كان يقول : إن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يقول : « ألا أنبئكم بالعضة ، وهي النميمة القالة بين الناس ، وإن شر الروايا روايا الكذب ، وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، ولا يعد أحدكم صبيا ولا ينجز (1) له »
__________
(1) أنْجَز : يقال أنجز وَعْدَه، إذا أحْضَرَه وأتمه

(2/44)


521 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من قال لصبيه ها أعطيك ، فلم يعطه شيئا كتبت كذبة »

(2/45)


522 - حدثنا أحمد ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا يونس بن يزيد الأيلي ، عن أبي شداد ، عن مجاهد ، أخبرتنا أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : كنت صاحبة عائشة رضي الله عنها التي هيأتها وأدخلتها على النبي صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة قالت : فوالله ما وجدنا عنده قراء إلا قدحا من لبن فشرب ، ثم ناوله عائشة ، قالت : فاستحيت الجارية ، قالت : فقلت : لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خذي منه ، قالت : فأخذته على حياء فشربت منه ، ثم قال : « ناولي صواحبك » فقلن : لا نشتهيه ، فقال : « لا تجمعن جوعا وكذبا » قالت : فقلت : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : لا أشتهيه ، أيعد ذلك كذبا ؟ قال : « وإن الكذب ليكتب كذبا ، حتى الكذيبة كذيبة »

(2/46)


523 - حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن شقيق بن سلمة قال : قال أخي عبد الرحمن بن سلمة : « ما كذبت منذ أسلمت ، إلا أن الرجل ليدعوني إلى طعامه فأقول : ما أشتهيه ، فعسى أن يكتب »

(2/47)


524 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، حدثنا سلامة بن منيح ، قال : قال الأحنف بن قيس : « ما كذبت منذ أسلمت ، إلا مرة واحدة ، فإن عمر سألني عن ثوب بكم أخذته ، فأسقطت ثلثي الثمن »

(2/48)


525 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، حدثنا حسان بن عطية قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « لا تجد المؤمن كذابا »

(2/49)


526 - حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا الهيثم بن عمران ، قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله المخزومي يقول : أمرني عبد الملك بن مروان أن : « أجنب بنيه الكذب ، وإن كان فيه - يعني القتل - »

(2/50)


527 - حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، وسفيان بن وكيع ، قالا : حدثنا ابن عيينة ، عن رجل ، وقال سفيان : عن الماجشون قال : كلم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الوليد في شيء ، فقال له : كذبت . فقال له عمر : « ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين صاحبه »

(2/51)


528 - حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثني داود العطار قال : أقفل قتيبة بن مسلم بكر بن ماعز من خراسان ، فصحبه رجل فقال له : يا بكر كذبت قط ؟ فسكت عنه ثم قال : يا بكر ، كذبت قط ؟ فسكت عنه . ثم قال : يا بكر كذبت قط ؟ فسكت عنه حتى انتهى إلى حمام عمر أو حمام أعين ، فقال : يا بكر كذبت قط ؟ فقال : « إنك قد أكثرت علي ، وإني لم أكذب قط إلا كذبة واحدة ، فإن قتيبة أخذنا بالسلاح ، فاستعرت رمحا ، فلما مررت به قال : يا بكر ، هذا السلاح لك ؟ قلت : نعم ، وكان الرمح ليس لي »

(2/52)


529 - حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، حدثنا سفيان ، قال : حدثني رجل ، قال : حدثت سليمان بن علي ، بحديث فقال لي : « كذبت » . قال : فقلت : ما يسرني أني كذبت وأن لي ملء بهوك هذا ذهبا . قال : فانكسر عني

(2/53)


530 - حدثني أحمد بن إبراهيم ، حدثنا يحيى بن معين ، عن يعقوب بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : سمعت يونس بن عبيد يقول : « كل خلة (1) يرجى تركها يوما ما ، إلا صاحب الكذب »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(2/54)


531 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، حدثنا قيس بن سليم العنبري ، عن جواب التيمي قال : جاءت أخت الربيع بن خثيم عائدة إلى بني له ، فانكبت (1) عليه ، فقالت : كيف أنت يا بني ؟ فجلس ربيع ، فقال : « أرضعتيه ؟ » قالت : لا . قال : « ما عليك لو قلت : يا ابن أخي ، فصدقت »
__________
(1) انكب على الشيء : أقبل عليه ولزمه وشغل به

(2/55)


532 - حدثنا عبد الرحمن بن يونس ، حدثنا يحيى بن يمان ، أخبرنا سفيان بن سعيد ، عن أبيه ، عن محارب بن دثار : « أن امرأة قالت لشتير بن شكل : يا بني . قال : » كذبت لم تلديني «

(2/56)


533 - حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، قال : ذكرت لإبراهيم رحمه الله حديث أبي الضحى ، عن مسروق أنه رخص في الكذب في إصلاح بين الناس ، فقال : « ما كانوا يرخصون في الكذب في جد ولا هزل »

(2/57)


534 - حدثنا أحمد ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا ابن عون ، عن محمد ، أنه ذكر عنده : أنه يصلح الكذب في الحرب ، فأنكر ذلك وقال : « ما أعلم الكذب إلا حراما » . قال ابن عون : فغزوت ، فخطبنا معاوية بن هشام فقال : اللهم انصرنا على عمورية ، وهو يريد غيرها ، فلما قدمت ذكرت ذلك لمحمد فقال : « أما هذا فلا بأس به »

(2/58)


535 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، وقيس ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين »

(2/59)


536 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت ابن أبي ليلى يحدث ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من روى عني حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين »

(2/60)


537 - حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد القرشي ، وعبد الرحمن بن صالح العتكي ، قالا : حدثنا حسين الجعفي ، عن الحسن بن الحر ، عن ميمون بن أبي شبيب قال : « قعدت أكتب كتابا ، فمررت بحرف إن أنا كتبته زينت الكتاب ، وكنت قد كذبت ، فعزمت على تركه ، فناداني مناد من جانب البيت » : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين (1) ) قال : « وتهيأت للجمعة - في زمن الحجاج - فجعلت أقول : أذهب ؟ فناداني مناد من جانب البيت » : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله (2) ) قال : « فذهبت »
__________
(1) سورة : إبراهيم آية رقم : 27
(2) سورة : الجمعة آية رقم : 9

(2/61)


538 - حدثنا المثنى بن معاذ ، حدثنا سلم بن قتيبة ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : كساني أبي حلة (1) فخرجت فيها فقال لي أصحابي : كساك هذه الأمير ؟ فأحببت أن يروا أن الأمير كسانيها ، فقلت : جزى الله الأمير خيرا ، كسا الله الأمير من كسوة الجنة ، فذكرت ذلك لأبي فقال : « يا بني لا تكذب ولا تشبه بالكذب »
__________
(1) الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد

(2/62)


539 - حدثني أبو صالح المروزي ، عن محمد بن مزاحم ، قال : قالت أم سهل بن علي له يوما : « يا بني ، رد نصف هذا الباب ، فجاء بخيط فجعل يقدر »

(2/63)


540 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن يونس ، عن الحسن قال : « قال لقمان عليه السلام لابنه : إياك والكذب ؛ فإنه شهي كلحم العصفور ، عما قليل يقلاه صاحبه »

(2/64)


541 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير ، عن بيان بن بشر ، عن الشعبي قال : « ما أدري أيهما أبعد غورا في النار الكذب أو البخل ؟ »

(2/65)


542 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا علي بن عاصم ، أخبرنا بيان بن بشر ، عن الشعبي قال : « من كذب فهو منافق »

(2/66)


543 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله رضي الله عنه أنه ، قال : « ألا إن شر الروايا روايا الكذب ، ألا وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، ولا أن يعد الرجل ولده شيئا ولا ينجزه . ألا وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار . ألا وإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإنه يقال للصادق : صدق وبر ، ويقال للكاذب : كذب وفجر »

(2/67)


544 - ألا وإن محمدا حدثنا : « إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا »

(2/68)


545 - حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا المسعودي ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : « والذي نفسي بيده ما أحل الله الكذب في جد ولا في هزل قط ، ولا أن يعد الرجل صبيه ثم لا ينجزه له ، اقرءوا إن شئتم : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (1) ) »
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 119

(2/69)


546 - حدثنا ابن منيع ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن أبي معمر قال : قال عبد الله رضي الله عنه : « لا يصلح الكذب في هزل ولا جد ، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئا ، ثم لا ينجزه له »

(2/70)


547 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن الحميدي قال : قال الأعمش : « لقد أدركت قوما لو لم يتركوا الكذب إلا حياء لتركوه »

(2/71)


548 - حدثنا هارون بن سفيان ، حدثنا عبد الله بن صالح العجلي ، قال : سمعت ابن السماك يقول : « ما أراني أوجر على تركي الكذب ، لأني إنما أدعه أنفة »

(2/72)


549 - حدثني العباس بن جعفر ، حدثنا ابن أبي رزمة ، عن أبيه ، قال : سمعت ابن المبارك يقول : « أول عقوبة الكاذب من كذبه أن يرد عليه صدقه »

(2/73)


550 - وحدثني العباس ، حدثني حسين بن حسن ، حدثنا إسحاق بن منصور ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش رحمه الله يقول : « إذا كذبني الرجل كذبة لم أقبل منه بعدها »

(2/74)


551 - حدثني أبو صالح المروزي ، قال : سمعت رافع بن أشرس قال : قلت لخالد بن صبيح : أرأيت من يكذب الكذبة هل يسمى فاسقا ؟ قال : « نعم »

(2/75)


552 - وحدثني عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « كل الخلال (1) يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(2/76)


553 - وحدثني أبو صالح قال : سمعت رافع بن أشرس قال : « كان يقال : إن من عقوبة الكذاب أن لا يقبل صدقه . قال : وأنا أقول : ومن عقوبة الفاسق المبتدع أن لا تذكر محاسنه »

(2/77)


554 - حدثني العباس العنبري ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق رحمه الله قال : « ليس شيء أعظم عند الله من الكذب »

(2/78)


555 - حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي ، حدثنا إبراهيم بن عيسى قال : « قال لقمان عليه السلام لابنه : يا بني ، من ساء خلقه عذب نفسه ، ومن كذب ذهب جماله »

(2/79)


556 - حدثنا عبد الرحمن بن واقد ، حدثنا ضمرة ، حدثنا علي بن أبي حملة ، قال : قال عبد الله بن أبي زكريا الدمشقي : « عالجت الصمت عما لا يعنيني عشرين سنة قل أن أقدر منه على ما أريد » . قال : وكان لا يدع يغتاب (1) في مجلسه أحد ، يقول : « إن ذكرتم الله أعناكم ، وإن ذكرتم الناس تركناكم »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/80)


557 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت »

(2/81)


558 - حدثني الحسين بن السكن بن أبي السكن القرشي ، حدثنا المعلى بن أسد العمي ، حدثنا سيار بن الحكم ، قال ثابت البناني : حدثنا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أبا ذر ، ألا أدلك على خصلتين ، هما أخف على الظهر ، وأثقل في الميزان من غيرهما ؟ » قال : بلى يا رسول الله . قال : « عليك بحسن الخلق وطول الصمت ، فوالذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما »

(2/82)


559 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، وأبو بكر ، قالا : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت »

(2/83)


560 - حدثنا علي بن الجعد ، ومحمد بن يزيد الآدمي ، قالا : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا العوام بن جويرية ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : « أربع لا يصبن إلا بعجب : الصمت وهو أول العبادة ، والتواضع ، وذكر الله ، وقلة الشيء »

(2/84)


561 - حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثنا عبد الله بن المسيب ، عن الضحاك بن شرحبيل ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه كان يقول : « من لم ير أن كلامه من عمله ، وأن خلقه من دينه هلك وهو لا يشعر »

(2/85)


562 - حدثنا محمد بن مسعود ، أخبرنا عبد الرزاق ، قال : سمعت وهيب بن الورد رحمه الله يقول : « من عد كلامه من عمله قل كلامه »

(2/86)


563 - حدثني سريج بن يونس ، حدثنا علي بن ثابت ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه »

(2/87)


564 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، أخبرني ابن وهب ، حدثنا بكر بن مضر ، عن عبد الرحمن بن شريح قال : « لو أن عبدا اختار لنفسه ما اختار أفضل من الصمت »

(2/88)


565 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عياض بن عبد الله الفهري قال : « إن الرجل ليطغى في كلامه كما يطغى في ماله »

(2/89)


566 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، حدثنا ابن وهب ، حدثني سحبل بن محمد الأسلمي قال : سمعت محمد بن عجلان يقول : « إنما الكلام أربعة : أن تذكر الله ، وأن تقرأ القرآن ، وتسأل عن علم فتخبر به ، أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك »

(2/90)


567 - حدثني أبو حاتم ، حدثنا ابن عفير ، حدثنا يحيى بن أيوب ، عن محمد بن موسى بن علي ، عن أبيه قال : « قال ربيط بني إسرائيل : زين المرأة الحياء ، وزين الحكيم الصمت »

(2/91)


568 - حدثني أبو حاتم الرازي ، حدثنا أصبغ ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني ابن عبد الحميد بن سالم المهري ، عن عبد الله بن حبيب رحمه الله : « أن داود النبي عليه السلام قال : رب كلام قد ندمت عليه ولم أندم على صمت قط »

(2/92)


569 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا أبو خليد عتبة بن حماد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال : « خصلتان إذا رأيتهما في الرجل ، فاعلم أن ما وراءهما خير منهما ، إذا كان حابسا للسانه ، يحافظ على صلاته »

(2/93)


570 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا محمد بن وهب بن عطية ، حدثنا الهيثم بن عمران العنسي : أن عبد الله بن أبي زكريا قال : « عالجت السكوت عشرين سنة ، فما بلغت منه ما أردت »

(2/94)


571 - وحدثني محمد بن إدريس ، حدثنا محمد بن وهب ، حدثنا عبيد بن الوليد بن أبي السائب ، حدثني أبي قال : « كان عبد الله بن أبي زكريا إذا كان في مجلس فخاض جلساؤه في غير ذكر الله فكأنه ساه (1) ، وإذا أخذوا في ذكر الله كان أشد القوم استماعا إليه »
__________
(1) السَّهْوُ في الشيء : تَرْكُه عن غَيرِ علْم. والسَّهوُ عنه تَرْكُه مع العِلْم

(2/95)


572 - وحدثني محمد بن إدريس ، حدثنا يزيد بن عبد الله ، حدثنا بقية ، حدثنا مسلم بن زياد قال : « كان عبد الله بن أبي زكريا لا يكاد يتكلم حتى يسأل ، وكان من أبش الناس ، وأكثرهم تبسما »

(2/96)


573 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا عقبة بن علقمة ، عن إبراهيم بن أدهم ، رحمه الله ونفعنا ببركاته ، قال : « إذا تكلم الحدث عندنا في الحلقة أيسنا من خيره »

(2/97)


574 - حدثني محمد بن منصور ، حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا ابن عياش ، عن أبي سلمة الصنعاني ، رحمه الله : أن كعبا كان يقول : « قلة المنطق حكم عظيم معنى ، فعليكم بالصمت فإنه رعة حسنة ، وقلة وزر (1) ، وخفة من الذنوب »
__________
(1) الوِزْر : الحِمْل والثِّقْل، وأكثر ما يُطْلَق في الحديث على الذَّنْب والإثم. يقال : وَزَرَ يَزِرُ ٌ، إذا حَمل ما يُثْقِل ظَهْرَه من الأشياء المُثْقَلة ومن الذنوب.

(2/98)


575 - حدثنا الحسين بن مهدي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن عمر بن نبهان ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقارض من نار ، كلما قرضت عادت ، فقلت : يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : خطباء من أمتك يقولون ما لا يفعلون »

(2/99)


576 - حدثنا حسين بن مهدي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان أبغض (1) الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الألد الخصم (2) »
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(2) الألد : العنيد شديد الخصومة

(2/100)


577 - حدثنا حسين بن مهدي ، حدثنا عبد القدوس أبو المغيرة ، حدثنا صفوان بن عمرو السكسكي ، حدثني راشد بن سعد ، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما عرج (1) بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون (2) وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل . قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون (3) في أعراضهم »
__________
(1) العروج : الصعود
(2) خمش : خدش
(3) وَقَعْت بفُلان : إذا لُمْتَه ووقَعْت فيه، إذا عِبْتَهُ وَذَممْتَه

(2/101)


578 - حدثنا بشر بن معاذ ، حدثنا حماد بن يحيى الأبح ، عن محمد بن واسع ، عن مطرف بن الشخير قال : « من صفا عمله صفا لسانه ، ومن خلط خلط له »

(2/102)


579 - حدثني أزهر بن مروان ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا عنبسة الخواص ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو في الطواف : « يا لسان قل فاغنم ، أو اسكت واسلم ، قبل أن تندم »

(2/103)


580 - حدثني أزهر بن مروان ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا المعلى ، قال : قال مورق : « أمر أنا في طلبه منذ كذا وكذا سنة لم أقدر عليه ، ولست بتارك طلبه أبدا » . قالوا : وما هو يا أبا المعتمر ؟ قال : « الكف عما لا يعنيني »

(2/104)


581 - حدثنا أحمد بن بحر ، حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي حيان ، عن إبراهيم التيمي رحمه الله قال : « ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا »

(2/105)


582 - حدثني سريج بن يونس ، حدثنا المبارك بن سعيد ، عن رجل ، قد سماه ، عن بكر بن ماعز قال : كان الربيع بن خثيم يقول : « يا بكر ، اخزن لسانك إلا مما لك ، فإني اتهمت الناس على ديني »

(2/106)


583 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا ضمرة ، عن علي بن أبي حملة ، عن عبد الله بن أبي زكريا قال : سمعته يقول : « عالجت الصمت عشرين سنة فلم أقدر منه على ما أريد » ، وكان لا يدع يغتاب (1) في مجلسه أحد يقول : « إن ذكرتم الله أعناكم ، وإن ذكرتم الناس تركناكم »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/107)


584 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا أبي ، عن طلحة بن زيد قال : قال الحسن رضي الله عنه : « ابن آدم وكل بك ملكان كريمان ، ريقك (1) مدادهما ، ولسانك قلمهما »
__________
(1) الريق : الرضاب ( ماء الفم )

(2/108)


585 - حدثني إبراهيم ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا بقية ، عن ابن أبي مريم ، عن مهاجر ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : « ما لعن الأرض أحد إلا قالت : لعن الله أعصانا لله عز وجل »

(2/109)


586 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : دخل رجل على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فجعل يشكو إليه رجلا ظلمه ، ويقع فيه ، فقال له عمر رضي الله عنه : « إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي خير لك من أن تلقاه وقد انتقصتها »

(2/110)


587 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا مخلد ، حدثنا بعض ، أصحابنا قال : ذكرت يوما عند الحسن بن ذكوان رجلا بشيء فقال : « مه (1) لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك »
__________
(1) مه : كلمة زجر بمعنى كف واسكت وانته

(2/111)


588 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا مخلد ، حدثني عقيل يوما بحديث ومعي ابن فرافصة يعني الحجاج ، فقلت فيه فأعنفت في القول ، فقال الحجاج : « لا تقل بقول الجهلة »

(2/112)


589 - وحدثني إبراهيم ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا مخلد ، قال : جاء رجل إلى أبان بن أبي عياش فقال : إن فلانا يقع فيك . قال : « أقرئه السلام ، وأعلمه أنه قد هيجني على الاستغفار »

(2/113)


590 - وحدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثنا ضمرة ، عن العلاء بن هارون قال : كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يتحفظ في منطقه لا يتكلم بشيء من الخنا (1) فخرج به خرج في إبطه ، فقالوا : أي شيء عسى أن يقول الآن ؟ قالوا : يا أبا حفص : أين خرج منك هذا الخرج ؟ قال : « في باطن يدي »
__________
(1) الخنا : الفحش

(2/114)


591 - وحدثني إبراهيم ، حدثنا موسى ، حدثنا مخلد قال : « كان رجل من بني إسرائيل كثير الصمت ، فبعث إليه ملكهم ، فسأله ، فلم يكلمه ، فبعث به معهم إلى الصيد ، فقال : لعله يرى شيئا فيتكلم ، فخرجوا به فرأوا صيدا فصاح ، فسرحوا عليه طير باز فأخذه ، فقال الرجل : السكوت لكل شيء جيد حتى للطير »

(2/115)


592 - وحدثني إبراهيم ، حدثنا موسى بن أيوب ، حدثني عقبة بن علقمة المعافري ، عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله ونفعنا ببركاته ، قال : « إذا تكلم الحدث في الحلقة عندنا أيسنا من خيره »

(2/116)


593 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أعظم الناس فرية (1) اثنان : شاعر يهجو (2) القبيلة بأسرها ، ورجل انتفى من أبيه »
__________
(1) الفرية : الكذب
(2) الهجاء : السَّبُّ وتعديد المعايب، ويكون بالشعر غالبا

(2/117)


594 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا معتمر ، عن أبيه ، حدثنا أبو عمرو الشيباني ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر »

(2/118)


595 - حدثنا أبو بكر ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي خالد الوالبي ، عن النعمان بن عمرو بن مقرن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر »

(2/119)


596 - حدثنا أبو بكر ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي ، حدثنا أبو هلال ، حدثنا محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر » قال أبو بكر : « ليس هذا عند أهل البصرة »

(2/120)


باب ذم المداحين

(2/121)


597 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه ، أن رجلا مدح رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ويحك قطعت عنق صاحبك » ثم قال : « إن كان لا بد أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل : أحسب فلانا ، ولا أزكي (1) على الله أحدا حسيبه الله ، إن كان يرى أنه كذلك »
__________
(1) التزكية : المدح على سبيل الإعجاب

(2/122)


598 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ، ومنصور ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث قال : قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأينا المداحين أن نحثو (1) في وجوههم التراب »
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما

(2/123)


599 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حزم قال : سمعت الحسن ، قال : مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه والجارود معه ، فسمع قائلا يقول : هذا سيد ربيعة . فعلاه بالدرة (1) ، فقال : « أما إنك قد سمعتها »
__________
(1) الدرة : السوط يُضرب به

(2/124)


600 - حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا محمد بن يزيد ، عن العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ذبح الرجل أن تزكيه في وجهه »

(2/125)


601 - حدثني محمد بن الحارث المقرئ ، حدثنا سيار ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عطاء السليمي قال : سمعت جعفر بن زيد العبدي يذكر « أن رجلا مر بمجلس ، فأثني عليه خيرا ، فلما جاوزهم ، قال : اللهم إن هؤلاء لم يعرفوني وأنت تعرفني »

(2/126)


602 - حدثنا أحمد بن بحر ، حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : « أثنى رجل على رجل من المصلين في وجهه ، فقال : اللهم إن عبدك تقرب إلي بمقتك وأنا أشهد على مقته »

(2/127)


603 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثني محمد بن أبي جميلة ، حدثنا خالد بن معدان رضي الله عنه قال : « من مدح إماما أو أحدا بما ليس فيه على رءوس الأشهاد بعثه الله يوم القيامة يتعثر بلسانه »

(2/128)


604 - حدثنا محمد بن عبد المجيد التميمي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن يونس ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله »

(2/129)


605 - حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن رضي الله عنه قال : كان عمر رضي الله عنه قاعدا ومعه الدرة (1) ، والناس حوله إذ أقبل الجارود فقال رجل : هذا سيد ربيعة ، فسمعه عمر رضي الله عنه ومن حوله ، وسمعها الجارود ، فلما دنا (2) منه خفقه بالدرة ، فقال : ما لي ولك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : « ما لي ولك ، أما لقد سمعتها » قال : سمعتها ؟ قال : « خشيت أن يخالط قلبك منها شيء ، فأحببت أن أطأطئ منك »
__________
(1) الدرة : السوط يُضرب به
(2) الدنو : الاقتراب

(2/130)


606 - حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا أبو سعيد المؤدب ، عن عبيد الله بن عمر قال : أظنه عن أسلم ، مولى عمر ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : « المدح ذبح »

(2/131)


607 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أبي غنية ، حدثني أبي قال : سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يثني على رجل ، فقال : « أسافرت معه ؟ » قال : لا . قال : « أخالطته ؟ » قال : لا . قال : « والله الذي لا إله غيره ما تعرفه »

(2/132)


608 - حدثني محمد بن يحيى الواسطي ، حدثنا حبان بن صخر بن جويرية ، قال : سمعت سفيان بن عيينة رحمه الله يقول : « ليس يضر المدح من عرف نفسه »

(2/133)


609 - حدثني الحسن بن الصباح ، حدثنا محمد بن كثير ، عن إبراهيم بن عمر ، قال : قال وهب بن منبه رحمه الله : « إذا مدحك الرجل بما ليس فيك ، فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك »

(2/134)


610 - حدثني أبو يعلى الثقفي ، حدثنا أحمد بن يونس ، عن ابن شهاب ، عن الأعمش ، عن الحسن : أن رجلا أثنى على عمر رضي الله عنه ، فقال : « تهلكني وتهلك نفسك »

(2/135)


611 - حدثني زياد بن أيوب ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري قال : أثنى رجل على علي رضي الله عنه في وجهه ، وقد كان بلغه أنه يقع فيه فقال له علي رضي الله عنه : « أنا دون ما قلت ، وفوق ما في نفسك »

(2/136)


باب جامع لما تقدم من الأبواب

(2/137)


612 - حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا سهل بن هاشم البيروتي ، عن الأوزاعي قال : « قال سليمان بن داود عليهما السلام : إن كان الكلام من فضة ، فالصمت من ذهب »

(2/138)


613 - حدثني محمد بن عبد المجيد التيمي ، حدثني الوليد بن صالح ، قال : قال علي رضي الله عنه : « وار شخصك لا تذكر ، واصمت تسلم »

(2/139)


614 - حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال : جاء رجل إلى سلمان رضي الله عنه فقال : يا أبا عبد الله ، أوصني . قال : « لا تكلم » ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم . قال : « فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت » ، قال : زدني . قال : « لا تغضب » ، قال : أمرتني ألا أغضب ، وإنه ليغشاني ما لا أملك . قال : « فإن غضبت فاملك لسانك ويدك » ، قال : زدني . قال : « لا تلابس الناس » ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم (1) . قال : « فإن لابستهم فاصدق الحديث وأد الأمانة »
__________
(1) الملابسة : المخالطة

(2/140)


615 - حدثني محمد بن قدامة الجوهري ، ومحمد بن عبد المجيد التميمي - وهذا لفظ محمد بن عبد المجيد - قالا : حدثنا يحيى بن سليم ، عن إسماعيل بن كثير ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : « إن لبني آدم جلساء من الملائكة ، فإذا ذكر الرجل أخاه المسلم بخير قالت الملائكة : ولك بمثله ، وإذا ذكره بسوء قالت الملائكة : ابن آدم المستور عورته أربع على نفسك ، واحمد الله الذي ستر عورتك »

(2/141)


616 - حدثني عبيد الله بن محمد ، قال : بشر بن الحارث ، رحمه الله قال : « قال الله عز وجل لآدم عليه السلام : يا آدم ، إني قد جعلت لفمك طبقا ، فإذا هممت أن تتكلم بما لا ينبغي فأطبقه ، وجعلت لعينيك طبقا ، فإذا رأيت ما لا ينبغي فأطبقهما ، وقد سترت فرجك بستر ، فلا تكشفه إلا عندما يحل لك »

(2/142)


617 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن يزيد بن حيان ، عن عنبس بن عقبة ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : « والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أفقر إلى طول سجن من لسان »

(2/143)


618 - حدثنا محمد بن حسان السمتي ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهاجت ريح منتنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أناسا من المنافقين اغتابوا ناسا من المسلمين فلذلك هاجت هذه الريح »

(2/144)


619 - حدثنا حمدون بن سعد ، حدثنا النضر بن إسماعيل ، عن ابن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى ، عن أبيه أبي ليلى ، رحمهم الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا الليل ، ولا النهار ، ولا الشمس ، ولا القمر ، ولا الرياح ، فإن الله بعثهم رحمة على قوم وعذابا على آخرين »

(2/145)


620 - وحدثنا حمدون بن سعد ، حدثنا النضر بن إسماعيل ، عن أبي طالب ، عن عمار الدهني ، عن أبي جعفر قال : سمع علي رضي الله عنه امرأة تقول : اللهم أدخلني في شفاعة محمد . قال : « إذا تمسك النار »

(2/146)


621 - حدثنا الحسن بن محبوب ، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي ، قال : سمعت أبا جعفر ، يذكر عن الربيع بن أنس رحمه الله ، قال : « مكتوب في الحكمة : من يصحب صاحب السوء لا يسلم ، ومن يدخل في مداخل السوء يتهم ، ومن لا يملك لسانه يندم »

(2/147)


622 - حدثني محمد بن قدامة ، حدثنا سفيان ، عن مسعر ، عن محارب قال : « صحبنا القاسم بن عبد الرحمن فغلبنا بثلاث : بطول الصمت ، وسخاء النفس ، وكثرة الصلاة »

(2/148)


623 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثني إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ، عن إبراهيم بن محمد بن فراس ، عن وهب بن منبه ، رحمه الله قال : « أجمعت الأطباء أن رأس الطب الحمية ، وأجمعت الحكماء أن رأس الحكمة الصمت »

(2/149)


624 - حدثني هارون بن سفيان ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، رحمه الله ، قال : « كانوا يجلسون فأطولهم سكوتا أفضلهم في أنفسهم »

(2/150)


625 - حدثني هارون بن سفيان ، حدثني حمزة بن زياد ، حدثنا أبو هلال ، عن قتادة رضي الله عنه قال : « إن الرجل ليشبع من الكلام كما يشبع من الطعام »

(2/151)


626 - حدثني محمد بن إسحاق الباهلي ، حدثنا سفيان ، رحمه الله ، قال : كنا عند الأعمش فذكروا قتل زيد بن علي فقال : « أنا لكم النذير العريان ، كف رجل يده ، وأمسك لسانه ، وعالج قلبه »

(2/152)


627 - حدثت عن أبي عاصم العباداني ، قال : سمعت شميط بن عجلان يقول : « يا ابن آدم إنك ما سكت فأنت سالم ، فإذا تكلمت فخذ حذرك : إما لك وإما عليك »

(2/153)


628 - وحدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عمر بن بكار ، عن عمرو بن الحارث ، عن العلاء بن سعد بن مسعود ، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الرجل ليكلمني بالكلام فجوابه أشهى إلي من الماء البارد على الظمإ ، فأترك جوابه خيفة أن يكون فضلا »

(2/154)


629 - وحدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا رشدين بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، عن عبد الكريم بن الحارث ، عن قيس بن رافع رحمه الله ، قال : اجتمع ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ابن عباس رضي الله عنهما ، فتذاكروا الخير ، فرقوا وواقد بن الحارث ساكت ، فقالوا : يا أبا الحارث ، ألا تتكلم ؟ قال : « قد تكلمتم وكفيتم » قالوا : تكلم فلعمري ما أنت بأصغرنا سنا . فقال : « أسمع القول فالقول قول خائف ، وأنظر الفعل فالفعل فعل آمن »

(2/155)


630 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « اعتبروا الناس بأعمالهم ، ودعوا قولهم ، فإن الله لم يدع قولا إلا جعل عليه دليلا من عمل يصدقه أو يكذبه ، فإذا سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه ، فإن وافق قول عملا فنعم ونعمت عين ، آخه وأحببه . وإن خالف قول عملا ، فماذا يشبه عليك منه ، أم ماذا يخفى عليك منه ، إياك وإياه لا يخدعنك كما خدع ابن آدم ، إن لك قولا وعملا ، فعملك أحق بك من قولك ، وإن لك سريرة وعلانية ، فسريرتك أحق بك من علانيتك ، وإن لك عاجلة وعاقبة ، فعاقبتك أحق من عاجلتك »

(2/156)


631 - حدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمران بن الجعد قال : قال ابن مسعود رضي الله عنه : « إن الناس قد أحسنوا القول كلهم ، فمن وافق قوله فعله فذلك الذي أصاب حظه ، ومن خالف قوله عمله فإنما يوبخ نفسه »

(2/157)


632 - حدثني حمزة ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن رضي الله عنه قال : « إذا شئت لقيته أبيض بضا ، حديد اللسان حديد النظر ، ميت القلب والعمل ، أنت أبصر به من نفسه ، ترى أبدانا ولا قلوب ، وتسمع الصوت ولا أنيس ، أخصب ألسنة وأجدب قلوبا »

(2/158)


633 - حدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا رشدين بن سعد ، حدثنا الحجاج بن شداد ، أنه سمع عبيد الله بن أبي جعفر وكان أحد الحكماء ، يقول : « إذا كان المرء يحدث في مجلس فأعجبه الحديث فليسكت ، فإن كان ساكتا فأعجبه السكوت فليحدث »

(2/159)


634 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن مطرف قال : « ليعظم جلال الله في صدوركم ، فلا تذكروه عند مثل قول أحدكم للكلب : اللهم أخزه (1) وللحمار وللشاة »
__________
(1) الخزي : الذل والعار والهوان والاستحياء من القبيح

(2/160)


635 - حدثني حمزة ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن خناس بن سحيم قال : أقبلت مع زياد بن حدير من الكناسة فقلت في كلامي : لا والأمانة . فجعل زياد يبكي ويبكي ، فظننت أني أتيت أمرا عظيما ، فقلت له : أكان يكره ما قلت ؟ قال : نعم ، « كان عمر رضي الله عنه ينهانا عن الحلف بالأمانة أشد النهي »

(2/161)


636 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان أخبرنا عبد الله ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق رضي الله عنه ، أنه سئل عن بيت من شعر فكرهه ، فقيل له ، فقال : « إني أكره أن يوجد في صحيفتي شعر »

(2/162)


637 - حدثني علي بن أبي مريم ، عن حسين الجعفي ، حدثنا هلال أبو أيوب الصيرفي ، قال : سألت طلحة بن مصرف ، عن شيء من الشعر ، قال : « اجعل مكان هذا ذكرا ، فإن ذكر الله خير من الشعر »

(2/163)


638 - حدثنا محمد بن الحسين ، حدثنا مطرف أبو المصعب ، حدثنا مالك بن أنس ، قال : قال القاسم بن محمد أدركت الناس وما يعجبون للقول

(2/164)


639 - وحدثني محمد ، حدثني الحميدي ، عن سفيان رحمه الله ، قال : اجتمعوا إلى القاسم بن محمد رحمه الله في صدقة قسمها ، قال : وهو يصلي ، فجعلوا يتكلمون فقال ابنه : إنكم اجتمعتم إلى رجل والله ما نال منها درهما ولا دانقا ، قال : فأوجز القاسم ثم قال : « قل يا بني فيما علمته » قال سفيان : « صدق ابنه ولكنه أراد تأديبه في المنطق وحفظه »

(2/165)


640 - وحدثني علي بن أبي مريم ، عن خالد بن يزيد القرني ، حدثنا يحيى بن مطر ، قال : قلت لعيسى بن جابان : أقعد إلى هؤلاء القوم ساعة ، قال : وما يدريك ما قدر ساعة ؟ قلت : هنيهة . قال : هكذا فقل . قال : وقال لي عيسى يوما : « ادخل فانظر فلانا هل تراه في المسجد » ، فدخلت ، وخرجت ، فقلت : ليس في المسجد أحد . قال : « لا تقل هكذا قلت : لم أر في المسجد أحدا » قال : « هكذا فقل »

(2/166)


641 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا ابن لهيعة ، حدثني الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، قال : سمعت وهبا الذماري يحدث ، عن فضالة بن عبيد قال : « إن داود النبي عليه السلام سأل ربه أن يخبره بأحب الأعمال إليه ، قال : عشرا إذا فعلتهن يا داود ، لا تذكرن أحدا من خلقي إلا بخير ، ولا تغتابن (1) أحدا من خلقي ، ولا تحسدن أحدا من خلقي . قال : يا رب ، هؤلاء الثلاث لا أستطيع أن أعملهن »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/167)


642 - حدثني هارون بن سفيان ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا أبو قدامة ، قال : سمعت مالك بن دينار رحمه الله يقول : « لو كلف الناس الصحف لأقلوا من المنطق »

(2/168)


643 - حدثني هارون ، حدثني بعض الكوفيين ، قال : سمعت الحسن بن حي يقول : « إني لأعرف رجلا يعد كلامه . وكانوا يرون أنه هو »

(2/169)


644 - حدثني هارون بن سفيان ، حدثني عباد بن يزيد أبو عبد الله العابد ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن دينار البهراني ، قال : كتب زيد بن ثابت رضي الله عنه إلى أبي بن كعب رضي الله عنه : « أما بعد ، فإن الله جعل اللسان ترجمانا للقلب ، وجعل القلب وعاء وداعيا ينقاد له اللسان ، لما هدي له القلب ، وإذا كان القلب على طرف اللسان كل الكلام واختلف القول ، فإذا كان اللسان من وراء القلب استقام القول واعتدل ولم يكن للسان عثرة (1) ، ولا زلة ، ولا حلم ، لمن لم يكن قلبه بين يدي لسانه ، فإذا بذل الرجل كلامه بلسانه ، وخالف على ذلك قلبه ، خدع بذلك نفسه ، وإذا وزن الرجل كلامه بفعله صدق ذلك مواقع حديثه ، تذكر هل وجدت بخيلا إلا وهو يجود بالقول ، ويضن بالفعل ، وذلك لأن لسانه بين يدي قلبه ، تذكر هل تجد عند أحد شرفا مروءة إذا لم يحفظ ما قال ثم يتبعه ، ويقول ما قال وهو يعلم أنه حق عليه ، واجب حين يتكلم به ، لا تكونن بصيرا بعيوب الناس ، كأن الذي يبصر عيوب الناس ، ويهون عليه عيبه ، كمن يتكلف ما لم يؤمر به ، والسلام »
__________
(1) العثرة : الزلة والسقطة

(2/170)


645 - حدثني سريج بن يونس ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا هشام بن حسان ، عن خالد الربعي قال : « نبئت أن عيسى ، عليه السلام قال لأصحابه : أرأيتم لو مررتم على رجل نائم وقد كشفت الريح عنه ثوبه قالوا : كنا نرده عليه ، قال : بل تكشفون ما بقي . مثل ضربه للقوم يسمعون عن الرجل بالسيئة فيزيدون عليها ، ويذكرون أكثر منها »

(2/171)


646 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن ابن المبارك ، رحمه الله ، قال : قيل لابن عون : ألا تتكلم فتؤجر ؟ قال : « أما يرضى المتكلم بالكفاف (1) »
__________
(1) الكفاف : تعادل الحسنات مع السيئات

(2/172)


647 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا وهيب قال : « قال عيسى ابن مريم عليه السلام : أربع لا يجتمعن في أحد من الناس إلا بعجب : الصمت وهو أول العبادة ، والتواضع لله ، والزهادة في الدنيا ، وقلة الشيء »

(2/173)


648 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني يوسف بن الحكم ، أخبرني جعفر بن سيدان الأزدي ، عن أبي عبد الله الخرشي ، قال : سمعت بعض العلماء ممن قدم على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول : الصامت على علم كالمتكلم على علم . فقال عمر : « إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالا ، وذلك أن منفعته للناس وهذا صمته لنفسه » قالوا : يا أمير المؤمنين ، فكيف بفتنة المنطق ؟ قال : فبكى عمر رضي الله عنه بكاء شديدا

(2/174)


649 - حدثني محمد بن يحيى الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا اليمان بن المغيرة ، حدثني ابن جودان ، أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه قال : أردت وجها ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جالسا وكنت قائما ، فقلت : يا رسول الله ، ما توصيني به ؟ فرفع رأسه ، فقال : « أوصيك بإطعام الطعام ، وبإفشاء السلام ، وبلين الكلام »

(2/175)


650 - حدثني إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا خلف بن تميم ، عن محمد بن عبد العزيز التيمي ، عن جليس لهم ، عن الشعبي رحمه الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه : « ألا أدلك على أحسن العمل وأيسره على البدن ؟ » قال : بلى بأبي أنت وأمي . قال : « حسن الخلق ، وطول الصمت ، عليك بهما فإنك لن تلقى الله بمثلهما »

(2/176)


651 - حدثني إبراهيم بن سعيد ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، رحمه الله : أن قوما صحبوا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال : « عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له ، وإياكم والمزاح ؛ فإنها تجر إلى القبيح ، وتورث الضغينة ، وتجالسوا بالقرآن ، وتحدثوا به ، فإن ثقل عليكم فحديث من حديث الرجال حسن سيروا باسم الله »

(2/177)


652 - حدثنا أبو بكر بن سهل ، حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا يحيى بن أيوب ، حدثنا ابن عجلان ، عن زياد ، مولى عبد الله بن عامر ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، أنه سمعه يقول : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمي وأنا غلام ، فأدبرت خارجا ، فنادتني أمي يا عبد الله هاك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما هذا تعطينه ؟ » قالت : أعطيه تمرا . قال : « أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة »

(2/178)


653 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، عن ليث ، قال : أظنه ذكره عن مجاهد رضي الله عنه قال : « إن الرجل ليسكت صبيته فيقول : اسكتي حتى أشتري لك كذا أو كذا فيكتب كذيبة »

(2/179)


654 - حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن أبي مليكة ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يكره الألد الخصم (1) »
__________
(1) الألد : العنيد شديد الخصومة

(2/180)


655 - حدثني الحسن بن الصباح ، عن أبي يزيد الرقي ، عن فضيل بن عياض رحمه الله قال : « ما حج ولا رباط (1) ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، ولو أصبحت يهمك لسانك أصبحت في غم شديد »
__________
(1) الرّباط : في الأصل : الإقامة على جِهَاد العَدوّ بالحرب، وارْتباط الخيل وإعْدَادها

(2/181)


656 - وقال فضيل رضي الله عنه : « سجن اللسان سجن المؤمن ، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه »

(2/182)


657 - وحدثني الحسن بن الصباح ، قال : قال علي بن بكار : قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : « إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت ، ويهرب من الناس فاقتربوا منه ، فإنه يلقي الحكمة »

(2/183)


658 - حدثنا الحسين بن علي العجلي ، حدثنا محمد بن الصلت ، عن ابن المبارك ، عن سليمان بن المغيرة ، عن يونس بن عبيد قال : « ما رأيت أحدا لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك صلاحا في سائر عمله »

(2/184)


659 - وحدثني الحسن بن الصباح ، أنه حدث عن عبد الرحمن المحاربي ، عن أبي رجاء ، عن عمر ، مولى غفرة ، عن عبد الله بن معمر قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « عليكم بذكر الله فإنه شفاء ، وإياكم وذكر الناس فإنه داء »

(2/185)


660 - حدثني أبو جعفر ، مولى بني هاشم ، عن أبي زيد محمد بن حسان ، قال : سمعت ابن المبارك يقول : « اغتنم ركعتين زلفى (1) إلى الله إذا كنت فارغا مستريحا ، وإذا هممت بالنطق في الباطل فاجعل مكانه تسبيحا ، فاغتنام السكوت أفضل من خوض وإن كنت بالحديث فصيحا »
__________
(1) الزلفى : من الازدلاف أي التقرب

(2/186)


661 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا مسعر ، قال : حدثني شيخ ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، أو ابن عمر رضي الله عنهم يقول : « كان في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل (1) »
__________
(1) الترسيل : التمهل والتأني

(2/187)


662 - حدثنا أبو سعيد المدني ، حدثنا العلاء بن عبد الجبار ، حدثني نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان الفحش (1) خلقا لكان شر خلق الله »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب

(2/188)


663 - حدثنا يعقوب بن عبيد ، حدثنا أبو عاصم النبيل ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ذكوان ، قال : قالت عائشة رضي الله عنها : « يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ، ولا يتوضأ من الكلمة الخبيثة يقولها »

(2/189)


664 - حدثنا أبو هشام ، حدثنا وكيع ، حدثنا كثير بن زيد ، عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم قال : ما سمعت أبي لعن شيئا قط إلا مرة

(2/190)


665 - وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا »

(2/191)


666 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، أخبرني ابن وهب ، حدثني سعيد بن أبي أيوب ، عن قيس بن حجاج ، عن حنش الصنعاني قال : « لم يكن فاحشا قط إلا لحيضة أو لزنية »

(2/192)


667 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا سلام بن مسكين قال : سمعت الحسن رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رحم الله رجلا قال حقا أو سكت ، رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ثم قال لامرأته : قومي فصلي »

(2/193)


668 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن الحكم ، قال : قال ابن عمر رضي الله عنهما : « لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء (1) وهو محق ، والكذب في المزاح »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة

(2/194)


669 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أنا يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه »

(2/195)


670 - حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن إسحاق ، عن سكين بن عبد العزيز ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس رضي الله عنهم ، أنه كان ردف (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ، وكان الفتى يلاحظ النساء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ببصره ، فصرفه عنه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا ابن أخي ، إن هذا يوم من ملك سمعه إلا من حق ، وبصره إلا من حق ، ولسانه إلا من حق غفر له »
__________
(1) الردف : الراكب خلف قائد الدابة

(2/196)


671 - حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : بينما جارية له على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ أبصرت النبي صلى الله عليه وسلم وتضايق بهم الجبل ، فقالت : حل اللهم العنها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة »

(2/197)


672 - حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا عبيد الله بن هوذة القريعي ، عن جرموز الهجيمي قال : قلت : يا رسول الله ، أوصني . قال : « أوصيك أن لا تكون لعانا »

(2/198)


673 - حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا أبو هلال الراسبي ، عن قتادة قال : قال ابن عمر رضي الله عنهما : « إن أبغض عباد الله إلى الله : كل طعان لعان »

(2/199)


674 - حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن ثابت بن الضحاك ، وكانت له صحبة - قال حماد : ولو قلت إنه مرفوع لم أبال - أنه قال : « لعن المؤمن كعدل قتله ، ومن دعاه بالكفر فهو كقتله ، ومن حلف بملة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال »

(2/200)


675 - حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا إسحاق بن سويد العدوي ، عن أبي قتادة رحمه الله قال : كان يقال : « من لعن مؤمنا فهو مثل أن يقتله »

(2/201)


676 - حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : « من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل »

(2/202)


677 - حدثنا عبيد الله ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا أبو إسماعيل ، شيخ له قال : سمعت الحسن ، رضي الله عنه يقول : « إنما يخاصم الشاك في دينه »

(2/203)


678 - حدثنا عبيد الله ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم رحمه الله قال : « كانوا يكرهون أن يتكلموا في القرآن »

(2/204)


679 - حدثنا عبيد الله ، حدثني عصمة بن غرزة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم رضي الله عنه قال : « كانوا يكرهون التلون في الدين »

(2/205)


680 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرني أبو جعفر الرازي ، عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل »

(2/206)


681 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو شهاب ، عن عمرو بن قيس الملائي ، « أن رجلا مر بلقمان عليه السلام والناس عنده ، فقال : ألست عبد بني فلان ؟ قال : بلى . قال : الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا ؟ قال : بلى . قال : ما الذي بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، وطول السكوت عما لا يعنيني »

(2/207)


682 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء قال : سمعته يقول : « ما لعنت شيئا قط ، ولا أكلت ملعونا قط »

(2/208)


683 - حدثني محمد بن عبد الملك ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد ، عن إبراهيم رحمه الله ، قال : « هلك الناس في خلتين (1) : فضول المال ، وفضول الكلام »
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة

(2/209)


684 - وحدثني عبد الله بن محمد البلخي ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن الليث بن سعد ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن أبي خلدة قال : « أدركت الناس وهم يعملون ولا يقولون ، وهم اليوم يقولون ولا يعملون »

(2/210)


685 - حدثني الفضل بن إسحاق ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن أسامة بن زيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد (1) الحديث سردكم هذا ، كان إذا جلس مجلسا تكلم بكلام فصل يبينه ، يحفظه من سمعه »
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم

(2/211)


686 - حدثنا فضل بن إسحاق ، حدثنا جعفر بن عون ، عن مسعر ، عن رجل قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : « كان في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل (1) »
__________
(1) الترسيل : التمهل والتأني

(2/212)


687 - حدثنا أحمد بن عيسى المصري ، حدثنا عبد الله بن وهب عن أبي يحيى بن سليمان ، عن هلال يعني ابن علي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : « لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ، ولا فحاشا ، ولا لعانا »

(2/213)


688 - وكان يقول لأحدنا عند المعتبة : « ما له ترب جبينه »

(2/214)


689 - حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا سلمة بن الفضل ، حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « بئس ابن العشيرة » فلما دخل باسطه ، فقلت : يا رسول الله ، سمعناك وما تقول قال : « دخل بيتي والله لا يحب الفاحش المتفحش »

(2/215)


690 - حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة ، حدثني محمد بن إسحاق ، عن صالح بن كيسان ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الله لا يحب الفاحش المتفحش »

(2/216)


691 - حدثنا الحسن بن محبوب ، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال : سمعت أبا جعفر يذكر ، عن الربيع بن أنس قال : « مكتوب في الحكمة : من يصحب صاحب السوء لا يسلم ، ومن يدخل مدخل السوء يتهم ، ومن لا يملك لسانه يندم »

(2/217)


692 - حدثني علي بن إبراهيم اليشكري ، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن عمر بن حفص ، عن ربيعة بن عطاء قال : قلت عند القاسم بن محمد : قاتل الله محمد بن يوسف ما أجرأه على الله . قال : « هو أذل وألأم من أن يجترئ (1) على الله ، ولكنها الغرة الغرة ، قل : ما أغره بالله »
__________
(1) الجَرَاءة : الإقْدَام على الشيء والشجاعة

(2/218)


693 - حدثني الفضل بن الصباح ، حدثنا أبو قتيبة ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله رحمه الله قال : « لا تقولوا : أصبحنا وأصبح الملك لله ، ولكن قولوا : أصبحنا والملك لله ، ولا يقول الرجل إذا سئل عن الرجل : ليس لي به عهد ، حتى يقول : مذ لم أره »

(2/219)


694 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ، حدثنا وهيب بن خالد ، حدثنا أبو واقد الليثي ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من حضر إماما فليقل حقا أو ليسكت »

(2/220)


695 - حدثني قاسم ، حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا وهيب ، حدثنا أبو واقد الليثي ، حدثني إسحاق ، مولى زائدة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من حفظ ما بين لحييه ، وما بين رجليه دخل الجنة »

(2/221)


696 - حدثنا بشار بن موسى ، أخبرنا يزيد بن المقدام بن شريح ، عن أبيه المقدام ، عن جده ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمع النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه لعن بعض رقيقه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « يا أبا بكر ، ليس الصديقون لعانين » قال : فأعتق أبو بكر رضي الله عنه يومئذ بعض رقيقه وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : والله لا أعود

(2/222)


697 - حدثني أبو إسحاق الأدمي ، حدثنا حجاج بن نصير ، عن قرة بن خالد ، عن بديل ، عن عبد الله بن شقيق ، حدثني جندل السدوسي قال : سمعت شريحا رحمه الله يقول : « إن اللئيم حق اللئيم الذي يقال : هذا فاجر فاجفوه ، » ليس هذا شريحا القاضي هذا شريح الأودي «

(2/223)


698 - حدثني الثقة الحسن بن سعيد الباهلي قال : لم يقل عبد الله بن المبارك رحمه الله مثل هذين البيتين : « تعاهد لسانك إن اللسان سريع إلى المرء في قتله ، وهذا اللسان بريد الفؤاد يدل الرجال على عقله »

(2/224)


699 - أنشدني الرياشي : « لسان الفتى سبع عليه شذاته وإلا يزع من غربه فهو آكله ، وما العجز إلا منطق متنوع سواء عليه حق أمر وباطله »

(2/225)


700 - حدثني سلمة بن شبيب ، أنه حدث عن عبد الله بن وهب ، عن بكر بن مضر ، عن عبد الرحمن بن شريح قال : « لو أن عبدا اختار لنفسه ما اختار أفضل من الصمت »

(2/226)


701 - وحدثني سلمة ، أنه حدث عن ابن وهب ، عن عياض بن عبد الله قال : كان يقال : « إن الرجل ليطغى في كلامه كما يطغى في ماله »

(2/227)


702 - وحدثني الحسين بن عبد الرحمن قال : قال أبو مسهر رحمه الله : « الصمت وعاء الأخيار »

(2/228)


703 - حدثني الحسين ، عن شيخ ، من أهل الشام ، عن رجل من ولد سليمان بن عبد الملك قال : قال سليمان بن عبد الملك : « الصمت منام العقل والمنطق يقظته ، ولا يتم حال إلا بحال »

(2/229)


704 - وحدثني الحسين ، عن شيخ ، من قريش قال : قال صعصعة بن صوحان : « الصمت حتى يحتاج إلى الكلام رأس المروءة »

(2/230)


705 - حدثني أبو عثمان البصري المقدمي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : سمعت أبا عاصم النبيل رحمه الله يقول : « ما اغتبت (1) مسلما منذ علمت أن الله حرم الغيبة (2) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(2) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/231)


706 - حدثني أحمد بن الحارث ، عن شيخ ، من قريش قال : « قيل لبعض العلماء : إنك تطيل الصمت ؟ فقال : إني رأيت لساني سبعا عقورا ، أخاف أن أخلي عنه فيعقرني »

(2/232)


707 - أنشدني أبو جعفر القرشي : « استر العي ما استطعت بصمت إن في الصمت راحة للصموت ، واجعل الصمت إن عييت جوابا رب قول جوابه في السكوت »

(2/233)


708 - حدثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، قال : سمعت عبد الله بن داود يقول : سمعت الأعمش يقول : « السكوت جواب »

(2/234)


709 - حدثني محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، قال : قلت لأبي أيوب : أوصني ، قال : « أقل من الكلام »

(2/235)


710 - أبو عبيدة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « شر الناس ذو الوجهين ، يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه »

(2/236)


711 - وفي الكتاب قال : وقال رجل لعبد الله بن المبارك رحمه الله : ربما أردت أن أتكلم بكلام حسن أو أحدث بحديث فأسكت ، أريد أن أعود نفسي السكوت ، قال : « تؤجر في ذلك وتشرف به »

(2/237)


712 - قال : وقال بعض الحكماء : « إني لأعتد بكلامي فيما لا بد لي منه مصيبة واقعة ، وأستعين بالله على السلامة منها ، وإني أعتد بصمتي عما لا يعنيني غنما ، وحادث نعمة ألتمس الشكر عليها ، إذ علمت أن من وراء كل كلمة رقيبا عتيدا وأنزلت ما اضطررت إليه من الكلام مصيبة نازلة ، وأنزلت ما كفيت من الكلام غنيمة باردة »

(2/238)


713 - حدثنا حسين بن علي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك »

(2/239)


714 - حدثنا حسين بن علي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد رحمه الله : ( ولا تلمزوا أنفسكم (1) ) قال : « لا يطعن بعضكم على بعض »
__________
(1) سورة : الحجرات آية رقم : 11

(2/240)


715 - حدثني الحارث بن محمد العمي ، عن شيخ ، من قريش ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « الصمت داعية إلى المحبة »

(2/241)


716 - حدثني صالح بن حكيم التمار ، حدثنا حرمي بن حفض ، حدثنا أبو هلال ، عن بكر قال : « تساب رجلان ، فقال أحدهما : محلمي عنك ما أعرف من نفسي »

(2/242)


717 - حدثنا أبو عبيدة بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا أبي ، حدثنا إياس الأفطس ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : ذكر رجل عند عائشة رضي الله عنها ، فنالت منه ، فقالوا : إنه قد مات . فترحمت عليه ، وقالت : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تذكروا موتاكم إلا بخير »

(2/243)


718 - حدثني الحسن بن الصباح ، أنه حدث عن عباءة بن كليب قال : أتاني مؤمل الشاعر فقال : قد علمت أنك لا تروي شعرا ولكن اسمع هذه الثلاثة الأبيات ، إذا سافهك لئيم أبدا فامتثلها له ، ولا تجبه : « إذا نطق اللئيم فلا تجبه فخير من إجابته السكوت ، لئيم القوم يشتمني فيحظى ولو دمه سفكت لما حظيت ، فلست مشاتما أبدا لئيما خزيت لمن يشاتمني خزيت »

(2/244)


719 - حدثنا الحسين بن جنيد ، حدثنا شعيب بن حرب ، حدثنا علي بن مسعدة ، حدثنا رياح بن عبيدة قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فذكر الحجاج فشتمته ، ووقعت فيه ، قال : فنهاني عمر وقال : « مهلا يا رياح ، فإنه بلغني أن الرجل يظلم بالمظلمة فلا يزال المظلوم يشتم الظالم ، وينتقصه حتى يستوفي حقه ، ويكون للظالم الفضل عليه »

(2/245)


720 - حدثني أبو محمد العمي ، عن علي بن محمد القرشي ، عن شيخ ، من غطفان قال : تذاكروا الصمت والمنطق فقال قوم : الصمت أفضل ، فقال الأحنف : « المنطق أفضل ؛ لأن فضل الصمت لا يعدو صاحبه ، والمنطق الحسن ينتفع به من سمعه »

(2/246)


721 - حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا أبو إسحاق الطالقاني ، عن الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا ابن جابر ، قال : قال عبد الله بن أبي زكريا : « عالجت الصمت ثنتي عشرة سنة ، فما بلغت منه ما كنت أرجو ، تخوفت منه فتكلمت »

(2/247)


722 - وحدثني محمد بن حاتم ، حدثنا أبو إسحاق الطالقاني ، عن بقية ، عن مسلم بن زياد قال : « كان عبد الله بن أبي زكريا لا يكاد أن يتكلم حتى يسأل ، وكان من أبش الناس وأكثرهم تبسما »

(2/248)


723 - وحدثني محمد بن حاتم ، حدثنا أبو إسحاق الطالقاني ، أخبرنا عبيد بن الوليد بن سليمان بن أبي السائب ، قال : سمعت أبي يذكر ، قال : « كان عبد الله بن أبي زكريا إذا خاض جلساؤه في غير ذكر الله رأيته كالساهي ، فإذا خاضوا في ذكر الله كان أحسن الناس استماعا »

(2/249)


724 - وحدثني أبو محمد التميمي ، عن شيخ ، من قريش قال : قيل لإياس بن معاوية : إنك تكثر الكلام . قال : « أفبصواب أتكلم أم بخطإ ؟ » قالوا : بصواب . قال : « فالإكثار من الصواب أفضل »

(2/250)


725 - وحدثني الحارث بن محمد ، عن علي بن محمد البصري ، عن أبي صالح الكاني قال : قال المهلب لبنيه : « اتقوا زلة اللسان ، فإن الرجل تزل قدمه فينتعش ، ويزل لسانه فيهلك »

(2/251)


726 - وحدثني محمد بن صالح القرشي ، أنه حدث عن قيس بن الربيع ، عن أبي حصين قال : كان زياد يقول : « إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يقطع بها ذنب عنز مصور ، ولو بلغت إمامه سفك (1) دمه » قال : قال عبد الله : « العنز المصور : الغليظة اللبن »
__________
(1) سفك الدم : القتل

(2/252)


727 - وحدثني أبو محمد العمي ، عن شيخ ، من قريش قال : قال صعصعة بن صوحان : « الصمت حتى يحتاج إلى الكلام رأس المروءة »

(2/253)


728 - وحدثني الحارث بن محمد التميمي ، عن شيخ من قريش قال : « كان رجل يجلس إلى الشعبي فيطيل السكوت ، فقيل له : ما يمنعك من الكلام ؟ فقال : أسكت فأسلم ، وأسمع فأعلم »

(2/254)


729 - حدثني يعقوب بن عبيد قال : قرأت على حائط بالإسكندرية مكتوب : « لعمرك ما للمرء كالرب حافظ ولا مثل عقل المرء للمرء واعظ ، لسانك لا يلقيك في الغي (1) لفظه فإنك مأخوذ بما أنت لافظ »
__________
(1) الغي : الضلال والانهماك في الشر

(2/255)


730 - حدثني الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز : « أن عيسى ابن مريم عليه السلام قال : إن من أعظم الذنوب عند الله تعالى أن يقول العبد : إن الله يعلم لما لا يعلم »

(2/256)


731 - حدثني فضل بن إسحاق ، حدثنا أبو قتيبة ، عن نافع بن عمر الجمحي ، حدثنا بشر بن عاصم ، عن أبيه ، يرفعه قال : « إن الله عز وجل يبغض (1) البليغ من الرجال ، الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة (2) بلسانها »
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(2) الباقرة : جماعة البقر ، والمقصود الرجل الذي يَتَشَدَّق في الكلام ويُفَخِّم به لسَانه ويَلُفُّه كما تَلُفُّ البقرة الكلأ بلسانها لفًّا

(2/257)


732 - حدثني هارون بن عبد الله ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، حدثنا سفيان قال : بلغنا أن فتى كان يحضر مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فيستمع فيحسن الاستماع ، ثم يقوم من قبل أن يتكلم قال : ففطن إلى ذلك عمر رضي الله عنه فقال له : « أراك تحضر المجلس فتحسن الاستماع ، ثم تقوم من قبل أن تتكلم مع القوم ، ولا تدخل في حديثهم فعم ذاك ؟ » قال له الفتى : إني والله أحب أن أحضر فأستمع ، فأحسن الاستماع ، ثم أتنقى وأتوقى وأصمت لعلي أسلم . قال : يقول له عمر رضي الله عنه : « يرحمك الله ، وأينا يفعل هذا »

(2/258)


733 - قال الحكم بن موسى : حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني عبد الله بن دينار ، عن كلام الحكماء قال : « الصمت على خمس : على علم ، وحلم ، وعي ، وجهل ، وعظيمة »

(2/259)


734 - حدثني الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت سعيد بن عبد العزيز ، يذكر قال : كان عبد الرحمن أخو أبي مخرمة يمكث أربعة أشهر لا يكلم الناس ، وإذا أراد حاجة كتب إلى أهله : « افعلوا كذا وكذا »

(2/260)


735 - حدثنا الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن أبي سلمة ، عن زهير بن محمد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من الكبائر استطالة (1) الرجل في عرض رجل مسلم ، ومن الكبائر السبتان بالسبة »
__________
(1) الاستطالة : الاستحقار، والتَّرَفُّع والوَقيعةُ في الغير

(2/261)


736 - حدثني الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا أبو حفص قال : سمعت الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب قال : قالت عائشة رضي الله عنها : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزر الكلام نزرا ، وأنتم تنثرونه نثرا »

(2/262)


737 - حدثنا إسحاق بن حاتم العلاف ، حدثنا شعيب بن حرب ، حدثنا أبو جميع ، عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تقولوا للمسلم لئيم إنما اللئيم الكافر »

(2/263)


738 - حدثني الفضل بن إسحاق ، حدثنا أبو قتيبة ، عن نافع بن عمر ، عن عمرو بن دينار : أن شاعرا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر فقال : « كم دون لسانك من حجاب ؟ » ، قال : أسناني وشفتاي . قال : « أما كان في هذا ما يرد من كلامك ؟ إن من البيان (1) لسحرا »
__________
(1) البيان : الفصاحة وسهولة العبارة مع البلاغة في الكلام

(2/264)


739 - حدثني إسحاق بن حاتم ، حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي قال : « كان الحسن رحمه الله إذا قص القاص لم يتكلم ، فقيل له في ذلك ، فقال : » إجلالا لله «

(2/265)


740 - حدثني عثمان بن صالح ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا المسعودي ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : قال عبد الله : « ليأتين على الناس زمان يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر بألسنتها »

(2/266)


741 - حدثني عثمان بن صالح ، حدثنا سعيد بن عامر ، حدثنا جسر أبو جعفر ، عن خالد الربعي قال : « ثلاث احفظوهن عني وتعلموهن واحدة واحدة ، فإنكم لا تطيقوهن جميعا : ترك الكذب ، والغيبة ، والحلف »

(2/267)


742 - حدثني العباس بن جعفر ، حدثنا محمد بن سعيد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم قال : قال رجل للربيع بن خثيم : ما يمنعك أن تمثل بيتا من الشعر ، فإن أصحابك قد كانوا يفعلون ذلك ؟ قال : « إنه ليس أحد يتكلم بكلام إلا كتب ، ثم يعرض عليه يوم القيامة ، فإني والله أكره أن أقرأ في إمامي يوم القيامة بيت شعر »

(2/268)


743 - حدثنا محمد بن حسان الأزرق ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن محمد بن مهزم ، عن محمد بن واسع ، قال : رأى خليد العصري رجلا يلتفت عند الذكر ، فقال : « وما عليك أن تكفأ فتنقى وتوقى »

(2/269)


744 - حدثني أبو عبد الرحمن الأزدي ، عن خاقان بن عبد الله ، قال : سمعت ابن المبارك ، وسئل عن قول لقمان لابنه : إن كان الكلام من فضة ، فإن الصمت من ذهب . فقال عبد الله : « لو كان الكلام بطاعة الله من فضة ، فإن الصمت عن معصية الله من ذهب »

(2/270)


745 - حدثني محمود بن محمد بن محمود بن عدي بن ياسين بن قيس بن الحطيم الأنصاري الظفري ، حدثنا أيوب بن عتبة القاضي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله يبغض الفاحش (1) المتفحش (2) »
__________
(1) الفاحش : الذي يتكلم بالقبيح
(2) المتفحش : الذي يتكلف القبح ويتعمده في القول والفعل

(2/271)


746 - حدثني محمد بن إشكاب ، حدثنا أبي ، حدثنا مبارك بن سعيد ، عن محمد بن سوقة قال : « قال عيسى ابن مريم عليه السلام : دع الناس فليكونوا منك في راحة ، ولتكن نفسك منك في شغل ، دعهم فلا تلتمس محارمهم ، ولا تلتمس مذامهم ، وعليك بما وكلت به »

(2/272)


747 - حدثني علي بن إشكاب العامري ، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي ، قال : سمعت موسى السيلاني يسأل سفيان الثوري : يا أبا عبد الله ، إن الله يبغض (1) البيت اللحميين ؟ قال : فقال : « ليس هم الذين يأكلون اللحم ، ولكنهم الذين يأكلون لحوم الناس »
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت

(2/273)


748 - حدثني عبد الله بن محمد البلخي ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا حفص بن عبد الله ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه قال : « من اغتيب غيبة (1) غفر له نصف ذنوبه »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/274)


749 - وحدثني عبد الله بن محمد ، قال : سمعت مكي بن إبراهيم ، قال : كنا عند ابن عون فذكروا بلال بن أبي بردة ، فجعلوا يلعنونه ويقعون (1) فيه وابن عون ساكت ، فقالوا له : يا أبا عون ، أما تذكره لما ارتكب منك ؟ فقال ابن عون : « إنما هما كلمتان تخرجان من صحيفتي يوم القيامة : لا إله إلا الله ، ولعن الله . فلأن يخرج من صحيفتي لا إله إلا الله أحب إلي من أن يخرج لعنه الله »
__________
(1) وَقَعْت بفُلان : إذا لُمْتَه ووقَعْت فيه، إذا عِبْتَهُ وَذَممْتَه

(2/275)


750 - حدثني عبد الله ، قال : سمعت عصام بن يوسف ، قال : سمعت خارجة بن مصعب يقول : « صحبت ابن عون ثنتي عشرة سنة فما رأيته تكلم بكلمة كتبها عليه الكرام الكاتبون »

(2/276)


751 - حدثني سلمة بن شبيب ، عن أبي إسحاق الطالقاني ، حدثنا كنانة بن جبلة ، قال : قال مالك بن دينار : « لو أن الملكين اللذين يكتبان أعمالكم عدوا عليكم يتقاضيانكم أثمان الصحف التي ينسخان فيها أعمالكم ، لأمسكتم عن فضول كلامكم . فإذا كانت الصحف من عند ربكم ، أو لا تربعون على أنفسكم »

(2/277)


752 - حدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما كان الفحش (1) في شيء قط إلا شانه ، ولا كان الحياء في شيء إلا زانه »
__________
(1) الفحش : القبح والخروج عن الحد المعقول في القول أو الفعل والعدوان في الجواب

(2/278)


753 - حدثني سلمة ، حدثني عبد الله بن إبراهيم المدني ، حدثني الحر بن عبد الله الحذاء ، عن صفوان بن سليم ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه »

(2/279)


754 - حدثني فضل بن إسحاق ، حدثنا أبو قتيبة ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : « لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها (1) عن نفسه »
__________
(1) الغفلة : السهو وقلة التحفظ والتيقظ

(2/280)


755 - حدثني محمد بن عبد الله بن حميد الجدي ، حدثنا أبو عمر الضرير حفص بن عمر ، حدثنا علي بن نوح ، حدثنا هشام بن سليمان ، عن عكرمة قال : قال عمر بن الخطاب : « من كتم سره كانت الخيرة في يديه ، ومن عرض نفسه للتهمة ، فلا يلومن من أساء به الظن »

(2/281)


756 - حدثني محمد بن إشكاب ، حدثني أبي ، عن المبارك بن سعيد ، عن عمر بن عبيد قال : أطلع أبو الأسود الدؤلي مولى له على سر له ، فبثه فقال أبو الأسود : « أمنت على السر امرءا غير حازم ولكنه في النصح غير مريب ، فذاع به في الناس حتى كأنه بعلياء نار أوقدت بثقوب ، وما كل ذي نصح بمعطيك نصحه ولا كل من ناصحته بلبيب ، ولكن إذا ما استجمعا عند واحد فحق له من طاعة بنصيب »

(2/282)


757 - حدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا سهل بن عاصم ، عن سلم بن ميمون ، عن المعافى بن عمران ، عن إدريس قال : سمعت وهب بن منبه يقول : « كان في بني إسرائيل رجلان بلغت بهما عبادتهما أن يمشيا على الماء ، فبينما هما يمشيان في البحر إذ هما برجل يمشي في الهواء ، فقالا له : يا عبد الله ، بأي شيء أدركت هذه المنزلة ؟ قال بشيئين من الدنيا : فطمت نفسي عن الشهوات ، وكففت لساني عما لا يعنيني ، ورغبت فيما دعاني إليه ، ولزمت الصمت ، فإن أقسمت على الله أبر قسمي ، وإن سألته أعطاني »

(2/283)


758 - حدثني أبو حاتم ، حدثنا عمرو بن أسلم ، حدثنا سلم بن ميمون ، حدثنا محمد أبو عثمان المقدسي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : « لسانك ما بخلت به مصون فلا تهمله ليس له قيود ، وسكن بالصمات خبيء صدر كما يخبا الزبرجد والفريد ، فإنك لن ترد الدهر قولا نطقت به وأندية قعود ، كما لم ترتجع مسقاة ماء ولم يرتد في الرحم الوليد »

(2/284)


759 - وحدثني محمد بن إدريس الحنظلي ، قال : قال عبد الله بن المبارك : « أدبت نفسي فما وجدت لها من بعد تقوى الإله من أدب ، في كل حالاتها ، وإن قصرت أفضل من صمتها عن الكذب ، وغيبة الناس إن غيبتهم حرمها ذو الجلال في الكتب ، إن كان من فضة كلامك يا نفس فإن السكوت من ذهب »

(2/285)


760 - حدثني فضل بن إسحاق ، حدثنا أبو قتيبة ، عن شعبة ، قال : سمعت معاوية بن قرة ، قال : « لو قلت للأقطع : فلان الأقطع كانت غيبة (1) » ، قال : فذكرت ذلك لأبي إسحاق فقال : صدق
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك من ورائه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/286)


761 - حدثني فضل ، حدثنا أبو قتيبة ، حدثنا جرير بن حازم ، قال : ذكر محمد بن سيرين رجلا ، فقال : « ذاك الأسود » ثم قال : « أستغفر الله ، أستغفر الله اغتبته (1) »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها

(2/287)


762 - حدثني فضل ، حدثنا أبو قتيبة ، عن الربيع ، عن محمد بن سيرين قال : « إذا قلت لأخيك من خلفه ما فيه مما يكره فهي الغيبة (1) ، وإذا قلت ما ليس فيه فهو البهتان (2) ، وظلم لأخيك أن تذكره بأقبح (3) ما تعلم منه ، وتنسى أحسنه »
__________
(1) الغيبة : أن تذكر أخاك في غيابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذكرها
(2) البهتان : الباطل الذي يُتَحيَّر منه، وهو من البُهْت التَّحيُّر والكذب
(3) أقبح : القبح ضد الحسن والمراد بأسوأ=

1 - أخبرنا الحافظ النسابة أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي وأنا حاضر في الرابعة ، قال : أنا الشيخ الصالح أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن البغدادي الأزجي بقراءتي عليه بالقاهرة وسماعا قال : أخبرتنا الشيخة الكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد بن الفرج بن عمر الأبري قراءة عليها وأنا أسمع منها سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ، وقرأت على أبي الحسن علي بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن خطاب الدينوري الأصل ، ثم البغدادي المعروف بابن الخيمي بدرب دينار الصغير شرقي بغداد ، عن شهدة قالت : أنا الشريف النقيب أبو الفوارس طراذ بن محمد بن علي النرسي قال : أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال : قرأت على أبي علي الحسين بن صفوان البرذعي وكتابه ينظر فيه في المحرم سنة أربعين وثلاثمائة فأقر به قال : ثنا عبد الله بن محمد ابن أبي الدنيا ، ثنا علي بن الجعد ، ثنا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، قال : سمعت سليم بن عامر يحدث ، عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط ، سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول مقامي هذا قال « ثم بكى أبو بكر رحمه الله ثم قال : » 

 عليكم بالصدق ؛ فإنه مع البر (1) ، وهما في الجنة ، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور (2) ، وهما في النار ، وسلوا الله المعافاة ، فإنه لم يؤت أحد شيئا بعد اليقين خيرا من المعافاة ، ولا تقاطعوا (3) ولا تدابروا (4) ، ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا

 (1) البر : اسم جامع لكل معاني الخير والإحسان والصدق والطاعة وحسن الصلة والمعاملة
(2) الفجور : اسم جامع لكل شر ، أي الميل إلى الفساد والانطلاق إلى المعاصي
(3) القطيعة : الهجران والصد وترك الإحسان
(4) التدابر : الإعراض والهجر والخصومة

(1/2)


2 - حدثنا عبد الله ، ثنا داود بن عمرو الضبي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن خالد بن أبي عمران ، أن ابن عمر قال : قل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه : « اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول (1) بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا (2) على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا »
__________
(1) يحول : يحجز ويمنع
(2) الثأر : العَداوةُ والحِقْدُ والمراد أن يكون انتقامنا مقصورا على الجاني لا يتعداه

(1/3)


3 - حدثنا عبد الله ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا مروان بن محمد ، عن ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد ، ويهلك آخر هذه الأمة بالبخل والأمل »

(1/4)


4 - حدثنا عبد الله ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن محمد بن سوقة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « اليقين على أربع شعب (1) : على غائص الفهم ، وغمرة العلم ، وزهرة الحكم ، وروضة الحلم ، فمن فهم فسر جميل العلم ، ومن فسر جميل العلم عرف شرائع الحكم ، ومن عرف شرائع الحكم حلم ولم يفرط في أمره وعاش في الناس »
__________
(1) الشعب : الفروع

(1/5)


5 - حدثنا عبد الله ، ثنا إبراهيم بن سعيد ، ثنا خالد بن خداش ، ثنا بشر بن بكر ، عن أبي بكر بن أبي مريم : « عن الأشياخ ، قال : » ما نزل في الأرض شيء أقل من اليقين ، ولا قسم بين الناس شيء أقل من الحلم «

(1/6)


6 - حدثنا عبد الله ، ثنا خالد بن خداش ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن فطر ، عن أبي يزيد المديني ، قال : كان من دعاء أبي بكر رضي الله عنه : « اللهم هب (1) لي إيمانا ويقينا ومعافاة ونية »
__________
(1) الهبة : العطية الخالية من العوض والغرض

(1/7)


7 - حدثنا عبد الله بن إدريس ، ثنا محمد بن وهب الدمشقي ، نا بقية بن مخلد ، عن العباس بن الأخنس ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، قال : « تعلموا اليقين كما تعلموا القرآن حتى تعرفوه فإني أتعلمه »

(1/8)


8 - حدثنا عبد الله ، نا يعقوب بن عبيد ، نا يزيد بن هارون ، نا أبو سعيد الكندي أنه بلغه ، عن أبي الدرداء ، أنه كان يقول : « يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم ، كيف يعيبون سهر الحمقى وصيامهم ، ولمثقال ذرة من بر (1) من صاحب تقوى ويقين أفضل وأرجح وأعظم من أمثال الجبال عبادة من المغتربين »
__________
(1) البر : اسم جامع لكل معاني الخير والإحسان والصدق والطاعة وحسن الصلة والمعاملة

(1/9)


9 - حدثنا عبد الله ، نا أحمد بن عيسى ، نا عبد الله بن وهب ، ثنى سعيد بن أبي أيوب ، عن عبد الرحمن بن بزرج ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أخاف على أمتي إلا ضعف اليقين »

(1/10)


10 - حدثنا عبد الله ، نا عبد الرحمن بن صالح ، نا أبو مالك الجنبي ، عن صباح المزني ، عن محمد بن سوقة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، قال : حدثني الذي سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : « اليقين على أربع شعب (1) ، على تبصرة الفطنة ، وتأويل الحكمة ، وموعظة العبرة ، وسنة الأولين ، فمن أبصر الفطنة تأول (2) الحكمة ، ومن تأول الحكمة عرف العبرة ، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين »
__________
(1) الشعب : الفروع
(2) تأول : فهم

(1/11)


11 - حدثنا عبد الله ، نا هارون بن عبد الله ، نا حجاج بن محمد ، نا أبو هلال محمد بن سليم ، عن بكر بن عبد الله المزني قال : فقد الحواريون نبيهم عيسى عليه السلام فقيل لهم : توجه نحو البحر ، فانطلقوا يطلبونه ، فلما انتهوا إلى البحر إذا هو قد أقبل يمشي على الماء ، يرفعه الموج مرة ويضعه أخرى ، وعليه كساء مرتد بنصفه ومتزر بنصفه حتى انتهى إليهم فقال له بعضهم - قال أبو هلال أظنه من أفاضلهم - : ألا أجيء إليك يا نبي الله ؟ ، قال : بلى فوضع إحدى رجليه في الماء ثم ذهب ليضع الأخرى ، فقال : غرقت يا نبي الله ، قال : « أرني يدك يا قصير الإيمان لو أن لابن آدم من اليقين قدر شعيرة مشى على الماء »

(1/12)


12 - حدثنا عبد الله ، ثنا أبو السري الباهلي ، قال : « كان يقال : » الاهتمام بالعمل يورث الفكرة ، والفكرة تورث العبرة ، والعبرة تورث الحزم ، والحزم يورث العزم ، والعزم يورث اليقين ، واليقين يورث الغنى ، والغنى يورث الحب ، والحب يورث اللقاء «

(1/13)


13 - حدثنا عبد الله ، ثنا محمد بن عثمان العجلي ، ثنا أبو أسامة ، عن جرير بن حازم ، ثنا الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الناس لم يؤتوا في هذه الدنيا خيرا من اليقين والعافية فسلوهما الله عز وجل » قال الحسن : « صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم باليقين طلبت الجنة ، وباليقين هرب من النار ، وباليقين أوتيت الفرائض ، وباليقين صبر على الحق ، وفي معافاة الله خير كثير قد والله رأيناهم يتقاربون في العافية فلما نزل البلاء تفارقوا »

(1/14)


14 - حدثنا عبد الله ، ثنا علي بن إبراهيم السهمي ، ثنا داود بن المحبر ، عن الحسن بن دينار ، عن قتادة قال : « قال لقمان لابنه : يا بني إن الصبر على المكاره من حسن اليقين ، وإن لكل عمل كمالا وغاية ، وكمال العبادة الورع (1) واليقين »
__________
(1) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المُباح والحلال .

(1/15)


15 - حدثنا عبد الله ، ثنا محمد بن إدريس ، ثنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله ، ثنا مدرك بن أبي سعد الفزاري ، عن يونس بن حلبس ، أنه كان يدعو : « اللهم إني أسألك حزما في لين ، وقوة في دين ، وإيمانا في يقين ، ونشاطا في هدى ، وبرا في استقامة ، وكسبا من حلال »

(1/16)


16 - حدثنا عبد الله ، ثنا عبد الرحمن بن صالح ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن محمد بن سعيد ، عن الحسن قال : « ما أيقن عبد بالجنة والنار حق يقينهما إلا خشع ووجل (1) ، وذل واستقام ، واقتصر حتى يأتيه الموت »
__________
(1) الوجل : الخوف والخشية والفزع

(1/17)


17 - حدثنا عبد الله ، قثني محمد بن الحسين ، قثني صدقة بن بكر السعدي ، قثني مرجى بن وداع الراسبي ، عن المغيرة بن حبيب ، قال : « رأى رجل عبد الله بن غالب فيما يرى قال : » يا أبا فراس ، ما صنعت ؟ قال : خير الصنيع ، قال : إلام صرت ؟ قال : إلى الجنة قال : ثم قال : بحسن اليقين وطول التهجد (1) «
__________
(1) التهجد : قيام الليل بالصلاة أو القراءة أو الذكر

(1/18)


18 - حدثنا عبد الله ، ثنا علي بن أبي مريم ، عن موسى بن عيسى ، قال : اجتمع حذيفة المرعشي ، وسليمان الخواص ، ويوسف بن أسباط ، فتذاكروا الفقر والغنى ، وسليمان ساكت فقال بعضهم : « الغني من كان له بيت يكنه ، وثوب يستره ، وسداد من عيش يكفه عن فضول الدنيا » ، وقال بعضهم : « الغني من لم يحتج إلى الناس » ، فقيل لسليمان ما تقول أنت يا أبا أيوب ؟ فبكى ثم قال : « رأيت جوامع الغنى في التوكل ، ورأيت جوامع الشر من القنوط ، والغني حق الغنى ، من أسكن الله قلبه من غناه يقينا ، ومن معرفته توكلا ، ومن عطاياه وقسمه رضى ، فذاك الغني حق الغنى وإن أمسى طاويا (1) وأصبح معوزا » . فبكى القوم جميعا من كلامه «
__________
(1) طاويا : خالي البطن جائعا

(1/19)


19 - حدثنا عبد الله ، ثنا يوسف بن موسى ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن طارق ، عن سالم : ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (1) ) قال : « الموت » حدثنا عبد الله ، قال : وقال بعض الحكماء : « من ضعف اليقين تدخل الآفة على المريدين ، وبقوة اليقين وصدق المطالبة يكون الجد والاجتهاد ، وبصدق الخوف والحذر تسلو النفس عن الشهوات »
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 99

(1/20)


20 - حدثنا عبد الله ، قال : كتب إلي علي بن حرب ، ثنا القاسم بن يزيد ، ثنا قيس بن مسلم الجدلي ، قال : كان عطاء الخراساني لا يقوم من مجلسه حتى يقول : « اللهم هب لنا يقينا بك حتى تهون علينا مصيبات الدنيا ، وحتى نعلم أنه لا يصيبنا إلا ما كتب لنا علينا ، ولا يأتينا من هذا الرزق إلا ما قسمت به »

(1/21)


21 - حدثنا عبد الله ، ثنا منصور بن أبي مزاحم ، عن إسماعيل بن عياش ، عن أبي سيار المكي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الكرم التقوى ، والشرف التواضع ، واليقين الغنى »

(1/22)


22 - حدثنا عبد الله ، ثنا إسحاق بن إسماعيل ، ثنا أبو أسامة ، ويعلى بن عبيد ، عن ابن أبي خالد ، عن زبيد ، قال : قال عبد الله : « إن الروح والفرج في اليقين والرضا ، وإن الغم والحزن من الشك والسخط (1) » وقال يعلى : « الروح والفرح »
__________
(1) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به

(1/23)


23 - حدثنا عبد الله ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال مالك بن دينار : « أشهدكم أن يقيني ، شبكور »

(1/24)


24 - حدثنا عبد الله ، ثنا خالد بن خداش ، ثنا حماد بن زيد ، عن عامر بن عبيدة ، عن رجل ، قال : « كنت أسير من جوف (1) الليل ، فإذا خلفي رجل أظنه الأحنف ، فسمعته يقول : » اللهم هب لي يقينا تهون به علي مصيبات الدنيا «
__________
(1) جوف الليل : ثلثه الأخير

(1/25)


25 - حدثنا عبد الله ، ثنا أبو زكريا البلخي ، ثنا مبشر بن إسماعيل ، عن الأوزاعي ، عن العلاء بن عتبة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : « اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا حتى أعلم أنه لا يمنعني رزقا قسمته لي ، ورضا من المعيشة بما قسمت لي »

(1/26)


26 - حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد بن محمد بن جبلة ، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، ثنا سعيد بن أبي أيوب ، ثنا عبد الرحمن بن أبي هلال ، عن عبيد الله بن أبي جعفر : « أن رجلا أصابه مرض فمنعه من الطعام والنوم ، فبينا هو ليلة ساهر سمع وجبة (1) في حجرته ، فإذا هو يسمع كلاما فوعاه (2) فتكلم به فبرأ مكانه : » اللهم إني أعبدك ولك أصلي ، فاجعل الشفاء من جسدي ، واليقين في قلبي والنور في بصري ، والشكر من صدري ، وذكرك بالليل والنهار في لساني ، أبدا ما أبقيتني ، وارزقني منك رزقا غير ممنوع ولا محظور «
__________
(1) الوجبة : السقطة مع هدة وصدمة، وتطلق على وقوع الشيء أو الحدث بغتة
(2) وعى : حفظ وفهم وأدرك وحوى

(1/27)


27 - حدثنا عبد الله ، ثنا علي بن أبي مريم ، عن عصمة بن المتوكل ، ثنا زافر بن سليمان ، قال قال عون بن عبد الله : قال لقمان الحكيم لابنه : « الإيمان سبع حقائق ، ولكل حقيقة منها حقيقة ، اليقين ، والمخافة ، والمعرفة ، والهدى ، والعمل ، والتفكر ، والورع ، فحقيقة اليقين الصبر ، وحقيقة المخافة الطاعة ، وحقيقة المعرفة الإيمان وحقيقة الهدى البصيرة ، وحقيقة العمل النية وحقيقة التفكر الفطنة ، وحقيقة الورع (1) العفاف »
__________
(1) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المُباح والحلال .

(1/28)


28 - حدثنا عبد الله ، ثنا القاسم بن هاشم ، ثنا آدم بن أبي إياس ، ثنا شهاب بن خراش ، ثنا عبد الله بن راشد ، عن عون بن خالد ، : قال : وجدت في بعض الكتب : إن آدم عليه السلام ركع إلى جانب الركن اليماني ركعتين ثم قال : « اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، ورضني بما قسمت لي » ، فأوحى الله عز وجل إليه : « يا آدم إنه حق علي أن لا يلزم أحد من ذريتك هذا الدعاء إلا أعطيته ما يحب ونجيته مما يكره ، ونزعت أمل الدنيا والفقر من بين عينيه وملأت جوفه حكمة »

(1/29)


29 - حدثنا عبد الله ، ثنا علي بن إبراهيم اليشكري ، ثنا موسى بن إسماعيل الجبلي ، ثنا حفص بن سليمان أبو مقاتل ، عن عون بن أبي شداد ، عن الحسن قال : قال لقمان لابنه رضي الله عنهما : « يا بني العمل لا يستطاع إلا باليقين ، ومن يضعف يقينه يضعف عمله » ، قال : وقال لقمان لابنه : « يا بني : إذا جاءك الشيطان من قبل الشك والريبة فاغلبه باليقين والصحة ، وإذا جاءك من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بذكر القبر والضمة ، وإذا جاء من قبل الرغبة والرهبة فأخبره أن الدنيا مقارفة ومتروكة »

(1/30)


30 - حدثنا عبد الله ، ثنا هارون بن عبد الله الحمال ، ثنا سيار ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن يونس ، قثني من ، سمع عمار بن ياسر ، يقول : « كفى بالموت واعظا ، وكفى باليقين غنى ، وكفى بالعبادة شغلا »

(1/31)


31 - حدثنا عبد الله ، ثنا الحسن بن الصباح ، ثنا سفيان ، عن أبي هارون المديني ، قال : قال ابن مسعود : « اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله ، ولا تحمد أحدا على رزق الله ، ولا تلم أحدا على ما لم يؤتك (1) الله عز وجل ، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص ، ولا يرده كراهية كاره ، فإن الله تبارك وتعالى بقسطه وعلمه وحلمه جعل الروح والفرج في اليقين والرضا ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط (2) »
__________
(1) آتاه : أعطاه
(2) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به

(1/32)


32 - حدثنا عبد الله ، ثنى عبد الرحمن بن صالح ، عن الحكم بن ظهير ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن ، قال : « من علامات المسلم قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحلم في علم ، وكيس في رفق ، وإعطاء في حق ، وقصد في غنى ، وتجمل في فاقة (1) ، وإحسان في قدرة ، وطاعة معها نصيحة ، وتورع في رغبة ، وتعفف (2) في جهد ، وصبر في شدة ، لا ترديه رغبته ، ولا يبدره لسانه ، ولا يسبقه بصره ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يميل هواه ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يستخفه حرصه ، ولا تقصر به نيته »
__________
(1) الفاقة : الفقر والحاجة
(2) التعَفُّف : هو الكَفُّ عن الحَرَام والسُّؤالِ من الناس ، وأعفه الله أي أغناه عن سؤال الناس وعما لا يجمل من القول والفعل

(1/33)


33 - حدثنا عبد الله ، قثني أبي رحمه الله ، أنا عبد العزيز القرشي ، عن سفيان ، عن زياد بن المضفر ، قال : سمعت الحسن ، يقول : « يا ابن آدم إن من ضعف يقينك أن تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله عز وجل »

(1/34)


34 - حدثنا عبد الله ، ثنا سعيد بن سليمان ، عن سنان بن هارون ، ثنا عمرو بن قيس ، قال : « كان رجل من التابعين خيارا يقال له زيد الأعسم وقعت عليه صرة (1) وهو قائم يصلي فنظر فإذا فيها : اللهم إني أسألك يقين الصادقين ، وصدق الموقنين (2) ، وعمل الطائعين ، وخوف العاملين ، وعبادة الخاشعين ، وخشوع العابدين ، وإنابة المخبتين ، وإخبات المنيبين ، وإلحاقا برحمتك بالأحياء المرزوقين »
__________
(1) الصرة : ما يجمع فيه الشيء ويُشدُّ
(2) الموقن : الذي استقر الإيمان في قلبه مصحوبا بالتأكد والتسليم وعدم الشك أو الريبة

(1/35)


35 - حدثنا عبد الله ، ثنا أبو يعقوب التميمي ، ثنا العباس بن الوليد بن مزيد ، أخبرني أبي قال : حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب البصري ، قال : سمعت بلال بن سعد ، يقول في موعظته : « عباد الرحمن اعلموا أنكم تعملون في أيام قصار لأيام طوال ، في دار زوال لدار مقام ، ودار حزن ونصب (1) لدار نعيم وخلد ، ومن لم يعمل من اليقين فلا يتعن »
__________
(1) النصب : التعب والمشقة

(1/36)


36 - حدثنا عبد الله ، قثني أبو يعقوب التميمي ، ثنا العباس بن الوليد ، عن أبيه ، ثنا الأوزاعي ، قال ربما سمعت بلال بن سعد ، يقول : « كأنا قوم لا يعقلون وكأنا قوم لا يوقنون »

(1/37)


37 - حدثنا عبد الله ، ثنا أبو يعقوب ، ثنا العباس بن الوليد ، قثني أبي ، قثني الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب قال : سمعت بلال بن سعد ، يقول : « عباد الرحمن ، أما ما وكلكم الله به فتضيعونه ، وأما ما تكفل (1) لكم به فتطلبونه ، ما هكذا نعت الله عباده الموقنين (2) ، أذووا عقول في طلب الدنيا وبله عما خلقتم له ؟ ، فكما ترجون رحمة الله بما تؤدون من طاعة الله عز وجل ، فكذلك اشفقوا من عذاب الله بما تنتهكون من معاصي الله عز وجل »
__________
(1) تكفل : ضمن
(2) الموقن : الذي استقر الإيمان في قلبه مصحوبا بالتأكد والتسليم وعدم الشك أو الريبة

(1/38)


38 - حدثنا عبد الله ، ثنا أبي ، ثنا الحسين بن عبد الرحمن ، عن أحمد بن أبي الحواري ، ثنى أبو سليمان ، عن عبد الواحد بن زيد ، قال : مررت براهب في صومعته (1) فقلت لأصحابي : قفوا حتى أكلمه فدنوت (2) منه فقال لي : « يا عبد الواحد إن أحببت أن تعلم علم اليقين فاجعل بينك وبين شهوات الدنيا حائطا من حديد »
__________
(1) الصومعة : كل بناء متصمع الرأس ، أي : متلاصقه والمراد مكان العبادة للرهبان
(2) الدنو : الاقتراب

(1/39)


39 - حدثنا عبد الله ، ثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، ثنا إبراهيم بن الأشعث ، عن فضيل بن عياض ، قال : « قيل لعيسى : بأي شيء تمشي على الماء ؟ قال : » بالإيمان واليقين « ، قالوا : فإن آمنا كما آمنت وأيقنا كما أيقنت ، قال : » فامشوا إذا « ، قال : فمشوا معه فجاءهم الموج فغرقوا ، قال لهم عيسى : » ما لكم ؟ « ، قالوا : خفنا الموج ، قال : » ألا خفتم رب الموج « ، قال : فأخرجهم ثم ضرب بيديه إلى الأرض فقبض بهما ثم بسطهما فإذا من إحدى يديه ذهب ومن الأخرى مدد أو حصا فقال : » أيهما أحلا في قلوبكم ؟ « قالوا : هذا الذهب قال : » فإنهما عندي سواء «

(1/40)


40 - حدثنا عبد الله ، ثنا محمد بن عباد بن موسى ، عن محمد بن مسعر اليربوعي ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للحسن بن علي رضي الله عنه : « كم بين الإيمان واليقين ؟ قال : أربع أصابع . قال : بين ، قال : اليقين ما رأته عينك ، والإيمان ما سمعته أذنك وصدقت به ، فقال : أشهد أنك ممن أنت منه ذرية بعضها من بعض »

(1/41)


41 - حدثنا عبد الله ، قثني الحسين بن علي ، ثنا عبد الجبار بن يحيى الأزدي ، ثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : قال الحسن : « ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه من شك لا يقين فيه من أمرنا هذا »

(1/42)


42 - حدثنا عبد الله ، ثني علي بن مسلم ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثني أبي قال : أنشدني إسحاق بن سويد قال : كان رجل يكثر الدعاء هاهنا يعني قال : قلت : إني ومن خلق السماوات الطباق ومن براني أدعو وما تحرك يداي إذا دعوت لا ينساني إلا بقلب موقن إن الذي أدعو يراني فيرى ويسمع ما أقول فإن وثقت به كفاني

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القرآن الكريم : وورد

  القرآن الكريم :  سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِ...