الثلاثاء، 6 يونيو 2023

نبذة تاريخية عن العقاد وهو يقدم لعمله

عباس محمود العقاد  من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

 

 معلومات شخصية

اسم الولادة عباس محمود العقاد

الميلاد 28 يونيو 1889 /أسوان

الوفاة 13 مارس 1964 (74 سنة) القاهرة-الإقامة السودان (1943–1945)-مواطنة الدولة العثمانية (1889–1914)

السلطنة المصرية (1914–1922)0 المملكة المصرية  (1922–1953)

جمهورية مصر (1953–1958)

الجمهورية العربية المتحدة (1958–1964)

عضو في مجمع اللغة العربية بدمشق

الحياة العملية

الاسم الأدبي عملاق الفكر العربي

الحركة الأدبية مدرسة الديوان

المهنة كاتب، ومؤرخ، وصحفي، وشاعر

، وناقد أدبي، ومدرس، وفيلسوف

اللغات العربيَّة

أعمال بارزة عبقريات العقاد الإسلامية، وأثر العرب في الحضارة الأوربية، وأفيون الشعوب، وروح عظيم: المهاتما غاندي، ومعاوية بن أبي سفيان في الميزان

التيار مدرسة الديوان

تهم

التهم العيب في الذات الملكية ( في: 1930) ( العقوبة: الحبس)

الجوائز

جائزة الدولة التقديرية المصرية (1959)

مؤلف:عباس العقاد - ويكي مصدر

بوابة الأدب

تعديل مصدري - تعديل

عباس محمود العقاد أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، ولد في أسوان عام 1889م، وهو عضو سابق في مجلس النواب المصري، وعضو في مجمع اللغة العربية، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات، ويعد العقاد أحد أهم كتاب القرن العشرين في مصر، وقد ساهم بشكل كبير في الحياة الأدبية والسياسية، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، نجح العقاد في الصحافة، ويرجع ذلك إلى ثقافته الموسوعية، فقد كان يكتب شعراً ونثراً على السواء، وظل معروفآ عنه أنه موسوعي المعرفة يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع.

اشتهر بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابا من تأليفهِ مع المازني بعنوان الديوان هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيهِ قواعد مدرسته الخاصة بالشعر، توفي العقاد في القاهرة عام 1964م.

حياتهولد العقاد في أسوان في (29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889)، لأب مصري وأم من أصول كردية.

اقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، حيث ولد ونشأ هناك، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان. واعتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى أبدًا، ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضًا؛ حيث أتقن اللغة الإنجليزية من مخالطته للأجانب من السائحين المتوافدين لمحافظتي الأقصر وأسوان، مما مكنه من القراءة والاطلاع على الثقافات البعيدة. وكما كان إصرار العقاد مصدر نبوغه، فإن هذا الإصرار كان سببًا لشقائه أيضًا، فبعدما جاء إلى القاهرة وعمل بالصحافة وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الأستاذ الدكتور محمد حسين محمد، خريج كلية أصول الدين من جامعة القاهرة. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري «مدرسة الديوان»، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. وعمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظاً وافراً حيث حصل على الشهادة الابتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية.

توفى العقاد في 26 شوال 1383 هـ الموافق 12 مارس 1964 ولم يتزوج أبدا.

وظائف الحكومة

اشتغل العقاد بوظائف حكومية كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف ومصلحة السكة الحديد وديوان الأوقاف. لكنه استقال منها واحدة بعد واحدة. ولما كتب العقاد مقاله الشهير «الاستخدام رق القرن العشرين» سنة 1907، كان على أهبة الاستعفاء من وظائف الحكومة والاشتغال بالصحافة.

بعد أن مل العقاد العمل الروتيني الحكومي. وبعد أن ترك عمله بمصلحة البرق، اتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة اطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور. وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة عن الصدور بعد فترة. وهو ما جعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه. فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل قوت يومه.

ومما قاله العقاد عن تجاربه مع وظائف الحكومة:

ومن السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثرين. وليس في الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هي واجب يؤديه من يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره.

وتزداد هذه المعابة حين تكون الوظيفة كما كانت يومئذ عملا آليا لا نصيب فيه للموظف الصغير والكبير غير الطاعة وقبول التسخير، وأما المسخر المطاع فهو الحاكم الأجنبي الذي يستولي على أداة الحكم كلها، ولا يدع فيها لأبناء البلاد عملا إلا كعمل المسامير في تلك الأداة.

 

كنا نعمل بقسم التكلفات أي تدوين الملكيات الزراعية أيام فك الزمام، وليس أكثر في هذه الأيام من العقود الواردة من المحاكم ومن الأقاليم فلا طاقة للموظف بإنجاز العمل مرة واحدة فضلا عن إنجازه مرتين.

وكنت أقرر عددا من العقود أنجزه كل يوم ولا أزيد عليه ولو تراكمت الأوراق على المكتب كالتلال، ومن هذه العقود عقد أذكره تماما.. كان لأمين الشمسي باشا والد السيد علي باشا الشمسي الوزير السابق المعروف، مضت عليه أشهر وهو بانتظار التنفيذ في الموعد الذي قررته لنفسي. وجاء الباشا يسأل عنه فرأيته لأول مرة، ورأيته لا يغضب ولا يلوم حين تبينت له الأعذار التي استوجبت ذلك القرار.

 

إن نفوري من الوظيفة الحكومية في مثل ذلك العهد الذي يقدسها كان من السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله عليها.. فلا أنسى حتى اليوم أنني تلقيت خبر قبولي في الوظيفة الأولى التي أكرهتني الظروف على طلبها كأنني أتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية.. إذ كنت أؤمن كل الإيمان بأن الموظف رقيق القرن العشرين

 

العمل بالسياسةبعد أن عمل بالصحافة، صار من كبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، فدخل في معارك حامية مع القصر الملكي، مما أدى إلى ذيع صيته واُنْتخب عضوًا بمجلس النواب. سجُن بعد ذلك لمدة تسعة أشهر عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية؛ فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، ارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلًا: «إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه». وفي موقف آخر أشد وطأةً من الأول، وقف الأديب الكبير موقفًا معاديًا للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، حتى إن أبواق الدعاية النازية وضعت اسمه بين المطلوبين للعقاب، كان العقاد يبشر بانتصار الديموقراطية في الوقت الذي كانت فيها المظاهرات في مصر ترفع شعار «إلى الأمام يا روميل»،

وما إن اقترب جنود إرفين روميل من أرض مصر حتى تخوف العقاد من عقاب الزعيم النازي أدولف هتلر، وهرب سريعًا إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب بخسارة دول المحور.

فكر العقاد

كان العقاد ذا ثقافة واسعة، إذ عرف عنه أنه موسوعي المعرفة. فكان يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وقد قرأ وأطلع على الكثير من الكتب، وبدأ حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفة والدين. ولقد دافع في كتبه عن الإسلام وعن الإيمان فلسفيا وعلميا ككتاب «الله» وكتاب «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية (مذهب سياسي)، وكتب عن المرأة كتابا عميقا فلسفيا أسماه هذه الشجرة، حيث يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة وعرض فيه نظريته في الجمال.

يقول العقاد أن الجمال هو الحرية، فالإنسان عندما ينظر إلى شيء قبيح تنقبض نفسه وينكبح خاطره ولكنه إذا رأى شيئا جميلا تنشرح نفسه ويطرد خاطره، إذن فالجمال هو الحرية، والصوت الجميل هو الذي يخرج بسلاسة من الحنجرة ولا ينحاش فيها، والماء يكون آسنا لكنه إذا جرى وتحرك يصبح صافيا عذبا. والجسم الجميل هو الجسم الذي يتحرك حرا فلا تشعر أن عضوا منه قد نما على الآخر، وكأن أعضاؤه قائمة بذاتها في هذا الجسد. وللعقاد إسهامات في اللغة العربية إذ كان عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة وأصدر كتبا يدافع فيها عن اللغة العربية ككتابه الفريد من نوعه اللغة الشاعرة.

معاركهُ الأدبية

وفي حياة العقاد معارك أدبية جَعَلتْهُ نهمَ القراءة والكتابة، منها: معاركه مع الرافعي وموضوعها فكرة إعجاز القرآن، واللغة بين الإنسان والحيوان، ومع طه حسين حول فلسفة أبي العلاء المعري ورجعته، ومع الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قضية الشاعر بين الملكة الفلسفية العلمية والملكة الشعرية، ومع محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في قضية وحدة القصيدة العضوية ووحدتها الموضوعية ومعارك أخرى جمعها عامر العقاد في كتابه: «معارك العقاد الأدبية».

شعره

أول دواوين العقاد حمل عنوان «يقظة الصباح» ونشر سنة 1916 وعمر العقاد حينها 27 سنة. وكتب العقاد في حياته عشرة دواوين شعر. وقد ذكر العقاد في مقدمة كتابهِ «ديوان من دواوين» أسماء تسعة دواوين له مرتبة وهي: يقظة صباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير. ثم كتب آخر دواوينه وهو «ما بعد البعد». في عام 1934 نظم العقاد نشيد العلم. وقد غني نشيده هذا وأذيع في المذياع في حينها. وكان قد لحنه الملحن عبد الحميد توفيق زكي.

قد رفعنا العلم

للعلا والفدا

في عنان السماء

حي أرض الهرم

حي مهد الهدى

حي أم البقاء

كم بنت للبنين

مصر أم البناة

من عريق الجدود

أمة الخالدين

من يهبها الحياة

وهبته الخلود

فارخصي يا نفوس

كل غال يهون

وهبته الخلود

إن رفعنا الرؤوس

فليكن ما يكون

ولتعش يا وطن

ولتعش يا وطن

وفي عام 2014 صدر كتاب بعنوان «المجهول والمنسي من شعر العقاد» من إعداد أحد تلاميذ العقاد وهو الباحث محمد محمود حمدان. وقد جمع في هذا الكتاب القصائد والأشعار غير المنشورة للعقاد.

تكريم العقادفي أبريل من عام 1934 أقيم حفل تكريم للعقاد في مسرح حديقة الأزبكية حضره العديد من الأدباء ومجموعة من الأعلام والوزراء. وألقى الدكتور طه حسين في هذا الحفل كلمة مدح فيها شعر العقاد فقال: «تسألونني لماذا أومن بالعقاد في الشعر الحديث وأومن به وحده، وجوابي يسير جدا، لأنني أجد عند العقاد ما لا أجده عند غيره من الشعراء... لأني حين أسمع شعر العقاد أو حين أخلو إلى شعر العقاد فإنما أسمع نفسي وأخلو إلى نفسي. وحين أسمع شعر العقاد إنما أسمع الحياة المصرية الحديثة وأتبين المستقبل الرائع للأدب العربي الحديث».ثم أشاد طه حسين بقصائد العقاد ولا سيما قصيدة ترجمة شيطان التي يقول إنه لم يقرأ مثلها لشاعر في أوروبا القديمة وأوروبا الحديثة. ثم قال طه حسين في نهاية خطابه: «ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه».

نقد شعر العقاديقول الدكتور جابر عصفور عن شعر العقاد: «فهو لم يكن من شعراء الوجدان الذين يؤمنون بأن الشعر تدفق تلقائي للانفعالات ... بل هو واحد من الأدباء الذين يفكرون فيما يكتبون، وقبل أن يكتبوه، ولذلك كانت كتاباته الأدبية "فيض العقول"... وكانت قصائده عملا عقلانيا صارما في بنائها الذي يكبح الوجدان ولا يطلق سراحه ليفيض على اللغة بلا ضابط أو إحكام، وكانت صفة الفيلسوف فيه ممتزجة بصفة الشاعر، فهو مبدع يفكر حين ينفعل، ويجعل انفعاله موضوعا لفكره، وهو يشعر بفكره ويجعل من شعره ميدانا للتأمل والتفكير في الحياة والأحياء».ويقول زكي نجيب محمود في وصف شعر العقاد: «إن شعر العقاد هو البصر الموحي إلى البصيرة، والحس المحرك لقوة الخيال، والمحدود الذي ينتهي إلى اللامحدود، هذا هو شعر العقاد وهو الشعر العظيم كائنا من كان كاتبه... من حيث الشكل، شعر العقاد أقرب شيء إلى فن العمارة والنحت، فالقصيدة الكبرى من قصائده أقرب إلى هرم الجيزة أو معبد الكرنك منها إلى الزهرة أو جدول الماء، وتلك صفة الفن المصري الخالدة، فلو عرفت أن مصر قد تميزت في عالم الفن طوال عصور التاريخ بالنحت والعمارة عرفت أن في شعر العقاد الصلب القوي المتين جانبا يتصل اتصالا مباشرا بجذور الفن الأصيل في مصر».

مؤلفاته

 

تمثال عباس العقاد في أسوان.

منذ تعطلت جريدة الضياء في عام 1936، وكان العقاد فيها مديرا سياسيا، انصرف جهده الأكبر إلى التأليف والتحرير في المجلات. فكانت أخصب فترة إنتاجا. فقد ألف فيها 75 كتابا من أصل نحو 100 كتاب ونيف ألفها. هذا عدا نحو 15 ألف مقال أو تزيد مما يملأ مئات الكتب الأخرى.

من مؤلفات العقاد المؤرخة:

المؤلفات المبكرة

أصدرت دار الهلال للعقاد أول كتبه خلاصة اليومية والشذور (1912)

الإنسان الثاني (1913)، ويناقش في هذا الكتاب المكانة والاحترام الذي أحرزته المرأة في الحضارة الحديثة.

ساعات بين الكتب (1914)، قراءة منوعة لكتب الفلسفة والتراث والشعر.

خرج أول دواوينه يقظة الصباح (1916) وقد احتوى الديوان على قصائد عديدة منها «فينوس على جثة أدونيس» وهي مترجمة عن شكسبير وقصيدة «الشاعر الأعمى» و«العقاب الهرم» و«خمارويه وحارسه» و«رثاء أخ» وترجمة لقصيدة «الوداع» للشاعر الإسكتلندي روبرت برنز.

ديوان وهج الظهيرة (1917)

ديوان أشباح الأصيل (1921)

الديوان في النقد والأدب، بالاشتراك مع إبراهيم عبدالقادر المازني. وقد خصص لنقد أعلام الجيل الأدبي السابق عليهما مثل أحمد شوقي ولطفي المنفلوطي ومصطفى صادق الرافعي (1921)

الحكم المطلق في القرن العشرين (1928). كانت مصر في ذلك الوقت تحت الاحتلال البريطاني، وكان موسوليني قد ظهر في إيطاليا، فألف كتابه هذا وحمل فيه على الحكم الاستبدادي. يقول الكاتب والناقد رجاء النقاش عن الكتاب: «وهو كتاب صغير مجهول، أهداه العقاد إلى مصطفي النحاس باشا. وكان العقاد أيامها منتميا إلي حزب الوفد. وفي هذا الكتاب يدافع العقاد عن الديمقراطية دفاعا قويا ويؤكد أن الديمقراطية هي التي تحمي البلدان والشعوب من الاضطرابات. وأن البلدان الديمقراطية هي التي تنتصر في الحروب، بينما تنهزم الدول القائمة علي الديكتاتورية.» ثم أصدر كتابه اليد القوية في مصر (1928). وموضوعه الأحداث السياسية الجارية في مصر وقتها.

ديوان أشجان الليل (1928)

الفصول (1929). وهو مجموعة من المقالات الأدبية والاجتماعية والخواطر، كانت تنشر في صحف ومجلات ما بين عامي 1913 و1922. وكتاب فلسفي هو مجمع الأحياء (1929).

فترة الثلاثينات والأربعينات

ديوان هدية الكروان (1933)

سعد زغلول، عن حياة السياسي المعروف سعد زغلول وثورة 1919 (1936)

ديوان عابر سبيل. وكتاب نقدي تاريخي بعنوان: شعراء مصر وبيانهم في الجيل الماضي 1355 - 1937، عبارة عن مقالات كل مقال عن شاعر من جيل معين. إضافة على إعادة طبع ساعات بين الكتب. (1937)

بعد خروجه من السجن ببضعة أعوام كتب لمجلة «كل شيء» في موضوع «حياة السجن» عدة مقالات جمعها في كتاب بعنوان: عالم السدود والقيود (1937)

سارة (1938)، سلسلة مقالات بعنوان «مواقف في الحب» كتبها لمجلة الدنيا الصادرة عن دار الهلال، والتي جمعها فيما بعد في هذا الكتاب.

رجعة أبي العلاء (1939)، كتاب يبحث في فكر وفلسفة الشاعر أبو العلاء المعري.

هتلر في الميزان، دراسة في شخصية القائد الألماني أدولف هتلر، وكان بعض المصريين وقت الحرب العالمية الثانية يميلون إلى هتلر لأنهم ضد الاحتلال الإنجليزي. لكن العقاد عكس ذلك كان ضد هتلر والنازية. النازية والأديان، دراسة في رؤية النازية للمسيحية. (1940)

أبو نواس، دراسة في شخصية الشاعر أبو نواس.

عبقريات: عبقرية محمد، عبقرية عمر (1941)

ديوان العقاد

ديوان وحي الأربعين. وديوان أعاصير مغرب (1942)

الصديقة بنت الصديق، دراسة عن عمر بن أبي ربيعة (1943)

ابن الرومي حياته من شعره

عمرو بن العاص، دراسة أدبية عن جميل وبثينة (1944)

هذه الشجرة، الحسين بن علي، بلال بن رباح، داعي السماء، عبقرية خالد بن الوليد، فرنسيس باكون، عرائس وشياطين، في بيتي (1945)

ابن سينا، أثر العرب في الحضارة الأوربية (1946)

الله، الفلسفة القرآنية (1947)

غاندي، عقائد المفكرين (1948)

عبقرية الإمام (1949)

عاهل جزيرة العرب / الملك عبد العزيز

فترة الخمسينات والستيناتديوان بعد الأعاصير، برناردشو، فلاسفة الحكم، عبقرية الصديق (1950)

الديمقراطية في الإسلام، ضرب الإسكندرية في 11 يولية، محمد علي جناح، سن ياتسن، بين الكتب والناس (1952)

عبقرية المسيح، إبراهيم أبو الأنبياء، أبو نواس (1953).

عثمان بن عفان، ألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي، الإسلام في القرن العشرين (1954)

طوالع البعثة المحمدية، الشيوعية والإنسانية، الصهيونية العالمية، إبليس (1955)

معاوية في الميزان، جحا الضاحك المضحك، الشيوعية والوجودية (1956)

بنجامين فرانكلين، الإسلام والاستعمار، لا شيوعية ولا استعمار، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه (1957)

التعريف بشكسبير (1958)

القرن العشرين، ما كان وسيكون، المرأة في القرآن، عبد الرحمن الكواكبي (1959)

الثقافة العربية أسبق من الثقافة اليونانية والعبرية، شاعر أندلسي وجائزة عالمية (1960)

الإنسان في القرآن، الشيخ محمد عبده (1961)

التفكير فريضة إسلامية (1962)

أشتات مجتمعات في اللغة والأدب (1963)

جوائز الأدب العالمية (1964)

أفيون الشعوب

بعد وفاتهالمقالات النادرة - الجزء 1، دار المحرر الأدبي

المقالات النادرة - الجزء 2، دار المحرر الأدبي

المقالات النادرة - الجزء 3، دار المحرر الأدبي

المقالات النادرة - الجزء 4، دار المحرر الأدبي

المقالات النادرة - الجزء 5، دار المحرر الأدبي

كتاب السيرة الذاتية

كان الأديب طاهر الطناحي رئيس تحرير مجلة الهلال التي كان يكتب فيها العقاد يقترح على العقاد كتابة سيرته الذاتية. فوافق العقاد وأرسل إلى المجلة مقالات متفرقة عن حياته جمعت بعد وفاته في كتاب واحد. يقول الطناحي في هذا الصدد:

«في نحو السابعة والخمسين من عمره اقترحت على العقاد أن يكتب كتابا عن حياته فأجابني: " سأكتب هذا الكتاب وسيكون عنوانه "عني" وسيتناول حياتي الشخصية وحياتي الأدبية والسياسية والاجتماعية" كان هذا الحديث في أواخر سنة 1946.

وكان العقاد قد كتب للمجلة قبل ذلك مقالتين "بعد الأربعين" و"وحي الخمسين"... فاعتزمت أن استكتبه في الهلال سائر فصول هذا الجانب إلى نهايته ثم أجمعه له في كتاب منفرد ... وكان أول ما كتبه بعد هذا الاتفاق مقال: إيماني في يناير 1947 ثم مقال أبي إلى آخر ما كتبه من الفصول التي قربت على الثلاثين فصلا...

فأخذت في جمع هذه الفصول وضممت إليها خمسة فصول نشرتها مجلات أخرى ... وما كدت أنتهي من جمعها حتى مرض وعاجلته المنية. فرأيت من الوفاء له أن أنشر هذا الكتاب واخترت له عنوان "أنا"... فقد كان يترك لي عنوان بعض مقالاته وكتبه في الهلال».

ثم كتب العقاد كتابه حياة قلم الذي بدأ في كتابته سنة 1957. وفي الكتاب أحاديث عن حياته الاجتماعية والسياسية من بداياتها حتى ثورة 1919، وقد كان في عزمه أن يكمله ولأمر ما وقف به هذا الموقف.

تقدير العقاد

 

شارع عباس العقاد ليلا

تُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى، فتُرجم كتابه المعروف «الله» إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، والملاوية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية. وأطلقت كلية اللغة العربية بالأزهر اسم العقاد على إحدى قاعات محاضراتها،

وسمي باسمه أحد أشهر شوارع القاهرة وهو شارع عباس العقاد الذي يقع في مدينة نصر.

كما أنتج مسلسل بعنوان العملاق يحكي قصة حياة العقاد وكان من بطولة محمود مرسي

منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب وتسلمها العقاد ولم يرفضها كما يتردد

، لكنه رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.

انظر أيضًاقائمة كتب عباس محمود العقاد

 

 مقَدّمَة
أحمد الحق تبارك وتعالى ، واصلي واسلم على خاتم أنبيائه ورسله : خير خلق الله ، وأحب عباد الله الى الله .. محمد بن عبد الله ... صلاة وسلاما يليقان بمقامه الكريم، وصلاة وسلاما على سائر اخوانه من النبيين والمرسلين، وصلاة وسلاما على اصحابه والتابعين ، وصلاة وسلاما على كل دعا بدعونه اليوم يوم الدين .

وبعد :

فان الكتابة في رسول الله ، والقراءة عن رسول الله ، عمل تهنأ به النفس ، وينشرح له الصدر ، ويتفتح معه القلب ، ويأخذ بمجامع اللب ، وتستريح في ظله الخواطر ، وتتسع في رحابه الابصار والبصائر . وكيف لا ؟ ومحمد وحده نبع صافي ، وري شافي ، وهدي كافي ، وسيرته العطرة لا ينضب معينها ، ولا يجف مدادها ، لأنها متلاحمة مع كلمات الله : ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾

وكيف لا ؟ وهو مثال الانسانية الكاملة ، وملتقى الأخلاق الفاضلة ، وحامل لواء الدعوة العالمية الشاملة !!

اما انسانيته : فقد ولدت معه ، ولازمته في أطوار حياته ، وميزته على سائر أقرانه ولدانه ، وصانته من كل زلل ، وحمته من كل شطط ، ودفعته دائما الى الخير، ومثالية السلوك .

فكان نبنة رطبة بين قلوب قد قست ، وطباع قد غلظت ، وعواطفه قد جفت ، ومشاعر قد تلبدت ، وعقول قد تحجرت ...

وكان زهرة نضرة وسط غابة من الاشواك ، في اطرافها حدة ، وفي جذوعها خشونة وغلظة ، وفي لمسها اذى وايلام ...

وكان شجرة سامقة مثمرة ظليلة ، وسط صحراء قاحلة ، وفلاة مجدبة ... وهو في حالاته الثلاث : كثير النفع .. عظيم العطاء ..

ولا عجب اذن - قبل أن يكولا رسلا - ان سلطت عليه الأضواء ، ولم تتنازع في انسانيته الأهواء ، وانتزع - عن جدارة - من بين القلوب الغلاظ ، والالسنة الحداد ، اعترافا بعفة نفسه ، وعذوبة حسه ، وسمو سلوكه ، وعلو انسانيته ... فكان الصادق الأمين !

واما اخلاقه : فكانت مستمدة من عند الله ، فهو - سبحانه - الذي صنعه على عينه ، وأدبه فأحسن تأديبه ، وجعله بشرا سويا ، وخلقا رضيا ، وكيف لا ؟ وقد سئلت أم المؤمنين عائشة - رضوان الله عليها - عن أخلاقه، فاجابت : « كان خلقه القرآن »

وهل القرآن الا كتاب الله ، وهدي السماء ؟؟

وكيف لا ؟ – ايضا - والهدف من رسالته ، والغاية من دعوته ، ما انصح عنه في عبارته : « انما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق » .

[3]وكان أحب الناس اليه : أحسنهم خلقا ، وأكثرهم أدبا، وأقومهم سلوكا .. « اإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي منازل يوم القيامة : أحَسانُكُمْ أَخْلَاقًا .. الموطأون أكنافا .. الذين يألفون ويؤلفون » !!.

وكان ارفع وسام لرسول ، واسمي وصف النبي .. ما جاء في محكم التنزيل : « وانك لعلى خلق عظيم »

ومما لا ريب فيه ، أن اخلاقياته وشمائله - عليه أفضل صلاة وأزکی تسليم - قد انعكست على أصحابه ، وتأصلت في هديه ، وكانت الصوت العالي في دعوته ، والنور الساطع المشع من رسالته ، فعمت ، واستمرت - ولو لم ينخلق بها المعرضون - وكفاها ... انها اخلاق محمد .. أو اخلاق القرآن واما عن الدعوة في عمومها وشمولها : _ نكانت نورا بدد الظلام .. وعدلا مسخ الظلم .. وأملا أطاح باليأس .. وفيضا بعد جفاف .. وارتواء بعد صدى .. حددت الداء ، ووصفت الدواء ، ليسلم الناس .. كل الناس ، وتسعد البشرية .. في ظل القيم الاسلامية ، وتتخطى حواجز الخلل التي ابعدتها عن فطرتها ، ونات بها عن قيمتها ، وتحيا في جو من الانسانية .. يؤمن بانسانية محمد .. وعظمة محمد .. وعبقرية محمد . والعبقرية ، صفة خلعها الكتاب ، والأدباء ، والباحثون ، علي كل حانق بارع في فن من الفنون ولو قارنا بين عبقرية محمد .. وعبقرية غيره : لوجدنا أن عبقرية غيره قد انحصرت في جانب من الجوانب ، أو اتجاه من الاتجاهات في مدلولها .. محدودة في آناتها .. قاصرة عن عموم النفع ، وشمول الاصلاح .. اما عبقرية محمد : فقد برزت في كل مناحي القيادة ، والاخلاق ، والدعوة ، بل في كل مناحي الحياة .. مما جعلها عبقرية شامخة وفريدة وصلت في شموخها عنان السماء ، فلو تدانت منها غيرها لهوت ، ولو حلقت اليها غيرها لسقطت ومن هنا ... ظهرت « عبقرية » العقاد في كتابه عن « عبقرية محمد »، والأستاذ العقاد : مشهود له بالالمعية والذكاء ، وهو غني من التعريف ، ولا يحتاج الى أضواء تسلط عليه .. فقد عودنا ان يكون هو المسلط للاضواء . بيد اننا نريد ان نقول : ان الاستاذ العقاد قد تصدى في هذا الكتاب للدفاع عن رسول الله ، والذود عن شرعته ، والرد على شانئيه ممن اجترأوا على مناواته ، والاتيان بالبرهان تلو البرهان : على اثبات عظمته ، وعظمة دعوته ، وقدسية رسالته ، وسمو عبقريته وهل يفعل ذلك .. الا محب غيور ، وحاذق هصور و « عبقري » بلا تطاول ولا غرور ؟؟ لقد تناول الكشف عن عبقرية محمد في قوله وفعله ، بل في سكوته وفكره .. فأفاد .. واجاد ، واستعرض فأبدع ، واستقصی فأشبع، وتألقت غيرته على محمد - صلى الله عليه وسلم - في رد سهام مناوئيه الى نحورهم ، واقحامهم في كل باطل من دعاويهم .. وقف لهؤلاء اللاغطين والمغالطين بالمرصاد ، وتعقبا كل لغط لهم وغلط:

[4]فأظهر كيدهم ولجاجتهم وافتراءهم في ادعائهم : ان الاسلام قد قام على حد السيف ، وان محمدا كان يستهوي القتل ، ويتعشق رؤية الدماء ، وأن دين محمد قد أباح العبودية ، وأجاز الرق ، وأن تعدد زوجات محمد كان استجابة للذات حسه ، وان الاسلام قد تخطى الانصاف في اباحته تعدد الزوجات ، وتوقيع العقوبة عند نشوز الزوجة ، وجواز الطلاق ...الخ . واستطاع العقاد - في اقتدار وابداع - أن يحيل مواطن التهم - كما أرادوها - إلى مواقف عظمة ، وعبقرية ، وفخار . ولست براغب في سرد كل ما حواه الكتاب من أبحاث ... لأترك للقارىء الكريم فرصة المتعة في البحث عن الدرر.. بيد أني راغب في الافصاح عن شعوري نحو هذا الكتاب ، وما رغبت في ذلك إلا لأنه قد أبكاني ، وأضحكني ... أبكاني حتى انتفضت ، وأضحكني حتى استلقيت ... أبكاني عند عرضه لاسلام عمر .. وأبكاني عندما وصف حالة رسول الله لما توفي ابنه إبراهيم . وأضحكني عندما قرأت عن دعابات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومزحه ، وحسن قبول الدعابات في نفسه ، وما كان من أمر نعيمان بن عمرو . وعبد الله الخمار .. على أن هذه المواقف لم تكن جديدة علي عندما قرأت هذا الكتاب .. ولكن الذي حرك المشاعر ، وأثار الخواطر ، وأهاج الأحاسيس ، حتى اضحك .. وابكي .. إنما هو : جمال العرض ، وصدق التعبير، ودقة التحليل ، وروعة الاستقصاء ... وهذه سمات تميز بها العقاد. فجزاه الله خير الجزاء.

مهدي عبد الحمید مصطفی

مبعوث الأزهر الشريف في لبنان


المؤلف: عباس العقاد

 




[5]تعود بنا هذه المقدمة ثلاثين سنة ، الى اليوم الذي سمعت فيه أول اقتراح بتأليف كتاب عن محمد عليه السلام .

وكنت أقيم يومئذ في ضاحية العباسية البحرية على مقربة من الساحة التي كانت معدة للاحتفال بالمولد النبوي في كل عام .

ولنا رهط[1] من الأصدقاء المشتغلين بالأدب يشتركون في قراءة كتبه العربية والافرنجية ، ويترددون معا على الأحياء الوطنية، وقلَّما يترددون على غيرها . فلا يزالون متنقلين فترة بعد فترة بين الحي الحسيني والحي الزينبي ، أو بين منشية القلعة ، وضاحية العباسية ، أو بين الروضة والخليج .. على حسب المناسبات ، وعلى غير مناسبة في كثير من الأوقات .

وكان رهطًا له نقائض[2] الدنيا مجتمعات: نقائض الشباب ونقائض الحياة الفنية، ونقائض الاختلاف في البيئة بين ناشيء في العاصمة وناشيء في الريف وناشيء في الصعيد وناشيء في الثغور[3]، الى غير ذلك من النقائض التي كانت حلية لهذه الجماعة ، ولم تكن فيها من دواعي التفرق والشتات [4].

* * *

ومن عجائبها أن الذي كان يغريها بالأحياء الوطنية هو قراءتها في الكتب الإفرنجية التي كانت شائعة[5] بينها؛ لأنهم كانوا يقرأون أكثر ما كانوا يقرأون كتب «دكنز» و«هازليت» و«لي هانت» و«كارليل» .. وهم كتَّاب مولعون[6] بعرض الأخلاق الاجتماعية ودراسة العادات المحلية، وتمثيل الريفيين ، والحضريين[7] في أوضاعهم المختلفة، ولهم فصول عن الأسواق، والدكاكين ، والباعة ، تفيض بحسن الملاحظة وبراعة الفكاهة ومتعة القراءة، وتعوّد من يدمن قراءتها أن يتحرى نظائرها[8] حيثما رآها .

ففي يوم من أيام المولد — والرهط يزورني لنؤم[9] الساحة [6]مجتمعين في المساء — كان الكاتب الانجليزي العظيم توماس كارليل هو محور الحديث كله ، لأنه كما يعلم الكثيرون بين قراء العربية صاحب كتاب الأبطال الذي عقد فيه فصلا عن النبي محمد عليه السلام ، وجعله نموذج البطولة النبوية بين أبطال العالم الذين اختارهم للوصف والتدليل .

* * *

وإنا لنتذاكر آراءه ومواضع ثنائه على النبي، إذ بدرت[10] من أحد الحاضرين الغرباء عن الرهط كلمة نابية[11] غضبنا لها واستنكرناها لما فيها من سوء الأدب وسوء الذوق وسوء الطوية[12] وكان الفتى الذي بدرت منه الكلمة متحذلقا[13]، يتظاهر بالمعرفة ويحسب أن التطاول على الأنبياء من لوازم الاطلاع على الفلسفة والعلوم الحديثة .. فكان مما قاله: شيء عن النبي والزواج، وشيء عن البطولة، فحواه : أن بطولة محمد انما هي بطولة سيف ودماء !

قلت: «ويحك![14] !.. ما سوغ[15] أحد السيف كما سوغته أنت بهذه القولة النابية!».

وقال صديقنا المازني: « بل السيف أكرم من هذا ، وإنما سوغ صاحبنا شيئا آخر يستحقه .. وأشار إلى قدمه !».

وارتفعت لهجة النقاش هنيهة [16] ، ثم هدأت بخروج الفتى صاحب الكلمة من الندى [17]، واعتذاره قبل خروجه بتفسير كلامه على معنى مقبول ، أو خيل اليه انه مقبول.

وتساءلنا : ما بالنا نقنع بتمجيد[18] كارليل للنبي ، وهو كاتب غربي لا يفهمه كما نفهمه ، ولا يعرف الاسلام كما نعرفه .. ثم سألني بعض الاخوان: « ما بالك أنت يا فلان لا تضع لقراء العربية كتابا عن محمد على النمط[19] الحديث؟».

قلت: «أفعل .. وأرجو أن يتم ذلك في وقت قريب ».

ولكنه لم يتم في وقت قريب .. بل تمَّ بعد ثلاثين سنة! .. وشاءت المصادفة العجيبة أن تتم فصوله في مثل الأيام التي سمعت فيها الاقتراح لأول مرة .. فكتبت السطر الاخير فيه يوم مولد [7]النبي على حسب الشهور الهجرية ، واتفقت هذه المصادفة على غير تدبير مني ولا من أحد ، لأني لم أدبر لنفسي أوقات الفراغ التي هيأت لي اتمام فصوله وتقسيم العمل فيه يوما بعد يوم.

* * *

والخيرة في الواقع..

والخيرة كذلك في هذا التأخير..

فانني لو كتبته يومئذ لعدت إلى كتابته الآن من جديد، واحتجت إلى السنين الثلاثين أضيف خبرتها وقراءتها ورياضتها النفسية والفكرية الى محصول ذلك العمر الباكر[20].. إذ هو عمر يستطيع المرء أن يمتليء فيه اعجابا بمحمد ، لأنه عمر الاعجاب والحماسة الروحية. بيد انه لا يستطيع أن يقيسه بمقياسه وأن يشعر بشعوره في مثل تجاربه، وفي مثل السن التي اضطلع فيها بالرسالة . وان تقارب السن هنا لضرورة لا غنى عنها لتقريب ذلك الشأو[21] البعيد من شتى[22] نواحيه.

أين كنا قبل تلك السنين الثلاثين؟..

انها مسافات في عالم الفكر والروح .. لو تمثلت مكانا منظورا ، لأخذ المرء رأسه بيديه من الدوار وامتداد النظر بغير قرار .

كم رأي؟ .. كم مذهب؟ .. كم وسواس؟.. كم محنة.. كم مراجعة؟.. كم زلزال يتضعضع[23] له الكيان وتميد[24] معه الدعائم[25] والأركان؟.. كم وكم في ثلاثين سنة مما يطرق نفسا لا تعفيها الحياة من التجارب والعوارض[26] لمحة عين في نهار؟.. وكم لذلك كله من أثر في توطيد[27] الرأي وتهدئة الثوائر[28] وتجلية الغبار؟.. وكم يضيف ذلك كله الى الشباب الباكر الذي كان يحلم يومئذ بالعظمة في كل أوج [29]، وبالأوج المحمدي في عليا مراتب الأنبياء؟ ..

الخيرة في الواقع..

الخيرة في ذلك التأخير..

واليوم ونحن نضع كتابنا هذا عن «عبقرية محمد» بين يدي [8]القراء، لا نقول .. اننا قد استوفيناه كما أردناه ، ولا اننا فصلنا فيه الغرض الذي توخيناه[30] .. ولكننا نقول اننا التزمنا فيه الباعث الذي أوحى الاقتراح بتأليفه لأول مرة. كأننا شرعنا في كتابته مساء ذلك اليوم قبل ثلاثين سنة ، فكتبناه ونحن نستحضر في الذهن تبرئة المقام المحمدي من تلك الأقاويل التي يلغط[31] بها الأغرار [32]والجهلاء عن حذلقة[33] أو سوء نية، ونظرنا اتفاقا، فإذا بأطول الفصول فيه الفصلان اللذان شرحنا فيهما موقف محمد من الحرب ومن الحياة الزوجية .. لأنهما كانا مثار اللغط تلك الليلة على مقربة من ساحة المولد ، وكانا مثار اللغط في كل ما ردده سفهاء الشانئين[34] من الأصلاء والمقتدين في هذا الباب .

* * *

فسيرى القاريء أن « عبقرية محمد » عنوان يؤدي معناه في حدوده المقصودة ولا يتعداها ، فليس الكتاب سيرة نبوية جديدة تضاف إلى السير العربية والافرنجية التي حفلت بها « المكتبة المحمدية » حتى الآن .. لأننا لم نقصد وقائع السيرة لذاتها في هذه الصفحات ، على اعتقادنا أن المجال متسع لعشرات من الأسفار [35] في هذا الموضوع ، ثم لا يقال انه استنفد كل الاستنفاد.

وليس الكتاب شرحا للاسلام أو لبعض أحكامه أو دفاعا عنه أو مجادلة لخصومه .. فهذه أغراض مستوفاة في مواطن شتى[36]، يكتب فيها من هم ذووها[37] ولهم دراية بها وقدرة عليها.

إنما الكتاب تقدير « لعبقرية محمد » بالمقدار الذي يدين به كل انسان ولا يدين به المسلم وكفى ، وبالحق الذي يبث [38]له الحب في قلب كل انسان، وليس في قلب كل مسلم وكفى.

فمحمد هنا عظيم .. لأنه قدوة المقتدين في المناقب التي يتمناها المخلصون لجميع الناس ..

عظيم لأنه على خُلق عظيم .. [9]وايتاء العظمة حقها لازم في كل آونة[39] وبين كل قبيل .. ولكنه في هذا الزمن وفي عالمنا هذا ألزم منه في أزمنة أخرى ، لسببين متقاربين لا لسبب واحد : أحدهما أن العالم اليوم أحوج مما كان إلى المصلحين النافعين لشعوبهم وللشعوب كافة .. ولن يتاح لمصلح أن يهدي قومه وهو مغموط[40] الحق معرض للجفوة[41] والكنود[42].

والسبب الآخر أن الناس قد اجترأوا على العظمة في زماننا بقدر حاجتهم الى هدايتها .. فان شيوع الحقوق العامة قد أغرى أناسا من صغار النفوس بإنكار الحقوق الخاصة ، حقوق العلية[43] النادرين الذين ينصفهم التمييز وتظلمهم المساواة .. والمساواة هي شرعة[44] السواد[45] الغالبة في العصر الحديث.

* * *

ولقد جار هذا الفهم الخاطئ للمساواة على حقوق العظماء السابقين، كما جار على حقوق العظماء من الأحياء والمعاصرين، ثم أغرى الناس بالجور[46] بعد الجور غرورهم بطرائف العصر الحديث ، واعتقادهم انه قد أتى بالجديد الناسخ[47] للقديم في كل شيء .. حتى في ملكات النفوس والأذهان، وهي مزية خالدة لا ينسخ فيها الجديد القديم.

يرون أن البخار يلغي الشراع[48]، وربما كان الاختراع السابق أدل على القدرة وأبين عن الفضل من الاختراع الذي تلاه ، ولم يكن ليتلوه لولا ما تقدم عليه ..

وينظرون إلى أقطاب الدنيا كأن الأصل في النظر إليهم أن يتجنوا عليهم ويثلبوا[49] كرامتهم، ولا يثوبوا[50] الى الاعتراف لهم بالفضل الا مكرهين، بعد أن تفرغ عندهم وسائل التجني والثلب والافتراء[51].

هذه الآفة حِطَّةٌ تهبط بالخلق الإنساني إلى الحضيض[52]، وتهبط بالرجاء في اصلاح العيوب الخلقية والنفسية الى ما دون الحضيض ..

[10]فماذا يساوي انسان لا يساوي الانسان العظيم شيئا لديه ؟ وأي معرفة بحق من الحقوق يناط[53] بها الرجاء اذا كان حق العظمة بين الناس غير معروف؟ .. وإذا ضاع العظيم بين أناس، فكيف لا يضيع بينهم الصغير؟ .

لهذا كان تقدير «محمد» بالقياس الذي يفهمه المعاصرون ويتساوى في اقراره المسلمون وغير المسلمين، نافعا في هذا الزمن الذي التوت فيه مقاييس التقدير ..

إنه لنافع لمن يقدرون محمدا، وليس بنافع لمحمد أن يقدِّروه لأنه في عظمته الخالدة لا يضار[54] بانكار، ولا ينال منه بغي[55] الجهلاء إلا كما نال منه بغي الكفار .

وإنه لنافع للمسلم أن يقدر محمدا بالشواهد والبينات التي يراها غير المسلم، فلا يسعه الا أن يقدرها ويجري على مجراه فيها .. لأن مسلما يقدر محمدا على هذا النحو يحب محمدا مرتين : مرة بحكم دينه الذي لا يشاركه فيه غيره ، ومرة بحكم الشمائل الانسانية التي يشترك فيها جميع الناس..

وحسبنا من «عبقرية محمد» أن نقيم البرهان على أن محمدًا عظيم في كل ميزان: عظيم في ميزان الدين، وعظيم في ميزان العلم، وعظيم في ميزان الشعور، وعظيم عند من يختلفون في العقائد ولا يسعهم أن يختلفوا في الطبائع الآدمية، الا ان يرين[56] العنت[57] على الطبائع فتنحرف عن السواء وهي خاسرة بانحرافها، ولا خسارة على السواء.

* * *

ان عمل محمد لكاف جد الكفاية لتخويله[58] المكان الأسنى[59] من التعظيم والإعجاب والثناء ..

انه نقل قومه من الايمان بالأصنام إلى الايمان بالله ، ولم تكن أصناما كأصنام يونان يحسب للمعجب بها ذوق الجمال إن [11]فاته أن يحسب له هدى الضمير . ولكنها أصنام شائهات[60] كتعاويذ السحر التي تفسد الأذواق وتفسد العقول، فنقلهم محمد من عبادة هذه الدمامة[61] الى عبادة الحق الأعلى .. عبادة خالق الكون الذي لا خالق سواه، ونقل العالم كله من ركود[62] الى حركة ومن فوضى إلى نظام، ومن مهانة[63] حيوانية إلى كرامة إنسانية، ولم ينقله هذه النقلة قبله ولا بعده أحد من أصحاب الدعوات .


ان عمله هذا لكافٍ لتخويله المكان الأسنى بين صفوف الأخيار الخالدين، فما من أحد يضن
[64] على صاحب هذا العمل بالتوقير[65] ثم يجود بالتوقير على اسم إنسان.

إلا أننا نمضي خطوة وراء هذا ، حين نقول ان التعظيم حق «لعبقرية محمد» ولو لم تقترن بعمل محمد ..

لأن العبقرية قيمة في النفس قبل أن تُبرزها[66] الاعمال، ويكتب لها التوفيق، وهي وحدها قيمة يُغالى[67] بها التقويم .

فإذا رجح بمحمد ميزان العبقرية، وميزان العمل، وميزان العقيدة .. فهو نبي عظيم وبطل عظيم وانسان عظيم.

وحسبنا من كتابنا هذا أن يكون بنانا[68] تومئ[69] الى تلك العظمة في آفاقها، فإن البنان لأقدر على الاشارة من الباع[70] على الاحاطة، وأفضل من عجز المحيط طاقة المشير

عباس محمود العقاد


 

  ما دون العشرة من الرجال

    نقيض الشيء : عكسه

    المراد: المدن المطلة على الشواطيء

    بمعنى الفرقة

    ذائعة منتشرة

    اي شغوفون

    سكان المدن

    اشباهها ومثيلاتها

    نقصد

    أي تسرع واحتد فأخطأ

    خارجة

    الضمير

    مدعيا العلم

    بمعنی ويلك

    جوُر

    أي فترة

    مجلس القوم ومتحدثهم

    تعظيم

    المنهج او النظام.

    اول العمر

    الغاية والامد

    اي جميع

    يتهدم

    تتمايل وتتحرك

    الاعمدة

    ما يعترضها في جنباتها

    تقوية

    اي الانفعالات

    الأوج:ضد الهبوط

    قصدناه

    اللغط : الصوت والجلبة

    الغافلون

    ادعاء للعلم

    المبغضين

    الكتب

    كثيرة ومتعدة

    اصحابها المتخصصون فيها

    ينشر.

    اي وقت

    غمط الناس : احتقارهم وازدراؤهم

    المراد : الهجر والغلظة

    كفران النعمة والتنكر للفضل

    جمع علي وهو الشريف الرفيع

    شريعة

    سواد الناس : عوامهم

    الظلم

    المزيل

    شراع السفينة

    يعيبوا

    يرجعوا

    الاختلاق

    القرار من الأرض عند منقطع الجبل

    بتملق

    يصيبه ضرر

    عدوان وظلم

    يغلب

    الإثم

    تمليكه

    الرفيع

    قبيحات

    الأصنام القبيحة

    خمول وسكون

    مذلة

    يبخل

    التعظيم

    تظهرها

    غالى بالشيء : اشتراه بثمن غال

    اصبع

    تشير

  الباع قدر مد اليدين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القرآن الكريم : وورد

  القرآن الكريم :  سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِ...