ج3وج4وج5.كتاب الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِر الشَّيْخ زَيْنُ الْعَابِدِيْنَ بْنِ إِبْرَاهِيْمِ بْنِ نُجَيْمٍ
مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْضًا
لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ جَوَازَهُ
،وَلَا يُرَاعَى مَا شَرَطَهُ دَائِمًا وَأَمَّا اسْتِوَاءُ الْمُسْتَحِقِّينَ
عِنْدَ الضِّيقِ فَمُخَالِفٌ لِمَا فِي مَذْهَبِنَا لِمَا فِي الْحَاوِي
الْقُدْسِيِّ
الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ
عِمَارَتُهُ ، شَرَطَ الْوَاقِفُ أَمْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى
الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ
لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ ، ثُمَّ السِّرَاجُ
وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ ( انْتَهَى ) .
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ
وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ
، فَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ النَّاظِرُ ،
وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الشَّادِّ زَمَنَ الْعِمَارَةِ
وَالْكَاتِبِ بِهِمْ لَا فِي كُلِّ زَمَانٍ ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْجَابِي
الْمُبَاشِرِ لِلْجِبَايَةِ بِهِمْ ، وَالسَّوَّاقُ مُلْحَقٌ بِهِمْ أَيْضًا ، وَالْخَطِيبُ
مُلْحَقٌ بِالْإِمَامِ بَلْ هُوَ إمَامُ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ قَيَّدَ
الْمُدَرِّسَ بِمُدَرِّسِ الْمَدْرَسَةِ وَظَاهِرُهُ إخْرَاجُ مُدَرِّسِ
الْجَامِعِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ ؛ فَإِنَّ مُدَرِّسَ
الْمَدْرَسَةِ إذَا غَابَ تَعَطَّلَتْ الْمَدْرَسَةُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى
الْعِمَارَةِ كَمُدَرِّسِي الرُّومِ ، أَمَّا مُدَرِّسُ الْجَامِعِ كَأَكْثَرِ
الْمُدَرِّسِينَ بِمِصْرَ ، فَلَا،
وَلَا يَكُونُ مُدَرِّسُ الْمَدْرَسَةِ مِنْ الشَّعَائِرِ
إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَمَّا مُدَرِّسُو
زَمَانِنَا فَلَا ، كَمَا لَا يَخْفَى .
وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي تَقْدِيمُ الْإِمَامِ
وَالْمُدَرِّسِ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّعَائِرِ لِتَعْبِيرِهِ بِثُمَّ فَإِذَا
عَلِمْتَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمُبَاشِرَ وَالشَّادَّ فِي
غَيْرِ زَمَنِ الْعِمَارَةِ والمزملاتي ، وَالشِّحْنَةَ وَكَاتِبَ الْغَيْبَةِ ،
وَخَازِنَ الْكُتُبِ ، وَبَقِيَّةَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ لَيْسُوا مِنْهُمْ
وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْمُؤَذِّنِينَ بِالْإِمَامِ وَكَذَا الْمِيقَاتِيُّ
لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلْمَسْجِدِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي
تَقْدِيمُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ
الضِّيقِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْعِمَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِوَاءَ
الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحِقِّ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ
،وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ الْجَامِكِيَّةُ فِي الْأَوْقَافِ
لَهَا شَبَهُ الْأُجْرَةِ وَشَبَهُ الصِّلَةِ وَشَبَهُ الصَّدَقَةِ ، فَيُعْطَى
كُلُّ شَبَهٍ مَا يُنَاسِبُهُ فَاعْتَبَرْنَا شَبَهَ الْأُجْرَةِ فِي اعْتِبَارِ زَمَنِ
الْمُبَاشَرَةِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَعْلُومِ وَالْحِلِّ لِلْأَغْنِيَاءِ ،
وَشَبَهَ الصِّلَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ
ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ
مِنْ السَّنَةِ ، وَشَبَهَ الصَّدَقَةِ لِتَصْحِيحِ أَصْلِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ
لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً ، فَإِذَا مَاتَ الْمُدَرِّسُ فِي
أَثْنَاءِ السَّنَةِ مَثَلًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَقَبْلَ ظُهُورِهَا ،
وَقَدْ بَاشَرَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ ، يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ وَقْتَ
قِسْمَةِ الْغَلَّةِ إلَى مُدَّةِ مُبَاشَرَتِهِ وَإِلَى مُبَاشَرَةِ مَنْ جَاءَ
مِنْ بَعْدِهِ ، وَيُبْسَطُ الْمَعْلُومُ عَلَى الْمُدَرِّسَيْنِ ، وَيُنْظَرُ
كَمْ يَكُونُ مِنْهُ لِلْمُدَرِّسِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ ، فَيُعْطَى بِحِسَابِ
مُدَّتِهِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ اعْتِبَارُ زَمَانِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَإِدْرَاكِهَا
كَمَا اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ ، بَلْ يَفْتَرِقُ
الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُدَرِّسِ وَالْفَقِيهِ وَصَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا
وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ وَالْأَعْدَلُ .
كَذَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ زَمَنِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ
فِي غَيْرِ الْأَوْقَافِ الْمُؤَجَّرَةِ عَلَى الْأَقْسَاطِ الثَّلَاثَةِ ، كُلَّ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قِسْطٌ ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ إدْرَاكِ الْقِسْطِ فَكُلُّ
مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ حَتَّى تَمَّ وَهُوَ
مَخْلُوقٌ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَمَنْ لَا فَلَا ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِلْوَقْفِ إلَّا فِي
مَسْأَلَتَيْنِ : مَا
إذَا أَجَّرَهَا الْوَاقِفُ ثُمَّ أَرْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ لِبُطْلَانِ الْوَقْفِ
بِرِدَّتِهِ فَانْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ ، وَفِيمَا إذَا أَجَّرَ أَرْضَهُ
ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ تَنْفَسِخُ .
ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي آخِرِ شَرْحِهِالنَّاظِرُ
إذَا أَجَّرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا
فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى
ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُأَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا وَقْفٌ
وَكَذَّبَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ
بِزَعْمِهِ ، وَقَدْ كَتَبْنَا نَظَائِرَهَا فِي الْإِقْرَارِ
وَقَعَتْ حَادِثَةٌ ، وَقَفَ الْأَمِيرُ عَلَى فُلَانٍ ،
ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ، ثُمَّ
عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ
وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ فَإِذَا
انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ صُرِفَ إلَى كَذَا فَهَلْ قَوْلُهُ مِنْ
الذُّكُورِ خَاصَّةً قَيْدٌ لِلْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ
أُنْثَى وَلَا وَلَدُ أُنْثَى ؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَبْنَاءِ دُونَ
الْآبَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ ، وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ
الْإِنَاثِ ؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ لِلْآبَاءِ دُونَ أَبْنَاءٍ حَتَّى يَسْتَحِقَّ
وَلَدُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى ؟ فَأَجَبْتُ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ
الْأَبْنَاءِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ
لِلْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى
{ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {
وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ } وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ
مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَى
آبَائِهِمْ ، ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا ، وَتَخْصِيصُ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ
وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ ، وَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ
بَعْدَهُ : فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَقُلْ أَبْنَاءُ
الذُّكُورِ وَلَا أَبْنَاءُ الْأَوْلَادِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
أَعْلَمُ .
ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ
قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت
الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ
الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ .
وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ .
وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ
الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا الِاسْتِدَانَةُ
عَلَى الْوَقْفِ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا تَجُوزُ إلَّا
بِإِذْنِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ عَنْهُ يَسْتَدِينُ
بِنَفْسِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ . النَّاظِرُ إذَا فَرَضَ النَّظَرَ
لِغَيْرِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ التَّفْوِيضُ بِالشَّرْطِ صَحَّ مُطْلَقًا ،
وَإِلَّا فَإِنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ فَوَّضَ فِي مَرَضِ
مَوْتِهِ صَحَّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْيَتِيمَةِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَغَيْرِهَا
، وَإِذَا صَحَّ التَّفْوِيضُ بِالشَّرْطِ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا إذَا كَانَ
الْوَاقِفُ جَعَلَ لَهُ التَّفْوِيضَ وَالْعَزْلَ ، كَمَا حَرَّرَهُ
الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا فَوَّضَ فِي
مَرَضِ مَوْتِهِ بِلَا شَرْطٍ وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ وَالتَّفْوِيضُ
إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيصَاءِ .
وَسُئِلْت عَنْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّرْطِ ثُمَّ بَعْدَ
وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ .
فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ مُعَيِّنٌ بِالشَّرْطِ ثُمَّ
بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ
لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا ؟
فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ إنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ يَنْتَقِلُ
لِلْحَاكِمِ بِمَوْتِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْوِيضِ ، وَإِنْ فِي مَرَضِ
مَوْتِهِ لَا يَنْتَقِلُ لَهُ مَا دَامَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهِ بَاقِيًا
لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ، وَعَنْ وَاقِفِ شَرْطٍ مُرَتِّبًا لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَفَزِعَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ ، ثُمَّ مَاتَ
فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ ؟ فَأَجَبْتُ بِالِانْتِقَالِ لَيْسَ
لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ شَرْطِ
الْوَاقِفِ ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّرِ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ
، ذَكَرَ الْحُسَامِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّ لِلْقَاضِي نَصْبُ الْقَيِّمِ
بِغَيْرِ شَرْطٍ ، وَلَيْسَ لَهُ نَصْبُ خَادِمٍ لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ ،
فَاسْتَفَدْتُ مِنْهَا مَا ذَكَرْتُهُ يُكْرَهُ إعْطَاءُ فَقِيرٍ مِنْ وَقْفِ
الْفُقَرَاءِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَأَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ .
إلَّا إذَا أَوْقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَلَا
يُكْرَهُ كَالْوَصِيَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ حُكْمُ
الْمُرَتَّبِ الْكَثِيرِ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ
الْفُقَرَاءِ ، فَلْيُحْفَظْ : إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ
لَمْ يَسْتَحِقَّ مُدَّعِيهِمَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالْفَقْرِ
، إذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ فَقِيرٌ مُعْدِمٌ ،
وَمَنْ لَهُ نَفَقَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ فَقِيرٌ ، إنْ كَانَتْ لَا
تَجِبُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ
بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ ، كَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي
الِاخْتِيَارِ
إذْ جَعَلَ تَعْمِيرَ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ وَقَطَعَ
مَعْلُومَ الْمُسْتَحِقِّينَ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ فَمَا قَطَعَ لَا يَبْقَى
لَهُمْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ ، إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ
التَّعْمِيرِ ، بَلْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ عَمَّرَهُ أَوْ لَا .
وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ النَّاظِرَ إذَا
صَرَفَ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ( انْتَهَى ) .
وَفَائِدَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ لَوْ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فِي
السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَفَضَلَ شَيْءٌ بَعْدَ صَرْفِ مَعْلُومِهِمْ هَذِهِ
السَّنَةَ ، لَا يُعْطِيهِمْ الْفَاضِلَ عِوَضًا عَمَّا قَطَعَ .
وَقَدْ اُسْتُفْتِيتُ عَمَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ
الْفَاضِلَ عَنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْعُتَقَاءِ ، وَقَدْ قُطِعَ
لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِي سَنَةٍ شَيْءٌ بِسَبَبِ التَّعْمِيرِ
، هَلْ
يُعْطِي الْفَاضِلَ فِي الثَّانِيَةِ لَهُمْ أَمْ لِلْعُتَقَاءِ ؟ فَأَجَبْتُ
لِلْعُتَقَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
وَإِذَا قُلْنَا بِتَضْمِينِ النَّاظِرِ إذَا صَرَفَ لَهُمْ
مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ
لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا
، لَكِنْ نَقَلُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ
الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ،
فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا
ضَمِنَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِلْكُهُ لِاسْتِنَادِ مِلْكِهِ إلَى وَقْفِ التَّعَدِّي .
كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ : إنَّ الْمَضْمُونَاتِ
يَمْلِكُهَا الضَّامِنُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي ، حَتَّى لَوْ
غَيَّبَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ مَلَكَهَا
مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَنَفَذَ بَيْعُهُ السَّابِقُ ، وَلَوْ
أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ
عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ
كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ
مِنْ بَحْثِ الْمِلْكِ .
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ
الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ .
لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ
الْفَاضِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ .
فَصُرِفَ الْفَاضِلُ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ
ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ ، يُسْتَرَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ
( انْتَهَى ) ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ
لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ
الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ ، فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ ،
بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ
عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ مَا إذَا أَذِنَهُ
الْقَاضِي بِالدَّفْعِ إلَى زَوْجَةِ الْغَائِبِ فَلَمَّا حَضَرَ جَحَدَ
النِّكَاحَ وَحَلَفَ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ : إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ
، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ ( انْتَهَى
) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ وَقْتَ الدَّفْعِ ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْخَطَأُ
فِي الْإِذْنِ ، فَإِنَّمَا دَفَعَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إذْنِ الْقَاضِي فَكَانَ
لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ مَلَكَ الْمَدْفُوعَ بِالضَّمَانِ
، فَلَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ .
وَفِي النَّوَازِلِ : سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ
دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ عِمَارَتِهِ فَهُوَ
لِلْفُقَرَاءِ ، فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ ، وَالْمَسْجِدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى
الْعِمَارَةِ .
هَلْ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ؟ قَالَ لَا تُصْرَفُ إلَى
الْفُقَرَاءِ ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ
يَحْدُثَ لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ .
قَالَ الْفَقِيهُ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ هَكَذَا .
وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ
أَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ
وَالدَّارُ إلَى الْعِمَارَةِ أَمْكَنَ الْعِمَارَةَ مِنْهَا صَرَفُ الزِّيَادَةَ
عَلَى
هَلْ يُعْطِي الْفَاضِلَ فِي الثَّانِيَةِ لَهُمْ أَمْ
لِلْعُتَقَاءِ ؟ فَأَجَبْتُ لِلْعُتَقَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى أَعْلَمُ
.
وَإِذَا قُلْنَا بِتَضْمِينِ النَّاظِرِ إذَا صَرَفَ لَهُمْ
مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ
لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا
، لَكِنْ نَقَلُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ
الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ،
فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا
ضَمِنَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِلْكُهُ لِاسْتِنَادِ مِلْكِهِ إلَى وَقْفِ التَّعَدِّي .
كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ : إنَّ الْمَضْمُونَاتِ
يَمْلِكُهَا الضَّامِنُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي ، حَتَّى لَوْ
غَيَّبَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ مَلَكَهَا
مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَنَفَذَ بَيْعُهُ السَّابِقُ ، وَلَوْ
أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ
عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ
كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ
مِنْ بَحْثِ الْمِلْكِ .
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ
الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ .
لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْفَاضِلُ
إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ .
فَصُرِفَ الْفَاضِلُ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ
ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ ، يُسْتَرَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ
( انْتَهَى ) ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ
لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ
الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ ، فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ ،
بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ
عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ مَا إذَا أَذِنَهُ
الْقَاضِي بِالدَّفْعِ إلَى زَوْجَةِ الْغَائِبِ فَلَمَّا حَضَرَ جَحَدَ
النِّكَاحَ وَحَلَفَ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ : إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ
، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ ( انْتَهَى
) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ وَقْتَ الدَّفْعِ ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْخَطَأُ
فِي الْإِذْنِ ، فَإِنَّمَا دَفَعَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إذْنِ الْقَاضِي فَكَانَ
لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ مَلَكَ الْمَدْفُوعَ بِالضَّمَانِ
، فَلَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ .
وَفِي النَّوَازِلِ : سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ
دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ عِمَارَتِهِ فَهُوَ
لِلْفُقَرَاءِ ، فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ ، وَالْمَسْجِدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى
الْعِمَارَةِ .
هَلْ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ؟ قَالَ لَا تُصْرَفُ إلَى
الْفُقَرَاءِ ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ
يَحْدُثَ
لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ .
قَالَ الْفَقِيهُ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فَأَجَابَ هَكَذَا
.
وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ
أَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ
وَالدَّارُ إلَى الْعِمَارَةِ أَمْكَنَ الْعِمَارَةَ مِنْهَا صَرَفُ الزِّيَادَةَ عَلَىالْفُقَرَاءِ
، عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ( انْتَهَى بِلَفْظِهِ ) .
فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ
تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ ، كَمَا هُوَ
الْوَاقِعُ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ
إمْسَاكُ قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ،
وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفُ إلَى الْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ
الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ .
وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ
الْعِمَارَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ
تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ
عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا ، وَمَعَ الِاشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ
وَيَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي ؛ لِأَنَّ
الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ .
نَعَمْ إذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَهَا عِنْدَ
الْحَاجَةِ إلَيْهَا لَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ .
وَعَلَى هَذَا فَيَدَّخِرُ النَّاظِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ
قَدْرًا لِلْعِمَارَةِ .
وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّا
نَقُولُ قَدْ عَلَّلَهُ فِي النَّوَازِلِ بِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَسْجِدِ
حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ .
وَحَاصِلُهُ جَازَ خَرَابُ الْمَسْجِدِ أَوْ بَعْضِ
الْمَوْقُوفِ ، وَالْمَوْقُوفُ لَا غَلَّةَ لَهُ فَيُؤَدِّي الصَّرْفُ إلَى
الْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ ادِّخَارِ شَيْءٍ لِلتَّعْمِيرِ إلَى خَرَابِ الْعَيْنِ
الْمَشْرُوطِ تَعْمِيرُهَا أَوَّلًا .
وَصِيُّ الْوَاقِفِ نَاظِرٌ عَلَى أَوْقَافِهِ كَمَا هُوَ
مُتَصَرِّفٌ فِي أَمْوَالِهِ وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا بَعْدَ جَعْلِ
الْأَوَّلِ كَانَ الثَّانِي وَصِيًّا لَا نَاظِرًا ، كَمَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ
مِنْ الْوَقْفِ .
وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ ، فَإِنَّ مُقْتَضَى مَا
قَالُوا فِي الْوَصَايَا أَنْ يَكُونَا وَصِيَّيْنِ
حَيْثُ لَمْ يُعْزَلْ الْأَوَّلُ فَيَكُونَانِ نَاظِرَيْنِ .
فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ غَيْرُهُ .
كِتَابُ الْبُيُوعِ
أَحْكَامُ الْحَمْلِ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ بَيْعُهُ وَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي أَحْكَامِ
الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ لَا الْمُقَيَّدِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
، وَالِاسْتِيلَادِ ، وَالْكِتَابَةِ ، وَالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَالرِّقِّ
، وَالْمِلْكِ بِسَائِرِ أَسْبَابِهِ ، وَحَقُّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ يَسْرِي إلَيْهِ
، وَحَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي الدَّيْنِ ، فَيُبَاعُ
مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ ، وَحَقُّ الْأُضْحِيَّةِ ، وَالرَّهْنُ فَهِيَ اثْنَتَا
عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَمَا زَادَ
عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَيَتْبَعُهَا فِي الرَّهْنِ ، فَإِذَا وَلَدَتْ
الْمَرْهُونَةُ كَانَ رَهْنًا مَعَهَا بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ،
وَالْكَفِيلَةِ ، وَالْمَغْصُوبَةِ ، وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا ، فَإِنَّهُ لَا
يَتْبَعُهَا
كَمَا فِي الرَّهْنِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ . وَلَمْ أَرَ الْآنَ
حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا ، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا أَوْ
بِحَمْلِهَا أَوْ دَابَّةً كَذَلِكَ فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادٍ
الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا بِكَوْنِهِ مَجْهُولًا لَا
اسْتِثْنَاءً مِنْ مَعْلُومٍ ، فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا .
نَقُولُ هُنَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ بِكَوْنِهِ جَمْعًا
بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ ، لَكِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : بَعْدَ مَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ
لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ ، وَتَجُوزُ هِبَتُهَا
وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا بَعْدَ تَدْبِيرِ الْحَمْلِ عَلَى
الْأَصَحِّ ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ . وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَمَلَتْ
أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِكَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ هَلْ يُؤْمَرُ مَالِكُهَا
بِبَيْعِهَا لِصَيْرُورَةِ الْحَمْلِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ .
وَلِحَالِ أَنَّ سَيِّدَهُ كَافِرٌ ؟ وَلَمْ أَرَ الْآنَ
حُكْمَ الْإِجَازَةِ لَهُ وَيَنْبَغِي فِيهِ الصِّحَّةُ ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ
لِلْمَعْدُومِ .
فَالْحَمْلُ أَوْلَى ،وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ
عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ بَلْ أَوْلَى .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَنِينِ تَبَعًا لِأُمِّهِ
بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْحَيَوَانَاتِ ، فَالْوَلَدُ مِنْهَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى
لَا لِصَاحِبِ الذَّكَرِ كَذَا فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .وَلَا يَتْبَعُ
أُمَّهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَا يُدْفَعُ مَعَهَا إلَى وَلِيِّهَا وَكَذَا لَا
يَتْبَعُهَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ، وَلَا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ
فِي الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَلَا فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْأُمِّ ،
وَلَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا ، وَلَا تُقْتَلُ ، وَلَا تُحَدُّ إلَّا
بَعْدَ وَضْعِهَا ،وَلَا يَتَزَكَّى الْجَنِينُ بِزَكَاةِ أُمِّهِ . فَلَا
يَتْبَعُهَا فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ ، وَلَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ مَا دَامَ
مُتَّصِلًا بِهَا ؛ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ
مَسْأَلَةً يُفْرَدُ بِهَا فِي الْإِعْتَاقِ ، وَالتَّدْبِيرِوَالْوَصِيَّةِ بِهِ
وَلَهُ ؛ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَلَهُ ، بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ
فِي الْوَصِيَّةِ ، وَالْإِقْرَارِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ . وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ لِأُمِّهِ
، وَيَرِثُ وَيُورَثُ فَإِنَّ مَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ الْغُرَّةِ يَكُونُ مَوْرُوثًا
بَيْنَ وَرَثَتِهِ ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا ،
وَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَلَا
يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا فِي
مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأُمُّ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ
يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا ، وَبِإِقْرَارِهِ لَا كَمَا فِي الْكَنْزِ
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ثَانِيَةً وَلَدُ الْبَهِيمَةِ
يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ مَعَهَا وَقْتَهُ عَلَى الْقَوْلِ
الْمُفْتَى بِهِ .
رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ فَسْخٍ فِي حَقِّ
الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ
بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعُ عِيبَ بِقَضَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ .
الثَّانِيَةُ : لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الرَّدِّ بِعَيْبِ
قَضَاءٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي ، وَكَانَ مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ
كَانَ فَسْخًا لَجَازَ .
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ
بَيْعَهُ جَائِزٌ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ
فَسْخًا فِي حَقِّ الْكُلِّ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ حَتَّى
رَأَيْنَا نَصَّ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ قَبْلَ
الْقَبْضِ مُطْلَقًا ، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخِيرَةِ . الِاعْتِبَارُ لِلْمَعْنَى
لَا لِلْأَلْفَاظِ ، صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْكَفَالَةُ ، فَهِيَ
بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةٌ ، وَهِيَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ
كَفَالَةٌ .
وَلَوْ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت أَوْ شَاءَ أَبِي أَوْ
زَيْدٌ .
إنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ كَانَ بَيْعًا
بِخِيَارٍ لِلْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَ التَّعْلِيقُ ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُهُ .
وَلَوْ وَهْب الدَّيْنَ لِمَنْ عَلَيْهِ كَانَ إبْرَاءً
لِلْمَعْنَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّحِيحِ . وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك
عَنِّي بِأَلْفٍ ، كَانَ بَيْعًا لِلْمَعْنَى لَكِنَّهُ ضَمِنَ اقْتِضَاءً فَلَا تُرَاعَى
شُرُوطُهُ ، وَإِنَّمَا تُرَاعَى شُرُوطُ الْمُقْتَضَى ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ
الْآمِرُ أَهْلًا لِلْإِعْتَاقِ .
وَلَا يَفْسُدُ بِأَلْفٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ .
وَلَوْ رَاجَعَهَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ صَحَّتْ لِلْمَعْنَى .
وَلَوْ نَكَحَهَا بِلَفْظِ الرَّجْعَةِ صَحَّ أَيْضًا .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا
فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ إذْنًا لَهُ بِالتِّجَارَةِ ، وَتَعَلَّقَ عِتْقُهُ
بِالْأَدَاءِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لَا كِتَابَةً فَاسِدَةً ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى
مَا لَا يُحْصَى كَبَنِي تَمِيمٍ صَحَّ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ بَيَانُ الْجِهَةِ
كَالْفُقَرَاءِ ، لَا لِلَّفْظِ لِيَكُونَ تَمَلُّكًا لِمَجْهُولٍ ، وَيَنْعَقِدُ
الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ خُذْ هَذَا بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْت ، وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ
الْهِبَةِ مَعَ ذِكْرِ الْبَدَلِ .
وَبِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ وَالِاشْتِرَاكِ ، وَالْإِدْخَالِ
وَالرَّدّ وَالْإِقَالَةِ عَلَى قَوْلٍ ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مُفَصَّلًا
مَعْزُوًّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ . وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ
، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَنَافِعِ وَبِلَفْظِ
الْعَارِيَّةِ .
وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ
الْعَيْنِ لِلْحَالِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ .
وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَعَكْسِهِ .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بِعْتُ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ
كَانَ إعْتَاقًا عَلَى مَالٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ
لِلْمُضَارِبِ كُلَّ الرِّبْحِ كَانَ الْمَالُ قَرْضًا وَلَوْ شَرَطَ لِرَبِّ
الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً .
وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَلَوْ صَالَحَهُ
عَنْ أَلْفٍ عَلَى نِصْفِهِ قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي فَمُقْتَضَاهُ
عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ كَالْإِبْرَاءِ وَكَوْنُهُ عَقْدَ صُلْحٍ يَقْتَضِي
الْقَبُولَ ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ رُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ . وَلَوْ
وُهِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَبِلَ كَانَتْ
إقَالَةً .
وَخَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ : مِنْهَا : لَا
تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ ، وَلَا الْعَارِيَّةُ
بِالْإِجَارَةِ بِلَا أُجْرَةٍ ، وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ
وَالتَّزْوِيجِ .
وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ بِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَإِنْ
نَوَى .
وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ تُرَاعَى فِيهِمَا الْأَلْفَاظُ
لَا الْمَعْنَى فَقَطْ .
فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا فِي
كِيسٍ أَبْيَضَ فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَأَدَّاهَا فِي كِيسٍ أَحْمَرَ لَمْ يَعْتِقْ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ مُنَجَّزًا
فَعَلَّقَهُ عَلَى كَائِنٍ لَمْ تَطْلُقْ .
وَفِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ نَظَرُوا إلَى جَانِبِ
اللَّفْظِ ابْتِدَاءً فَكَانَتْ هِبَةً ابْتِدَاءً ، وَإِلَى جَانِبِ الْمَعْنَى
فَكَانَتْ بَيْعًا انْتِهَاءً ، فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهُ مِنْ الْخِيَارَاتِ
وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ .
بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ
عِنْدَهُ وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ،كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُبَاشِرِ نَفَذَ
، فَلَا يَتَوَقَّفُ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ ، وَلَا شِرَاءُ الْوَكِيلِ
الْمُخَالِفِ ، وَلَا إجَارَةُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا لِلْوَقْفِ بِدِرْهَمٍ
وَدَانِقٍ بَلْ يَنْفُذُ عَلَيْهِمْ وَالْوَصِيُّ كَالْمُتَوَلِّي وَقِيلَ تَقَعُ الْإِجَارَةُ
لِلْيَتِيمِ ، وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إلَّا فِي
مَسْأَلَةٍ . الْأَمِيرُ وَالْقَاضِي إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ
أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بَاطِلَةٌ وَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ
لَهُ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ . الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الْمَذْرُوعِ إلَّا
فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ .
كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ . الْمَقْبُوضُ عَلَى
سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي
الذَّخِيرَةِ . تَكَرُّرُ
الْإِيجَابِ مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ إلَّا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالِ ، كَذَا فِي
بَيْعِ الذَّخِيرَةِ
.
الْعُقُودُ تَعْتَمِدُ فِي صِحَّتِهَا الْفَائِدَةَ فَمَا
لَمْ يَفْدِ لَمْ يَصِحَّ ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ اسْتَوَيَا
وَزْنًا وَصِفَةً
كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا لَا
يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَسُكْنَى دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ .
إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا
مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ
كَمَا فِي الْأُصُولِ
. الثَّانِيَةُ : لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ
لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَمْلِكُهُ بِهِ
بِالْقَبْضِ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ . الثَّالِثَةُ : لَوْ
كَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً لَا يَمْلِكُهُ بِهِ .
الرَّابِعَةُ : الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي
الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ مَلَكَهُ .
وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْمِلْكِ كُلُّهَا إلَّا فِي
مَسَائِلَ ؛ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا لُبْسُهُ ، وَلَا وَطْؤُهَا لَوْ
كَانَتْ جَارِيَةً وَلَوْ وَطِئَهَا ضَمِنَ عُقْرَهَا ، وَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ
لَوْ كَانَتْ عَقَارًا .
الْخَامِسَةُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْبَائِعُ
مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ . إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ
فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ ، كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ ، وَفِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي
الصِّحَّةِ
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ إلَّا فِي
مَسْأَلَةٍ فِي إقَالَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ .
لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ
الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ النَّقْدِ وَادَّعَى الْبَائِعُ
الْإِقَالَةَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ، مَعَ أَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ
الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ تَحَالَفَا ، وَإِذَا سَمَّى شَيْئًا وَأَشَارَ
إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ ، كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ
فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا سَمَّى هَرَوِيًّا وَأَشَارَ
إلَى مَرْوِيٍّ ، قِيلَ بَاطِلٌ ، فَلَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ ، وَقِيلَ فَاسِدٌ
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
كُلُّ عَقْدٍ أُعِيدَ وَجُدِّدَ فَإِنَّ الثَّانِيَ بَاطِلٌ
فَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
وَالنِّكَاحُ بَعْدَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ .كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
وَالْحَوَالَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بَاطِلَةٌ ، كَمَا فِي
التَّلْقِيحِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : الشِّرَاءُ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَحِيحٌ ،
أَطْلَقَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ
يَكُونَ الثَّانِي أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ بِجِنْسٍ
آخَرَ وَإِلَّا فَلَا
.
الثَّانِيَةُ : الْكَفَالَةُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ صَحِيحَةٌ
لِزِيَادَةِ التَّوْثِيقِ ، بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّهَا نَقْلٌ فَلَا
يَجْتَمِعَانِ كَمَا فِي التَّلْقِيحِ
وَأَمَّا الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ مِنْ
الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ ؛ فَالثَّانِيَةُ فَسْخٌ لِلْأُولَى ، كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ
.
التَّخْلِيَةُ تَسْلِيمٌ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ
النَّقْدِ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا
يَكُونُ رَدًّا لَهُ
.
الثَّانِيَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ
الْعِمَادِيُّ . وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ أَنَّهَا تَسْلِيمٌ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ
اتِّفَاقًا .
الرَّابِعَةُ : فِي الْهِبَةِ الْجَائِزَةِ فِي رِوَايَةِ
خِيَارِ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي ثَمَانٍ : الْبَيْعُ ، وَالْإِجَارَةُ ،
وَالْقِسْمَةُ ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ ، وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ
وَالْخُلْعُ لَهَا ،وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ لِلْقِنِّ لَا لِلسَّيِّدِ
وَلِلزَّوْجِ .
هَكَذَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مَعْزِيًّا إلَى
الْأُسْرُوشَنِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ ، وَتَبِعَهُمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ .
وَزِدْت عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ سَبْعًا أُخْرَى فَصَارَتْ
خَمْسَ عَشْرَةَ :
الْكَفَالَةُ ، وَالْحَوَالَةُ ، كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ ،وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ ، كَمَا فِي أُصُولِ فَخْرِ
الْإِسْلَامِ مِنْ بَحْثِ الْهَزْلِ ، وَالتَّسْلِيمُ لِلشُّفْعَةِ بَعْدَ
الطَّلَبِ ، كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْهُ ،وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ أَبِي
يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ إلْحَاقًا لَهُمَا
بِالْإِجَارَةِ
وَلَا يَدْخُلُ الْخِيَارُ فِي سَبْعَةٍ : النِّكَاحِ ،
وَالطَّلَاقِ إلَّا الْخُلْعَ لَهَا ، وَالْيَمِينِ ، وَالنَّذْرِ ،
وَالْإِقْرَارِ إلَّا الْإِقْرَارَ بِعَقْدٍ يَقْبَلُهُ وَالصَّرْفِ ، وَالسَّلَمِ .
يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي
الصَّرْفِ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ إلَّا فِيمَا إذَا
اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ بَدَلَ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي
إتْبَاعَ الْجَانِي ، وَتَفَرَّقَ الْعَاقِدَانِ قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ مِنْ
الْمُتْلِفِ فَإِنَّ الصَّرْفَ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُمَا ، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ
اللَّهُ كَمَا فِي الْجَامِعِ
الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ
وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا
شَرْطُ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَإِحَالَةٍ مَعْلُومَيْنِ ،
وَإِشْهَادٍ ، وَخِيَارٍ ، وَنَقْدِ ثَمَنٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَأْجِيلِ
الثَّمَنِ إلَى مَعْلُومٍ ، وَبَرَاءَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ ، وَقَطْعِ الثِّمَارِ
الْمَبِيعَةِ ، وَتَرْكِهَا عَلَى النَّخِيلِ بَعْدَ إدْرَاكِهَا عَلَى الْمُفْتَى
بِهِ ، وَوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ ، وَعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَسَلَّمَ
الثَّمَنَ ، وَرَدِّهِ بِعَيْبٍ وُجِدَ ، وَكَوْنِ الطَّرِيقِ
لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي ، وَعَدَمِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ
مِلْكِهِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَإِطْعَامُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَّا إذَا
عَيَّنَ مَا يُطْعِمُ الْآدَمِيَّ وَحَمْلُ الْجَارِيَةِ ،وَكَوْنُهَا مُغَنِّيَةً
وَكَوْنُهَا حَلُوبًا وَكَوْنُ الْفَرَسِ هِمْلَاجًا وَكَوْنُ الْجَارِيَةِ مَا
وَلَدَتْ وَإِيفَاءُ الثَّمَنِ فِي بَلَدٍ آخَرَ ، وَالْحَمْلُ إلَى مَنْزِلِ
الْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ حَمْلٌ بِالْفَارِسِيَّةِ وَحَذْوُ النَّعْلِ ، وَخَرَزُ
الْخُفِّ ، وَجَعْلُ رُقْعَةٍ عَلَى الثَّوْبِ وَهِيَ خِيَاطَتُهَا ، وَكَوْنُ
الثَّوْبِ سُدَاسِيًّا ، وَكَوْنُ السَّوِيقِ مَلْتُوتًا بِسَمْنٍ ، وَكَوْنُ
الصَّابُونِ مُتَّخَذًا مِنْ كَذَا جَرَّةٍ مِنْ الزَّيْتِ وَبَيْعُ الْعَبْدِ
إلَّا إذَا قَالَ مِنْ فُلَانٍ وَجَعَلُهَا بِيعَةً وَالْمُشْتَرِي ذِمِّيٌّ
بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ أَنْ يَجْعَلَهَا الْمُسْلِمُ مَسْجِدًا وَيَرْضَى
الْجِيرَانُ إذَا عَيَّنَهُمْ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْكُلُّ مِنْ الْخَانِيَّةِ .
الْجَوْدَةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ هَدَرٌ إلَّا
فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ :
فِي مَالِ الْمَرِيضِ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَفِي
مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالْوَقْفِ ، وَفِي الْقَلْبِ .
الرَّهْنُ إذَا انْكَسَرَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ،
فَلِلرَّاهِنِ تَضْمِينُ الْمُرْتَهِنِ قِيمَتَهُ ذَهَبًا وَتَكُونُ رَهْنًا ،
كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الرَّهْنِ .
مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ
اسْتِثْنَاؤُهُ إلَّا الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهَا دُونَ
اسْتِثْنَائِهَا .
مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ
وَوَقْتَ الْقَبْضِ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ ، إلَّا إذَا حَمَلَهُ
الْبَائِعُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي ، فَلَا يَرُدُّهُ إذَا رَآهُ .
إلَّا إذَا أَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ .
بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ
فَبَاطِلٌ : إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ لِلْمَالِكِ ، وَهِيَ فِي التَّلْقِيحِ .
وَفِيمَا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ .
وَهِيَ فِي الْبَدَائِعِ . وَفِيمَا إذَا بَاعَ عَرَضًا
مِنْ غَاصِبٍ عَرَضٌ آخَرُ لِلْمَالِكِ بِهِ ، وَهِيَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
بَيْعُ الْبَرَاءَاتِ الَّتِي يَكْتُبُهَا الدِّيوَانُ
لِلْعُمَّالِ لَا يَصِحُّ ، فَأَوْرَدَ أَنَّ أَئِمَّةَ بُخَارَى جَوَّزُوا بَيْعَ
خُطُوطِ الْأَئِمَّةِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَالَ الْوَقْفِ قَائِمٌ ثَمَّةَ .
وَلَا كَذَلِكَ هُنَا .
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
بَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ إلَّا فِيمَا يَسْتَجِرُّهُ
الْإِنْسَانُ مِنْ الْبَقَّالِ ، إذَا حَاسَبَهُ عَلَى أَثْمَانِهَا بَعْدَ
اسْتِهْلَاكِهَا فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مَنْ
بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ أَجَّرَ .
مَلَكَ الْإِقَالَةَ إلَّا فِي مَسَائِلَ ، اشْتَرَى
الْوَصِيُّ مِنْ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ دَارًا بِعِشْرِينَ وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ
لَمْ تَصِحَّ
الْإِقَالَةُ .
اشْتَرَى الْمَأْذُونُ غُلَامًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ
ثَلَاثَةٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَا يَمْلِكَانِ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَيَمْلِكَانِهِ
بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ
وَالْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ لَوْ أَجَّرَ الْوَقْفَ
ثُمَّ أَقَالَ وَلَا مَصْلَحَةَ لَمْ تَجُزْ عَلَى الْوَقْفِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ
لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ بِخِلَافِهِ بِالْبَيْعِ تَصِحُّ وَيَضْمَنُ ،
وَالْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ عَلَى خِلَافٍ ، تَصِحُّ إقَالَةُ الْوَارِثِ
وَالْمُوصَى لَهُ ، وَلِلْوَارِثِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ .
لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ إلَّا
فِي اللُّقَطَةِ وَفِي إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ .
بَيْعُ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بَعْدَ هَلَاكِ الثَّمَنِ
الْمَوْقُوفُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْقُوفِ عَلَى إجَازَتِهِ ، وَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ
مَقَامَهُ إلَّا فِي الْقِسْمَةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا
فِي الشُّفْعَةِ وَلَهَا صُورَتَانِ ، فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ إذَا أَجَازَ نَفَذَ وَلَا
رُجُوعَ لَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ
إذَا أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَارِثِ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعُ .
الْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ
عَنْهَا .
كَحَقِّ الشُّفْعَةِ ؛ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالِ
بَطَلَتْ وَرَجَعَ بِهِ وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالِ لِتَخْتَارَهُ
بَطَلَ وَلَا شَيْءَ لَهَا ، وَلَوْ صَالَحَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِمَالِ
لِتَتْرُكَ نَوْبَتَهَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَا شَيْءَ لَهَا ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي
الشُّفْعَةِ .
وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ
فِي الْأَوْقَافِ
.
وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ وَمِلْكُ النِّكَاحِ
،وَحَقُّ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ
الزَّيْلَعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ وَالْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ
الْمَكْفُولَ لَهُ بِمَالِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَجِبْ وَفِي بُطْلَانِهَا
رِوَايَتَانِ ، وَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ رِوَايَتَانِ ،
وَكَذَا بَيْعُ الشِّرْبِ ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا إلَّا تَبَعًا .
الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ
لَزِمَ وَارْتَفَعَ الْفَسَادُ إلَّا فِي مَسَائِلَ : أَجَّرَ فَاسِدًا فَأَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ
صَحِيحًا فَلِلْأَوَّلِ نَقْضُهَا .
الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ لَوْ بَاعَ صَحِيحًا
فَلِلْمُكْرَهِ نَقْضُهُ .
الْمُشْتَرِي فَاسِدًا إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا فَلِلْبَائِعِ
نَقْضُهُ وَكَذَا إذَا زَوَّجَ .
الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا : فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ اشْتَرَى
الْمُسْلِمُ الْأَسِيرَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ دَرَاهِمَ
زُيُوفًا أَوْ عُرُوضًا مَغْشُوشَةً ، جَازَ إنْ كَانَ حُرًّا ، وَإِنْ كَانَ
الْأَسِيرُ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ .
الثَّانِيَةُ : يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالنَّاقِصِ
فِي الْجِبَايَاتِ
.
لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِلثَّمَنِ الْحَالِّ
إلَّا فِي مَسَائِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ
مَوْلَاهُ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى
لِلْآمِرِ وَلَوْ بَاعَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا ، إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ
بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فَلِلْبَائِعِ
نَقْضُ تَصَرُّفِهِ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَاءِ
،وَلَهُ إبْطَالُ الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ شِرَاءُ الْأُمِّ
لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُ نَافِذٍ عَلَيْهِ ، إلَّا
إذَا اشْتَرَتْ مِنْ أَبِيهِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
إقَالَةُ الْإِقَالَةِ صَحِيحَةٌ إلَّا فِي السَّلَمِ
لِكَوْنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ كَمَا
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ التَّخَالُفِ .
لِلْمُسْتَأْمَنِ بَيْعُ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ دُونَ
أُمِّ وَلَدِهِ .
وَمَنْ بَاعَ مَالَ الْغَائِبِ بَطَلَ بَيْعُهُ ، إلَّا
الْأَبَ الْمُحْتَاجَ كَذَا فِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عِنْدَ
بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا
بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي
عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي
أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ
عَلَيْهِ .
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي
الْبَيْعِ دَاخِلٌ عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى الْبَيْعِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا
فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ .
إذَا اشْتَرَطَ الْمَالِكُ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ .
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ ، فِي دَعْوَى
الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمَرَافِقُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي الْمَنَافِعُ ،
وَالْحُقُوقُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَرَافِقُ
هِيَ الْحُقُوقُ .(
انْتَهَى ) .
الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْبَائِعِ إلَّا فِي الِاسْتِصْنَاعِ
فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الصَّانِعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّأْجِيلِ
فَالْقَوْلُ لَنَا فِيهِ لَا فِي السَّلَمِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ
فَلَا تَحَالُفَ إلَّا فِي السَّلَمِ
رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَهُوَ قَبْلَهَا ؛
فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَهَا كَقَبْلِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ
: لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا ، وَلَا
يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ بَعْدَهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا .
بَدَلُ الصَّرْفِ كَرَأْسِ الْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ
قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِيهِمَا ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا قَبْلَ
الْقَبْضِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ
بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَقَبْلِهَا بِخِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ .وَالْكُلُّ فِي
الشَّرْحِ .
يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ
لِلتَّحَالُفِ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي
كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
أَسْلَمَا ثَمَّةَ وَلَمْ يَخْرُجَا إلَيْنَا ، وَبَيْنَ
الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ ، وَبَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَشَرِيكَيْ الْعَنَانِ
كَمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
كِتَابُ الْكَفَالَةِ
بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ
إلَّا إذَا ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَبَرْهَنَ فُلَانٌ
عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ .
فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي
الْخَانِيَّةِ .التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ إلَّا
إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالِ ثُمَّ كَلَّفَهُ
إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالَحِ إلَى
عِتْقِ الْأَصِيلِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ ، كَذَا فِي
الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ
الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ ، فَلِلْمُطَالِبِ أَخْذُهُ مِنْ
وَارِثِ الْكَفِيلِ ، وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ
بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا ، كَذَا فِي الْمَجْمَعِ .
أَدَاءُ الْكَفِيلِ يُوجِبُ بَرَاءَتَهُمَا لِلطَّالِبِ
إلَّا إذَا أَحَالَهُ الْكَفِيلُ عَلَى مَدْيُونِهِ ، وَشَرَطَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ
خَاصَّةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ الْغَرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ ، فَلَوْ
قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ ، فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ
اللُّصُوصُ ، أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ
بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ ، فَلَا ضَمَانَ .
وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ
فَتَزَوَّجَهَا فَظَهَرَتْ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ ؛ فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ
الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : الْأُولَى : إذَا كَانَ
الْغَرُورُ بِالشَّرْطِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ
ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحَقِّ
مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ
فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ
بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ .
وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ، وَلَوْ بَنَى
الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ لَهُ .
وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا ابْنِي
فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ ؛ فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا
عَلَيْهِ لِلْغَرُورِ ، وَكَذَا إذَا قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ
، فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ رَجَعُوا
عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ ، وَكَذَا إذَا
ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَا بُدَّ فِي الرُّجُوعِ مِنْ
إضَافَتِهِ إلَيْهِ وَالْأَمْرِ بِمُبَايَعَتِهِ كَذَا فِي مَأْذُونِ السِّرَاجِ
الْوَهَّاجِ .
الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ
إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ
أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ
وَالْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ .
وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا .
وَفِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا رُجُوعَ لِأَنَّ
الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْغَرُورِ
مِنْ الْبُيُوعِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مَسَائِلَ مُهِمَّةً مِنْ هَذَا النَّوْعِ .
مِنْهَا : لَوْ جَعَلَ الْمَالِكُ نَفْسَهُ دَلَّالًا فَاشْتَرَاهُ
بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتُهُ وَقَدْ
أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا أَتْلَفَهُ
وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ .
وَمِنْهَا : إذَا غَرَّ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ وَقَالَ
لَهُ قِيمَةُ مَتَاعِي كَذَا فَاشْتَرِهِ .
فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ
غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَبِهِ يُفْتَى .
وَكَذَا إذَا غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ، وَيَرُدُّهُ
الْمُشْتَرِي بِغَرُورِ الدَّلَّالِ .
وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِي
بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّ الْغَرُورَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ .
قَاصِرٌ وَتَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ
فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الْكَنْزِ ، اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ ،
ارْتَهِنِّي فَأَنَا عَبْدٌ .
لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ
الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى
عَلَيْهَا ،وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ،وَفِي الْأَبِ
إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَطَلَبَهُ الضَّامِنُ مِنْهُ فَعَلَى
الْأَبِ إحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ فِي تَدْبِيرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الثَّالِثَةُ : سَجَّانُ الْقَاضِي خَلَّى رَجُلًا مِنْ
الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ
يَطْلُبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَى الْأَبُ مَهْرَ بِنْتِهِ مِنْ
الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَطَلَبَ مِنْ الْأَبِ
إحْضَارَهَا ؛ فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا أَمَرَ الْقَاضِي الْأَبَ
بِإِحْضَارِهَا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ ،
وَإِلَّا أَرْسَلَ إلَيْهَا أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ
فِي الْقَضَاءِ .
مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ
يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ؛ كَالْأَمْرِ
بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : أَمَرَهُ
بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ
مَالِهِ أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي .
وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .
فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ
الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ مُقَابِلًا بِمِلْكِ مَالٍ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ
بِلَا شَرْطِهِ وَإِلَّا فَلَا .
وَذَكَرَ لَهُ أَصْلًا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
فَلْيُرَاجَعْ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى
الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ ،إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ
عَلَى أَنْ يَبْرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ
الرِّوَايَةِ ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ كَمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ
إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ ، إلَّا
كَفِيلَ النَّفْسِ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ؛ كَفَلَ بِنَفْسِهِ
فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ
كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ .( انْتَهَى ) .
وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ
لِي قَبْلَهُ وَلَا لِمُوَكَّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ
أَنَا مُتَوَلِّيهِ ، فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي آخِرِ
وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ .
ضَمَانُ الْغَرُورِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ضَمَانُ
الْكَفَالَةِ ( انْتَهَى ) .
لِلْكَفِيلِ مَنْعُ الْأَصِيلِ مِنْ السَّفَرِ ، إنْ
كَانَتْ كَفَالَتُهُ حَالَّةً لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ
الْإِبْرَاءِ ،وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا فِي
الصُّغْرَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا
كَانَتْ بِأَمْرِهِ .
لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ ، وَهُوَ
مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ
كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ .
قُلْت:إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا ؛
قَالُوا : لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ
أَنَّهَا تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا
وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ
قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا
فِي كُلِّ يَوْمٍ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ .
الْقَاضِي يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
بِنَفْسِهِ إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتْرُكْ شُهُودَهُ أَوْ أَقَامَ
وَاحِدًا .
أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ وَيَأْخُذُ كَفِيلًا
بِإِحْضَارِ الْمُدَّعِي وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ
،وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ
وَهُمَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ ، وَمَا إذَا ادَّعَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ
عَلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا ، وَمَا إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ
لِمَأْذُونٍ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنًا ، بِخِلَافِ مَا إذَا
ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ فَإِنَّهُ
يَكْفُلُ ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ
كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى
لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ
فَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ
خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا
بِالْحُجَّةِ ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ النُّكُولُ،كَمَا فِي
وَقْفِ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ ،
كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ .
وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ : اشْتَرَى حَانُوتًا فَوَجَدَ
بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى بَابِهِ مَكْتُوبًا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا ، لَا
يَرُدُّهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا تُبْنَى الْأَحْكَامُ عَلَيْهَا ( انْتَهَى ) .
وَعَلَى هَذَا ، الِاعْتِبَارِ بِكِتَابَةِ وَقْفٍ عَلَى
كِتَابٍ أَوْ مُصْحَفٍ .
قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ
الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ
لِحَامِلِهِ ،كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ .
وَيُمْكِنُ إلْحَاقُ الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ
بِالْوَظَائِفِ فِي زَمَانِنَا إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَا يُزَوَّرُ ،
وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْأَمَانِ لَحِقْنَ الدَّمَ فَلَا .
الثَّانِيَةُ : يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ السِّمْسَارِ
وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ .
وَتَعَقَّبَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بِأَنَّ مَشَايِخَنَا
رَحِمَهُمُ اللَّهُ رَدُّوا عَلَى مَالِكٍ فِي عَمَلِهِ بِالْخَطِّ لِكَوْنِ
الْخَطِّ يُشْبِهُ الْخَطَّ ، فَكَيْفَ عَمِلُوا بِهِ هُنَا ؟
وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ
فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَالَهُ وَعَلَيْهِ . وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ
وَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ : ادَّعَى مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ : كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ
الْتَزَمْته ، لَا يَكُونُ إقْرَارًا .
وَكَذَا لَوْ قَالَ : مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك فَعَلَيَّ ،
إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ ، أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي
شَيْئًا مَعْلُومًا
.
فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا كَانَ
تَصْدِيقًا ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَلْحَقُ بِالْمَجْهُولِ ، وَكَذَا إذَا
أَشَارَ إلَى الْجَرِيدَةِ وَقَالَ : مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ ، كَذَلِكَ
يَصِحُّ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ (
انْتَهَى ) .
مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ إذَا امْتَنَعَ عَنْ قَضَائِهِ
فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ
وَلِذَا قَالُوا : إنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُضْرَبُ فِي
الْحَبْسِ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ .
قُلْت: إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إذَا
امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَاتِ ،
وَإِذَا لَمْ يَقْسِمْ بَيْنَ نِسَائِهِ وَوَعَظَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَمَا فِي
السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ الْقِسْمِ ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
مَعَ قُدْرَتِهِ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِهِ .
وَالْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ أَنَّ الْحَقَّ يَفُوتُ
بِالتَّأْخِيرِ فِيهَا ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ لَا يُقْضَى
وَكَذَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ .
وَحَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ لَا إلَى
خَلَفٍ
لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ ، فَلَوْ
ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً مُبْهَمَةً لَمْ يَحْلِفْ إلَّا فِي مَسَائِلَ
،كَمَا فِي دَعْوَى الْخَانِيَّةِ :
الْأُولَى : إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ الْيَتِيمِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا اُتُّهِمَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ
فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُمَا نَظَرًا لِلْيَتِيمِ وَالْوَاقِفِ .
الثَّالِثَةُ :إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ عَلَى الْمُودَعِ
خِيَانَةً مُطْلَقَةً فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الرَّابِعَةُ : الرَّهْنُ الْمَجْهُولُ .
الْخَامِسَةُ : فِي دَعْوَى الْغَصْبِ .
السَّادِسَةُ : فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ ، وَهِيَ إحْدَى
الثَّلَاثِ الَّتِي تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِمَجْهُولٍ فَصَارَتْ سِتًّا .
الْقَضَاءُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا
يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي خَمْسٍ ؛ فَفِي أَرْبَعٍ يَتَعَدَّى إلَى
كَافَّةِ النَّاسِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَهُ : فِي
الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَالنَّسَبِ ، وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ ،
وَالنِّكَاحِ .
كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى .
وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى
الْكَافَّةِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ الْمَحْكُومِ بِهِ ، كَذَا فِي
الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي وَاحِدَةٍ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ تَلَقَّى
الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْمِلْكَ مِنْهُ ، فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ
الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ وَالْقَضَاءِ كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ
تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ ، فَلَوْ بَرْهَنَ الْبَائِعُ بَعْدَهُ عَلَى الْمِلْكِ
لَمْ تُقْبَلْ ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ عَيْنٌ مِنْ يَدِ وَارِثٍ بِقَضَاءٍ
بِبَيِّنَةٍ ذَكَرْت أَنَّهُ وَرِثَهَا كَانَ قَضَاءً عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ
وَالْمَيِّتِ ، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ وَارِثٍ آخَرَ ، كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لِمُلَّا خُسْرو مِنْ بَابِ
الِاسْتِحْقَاقِ .
وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى
الْكَافَّةِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ .
وَكَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ .
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ فَعَلَى
الْكَافَّةِ مِنْ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ ، يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ
: إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ ، فَقَالَ بَكْرٌ : إنِّي كُنْت
عَبْدَ بِشْرٍ مَلَكَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ فَأَعْتَقَنِي وَبَرْهَنَ
عَلَيْهِ ، انْدَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ .
ثُمَّ إذَا قَالَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك
مُنْذُ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ وَأَنْتِ مِلْكِي الْآنَ ، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ
تُقْبَلُ ، وَيُفْسَخُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ ، وَيُجْعَلُ مِلْكًا لِعَمْرٍو
وَدَلَّ عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَهُ فِي أَوَّلِ
الْبُيُوعِ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ .
فَصَارَتْ مَسَائِلُ الْبَابِ عَلَى قِسْمَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : عِتْقٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ ، وَهُوَ
بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ ،وَالْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ
النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ .
وَلَا يَكُونُ قَضَاءً قَبْلَهُ .
فَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّ الْكُتُبَ
الْمَشْهُورَةَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ ( انْتَهَى ) .
وَهُنَا فَائِدَةٌ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي
كَوْنِهِ عَلَى الْكَافَّةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَوْلِهِ
أَنْتَ حُرٌّ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ
فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ .
اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا ،وَلَا
بُدَّ مِنْ التَّطَابُقِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : فِي الْوَقْفِ يَقْضِي بِأَقَلِّهِمَا .
كَمَا فِي شَهَادَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى
الْخَصَّافِ .
الثَّانِيَةُ : فِي الْمَهْرِ إذَا اخْتَلَفَا فِي
مِقْدَارِهِ يَقْضِي بِالْأَقَلِّ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الثَّالِثَةُ : شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ
بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ .
الرَّابِعَةُ : شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ
بِالتَّزْوِيجِ ، وَهُمَا فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ .
الْخَامِسَةُ : شَهِدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا ،
وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ تُقْبَلُ ، كَمَا فِي الْعُمْدَةِ .
السَّادِسَةُ : شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ
بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَالْآخَرُ بِالْفَارِسِيَّةِ تُقْبَلُ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ
وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ فِيهِمَا ، وَهِيَ:
السَّابِعَةُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ
فِي الْقَذْفِ ، كَذَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَذَكَرْت فِي الشَّرْحِ سِتَّ
عَشْرَةَ أُخْرَى فَالْمُسْتَثْنَى ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي
الْخَصَّافِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ مَسَائِلَ تُزَادُ عَلَيْهَا
فَلْتُرَاجَعْ
وَقَدْ ذَكَرْت فِي الشَّرْحِ إنَّ الْمُسْتَثْنَى
اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً وَبَيَّنْتهَا مُفَصَّلَةً
يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ ،وَيَوْمُ
الْقَتْلِ يَدْخُلُ
.
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة
وَالْفُصُولِ ، وَعَلَيْهَا فُرُوعٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
فَإِنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ
الَّتِي مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا بِتَارِيخٍ مُنَاقِضٍ لِمَا
قَضَى الْقَاضِي بِهِ مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ فِي الدَّعْوَى
ذَكَرَ مَسْأَلَةً الصَّوَابُ فِيهَا أَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ يَدْخُلُ تَحْتَ
الْقَضَاءِ ، فَارْجِعْ إلَيْهَا إنْ شِئْت .
وَذَكَرْت مَسَائِلَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي
الدَّعْوَى فِي تَرْجَمَةِ الْمَوْتِ فَلْتُرَاجَعْ .
وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ فِي
بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ
شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ لِغَيْرِ
عُذْرٍ لَا يُقْبَلُ لِفِسْقِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
أَبَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعِمَارَةَ مَعَ شَرِيكِهِ
فَلَا جَبْرَ عَلَيْهِ .
إلَّا فِي جِدَارِ يَتِيمَيْنِ ، لَهُمَا وَصِيَّانِ
وَيُخَافُ سُقُوطُهُ ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الْآبِيَ
مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يُجْبَرُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ،وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَوَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ
إلَّا فِي ثَلَاثٍ : إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَلَا
يَعْرِفُونَهُ ، وَإِذَا شَهِدُوا بِرَهْنٍ لَا يَعْرِفُونَهُ ، أَوْ بِغَصْبِ
شَيْءٍ مَجْهُولٍ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ
الشَّهَادَةُ بِرَهْنٍ مَجْهُولٍ صَحِيحَةٌ إلَّا إذَا لَمْ
يَعْرِفُوا قَدْرَ مَا رَهَنَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنَ ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِلِلْقَاضِي
أَنْ يَسْأَلَ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ احْتِيَاطًا فَإِنْ أَبَى الْخَصْمُ لَا
يُجْبَرُ ، كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْخَصْمُ إخْرَاجَ دَفْتَرِ الْحِسَابِ
يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِهِ وَلَا يَجْبُرُهُ .
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
قَضَاءُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ جَائِزٌ لَا
فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ ،وَمَحَلُّ الْأُولَى فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافُ
السَّلَفِ ، وَالثَّانِي لَيْسَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَادِثٌ ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِلْأَوَّلِ
دَلِيلًا دُونَ الثَّانِيكُلُّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إلَّا
فِي مَسَائِلَ عَشْرَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْقُنْيَةِ :
الْوَصِيُّ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ
رَقِيقِهِ
وَفِي بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ ، وَإِذَا ادَّعَى
اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍوَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي
إجَارَةَ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ
وَفِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَاكَ الْعَيْنِ
أَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ وَفِي قَوْلِ
الْعَبْدِ الْبَائِعِ أَنَا مَأْذُونٌ
وَلِلْأَبِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ إذَا اشْتَرَى
لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ، وَاخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِوَفِيمَا إذَا أَنْكَرَ
الْأَبُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ وَادَّعَاهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ
وَفِيمَا يَدَّعِيه الْمُتَوَلِّي مِنْ الصَّرْفِ
الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعُ
دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ
الْمُدَّعِي أَوْ النِّتَاجَ
أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّوَالدَّفْعُ
بَعْدَ الْقَضَاءِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ صَحِيحٌ .
وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ فَكَمَا يُسْمَعُ الدَّفْعُ قَبْلَهُ
يُسْمَعُ بَعْدَهُ
لَكِنْ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ
وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
التَّنَاقُضُ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِيمَا كَانَ مَحَلَّ
الْخَفَاءِ ، وَمِنْهُ تَنَاقُضُ الْوَصِيِّ ، وَالنَّاظِرِ ، وَالْوَارِثِ .
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَتْ فِي
الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ ، كَمَا فِي شَهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ ،إلَّا
إذَا كَانَ عَبْدَيْنِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ فَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ
عَلَيْهِمَا بِالْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ
كَمَا فِي الْعَتَاقِ
وَمِنْهَا بَيِّنَةُ النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ إلَّا
فِي عَشْرٍ:
فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَدَمِ شَيْءٍ
فَشَهِدَا بِالْعَدَمِ ،
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَسْلَمَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ : الْمَسِيحُ ابْنُ
اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى
وَفِيمَا إذَا أَشْهَدَا بِنِتَاجِ الدَّابَّةِ عِنْدَهُ
وَلَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِهِ
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ وَلَمْ
يَسْتَثْنِ ،
وَفِيمَا إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ أَهْلَ مَدِينَةٍ
فَشَهِدَا أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا فِيهَا وَقْتَ الْأَمَانِ ،
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يُذْكَرْ فِي
عَقْدِ السَّلَمِ وَفِي الْإِرْثِ إذَا قَالُوا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْ الظِّئْرُ
بِلَبَنِ الشَّاةِ لَا بِلَبَنِ نَفْسِهَا ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ،
وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ كَمَا فِي
الظَّهِيرِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفِي أَيْمَانِ الْهِدَايَةِ : لَا فَرْقَ
بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا فِي عَدَمِ الْقَبُولِ تَيْسِيرًا
، ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا
بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَفْيُ مَعْنًى
بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ
الْقَضَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ وَلَا
يُنْقَضُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي شَهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ .
الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِعِلْمِ الْقَاضِي فِي
زَمَانِنَا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ
فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لَا
يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِالْمَفْهُومِ فِي كَلَامِ النَّاسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
كَالْأَدِلَّةِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي السِّيَرِ
الْكَبِيرِ مِنْ جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا
فِي الدَّعْوَى مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَأَمَّا مَفْهُومُ الرِّوَايَةِ فَحُجَّةٌ
كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الْحَجِّ
الْحَقُّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ .
قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا
لِلْعَبْدِ ، كَذَا فِي لِعَانِ الْجَوْهَرَةِ
إذَا سُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُفْتِي
بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ ، وَهُوَ وُجُودُ الشَّرَائِطِ كَذَا فِي
صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُفْتِي إنَّمَا يُفْتِي بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ
كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَنْفَعِ
لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّيُقْبَلُ قَوْلُ
الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا ، كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ
وَهْبَانَ : فِي
تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ .
وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ،وَالْمُتَرْجِمِ ، وَفِي
جُودَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَاءَتِهِ ، وَفِي الْإِخْبَارِ بِالتَّفْلِيسِ
بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ،وَفِي رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَفِي
إثْبَاتِ الْعَيْبِ وَبِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ عِنْدَ الِاعْتِلَالِ ، وَفِي إخْبَارِ
الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ ، وَفِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْمُتْلَفِ .
وَزِدْت أُخْرَى : يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا
أَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا ، كَمَا فِي دَعْوَى
الْقُنْيَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ
:حَلَّفْتهَا ، لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى
النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ ،
وَالْحُدُودِ ، وَالدِّيَةِإذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى
الْمَقْضِيِّ لَهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ ، كَذَا فِي سَيْرِ
الْخَانِيَّةِ .
وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ . لَا تُسْمَعُ
الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ نَحْوُ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ،إلَّا
ضَمَانُ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا
تَسْقُطُ بِهِ .
وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً
عَامًّا بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ
حَقٌّ مِنْهَا إلَّا اسْتَوْفَاهُ .ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا
مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ، وَبَرْهَنَ ، يُقْبَلُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ
أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى
رَجُلٍ دَيْنًا ، تُسْمَعُ .
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ
وَهْبَانَالرَّابِعَةُ : صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ
عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ ،
الْأَصَحُّ جَوَازُ دَعْوَاهُ فِي حِصَّتِهِ ،كَذَافِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ
الْخَامِسَةُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ
الدَّعْوَى ، كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ
إذَا سُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُفْتِي
بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ ، وَهُوَ وُجُودُ الشَّرَائِطِ كَذَا فِي
صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُفْتِي إنَّمَا يُفْتِي بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ
الْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَنْفَعِ
لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيّ
ِيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي أَحَدَ عَشَرَ
مَوْضِعًا ، كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ : فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ .
وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، وَالْمُتَرْجِمِ ، وَفِي
جُودَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَاءَتِهِ ، وَفِي الْإِخْبَارِ بِالتَّفْلِيسِ
بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ، وَفِي رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَفِي
إثْبَاتِ الْعَيْبِ وَبِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ عِنْدَ الِاعْتِلَالِ ، وَفِي إخْبَارِ
الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ ، وَفِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْمُتْلَفِ .
وَزِدْت أُخْرَى : يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا
أَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا ، كَمَا فِي
دَعْوَى الْقُنْيَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ
: حَلَّفْتهَا ، لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى
النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ ،
وَالْحُدُودِ ، وَالدِّيَةِ
إذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ
لَهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ ، كَذَا فِي سَيْرِ الْخَانِيَّةِ .
وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ . لَا تُسْمَعُ
الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ نَحْوُ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ، إلَّا
ضَمَانُ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا
تَسْقُطُ بِهِ .
وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً
عَامًّا بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ
حَقٌّ مِنْهَا إلَّا اسْتَوْفَاهُ .
ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ
أَبِيهِ ، وَبَرْهَنَ ، يُقْبَلُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ
جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ
دَيْنًا ، تُسْمَعُ
.
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ
وَهْبَانَ
الرَّابِعَةُ : صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ
عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ ،
الْأَصَحُّ جَوَازُ دَعْوَاهُ فِي حِصَّتِهِ ، كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ
الْخَامِسَةُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ
فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى ، كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ
الرِّبَا لَا يَصِحُّ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ ، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ .
وَفِي الْيَتِيمَةِ لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ
الضَّيْعَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَذْرَ لَهُ تُسْمَعُ .
ثُمَّ قَالَ : لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ
الضَّيْعَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ فَفِيهِ
اخْتِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَوَفِي الْيَتِيمَةِ أَيْضًا : مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَاقْتَسَمُوا
التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ ، وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ مِنْ
جَمِيعِ الدَّعَاوَى ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى
الْمَيِّتِ ، وَعَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ تُسْمَعُ ( انْتَهَى ) وَفِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ :
قَسَّمَا أَرْضًا مُشْتَرَكَةً وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا
دَعْوَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَزَرَعَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا
الْفَسْخَ بِالْغَبْنِ ، فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا عِنْدَ
بَعْضِ الْمَشَايِخِ ( انْتَهَى ) . وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ
الْعَامَّ إنَّمَا يَمْنَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي ،
فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي سَلَّمَهَا لَهُ ، وَلَا
يَمْنَعُهُ الْإِبْرَاءُ . وَفِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ
الْعَامَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْوَكَالَةِ .
وَفِي الرَّابِعِ عَشَرَ مِنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ :
أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ
صَحَّ .
إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ بِلَا
تَارِيخٍ يُقْبَلُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ثُمَّ ادَّعَى ،
لَا تُسْمَعُ حَتَّى يُبَرْهِنَ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ .
وَالْفَرْقُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى
بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إلَّا بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَهُ يُفِيدُ جَوَابَ حَادِثَةٍأَقَرَّ
أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا ، وَأَبْرَأَهُ عَامًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ
أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَهُمَا أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ، فَإِنَّهُ
تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ ، وَلَا يَمْنَعُهَا الْإِبْرَاءُ
الْعَامُّ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ادَّعَى بِمَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ
وَقَوْلُ قَاضِي خَانْ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ
بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ .
وَلَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَهُ
أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ ، وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِيمَا ادَّعَى ، يُقْبَلُ (
انْتَهَى ) .
يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ إقْرَارَهُ
بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ مُبْطِلٌ ، وَلَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
مِنْ التَّنَاقُضِ
.
كَفَلَ عَنْهُ بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَدَّعِيه فَبَرْهَنَ
الْكَفِيلُ عَلَى إقْرَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ ، وَهُوَ يَجْحَدُ أَنَّهُ قِمَارٌ
أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ لَا يُقْبَلُ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الطَّالِبُ عِنْدَ
الْقَاضِي
بِرِبًا .
وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ ؛
لِأَنَّهَا تُسْمَعُ عِنْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى ، وَقَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ هُنَا
لِلتَّنَاقُضِ ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهَا ( انْتَهَى ) .
وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ مِنْ
مَسْأَلَةِ دَعْوَى الرِّبَا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ ، وَآخِرُ مَا فِي الْجَامِعِ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ الْأَصِيلِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ، حَيْثُ
قَالَ : وَيُقَالُ لَهُ اُطْلُبْ خَصْمَكَ فَخَاصِمْهُ ( انْتَهَى ) .
تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى فِي الْحَدِّ
الْخَالِصِ ،وَالْوَقْفِ ،وَعِتْقِ الْأَمَةِ ، وَحُرِّيَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ
وَفِيمَا تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى كَرَمَضَانَ ، وَفِي الطَّلَاقِ
وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ دَفْعُ الدَّعْوَى
صَحِيحٌ ،وَكَذَا دَفْعُ الدَّفْعِ ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَصِحُّ وَهُوَ
الْمُخْتَارُ ،وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ
بَعْدَهَاوَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ
الْمُخَمَّسَةِ ، كَمَاكَتَبْنَاهُ فِي الشَّرْحِ وَكَمَا يَصِحُّ عِنْدَ
الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ
الْإِشْهَادِ يَصِحُّ بَعْدَهُ ، هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : إذَا قَالَ لِي دَفْعٌ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ لَا يُلْتَفَتُ
إلَيْهِ .
الثَّانِيَةُ : لَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ قَالَ : بَيِّنَتِي
بِهِ غَائِبَةٌ عَنْ الْبَلَدِ لَمْ يُقْبَلْ .
الثَّالِثَةُ : لَوْ بَيَّنَ دَفْعًا فَاسِدًا لَوْ كَانَ
الدَّفْعُ صَحِيحًا وَقَالَ : بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ
يُمْهِلُهُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
وَالْإِمْهَالُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ ،كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ،وَادَّعَى
إيفَاءَهُ أَوْ الْإِبْرَاءَ ، فَإِنْ قَالَ : بَيِّنَتِي فِي الْمِصْرِ ، لَا
يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ ، وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ .
الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ
الْمُخَمَّسَةِ ،كَمَا ذَكَرْته فِي الشَّرْحِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ
الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى إيفَاءَهُ لَمْ يُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ ، إلَّا إذَا
ادَّعَى إيفَاءَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَالتَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ
،كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الدَّفْعُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ .
لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا
بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَوِلَايَةٍ ، إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ
الْبَاقِي .
الثَّانِيَةُ : أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَنْتَصِبُ
خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي .
كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْقُنْيَةِ لَا
يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ إلَّا فِي
ثَلَاثٍ : الْأُولَى
: لِرَجَاءِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعِي .
الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ رِيبَةٌالْبَقَاءُ
أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : إذَا فَسَقَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ
يَنْعَزِلُ ، وَإِذَا وَلَّى فَاسِقًا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ
،وَجَوَابُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ .
الثَّانِيَةُ :الْإِذْنُ لِلْآبِقِ صَحِيحٌ ، وَإِذَا
أَبَقَ الْمَأْذُونُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْقَضَاءِمَنْ عُمِلَ
إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا ، إلَّا إذَا ادَّعَى إرْثًا
أَوْ نَفَقَةً أَوْ حَضَانَةً فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ ، أَوْ جَدُّهُ ،
أَوْ ابْنُهُ ، أَوْ ابْنُ ابْنِهِ ، لَا تُقْبَلُ .
بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ
وَالْوَلَاءِ بِنَوْعَيْهِ .
وَكَذَا مُعْتَقُ أَبِيهِ ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِيهِ .
وَتَمَامُهُ فِي بَابِ دَعْوَةِ النَّسَبِ مِنْ الْجَامِعِ
. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ إلَّا تَبَعًا أَوْ ضَرُورَةً .
فَالْأَوْلَى إثْبَاتُ تَوْكِيلِ كَافِرٍ كَافِرًا
بِكَافِرَيْنِ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى خَصْمٍ كَافِرٍ فَيَتَعَدَّى
إلَى خَصْمٍ مُسْلِمٍ آخَرَوَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ بِدَيْنٍ
وَمَوْلَاهُ مُسْلِمٌ ، وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى وَكِيلٍ كَافِرٍ مُوَكِّلُهُ
مُسْلِمٌ ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً
عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا ، وَفِيمَا
سَبَقَ ضِمْنًا .
وَالثَّانِي فِي مَسْأَلَتَيْنِ :فِي الْإِيصَاءِ شَهِدَ
كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى كَافِرٍ ، وَأَحْضَرَ مُسْلِمًا
عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ ، وَفِي النَّسَبِ شَهِدَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنُ
الْمَيِّتِ فَادَّعَى عَلَى مُسْلِمٍ بِحَقٍّ .
وَتَمَامُهُ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ .
لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِنَفْسِهِ ، وَلَا لِمَنْ لَا
تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ .
أَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ فَأَثْبَتَ أَنَّ
فُلَانًا وَصِيُّهُ صَحَّ ، وَبَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا
دَفَعَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ
عَنْ غَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَدْيُونُ
الْغَائِبِ ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ .
وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْجَامِعِ .
أَمِينُ الْقَاضِي كَالْقَاضِي لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ ،
بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَلَوْ كَانَ وَصِيَّ
الْقَاضِي ، فَبَيْن وَصِيِّ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ فَرْقٌ مِنْ هَذِهِ ، وَمَنْ
جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ
مَعَ وُجُودِ وَصِيٍّ لَهُ وَلَوْ مَنْصُوبُ الْقَاضِي ، بِخِلَافِهِ مَعَ
أَمِينِهِ وَهُوَ مَنْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي : جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا قَالَ : بِعْ هَذَا الْعَبْدَ
وَلَمْ يَزِدْ .
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَمِينُهُ فَلَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ ،وَصَحَّحَ
الْبَزَّازِيُّ مِنْ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ فَلْيُرَاجَعْ .
يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَوَاضِعَ:
إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ
أَوْ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ ،
وَفِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ صَغِيرٌ ،
وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْ مُورِثِهِ شَيْئًا وَأَرَادَ
رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ
وَفِيمَا إذَا كَانَ أَبُ الصَّغِيرِ مُسْرِفًا مُبَذِّرًا
فَيَنْصِبُهُ لِلْحِفْظِ .
وَذَكَرَ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَوْضِعًا آخَرَ
يَنْصِبُهُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ . وَطَرِيقُ نَصْبِهِ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَ
الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَنْصِبْ وَصِيًّا ، فَلَوْ نَصَبَهُ ثُمَّ
ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ ، فَالْوَصِيُّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ ،
وَلَا يَلِي النَّصْبَ إلَّا قَاضِي الْقُضَاةِ
وَالْمَأْمُورُ بِذَلِكَ .
لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ إلَّا مِنْ قَرِيبٍ
مَحْرَمٍ ، أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ ،
بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ ، وَلَا خُصُومَةَ لَهُمَا .
وَزِدْت مَوْضِعَيْنِ مِنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ ؛مِنْ
السُّلْطَانِ وَوَالِي الْبَلَدِ ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَنْعَهَا إنَّمَا
هُوَ لِلْخَوْفِ مِنْ مُرَاعَاتِهِ لِأَجْلِهَا ، وَهُوَ أَنَّ رَاعِيَ الْمَلِكِ
وَنَائِبَهُ لَمْ يُرَاعَ لِأَجْلِهَا . إذَا ثَبَتَ إفْلَاسُ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ
الْمُدَّةِ وَالسُّؤَالِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ بِلَا كَفِيلٍ إلَّا فِي مَالِ
الْيَتِيمِ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَأَلْحَقْت بِهِ مَالَ الْوَقْفِ
،وَفِيمَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا .
لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
لَهُ ، إلَّا إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ قَاضٍ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِهِ .
ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ . لِلْقَاضِي أَنْ
يُفَرِّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ إلَّا فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ .
قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ : حُكِيَ أَنَّ أُمَّ بِشْرٍ
شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَقَالَ : فَرِّقُوا بَيْنَهُمَا .
فَقَالَتْ لَيْسَ لَك ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { أَنْ
تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } فَسَكَتَ الْحَاكِمُ .
شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا عِنْدَ
النَّاسِ لَمْ تُقْبَلْ ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ .قَضَاءُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ
مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلًّى مِنْ
الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ الْحَاكِمُ كَالْقَاضِي إلَّا فِي أَرْبَعَ
عَشْرَةَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَّا فِي
مَسْأَلَةٍ .
وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ
بِالْوَكَالَةِ مَسْأَلَةً فِي اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ خَالَفَ الْحُكْمَ
فِيهَا الْقَاضِي كُلُّ مَوْضِعٍ تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ الْوَلِيَّ
يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ فِيهِ ، وَمَا لَا فَلَا .
فَانْتَصَبَ عَنْهُ فِي التَّفْرِيقِ بِسَبَبِ الْجَبِّ
وَخِيَارُ الْبُلُوغِ وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ ، وَلَا يَنْتَصِبُ عَنْهُ فِي
الْفُرْقَةِ بِالْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَاللِّعَانِ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ .
لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ إلَّا فِي وَارِثٍ
مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ،فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِلتَّعَدِّي ، وَفِي
مُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَيُثْبِتُهَا الْوَكِيلُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ .
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
جَوَازِ إقَامَتِهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّعُ
الضَّرَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَوْلَاهَا فَيَكُونُ هَذَا أَصْلًا ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ رَأَيْت رَابِعًا كَتَبْته فِي الشَّرْحِ مِنْ
الدَّعْوَى ، وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِهِ مَعَ إقْرَارِ
الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ
وَلَا تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ
ذَكَرْنَاهَا فِي دَعْوَى فِي الشَّرْعِ .
ثُمَّ رَأَيْت خَامِسًا فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى
جَامِعِ الْبَرْغَزِيِّ لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَنْ الصَّبِيّ فَأَقَرَّ ،
لَا يَخْرُجُ عَنْ الْخُصُومَةِ ، وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ
، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ خَرَجَ عَنْ
الْخُصُومَةِ ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ رَأَيْت سَادِسًا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَقَرَّ
الْوَارِثُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ
إقْرَارِهِ .
ثُمَّ رَأَيْت سَابِعًا فِي إجَازَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي
أَجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مِنْ آخَرَ فَأَقَامَ الْأَوَّلُ
الْبَيِّنَةَ ، فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَاضِرًا تُقْبَلُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ،
وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ بِمَا يَدَّعِي هَذَا الْمُدَّعِي ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا
لَا تُقْبَلُ ( انْتَهَى
) . كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ كَبِيرَةٌ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الطَّلَبِ
إلَّا فِي مَسَائِلَ
:
أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ الذَّهَابِ .
وَفِيمَا إذَا قَامَ الْحَقُّ بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ
يَكُونُ أَسْرَعَ قَبُولًاوَأَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ جَائِرًا ، وَأَنْ يُخْبِرَهُ
عَدْلَانِ بِمَا يَسْقُطُ ، وَأَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُ الْقَاضِي خِلَافَ
مُعْتَقَدِ الشَّاهِدِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُ
الْفَاسِقُ إذَا تَابَ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إلَّا الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ ، وَالْمَعْرُوفَ
بِالْكَذِبِ ، وَشَاهِدَ الزُّورِ إذَا كَانَ عَدْلًا ، عَلَى مَا فِي
الْمَنْظُومَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْقَبُولُ .
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ إلَّا إذَا
شَهِدَ الْجَدُّ لِابْنِ ابْنِهِ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ ، إلَّا إذَا شَهِدَ
عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ أَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ .
وَالْأُمُّ فِي نِكَاحِهِ .
إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ
الْإِكْرَاهِ فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى ، فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ
وَالصُّلْحِ وَالْإِقْرَارِ ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ
فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّطَوُّعِ ، كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ بَيْعٍ
وَفَسَادِهِ ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ .
إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا إلَّا فِي
مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَحَلَفَ كُلٌّ بِعَتْقِهِ عَلَى
صِدْقِ دَعْوَاهُ ، فَلَا تَحَالُفَ ، وَلَا فَسْخَ ، وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا
يَعْتِقُ الْعَبْدُ ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ
. الْقَضَاءُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ
بَعْضِ الْخُصُومَاتِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ
الدَّعْوَى بَعْدَ سَنَةٍ لَا تُسْمَعُ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ سَمَاعِهَا .
الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ :
فِي السُّؤَالِ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ ،
وَلَكِنْ لَا جَبْرَ عَلَى بَيَانِهِ ، وَفِي طَلَبِ الْمُحَاسَبَةِ بَيْنَ
الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَا جَبْرَ ، وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ
، وَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ ، وَفِي السُّؤَالِ عَنْ الْمَكَانِ
وَالزَّمَانِ ،وَفِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ إنْ رَآهُ جَائِزًا كَمَا فِي
الصَّيْرَفِيَّةِ ، وَفِيمَا إذَا بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَقَارَ
الصَّغِيرِ ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي نَقْضِهِ ، كَمَا فِي بُيُوعِ
الْخَانِيَّةِ ، وَفِي مُدَّةِ حَبْسِ الْمَدْيُونِ وَفِي تَقْيِيدِ الْمَحْبُوسِ
إذَا خِيفَ فِرَارُهُ ، وَفِي حَبْسِ الْمَدْيُونِ فِي حَبْسِ الْقَاضِي أَوْ
اللُّصُوصِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، وَفِي
سُؤَالِ الشَّاهِدِ عَنْ الْأَيْمَانِ إذَا اتَّهَمَهُ ، وَفِيمَا إذَا تَصَرَّفَ
النَّاظِرُ فِيمَا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْوَقْفِ أَوْ رَهْنِهِ ، فَالرَّأْيُ
إلَى الْقَاضِي ، إنْ شَاءَ عَزَلَهُ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ ثِقَةً ، بِخِلَافِ
الْعَاجِزِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ
مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ ؛ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ
ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا
وَبَرْهَنَ ، فَإِنَّهُ تُقْبَلُ .
وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ،
ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا ،
وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ ، كَذَا فِي بُيُوعِ
الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ،وَزِدْت عَلَيْهَا مَسَائِلَ .
الْأُولَى : بَاعَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ
أَعْتَقَهُ .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ :
التَّنَاقُضُ لَا يَضُرُّ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا ( انْتَهَى ) .
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى التَّدْبِيرَ
أَوْ الِاسْتِيلَادَ
تُسْمَعُ ،فَالْهِبَةُ فِي كَلَامِ الْفَتَاوَى مِثَالٌ فِي
دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ ، سَوَّى بَيْنَ دَعْوَى الْبَائِعِ التَّدْبِيرَ وَالْإِعْتَاقَ
، وَذَكَرَ خِلَافًا فِيهِمَا .
الثَّانِيَةُ : اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ
بَائِعَهَا كَانَ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا .
وَالثَّالِثَةُ : اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ
الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ .
الرَّابِعَةُ : بَاعَ أَرْضًا ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ ،
وَهِيَ فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ وَقَضَائِهَا .
وَفَصْلٌ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِيهِ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ
فَلْيُنْظَرْ ثَمَّةَ
.
وَفَصْلٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ
وَرَجَّحَهُ .
وَظَاهِرُ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ
الْقَبُولُ مُطْلَقًا
.
الْخَامِسَةُ : بَاعَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ ، ثُمَّ
ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ .
السَّادِسَةُ : الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى
كَذَلِكَ .
السَّابِعَةُ : الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَذَلِكَ ،
ذُكِرَ الثَّالِثُ فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَكَذَا كُلُّ مَنْ
بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى الْفَسَادَ .
وَشَرَطَ الْعِمَادِيُّ التَّوْفِيقَ .
بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ ، وَذَكَرَ فِيهَا
اخْتِلَافًا .
وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ ادَّعَى
الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ لَمْ تُقْبَلْ .
وَمِنْهَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرْكَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَبِيعَ
لَمْ تُقْبَلْ .
لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ السَّبَبِ
إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
لَا تَثْبُتُ الْيَدُ فِي الْعَقَارِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ
أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي ؛وَلَا يَكْفِي التَّصَادُقُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى إلَّا فِي
دَعْوَى الْغَصْبِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ،أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ
.
الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا
لَا : إلَّا فِي مَسَائِلَ :
ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبٍ فَشَهِدَا بِالْمُطْلَقِ أَوْ
كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَقَلَّ .
ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَشَهِدَا بِأَنَّهَا
مَنْكُوحَةٌ .
ادَّعَى إنْشَاءَ فِعْلٍ كَغَصْبٍ وَقَتْلٍ فَشَهِدَا
بِالْإِقْرَارِ بِهِ
.
ادَّعَى الْكَفَالَةَ عَنْ فُلَانٍ فَشَهِدَا بِهَا
كَفَالَةً عَنْ آخَرَ
.
ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ لَمْ
يُعَيِّنْهُ فَشَهِدَا بِالْمُطْلَقِ .
ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَا بِسَبَبٍ .
وَقَالَ الْمُدَّعِي : هُوَ لِي
بِذَلِكَ السَّبَبِ .
ادَّعَى الْإِيفَاءَ فَشَهِدَا بِالْإِبْرَاءِ أَوْ
التَّحْلِيلِ .
ادَّعَى الْهِبَةَ فَشَهِدَا بِالصَّدَقَةِ كَمَا فِي
التَّلْخِيصِ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّلْخِيصِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ
مَسْأَلَةً فَلْيُرَاجَعْ .
الْإِمَامُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ
وَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ .
وَفِي التَّهْذِيبِ يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي
الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ .
الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ نَفَذَ
قَضَاؤُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ نَصَّ أَصْحَابُنَا فِيهَا عَلَى عَدَمِ النَّفَاذِ :
لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ
بِالتَّفْرِيقِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ غَائِبًا عَلَى الصَّحِيحِ لَا
حَاضِرًا ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ مَزْنِيَّةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَمْ
يَنْفُذْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ أُمِّ مَزْنِيَّتِهِ
أَوْ بِنْتِهَا ، أَوْ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ
بِالتَّقَادُمِ ، أَوْ بِعَدَمِ تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ ، أَوْ بِعَدَمِ صِحَّةِ
الرَّجْعَةِ بِلَا رِضَاهَا ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْحُبْلَى
أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، أَوْ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ عَلَى
الْحَائِضِ ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ ، أَوْ بِعَدَمِ
وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ ،أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ
عَقِبَهُ .
أَوْ بِنِصْفِ الْجِهَازِ لِمَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ
الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَهْرِ وَالتَّجْهِيزِ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ ، أَوْ
قَضَى لِوَلَدِهِ ،أَوْ رَفَعَ إلَيْهِ حُكْمَ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ ،
أَوْ الْحُكْمُ بِحَجْرِ سَفِيهٍ أَوْ بِصِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ السَّاكِتِ مِنْ
قِنٍّ حَرَّرَهُ أَحَدُهُمَا ، أَوْ بِبَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا ، أَوْ
بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْأَظْهَرِ .
وَقِيلَ يَنْفُذُ عَلَى الْأَصَحِّ ، أَوْ بِبُطْلَانِ
عَفْوِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَوَدِ ، أَوْ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ ، أَوْ
بِزِيَادَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ مِنْ أَوْقَافِ
الْمَسْجِدِ ، أَوْ بِحِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي
، أَوْ بِعَدَمِ مِلْكِ الْكَافِرِ مَالَ الْمُسْلِمِ بِإِحْرَازِهِ بِدَرَاهِمَ ،
أَوْ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ ، أَوْ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُحْدِثِ
، أَوْ بِقَسَامَةٍ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِتَلَفِ مَالٍ ، أَوْ بِحَدِّ
الْقَذْفِ بِالتَّعْرِيضِ ،أَوْ بِالْقُرْعَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ ، أَوْ
بِعَدَمِ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا،لَمْ
يَنْفُذُ فِي الْكُلِّ .
هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ
وَالْعِمَادِيَّةِ وَالصَّيْرَفِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة .
الشَّاهِدُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعِلَّةٍ ثُمَّ
زَالَتْ الْعِلَّةُ فَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا مِنْ
أَرْبَعَةٍ:
الْعَبْدِ ، وَالْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ ، وَالْأَعْمَى
، وَالصَّبِيِّ ، إذَا شَهِدُوا فَرُدَّتْ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ شَهِدُوا
تُقْبَلُ .
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَسَوَاءٌ شَهِدَ عِنْدَ مَنْ رَدَّهُ أَوْ غَيْرَهُ ،
وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ سِنِينَ أَوْ لَا ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ . لِلْخَصْمِ
أَنْ يَطْعَنَ فِي الشَّاهِدَيْنِ بِثَلَاثَةٍ : أَنَّهُمَا عَبْدَانِ أَوْ
مَحْدُودَانِ أَوْ شَرِيكَانِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .
الْقَضَاءُ الضِّمْنِيُّ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى
وَالْخُصُومَةُ ، فَإِذَا شَهِدَا عَلَى خَصْمٍ بِحَقٍّ وَذَكَرَا اسْمَهُ وَاسْمَ
أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَقَضَى بِذَلِكَ الْحَقَّ ، كَانَ قَضَاءً بِنَسَبِهِ ضِمْنًا
، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَادِثَةِ النَّسَبِ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ فَرَعَيْنَ
مُخْتَلِفَيْنِ حُكْمًا ، وَذَكَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُقَاسُ عَلَى الْآخَرَ ،
وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيُنْظَرْ .
وَهُوَ مِنْ مُهِمَّاتِ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ .
وَعَلَى هَذَا ، لَوْ شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةَ
فُلَانٍ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فُلَانًا فِي كَذَا عَلَى خَصْمٍ مُنْكِرٍ وَقَضَى بِتَوْكِيلِهَا
كَانَ قَضَاءً بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا .
وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى ،
وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ
بِثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ ؛ أَنْ يُعَلِّقَ رَجُلٌ وَكَالَةَ فُلَانٍ بِدُخُولِ
رَمَضَانَ وَيَدَّعِي بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ وَيَتَنَازَعَانِ فِي دُخُولِهِ
فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَاهُ ، فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ فِي ضِمْنِ
ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ . وَأَصْلُ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ
مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى كَفَالَةً عَلَى رَجُلٍ بِمَالِ بِإِذْنِهِ فَأَقَرَّ
بِهَا ، وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَبَرْهَنَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ وَقَضَى
عَلَيْهِ بِهَا كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ قَصْدًا ، وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ
ضِمْنًا .
وَلَهُ فُرُوعٌ وَتَفَاصِيلُ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ .
قَالَ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى : إذَا مَاتَ الْقَاضِي
انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ، وَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْوُلَاةِ انْعَزَلَ
خُلَفَاؤُهُ ، وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ لَا تَنْعَزِلُ وُلَاتُهُ وَقُضَاتُهُ (
انْتَهَى ) .
وَفِي الْخُلَاصَةِ ، وَفِي هِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ : لَوْ
مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ؛ وَكَذَا مَوْتُ أُمَرَاءِ النَّاحِيَةِ ،
بِخِلَافِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ .
السُّلْطَانُ إذَا عَزَلَ الْقَاضِي انْعَزَلَ النَّائِبُ ،
بِخِلَافِ مَوْتِ الْقَاضِي ، وَفِي الْمُحِيطِ إذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ
الْقَاضِي انْعَزَلَ نَائِبُهُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْقَاضِي ، حَيْثُ لَا
يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ ، هَكَذَا قِيلَ .
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ النَّائِبُ بِعَزْلِ
الْقَاضِي ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُ الْعَامَّةِ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي ؟
وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ :مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ
أُمَرَاءُ وَعُمَّالٌ فَالْكُلُّ عَلَى وِلَايَتِهِ ، وَفِي الْمُحِيطِ مَاتَ
الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ، وَكَذَا أُمَرَاءُ النَّاحِيَةِ ، بِخِلَافِ مَوْتِ
الْخَلِيفَةِ ، وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ وَإِذَا مَاتَ لَا .
وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ
الْقَاضِي ( انْتَهَى
) .
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، كَمَا
فِي الْخُلَاصَةِ ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ : وَإِذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ لَا
يَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَعُمَّالُهُ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ
فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ وَمَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ لَا يَنْعَزِلُ خَلِيفَتُهُ
( انْتَهَى ) .
فَتَحَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِي
انْعِزَالِ النَّائِبِ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ ، وَقَوْلُ الْبَزَّازِيِّ :
الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي ، يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ بِالْأَوْلَى .
لَكِنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ فَيَدُلُّ
عَلَى أَنَّ النُّوَّابَ الْآنَ يَنْعَزِلُونَبِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ
لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ
الْمُوَكِّلِ ، وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ الْآنَ أَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ .
وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ : وَنَائِبُ
الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ نَائِبُهُ
مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ( انْتَهَى ) .
فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ ،لَكِنْ جَعَلَ فِي
الْمِعْرَاجِ كَوْنَهُ كَوَكِيلِ قَاضِي الْقُضَاةِ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ .
وَعِنْدَنَا إنَّمَا هُوَ نَائِبُ السُّلْطَانِ .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة : إنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا هُوَ
رَسُولٌ عَنْ السُّلْطَانِ فِي نَصْبِ النُّوَّابِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ : لَوْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ
عُزِلَ يَبْقَى مَا نَصَبَهُ عَلَى حَالِهِ ، ثُمَّ رَقَمَ يَبْقَى قَيِّمًا (
انْتَهَى ) .
وَفِي التَّهْذِيبِ : وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ
التَّزْكِيَةُ بِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ اسْتِحْلَافَ الشُّهُودِ
،كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ(انْتَهَى).
وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ فِي بَابِ أَبِي يُوسُفَ
رَحِمَهُ اللَّهُ
: اعْلَمْ أَنَّ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ أَمْرٌ
مَنْسُوخٌ ، وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ ، حَرَامٌ ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الْقَاعِدِيِّ
وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ
الشُّهُودِ ، يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوا السُّلْطَانَ
وَيَقُولُوا : لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا ، إنْ
أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ ، وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ
سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا .
لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ ، فَلَوْ
قَالَ : رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ
أَبْطَلْت حُكْمِي لَمْ يَصِحَّ ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَعَ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ .
وَفِي الْكَنْزِ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ
وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ ( انْتَهَى ) .
إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فَلَهُ
الرُّجُوعُ عَنْهُ ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ اسْتِنْبَاطًا مِنْ تَقْيِيدِ
الْخُلَاصَةِ بِالْبَيِّنَةِ .
الثَّانِيَةُ :إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ
نَقْضُهُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَدَّلَ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ
مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ دُونَ غَيْرِهِ ، كَمَا فِي شَرْحِ
الْمَنْظُومَةِ .
أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ كَقَوْلِهِ سَلِّمْ الْمَحْدُودَ
إلَى الْمُدَّعِي ،وَالْأَمْرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ ، وَالْأَمْرُ بِحَسْبِهِ ،
إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ؛ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ
فَأَحْتَاج بَعْضُ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يُصْرَفَ
شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْفَتْوَى ، حَتَّى لَوْ
أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ .
فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ مِنْهُ ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ
يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ
ابْنِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ .
وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ
لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ وَصِيٍّ أَقَامَهُ فَمَذْكُورَةٌ فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلِ ( تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي فِي
مَالِ الْيَتِيمِ ) فَقَالَ : لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْقَاضِي مَا لَهُ مِنْ يَتِيمٍ
وَكَذَا عَكْسُهُ ، وَأَمَّا مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ
يَتِيمٍ وَقَبِلَهُ وَصِيُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ، وَلَوْ وَصِيًّا مِنْ جِهَةِ
الْقَاضِي ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مَا وَقَفَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ
مَوْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغُرَمَائِهِ ثُمَّ ظَهَرَ مَالٌ آخَرَ لِلْمَيِّتِ
لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيَشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَرْضًا تُوقَفُ ، بِخِلَافِ
الْوَارِثِ إذَا بَاعَ الثُّلُثَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَإِنَّهُ لَا
يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الثُّلُثَيْنِ أَرْضًا تُوقَفُ ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي
حُكْمٌ ،بِخِلَافِ غَيْرِهِ
كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ ، إلَّا فِي
مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَعْطَى فَقِيرًا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ
بِحُكْمٍ ، حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِيمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْقَاضِي فِي تَزْوِيجِ
الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي كَانَ وَكِيلًا فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُ
حُكْمًا ، حَتَّى لَوْ رَفَعَ عَقْدَهُ إلَى مُخَالِفٍ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ .كَذَا
فِي الْقَاسِمِيَّةِ
.
فَالْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ .
وَقَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَهُ حُكْمٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الدَّعْوَى إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ الْقَوْلِيِّ دُونَ الْفِعْلِيِّ
فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ
.
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ . إذَا قَالَ الْمُقِرُّ
لِسَامِعِ إقْرَارِهِ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ كَمَا
فِي الْخُلَاصَةِ
.
إذَا قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ لَهُ : لَا تَشْهَدْ عَلَيْهِ
بِمَا أَقَرَّ فَحِينَئِذٍ لَا يَسَعُهُ ، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة
مِنْ حِيَلِ الْمُدَايِنَاتِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا رَجَعَ
الْمُقِرُّ لَهُ ، وَقَالَ : إنَّمَا نَهَيْتُك لِعُذْرٍ وَطَلَبَ مِنْهُ
الشَّهَادَةَ .
قِيلَ يَشْهَدُ ، وَقِيلَ :لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي غَرِيمَ
الْمَيِّتِ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ لَك عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا أَبْرَأْته
مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، كَذَا
فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ.
إنَّمَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ
إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا .
إثْبَاتُ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ
جَائِزٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ .لَا
يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِالرِّدَّةِ وَالْفِسْقِ ، وَلَا يَنْعَزِلُ وَالِي
الْجُمُعَةِ بِالْعِلْمِ بِالْعَزْلِ حَتَّى يَقْدُمَ الثَّانِي ، وَاخْتَلَفَ
الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي الْقَاضِي ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي
الْمَنْشُورِ إذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَقَدْ عَزَلْتُك فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِهِ
. طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي كِتَابَةَ حُجَّةِ الْإِبْرَاءِ فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ
لَمْ يَكْتُبْ لَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ ،
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ حُجَّةَ الِاسْتِيفَاءِ
وَلَهَا حُجَّةَ الطَّلَاقِ ، وَقَالَ الْقَاضِي قَضَيْت بِكَذَا عَلَيْك
بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ يُقْبَلُ إرْسَالُ الْقَاضِي إلَى الْمُخَدَّرَةِ
لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ .
لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى ، وَلَوْ
كَانَ مَحْجُورًا لَا يُحْضِرْهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا ، وَيَحْلِفُ الْعَبْدُ
وَلَوْ مَحْجُورًا ، وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ وَيُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ .
الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ .
لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَلَّفَ
الْمُخَدَّرَةَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ .
الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، فَلَوْ
وَلَّاهُ قَاضِيًا بِمَكَانِ كَذَا لَا يَكُونُ قَاضِيًا فِي غَيْرِهِ .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ :وَقَضَاءُ الْقَاضِي فِي غَيْرِ
مَكَانِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي
وِلَايَتِهِ ؛ فَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ عَدَمَ صِحَّةِ قَضَائِهِ ، وَصَحَّحَ فِي
الْخُلَاصَةِ الصِّحَّةَ ، وَاقْتَصَرَ قَاضِي خَانْ عَلَيْهِ .
وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَقَارِ لَا فِي
الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ : قَضَى فِي وِلَايَتِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ
عَلَى قَضَائِهِ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ ( انْتَهَى ) .
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ قَالَ : لَا أَدْرِي
أَمُؤْمِنٌ أَنَا أَوْ لَا ، لِلشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ ، وَكَذَا إمَامَتُهُ
كَذَا فِي شَهَادَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى فِي طَلَاقِ
الْمَرْأَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَالْوَقْفِ ، وَهِلَالِ رَمَضَانَ ،وَغَيْرِهِ
إلَّا هِلَالَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى ،وَالْحُدُودِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ
كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ النَّسَبِ ، وَجَزَمَ بِالْقَبُولِ ابْنُ
وَهْبَانَ،وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ ،وَالْخُلْعِ ،
وَالْإِيلَاءِ ،وَالظِّهَارِ وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ
دَعْوَاهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا .
وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ
الْأَصْلِيَّةِ ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا .
وَالنِّكَاحُ يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَالطَّلَاقِ
لِأَنَّ حِلَّ الْفَرْجِ وَالْحُرْمَةَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَجَازَ
ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى .
كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ فِي النِّكَاحِ الْمَشْهُودِ
عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ؛ إنْ كَانَ حَاضِرًا كَفَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ،وَإِنْ
كَانَ غَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ .
وَلَا تَكْفِي النِّسْبَةُ إلَى الْفَخِذِ وَلَا إلَى
الْحِرْفَةِ ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاسْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ
مَشْهُورًا .
وَتَكْفِي النِّسْبَةُ إلَى الزَّوْجُ ؛ لِأَنَّ
الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حِلْيَتِهَا ، وَيَكْفِي فِي
الْعَبْدِ اسْمُهُ وَمَوْلَاهُ وَأَبٌ مَوْلَاهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ
إلَى وَجْهِهَا فِي التَّعْرِيفِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا
يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ لِلشَّاهِدِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَكْثَرُ مِنْ
عَدْلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ .
وَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ
وَيَكْتُبُ حِلَاهَا ، لَا الشَّاهِدُ .
الْكُلُّ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
لَا اعْتِبَارَ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ إلَّا إذَا
أَقَامَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي إلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ كَمَا
فِي الْبَزَّازِيَّةِ .وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى
الْمُدَّعِي ، قَالَ : سَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ
الْقَاضِي عَلَاءَ الدِّينِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ :
عِنْدَنَا كَثِيرًا أَنَّ الرَّجُلَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالِ فِي صَكٍّ
وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ
وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِ .
وَنَحْنُ نُفْتِي أَنَّهُ إنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً
تُقْبَلُ ، وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا ، لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى
هَذَا الْإِقْرَارِ ( انْتَهَى ) .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ قَالَ أُسْتَاذُنَا :
وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ
الرَّدِيءَ زَمَانًا الدِّينَارُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ ، ثُمَّ تَنَبَّهَ
فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرَءُوهُ عَمَّا بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ
ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا
.
فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي أَنَّهُ يَبْرَأُ .
وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الزَّنْجَانِيُّ : الْإِبْرَاءُ
لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ .
وَقَالَ : بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ
الْحَكَمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ ، وَقَالَ : هَكَذَا سَمِعْت عَنْ
ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ :
فَقَرُبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ ، فَكُنْت
أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِي عَنْهُ فَعَرَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى
عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ ، فَأَجَابَ أَنَّهُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ
الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا
يَبْرَأُ فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي .وَلَمْ أَمْحُهُ .
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي
غِنَاءِ الْفُقَهَاءِ ، مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ : جُمْلَةُ
الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ ، فَإِذَا
اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ
لِرَدِّ مِثْلِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا رَدَّ
عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَ ، وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ
الْعَقْدُالسَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ
الرِّبَا،فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةٌ نُقِضَ عَقْدُ
الرِّبَا،لِيَجِبَ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ ،وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا
لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا ، إنْ كَانَ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ (
انْتَهَى )
وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ الْأُولَى بِأَنَّ
الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْبَعْضَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، وَإِنَّمَا فُعِلَ
مُوَاطَأَةً وَحِيلَةً تُقْبَلُ . لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ إلَّا
بِرِضَاءِ خَصْمِهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَوْ أُحْضِرَ الدَّيْنُ
لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ. تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ
مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصْلَحَةِ ؛ فَمَا خَرَجَ عَنْهَا مِنْهُ بَاطِلٌ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ فِي الْقَوَاعِدِ .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ ابْنَ
الْوَاقِفِ مِنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ
وَوَلَّى غَيْرَهُ بِلَا خِيَانَةٍ لَمْ يَصِحَّ ، كَمَا
فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْوَقْفِ ، وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ
الْقَضَاءِ .
وَلَوْ عَيَّنَ لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا وَعَزَلَ ، نَظَرَ
الثَّانِي إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ لَهُ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ
أَجْرَاهُ الثَّانِي عَلَيْهِ ، وَإِلَّا جَعَلَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَحَطَّ الزِّيَادَةَ
، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا .
وَمِنْهَا حُرْمَةُ إحْدَاثِ تَقْرِيرِ فِرَاشِ الْمَسْجِدِ
بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّ مَنْ
اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي الَّذِي لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ
الْعُهْدَةِ ، وَنَقَلْنَا هُنَاكَ فَرْعًا مِنْ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ ،
وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ ؛ طَالَبَ الْقَيِّمُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَنْ
يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى ، فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ
فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ .(
انْتَهَى ) .
لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي
؛ لِأَنَّهُ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضُ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ .
وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَاتِ . الْأَصَحُّ أَنَّ
الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ
الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ . وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ
وَالْوِصَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ .
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ
كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ ، وَآخَرَانِ
أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَالْأُولَى أَوْلَى .
تَنَازَعَا فِي وَلَاءِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَرْهَنَ
كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا .
كَمَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نَسَبِ وَلَدٍ كَانَ
بَيْنَهُمَا .
وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سِيقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ
الْأُخْرَى سُئِلَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ ؛ فَقَالُوا : لَا
نَعْلَمُ لَمْ تُقْبَلْ .
وَبِالنِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ ؛ فَقَالُوا : لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ
، كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِ تَحَمُّلِ
الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا
يَتَحَمَّلُهَا مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ : شَهِدَا بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ ،
وَقَالَا : لَا نَدْرِي أَكَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ ،
وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ : كَانَ يَهْذِي ؛ يُصَدَّقُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ
كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ وَفِي الْخِزَانَةِ : قَالَا : هُوَ زَوْجُ الْكُبْرَى ، لَكِنْ لَا
نَدْرِي الْكُبْرَى ، نُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكُبْرَى هَذِهِ .
شَهِدَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَا نَعْلَمُ هَلْ
هِيَ فِي الْحَالِ امْرَأَتُهُ أَمْ لَا ؟ .
أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ ، وَلَا
نَدْرِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَالِ أَمْ لَا ؟ يُقْضَى
بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ .
وَالشَّاهِدُ فِي الْعَقْدِ شَاهِدٌ فِي الْحَالِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ : الشَّاهِدُ
عَايَنَ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً وَتَرْتَضِعُ ، لَهُ أَنْ يَشْهَدَ
بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ .( انْتَهَى ) .
لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الشَّرْحِ عَنْ الْمُحِيطِ
، وَقَالَ فِيهِ : إنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ وَغَرَائِبِهِ فَيَجِبُ
حِفْظُهَا .
اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إلَّا
بِوَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةٍ : الْقِمَارُ عَلَيْهِ ، وَكَثْرَةُ
الْحَلِفِ عَلَيْهِ ، وَإِخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِهِ ،
وَاللَّعِبُ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ الْفِسْقِ عَلَيْهِ
كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.
الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ إلَّا
فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فِي الْمَنْقُولِ ، وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَلَا
فَرْقَ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ.
شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مَقْبُولَةٌ ، إلَّا
بِزِنَاهَا وَقَدْ قَذَفَهَا كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ ، وَفِيمَا إذَا شَهِدَ
عَلَى إقْرَارِهَا بِأَنَّهَا أَمَةٌ لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا فَلَا تُقْبَلُ إلَّا
إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ ، وَالْمُدَّعِي يَقُولُ : أَذِنْت
لَهَا فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا فِي
مَسَائِلَ :
فِيمَا إذَا شَهِدَ نَصْرَانِيٌّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ
أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ،
بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً .
كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا وَكَانَ
لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يَدَّعِيه .
فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِلْإِرْثِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ
بِقَوْلِ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ مَيِّتٍ بِدَيْنٍ
وَهُوَ مَدْيُونُ مُسْلِمٍ وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا
مِنْ مُسْلِمٍ .
وَفِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ نَصَارَى عَلَى نَصْرَانِيٍّ
أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ ،إلَّا إذَا قَالُوا : اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ
وَحْدَهُ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
وَفِيمَا إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَبْدًا فِي يَدِ كَافِرٍ
فَشَهِدَ كَافِرَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِهِ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُسْلِمُ
لَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ إلَّا فِي
مَسْأَلَةِ الْقَاتِلِ إذَا شَهِدَ بِعَفْوِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ، وَصُورَتُهُ
فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ ؛ ثَلَاثَةٌ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ
شَهِدُوا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ الْوَلِيَّ قَدْ عَفَا
عَنَّا ؛قَالَ الْحَسَنُ : لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ
إلَّا أَنْ يَقُولَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَا عَنَّا وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ فَفِي
هَذَا الْوَجْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : رَحِمَهُ اللَّهُ تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ .
وَقَالَ الْحَسَنُ : تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ (
انْتَهَى ) .
كَتَبْنَا فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ
أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ فَلِلشُّهُودِ
أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ ذَكِيَّةٌ بِحُكْمِ الْحَالِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
وَعَلَى هَذَا فَرَّعْت لَوْ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ
بِشَيْءٍ ، لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ صَحِيحٌ .
وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ رَأَوْهُ فِي فِرَاشٍ أَوْ بِهِ
مَرَضٌ ظَاهِرٌ ، فَلَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا عَمَلًا بِالْحَالِ
، لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُمْ : أَنَا صَحِيحٌ .
هَلْ يَشْهَدُونَ بِصِحَّتِهِ أَوْ يُحَكِّمُونَ قَوْلَهُ ؟
فَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ شَهِدُوا بِهَا وَإِلَّا
حَكَوْا قَوْلَهُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ الْقَاضِي هَلْ ظَهَرَ عَلَيْهِ
مَا يَدُلُّ عَلَى مَرَضِهِ ؟ فَإِنْ أَخْبَرُوا بِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِإِخْبَارِهِ
أَنَّهُ صَحِيحٌ ، وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ ، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى .
وَفِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ : شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ
أَنَّهُ جَرَحَهُ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ ، يَحْكُمُ بِهِ ،
وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُمْ لَا عِلْمَ
لَهُمْ بِهِ .
وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ أَنْ
يَقُولُوا : مَاتَ مِنْ سُقُوطِهِ ، لِأَنَّ إضَافَةَ الْأَحْكَامِ إلَى السَّبَبِ
الظَّاهِرِ لَا إلَى سَبَبٍ يُتَوَهَّمُ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي مَيِّتٍ
بِمَحَلَّةٍ عَلَى رَقَبَتِهِ حَيَّةٌ مُلْتَوِيَةٌ ( انْتَهَى ) .
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إلَّا فِي
مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا كَمَا فِي
الْخُلَاصَةِ .
وَتُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي
الشَّرْحِ . قَالَ فِي بَسِيطِ الْأَنْوَارِ لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ كِتَابِ
الْقَضَاءِ مَا لَفْظُهُ : وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ
وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ
الْمَالِ فَلَهُ أَخْذُ عُشْرِ مَا يَتَوَلَّى مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى
وَالْأَوْقَافِ ، ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ ( انْتَهَى ) .
وَلَمْ أَرَ هَذَا لِأَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ
لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ الْعُشْرُ لِلْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ .
لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرْنَاهَا
فِي الشَّرْحِ : دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ ،
وَدَعْوَى الْآبِقِ
.
لَا تَحْلِيفَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِي أَرْبَعٍ
عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ تُقْبَلُ
الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مَذْكُورَةٍ فِي مَنْظُومَةِ
ابْنِ وَهْبَانَ :فِي الْوَقْفِ ،وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا .
وَحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ ، وَتَدْبِيرِهَا ،وَالْخُلْعِ ،
وَهِلَالِ رَمَضَانَ،وَالنَّسَبِ .
وَزِدْت خَمْسَةً مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْضًا : حَدُّ
الزِّنَا ، وَحَدُّ الشُّرْبِ ؛ وَالْإِيلَاءُ ، وَالظِّهَارُ ، وَحُرْمَةُ
الْمُصَاهَرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ ،وَأَمَّا
بِرِيعِهِ فَلَا .
وَعَلَى هَذَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ مَنْ
لَهُ الْحَقُّ ، فَلَا جَوَابَ لَهَا فَالدَّعْوَى حِسْبَةً لَا تَجُوزُ .
وَالشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى جَائِزَةٌ فِي
هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلْتُحْفَظْ .
ثُمَّ زِدْت سَادِسَةً مِنْ الْقُنْيَةِ فَصَارَتْ
أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا :
وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ نَسَبَهُ
وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا جَرْحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْقَاضِي ،
وَاعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ يُفَسَّقُ
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْحُدُودِ ، وَطَلَاقِ
الزَّوْجَةِ ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ فِي
الْكُلِّ ، وَهِيَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْيَتِيمَةِ ، وَقَدْ أَلَّفْت فِيهَا
رِسَالَةً ، قُلْنَا : شَاهِدُ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعِي حِسْبَةٍ إلَّا
فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَصْلَ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُسَمَّعُ عِنْدَ
الْبَعْضِ ،وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ الْمُتَوَلِّي
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ .
فَإِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ
دَعْوَاهُ فَالْأَجْنَبِيُّ بِالْأَوْلَى .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ
الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا .
وَهَلْ يُقْبَلُ تَجْرِيحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً ؟
الظَّاهِرُ نَعَمْ ، لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى
لَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ
عِتْقِهِ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِيوَلَا
يُحَالُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا
أَيْضًا لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانُ السَّبَبِ ،وَتَصِحُّ بِدُونِهِ إلَّا
فِي الْمِثْلِيَّاتِ ، وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ عَلَى تَرِكَةِ زَوْجِهَا
وَالثَّانِيَةُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، وَالْأُولَى فِي الشَّرْحِ مِنْ
الدَّعْوَى الشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ
عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : إذَا شَهِدُوا بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ
وَأُمُّهُ حَيَّةٌ تُقْبَلُ ، لَا بَعْدَ مَوْتِهَا .
الثَّانِيَةُ : شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ
بِإِعْتَاقِهِ تُقْبَلُ .
وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْعَبْدُ .وَهُمَا فِي آخِرِ
الْعِمَادِيَّةِ .
وَالْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ ، فَإِنَّ
الصَّحِيحَ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ دَعْوَاهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلِيَّةِ
كَمَا قَدَّمْنَاهُ
.
وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ
إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ الْمُحِيطِبَاعَ عَبْدًا ثُمَّ
ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَالْإِعْتَاقَ وَكَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ
تُسْمَعُ فِيهِمَا ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُسْمَعُ فِي الشِّرَاءِ
فَقَطْوَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ذِكْرُ
اسْمِ أُمِّهِ وَلَا اسْمِ أَبِ أُمِّهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ
وَأُمُّهُ رَقِيقَةً
.
صَرَّحَ بِهِ فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ .
وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ ، كَمَا
فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ .
الْقَضَاءُ بَعْدَ صُدُورِهِ صَحِيحًا لَا يَبْطُلُ
بِإِبْطَالِ أَحَدٍ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِبُطْلَانِهِ ،
فَإِنَّهُ يَبْطُلُ ، إلَّا فِي الْمَقْضِيِّ بِحُرِّيَّتِهِ ، وَفِيمَا إذَا ظَهَرَ
الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ بِالْبَيِّنَةِ ، فَإِنَّهُ
يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لَكِنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍيُحَلَّفُ الْمُنْكِرُ إلَّا
فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بَيَّنَّاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
إذَا ادَّعَى رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ذِي الْيَدِ
اسْتِحْقَاقَ مَا فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ لِلْآخَرِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ
الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ : دَعْوَى الْغَصْبِ ، وَالْإِيدَاعِ ،
وَالْإِعَارَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقْرَارِهِ
لِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مُفَصَّلًا ، فِي الْخُلَاصَةِ : فِي كُلِّ
مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ
فَإِذَا أَنْكَرَهُ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ
ذَكَرَهَا .
وَالصَّوَابُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا
فِي الشَّرْحِ يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ وَكَذَلِكَ
الْكِتَابَةُ إلَى الْقَاضِي ،إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ
فَقَضَاءُ الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ ،
وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ بَاشَا مِصْرَ
قَاضِيًا لِيَحْكُمَ فِي أَقْضِيَتِهِ بِمِصْرَ مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا
الْمُوَلَّى مِنْ السُّلْطَانِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ ذَلِكَ
ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْمُوَلَّى لَا يَكُونُ
قَاضِيًا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ
قَبُولِ الْهَدِيَّةِ قَبْلَ الْوُصُولِ مُطْلَقًا وَعَدَمُ جَوَازِ
اسْتِنَابَتِهِ بِإِرْسَالِ نَائِبٍ لَهُ فِي مَحَلِّ قَضَائِهِ ، وَعَمَلُ
الْقُضَاةِ الْآنَ عَلَى إرْسَالِ نَائِبٍ حِينَ التَّوْلِيَةِ فِي بَلَدِ
السُّلْطَانِ ،وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَحِينَئِذٍ لَا
كَلَامَ فِيهِ.
حَادِثَةٌ :
ادَّعَى أَنَّهُ غَرَسَ أَثْلًا فِي أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ
بِكَذَا مِنْ مُدَّةِ ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةٍ ، عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ إنْ ظَهَرَ
لَهَا مَالِكٌ دَفَعَ أُجْرَتَهَا ، وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَعَرَّضُهُ
بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَثْلَ
الْمَذْكُورَ غَرَسَهُ مُسْتَأْجِرُ الْوَقْفِ لَهُ ، فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ
شَهِدَا بِأَنَّهُ غَرَسَهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَزَادَ أَحَدُهُمَا
بِأَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ ، فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ
لِلْمُدَّعِي وَلَمْ يَطْلُبْ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسُئِلْتُ
عَنْ الْحُكْمِ ، فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ
لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا أَنَّهُ خَارِجٌ أَوْ ذُو يَدٍ ، وَعَلَى كُلٍّ لَا مُوَافَقَةَ
بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى ؛
فَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّهُ
خَارِجٌ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ أَوْ بَرْهَنَ
عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْغَرْسِ وَشَهِدَا عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى
طَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ الْبُرْهَانَ ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَى قُدِّمَ
بُرْهَانُ الْخَارِجِ ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلَيْسَ كَالنِّتَاجِ
، وَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّ النَّاظِرَ
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُعَارِضُهُ وَبَرْهَنَ ، فَبَرْهَنَ النَّاظِرُ عَلَى غِرَاسِ
الْمُسْتَأْجِرِ ، قُدِّمَ بُرْهَانُ النَّاظِرِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا ، وَهَلْ
التَّرْجِيحُ لِبَيِّنَةِ النَّاظِرِ لِكَوْنِهَا تُثْبِتُ الْغَرْسَ بِحَقٍّ ،
وَالْأُولَى تُثْبِتُهُ غَصْبًا ؟ قُلْت : لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ .
ثُمَّ سُئِلْت لَوْ أَرَّخَا فِي الْغَرْسِ ؟ فَأَجَبْت
بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ
الْخَارِجِ ، إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ
فَيُقَدَّمُ ،لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ : إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ
الْمُطْلَقِ وَهَذَا حُكْمُهُ ، ثُمَّ رَأَيْت فِي غَصْبِ الْقُنْيَةِ لَوْ غَرَسَ
الْمُسْلِمُ فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ كَانَتْ سَبِيلًا ( انْتَهَى ) .
فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ الْأَثْلُ وَقْفًا إلَّا إذَا
كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ ، وَظَاهِرُ مَا فِي
الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ فِي الْوَقْفِ وَلَمْ يَغْرِسْ لَهُ كَانَتْ
مِلْكًا لَهُ لَا وَقْفًا .
وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَقْفِ حُكْمُ
مَا إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ
لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ إلَّا فِي
أَجَلِ السَّلَمِ دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ
كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ .
وَدَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ لَا ،كَمَا فِي فَتَاوَى
قَارِئِ الْهِدَايَةِ
.
اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ ، إلَّا فِي إحْدَى
وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي
بِشَيْءٍ حَالَ قَضَائِهِ قُبِلَ مِنْهُ ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ بِإِقْرَارِ رَجُلٍ
بِحَدٍّ .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ لَا
تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ، إلَّا عَلَى وَارِثٍ أَوْ
وَصِيٍّ أَوْ مُوصٍ لَهُ ؛ فَلَا تُسْمَعُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ ، كَمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا وَهَبَ جَمِيعَ مَالَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ لَهُ
فَإِنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ ذَا يَدٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ
الْمُفْتِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ
مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ انْدَفَعَتْ الدَّعْوَى بِلَا
بَيِّنَةٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى :إذَا ادَّعَى الْإِرْثَ عَنْهُ فَإِنَّهَا لَا
تَنْدَفِعُ بِخِلَافِ دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْهُ .
الثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ وَقَالَ :
أَمَرَنِي بِالْقَبْضِ مِنْك لَمْ تَنْدَفِعْ
وَالْفَرْقُ فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ .
دَعْوَى الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ
تَسْمِيَةِ الْقَاضِي لَا تَصِحُّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ ؛ أَيْ بِأَنَّ
قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِصِحَّتِهِ ، صَحَّتْ .
الثَّانِيَةُ : الشَّهَادَةُ بِالْإِرْثِ أَيْ بِأَنَّ
قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ قَضَى بِأَنَّ الْإِرْثَ لَهُ ، صَحَّتْ .
وَهُمَا فِي الْخِزَانَةِ
وَدَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ لَا
تُسْمَعُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ :
مَسْأَلَتَيْ الْقَاضِي .
وَالثَّالِثَةُ :الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ
وَصِيِّهِ فِي صِغَرِهِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوهُ
الرَّابِعَةُ : الشَّهَادَةُ بِأَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَهُ
مِنْ غَيْرِ بَيَانِهِ .
وَالْكُلُّ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
الْخَامِسَةُ : نِسْبَةُ فِعْلٍ إلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ
مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَنْ نَسَبَهُ عَلَى التَّعْيِينِ
السَّادِسَةُ : نِسْبَةُ فِعْلٍ إلَى وَصِيِّ يَتِيمٍ
كَذَلِكَ ،وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الْأَخِيرَتَيْنِ إلَى الْأُولَى الْقَضَاءُ
بِالْحُرِّيَّةِ قَضَاءٌ عَلَى الْكَافَّةِ ، إلَّا إذَا قُضِيَ بِعِتْقٍ عَنْ
مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ ذَلِكَ
التَّارِيخِ ، فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى مِلْكٍ بَعْدَهُ ، وَتُسْمَعُ
قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ
الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْأَجَلِ إلَّا فِي السَّلَمِ فَلِمُدَّعِيهِ الشِّرَاءُ يَمْنَعُ
دَعْوَى الْمِلْكِ وَكَذَا الِاسْتِيدَاعُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا إذَا خَافَ
مِنْ الْغَاصِبِ تَلَفَ الْعَيْنِ فَاشْتَرَاهَا أَوْ أَخَذَهَا وَدِيعَةً ،
ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
لَكِنْ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي الْجَهَالَةُ فِي الْمَنْكُوحَةِ
تَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ فَاحِشَةً فَمَهْرُ الْمِثْلِ
وَإِلَّا فَالْوَسَطُ ، كَعَبْدٍ ، وَفِي الْبَيْعِ وَفِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ
تَمْنَعُ الصِّحَّةَ ، إلَّا إذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ فَادَّعَى الْآخَرُ
عَلَيْهِ حَقًّا فِي دَارٍ أُخْرَى فَتَبَايَعَا الْحَقَّيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ ،
فَإِنَّهُ جَائِزٌ ، وَفِي الْإِجَارَةِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ فِي الْعَيْنِ أَوْ
فِي الْأُجْرَةِ كَهَذَا أَوْ هَذَا ، وَفِي الدَّعْوَى تَمْنَعُ الصِّحَّةَ إلَّا
فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ .
وَفِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ إلَّا فِيهِمَا ، وَفِي
الرَّهْنِ وَفِي الِاسْتِحْلَافِ تَمْنَعُهُ إلَّا فِي سِتٍّ : هَذِهِ الثَّلَاثَةُ ،وَادَّعَى خِيَانَةً
مُبْهَمَةً عَلَى الْمُودِعِ ، وَتَحْلِيفُ الْوَصِيِّ عَنْ اتِّهَامِ الْقَاضِي
لَهُ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي ، وَفِي الْإِقْرَارِ لَا تَمْنَعُهُ إلَّا فِي
مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِهِ ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لَا تَمْنَعُهَا وَالْبَيَانُ
إلَى الْمُوصِي أَوْ وَارِثِهِ ، وَفِي الْمُنْتَقَى ؛ لَوْ قَالَ : أَعْطَوْا
فُلَانًا شَيْئًا أَوْ جُزْءًا مِنْ مَالِي أَعْطَوْهُ مَا شَاءُوا ، فِي
الْوَكَالَةِ فَإِنَّ فِي الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَتَفَاحَشَتْ مَنَعَتْ وَإِلَّا
فَلَا ، وَفِي الْوَكِيلِ تَمْنَعُ كَهَذَا أَوْ هَذَا وَقِيلَ : لَا ، وَفِي
الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا ، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ، وَفِي الْحُدُودِ تَمْنَعُ
كَهَذَا زَانٍ أَوْ هَذَا
لَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَإِذَا
كَانَ عَالِمًا بِالْحَقِّ إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْبِ
فَإِنَّ لِلْبَائِعِ إنْكَارَهُ لِيُقِيمَ الْمُشْتَرِي
الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ عَلَى بَائِعِهِ .
وَفِي الْوَصِيِّ إذَا عَلِمَ بِالدَّيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي
بُيُوعِ النَّوَازِلِ
إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ فِي
مِلْكِهِ وَذُو الْيَدِ كَذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ .
هَكَذَا أَطْلَقَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ .
قُلْت : إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي
خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ : لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي عَبْدٍ
فَقَالَ الْخَارِجُ
: إنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِي وَأَعْتَقْته وَبَرْهَنَ ،
وَقَالَ ذُو الْيَدَ :
وُلِدَ فِي مِلْكِي فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ
الْخَارِجُ : دَبَّرْته
أَوْ كَاتَبْته فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ .
الثَّانِيَةُ :لَوْ قَالَ الْخَارِجُ : وُلِدَ فِي مِلْكِي
مِنْ أَمَتِي هَذِهِ وَهُوَ ابْنِي قُدِّمَ عَلَى ذِي الْيَدِ .
إذَا بَرْهَنَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ عَلَى نَسَبِ
صَغِيرٍ قُدِّمَ ذُو الْيَدِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِي الْخِزَانَةِ .
الْأُولَى : لَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى أَنَّهُ
ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهُمَا حُرَّانِ ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ
أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى أُمِّهِ .
فَهُوَ لِلْخَارِجِ .
الثَّانِيَةُ : لَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ ذِمِّيًّا
وَالْخَارِجُ مُسْلِمًا ، فَبَرْهَنَ الذِّمِّيُّ بِشُهُودٍ مِنْ الْكُفَّارِ ،
وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ قُدِّمَ الْخَارِجُ سَوَاءٌ بَرْهَنَ بِمُسْلِمِينَ أَوْ
بِكَافِرِينَ وَلَوْ بَرْهَنَ الْكَافِرُ بِمُسْلِمِينَ قُدِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ
مُطْلَقًا لَا يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا الْكِتَابِيُّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ
فِي الدَّعَاوَى إلَّا فِي دَعْوَى النَّسَبِ ، كَمَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ
الْأَكْمَلِ إذَا شَهِدُوا لَهُ بِأَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ
سَبَبِهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ قَضَى
بِأَنَّهُ وَارِثُهُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي
آخِرِ الدَّعَاوَى إذَا شَهِدُوا لَهُ بِقَرَابَةٍ بِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ
أَوْ ابْنُ عَمِّهِ ، لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنُوا أَنَّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ
أَوْ لِأَبِيهِ .
إلَّا فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَبِ
وَالْأُمِّ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ الْحُجَّةُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ إقْرَارٌ
أَوْ نُكُولٌ عَنْ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٌ أَوْ قَسَامَةٌ أَوْ عِلْمُ الْقَاضِي
بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ أَوْ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى ،
إلَّا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِعِلْمِ
الْقَاضِي وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَعَلَيْهِ
مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخَمِّسَةِ
مِنْ الدَّعْوَى .
الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ
الصَّغِيرِ مَعَ الْيَمِينِ ، وَلَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مَفْرُوضَةً
بِالْقَضَاءِ أَوْ بِفَرْضِ الْأَبِ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْأُمُّ كَمَا فِي
نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى
الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَنْكَرَتْ .
وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : الْمَدْيُونُ إذَا
ادَّعَى الْإِيفَاءَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إذَا تَنَازَعَ
رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ
وَجْهًا .
وَقُلْت فِي الشَّرْحِ : إنَّهَا عَلَى خَمْسِ مِائَةٍ
وَاثْنَيْ عَشَرَوَالتَّصْدِيقُ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي
الشَّرْحِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ .
لَا يُقْضَى بِالْقَرِينَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ،
ذَكَرْتهَا فِي الشَّرْحِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِالْقَاضِي إذَا حَكَمَ فِي
شَيْءٍ وَكَتَبَ فِي السِّجِلِّ يُجْعَلُ كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا
كَانَتْ لَهُ وَخَمْسٌ مِنْ السِّجِلَّاتِ لَا يَجْعَلُ الْقَاضِي كُلَّ ذِي
حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ : النَّسَبُ ، وَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ ،
وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالْعُنَّةِ ، وَفَسْخُ الْبَيْعِ بِالْإِبَاقِ ، وَتَفْسِيقُ
الشَّاهِدِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ
كِتَابُ الْوَكَالَةِ
الْأَصْلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَيَّدَ عَلَى وَكِيلِهِ
فَإِنْ كَانَ مُفِيدًا اعْتَبَرَهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَا ،وَإِنْ كَانَ نَافِعًا
مِنْ وَجْهٍ ضَارًّا مِنْ وَجْهٍ ،فَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ اُعْتُبِرَ
وَإِلَّا لَا ، وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ مِنْهَا : بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَهُ
بِغَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ .
بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ ،
وَهُمَا فِي الْمُحِيطِ .
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ : بِعْهُ بِكَفِيلٍ بِعْهُ بِرَهْنٍ
، وَبِعْهُ نَسِيئَةً فَبَاعَهُ نَقْدًا ، بِخِلَافِ بِعْهُ نَسِيئَةً لَهُ
بَيْعُهُ نَقْدًا ، وَلَا تَبِعْ إلَّا نَسِيئَةً ، لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا بِعْهُ
فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ فِي غَيْرِهِ نَفَذَ .
لَا تَبِعْهُ إلَّا فِي سُوقِ كَذَا لَا .
وَنَظِيرُهُ بِعْهُ بِشُهُودٍ ، لَا تَبِعْهُ إلَّا
بِشُهُودٍ .
فَلَا مُخَالَفَةَ مَعَ النَّهْيِ إلَّا فِي قَوْلِهِ : لَا
تَبِعْ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ وَفِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْ حَتَّى تَقْبِضَ
الثَّمَنَ كَمَا فِي الصُّغْرَى فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ ،بِخِلَافِ لَا تَبِعْ
حَتَّى تَقْبِضَ .
لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ الْحُقُوقِ ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى
الْوَكِيلِ فَلَا يَمْلِكُ النَّهْيَ الْوَكِيلُ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفَ
كَالنَّافِذِ فَلَا يُنْهِيهَا .
وَتَمَامُهُ فِي نِكَاحِ الْجَامِعِالْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ
فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ رُجُوعِهِ ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ
يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِ مِائَةٍ ،
فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ ، تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ
الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ ، بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا
، وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ .
لَا يَصِحُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ إلَّا بِعِلْمِ
الْمُوَكِّلِ ، إلَّا الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِبَيْعِ
مَالِهِ ، ذَكَرَهُ فِي وَصَايَا الْهِدَايَةِ قُلْتُ
وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَانْحَصَرَ فِي
الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالْخُصُومَةِ
لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا
وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ ، مُتَبَرِّعًا ، إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا وَكَّلَهُ
فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ ، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ
وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ
الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدُ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ
وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ : لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ
بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ
وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ .
وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي
الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلَ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ
مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضَمِنَ لَا يُوَكِّلُ
الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ
الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأُ
الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا
وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ ، فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ
كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ
الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا
إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا
رُجُوعَ كَمَا فِي كَفَالَةِ الْخَانِيَّةِ وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ كَالْأَبِ
إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ :إذَا
بَاعَ وَكِيلُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ ، لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا بَاعَ مِنْ
ابْنِهِ ،وَفِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِ الِابْنَيْنِ مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ
بِخِلَافِ وَكِيلِهِ الْمَأْمُورِ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ
عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ
فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ
فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ . الْوَكِيلُ
إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ
إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ
لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْوَكَالَةُ لَا تَقْتَصِرُ
عَلَى الْمَجْلِسِ ، بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ ؛ فَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْهَا
لَا يَقْتَصِرُ ، وَطَلِّقْ نَفْسَكَ يَقْتَصِرُ ، إلَّا إذَا قَالَ إنْ شِئْتَ
فَيَقْتَصِرُ ، وَكَذَا طَلِّقْهَا إنْ شَاءَتْ ،كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
الْوَكِيلُ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ فَمَتَى كَانَ عَامِلًا
لِنَفْسِهِ بَطَلَتْ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْكَنْزِ : وَبَطَلَ تَوْكِيلُهُ
الْكَفِيلَ بِمَالٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَكَّلَ الْمَدْيُونَ
بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ .
وَيَصِحُّ عَزْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ
،بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ
عَبْدِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ
الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ
أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي
الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ ،
وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ .
الثَّانِيَةُ : الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ
دَارِهِ ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
الثَّالِثَةُ : الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ
الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ الرَّابِعَةُ : الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ
الدَّيْنِ كَذَلِكَ ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا ،وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ
فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى
نَفْسِهِ .
الْخَامِسَةُ : الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا
أَمْسَكَهُ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي
الْقُنْيَةِ .
السَّادِسَةُ :إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ
الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِبَتِهِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي
حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ
صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، كَمَا فِي
حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ
بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِالْوَصِيُّ فَإِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ
مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ ظَاهِرٌ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
وَكِيلًا فِي شِرَائِهِ لِلْغَيْرِ ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِالْآمِرُ
إذَا قَيَّدَ الْفِعْلَ بِزَمَانٍ ؛ كَبِعْ هَذَا غَدًا أَوْ أَعْتِقْهُ غَدًا ،
فَفَعَلَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ مَنْ
مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي شَيْءٍ مَلَّكَهُ فِي بَعْضِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ
عَبْدِهِ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَوَقَّفَ عِنْدَهُمَا ،
أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى
أَحَدَهُمَا صَحَّ ، أَوْ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ
قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا
كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى
نِصْفَهُ تَوَقَّفَ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِيَ كَمَا فِي الْكَنْزِ الْوَكِيلُ
إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ نَفَذَ
إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ التَّوْكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ صَحِيحٌ ؛ فَإِذَا
وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فُلَانًا فِي شِرَاءِ كَذَا فَفَعَلَ وَاشْتَرَى
الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ وَهُوَ عَلَى آمِرِهِ وَلَا
يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ .
الْوَكِيلُ إذَا كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مُطْلَقَةً
مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ
الْبَيْتِ . وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً .
الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ
وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ
غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ بَعَثَ
الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ ، فَإِنْ كَانَ رَسُولَ
الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ رَسُولَ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ
، وَقَوْلُ الدَّائِنِ ابْعَثْ بِهَا مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ رِسَالَةً لَهُ مِنْهُ ؛
فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ادْفَعْهَا إلَى
فُلَانٍ فَإِنَّهُ إرْسَالٌ ، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الدَّائِنِ وَبَيَانُهُ
فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ
الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ
الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ
لِمَدْيُونِهِ : مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ أَوْ
قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ مَالِي عَلَيْكَ إلَيْهِ ، يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ
وَكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ
الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا
يَدَّعِيهِ .
إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ
مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ
فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ ،وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ ،
وَفِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ
وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِعْتُهُ
أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ
بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ
الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ
قَائِمًا بِعَيْنِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا .
الْكُلُّ
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي
اخْتِلَافِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا
ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى ؛ قَالَ : فَلَوْ قَالَ كُنْتُ وَقَبَضْت فِي حَيَاةِ
الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ عَمَّا لَا
يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَكَانَ مُتَّهَمًا ، وَقَدْ بَحَثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ
يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَنْتَبِهْ بِمَا
فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ
الدَّيْنِ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا
، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ
عَنْ نَفْسِهِ ( انْتَهَى ) .
وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّوْكِيلِ
بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَكِيلِ
بِالْقَبْضِ أَنَّهُ قَبَضَ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ : الْوَكِيلُ
بِقَبْضِ الْقَرْضِ إذَا قَالَ قَبَضْتُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقْرَضُ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ
فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ . إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ ،
إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ .
إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي
صَحَّ اسْتِحْسَانًا ، إلَّا فِي الصَّرْفِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ .
أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ
يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ ، إلَّا فِي
الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِبَارَتُهُ ،
وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي .
الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ إلَى اثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ
أَحَدُهُمَا ، كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ وَالنَّاظِرَيْنِ
وَالْقَاضِيَيْنِ وَالْحَكَمَيْنِ وَالْمُودَعَيْنِ وَالْمَشْرُوطِ لَهُمَا
الِاسْتِبْدَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا
شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ فَإِنَّ
لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ دُونَ فُلَانٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ .
الْوَكِيلُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَ الْعِلْمِ
بِالْوَكَالَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ ، وَلَمْ
يُعْلِمْ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،
وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا
لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ ، بِخِلَافِ
مَا إذَا وُكِّلَ رَجُلٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ وَالْوَكِيلُ
بِالْوَكَالَةِ فَدَفَعَهَا لَهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ
أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا
كِتَابُ الْإِقْرَارِ
الْمُقَرُّ لَهُ إذَا كَذَّبَ الْمُقِرَّ بَطَلَ إقْرَارُهُ
، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ
كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ ،
وَيُزَادُ الْوَقْفُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا رَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ ،كَمَا
فِي الْإِسْعَافِ ، وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ وَالرِّقُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ
إلَّا عَلَى مُنْكِرٍ إلَّا فِي أَرْبَعٍ : فِي الْوَكَالَةِ،وَالْوِصَايَةِ
،وَفِي إثْبَاتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ
الْمُشْتَرِي،كَمَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ
بَاطِلٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ
فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ
يُعَيِّنْهُ قُبِلَ وَسَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ ،كَذَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ
الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ،
إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ
كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ
تُقْبَلْ ،كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ ، بِنَاءً
عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ
لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ .
إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ
مُكْرَهًا ، فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ كَمَا فِي
سَرِقَةِ الظَّهِيرِيَّةِ.
الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ ؛ فَلَا يَطِيبُ لَهُ
لَوْ كَانَ كَاذِبًا إلَّا فِي مَسَائِلَ ، فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ
وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ ، وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ
أَنْكَرَ يُحَلَّفُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ
مِلْكٍ ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ .
مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ ؛
كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمُرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ، وَمَنْ لَهُ
الْخِيَارُ .
وَتَفَارِيعُهُ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ : قُلْتُ فِي
الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ ،
فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا دُونَ الْإِخْبَارِ بِهَا .
الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى
التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَاف مِنْ
بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ .
الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ
وَفِي سَبَبِهِ،لَا أُقِرُّ لَهُ بِعَيْنٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً
أَوْ أَمَانَةً ، فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ لَكِنْ لِي
عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ
يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ ،وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ فَلَهُ
أَخْذُهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى مِلْكِهِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ خِلَافًا لِأَبِي
يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ فَلَهُ مِثْلُهَا
لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ ،كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .
الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ
إقْرَارُهُ ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَالْبَائِعُ
بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْنِ
لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي إقْرَارِهِ ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ
الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ
الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ ؛ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى
بَائِعِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ .
وَمِنْهُ مَا فِي الْجَامِعِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةً
فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ عَلَى الْكَفِيلِ ،كَانَ لَهُ
الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ .
وَخَرَجَتْ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَتَانِ فِي قَضَاءِ
الْخُلَاصَةِ يَجْمَعُهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ
لَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لَهُ .
الْأُولَى : لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ
الْبَائِعَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَضَى
بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ حَتَّى
يَعْتِقَ عَلَيْهِ
.
الثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ
أَوْ الْإِبْرَاءَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَجَحَدَ وَحَلَفَ وَقَضَى لَهُ
بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ الْغَرِيمُ مُكَذَّبًا حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ
تُقْبَلُ.
وَزِدْتُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ
لِلْبَائِعِ صَرِيحًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِبَيِّنَةٍ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ ، لَمْ
يَبْطُلْ إقْرَارُهُ ، فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ
يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ .
الثَّانِيَةُ : وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ وَفُطِمَ
بَعْدَ الْمُدَّةِ وَفَرَضَ الْقَاضِي لَهُ النَّفَقَةَ وَلَهَا بَيِّنَةٌ ثُمَّ
حَضَرَ الْأَبُ وَنَفَاهُ لَاعَنَ وَقُطِعَ النَّسَبُ .
وَلَهَا أُخْتَانِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ
الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ
عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ، أَوْ بِوَقْفِيَّةِ دَارٍ ثُمَّ
اشْتَرَاهَا كَمَا لَا يَخْفَى ، وَمَسْأَلَةُ الْوَقْفِ مَذْكُورَةٌ فِي
الْإِسْعَافِ قَالَ
: لَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ
ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ
طَرَفًا مِنْ مَسَائِلِ الْمُقِرِّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا
وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي
الْوَصِيَّةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَهِيَ : رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ
أَعْبُدٍ وَلَهُ ابْنٌ فَقَطْ ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ
بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ ، فَأَنْكَرَ الِابْنُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى
لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ بُزَيْغٌ ، فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى بِسَالِمٍ ، وَلَا
يَبْطُلُ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِبُزَيْغٍ ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَارِثُ
بِبُزَيْغٍ صَحَّ ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا
مَسْأَلَةً تُخَالِفُهَا فَلْتُرَاجَعْ قَبْلَ قَوْلِهِ وُلِدَ .
الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى
إلَى غَيْرِهِ ، فَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِهِ لَا
تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ
بِدَيْنٍ فَلِلدَّائِنِ حَبْسُهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَلَوْ أَقَرَّ
الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَيْنِ فَلَهُ
بَيْعُهَا لِقَضَائِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ ، وَلَوْ أَقَرَّتْ
مَجْهُولَةُ النَّسَبِ بِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا الْأَبُ
انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ ،
وَلَوْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ
، وَإِذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ وَلَهُ أَخٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ
وَتَعَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِكَوْنِهِ لِلِابْنِ ،
وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ حُرَّةٍ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ
صَحَّتْ ، وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ أَخِيهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ ، بَاعَ
الْمَبِيعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَصَدَّقَهُ
الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْجَامِعِ
الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ
الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ
شَيْءٌ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ وَعَلَى هَذَا
أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ
وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا ،
مَثَلًا : لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ .
فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا
نِصْفَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا ، وَلَكِنْ لَا
بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة
مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ
أَلْفَ دِرْهَمٍ ، قَرْضًا أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ ،
صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَبِيعِ
وَالْقَرْضِ وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ ، لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ
أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي
الْجُمْلَةِ ( انْتَهَى ) .
وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ
صَحِيحٌ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَإِنْ
بَيَّنَ مَا لَا يَصْلُحُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ ، لِكَوْنِهِ مُحَالًا .
يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَا لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ
،فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ
الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حِينَ
وَجَبَ .
وَجَبَ مُؤَجَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ ، وَلَا يَمْلِكُ
الْمَقْذُوفُ الْعَفْوَ عَنْ الْقَاذِفِ ، وَلَوْ قَالَ الْمَقْذُوفُ كُنْتُ
مُبْطِلًا فِي دَعْوَايَ سَقَطَ الْحَدُّ ، كَذَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة
مِنْ حِيَلِ الْمُدَايَنَاتِ .
وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ
الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ ، وَلَوْ جَعَلَهُ
لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ
: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْوَارِثِ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ
وَارِثٍ آخَرَ ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ فِي مَرَضِ
مَوْتِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ ، كَمَا فِي
حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ
لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَارِثِ .
فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ
مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبُوهَا لَا
حَقَّ لَهَا فِيهَا ، وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ ، وَلَا
تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا فِيهَا مُسْتَنِدًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ ؛ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ
مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ
دَيْنٌ ،
وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ
كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا ، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى
هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ(انْتَهَى).
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ
: قَالَتْ فِيهِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي مَهْرٌ ، أَوْ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ
لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ
اللَّهُ ( انْتَهَى
) .
وَفِيهَا قَبْلَهُ : وَإِبْرَاءُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ
فِيهِ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ
يَدَّعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْقَضَاءِ .وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا
الْإِقْرَارُ .
وَفِي الْجَامِعِ إقْرَارُ الِابْنِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ
لَهُ عَلَى وَالِدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أُمِّهِ صَحَّ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ
أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُوَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ ( انْتَهَى ) .
فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا ،وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ : قَوْلُهَا فِيهِ لَا مَهْرَ لِي عَلَيْهِ
أَوْ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ مَهْرٌ .
قِيلَ لَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ يَصِحُّ .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ( انْتَهَى ) .
لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ لِظُهُورِ أَنَّهُ
عَلَيْهِ غَالِبًا
.
وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ .
وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ
أَيْضًا بَعْدَهُ : ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَدُيُونًا وَدِيعَةً فَصَالَحَ مَعَ
الطَّالِبِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ
أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي
مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَإِنْ بَرْهَنُوا أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِنَا عَلَيْهِ
أَمْوَالٌ لِكَنَّةِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ ،
وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَاهُ ؛
فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَانَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا
بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ تُسْمَعُ ( انْتَهَى ) .
لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِتَقَدُّمِ
الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ مَعَهُ عَلَى يَسِيرٍ ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ
عَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى التُّهْمَةِ .
وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ :
أَقَرَّ فِيهِ بِعَبْدٍ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ، فَإِنْ صَدَّقَهُ
الْوَارِثُ فِيهِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْعِتْقُ مِنْ
الثُّلُثِ ( انْتَهَى ) .
لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ مِنْ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ
لَمْ يَكُنْ لِي أَوْ لَا حَقَّ لِي ؛ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ
فَمَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ؛ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَبْضِ
دَيْنٍ مِنْهُ أَوْ إبْرَاءٍ .
إلَّا فِي ثَلَاثٍ : لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ
مَعْرُوفَةٍ ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً ، أَوْ
بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ .
كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ
بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةَ .
وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ
الْبَعْضِ .
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ
هَذَا الْكِتَابِ ،وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ ، مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ
كَلَامِهِمْ وَفَهْمِهِ ، أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ
خَطَأٌ كَمَا سَمِعْتُهُ ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْإِقْرَارَ هَهُنَا بِأَنَّ
الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَإِنَّهُ عِنْدِي عَارِيَّةٌ
بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ
الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا
لِفُلَانٍ ،فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ فِي جِنَايَاتِ
الْبَزَّازِيَّةِ
.
ذَكَرَ بَكْرٌ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ
يَجْرَحْهُ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ ، إنْ كَانَ جُرْحُهُ
مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ
إشْهَادُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ يَصِحُّ
إشْهَادُهُ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ
أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ
حَقُّ الْمَيِّتِ إلَى آخِرِهِ .
ثُمَّ قَالَ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ الْمَقْذُوفُ :
لَمْ يَقْذِفْنِي فُلَانٌ .
إنْ لَمْ يَكُنْ قَذْفُ فُلَانٍ مَعْرُوفًا يُسْمَعُ
إقْرَارُهُ وَإِلَّا لَا ( انْتَهَى ) .
الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ
فِي الصِّحَّةِ .
إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ
لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ ، لَا الصِّحَّةُ
كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ
فِي الْمُضَارَبَةِ ،لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي
الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ ، إنَّهَا خَمْسُ مِائَةٍ ، لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ
ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ ( انْتَهَى ) . اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ
لِلْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ ،فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى
أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ ، أَوْ فِي كَوْنِهِ فِي الصِّغَرِ أَوْ الْبُلُوغِ
فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّغَرِ .
كَذَا فِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ . وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ
أَوْ عَتَقَ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ صَغِيرًا فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَإِنْ أَسْنَدَ إلَى
حَالِ الْجُنُونِ ، فَإِنْ كَانَ مَعْهُودًا قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا . مَاتَ الْمُقَرُّ
لَهُ فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْمُقَرَّ
لَهُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ أَوْ كَذَّبَهُ تُقْبَلُ ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَقَرَّ
فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَيْءٍ وَقَالَ كُنْتُ فَعَلْتُهُ فِي الصِّحَّةِ كَانَ
بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ إلَى زَمَنِ
الصِّحَّةِ . قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : لَوْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ
فِيهِ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَ
الثَّمَنَ وَادَّعَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْبَيْعِ وَلَا
يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ .
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى اسْتِيفَاءِ
الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ مَرَضِهِ ( انْتَهَى ) .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ . مَجْهُولُ
النَّسَبِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ
وَصَارَ عَبْدَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَأَكُّدِ حُرِّيَّتِهِ بِالْقَضَاءِ ، أَمَّا بَعْدَ
قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَدٍّ كَامِلٍ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ
لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِذَا صَحَّ إقْرَارُهُ
بِالرِّقِّ فَأَحْكَامُهُ بَعْدَهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ أَحْكَامُ
الْعَبِيدِ ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ ، وَفِي الْمُنْتَقَى ؛
يُصَدَّقُ إلَّا فِي خَمْسَةٍ : زَوْجَتِهِ ، وَمُكَاتَبِهِ ،
وَمُدَبَّرِهِ ، وَأُمِّ وَلَدِهِ ، وَمَوْلَى مُعْتَقِهِ .
أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا
تُقْبَلُ إلَّا بِبُرْهَانٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى
بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ ؛
لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ يَقْبَلُ النَّقْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ ، كَمَا
فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ
دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ لِغَيْرِالْمَحْكُومِ لَهُ ، وَلَا بُرْهَانُهُ كَمَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ مِمَّا
يَتَعَدَّى
فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ لِمَجْهُولٍ ، أَنَّهُ
ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَحَكَمَ بِهِ بِطَرِيقَةٍ
لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ ابْنٌ لِغَيْرِ الْعَبْدِ
الْمُقِرِّ ، وَهِيَ تَصْلُحُ حِيلَةً لِدَفْعِ دَعْوَى النَّسَبِ ، وَشَرَطَ فِي
التَّهْذِيبِ تَصْدِيقَ الْمَوْلَى ، وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ الدَّعْوَى : سُئِلَ
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَاقْتَسَمَهُ الْوَارِثُونَ
، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ كَانَ أَبِي ، وَأَثْبَتَ
النَّسَبَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالشُّهُودِ وَأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ
، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ .فَيَقُولُ لَهُ الْوَارِثُونَ :
بَيِّنْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ نَكَحَ أُمَّكَ .هَلْ يَكُونُ هَذَا
دَفْعًا ؟
فَقَالَ : إنْ قَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ نَسَبِهِ ثَبَتَ
نَسَبُهُ وَبُنُوَّتُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ ( انْتَهَى ) .
جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا
فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ : لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَمَعَ
بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ
يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًاأَوْ مُكَاتَبًاكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ .
الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا قَالَ
عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
ثُمَّ قَالَ :عَلَيَّ
مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ
لَا ( انْتَهَى ) .
إذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ لَزِمَهُ بَيَانُهُ إلَّا إذَا
قَالَ لَا أَدْرِي عَلَيَّ لَهُ سُدُسٌ أَمْ رُبُعٌ ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ
الْأَقَلُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ . إذَا تَعَدَّدَ الْإِقْرَارُ
بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ ؛
لَوْ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ وَكَانَ
لَهُ ابْنَانِ ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ ، وَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ ؛ وَكَذَا
الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ فَهِيَ ثَلَاثٌ ،كَمَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ
الْمُفْتِي .
إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ
يَلْزَمْهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ
بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ الْمَهْرَ ، عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ
الْفَقِيهِ ، وَيُجْعَلُ زِيَادَةً إنْ قَبِلَتْ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ
قَصْدِهَا كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ
لَهَا كِسْوَةً مَاضِيَةً ، فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إنَّهَا
تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهَا إذَا ادَّعَتْ ،
فَإِنْ ادَّعَتْهَا بِلَا قَضَاءٍ وَلَارِضَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهَا لِلسُّقُوطِ
وَإِلَّا سَمِعَهَا وَلَا يَسْتَفْسِرُالْمُقِرَّ(انْتَهَى).
يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ
حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ فَتَلْزَمُهُ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا
صَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَرِضَاءٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ
الْمُطْلَقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَلْزَمَهُ .
كِتَابُ الصُّلْحِ
الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ ،إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ
كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .
الْأُولَى : مَا إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ
وَقَبَضَهُ ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ .
الثَّانِيَةُ :لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ
بَطَلَ الصُّلْحُ وَفِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ لَا(انْتَهَى)
وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ : لَوْ صَالَحَهُ عَنْ شَاةٍ
عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ ،يُجِيزُهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ
رَحِمَهُ اللَّهُ
.
وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ .
وَعَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا .
كَمَا فِي الشَّرْحِ ، مَعَ أَنَّ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى
ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ .الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ لَا
يَلْزَمُ ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ : فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
أَجَّلَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ
لِلْآخِذِ صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ . أَجَّلَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ زَوْجَهَا
بَعْدَ الْحُلُولِ صَحَّ وَلَهَا الرُّجُوعُ .
اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمْهَلَهُ الْمُدَّعِي
صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ .
الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ فَلَا يَصِحُّ مَعَ
الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ ؛ إذْ لَا نِزَاعَ وَيَصِحُّ بَعْدَ حَلِفِ
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ، وَلَوْ
بَرْهَنَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ عَلَى أَصْلِ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِي صُلْحِ
الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا صَالَحَ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ
وَجَدَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَأَقَامَهَا
تُقْبَلُ ، وَلَوْ طُلِبَ يَمِينُهُ لَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ
الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ
الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ ،كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ
وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي
الدَّعْوَى ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ .
الصُّلْحِ لَمْ تُقْبَلْ ، وَإِنْ بَعْدَهُ تُقْبَلْ ،
وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ بَطَلَ الثَّانِي إذْ الصُّلْحُ بَعْدَ
الصُّلْحِ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ .
الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ
، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ، وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ
الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ
فَلْيُحْفَظْ ،وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا
لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ
وَاجِبٌ .
فَيُقَالُ إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .
صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ
صَحِيحٌ لَا بَيْعُهُ
.
وَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينِ
الْأَمَةِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَبَيَانُهُ فِي حِيَلِ
التَّتَارْخَانِيَّة
. طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى لَا
يَكُونُ إقْرَارًا ،وَطَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ يَكُونُ
إقْرَارًا .
الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَرْفَعُ
النِّزَاعَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى ، إلَّا إذَا قَالَ : صَالَحْتُكَ
عَلَى كَذَا وَأَبْرَأْتُك عَنْ الْبَاقِي .
الصُّلْحُ إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ
إجَارَةً ، وَلَوْ كَانَ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَّا إذَا
صَالَحَهُ عَلَى غَلَّتِهِ أَوْ غَلَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ
كَثَمَرَةِ النَّخْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ
عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ
فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَالْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ
وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ،الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ
إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ
الْحَدِّ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ إذَا كَانَ قَبْلَ
الْمُرَافَعَةِ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَالَحَ الْمَحْبُوسَ ثُمَّ ادَّعَى
أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي ؛
لِأَنَّ الْغَالِبَ حَبْسُهُ ظُلْمًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ . الصُّلْحُ
يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالنَّقْضَ إلَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ عَلَى
خَمْسَةٍ . كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
ادَّعَى فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ
لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ
كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ
إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ
عَمِلَ ، إلَّا فِي الْوَصِيِّ يَأْخُذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً
فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَمِلَ .كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ .
إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ
الْمَالِ أَوْ عَكْسُهُ فَلِلْمُضَارِبِ ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ
إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ : شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ
الْمُضَارِبُ : الثُّلُثَ ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ
مِنْ الْبُيُوعِ ، لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا
يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،وَلِلْمُضَارِبِ
الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ إلَيْهِ التُّجَّارُ
وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ . لَا يَتَجَاوَزُ الْمُضَارِبُ
مَا عَيَّنَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَّا إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِسُوقٍ بِخِلَافِ
التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ بِأَهْلِ بَلَدٍ كَأَهْلِ
الْكُوفَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ .
الْمُضَارَبَةُ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ
فَتَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ ، تُصْرَفُ أَوَّلًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا
صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا .
إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا
تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ صَحَّ نَهْيُهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ .
أَطْلَقَهَا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ عَمِلَ نَهْيَهُ
إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ .
كِتَابُ الْهِبَةِ
هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا
إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ .
قَبُولُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْهِبَةَ صَحِيحٌ إلَّا
إذَا وَهَبَ لَهُ مَا لَا نَفْعَ لَهُ وَتَلْحَقُهُ مُؤْنَتُهُ ، فَإِنَّ
قَبُولَهُ بَاطِلٌ وَيُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ .
تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ
بَاطِلٌ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ ، وَمِنْهُ لَوْ وَهَبَتْ مِنْ
ابْنِهَا مَا عَلَى أَبِيهِ لَهَا .فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ لِلتَّسْلِيطِ .
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَضَى دَيْنَ
غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَهُ لَمْ يَجُزْوَلَوْ كَانَ وَكِيلًا
بِالْبَيْعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّ
الدَّائِنُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِيهِ فَهُوَ صَحِيحٌ
، لِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَا تَمْلِيكًا ، وَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وِلَايَةُ
قَبْضِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الْهِبَةُ تَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ فِي
الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِكَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لَا جَبْرَ عَلَى
النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا : نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ .
وَالثَّانِيَةُ : الْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا يَجِبُ عَلَى
الْوَارِثِ دَفْعُهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مَعَ أَنَّهَا
صِلَةٌ .
الثَّالِثَةُ : الشُّفْعَةُ ؛ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي
تَسْلِيمُ الْعَقَارِ إلَى الشَّفِيعِ مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ ، وَلِذَا
لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ
الشَّهِيدِ مِنْ النَّفَقَاتِ .
قُلْتُ الرَّابِعَةُ : مَالُ الْوَقْفِ يَجِبُ عَلَى
النَّاظِرِ تَسْلِيمُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ صِلَةٌ مَحْضَةٌ إنْ
لَمْ يَكُنْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ وَإِلَّا فَفِيهِ شَائِبَتُهَا .
كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ:
إذَا قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي
عَلَيْكَ كَانَ إبْرَاءً عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ، إلَّا إذَا
طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ طَالِبْ الْأَصِيلَ ، فَقَالَ لَا تَعَلُّقَ
لِي عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي
الْقُنْيَةِ .
الْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ:
الْأُولَى : إذَا أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ
عَلَيْهِ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي
فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ
كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَالَةِ ، وَقِيلَ يَرْتَدُّ .
الرَّابِعَةُ : إذَا قَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ
.كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ .
الْإِبْرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ إلَّا فِي
الْإِبْرَاءِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ الْإِبْرَاءُ
بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْقَضَاءِ
الْمُطَالَبَةُ لَا أَصْلُ الدَّيْنِ ، فَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا أَدَّاهُ
إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ ، وَإِذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ فَلَاوَاخْتَلَفُوا
فِيمَا إذَا أَطْلَقَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ ،وَصَرَّحَ بِهِ
ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مِنْ الْهِبَةِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ
الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ .
فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ وَرَجَعَ
عَلَيْهَا .
وَحَكَى فِي الْمَجْمَعِ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ
الْمُحْتَالِ الْمُحِيلَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ .
فَأَبْطَلَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً عَلَى
أَنَّهَا نَقْلُ الدَّيْنِ ، وَصَحَّحَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً
عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ .
وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ
دَيْنٍ عَنْ إنْسَانٍ ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ
الْإِسْقَاطِ فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا تَبَرَّعَ
بِهِ(انْتَهَى)
وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا
مَسَائِلُ :
مِنْهَا لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْ
الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا بِخِلَافِ هَلَاكِهِ بَعْدَ الْإِيفَاءِ
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
وَمِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ
مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ
فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ
الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ .
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ كَذَا فِي
وِكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
هِبَةُ الدَّيْنِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَّا فِي
مَسَائِلَ :
مِنْهَا لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ
الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ لَمْ يَرْجِعْ .
وَمِنْهَا فِي الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ .
وَمِنْهَا تَوَقُّفُهَا عَلَى الْقَبُولِ عَلَى قَوْلٍ
بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ .
وَمِنْهَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ
وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ : قِيلَ لَا تُقْبَلُ وَبَيَانُهُ فِي
الْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ
وَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ
لِلْأَوَّلِ نَحْوُ إنْ أَدَّيْتُ إلَيَّ غَدًا كَذَا فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ
الْبَاقِي ، وَإِذَا ، وَمَتَى كَانَ ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمَعْنَى الشَّرْطِ
لِلثَّانِي نَحْوُ قَوْلِهِ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ
إلَيَّ غَدًا كَذَا
.
وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ بَابِ
الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ ، وَلِلْأَوَّلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلِلثَّانِي لَا
يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ .
وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمَجْهُولِ لِلثَّانِي ، وَلَوْ
قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونَيْهِ أَبْرَأْتُ أَحَدَكُمَا لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي .
ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ
وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ مَدْيُونَ مُوَرِّثِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْتِهِ
ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا ، فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ وَكَذَا
بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ بَاعَ عَيْنًا
قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ ظَهَرَ مَوْتُهُ صَحَّ كَمَا
صَرَّحُوا بِهِ ، فَهُنَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ، وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونَ
بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ قَالُوا صَحَّ التَّوْكِيلُ نَظَرًا إلَى جَانِبِ
الْإِسْقَاطِ ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى جَانِبِ التَّمْلِيكِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ
وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ
وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ عَامِلٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ
بَرَاءَةُ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ
وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ
تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ
.
كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ
فَكُرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ سُكْنَى الْمَرْهُونَةِ بِإِذْنِ
الرَّاهِنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ
لَا يَقِفُ فِي ظِلِّ جِدَارِ مَدْيُونِهِ ، فَذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ كَذَا فِي كَرَاهَتِهَا
الْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ
دَيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَدَفَعَ شَيْئًا فَالتَّعْيِينُ لِلدَّافِعِ إلَّا
إذَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَعْيِينُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ ،
وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا فَأَدَّى شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِنْ نِصْفِهِ ، فَإِنْ
كَانَ التَّعْيِينُ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالَّا أَوْ بِهِ رَهْنٌ
أَوْ كَفِيلٌ وَالْآخَرُ لَا ، صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ،
وَلَوْادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ
الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ
ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الْمَهْرِ ، وَقَالَتْ هَدِيَّةٌ
فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي الْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ كَذَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ .
كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ
تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ :
الْأُولَى : الْقَرْضُ .
الثَّانِيَةُ : الثَّمَنُ عِنْدَ الْإِقَالَةِ .
الثَّالِثَةُ : الثَّمَنُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَهُمَا فِي
الْقُنْيَةِ .
الرَّابِعَةُ : إذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ الْمُسْتَقْرِضُ
فَأَجَّلَ الدَّائِنُ الْوَارِثَ .
الْخَامِسَةُ : الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ
بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي .
السَّادِسَةُ : بَدَلُ الصَّرْفِ .
السَّابِعَةُ : رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ .آخِرُ
الدَّيْنَيْنِ قَضَاءً لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفٌ قَرْضٌ فَبَاعَ مِنْ
مُقْرِضِهِ شَيْئًا بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ
دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ .
وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْجَامِعِ
. الْقَرْضُ لَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي وَصِيَّةٍ كَمَا ذَكَرُوهُ
قُبَيْلَ الرِّبَا ،
وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْحُودًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ
تَأْجِيلُهُ كَمَا فِي صَرْفِ الظَّهِيرِيَّةِ ،
وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ
ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ ،
وَفِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُقْرِضُ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ
فَأَجَّلَهُ الْمُسْتَقْرِضُ كَذَا فِي مُدَايِنَاتِ الْقُنْيَةِ .
الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ إذَا أَبْرَأَ وَلَمْ يُضِفْ
إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى .
الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِحَقٍّ
قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ
لَمْ يَبَرَّ كَمَا فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى ؛ الْفَتْوَى عَلَى
أَنَّهُ يَبْرَأُ قَضَاءً وَدِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : أَحَالَتْ إنْسَانًا
عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ
الْمَهْرِثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ
الدَّفْعِ لَا تَصِحُّ .
قَالَ أُسْتَاذُنَا :وَلَهُ ثَلَاثُ حِيَلٍ إحْدَاهَا
شِرَاءُ شَيْءٍ مَلْفُوفٍ مِنْ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ قَبْلَ الْهِبَةِ .
وَالثَّانِيَةُ صُلْحُ إنْسَانٍ مَعَهَا عَنْ الْمَهْرِ
بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ قَبْلَ الْهِبَةِ .
وَالثَّالِثَةُ هِبَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنٍ صَغِيرٍ لَهَا
قَبْلَ الْهِبَةِ ( انْتَهَى )
وَفِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ
الدَّيْنِ مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ .
الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ
الْأَجَلِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى تَسْلِيمِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ
الْمَدْيُونِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ.
هَكَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكَفَالَةِ وَهِيَ أَيْضًا
فِي الْخَانِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ : عَلَيْهِ
بُرٌّ مَشْرُوطٌ تَسْلِيمُهُ فِي بُولَاقَ فَلَقِيَهُ الدَّائِنُ بِالصَّعِيدِ
وَطَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِيهِ مُسْقِطًا عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ
،فَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالصَّعِيدِ
، وَلَكِنْ نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ قَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ ، وَظَاهِرُهُمَا
تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ إلَّا لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ يُقِيمَ الْمَدْيُونُ
بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ
.
وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ ؛
لِأَنَّ وَإِنْ أَسْقَطَ عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ فَقَدْ لَا
يَتَيَسَّرُ لَهُ بُرٌّ بِالصَّعِيدِ .
إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ دَيْنَهُ لِفُلَانٍ صَحَّ وَحُمِلَ
عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَنْهُ وَلِهَذَا كَانَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُقِرِّ
وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَى أَيِّهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَالْبَزَّازِيَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ :
الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِفُلَانٍ أَوْ لِوَالِدِي فَإِنَّهُ لَا
يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقُنْيَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ
إمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَكِيلُهُ فِي سَبَبِ الْمَهْرِ كَمَا لَا
يَخْفَى ، وَالْحِيلَةُ فِي أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَلَا إبْرَاؤُهُ
مِنْهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَذْكُورَةٌ فِي فَنِّ الْحِيَلِ مِنْهُ وَفِي وَكَالَةِ
الْبَزَّازِيَّةِ
.
لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ لَا
تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ النَّفَقَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ ، بِخِلَافِ
سَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ فَصَارَ كَاخْتِلَافِ
الْجِنْسِ فَشَابَهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْحَقَّيْنِ جَيِّدًا وَالْآخَرُ
رَدِيئًا .
لَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِلَا تَرَاصٍّ .
عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودَعِ عَلَيْهِ دَيْنٌ
مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ لَمْ تَصِرْ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَا
وَبَعْدَ الِاجْتِمَاعِ لَا تَصِيرُ قِصَاصًا مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ قَبْضًا ، وَإِنْ
فِي يَدِهِ يَكْفِي الِاجْتِمَاعُ بِلَا تَجْدِيدِ قَبْضٍ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ
وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ قِيَامِهِ فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ
( انْتَهَى ) .
إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّيْنِ وَبَيِّنَةُ
الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ ،
وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ قُدِّمَتْ
بَيِّنَةُ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ.
كِتَابُ الْإِجَارَاتِ
فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ بَابِ الِاسْتِصْنَاعِ
:وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَجَازَهَا
الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ ، وَإِنْ
كَانَ بَعْدَهُ فَلَا ،وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَالْكُلُّ لِلْمَالِكِ
عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْمَاضِي
لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ ( انْتَهَى )
الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا
إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِحِمَايَةٍ كَمَا فِي
التَّتَارْخَانِيَّة وَالْقُنْيَةِ.
التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَّا
فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلَا
تَجِبُ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ .
وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ
فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالتَّمَكُّنِ.
الثَّانِيَةُ : إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ
خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَافَلَا أَجْرَ لَهُ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي
الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا .
الثَّالِثَةُ : إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ
بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لِبْسٍ ، لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا
بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ لَتَخَرَّقَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَتَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي
زَمَانِ إمْسَاكِهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُهَا ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ
الْأَجْرُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إمْسَاكِهَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا
اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ إمْسَاكِهَا .
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ.
الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ
غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَخْذٌ ، فَإِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ
تَصِحَّ ،وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ ، وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا
كَمَا لَوْ رَخُصَتْ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ
بِعُمُومِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا ،فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةِ
فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ
لَهُ ،لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِذَا ادَّعَى
رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ
وَالْأَمَانَةِ ، فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَسَخَهَا ، وَالْوَاحِدُ
يَكْفِي عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى،كَمَا فِي
وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ .
وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ
أَنَّهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ،وَإِلَّا فَإِنْ
كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ ،وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أُجْرَةِ
الْمِثْلِ الْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا الْقَاضِي ،كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ
الْوَسَائِلِ ، ثُمَّ يُؤَجِّرُهَا مِمَّنْ زَادَ ،فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ
حَانُوتًا عَرَضَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ
وَكَانَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ
الْمُدَّةِ ، وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا
إضْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا
آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا ؛ فَإِنْ كَانَتْ فَارِغَةً عَنْ
الزَّرْعِ فَكَالدَّارِ ، وَإِنْ مَشْغُولَةً لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا لِغَيْرِ
صَاحِبِ الزَّرْعِ ، لَكِنْ تُضَمُّ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِهَا عَلَى
الْمُسْتَأْجِرِ ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَا بَنَى
أَوْ غَرَسَ ، فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مُشَاهَرَةً فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ
لِغَيْرِهِ إذَا فَرَغَ الشَّهْرُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا ، وَالْبِنَاءُ
يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ لِلْوَقْفِ أَوْ
يَصْبِرُ حَتَّى يَتَخَلَّصَ بِنَاؤُهُ ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً
لَمْ تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُضَمُّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ
كَالزِّيَادَةِ وَبِهَا زَرْعٌ ،وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي
نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى .
هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ
كَلَامِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ
إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ ،
صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا ، فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ
حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُصَرِّحًا
بِأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسَ الْعَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَجَّلَهُ ،
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّهُ فِيمَا
إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ .
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ
جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا تَنْفَسِخُ بِغَيْرِ
عُذْرٍ إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ كَالِاسْتِكْتَابِ
فَلِصَاحِبِ الْوَرَقِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ .
وَأَصْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ .
لِرَبِّ الْبَذْرِ الْفَسْخُ دُونَ الْعَامِلِ ، وَمِنْ
أَعْذَارِهَا الْمُجَوِّزَةِ لِفَسْخِهَا الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ، لَا
وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا ، فَلَهُ فَسْخُهَا وَضَمِنَ بَيْعَهَا إلَّا
إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَالَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ
لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ ،
وَإِلَّا جَازَ صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ بِبَيَانِ الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ .
أَجَّرَ الْغَاصِبُ ثُمَّ مَلَكَ نَفَذَتْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا
لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ جَازَ وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ
بَيَّنَ الْمُدَّةَ اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ
فَقَطْ أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ اسْتَأْجَرَ
نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ ، وَلِغَيْرِهَا جَازَ كَالِاسْتِئْجَارِ
لِكِتَابَةٍ أَوْ لِغِنَاءٍ أَوْ لِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ .
اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ
وَقَّتَ.
اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا لَمْ يَجُزْاسْتَأْجَرَ
شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ جَدْيَيْهِ لَمْ يَجُزْ اسْتَأْجَرَ إلَى
مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ
جَائِزَةٌ .
دَفَعَ دَارِهِ إلَى آخَرَ لِيُرَمِّمَهَا وَلَا أَجْرَ
عَلَيْهِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ.
الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا ، إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ
، وَقِيلَ لَا .
اسْتَأْجَرَ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ شَهْرٍ
بِكَذَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ وَيَضْمَنُهَا ، وَلَوْ لَيُزَيِّنَ بِهَا
جَازَتْ إنْ وَقَّتَ
.
وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ بِأَجْرٍ
عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَهُ ،وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا ،
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مُطْلَقًا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ : لِقَائِلٍ أَنْ
يَقُولَ بِالْجَوَازِ وَيَنْصَرِفُ إلَى شَدِّ الثِّيَابِ عَلَيْهَا أَوْ الدَّابَّةِ
، وَبِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا الثَّمَرَةُ .
دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِالنِّصْفِ
فَسَدَتْ كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا .
يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ
وَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَتَطْيِينِ الدَّارِ وَمَرَمَّتِهَا وَتَغْلِيقِ الْبَابِ
وَإِدْخَالِ جِذْعٍ فِي سَقْفِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ
الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي
السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ فَطَلَبَ مِنْهُ أَجْرًا فَالْعِبْرَةُ
لِعَادَتِهِمْ ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ اسْتَأْجَرَ
شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَانْتَفَعَ بِهِ فِي الْمِصْرِ ،
فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا .
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَسَاقَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَعَلَيْهِ
الْأَجْرُ إلَّا لِعُذْرٍ بِهَاالْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ
، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ
وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ
الْقِيمَةَ ، إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ أَعْطَاهُ بِحِسَابِهِ مِنْ
الْمُسَمَّى اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا وَجَبَ الْأَجْرُ وَقِيمَتُهُ ، لَوْ
هَلَكَ حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ وَجَبَ
لَهُمَا كُلُّهُ ، وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ قَصَرَ الثَّوْبَ
الْمَجْحُودَ فَإِنْ قَبِلَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا
الصَّبَّاغُ وَالنَّسَّاجُ .
لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ بِلَا
خِيَاطَةٍ .
الصَّيْرَفِيُّ بِأَجْرٍ إذَا ظَهَرَتْ الزِّيَافَةُ فِي
الْكُلِّ اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِأَنَّهُ لَمْ
يَفْعَلْ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ دَفَعَ
الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِصِنَاعَةٍ ؛
إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا أَجَّرَتْ
دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ سَكَنَا فِيهَا فَلَا أَجْرَ .
مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ
وَلَا أَجْرَ لِمَنْ دَلَّهُ .
إنْ دَلَلْتنِي عَلَى كَذَا فَلَكَ كَذَا فَدَلَّهُ ،
فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَشْيِ لِأَجْلِهِ .
وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ :
مَنْ دَلَّنَا عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ .
وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى .
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا عَقْدَ
إجَارَةٍ هُنَا .
وَلِهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى
الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ بَيَّنَ الْمَوْضِعَإجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ
وَالْمُحَامِي وَنَحْوِهَا جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ .
السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضَاءٌ وَقَبُولٌ .
قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى وَإِنَّمَا
أَرْضَى بِكَذَا ، فَسَكَتَ الْمَالِكُ فَرَعَى لَزِمَتْهُ .
وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا
فَانْتَقِلْ فَسَكَنَ لَزِمَهُ مَا سَمَّى الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ
عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَاصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ .
وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا
بَعْدَهُ
لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ الذَّهَابُ مَعَهَا وَلَا
إرْسَالُ غُلَامٍ مَعَهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْآجِرَ بِتَخْلِيَتِهَا .
اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ حَوْضٍ ، عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ ،
وَبَيَّنَ الْعُمْقَ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ لَهُ رُبُعُ الْأَجْرِ
لِأَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْعَشَرَةِ مِائَةٌ ،وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ
خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ لَهُ رُبُعُ الْعَمَلِ
اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ قَبْرٍ فَحَفَرَهُ فَدَفَنَ فِيهِ
غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ.
بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَك كَذَا فَبَاعَ فَلَهُ أَجْرُ
الْمِثْلِ .
مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ .
اكْتَرَاهَا بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ إنْ
مُتَفَاوِتًا لَمْ تَصِحَّ ، وَإِلَّا صَحَّتْ دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ أَوْ
إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ أَجَّرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا
عَارِيَّةٌ . أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي
وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ
اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا مَعَهُ فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا الْمُسْتَأْجِرُ
إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ بِلَبِنٍ فَلَهُ رَفْعُهُ ، وَإِنْ
بِتُرَابِهَا فَلَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا
يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ .
تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ لِطَعَامِ الْمُعَيَّنِ
بِبَيَانِ الْمُدَّةِ ، وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ .
شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ
مَحْطُوطٌ عَنْهُ صَحِيحٌ ، لَا أَنْ يَحُطَّ كَذَا ، وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ
كَوْنِهِ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ
عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً .
أُجْرَةُ حَمَّالِ حِنْطَةِ الْقَرْضِ عَلَى مَنْ
اسْتَأْجَرَهُ إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ
امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ أَجْرُ
نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ
السَّاكِنُ لِلْعَيْبِ .
وَكَذَا إصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينُ السَّطْحِ
وَنَحْوُهُمَا لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ
وَإِخْرَاجِ تُرَابِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَكُنَاسَتِهِ وَرَمَادِهِ ، لَا
تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ .
رَدُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَاجِبٌ فِي
مَكَانِ الْإِجَارَةِ
الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ
انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ
الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ
لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ وَلَا تَنْقُصُ الْأُولَى .
النُّقْصَانُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ إذَا
كَانَ يَسِيرًا جَائِزٌ .
أَجَّرَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ ،فَالثَّانِيَةُ
مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَدَّهَا بَطَلَتْ وَإِنْ
أَجَازَهَا فَالْأُجْرَةُ لَهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ فَمَضَى نِصْفُهَا
بِلَا عَمَلٍ فَلَهُ الْفَسْخُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ
لِنَفْسِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَوْتِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا قَاضِيَ فِي
الطَّرِيقِ وَلَا سُلْطَانَ فَتَبْقَى إلَى مَكَّةَ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى
الْقَاضِي لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ لِلْمَيِّتِ وَالْوَرَثَةِ ؛ فَيُؤَجِّرَهَا
لَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا أَوْ يَبِيعُهَا بِالْقِيمَةِ ، فَإِنْ بَرْهَنَ
الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ لِلْإِيَابِ رَدَّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ
مِنْ الثَّمَنِ ،وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ
الْأَخْذَ مِنْ ثَمَنِ مَا فِي يَدِهِ وَإِذَا أُعْتِقَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ
الْمُدَّةِ يُخَيَّرُ ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَلِلْمُوَلِّي أَجْرُ مَا مَضَى وَإِنْ أَجَازَهَا
فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى ، وَلَوْ بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَائِهَا
لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ إجَارَةِ الْوَصِيِّ إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمُ
فَلَهُ فَسْخُهَا
.
أَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أُعْتِقَ
نَفَذَتْ وَمَا عَمِلَ فِي رِقِّهِ فَلِمَوْلَاهُ وَفِي عِتْقِهِ لَهُ ، وَلَوْ
مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ .
مَرَضُ الْعَبْدِ وَإِبَاقُهُ وَسَرِقَتُهُ عُذْرٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ
فِي فَسْخِهَا ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ فَاسِدًا ،لَا عَدَمَ حِذْقِهِ
ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ
لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ .
اخْتَلَفَ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَالْمَلَّاحِ فِي مِقْدَارِهِ
،فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ
الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً
بِحُكْمِ الْحَالِ ، إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا فَالْقَوْلُ
لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ .
قَالَ الْفَضْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إلَّا إذَا ادَّعَى
الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَادَّعَى
الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ .
كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَهَا
الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ لَهُ
وَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِخِلَافِ
جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا كَبِنَاءٍ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ وَالْغَلَقِ وَالْمِيزَابِ
فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إلَّا فِي اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابِ
وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالْجِذْعِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ
وَغَيْرِهِمَا
الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ
تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ :
النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ
،وَالْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ
أَوْدَعَهَا ، وَالسُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي
ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا .
هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ ، وَفِي
الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَهَا الْوَلْوَالِجِيُّ ،وَذَكَرَ مِنْ
الثَّلَاثَةِ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضِينَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ
الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَاضِي ، فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى
بِالتَّلْفِيقِ أَرْبَعًا وَزِدْتُ عَلَيْهَا مَسَائِلَ:
الْأُولَى : الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا
وَضَعَهُ مَالِكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الثَّانِيَةُ : الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ
ابْنِهِ ، ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا .
الثَّالِثَةُ : إذَا مَاتَ الْوَارِثُ مُجَهِّلًا مَا
أَوْدَعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ .
الرَّابِعَةُ :إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا أَلْقَتْهُ
الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ .
الْخَامِسَةُ :إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ
مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ .
السَّادِسَةُ :إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجَهِّلًا لِمَا
أُودِعَ عِنْدَهُ مَحْجُورًا .
وَهَذِهِ الثَّلَاثُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ
لِلْخَلَّاطِيِّ فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى عَشْرًا وَقُيِّدَ بِتَجْهِيلِ الْغَلَّةِ
لِأَنَّ النَّاظِرَ
.
إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ
الْأَمَانَةِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُهَا فَإِنْ بَيَّنَهَا
وَقَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتُهَا .
فَلَا تَجْهِيلَ إنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى مَقَالَتِهِ
وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ
أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا تَجْهِيلَ ، وَلِذَا
قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ :
وَالْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ إذَا لَمْ
يُعَرِّفْ الْوَارِثَ الْوَدِيعَةَ ، أَمَّا إذَا عَرَّفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ
وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَضْمَنْ ،
وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ؛ إنْ فَسَّرَهَا
وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ ( انْتَهَى ) .
وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي
تَرِكَتِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ التَّجْهِيلَ ، وَادَّعَى الْوَارِثُ
أَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَاتَ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ .
فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ
لِوَضْعِ جُذُوعِهِ وَوَضَعَهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ فَإِنَّ
الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ
ذَلِكَ وَقْتَ الْبَيْعِ ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
إذَا تَعَدَّى الْأَمِينُ ثُمَّ أَزَالَهُ يَزُولُ
الضَّمَانُ ؛كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ
أَوْ بِالْحِفْظِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُضَارِبِ
وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالشَّرِيكِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً .
وَالْمُودِعُ وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ ، وَهِيَ فِي
الْفُصُولِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فِي الْمَبْسُوطِ .
الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ
وَلَا تُرْهَنُ .
وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ
وَالْعَارِيَّةُ تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ ،قِيلَ يُودَعُ الْمُسْتَأْجَرُ
وَالْعَارِيَّةُ ؛ إذْ تَصِحُّ إعَارَتُهُمَا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْإِيدَاعِ ،
وَقِيلَ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يُسَلِّمُهَا إلَى غَيْرِ عِيَالِهِ
وَإِنَّمَا جَازَتْ الْإِعَارَةُ لِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ
لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْإِيدَاعِ ؛ فَإِنْ قِيلَ
إذَا أَعَارَ فَقَدْ أَوْدَعَ ، قُلْنَا ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ .
وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ لَا يُودَعُ وَلَا يُعَارُ
وَلَا يُؤَجَّرُ ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِجَارَةَ
دُونَ الْإِعَارَةِ كَمَا فِي وَصَايَا الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى
الْوَقْفِ
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مُودَعٌ .
فَلَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ .
الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا
الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا
عَمِلَا ، إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا ، وَلَا
يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ ، فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ
عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا .
فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي
الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ
إلَّا بِالشَّرْطِ
.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ
إذَا سَمَّى لَهُ أَجْرًا لِيَأْتِيَ بِهَا جَازَ ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ
الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ إلَّا إذَا وَقَّتَ لَهُ وَقْتًا
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ جَعَلَ لِلْكَفِيلِ أَجْرًا
لَمْ يَصِحَّ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ بِأَجْرٍ مَضْمُونَةٌ .
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ : إذَا
اسْتَأْجَرَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ صَحَّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ إذَا اسْتَأْجَرَ
الْمُرْتَهَنَ .
كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى
مُسْتَحَقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ ؛كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ
وَالنَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ، وَسَوَاءٌ
كَانَ فِي حَيَاةِ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِإلَّا فِي الْوَكِيلِ
بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ قَبَضَهُ
وَدَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ
بِقِيَضِ الْعَيْنِ
.
وَالْفَرْقُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ .
إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ
الْوَصِيِّ فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي الْأَمِينُ
إذَا خَلَطَ بَعْضَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِبَعْضٍ أَوْ الْأَمَانَةَ بِمَالِهِ
فَإِنَّهُ ضَامِنٌ ، فَالْمُودَعُ إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَا
يَتَمَيَّزُ ضَمِنَهَا وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرَدَّهُ ،وَخَلَطَهُ بِهَا
ضَمِنَهَا
وَالْعَامِلُ إذَا سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَخَلَطَ
الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا ، وَلَا تَجْزِيهِمْ عَنْ
الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ
وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ أَوْقَافٍ مُخْتَلِفَةٍ يَضْمَنُ إلَّا
إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي ، وَالسِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ
وَأَثْمَانَ مَا بَاعَهُ ضَمِنَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ
بِالْخَلْطِ وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ ضَمِنَهُ إلَّا فِي
مَسَائِلَ : لَا
يَضْمَنُ الْأَمِينُ بِالْخَلْطِ ، وَالْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ
غَيْرِهِ ، أَوْ مَالَ رَجُلٍ بِمَالِ آخَرَ ، وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ مَالَ
الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ ، وَقِيلَ يَضْمَنُ .
وَلَوْ أَتْلَفَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ
وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ .
وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ أَوْ
أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ
مِنْهُ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ الْأَمِينُ إذَا هَلَكَتْ
الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ
عَلَيْهَا
فَهَلَكَتْ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الرَّقِيقُ إذَا اكْتَسَبَ وَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ
كَسْبِهِ أَوْدَعَهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِكَوْنِهِ
مَالَ الْمَوْلَى ، مَعَ أَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَوْ
أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي
شَيْءٍ كَإِذْنِهِ أَمَانَةً وَضَمَانًا وَرُجُوعًا وَعَدَمَ رُجُوعٍ وَخَرَجَتْ عَنْهُ
مَسْأَلَتَانِ :
الْمُودَعُ إذَا أَذِنَ إنْسَانًا فِي دَفْعِ الْوَدِيعَةِ
إلَى الْمُودِعِ فَدَفَعَهَا لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ
الْهَلَاكِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ
الدَّافِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الثَّانِيَةُ : حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ ؛
أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ آذَنَ أَحَدُهُمَا
مُسْتَأْجِرَهُ بِالْعِمَارَةِ فَعَمَّرَ ، لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى
الشَّرِيكِ السَّاكِتِ ، وَلَوْ عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنِ
شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ ،كَذَا فِي إجَارَةِ
الْوَلْوَالِجيَّةِ . لَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ الْمَنْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا
فِي مَسَائِلَ :
لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَطَلَبَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ ظُلْمًا .
أَوْ كَانَتْ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بِمَالٍ لِغَيْرِهِ
أَوْ قَبْضٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْمُودَعُ إذَا أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ
إلَّا إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ مُوَقَّتًا فَتَعَدَّى بَعْدَهُ ثُمَّ أَزَالَهُ
لَمْ يَزُلْ الضَّمَانُ ،كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الْمُودَعُ إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ
قَبْلَ النَّقْلِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ إلَّا إذَا
كَانَتْ بِأَجْرٍ فَمَضْمُونَةٌ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ، وَتَقَدَّمَتْ
لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَارِيَّةَ مَتَى شَاءَ
إلَّا فِي مَسَائِلَ
:
لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَصَارَ لَا
يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا ، لَهُ الرُّجُوعُ لَا الرَّدُّ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ
إلَى الْفِطَامِ ،وَلَوْ رَجَعَ فِي فَرَسِ الْغَازِي قَبْلَ الْمُدَّةِ فِي مَكَانٍ
لَا يَقْدِرُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ .
وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا
لِلزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَهُ وَلَوْ لَمْ
يُوَقِّتْ وَتُتْرَكْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى
الْمُسْتَعِيرِ إلَّا فِي عَارِيَّةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ ، تَحْلِيفُ
الْأَمِينِ عِنْدَ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ ؛ قِيلَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ
، وَقِيلَ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ ، وَلَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِيَمِينِهِ حَتَّى
لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَحَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ ،
كَذَا فِي وَدِيعَةِ الْمَبْسُوطِ لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ رَبِّهَا
لَمْ يَبْرَأْ سَوَاءٌ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا أَوْ لَا ، هُوَ الصَّحِيحُ .
وَاخْتَلَفَ
الْإِفْتَاءُ فِيمَا إذَا رَدَّهَا إلَى بَيْتِ مَالِكِهَا
أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْوَارِثِ بِلَا
أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ إنْ كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ ، وَلَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا
وَإِلَّا فَلَا .
إلَّا إذَا دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ ، وَلَوْ قَضَى الْمُودَعُ
بِهَا دَيْنَ الْمُودِعِ ضَمِنَ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ
الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ .
ادَّعَى الْمُودَعُ دَفْعَهَا إلَى مَأْذُونِ مَالِكِهَا ،
وَكَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَتِهِ .
لَا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ .
الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَاهُ
، فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا
كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنُ لَا .
كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ .
وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ
لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْمِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ
وَهِيَ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ مِنْ الْعِمَادِيِّ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى
مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ ، وَلَوْ اسْتَعَارَ بَعِيرًا
فَهُوَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمُسْتَطِيعُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْضَاعَ وَالْإِيدَاعَ ،
وَالْأَبْضَاعُ الْمُطْلَقَةُ كَالْوَكَالَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْمَشِيئَةِ ،
حَتَّى إذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ : اشْتَرِ لِي بِهِ ثَوْبًا صَحَّ ،
كَمَا إذَا قَالَ : اشْتَرِ لِي بِهِ أَيَّ ثَوْبٍ شِئْتَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ
دَفَعَ إلَيْهِ بِضَاعَةً ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا صَحَّ .
وَالْبِضَاعَةُ كَالْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ
يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا ، إلَّا إذَا كَانَ فِي قَصْدِهِ مَا
يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِرْبَاحَ أَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ( انْتَهَى ) الْإِعَارَةُ
كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ .
الْقَوْلُ لِلْمُودَعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ إلَّا
إذَا قَالَ : أَمَرْتَنِي بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ
وَكَذَّبَهُ رَبُّهَا فِي الْأَمْرِ ، فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا .
وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ
اللَّهُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى ،كَذَا فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ مِنْ
الْأَصْلِ لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الْمُودَعُ : إذَا قَالَ : لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي
، وَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا ، وَلَا بَيِّنَةَ ،
يُعْطِيهَا لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ
أَتْلَفَ مَا اُسْتُوْدِعَ بِجَهْلِهِ .
مَاتَ رَجُلٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ
بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَجَمِيعُ مَا تَرَكَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ ، وَصَاحِبِ
الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا
كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ
الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ، عَلَى قَوْلِهِمَا
الْمُفْتَى بِهِ ،كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ
وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ
وَالْحَجِّ وَالْعِبَادَاتِ وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ
وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ وَفِي
الْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْ الثُّلُثِ .
فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ ، وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ
فِي الْكَفَّارَةِ ، فَلَا يُكَفَّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ .
لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ صَحَّ ، وَلَا
يَجْزِيهِ عَنْهَا وَلَا يَصُومُ لَهَا .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ .
وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ
صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا عِنْدَهُمَا ( انْتَهَى ) .
يَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ .
الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ
فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ ، وَإِذَا قُتِلَ فَالدِّيَةُ عَلَى
عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ؛ لَوْ أَتْلَفَ مَا اقْتَرَضَهُ وَمَا أَوْدَعَ
عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا
إذْنٍ
وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ
مَحْجُورٌ مِثْلَهُ ، وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا ، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ
الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ .
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : وَهِيَ مِنْ
مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ .
قُلْت : لَا إشْكَالَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ
يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا ، وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ
كَمَا لَا يَخْفَى الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ وَعَكْسُهُ .
كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ .
لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ لِلْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ
الْمَحْجُورِ وَلَا بَيِّنَةَ ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِهِمَا عَلَى
الصَّحِيحِ .
أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَكُونُ إذْنًا
إلَّا إذَا قَالَ
: بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فِي
التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ،بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ
بَايِعُوا ابْنِي إذَا قَالَ لَهُ : آجِرْ نَفْسَك ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ ،
أَوْ بِعْ ثَوْبِي ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ كَانَ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ ،
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَالْآمِرُ بِالشِّرَاءِ كَذَلِكَ كَمَا فِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ ، فَلَوْ قَالَ : اشْتَرِ لِي ثَوْبًا ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ
فُلَانٍ ، وَلَا لِلُبْسٍ كَانَ إذْنًا ، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْيَحْفَظْهُ .
الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إلَّا
إذَا كَانَ الْآذِنُ مُضَارِبًا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ
الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً .
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْأَصَحُّ
عِنْدِي التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
إذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي
فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا كَمَا فِي
الظَّهِيرِيَّةِ السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ صَحَّ ، فَإِنْ
قَصَّرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ
مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ وَقَعَ وَلَا يَلْزَمُهَاوَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ
السَّفِيهِ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ ، وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى
الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ،
وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ فَأَطْلَقَهُ آخَرُ جَازَ إطْلَاقُهُ ؛
لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ ، وَلَا يَجُوزُ لِلثَّالِثِ تَنْفِيذُ
الْحَجْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ .
وَوَقْفُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بَاطِلٌ وَاخْتَلَفُوا
فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَصَحَّحَهُ الْبَلْخِيُّ ، وَأَبْطَلَهُ
أَبُو الْقَاسِمِ
.
وَلَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ
عِنْدَ الثَّانِي
.
وَلَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي ، وَلَا يَرْتَفِعُ
عَنْهُ الْحَجْرُ بِالرُّشْدِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِمَا .
وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ
كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ : حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ
ثُمَّ ادَّعَى الرُّشْدَ ، وَادَّعَى خَصْمُهُ بَقَاءَهُ عَلَى السَّفَهِ
وَبَرْهَنَا ، فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا .
وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى
السَّفَهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ .
مِنْ الْحَجْرِ : الظَّاهِرُ زَوَالُ السَّفَهِ ؛ لِأَنَّ
عَقْلَهُ يَمْنَعُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ
عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ
وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ : إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ
قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ ؛ فَإِنْ بَرْهَنَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ
لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَ
لَهَا الظَّاهِرُ لَمْ تُقْبَلْ .
وَهُنَا بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا
الظَّاهِرُ فَلَمْ تُقْبَلْ .
الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ
وَرَقَبَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا فِي
إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى
بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَجُزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى
لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ
الْوَارِثُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ
فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا ، وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ
فَلِلْوَاهِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَصَايَا .
الْمَأْذُونُ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ
إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ : بَايِعُوا
عَبْدِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ.
كِتَابُ الشُّفْعَةِ
هِيَ بَيْعٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي ضَمَانِ
الْغَرَرِ لِلْجَبْرِ ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ
فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ
،كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَاسْتِيلَادِ الْأَبِ بِخِلَافِ
الْبَائِعِ .
فَرُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي وَرِضَاهُ بِالْعَيْبِ لَا
يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ كَالْأَجَلِ وَبِرَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ لَا
تَسْلَمُ لِلْمُشْتَرِي .
وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْفَسْخِ دُونَ
التَّحَوُّلِ .
قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ : وَالتَّحَوُّلُ أَصَحُّ ،
وَإِلَّا بَطَلَتْ بِهِ الْمَعْلُومُ لَا يُؤَخَّرُ لِلْمَوْهُومِ ،فَلَوْ قَطَعَ
عَيْنَيْ رَجُلَيْنِ فَحَضَرَ ، أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ لَهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ
،وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِكُلِّهَا كَذَا فِي
جِنَايَاتِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا ،
فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ .
وَإِلَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ إنْ رَدَّهَا كَذَا فِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَبُ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَكَانَ
شَفِيعَهَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا .
وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ .
إذَا كَانَتْ دَارُ الشَّفِيعِ مُلَازِقَةً لِبَعْضِ
الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَازَقَهُ فَقَطْ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ
تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَوُجُوبِ
الشُّفْعَةِ فِيهَا يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إنْ لَمْ
يُسَلِّمْ إلَى مُوَكِّلِهِ ، فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَبَطَلَتْ هُوَ الْمُخْتَارُ .
وَالتَّسْلِيمُ مِنْ الشَّفِيعِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا سَمِعَ
بِالْبَيْعِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ يَطْلُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ ثُمَّ يَشْهَدُ
إنْ قَدَرَ ، وَإِلَّا وَكَّلَ أَوْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَرْسَلَهُ ، وَإِلَّا
بَطَلَتْ تَسْلِيمُ الْجَارِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحِيحٌ ، وَلَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ
لَمْ يَأْخُذْ الْجَارُ .
سَلَامُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُهَا ،
وَهُوَ الْمُخْتَارُ
.
الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ مِنْ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا
قَضَاءً مُطْلَقًا وَلَا يُبْطِلُهَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إذَا
صَبَغَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ ، إنْ شَاءَ
أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
وَفِيهِ نَظَرٌ أَخَّرَ الشَّفِيعُ الْجَارُ الطَّلَبَ
لِكَوْنِ الْقَاضِي لَا يَرَاهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ
الْقَاضِي إحْضَارَهُ فَامْتَنَعَ فَأَخَّرَ الْيَهُودِيُّ إذَا سَمِعَ
بِالْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَمْ يَطْلُبْ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا .
تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ أَنْكَرَ
الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشَّفِيعِ حِينَ عَلِمَ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ
عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ احْتَالَ
لِإِبْطَالِهَا يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ .
وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ خِلَافُهُ ؛ اشْتَرَى
الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي مِقْدَارِ
الثَّمَنِ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِلَا يَمِينٍ
هِبَةُ بَعْضِ الثَّمَنِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ
إلَّا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِحَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ
فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ
وَشُفْعَةٌ فِيهَا ؛ يَقُولُ : هَذِهِ الدَّارُ دَارِي ، وَأَنَا أَدَّعِيهَا
فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيَّ ، وَإِلَّا فَأَنَا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا اسْتَوْلَى
الشَّفِيعُ عَلَيْهَا بِلَا قَضَاءٍ ، فَإِنْ اعْتَمَدَ قَوْلَ عَالِمٍ لَا
يَكُونُ ظَالِمًا ، وَإِلَّا كَانَ ظَالِمًا .
وَفِي جِنَايَاتِ الْمُلْتَقَطِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
رَحِمَهُ اللَّهُ ،أَشْيَاءُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الْعَقْلُ وَالشُّفْعَةُ
وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ( انْتَهَى )
كِتَابُ الْقِسْمَةِ
الْغَرَامَاتُ إذَا كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ
فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ
عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ .
وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ مَا
إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا ،
وَهِيَ فِي كَفَّارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا
خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا
فَأَلْقَوْا ، فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ
( انْتَهَى )
الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ
بِالْقَبْضِ وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِيَجُوزُ بِنَاءُ
الْمَسْجِدِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ إنْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَضُرُّ ، وَكَذَا
لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا شَيْئًا مِنْ الطُّرُقِ فِي مَحَلَّتِهِمْ
، وَفِي دُورِهِمْ إنْ لَمْ يَضُرَّ .
وَلَهُ بِنَاءُ ظُلَّةٍ فِي هَوَاءِ طَرِيقٍ إنْ لَمْ
يَضُرَّ ، لَكِنْ إنْ خُوصِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُنِعَ مِنْهُ ، وَبَعْدَهُ
هُدِمَ الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ فَإِنْ
احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرٍ وَقُسِّمَ وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ أَجَّرَهُ
لِيَرْجِعَ .
بَنَى أَحَدَهُمَابِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَطَلَبَ رَفْعَ
بِنَاءَهُ قُسِّمَ ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِي فِيهَا ، وَإِلَّا
هُدِمَ .
لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ
فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ تَنُّورًا وَحَمَّامًا وَلَا
يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ
إلَّا ذَا قَضَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ
رِضَاءِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِالتَّرَاضِي ، أَمَّا
بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا تُنْتَقَضُ بِظُهُورِ وَارِثٍ .
وَاخْتَلَفُوا فِي ظُهُورِ الْمُوصَى لَهُ
كِتَابُ الْإِكْرَاهِ
بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُخَالِفُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي
أَرْبَعٍ : يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ ، وَيُنْتَقَضُ تَصَرُّفُ
الْمُشْتَرِي مِنْهُ ،وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ دُونَ الْقَبْضِ
وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْرَهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ
غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى .
أَمْرُ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَعَّدْهُ
،وَأَمْرُ غَيْرِهِ لَا ، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ
لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلُهُ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَضْرِبُهُ
ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ .
كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِيأَجْرَى الْكُفْرَ عَلَى
لِسَانِهِ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ ، كَفَرَ وَبَانَتْ امْرَأَتُهُ أُكْرِهَ
بِالْقَتْلِ عَلَى الْقَطْعِ لَمْ يَسَعْهُأُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ
صَيْدٍ فَأَبَى حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا أُكْرِهَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ
دَمِ الْعَمْدِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَلَهُ
تَضْمِينُ الْمُكْرِهِ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ
أَوْ بِالْقَرَابَةِ
.
إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرِهِ فَإِنَّهُ
يَفْسَخُ تَصَرُّفَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ إجَارَةٍ إلَّا التَّدْبِيرَ
وَالِاسْتِيلَادَ وَالْإِعْتَاقَ .
أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَعَ إلَّا إذَا أُكْرِهَ
عَلَى التَّوْكِيلِ بِهِ فَوَكَّلَأُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ
مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى
الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ ( انْتَهَى )
كِتَابُ الْغَصْبِ
الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ
وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ .
الْمَغْصُوبِ إذَا غُصِبَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ
الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ
الثَّانِيَ ، كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ .
إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ
كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ
امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا ، وَأَنْكَرَ
الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مَنْ هَدَمَ حَائِطَ
غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا ، وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهَاإلَّا
فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ . الْإِجَازَةُ لَا
تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ
الْمَالِكُ : أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ
الضَّمَانِ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ
،إلَّا فِي خَمْسَةٍ
: .
الْأُولَى : إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا .
الثَّانِيَةُ : إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ الْغَيْرِ
كَأَمْرِهِ عَبْدَ الْغَيْرِ بِالْإِبَاقِ أَوْ بِقَتْلِ نَفْسِهِ ، فَإِنَّ
الْآمِرَ يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا ضَمَانَ
عَلَى الْآمِرِ ، بِخِلَافِ مَالِ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ الَّذِي
يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ .
الرَّابِعَةُ : إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا كَمَا
إذَا أَمَرَ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الصَّبِيُّ
وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ .
الْخَامِسَةُ : إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ فِي حَائِطِ
الْغَيْرِ فَحَفَرَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى
الْآمِرِ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ
إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي السِّرَاجِيَّةِ : يَجُوزُ
لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءَ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ
بِغَيْرِ إذْنِهِ
.
الثَّانِيَةُ : إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ
الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ
رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا .
الثَّالِثَةُ : إذَا مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي
السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا
الْبَقِيَّةَ
إلَى الْوَرَثَةِ ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا
عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا .
وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ .
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية : ذَبَحَ
شَاةَ قَصَّابٍ شَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ ، ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِلَا
إذْنِهِ فِي أَيَّامِهَا لَمْ يَضْمَنْ .
أَطْلَقَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا
إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَ قِدْرًا عَلَى كَانُونٍ فِيهِ
لَحْمٌ وَوَضَعَ الْحَطَبَ فَأَوْقَدَ غَيْرُهُ وَطَبَخَهُ ، وَكَذَا لَوْ طَحَنَ
بُرًّا جَعَلَهُ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ ،وَكَذَا لَوْ حَمَلَ
حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ ، وَكَذَا لَوْ أَعَانَهُ فِي رَفْعِ
الْجَرَّةِ فَانْكَسَرَتْ ، وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ فَسَقَاهَا حِينَ
سَدَّهَا صَاحِبُهَا
وَمِنْهَا إحْرَامُ رَفِيقِهِ لِإِغْمَائِهِ ،وَسَقْيُ
أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ .
وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا
لِلتَّفَاوُتِ .
وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى مِنْ جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ .
الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ،
وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ
مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَهُ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ
فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ ،
وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ لَمْ تَضْمَنْ نِصْفَ مَهْرِ
الصَّغِيرَةِ إلَّا بِتَعَمُّدِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ تَعْلَمَ بِالنِّكَاحِ ،
وَأَنْ يَكُونَ الْإِرْضَاعُ مُفْسِدًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ .
وَالْجَهْلُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ لِدَفْعِ الْفَسَادِ
كَمَا فِي إرْضَاعِ الْهِدَايَةِ الْعَقَارُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
إذَا جَحَدَهُ الْمُودِعُ ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ
وَسَلَّمَهُ ، وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي
جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : مَالُ
الْيَتِيمِ ،وَمَالُ الْوَقْفِ ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَنَافِعُ
الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ
أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ أَمَّا
الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ ،
سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ
الْأَجْرُ ،وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ : سَكَنَتْ أُمُّهُ
مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ
عَلَيْهِمَا .
كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ .
لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لَهُ بِإِجَارَتِهَا
إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ
،وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي
الْغَاصِبِ ، إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ
يَتِيمٍ
أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ
إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ
كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَسَكَنَهَا
سَنَتَيْنِ وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَالتَّخْرِيجُ
عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً ،
لِكَوْنِهِ دَفَعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إلَّا إذَا دَفَعَ عَلَى
وَجْهِ الْهِبَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ .
أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً وَقَبَضَ
الْآجِرُ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ
الْمِثْلِ وَيَرُدُّهُ إلَى الْوَقْفِ .
أَجَّرَهَا الْغَاصِبُ وَرَدَّ أُجْرَتَهَا إلَى الْمَالِكِ
تَطِيبُ لَهُ ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةٌ اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ . قَالَ
لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا وَإِنْ بَعْدَهُ
لَا .
الْأَجْرُ قِيَمِيٌّ وَكَذَا فِي الْفَحْمِ .
أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ ، فَنَظَرَ
إلَيْهَا فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ .
الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ ، وَلَوْ كَسَّرَهُ الْمَوْهُوبُ
لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ .
عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ
ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ .
الْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي
ثَلَاثٍ : مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا ؛ أَوْ مَوْلًى لِمَأْمُورٍ ، أَوْ
كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ ،
كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ .
وَزِدْتُ رَابِعَةً مَا إذَا أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ كَمَا
فِي الْقُنْيَةِ .
لَا يَجُوزُ دُخُولُ بَيْتِ إنْسَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ
إلَّا فِي الْغَزْوِ ، كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ، وَفِيمَا إذَا سَقَطَ
ثَوْبُهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ أَخَذَهُ كَمَا فِي
الْوَدِيعَةِ . حَفَرَ
قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ؛ فَإِنْ
كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْحَافِرِ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ
وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالزَّرْعُ فَوْقَهَا ، وَإِنْ كَانَ فِي
أَرْضٍ مُبَاحَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دُفِنَ فِيهِ ،
وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ سَعَةٌ
؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَا يَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ يَمُوتُ ، هَكَذَا ذَكَرَ
الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ ،
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ
الْحَفْرِوَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ ،
فَهِيَ صُورَتَانِ ؛ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ ، وَفِي مُبَاحِهِ
فَلَهُ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْحَفْرِ
كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ
الصَّيْدُ مُبَاحٌ إلَّا لِلتَّلَهِّي أَوْ حِرْفَةٍ كَذَا
فِي الْبَزَّازِيَّةِ
.
وَعَلَى هَذَا فَاِتِّخَاذُهُ حِرْفَةً كَصَيَّادِي
السَّمَكِ حَرَامٌ
.
وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ ثَلَاثَةٌ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ مِنْ
أَصْلِهِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ .
وَنَاقِلٌ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا ،
وَخِلَافُهُ كَمِلْكِ الْوَارِثِ ، فَالْأَوَّلُ شَرْطُهُ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَنْ
الْمِلْكِ ، فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَى حَطَبٍ جَمَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَفَازَةِ
لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقْلِشِ مَا يَجِدُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ وَلَوْ
أَرْسَلَ إنْسَانٌ مِلْكَهُ وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ لَا يُمْلَكُ
بِالِاسْتِيلَاءِ ، فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ بَعْدَهُ حَتَّى قُشُورِ الرُّمَّانِ
الْمُلْقَاةِ فِي الطَّرِيقِ .
لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ يَمْلِكُ قُشُورَ الرُّمَّانِ
وَلَوْ أَلْقَى بَهِيمَةً مَيِّتَةً فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَلَخَهَا وَأَخَذَ
جِلْدَهَا فَلِمَالِكِهَا أَخْذُهُ ، فَلَوْ دَبَغَهُ رَدَّ لَهُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ
إنْ كَانَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ .
وَالِاسْتِيلَاءُ قِسْمَانِ ؛ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ ،
فَالْأَوَّلُ بِوَضْعِ الْيَدِ ، وَالثَّانِي بِالتَّهْيِئَةِ ؛ فَإِذَا نَصَبَ
الشَّبَكَةَ لِلصَّيْدِ مَلَكَ مَا تَعَقَّلَ ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَهَا
لِلْجَفَافِ وَإِذَا نَصَبَ الْفُسْطَاطَ فَتَعَقَّلَ الصَّيْدَ بِهِ مَلَكَهُ
،وَلَوْ نَصَبَهَا لَهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ ؛ فَإِنْ كَانَ
الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ مَلَكَهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ
الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِصَيْدِ الذِّئَابِ وَغَابَ فَقَدَّمَ
آخَرُ مَيْتَةً لِصَيْدِهَا فَوَقَعَ الذِّئْبُ فِي الْبِئْرِ فَهُوَ لِحَافِرِهِ
وَمَا تَعَسَّلَ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّئْهَا؛ لِأَنَّهُ
مِنْ إنْزَالِهَا
.
بِخِلَافِ النَّحْلِ وَالظَّبْيِ إذَا تَكَنَّسَ أَوْ بَاضَ
الصَّيْدُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِهَا إلَّا بِالتَّهْيِئَةِ مَا لَمْ
يَكُنْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ لَأَخَذَهُ .
وَلَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ
===========
ج4. كتاب : الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِر الشَّيْخ زَيْنُ
الْعَابِدِيْنَ بْنِ إِبْرَاهِيْمِ بْنِ نُجَيْمٍ
مِنْ النِّثَارِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ
لِلْآخِذِ إلَّا أَنْ يُهَيِّئَ حِجْرَهُ لَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَشَرْطُهُ
وُجُودُ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ
وَالْغَائِصِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ
لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْجَبْرِيِّ إنْ كَانَ أَبُوهُ
سُنِّيًّا، وَإِنْ كَانَ جَبْرِيًّا حَلَّتْ . سَمَكَةٌ فِي سَمَكَةٍ فَإِنْ
كَانَتْ صَحِيحَةً حَلَّتَا وَإِلَّا لَا ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ ، وَإِنْ
وَجَدَ فِيهَا دُرَّةً مَلَكَهَا حَلَالًا ، وَإِنْ وَجَدَ خَاتَمًا أَوْ
دِينَارًا مَضْرُوبًا لَا ، وَهُوَ لُقَطَةٌ ، لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى
نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا ، وَكَذَا إذَا كَانَ غَنِيًّا
عِنْدَنَا .
أُرْسِلَتْ السَّمَكَةُ فِي الْمَاءِ النَّجَسِ فَكَبِرَتْ
فِيهِ ، لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِلْحَالِّ ، وَيَحِلُّ أَكْلُهَا إذَا كَانَتْ
مَجْرُوحَةً طَافِيَةً .
اشْتَرَى سَمَكَةً مَشْدُودَةً بِالشَّبَكَةِ فِي الْمَاءِ وَقَبَضَهَا
كَذَلِكَ فَجَاءَتْ سَمَكَةٌ فَابْتَلَعَتْهَا ،فَالْمُبْتَلِعَةُ لِلْبَائِعِ
وَالْمَشْدُودَةُ لِلْمُشْتَرِي ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُبْتَلِعَةُ هِيَ
الْمَشْدُودَةَ ،فَهُمَا لِلْمُشْتَرِي قَبَضَهَا أَوْ لَا . ذَبَحَ لِقُدُومِ
الْأَمِيرِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ ، يَحْرُمُ وَلَوْ ذَكَرَ اللَّهَ
تَعَالَى ، وَلِلضَّيْفِ لَا .
النَّثْرُ عَلَى الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا
الْتِقَاطُهُ وَفِي الْعُرْسِ جَائِزٌ .الْعُضْو الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيِّتِهِ
إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ كَمَا
فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ
لَيْسَ زَمَانُنَا زَمَانَ اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ كَمَا
فِيهِ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ .
الْغِشُّ حَرَامٌ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ
لِدَائِنٍ وَلَا بَيْعُ الْعُرُوضِ الْمَغْشُوشَةِ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي
شِرَاءِ الْأَسِيرِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ .
وَالثَّانِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْجُعْلِ .
يَجُوزُ لَهُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ وَهُمَا
فِي وَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّ مِنْ شِرَاءِ الْأَسِيرِ الْفَتْوَى فِي حَقِّ
الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ كَذَا فِي قَضَاءِ
الْخَانِيَّةِ
الْحُرْمَةُ تَتَعَدَّى فِي الْأَمْوَالِ مَعَ الْعِلْمِ
بِهَا ،إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ فَإِنَّ مَالَ مُورَثِهِ حَلَالٌ لَهُ وَإِنْ
عَلِمَ بِحُرْمَتِهِ مِنْهُ ، مِنْ الْخَانِيَّةِ ،وَقَيَّدَهُ فِي
الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِمَنْ قَبَّلَ يَدَ
غَيْرِهِ فَسَقَ إلَّا إذَا كَانَ ذَا عِلْمٍ وَشَرَفٍ ، كَذَا فِي مُكَفِّرَاتِ
الظَّهِيرِيَّةِ .
وَيَدْخُلُ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ وَالْأَمِيرُ تَحْتَ
ذِي الشَّرَفِ . يُكْرَهُ مُعَاشَرَةُ مَنْ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ
، إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ لِلْمَرْأَةِ
مُعَاشَرَتُهُ .
كَذَا فِي نَفَقَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ الْخُلْفُ فِي
الْوَعْدِ حَرَامٌ كَذَا فِي أُضْحِيَّةِ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ .
وَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا يَأْثَمُ
وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا كَمَا فِي كَفَالَةِ
الْبَزَّازِيَّةِ ،وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
اسْتِخْدَامُ الْيَتِيمِ بِلَا أُجْرَةٍ حَرَامٌ ،وَلَوْ
لِأَخِيهِ وَمُعَلِّمِهِ إلَّا لِأُمِّهِ ،وَفِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ الْمُعَلِّمُ
لِإِحْضَارِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِلُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ حَرَامٌ
عَلَى الرَّجُلِ ،إلَّا لِدَفْعِ قَمْلٍ أَوْ حَكَّةٍ كَمَا فِي الْحَدَّادِيِّ مِنْ
غَايَةِ الْبَيَانِ ، وَلَا يَجُوزُ الْخَالِصُ فِي الْحَرْبِ عِنْدَهُمَا حُرِّمَ
عَلَى الْبَالِغِ فِعْلُهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ،
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقِيَهُ خَمْرًا ، وَلَا أَنْ يُلْبِسَهُ حَرِيرًا ، وَلَا
أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ بِحِنَّاءٍ أَوْ رِجْلَهُ وَلَا إجْلَاسَ الصَّغِيرِ لِغَائِطٍ
أَوْ بَوْلٍ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا .
الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازِمَةِ
مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا
شَوْهَاءَ ، وَفِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِي الْبَيْتِ.
الْخَلْوَةُ بِالْمَحْرَمِ مُبَاحَةٌ إلَّا لِأُخْتٍ مِنْ
الرَّضَاعَةِ وَالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ.
مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا
وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِثُبُوتِ أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمَا لَهُ حَتَّى آمَنَا بِهِ .
كَذَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ.
اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ ، كَذَا
فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ .
كِتَابُ الرَّهْنِ
مَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي
أَرْبَعَةٍ :
بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ ،بَيْعُ
الْمَشْغُولِ جَائِزٌ
لَا رَهْنُهُ ، بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا
رَهْنُهُ ،بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ فِي غَيْرِ
الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ ، كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ لَا يَجُوزُ
رَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ ،فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَطِيبُ
لَهُ الْأَجْرُ .
أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْإِجَارَةِ
فَأَجَّرَهُ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ وَلَا يَعُودُالْآجِرُ ، إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ
عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَتْ .
أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا
لَمْ يَضْمَنْ ،بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ
انْفَسَخَ الْأَوَّلُ ، يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ
بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى فَلَا رُجُوعَ لَهُ
بِالْأُجْرَةِ . رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ فَدَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ
وَامْتَنَعَ لَأُجْبِرَ .
لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ
الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ لَيْسَ
بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّالْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ الْوَارِثُ إذَا
عَرَفَ الرَّهْنَ لَا الرَّاهِنَ لَا يَكُونُ لُقَطَةً بَلْ يَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ
الْمَالِكِ .
الْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَفِي تَعْيِينِ
الرَّهْنِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ .
اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا بَاعَ بِهِ
الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ ، وَإِنْ صَدَّقَ الْعَدْلُ
الرَّاهِنَ كَمَا لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ ،
وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ رَهْنًا يُمَثِّلُ
الدَّيْنَ فَبَاعَهُ الْعَدْلُ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَقَلَّ
مِنْ قِيمَتُهُ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ ، فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ
إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا الْعَدْلِمَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهِ جَازَ الرَّهْنُ
بِهِ إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ ، تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ الرَّهْنِ ،
وَيَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ ، وَفِي
الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ
دُونَ الرَّهْنِ ، ذَكَرَهُمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ .
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
الْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ
مَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ صَالَحَ فَإِنَّ نَصِيبَ الْبَاقِينَ
يَنْقَلِبُ مَالًا وَيَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ
صُلْحُ الْأَوْلِيَاءِ وَعَفْوُهُمْ عَنْ الْقَاتِلِ يُسْقِطُ حَقَّهُمْ فِي الْقِصَاصِ
وَالدِّيَةِ لَا حَقَّ الْمَقْتُولِ ،كَذَا فِي الْمُنْيَةِ .
الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ
وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ .
لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ ، وَكَذَا إذَا
مَاتَ الْمُعَزَّرُ ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْقَصْدُ إلَى النَّفْسِ وَلَمْ
يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ
يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ
،وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ .
وَمِنْهُ الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِهَا
،وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ
أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا ، وَمِنْ
الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ
الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ ، فَضَرْبُ
التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ
وَاجِبًا ، وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ ؛ أَمَّا غَيْرُهُ فَمُوجِبٌ
لِلضَّمَانِ فِي الْكُلِّ .
وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي ،مَا إذَا وَطِئَ
زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا
لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ ، وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ .
وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ .
الْجِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا لَا
تَتَدَاخَلَانِ إلَّا إذَا كَانَا خَطَأً وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا بُرْءٌ فَتَجِبُ
دِيَةٌ وَاحِدَةٌ ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .الْقِصَاصُ يَجِبُ لِلْمَيِّتِ
ابْتِدَاءً ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ ،فَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ
وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي
عِنْدَ الْإِمَامِ .وَصَحَّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ .
لَوْ انْقَلَبَ مَالًا وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ
اللَّهِ تَعَالَى فَيَرِثُهُ الزَّوْجَانِ كَالْأَمْوَالِ .
الِاعْتِبَارُ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ بِعَدَدِ الْجُنَاةِ
لَا لِعَدَدِ الْجِنَايَاتِ ،
وَعَلَيْهِ فَرَّعَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْإِجَارَةِ .
لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ
فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَ ، رُفِعَ عَنْهُ مَا نَقَصَتْهُ الْعَشَرَةُ
وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْأَخِيرُ ، فَيَضْمَنُهُ مَضْرُوبًا بِعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ
وَنِصْفِ قِيمَتِهِ
.
دِيَةُ الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ
إلَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ .
الْإِسْلَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ فَلَا قِصَاصَ
وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ هِبَةُ الْقِصَاصِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ لَا
تَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي إجَارَةِ
الْوَلْوَالِجيَّةِ . لَا تَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ دِيَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى
الْقَتْلِ ، إذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ،لِكُلِّ وَاحِدٍ
التَّعَرُّضُ عَلَى مَنْ شَرَعَ جُنَاحًا فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَأْثَمُونَ
بِالسُّكُوتِ عَنْهُ
.
يَضْمَنُ الْمُبَاشِرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا
فَيَضْمَنُ الْحَدَّادُ إذَا طَرَقَ الْحَدِيدَةَ فَفَقَأَ عَيْنًا وَالْقَصَّارُ
إذَا دَقَّ فِي حَانُوتِهِ فَانْهَدَمَ حَانُوتُ جَارِهِ .
لَا اعْتِبَارَ بِرِضَاءِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالسِّكَّةِ
النَّافِذَةِ .
حَفَرَ بِئْرًا فِي بَرِّيَّةٍ فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ
لَمْ يَضْمَنْ مَا وَقَعَ فِيهَا قَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ ،
وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ فَعَمِيَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَمَذْهَبُ
الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْإِمَامَ شَرْطٌ لِاسْتِيفَاءِ
الْقِصَاصِ كَالْحُدُودِ .
وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْفَرْقُ ، الْقِصَاصُ
كَالْحُدُودِ .
إلَّا فِي خَمْسٍ ذَكَرْنَاهَا فِي قَاعِدَةِ أَنَّ
الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ الْقَاتِلِ أَفْضَلُ
مِنْ الْقِصَاصِ ، وَكَذَا عَفْوُ الْمَجْرُوحِ .
وَعَفْوُ الْوَلِيِّ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْقَاتِلِ فِي
الدُّنْيَا ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ قَتْلِهِ كَالْوَارِثِ إذَا أَبْرَأَ
الْمَدْيُونَ بَرَأَ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ظُلْمِ الْمُوَرِّثِ وَمَطْلِهِ .
إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ
لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ
فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ
مَاتَ ، فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي
شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ .
يَصِحُّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَالْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِهِ
لِانْعِقَادِ السَّبَبِ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ، وَلَا تَثْبُتُ
مَعَهَا إلَّا فِي التَّرْجَمَةِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ مَعَ أَنَّ
فِيهَا شُبْهَةً كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ
كِتَابُ الْوَصَايَا
لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عِنْدَ
الْمُتَقَدِّمِينَ ،وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ
كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ : إذَا بِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ ، وَفِيمَا إذَا
احْتَاجَ الْيَتِيمُ إلَى النَّفَقَةِ ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ
عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ .
وَزِدْت أَرْبَعًا فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى سَبْعًا ؛
ثَلَاثٌ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ :فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ
وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لَا نَفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ
غَلَّاتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى مُؤْنَتِهِ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا أَوْ
دَارًا يُخْشَى عَلَيْهِ النُّقْصَانُ(انْتَهَى).
وَالرَّابِعَةُ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ ؛ فِيمَا إذَا
كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ وَخَافَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ فَلَهُ
بَيْعُهُ ( انْتَهَى
)
وَفِي الْمَجْمَعِ : وَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْعَاجِزِ
مَنْ يُعِينُهُ ، فَإِنْ شَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَهُ
، فَإِنْ ظَهَرَ عَجْزُهُ اسْتَبْدَلَ بِهِ وَإِنْ شَكَا مِنْهُ الْوَرَثَةُ لَا
يَعْزِلُهُ حَتَّى تَظْهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ ( انْتَهَى )
وَفِيهِ : وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ
شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلصَّبِيِّ جَائِزٌ ( انْتَهَى ) .
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ فَقِيلَ نُقْصَانُ
النِّصْفِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشِّرَاءِ بِزِيَادَةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ
: دِرْهَمَانِ فِي الْعَشَرَةِ نُقْصَانٌ وَزِيَادَةٌ .
وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَقِسْمَةُ
الْوَصِيِّ ، مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ ، تَجُوزُ إنْ
كَانَ فِيهَا نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
: قَضَى وَصِيُّهُ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ
أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً .
إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ، وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ
فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ
بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ
بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كُلَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ
لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَصِيٌّ أَدَّى دَيْنًا فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ
تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْلَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ (
انْتَهَى ) فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ
دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ
بُلُوغِهِ أَوْ لَا ، إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ
عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ
بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ : وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مِنْ
وَصِيِّ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِثَمَنٍ لَا يَنْفُذُ ؛ لِأَنَّهُ
مَحْجُورٌ بِهِ .
وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ
الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ (
انْتَهَى ) .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ : أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصَى
فِي حَيَاتِهِ ، وَهُوَ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ يَضْمَنُ ، وَلَوْ أَنْفَقَ
الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ
أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ هَالِكًا
وَإِلَّا لَا ، كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ
الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي
ثَلَاثٍ ، فِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ
ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا
فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ
الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ (
انْتَهَى ) .
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ
؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ .
وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا
يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ ؛ لِأَنَّ
هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ ، وَفِي اثْنَتَيْنِ اخْتِلَافٌ .
لَوْ قَالَ : أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ ، أَوْ جُعْلَ
عَبْدِهِ الْآبِقِ
.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا بَيَانَ
عَلَيْهِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : عَلَيْهِ الْبَيَانُ
، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا
يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى : ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ .
الثَّانِيَةُ : ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالَ
آخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ .
الثَّالِثَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ
الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ
فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ .
الْخَامِسَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ
الْيَتِيمِ .
السَّادِسَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي
الْإِجَارَةِ ، وَأَنَّهُ رَكِبَتْهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا عَنْهُ .
السَّابِعَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ
نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهِ ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ .
الثَّامِنَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ
الَّذِينَ مَاتُوا
.
التَّاسِعَةُ : اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ
كَانَ مُضَارِبًا
.
الْعَاشِرَةُ : ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ
مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا .
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ
الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ
الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا ،
وَذَكَرَ ضَابِطًاوَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَاوَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي
مَسَائِلَ : الْأُولَى : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِيَ
لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لَهُمَا ، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ
ذَلِكَ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ ، وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ
كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَصَايَا .
الثَّانِيَةُ : إذَا خَصَّهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ بِخِلَافِ
وَصِيِّ الْمَيِّتِ
.
الثَّالِثَةُ : إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ
شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ ، وَهُمَا فِي
الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ
فِي الْأُولَى .
الرَّابِعَةُ : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَاجِرَ
الصَّغِيرَ بِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ ، بِخِلَافِ وَصِيِّ
الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
الْخَامِسَةُ :لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ
الْعَدْلَ الْكَافِيَ ، وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ .
السَّادِسَةُ :لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ
إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ
الْمَيِّتِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ .
السَّابِعَةُ : يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ
التَّصَرُّفَاتِ ، وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،
وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ .
الثَّامِنَةُ : وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا
عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ
كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ .
وَفِي الْخِزَانَةِ : وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا
كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً ( انْتَهَى ) .
وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي
مَرَضِ مَوْتِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ
إلَّا فِي تَبَرُّعِهِ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ
كَذَا فِي وَصَايَا الْفَتَاوَى الصُّغْرَى ، وَظَاهِرُ مَا فِي تَلْخِيصِ
الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْوَصَايَا يُخَالِفُهُ .
وَصَوَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ
الْمَرِيضَ أَعَارَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ .
وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ : أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ
مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْجَمِيعِ .
وَقَالَ الطَّرَسُوسِيُّ : إنَّهَا خَالَفَتْ الْقَوَاعِدَ .
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، فَإِنَّ الْإِعَارَةَ
وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ
مَوْتِهِ لِلِانْفِسَاخِ .
وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ فَافْهَمْ إذَا أُبْرِئَ
الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ .
وَإِلَّا صَحَّ وَضَمِنَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ؛ لَوْ
كَاتَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَدَلِ لَمْ يَصِحَّ
.كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ كَمَا فِي
جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ
وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْإِسْلَامِ
وَالْكُفْرِ كَذَا فِي التَّلْقِيحِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي وَصِيَّةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ كَمَا
فِي الْمَجْمَعِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى
الْمَوْتِ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْوَصِيِّ الْعَدْلِ
الْكَافِي فَإِنْ عَزَلَهُ كَانَ جَائِرًا آثِمًا ، كَمَا فِي الْمُحِيطِ
وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا
ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ ، لَكِنْ يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ ،
كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَأَمَّا عَزْلُ الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ .
وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ آخَرُ كَمَا
قَدَّمْنَاهُ .
وَالْعَدْلُ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ
وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمَيِّتُ
وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ .
الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ
فَيَتَّهِمَهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
وَفِي الْخَانِيَّةِ : الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ
لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا يَضُمُّ
إلَيْهِ آخَرَ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُخْرِجُهُ
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُكَاتَبِ فِي
زَمَنِ سِعَايَتِهِ ، فَلَوْ عَتَقَ عَبْدُهُ فِيهِ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً
فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ يَسْعَى فِيهِمَا ، وَاحِدَةٌ لِلْإِعْتَاقِ فِيهِ
لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ ، وَأُخْرَى ، وَهِيَ
الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ لِجِنَايَتِهِ
كَالْمُكَاتَبِ إذَا جَنَى خَطَأً ، وَلَوْ شَهِدَ فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ لَمْ
تُقْبَلْ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الصُّغْرَى .
وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ كَالْمُعْتَقِ فِي
زَمَنِ الْمَرَضِ ، فَلَوْ قُتِلَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ
الْأَقَلُّ ، وَعِنْدَهُمَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَهِيَ مِنْ جِنَايَاتِ
الْمَجْمَعِ .
وَصُرِّحَ أَيْضًا فِي الْكَافِي قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ
بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَةٍ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ ، وَحُرٌّ
مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ
غَيْرُهُ ، فَقَتَلَ هَذَا الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى
فِي قِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ ، عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ
الدِّيَةُ ( انْتَهَى
) .
وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْمُدَبَّرَةِ أَنْ تُزَوِّجَ
نَفْسَهَا زَمَنَ سِعَايَتِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تُزَوِّجُ نَفِسَهَا .
وَعِنْدَهُمَا لَهَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ
أَفْتَيْتُ بِهِ .
الْقَاضِي لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي
ثَلَاثٍ ، فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ ، أَوْ تَصَرَّفَ فِي مَا لَا يَجُوزُ
عَالِمًا مُخْتَارًا
.
أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ
، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ يَقُولُ لَهُ : إمَّا أَنْ تُبْرِئَ الْمَيِّتَ أَوْ
عَزَلْتُك وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ
غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ
لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ
ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ
فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ
يَجُزْ ، وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ .
كَمَا فِي الْقُنْيَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ
سَوَاءٌ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي أَوْ الْمَيِّتِ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَمْ
يَضْمَنْ مِنْهَا أَيْضًا .
لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَبْسِ
إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ
فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ كَمَا
فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ . لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى
وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا سَرَفَ فِيهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي ، وَقِيلَ :
يَضْمَنُ مُطْلَقًا
.
كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ .
الْقَاضِي إذَا أَقَامَ قَيِّمًا لِعَجْزِ الْوَصِيِّ لَا
يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ ، وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ .
كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ ،إذَا مَاتَ أَحَدُ
الْوَصِيَّيْنِ أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ ،
وَلَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ فَيَضَعَانِهِ
حَيْثُ شَاءَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ . الْوَصِيُّ إذَا
أَبْرَأَ عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِ صَحَّ ، وَيَضْمَنُ إلَّا إذَا أَبْرَأَ مَنْ
كَاتَبَهُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ، وَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْأَبُ كَمَا فِي
الْخَانِيَّةِ .
الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا فَلَيْسَ
لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ تَعْلِيمُهُ الْحِيَاكَةَ ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا
وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا ، وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ .
قَالَ الْقَاضِي : جَعَلْتُكَ وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ
لَا غَيْرُ ، وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا ، وَلَوْ
قَالَ : جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ .
إذَا مَاتَ الْمُوصِي خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي
مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ
يَرُدَّ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ فَهُمَا شَرِيكَانِ
فِي كُلِّهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ . قَضَى الْوَصِيُّ الدَّيْنَ ثُمَّ ظَهَرَ
آخَرُ ضَمِنَ لَهُ حِصَّتَهُ إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي أَنْفَقَ
الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ
يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
الْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا إذَا
نَصَبَ شَبَكَةً لِلصَّيْدِ ثُمَّ مَاتَ فَتَعَلَّقَ الصَّيْدُ فِيهَا بَعْدَ
الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ .
كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْمَكَاتِبِ
الْعَطَاءُ لَا يُورَثُ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ
مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ تَرِثُ الْمُعْتَقَ فِي
زَمَانِنَا ، وَكَذَا مَا فَضَلَ بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ
عَلَيْهِ ، وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلْبِنْتِ رَضَاعًا .
وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ
لَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَهُ مَوْضِعَهُ .
كُلُّ إنْسَانٍ يَرِثُ وَيُورَثُ إلَّا ثَلَاثَةً : الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لَا
يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ .
وَمَا قِيلَ : إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرِثَ خَدِيجَةَ
لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنَّمَا وَهَبَتْ مَالَهَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي
صِحَّتِهَا .
وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ ، وَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ
الْمُسْلِمُونَ .
الْجَنِينُ يَرِثُ ، وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ .
وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي
الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْإِرْثِ ، فَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ رَحِمَهُمْ
اللَّهُ تَعَالَى : فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُورَثِ .
وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى :
عِنْدَ الْمَوْتِ
.
وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ
لِجَارِيَةِ مُورَثِهِ : إذَا مَاتَ مَوْلَاكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْتِقُ لَا عَلَى الثَّانِي ، كَذَا
فِي الْيَتِيمَةِ
. الْإِرْثُ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ ، وَأَمَّا الْحُقُوقُ
فَمِنْهَا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ
الْقَذْفِ وَالنِّكَاحُ لَا يُورَثُ ،وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنِ يُورَثُ ،
وَالْوَكَالَاتُ وَالْعَوَارِيُّ وَالْوَدَائِعُ لَا تُورَثُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي
خِيَارِ الْعَيْبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُورَثُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ
لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ
يُورَثُ ،وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً ، وَيَجُوزُ أَنْ
يُقَالَ : لَا يُورَثُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا
أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ
الْوَرَثَةِ عَلَى الْقِصَاصِ ، وَالْبَاقِي غُيَّبٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ
إذَا حَضَرُوا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا .كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ .
وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَاتَّفَقُوا أَنَّهُ
يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ
مَسْأَلَةً ؛خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ وَسِتٌّ فِي غَيْرِهَا .
أَمَّا الْخَمْسُ :
فَالْأُولَى : الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ لَا إرْثَ لَهَا
مَعَ الْأَبِ ، وَلَا تُحْجَبُ بِالْجَدِّ .
الثَّانِيَةُ : الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ
يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ ، وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ عَلَى قَوْلِهِمَا ،
وَيَسْقُطُونَ بِهِ كَالْأَبِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ،
فَالْمُخَالَفَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا خَاصَّةً .
الثَّالِثَةُ : لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مَعَ أَحَدِ
الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبِ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ
جَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ خِلَافًا
لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الرَّابِعَةُ : لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ أَبِ
مُعْتِقِهِ وَابْنِ مُعْتِقِهِ فَلِلْأَبِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فِي
رِوَايَةٍ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ ، فَالْكُلُّ لِلِابْنِ فِي
الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ .
الْخَامِسَةُ : لَوْ تَرَكَ جَدَّ مُعْتِقِهِ وَأَخَاهُ ؛
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَخْتَصُّ الْجَدُّ بِالْوَلَاءِ ،
وَقَالَا الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْجَدِّ أَبٌ
فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ اتِّفَاقًا .
وَأَمَّا الْمَسَائِلُ السِّتُّ ؛ فَأَرْبَعٌ فِي الْكُتُبِ
الْمَشْهُورَةِ : لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ الْأَبُ وَيَدْخُلُ
الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ .
تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ
دُونَ جَدِّهِ .
وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ حُرَّ وَلَاءِ وَلَدِهِ إلَى
مَوَالِيهِ دُونَ الْجَدِّ .
وَيَصِيرُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ
جَدِّهِ .
الْخَامِسَةُ : لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا
وَمَالًا فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهُوَ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْجَدِّ .
السَّادِسَةُ : فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لَوْ كَانَ
لِلصَّغِيرِ أَخٌ وَجَدٌّ ؛ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَشْتَرِكَانِ
وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَخْتَصُّ الْجَدُّ . وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ
أَبٌ اُخْتُصَّ اتِّفَاقًا .
ثُمَّ زِدْتُ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَبُوهُ
وَصَارَ يَتِيمًا ، وَلَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ لِإِزَالَةِ الْيُتْمِ
عَنْهُ .
فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً .
ثُمَّ رَأَيْت أُخْرَى فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ ، لَوْ
مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا
وَلَا مَالَ لَهُ ، وَلَهُمْ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبِ الْأَبِ
فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ؛ الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ
عَلَى الْجَدِّ ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَانَتْ كُلُّهَا عَلَيْهِ ، وَلَا
تُشَارِكُهُ الْأُمُّ فِي نَفَقَتِهِمْ .
فَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ . الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي
الْأَرْحَامِ وَلَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ ، فَلَا يَلِي النِّكَاحَ مَعَ الْعَصَبَاتِ
، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ ، وَلَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ
جَارِيَةِ ابْنِ بِنْتِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِلَا تَصْدِيقٍ ، وَفِي الْمِيرَاثِ مِنْ
ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا مَسْأَلَةَ مَا إذَا قَتَلَ وَلَدَ بِنْتِهِ فَإِنَّهُ
لَا يُقْتَلُ بِهِ كَأَبِ الْأَبِ ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
وَالْحَدَّادِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ
وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : يَجُوزُ إقْرَاضُهُ اتِّفَاقًا ، وَيَجُوزُ
إقْرَاضُ الْأَبِ فِي رِوَايَةٍ .
الثَّانِيَةُ : يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِشَرْطِ
الْخَيْرِيَّةِ لِلْيَتِيمِ ، وَلِلْأَبِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا ضَرَرَ .
الثَّالِثَةُ : لِلْأَبِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ
وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ .
الرَّابِعَةُ : لِلْأَبِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ
عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَلِلْوَصِيِّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ .
الْخَامِسَةُ : لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ
عَلَى دَيْنِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ .
السَّادِسَةُ : لَا تَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ
عِبَارَتَيْنِ ، فَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِالشَّرْطِ ، فَلَا
بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبِلْت بَعْدَ الْإِيجَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ .
السَّابِعَةُ : لَا يَلِي الْإِنْكَاحَ بِخِلَافِ الْأَبِ .
الثَّامِنَةُ : لَا يُمَوِّنُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ .
التَّاسِعَةُ : لَا يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ صَدَقَةَ فِطْرِهِ
بِخِلَافِ الْأَبِ
.
الْعَاشِرَةُ : لَا يَسْتَخْدِمُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ .
الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ : لَا حَضَانَةَ لَهُ بِخِلَافِ
الْأَبِ . الْمَيِّتُ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا ضُرِبَ بَطْنُ
امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَإِنَّ الْغُرَّةَ يَرِثُهَا الْجَنِينُ
لِتُورَثَ عَنْهُ كَمَا فِي جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ ،وَلَا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ
إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا
فِي الصَّيْدِ ،
وَلَا يَضْمَنُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا حَفَرَ
بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَتْ
الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ بِئْرًا تَعَدِّيًا
فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا
فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ
فِي دَارِنَا عَنْ مَالٍ ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وُقِفَ مَالُهُ
حَتَّى يَقْدَمُوا فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ ، وَلَوْ أَهْلَ
ذِمَّةٍ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا : لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ ، وَيُؤْخَذُ
مِنْهُمْ كَفِيلٌ ،وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مِلْكِهِمْ ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ
كِتَابُهُ ؛ فِي مُسْتَأْمَنِ فَتْحِ الْقَدِيرِ ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ
الْقَادِرِ فِي الطَّبَقَاتِ فِي بَابِ الْهَمْزِ فِي أَحْمَدَ : قَالَ
الْجُرْجَانِيُّ فِي الْخِزَانَةِ قَالَ الْعَبَّاسُ النَّاطِفِيُّ : رَأَيْت
بِخَطِّ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَجُلٍ جَعَلَ لِأَحَدِ بَنِيهِ
دَارًا بِنَصِيبِهِ
.
عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ
مِيرَاثٌ ، جَازَ ، وَأَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْيَمَانِيِّ أَحَدُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الثَّلْجِيِّ ، وَحَكَى
ذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَارِقِ وَأَبُو عُمَرَ وَالطَّبَرِيُّ (
انْتَهَى )
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ تَمَّ الْفَنُّ
الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَلِيهِ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ
الْفَنُّ الثَّالِثُ: الْجَمْعُ وَالْفَرْقُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ وَأَلْهَمَ ،
وَفَتَحَ مِنْ دَقَائِقِ الْحَقَائِقِ وَفَهَّمَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى
رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ( وَبَعْدُ )
فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ ، وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ ، وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى
أَحْكَامٍ يَكْثُرُ دَوْرُهَا وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهَا ، هِيَ أَحْكَامُ
النَّاسِي أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ ، وَأَحْكَامُ
الصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالسَّكَارَى وَالْأَعْمَى ،وَأَحْكَامُ الْحَمْلِ ،
وَقَدْ كَتَبْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ
، الِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ وَالِانْقِلَابُ .
وَحُكْمُ النُّقُودِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ
، وَبَيَانُ جَرَيَانِ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ ، وَبَيَانُ حُكْمِ
السَّاقِطِ هَلْ يَعُودُ أَمْ لَا ، وَمَا فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ ، وَبَيَانُ أَنَّ
النَّائِبَ يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَصِيلُ ، وَبَيَانُ مَا يَقْبَلُ
الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ ، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ ، وَبَيَانُ أَنَّ
الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ، وَأَحْكَامُ النَّائِمِ
وَأَحْكَامُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ ، وَبَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ
الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَعَكْسِهِ ، وَأَحْكَامُ الْأُنْثَى ، وَأَحْكَامُ
الْجِنِّ ، وَأَحْكَامُ الذِّمِّيِّ ، وَأَحْكَامُ الْمَحَارِمِ وَأَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ
الْحَشَفَةِ ، وَأَحْكَامُ الْعُقُودِ ، وَأَحْكَامُ الْفُسُوخِ ، وَالْقَوْلُ فِي
الْمِلْكِ ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ وَأَحْكَامِهِ ، وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ
الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ
وَالتَّعْلِيقِ ، وَالْقَوْلُ فِي السَّفَرِ ، وَفِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ ،
وَفِي الْحَرَمِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ.
أَحْكَامُ النَّاسِي
وَحَدُّ النِّسْيَانِ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ عَدَمُ
تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ
وَالْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى
أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى
وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ }
قَالَ الْأُصُولِيُّونَ : إنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ
مَحَلِّ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ ،
فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا ، وَهُوَ نَوْعَانِ أُخْرَوِيٌّ ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ
،وَدُنْيَوِيٌّ ، وَهُوَ الْفَسَادُ .
وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ
كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًافَلَا يَعُمُّ .
أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ
، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا
عُمُومَ لَهُ ،فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ
كَذَا فِي التَّنْقِيحِ ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ .
وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ فَإِنْ وَقَعَ فِي
تَرْكِ مَأْمُورٍ لَمْ يَسْقُطْ بَلْ يَجِبُ تَدَارُكُهُ وَلَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ
الْمُتَرَقَّبُ عَلَيْهِ ، أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ،فَإِنْ أَوْجَبَ عُقُوبَةً
كَانَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِهَا ،
فَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ
زَكَاةً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِلَا خِلَافٍ
،وَكَذَا الْوُقُوفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ غَلَطًا يَجِبُ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا ،
وَمِنْهَا مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ
نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي
الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ، أَوْ
نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ أَوْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَمِمَّا
يَسْقُطُ حُكْمُهُ فِي النِّسْيَانِ لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فِي
الصَّوْمِ أَوْ جَامَعَ لَمْ يَبْطُلْ أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ
تَبْطُلُ ،وَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ
وَالنَّاسِي وَالْعَامِدُ فِي الْيَمِينِ سَوَاءٌ ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ لَوْ
قَالَ : زَوْجَتِي طَالِقٌ نَاسِيًا أَنَّ لَهُ زَوْجَةً ، وَكَذَا فِي الْعَتَاقِ
، وَكَذَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
وَقَدْ جَعَلَ لَهُ أَصْلًا فِي التَّحْرِيرِ فَقَالَ : إنْ
كَانَ مَعَهُ مُذَكِّرٌ ، وَلَا دَاعِيَةَ لَهُ كَأَكْلِ الْمُصَلِّي لَمْ
يَسْقُطْ لِتَقْصِيرِهِ ، بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ ، أَوْ لَا مَعَهُ مَعَ
دَاعٍ كَأَكْلِ الصَّائِمِ سَقَطَ أَوْ لَا وَلَا فَأَوْلَى كَتَرْكِ الذَّابِحِ
التَّسْمِيَةَ ( انْتَهَى )
وَمِنْ مَسَائِلِ النِّسْيَانِ لَوْ نَسِيَ الْمَدْيُونُ
الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُؤَاخَذْ
بِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَصْبًا يُؤَاخَذْ بِهِ ،كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْهَا
لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا .
وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ
وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا
مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ ؛ فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ
،وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ
وَإِلَّا فَبَسِيطٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الشُّعُورِ وَأَقْسَامُهُ عَلَى
مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ كَمَا فِي الْمَنَارِ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ : جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي
الْآخِرَةِ ،كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ
الْآخِرَةِ ، وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى وَجَهْلِ الْبَاغِي حَتَّى يَضْمَنَ مَالَ
الْعَدْلِ إذَا أَتْلَفَهُ .
وَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ
الْمَشْهُورَةَ وَالْإِجْمَاعَ كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
وَالثَّانِي : الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ
الصَّحِيحِ أَوْ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا وَشُبْهَةً
، كَالْمُحْتَجِمِ إذَا أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا فَطَّرَتْهُ ، وَكَمَنْ
زَنَى بِجَارِيَةِ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ
وَالثَّالِثُ : الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ
مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا وَيَلْحَقُ بِهِ
الرَّابِعُ : وَهُوَ جَهْلُ الشَّفِيعِ ،وَجَهْلُ
الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ ،وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ ،وَجَهْلُ
الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ وَضِدُّهُ ( انْتَهَى )
وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ؛
لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَكَذَا ، وَهُوَ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ بِهِ
حَنِثَ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَنْزِ ، وَقَالُوا : لَوْ لَمْ تَعْلَمْ
الْأَمَةُ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ بِسُكُوتِهَا ، وَلَوْ
لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ خِيَارَ الْبُلُوغِ بَطَلَ ،وَقَالُوا : لَوْ اسْتَامَ
جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً أَوْ ثَوْبًا مَلْفُوفًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ
بَعْدَ الْكَشْفِ ؛ قِيلَ : يُعْذَرُ إذْ ادِّعَاؤُهُ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ
وَقِيلَ لَا .
وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ،وَقَالُوا : يُعْذَرُ
الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ ،وَقَالُوا :
إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ ثُمَّ ادَّعَتْ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ ، فَإِذَا
بَرْهَنَتْ اسْتَرَدَّتْ الْبَدَلَ لِلْجَهْلِ فِي مَحَلِّهِ ، وَلَوْ قَبِلَ
الْكِتَابَةَ ، وَأَدَّى الْبَدَلَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْتَاقَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ
، وَيَسْتَرِدُّ الْبَدَلَ إذَا بَرْهَنَ وَقَالُوا : إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ
الْأَبُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ يُقْبَلُ
. وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ : وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ
وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ
الْمُتَفَرِّقَاتِ أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ ،
فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَبِيرَةِ لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ الْإِرْضَاعَ مُفْسِدٌ
كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ
جَاهِلًا .
قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَكْفُرُ .وَعَامَّتُهُمْ عَلَى
أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَا يُعْذَرُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ ظَنَّ لِجَهْلِهِ أَنَّ مَا
فَعَلَهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ حَلَالٌ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ
دِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرُورَةً ، كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا
وَقَالُوا فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ : لَوْ اشْتَرَى مَا كَانَ رَآهُ وَلَمْ
يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ
مَرْئِيَّةٌ لِعَدَمِ الرِّضَاءِ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ : إنَّ الْجَهْلَ
بِكَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ
لَا الضَّمَانَ . وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ : سُئِلَ
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً
مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا .
ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ سَأَلْت الْفُقَهَاءَ
عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَالْمُقِرُّ
مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ ؟ فَقَالَ لَا يَسْقُطُ
عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ ( انْتَهَى ) .
وَقَالَ قَبْلَهُ : إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ
عَلَى ظَنِّ صِدْقِ الْمُفْتِي بِالْوُقُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأَهُ فَإِفْتَاءُ
الْأَهْلِ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ ،وَلَوْ بَاعَ
الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ .وَلَوْ بَاعَ
الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ ،وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ
وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ عَلِمَ جَازَ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَدُّ
مَالَ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ نَفَذَ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَمُقْتَضَى بَيْعِ
الْوَارِثِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ابْنَهُ ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ .
وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَبَانَ رَاجِعًا يَنْبَغِي
أَنْ يَنْفُذَ . وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا فِي
وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ ؛ : الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَهُ إلَى
الطَّالِبِ بَعْدَ مَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ ، قَالُوا : إنْ عَلِمَ
الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ
بَعْدَ رِدَّتِهِ ، قَالُوا : إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِطَرِيقِ الْفِقْهِ أَنَّ الدَّفْعَ
إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ ضَمِنَ مَا دَفَعَهُ ، وَإِلَّا فَلَا
،وَلَوْ دَفَعَ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ
اللَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ،وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ
مُطْلَقًا ، كَالْمُتَفَاوِضِينَ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ
بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ
أَدَّى الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا .
وَالْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا أَدَّى الْأَمْرَ
بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ
بِقَضَاءِ الْمُوَكِّلِ ، قَالُوا : هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا .
أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ : فَيَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (
انْتَهَى )
وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ ، وَلَمْ
يَعْلَمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُمْ كَذَا فِي وَصَايَا
الْخَانِيَّةِ .
وَفِي وَكَالَةِ الْمُنْيَةِ : أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ
غُلَامِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَلَمْ يَعْلَمْ
الْمُوَكِّلُ بِمَا بَاعَهُ ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ بِعْت الْغُلَامَ ، فَقَالَ : أَجَزْت .
جَازَ الْبَيْعُ ، وَكَذَا فِي النِّكَاحِ ، وَإِنْ قَالَ :
قَدْ أَجَزْت مَا أَمَرْتُك بِهِ لَمْ يَجُزْ ( انْتَهَى )
وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ : إذَا عَفَا بَعْضُ
الْوَرَثَةِ عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ ؛ إنْ عَلِمَ
أَنَّ عَفْوَ الْبَعْضِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ اُقْتُصَّ مِنْهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، لِأَنَّ
هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ ( انْتَهَى )
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : وَكَّلَهُ بِقَبْضِ
دَيْنِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِي
يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ ، وَلَوْ وَكَّلَهُ
بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ
فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ ( انْتَهَى ) .
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ فَمَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ
الْمَنَارِ ، وَهِيَ شَهِيرَةٌ فِي الْفُرُوعِ تَرَكْنَاهَا قَصْدًا
أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ
هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ،فَإِذَا
انْفَصَلَ ذَكَرًا ، فَصَبِيٌّ وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ
إلَى الْبُلُوغِ ، فَغُلَامٌ إلَى تِسْعَ عَشَرَةَ ، فَشَابٌّ إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ
، فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ ، فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ .
هَكَذَا فِي اللُّغَةِ .
وَفِي الشَّرْعِ يُسَمَّى غُلَامًا إلَى الْبُلُوغِ
وَبَعْدَهُ شَابًّا ، وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ ، فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ .
وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ ، فَلَا
تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ حَتَّى الزَّكَاةِ عِنْدَنَا
وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا
مِنْهَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ ، وَعَمْدُهُ خَطَأٌ .
وَأَمَّا الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، فَفِي التَّحْرِيرِ
: وَاسْتَثْنَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْأَيْمَانَ فَأَثْبَتَ
أَصْلَ وُجُوبِهِ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِسَبَبِيَّةِ حُدُوثِ الْعَالِمِ لَا
الْأَدَاءِ ، فَإِذَا أَسْلَمَ عَاقِلًا وَقَعَ فَرْضًا فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهُ
بَالِغًا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ السَّبَبِ .
وَنَفَاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِعَدَمِ حُكْمِهِ وَلَوْ
أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَانَ لِعَدَمِ حُكْمِهِ
فَإِذَا وُجِدَ وَجَبَ ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ ( انْتَهَى )
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي مَالِهِ
وَالْأُضْحِيَّةِ
.
وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ فَيُؤَدِّيهَا الْوَلِيُّ
وَيَذْبَحُهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا فَيُطْعِمُهُ مِنْهُ
وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا تَبْقَى عَيْنُهُ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي
أَرْضِهِ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَقَرَابَتِهِ
كَالْبَالِغِ ، وَعَلَى بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا يُفْسِدُهَا مِنْ
نَحْوِ كَلَامٍ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ فِي الصَّوْمِ ، وَجِمَاعٍ فِي
الْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ، لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ مَحْظُورٍ
إحْرَامُهُ ،
وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ فِي
صَلَاتِهِ ، وَإِنْ أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ .
وَتَصِحُّ عِبَادَاتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِهَا ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَهُ وَلِلْمُعَلِّمِ
ثَوَابُ التَّعْلِيمِ ، وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ وَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ ،
وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا فِي التَّرَاوِيحِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا .
وَتَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى سَامِعِهَا مِنْ
صَبِيٍّ ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ ، وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ
بِصَلَاتِهِ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ هُوَ
مِنْهُمْ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ ، فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ
وَلَا الْقَضَاءَ وَلَا الشَّهَادَةَ مُطْلَقًا ،لَكِنْ لَوْ خَطَبَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ
وَصَلَّى بَالِغٌ جَازَ .
وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ ظَاهِرًا قَالَ فِي
الْبَزَّازِيَّةِ : مَاتَ السُّلْطَانُ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى
سَلْطَنَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ ، يَنْبَغِي أَنْ يُفَوِّضَ أُمُورَ التَّقْلِيدِ
عَلَى وَالٍ وَيُعِدَّ هَذَا الْوَلِيُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ
لِشَرَفِهِ ، وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الِابْنُ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ
هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ مِمَّنْ
لَا وِلَايَةَ لَهُ
( انْتَهَى )
وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ
بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا
، وَفِي الْإِسْعَافِ وَالْمُلْتَقَطِ : وَلَا تَصِحُّ خُصُومَةُ الصَّبِيِّ إلَّا
أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي الْخُصُومَةِ .
وَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ إلَّا
الْقَهْقَهَةَ ، وَيَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ .
كَمَا فِي الْمَجْمَعِ .
لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ
فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَفْضَلَ ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ
تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ
الْفَرِيضَةِ ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ
بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ
بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ
بِفِعْلِهِ ؟ فَقَالُوا :وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ ، وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُصْحَفِ
، وَتُمْنَعُ الصَّبِيَّةُ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَلَا نَقُولُ بِوُجُوبِهَا
عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَصِحُّ أَمَانَةً وَلَا يُدَاوَى إلَّا بِإِذْنِ
وَلِيِّهِ وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ قِيَاسًا ، وَلَا بَأْسَ
بِهِ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ ،وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ
وَعُلِمَ أَنَّهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ بِغَيْرِ
حَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ ،
وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِدُ الْعَقْدَ
وَيَقْصِدُهُ وَلَوْ مَحْجُورًا ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقَ إلَيْهِ فِي نَحْوِ
بَيْعٍ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ وَكَذَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ وَالِاعْتِبَارُ
لِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ ،وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ
كَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا . وَفِي الْمُلْتَقَطِ : وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ
الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا ( انْتَهَى ) . وَيَحْصُلُ بِوَطْئِهِ
التَّحْلِيلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ
وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ
كَالْبَالِغِ وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ ،وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ ،
وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ
صَغِيرًا أَوْ تَبَعًا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ
التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطَهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا
بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي .
وَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِرَمْيِهِ إذَا سَمَّى ،وَلَيْسَ
كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا فَيَجُوزُ
لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِوَلَا
يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ إلَّا حُكْمًا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي
النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الطَّلَاقِ ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي
الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْأَفْعَالِ ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ إلَّا
فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي
الْحَجْرِ ،وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَهِي
النِّسَاءَ وَإِلَّا فَلَا .
وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ الْمُشْتَهَاةِ
وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي
الْقَسَامَةِ وَالْعَاقِلَةِ ، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِهِ فَالدِّيَةُ
عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ
فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ ،
وَلَا يُؤْخَذُ صِبْيَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ .
وَلَا يُقْتَلُ وَلَدُ الْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ ،
وَلَوْ قَتَلَهُ مُجَاهِدٌ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ
سَلَبُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ إلَّا إذَا قَاتَلَ ، وَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ
تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ
اسْتَحَقَّ سَلَبَ مَقْتُولِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ : وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ
مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْكَنْزِ إنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ
إذَا قَاتَلَ ، وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِصَبِيٍّ إذَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ
بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ جَازَ ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ : السُّلْطَانُ أَوْ
الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ (
انْتَهَى )
وَلَا تَنْعَقِدُ بِيَمِينِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا
فَبَاعَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُدْرِكَ
كَمَا فِي الْعُمْدَةِ ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ
لَا يُحْضِرُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَنَكَلَ لَا يُقْضَى
عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ . وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا ،
وَتَتَوَقَّفُ عُقُودُهُ الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ عَلَى
إجَازَةِ وَلِيِّهِ ، وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ
أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ
كَانَ مَحْجُورًا ، لَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا ، وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ
عَنْ أَبِيهِ ، وَصَحَّتْ لَهُ وَعَنْهُ مُطْلَقًا .
وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ
الصِّبْيَانِ ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ
تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا
نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ ؛
وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ مَا يَكُونُ بِهِ بَالِغًا ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَرَكْنَاهُ
قَصْدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ ، وَكِتَابُنَا هَذَا إنْ
شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ الْمُفْرَدَاتِ الْمُلْتَقَطَاتِ وَالصَّبِيَّةُ
الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ، وَلَا
يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ
يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ
أَوْ الْحُمَّى ، وَقَدْ سُئِلَتْ عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرٍ وَأَخْرَجَهُ
مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ
: رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ
الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِالصَّبِيِّ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ (
انْتَهَى ) .
وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، لِأَنَّهُ مَا غَصَبَهُ ، لِأَنَّهُ الْأَخْذُ قَهْرًا
، وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ : وَعَنْ مُحَمَّدِ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى فِيمَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ
مَنْزِلِهِ .
قَالَ أَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ
يُعْلَمَ مَوْتُهَا ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ
فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ .
وَلَوْ دَفَعَ السِّكِّينَ إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ نَفْسَهُ
لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ ، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ
وَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ .
وَكَذَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ
، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْوُقُوعِ مِنْ شَجَرَةٍ فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ .
وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَعَطِبَ ضَمِنَهُ ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِصُعُودِ
شَجَرَةٍ لِنَفْضِ ثِمَارِهَا فَوَقَعَ ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِكَسْرِ
الْحَطَبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ، وَفِيهَا أَيْضًا : صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ
سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرِقَ فِي مَاءٍ ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا
شَيْءَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ ، وَإِنْ كَانَ
لَا يَعْقِلُ أَوْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا ؛ قَالُوا يَكُونُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ
أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ
، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ شَيْءٌ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ
وَهُوَ الصَّحِيحُ ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ،
وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ : امْسِكْهَا لِي وَهِيَ وَاقِفَةٌ
فَسَقَطَ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا ،
وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ
فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ لَا
يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَهَدَرٌ ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَجَعَلَ
صَبِيًّا مَعَهُ فَقَتَلَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا ؛ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا
يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ ، وَإِلَّا فَعَلَى
عَاقِلَتِهِمَا ( انْتَهَى ) . وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ ثُمَّ
صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ ، وَلَا يَجُوزُ
لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ ، وَلَا أَنْ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ
، وَلَا أَنْ يُجْلِسَهُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ
مُسْتَدْبِرًا ، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ ، وَفِي
الْمُلْتَقَطِ : زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى لَا
يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّلَبِ ( انْتَهَى ) . أَحْكَامُ السَّكْرَانِ
هُوَ مُكَلَّفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ
وَأَنْتُمْ سُكَارَى } خَاطَبَهُمْ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ .
فَإِنْ كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ فَالسَّكْرَانُ مِنْهُ
هُوَ الْمُكَلَّفُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُبَاحٍ فَلَا ، فَهُوَ كَالْمُغْمَى
عَلَيْهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَاخْتُلِفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ
مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا فَطَلَّقَ .
وَقَدَّمْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ مِنْ مُحَرَّمٍ
كَالصَّاحِي إلَّا فِي ثَلَاثٍ : الرِّدَّةُ ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ
الْخَالِصَةِ ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ .
وَزِدْتُ عَلَى الثَّلَاثِ مَسَائِلَ :
الْأُولَى:تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِأَقَلَّ
مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ .
الثَّانِيَةُ : الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ ، صَاحِيًا ، إذَا
سَكِرَ فَطَلَّقَ لَمْ يَقَعْ .
الثَّالِثَةُ : الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ سَكِرَ فَبَاعَ
لَمْ يَنْفُذْ عَلَى مُوَكِّلِهِ .
الرَّابِعَةُ : غَصَبَ مِنْ صَاحٍ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ
وَهُوَ سَكْرَانُ ، وَهِيَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ ، فَهُوَ كَالصَّاحِي إلَّا
فِي سَبْعٍ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ
وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مِنْ
الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ .
وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ
فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ ، وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ
، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَنْجُ حِينَ شَرِبَهُ
يَقَعُ وَإِلَّا فَلَاوَصَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِ السَّكْرَانِ
وَاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ ، وَيَنْبَغِي أَلَّا يَصِحُّ أَذَانُهُ
كَالْمَجْنُونِوَأَمَّا صَوْمُهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ إنْ صَحَا
قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ النِّيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ إذَا نَوَى لِأَنَّا لَا
نَشْتَرِطُ التَّبْيِيتَ فِيهَا ، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ صَحْوِهِ
أَثِمَ وَقَضَى وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ .
وَيَصِحُّ وُقُوفُهُ بِعَرَفَاتٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ
لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ . وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ
فَقِيلَ : مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَالرَّجُلَ مِنْ
الْمَرْأَةِ .
وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَقِيلَ : مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ
وَهَذَيَانٌ ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ
وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِدْحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ
احْتِيَاطًا فِي الْمُحَرَّمَاتِ .
وَالْخِلَافُ فِي الْحَدِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا
فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِهِ وَفِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَسْكَرَ كَمَا
بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُمْ : إنَّ السُّكْرَ مِنْ مُبَاحٍ
كَالْإِغْمَاءِ ، يُسْتَثْنَى مِنْهُ سُقُوطُ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ
عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ بِصُنْعِهِ كَذَا
فِي الْمُحِيطِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ
لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا
أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ ، وَصُورَتُهَا كَالرَّجُلِ ،
وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى
عَوْرَتِهَا فَقَطْ وَمَا عَدَاهَا إنْ اشْتَهَى . وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ
شَاهِدًا وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً ، وَلَا عَاشِرًا وَلَا قَاسِمًا وَلَا
مُقَوِّمًا وَلَا كَاتِبَ
حُكْمٍ وَلَا أَمِينًا لِحَاكِمٍ وَلَا إمَامًا أَعْظَمَ
وَلَا قَاضِيًا وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحٍ أَوْ قَوَدٍ ، وَلَا يَلِي أَمْرًا
عَامًّا إلَّا نِيَابَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ، فَلَهُ نَصْبُ الْقَاضِي نِيَابَةً
عَنْ السُّلْطَانِ ، وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَلَوْ أَذِنَ
لِعَبْدِهِ بِالْقَضَاءِ فَقَضَى بَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ إذْنٍ ،
وَلَا وَصِيًّا إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَ الْمُوصِي ، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ ،
عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ ، وَلَا
زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا فِطْرَةَ ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَوْلَاهُ إنْ كَانَ
لِلْخِدْمَةِ ، وَلَا أُضْحِيَّةَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ
، وَلَا يَصُومُ غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا فَرْضًا وَجَبَ
بِإِيجَابِهِ ،
وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ ، وَلَا
يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ
مَوْلَاهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ
حَجْرِهِ ، وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ
غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِهِ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَزْوِيجِ
نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ ، وَيُجْعَلُ صَدَاقًا وَيَكُونُ نَذْرًا وَرَهْنًا
، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ ، وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ حَالَّةً إلَّا
بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَلَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ ، وَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ
مَقَامَهَا كُلًّا وَبَعْضًا وَلَا تَبْلُغُهَا ،وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا هُوَ
مِنْهُمْ .
وَحْدَهُ النِّصْفُ وَلَا إحْصَانَ لَهُ ،
وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدِيَتِهِ ،
وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَلْ يُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ ، وَيُبَاعُ
فِي دِيَتِهِ .
وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ
،وَيَنْكِحُ اثْنَتَيْنِ وَلَا تَسْرِي لَهُ مُطْلَقًا ، وَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ
وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ ، وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِهَا
وَلَا تُنْكَحُ عَلَى حُرَّةٍ ، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَاتِ ، وَلَا يُحَدُّ
قَاذِفُهُ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ ، وَقَسْمُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَسْمِ
الْحُرَّةِ ، وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا ، وَلَا يَلْحَقُ وَلَدُهَا مَوْلَاهَا
إلَّا بِدَعْوَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ، وَإِيلَاءُ الْأَمَةِ
الْمَنْكُوحَةِ شَهْرَانِ ، وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ جَمِيلَةً وَلَا تَجِبُ
نَفَقَتُهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ وَلَا تُوطَأُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ
بِخِلَافِ الْحُرَّةِ ، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ السَّرَارِي ، وَيَجُوزُ
جَمْعُهُنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِدُونِ الرِّضَاءِ ، وَلَا ظِهَارَ وَلَا
إيلَاءَ مِنْ أَمَتِهِ ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا
، وَلَا حَضَانَةَ لِأَقَارِبِهِ بَلْ لِسَيِّدِهِ ، وَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْحُرِّ فِي الْأَطْرَافِ ، بِخِلَافِ النَّفْسِ ،
وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ ، وَدَوَاؤُهُ
مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ ، بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ زَوْجَةً ، وَإِذَا لَمْ
يَقْدِرْ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا بِمُعِينٍ ، فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُوَضِّئَهُ
بِخِلَافِ الْحُرِّ ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ
مَوْلَاهُ ، وَمَهْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ كَالدَّيْنِ ، وَيُبَاعُ فِي
نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ ، وَلَا نَفَقَةَ
لَهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ
إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَلَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ ، وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ
بِالِاسْتِيلَاءِ ، وَلَا يَصِحُّ تَصَادُقُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى
النِّكَاحِ إلَّا فِي الْمُسَبَّبِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، بِخِلَافِ
الْحُرَّيْنِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ، وَإِعْتَاقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ
مُعَلَّقًا بِمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ وَهِبَتُهُ
وَصَدَقَتُهُ وَتَبَرُّعُهُ إلَّا إهْدَاءَ الْيَسِيرِ مِنْ الْمَأْذُونِ
الْمُحَابَاةُ الْيَسِيرَةُ مِنْهُ ، وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى مَوْلَاهَا
وَهُوَ الْمَطَالِبُ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ بِالتَّفْرِيقِ
،وَلَيْسَ مَصْرِفًا لِلصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ
فَقِيرًا أَوْ كَانَ مُكَاتَبًا ، وَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ مُؤْنَةً إلَّا
دَمَ إحْصَارِهِ عَنْ إحْرَامٍ مَأْذُونٍ فِيهِ ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ
إلَيْهِ لَوْ وَكِيلًا مَحْجُورًا ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي
الْقَسَامَةِ وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ
الْمُبْهَمِ ، بِخِلَافِ وَطْءِ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لَا يَكُونُ بَيَانًا فِي
الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مُوجِبٌ
لِضَمَانِهِ ، وَأَمْرُ عَبْدِ الْغَيْرِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ مَوْلَاهُ
مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحُرِّ إلَّا إذَا
كَانَ سُلْطَانًا ، وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ صَغِيرًا ،
وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ ، وَعَقْدُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَتَخْرُجُ
الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَا حَقَّ لَهُ
فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالتَّمْيِيزِ عَنَّا لَوْ كَانَ عَبْدَ
ذِمِّيٍّ .
وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ
أَمَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ أَوْ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمُبَاحِ .
وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ
أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ : لَوْ رَدَّ آبِقًا فَالْجُعَلُ لِمَوْلَاهُ .
وَيُعَزِّرُهُ مَوْلَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَحُدُّهُ
عِنْدَنَا .
وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ تَيْسِيرُ جَمْعِهَا
مِنْ مَحَالِّهَا ، وَلَمْ أَرَهَا مَجْمُوعَةً وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا
بِاَللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .
اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَأَلْهِمْنَا
رُشْدَنَا
أَحْكَامُ الْأَعْمَى
هُوَ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : مِنْهَا : لَا
جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا جُمُعَةَ وَلَا جَمَاعَةَ وَلَا حَجَّ وَإِنْ وَجَدَ
قَائِدًا وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ
وَالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى ، وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنِهِ .
وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ ، وَتُكْرَهُ
إمَامَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ
كَفَّارَةٍ ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ وَحَضَانَتِهِ ،
وَرُؤْيَتُهُ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ
، وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا
وَإِلَّا فَلَا ، وَيَصْلُحُ نَاظِرًا أَوْ وَصِيًّا ، وَالثَّانِيَةُ فِي مَنْظُومَةِ
ابْنِ وَهْبَانَ ، وَالْأُولَى فِي أَوْقَافِ هِلَالٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ
الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ
قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى : الْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ
أَرْبَعَةٍ : الِاقْتِصَارُ
؛ كَمَا إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَلَهُ نَظَائِرُ جَمَّةٌ .
وَالِانْقِلَابُ وَهُوَ انْقِلَابُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ ،
كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ ؛ فَعِنْدَ وُجُودِ
الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً وَالِاسْتِنَادُ ؛ وَهُوَ أَنْ
يَثْبُتَ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ
وَالِاقْتِصَارِ ، وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ
مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَكَالنِّصَابِ ، فَإِنَّهُ تَجِبُ
الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ ،
كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ عِنْدَ خُرُوجِ
الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ ، وَلِهَذَا قُلْنَا
لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا . وَالتَّبْيِينُ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي
الْحَالِ
أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ ، مِثْلُ أَنْ
يَقُولَ فِي الْيَوْمِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ
وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا ؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ ،
وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْهُ ، وَكَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ :
إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ ، لَا يُقْضَى بِوُقُوعِ
الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِذَا تَمَّ ثَلَاثَةُ
أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ
التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ ؛ أَنَّ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ
الْعِبَادُ ، وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ ، وَفِي الْحَيْضِ يُمْكِنُ
الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِشَقِّ الْبَطْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ
وَكَذَا تُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ
التَّبْيِينِ ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ دُونَ
الْمُتَلَاشِي .
وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا ، فَلَوْ قَالَ :
أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ
فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ ، فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ
مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ أَوَّلَهُ ، وَلَوْ
وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ،
وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا ، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ
إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ ، وَلَوْ مَاتَ
فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْ لَمْ تَجِبْ
الْعِدَّةُ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ
الْمَحِلِّ .
وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ
لَا بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ
بِشَهْرٍ يَقَعُ مُقْتَصِرًا عَلَى الْقُدُومِ لَا مُسْتَنِدًا ( انْتَهَى ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .
وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى
الِاسْتِنَادِ تِسْعَ مَسَائِلَ فَلْتُرَاجَعْ فِيهَا. أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا
يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ
لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ ، وَفِي تَعْيِينِهِ
فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا بِأَنَّ
مَا فَسَدَ مِنْ أَصْلِهِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَا فِيمَا انْتَقَضَ بَعْدَ صِحَّةٍ
، وَالصَّحِيحُ تَعْيِينُهُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ فَسَادِهِ وَبَعْدَ هَلَاكِ
الْمَبِيعِ وَفِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ نِصْفِ مَا قَبَضَ
عَلَى شَرِيكِهِ وَفِيمَا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ ؛ فَلَوْ ادَّعَى
عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ
حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا ، وَلَا
يَتَعَيَّنُ فِي الْمَهْرِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ
الدُّخُوْلِ فَتُرَدُّ مِثْلُ نِصْفِهِ، وَلِذَا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ
لَوْ نِصَابًا حَوْلِيًّا عِنْدَهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ
وَالْوَكَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْعَامَّةُ كَذَلِكَ ،
وَيَتَعَيَّنُ فِي الْأَمَانَاتِ .
وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ
وَالْغَصْبِ ، وَتَمَامُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ .
وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ
مَجْرَى الدَّنَانِيرِ فِي ثَمَانِيَةٍ .
وَفِي وَكَالَةِ النِّهَايَةِ : اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ
تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ
فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا بِالْإِنْفَاقِ ، وَبِهِ
صَرَّحَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا
يَقْبَلُهُ ،وَبَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ :
لَوْ قَالَ الْوَارِثُ : تَرَكْتُ حَقِّي لَمْ يَبْطُلْ
حَقُّهُ ؛ إذْ الْمِلْكُ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ ، وَالْحَقُّ يَبْطُلُ بِهِ
حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْغَانِمِينَ قَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ : تَرَكْت
حَقِّي بَطَلَ حَقُّهُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : تَرَكْت حَقِّي فِي
حَبْسِ الرَّهْنِ بَطَلَ ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْعِمَادِيِّ ،
وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ
، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشُّرْبِ وَلَفْظُهَا :
رَجُلٌ لَهُ مَسِيلٌ مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ
مَعَ الْمَسِيلِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَسِيلِ ، كَانَ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ
أَنْ يَضْرِبَ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ
الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ
عَلَى الْمَسِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَرَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ فَمَاتَ
الْمُوصِي وَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ جَازَ
الْبَيْعُ وَبَطَلَ سُكْنَاهُ ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ ،
وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ : أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ ، فَإِنْ
كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ قِيَاسًا
عَلَى حَقِّ السُّكْنَى ، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ .
لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ وَذَكَرَ فِي
الْكِتَابِ : إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي فَصَالَحَ
الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى السُّدُسِ جَازَ الصُّلْحُ .
وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ
زَادَهْ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ غَيْرُ
مُتَأَكِّدٍ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِالْإِسْقَاطِ ( انْتَهَى ) .
فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَقَّ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ
وَحَقَّ حَبْسِ الرَّهْنِ وَحَقَّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ
بِالسُّكْنَى وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ
الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، عَلَى قَوْلِ
خُوَاهَرْ زَادَهْ : يُسْقِطُ الْإِسْقَاطَ ، وَصَرَّحُوا
بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ ، وَقَالُوا : حَقُّ
الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَسْقُطُ ، كَمَا فِي هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ
وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ ؛ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ
الشَّهَادَاتِ فِي الشَّهَادَةِ بِوَقْفِ الْمَدْرَسَةِ : إنَّ مَنْ كَانَ
فَقِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَدْرَسَةِ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ
اسْتِحْقَاقًا لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : أَبْطَلْت
حَقِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ
مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ مِنْ عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ
ابْنُ وَهْبَانَ وَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيهَا .
وَقَدْ بَقِيَ حُقُوقٌ : مِنْهَا خِيَارُ الشَّرْطِ ؛
قَالُوا يَسْقُطُ بِهِ ، وَمِنْهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ، قَالُوا لَوْ أَبْطَلَهُ
قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِالْقَوْلِ لَمْ يَبْطُلْ وَبِالْفِعْلِ يَبْطُلُ وَبَعْدَهَا
يَبْطُلُ بِهِمَا ، وَمِنْهَا خِيَارُ الْعَيْبِ يَبْطُلُ بِهِ ، وَمِنْهَا
الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ ، وَمِنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ يَسْقُطُ
بِالْعَفْوِ وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا
وَإِنْ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَقْبَلُ
الْإِسْقَاطَ مِنْ الْعَبْدِ .
قَالُوا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ ثُمَّ عَادَ وَطَلَب حُدَّ
، لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ لِفَقْدِ الطَّلَبِ ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ
بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ
وَقَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ
إلَّا بِالْإِضَافَةِ
وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ وَكَثُرَ
السُّؤَالُ عَنْهَا وَلَمْ أَرَ فِيهَا صَرِيحًا بَعْدَ التَّفْتِيشِ ؛ مِنْهَا
أَنَّ بَعْضَ الذُّرِّيَّةِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ الرِّيعُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ
لِغَيْرِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا
أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ فَرَغَ لَهُ عَنْهُ ، إلَّا أَنَّ فِي الْيَتِيمَةِ
وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِهِ ،
فَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ صَحَّ تَفْوِيضُهُ ،
وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ
جَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْقُنْيَةِ : إذَا عُزِلَ النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ
لَهُ النَّظَرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ
أَوْ الْقَاضِي ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَرْطًا
فِي أَصْلِ الْوَقْفِ كَشَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَالزِّيَادَةِ
وَالنُّقْصَانِ وَالِاسْتِبْدَالِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ
الْأَصْلُ فِي مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَمَا عُلِمَ سَابِقًا مِنْ
كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
إلَّا إذَا أَسْقَطَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ حَقَّهُ
لَا لِأَحَدٍ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا
أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِمَّا
شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ . فَإِنْ قُلْت إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ
لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ
فُلَانٌ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ ؟ قُلْت نَعَمْ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ
بِخِلَافِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ .
وَأَمَّا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِرَفْعِ جُذُوعِ الْغَيْرِ
الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَائِطِهِ تَعَدِّيًا .
فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالصُّلْحِ وَلَا
بِالْعَفْوِ وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ .
كَمَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ .
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ
هَذَا التَّأْلِيفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا
بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ .
وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ السَّلَمِ : لَوْ
قَالَ رَبُّ الْمُسَلَّمِ أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي التَّسْلِيمِ فِي ذَلِكَ
الْمَكَانِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْتُ عَنْهَا : شَرَطَ
الْوَاقِفُ لَهُ شُرُوطًا مِنْ إدْخَالٍ وَإِخْرَاجٍ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَمَ
بِالْوَقْفِ مُتَضَمِّنًا لِلشُّرُوطِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَمَّا
شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الشُّرُوطِ .
فَأَجَبْتُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ
بَعْدَ الْحُكْمِ لَازِمٌ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ، بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَهُوَ
شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ
فِيمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّيعِ لَا لِأَحَدٍ ، فَإِنَّهُ
قَالَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ .
وَعِلَّتُهُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَهُ صَارَ لَازِمًا
كَلُزُومِ الْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ مَا
شَرَطَهُ لَهُ فَكَذَا الشَّارِطُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَقَلْنَاهُ
عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ إسْقَاطِ رَبِّ السَّلَمِ حَقَّهُ مِمَّا
شَرَطَ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ ، فَإِنَّهُ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ فِي ضِمْنٍ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ
وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ .
بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ :
فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِقِلَّةِ
الْفَوَائِتِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَعُودُ
بِالتَّذَكُّرِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ كَانَ مَانِعًا لَا مُسْقِطًا فَهُوَ مِنْ
بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ .
وَلَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا ؛
فَلَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ ، وَفُرِكَ الثَّوْبُ مِنْ
الْمَنِيِّ وَجَفَّتْ
الْأَرْضُ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَصَابَهَا مَاءٌ لَا تَعُودُ
النَّجَاسَةُ فِي الْأَصَحِّ ، وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا ثُمَّ عَادَ
، وَمِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ لِلْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ ؛ لِأَنَّهُ
دَيْنٌ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ ، وَأَمَّا عَوْدُ النَّفَقَةِ بَعْدَ سُقُوطِهَا
بِالنُّشُوزِ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَا مِنْ بَابِ
عَوْدِ السَّاقِطِ
.
وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ
فِي الْخِيَارَاتِ مِنْ الْبُيُوعِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَعُودُ الْخِيَارُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ
مَانِعٌ زَالَ فَعَمَلَ الْمُقْتَضِي ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا يَعُودُ
نَظَرًا إلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ لَا يَعُودُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ .
وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إنْ كَانَ
مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ ، وَإِنْ عُدِمَ
الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى : أَبْرَأَهُ
عَامًا ثُمَّ أَقَرَّهُ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَامًا فَهَلْ
يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ كُلِّهِ ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَا فِي
جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى
ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ
إبْرَائِي ؛ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ : أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت
الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَقْت لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ ، يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ .
وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ
الرَّدِّ وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ (
انْتَهَى ) .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ :
لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي عَلَيْك فَاشْهَدْ لِي عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ،
فَقَالَ نَعَمْ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ
دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ .
فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسَعُ
الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ ( انْتَهَى ) .
وَفَرَّعْتُ عَلَى قَوْلِهِمْ : السَّاقِطُ لَا يَعُودُ ،
قَوْلَهُمْ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ مَعَ وُجُودِ
الْأَهْلِيَّةِ لِفِسْقٍ أَوْ لِتُهْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ
فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ .
بَيَانُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ :
فِي مَسَائِلَ ذَكَرَتْهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ
الْبُيُوعِ
بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي بَعْضِ
الْمَسَائِلِ
قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ : النَّائِمُ
كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً : الْأُولَى : إذَا نَامَ
الصَّائِمُ عَلَى قَفَاهُ وَفُوهُ مَفْتُوحٌ فَقَطَرَ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءِ
الْمَطَرِ فِي فِيهِ فَسَدَ صَوْمُهُ ، وَكَذَا لَوْ قَطَرَ أَحَدٌ قَطْرَةً مِنْ الْمَاءِ
فِي فِيهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ .
الثَّانِيَةُ : إذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ
يَفْسُدُ صَوْمُهَا
.
الثَّالِثَةُ : لَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَجَامَعَهَا
زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ .
الرَّابِعَةُ : الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَجَاءَ رَجُلٌ
فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ .
الْخَامِسَةُ : الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَانْقَلَبَ عَلَى
صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ .
السَّادِسَةُ : إذَا نَامَ الْمُحْرِمُ عَلَى بَعِيرٍ
وَدَخَلَ فِي عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ .
السَّابِعَةُ : الصَّيْدُ الْمُرْمَى إلَيْهِ بِالسَّهْمِ
إذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الرَّمْيَةِ يَكُونُ حَرَامًا
كَمَا إذَا دُفِعَ عِنْدَ يَقْظَانَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ .
الثَّامِنَةُ : إذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى مَتَاعٍ
وَكَسَرَهُ وَجَبَ الضَّمَانُ .
التَّاسِعَةُ : الْأَبُ إذَا نَامَ تَحْتَ جِدَارٍ
فَوَقَعَ الِابْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَمَاتَ الِابْنُ يُحْرَمُ
عَنْ الْمِيرَاثِ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
الْعَاشِرَةُ : مَنْ رَفَعَ النَّائِمَ وَوَضَعَهُ تَحْتَ
جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ وَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : رَجُلٌ خَلَا بِامْرَأَتِهِ
وَثَمَّةَ أَجْنَبِيٌّ نَائِمٍ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ .
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : رَجُلٌ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتْ
امْرَأَتُهُ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ
نَائِمَةً فِي بَيْتٍ وَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ عِنْدَهَا سَاعَةً
صَحَّتْ الْخَلْوَةُ
.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : امْرَأَةٌ نَامَتْ فَجَاءَ رَضِيعٌ
فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ .
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : الْمُتَيَمِّمُ إذَا مَرَّتْ
دَابَّتُهُ عَلَى مَاءٍ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عَلَيْهَا نَائِمٌ
انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ .
السَّادِسَةَ عَشَرَةَ : الْمُصَلِّي إذَا نَامَ
وَتَكَلَّمَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ .
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَقَرَأَ
فِي حَالَةِ قِيَامِهِ تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ .
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي
نَوْمِهِ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ ، كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْ
الْيَقْظَانِ .
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : إذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا النَّائِمُ
فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ ، كَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يُفْتِي
بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ ،
وَتَجِبُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ نَائِمٍ
فَانْتَبَهَ فَأُخْبِرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا .
الْعِشْرُونَ : رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ
فُلَانًا فَجَاءَ الْحَالِفُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَقَالَ
لَهُ قُمْ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ النَّائِمُ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَحْنَثُ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ
يَحْنَثُ .
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ
طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَجَاءَ الرَّجُلُ وَمَسَّهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ ،
صَارَ مُرَاجِعًا
.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : لَوْ كَانَ الزَّوْجُ
نَائِمًا فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا
عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ : الرَّجُلُ إذَا نَامَ
وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ فَرْجَهَا فِي فَرْجِهِ وَعَلِمَ الرَّجُلُ
بِفِعْلِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ .
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : إذَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى
نَائِمٍ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ
بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ .
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : الْمُصَلِّي إذَا نَامَ فِي
صَلَاتِهِ وَاحْتَلَمَ يَجِبُ الْغُسْلُ .
وَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ .
وَكَذَلِكَ إذَا بَقِيَ نَائِمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ
يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ( انْتَهَى )
أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ
أَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فَتَصِحُّ
الْعِبَادَاتُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ .
وَقِيلَ هُوَكَالْمَجْنُونِ وَقِيلَ هُوَ كَالْبَالِغِ
الْعَاقِلِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ .
أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ
ذَكَرَهَا الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ
فَلْيَنْظُرْهَا مَنْ رَامَهَا
بَيَانُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى أَوْ لِلَّفْظِ
ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي .
أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ
ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ ، وَذَكَرَ
مِنْ أَحْكَامِهِ وُقُوفَهُ فِي الصَّفِّ وَحُكْمَ مِيرَاثِهِ
وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ وَلَا يَلْبَسُ حَرِيرًا
وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ ، وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ
عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا فَوَصَلَ
إلَيْهِ جَازَ ، وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ ، أَوْ امْرَأَةً فَبَلَغَ
فَوَصَلَ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ
فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ
خَلْفَ الرِّجَالِ ،
وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَهَا وَإِنْ
وَقَفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ لَا يُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ
وَيَسَارِهِ وَخَلْفِهِ مُحَاذِيًا لَهُ وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ
الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ ، وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ
لَوْ دُفِنَا لِضَرُورَةٍ مَعَ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ ، وَلَا حَدَّ
عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ
بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ ؛ وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ
وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَلَا قِصَاصَ
عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً ، وَلَا
تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ
أَرْشُهَا ، وَلَا يَخْلُو بِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ
وَلَا امْرَأَةٍ ، وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ .
وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ
بِأَلْفٍ إنْ كَانَ غُلَامًا وَبِخَمْسِ مِائَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى ، فَوَلَدَتْ
خُنْثَى مُشْكِلًا فَالْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ فِي الْخَمْسِ مِائَةِ الزَّائِدَةِ
إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ كَانَ أَوَّلُ
وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ قَالَ كَذَلِكَ لِأَمَتِهِ فَأَنْتِ
حُرَّةٌ ، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تُعْتَقْ .
وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ وَإِنَّمَا يُرْضَخُ
لَهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ، وَلَا
خَرَاجَ عَلَى رَأْسِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ
الْمَوْلَى : كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ ، إلَّا إذَا
قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ ،
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ : إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَأَنْتِ
طَالِقٌ فَاشْتَرَى خُنْثَى لَمْ تُطْلَقْ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : إنْ مَلَكْت
أَمَةً ، وَلَوْ قَالَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْكِلُ : أَنَا
ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ، وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ
دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ
النَّفْسِ ، وَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ ، وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ
مِثْلَهُ
لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فَلَا يَتَوَارَثَانِ بِالْمَوْتِ
، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَشُهُودٌ أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ
يَطْلُبُ مِيرَاثًا قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ غُلَامٌ
وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ امْرَأَتُهُ
قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أُنْثَى وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى ؛
فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً تَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهَا أَوْقَفْتُ الْأَمْرَ إلَى
أَنْ يَسْتَبِينَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى شَيْئًا وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ
شَيْءٌ لَا تُقْبَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَبِينَ.
وَأَمَّا مِيرَاثُهُ وَالْمِيرَاثُ مِنْهُ ؛ فَقَالَ :
فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى مِنْهُ ، وَتَمَامُهُ فِيهِ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ
إلَّا فِي مَسَائِلَ ؛ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً ، وَلَا
يَتَزَوَّجُ مِنْ رَجُلٍ ، وَلَا يَقِفُ فِي صَفِّ النِّسَاءِوَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ
، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا يَقَعُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عَلِّقَا عَلَى وِلَادَتِهَا
أُنْثَى بِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ : كُلُّ أَمَةٍ .
أَحْكَامُ الْأُنْثَى
تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي أَنَّ السُّنَّةَ فِي عَانَتِهَا
النَّتْفُ وَلَا يُسَنُّ خِتَانُهَا وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ ، وَيُسَنُّ
حَلْقُ لِحْيَتِهَا لَوْ نَبَتَتْ وَتُمْنَعُ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهَا ،
وَمَنِيُّهَا لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ عَلَى قَوْلٍ ، وَتَزِيدُ فِي أَسْبَابِ
الْبُلُوغِ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ ،وَيُكْرَهُ أَذَانُهَا وَإِقَامَتُهَا
،وَبَدَنُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَاوَكَفَّيْهَاوَقَدَمَيْهَاعَلَى
الْمُعْتَمَدِ ،وَذِرَاعَيْهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ ،وَصَوْتُهَا عَوْرَةٌ فِي
قَوْلٍ ،وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ إلَّا
أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ ، وَ الْمُعْتَمَدُ لَا كَرَاهَةَ
مُطْلَقًا ،وَلَا تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ أُذُنَيْهَا وَلَا تَجْهَرْ
بِقِرَاءَتِهَا . وَتَضُمُّ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَا تُفَرِّجُ
أَصَابِعَهَا فِي الرُّكُوعِ ، وَاذَا نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا صَفَّقَتْ
وَلَا تُسَبِّحُ ، وَتُكْرَهُ جَمَاعَتُهُنَّ ، وَيَقِفُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ
،وَلَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِوَيُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ ،
وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ ، وَتَضَعُ يَمِينَهَا عَلَى شِمَالِهَا تَحْتَ
ثَدْيِهَا ،وَتَضَعُ يَدَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَتَتَوَرَّكُ .
وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ تَنْعَقِدُ بِهَا ، وَلَا
عِيدٌ وَلَا تَكْبِيرُ تَشْرِيقٍ ، وَلَا تُسَافِرُ إلَّا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ
، وَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهَا إلَّا بِأَحَدِهِمَا ، وَلَا تُلَبِّي جَهْرًا
وَلَا تَنْزِعُ الْمَخِيطَ وَلَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا وَلَا تَسْعَى بَيْنَ
الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ ، وَلَا تَحْلِقُ وَإِنَّمَا تُقَصِّرُ وَلَا
تُرْمِلُ ، وَالتَّبَاعُدُ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ ، وَلَا
تَخْطُبُ مُطْلَقًا ، وَتَقِفُ فِي حَاشِيَةِ
الْمَوْقِفِ لَا عِنْدَ الصَّخَرَاتِ ، وَتَكُونُ قَاعِدَةً
وَهُوَ رَاكِبٌ ، وَتَلْبَسُ فِي إحْرَامِهَا الْخُفَّيْنِ ، وَتَتْرُكُ طَوَافَ
الصَّدْرِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ ، وَتُؤَخِّرُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ لِعُذْرِ
الْحَيْضِ وَتُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ ، وَلَا تَؤُمُّ فِي الْجِنَازَةِ .
وَلَوْ فَعَلَتْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاتِهَا ، وَلَا
تَحْمِلُ الْجِنَازَةَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى ، وَيُنْدَبُ لَهَا نَحْوُ
الْقُبَّةِ فِي التَّابُوتِ ، وَلَا سَهْمَ لَهَا وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهَا إنْ
قَاتَلَتْوَلَا تُقْتَلْ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ ، وَلَا تُقْبَلُ
شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ، وَتَعْتَكِفُ فِي بَيْتِهَا
،وَيُبَاحُ لَهَا خَضْبُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ إلَّا
لِضَرُورَةٍ . وَالتَّضْحِيَةُ
بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْهَا .
وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ : فِي الْإِرْثِ
وَالشَّهَادَةِ وَالدِّيَةِ نَفْسًا أَوْ بَعْضًا ، وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ ، وَلَا
يَنْبَغِي أَنْ تُوَلَّى الْقَضَاءَ ، وَإِنْ صَحَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ
وَالْقِصَاصِوَبُضْعُهَا مُقَابَلٌ بِالْمَهْرِ دُونَ الرَّجُلِ ، وَتُجْبَرُ
الْأَمَةُ عَلَى النِّكَاحِ دُونَ الْعَبْدِ فِي رِوَايَةٍ ، وَالْمُعْتَمَدُ
عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْجَبْرِ ، وَتُخَيَّرُ الْأَمَةُ إذَا
أُعْتِقَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا ، وَلَبَنُهَا
مُحَرَّمٌ فِي الرَّضَاعِ دُونَهُ .
وَتُقَدَّمُ عَلَى الرِّجَالِ فِي الْحَضَانَةِ
وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَفِي النَّفْرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى
مِنًى وَفِي الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَتُؤَخَّرُ : فِي جَمَاعَةِ
الرِّجَالِ وَالْمَوْقِفِ وَفِي اجْتِمَاعِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ ؛ فَتُجْعَلُ
عِنْدَ الْقِبْلَةِ ، وَالرَّجُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَكَذَا فِي
اللَّحْدِوَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَطْعِ ثَدْيِهَا أَوْ حَلَمَتِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ
الرَّجُلِ فَإِنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ ، وَلَا قِصَاصَ بِقَطْعِ طَرَفِهَا
بِخِلَافِهِ وَلَا مُسَاوَمَةَ عَلَيْهَا ،وَلَا تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ ؛
فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ الدِّيَةِ لَوْ قَتَلَتْ خَطَأً بِخِلَافِ الرَّجُلِ
فَإِنَّ الْقَاتِلَ كَأَحَدِهِمْ . وَيُحْفَرُ لَهَا فِي الرَّجْمِ .
إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ وَتُجْلَدُ جَالِسَةً
وَالرَّجُلُ قَائِمًا ، وَلَا تُنْفَى سِيَاسَةً ، وَيُنْفَى هُوَ عَامًا بَعْدَ
الْجِلْدِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا ، وَلَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِلدَّعْوَى إذَا
كَانَتْ مُخَدَّرَةً وَلَا لِلْيَمِينِ بَلْ يَحْضُرُ إلَيْهَا الْقَاضِي أَوْ
يَبْعَثُ إلَيْهَا نَائِبَهُ يُحَلِّفُهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ ، وَيُقْبَلُ
تَوْكِيلُهَا بِلَا رِضَاءِ الْخَصْمِ إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً اتِّفَاقًا ،
وَلَا تُبْتَدَأُ الشَّابَّةُ بِسَلَامٍ وَتَعْزِيَةٍوَلَا تُجَابُ ، وَلَا تُشَمَّتُ
وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ مَعَهَا .
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ كَوْنِهَا نَبِيَّةً ، وَاخْتَارَ فِي الْمُسَايَرَةِ
جَوَازَ كَوْنِهَا نَبِيَّةً لَا رَسُولَةً ، لِأَنَّ
الرِّسَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاشْتِهَارِ ، وَمَبْنَى حَالِهِنَّ
عَلَى السِّتْرِ بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ وَالتَّمَامِ فِيهَا ، وَلَا تَدْخُلُ
النِّسَاءُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
مِنْ الْقِسْمَةِ
.
أَحْكَامُ الذِّمِّيِِّ
حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ : إلَّا أَنَّهُ لَا
يُؤْمَرُ بِالْعِبَادَاتِ ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ
وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ ، وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ
وَغُسْلُهُ ، فَلَوْ أَسْلَمَ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِهِ .
وَلَا يَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ الْعِبَادَاتِ عَلَى قَوْلٍ ،
وَيَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ اعْتِقَادِهَا إجْمَاعًا
وَلَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ جُنُبًا بِخِلَافِ
الْمُسْلِمِ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ دُخُولِهِ عَلَى إذْنِ مُسْلِمٍ
عِنْدَنَا ، وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَا
سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ .
وَيُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ ،
وَلَا يُحَدُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ ، بَلْ تُرَدُّ عَلَيْهِ
إذَا غُصِبَتْ مِنْهُ
.
وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا لَهُ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا
بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا أَوْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ
إمَامًا يَرَى ذَلِكَ ، بِخِلَافِ إتْلَافِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا
يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا ، وَيَنْبَغِي أَنْ
يَكُونَ إظْهَارُهُ شُرْبَهَا كَإِظْهَارِهِ بَيْعَهَا .
وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ
الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ ، وَلَا يُعْتَرَضُ لَهُمْ لَوْ تَنَاكَحُوا فَاسِدًا أَوْ
تَبَايَعُوا كَذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمُوا .
وَفِي الْكَنْزِ : وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي
الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ .
وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ ، وَلَا
يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا .
وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِمَا ضِمْنَ
الْمُعَامَلَاتِ لَا مَقْصُودًا وَهُوَ مُرَادُهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي الْكَافِي .
وَيَأْخُذُ الذِّمِّيُّ بِالتَّمْيِيزِ عَمَّا فِي
الْمَرْكَبِ وَالْمَلْبَسِ فَيَرْكَبُونَ بِالْأُكُفِ وَلَا يَلْبَسُونَ
الطَّيَالِسَةَ وَالْأَرْدِيَةَ وَلَا ثِيَابَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ ،
وَتُجْعَلُ عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَةٌ ، وَلَا يُحْدِثُونَ بِيعَةً وَلَا
كَنِيسَةً فِي مِصْرَ
.
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي سُكْنَاهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
فِي الْمِصْرِ ، وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ . وَاخْتَلَفَ
الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ هَلْ يَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ بِجَمِيعِ الْعَلَامَاتِ
أَوْ تَكْفِي وَاحِدَةٌ ؟ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ لَا يَرْكَبُونَ مُطْلَقًا
وَلَا يَلْبَسُونَ الْعَمَائِمَ . وَإِنْ رَكِبَ الْحِمَارَ لِضَرُورَةٍ نَزَلَ
فِي الْمَجَامِعِ . وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الْمُرُورِ ، وَلَا يُرْجَمُ وَإِنَّمَا
يُجْلَدُ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُقَامُ الْحُدُودُ كُلُّهَا عَلَيْهِ
إلَّا حَدَّ شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَلَا يُبْدَأُ الذِّمِّيُّ بِسَلَامٍ إلَّا
لِحَاجَةٍ وَلَا يُزَادُ فِي الْجَوَابِ عَلَى وَعَلَيْك ، وَتُكْرَهُ
مُصَافَحَتُهُ ، وَيَحْرُمُ تَعْظِيمُهُ
وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ
كَافِرٍ لِعَصْرِ الْعِنَبِ .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ : كُلُّ شَيْءٍ امْتَنَعَ مِنْهُ
الْمُسْلِمُ امْتَنَعَ مِنْهُ الذِّمِّيُّ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ . وَلَا
تُكْرَهُ عِيَادَةُ جَارِهِ الذِّمِّيِّ وَلَا تُكْرَهُ ضِيَافَتُهُ ، وَلَا تُعْتَبَرُ
الْكَفَاءَةُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِنْتُ مَلِكٍ
خَدَعَهَا حَائِكٌ أَوْ كَنَّاسٌ فَيُفَرَّقُ لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ كَذَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ
تَنْبِيهٌ :الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ
اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، كَالْقِصَاصِ وَضَمَانِ
الْأَمْوَالِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَوْ أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ
لَمْ تَسْقُطْ وَمِنْهَا لَوْ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ وَكَانَ زِنَاهُ ثَابِتًا
بِبَيِّنَةِ مُسْلِمِينَ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِإِسْلَامِهِ وَإِلَّا سَقَطَ
تَنْبِيهٌ آخَرُ: اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي
وَضْعِ الْجِزْيَةِ وَحِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبَائِحِ وَفِي الدِّيَةِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَارَكَهُمْ الْمَجُوسِيُّ فِي
الْجِزْيَةِ وَالدِّيَةِ دُونَ الْآخَرَيْنِ وَاسْتَوَى أَهْلُ الذِّمَّةِ فِيمَا
ذُكِرَ .
وَقَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَدِيَةُ الْكَافِرِ
وَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ ، وَلَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ بِمُسْتَأْمَنٍ
تَنْبِيهٌ آخَرُ: لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ
وَالْكَافِرِ ، وَيَجْرِي الْإِرْثُ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس
، وَالْكُفْرُ كُلُّهُ عِنْدَنَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الدَّارِ ،
وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ
وَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ ، فَإِنَّهُ يَرِثُ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَرَثَتُهُ
الْمُسْلِمُونَ مَعَ عَدَمِ الِاتِّحَادِ .
أَحْكَامُ الْجَانِّ
قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا ، وَقَدْ أَلَّفَ فِيهَا مِنْ
أَصْحَابِنَا الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ الشِّبْلِيُّ فِي كِتَابِهِ آكَامِ
الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ " لَكِنِّي لَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهِ
الْآنَ ، وَمَا نَقَلْته عَنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ
الْأُسْيُوطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ : مُؤْمِنُهُمْ
فِي الْجَنَّةِ وَكَافِرُهُمْ فِي النَّارِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِ
الطَّائِعِينَ .
فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مُعَزِّيًا إلَى الْأَجْنَاسِ عَنْ
الْإِمَامِ : لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ ، وَفِي التَّفَاسِيرِ تَوَقَّفَ
الْإِمَامُ فِي ثَوَابِ الْجِنِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِيهِمْ : {
يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ } وَالْمَغْفِرَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ
الْإِثَابَةَ لِأَنَّهُ سَتْرٌ ، وَمِنْهُ الْمِغْفَرُ لِلْبَيْضَةِ ،
وَالْإِثَابَةُ
بِالْوَعْدِ فَضْلٌ .
قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ : أُوعِدَ ظَالِمُهُمْ
فَيَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ ، وَيَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ صَالِحُهُمْ ، قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى : { وَأَمَّا
الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا } .
قُلْنَا : الثَّوَابُ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى
لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ ، فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى : { فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } بَعْدَ عَدِّ نَعِيمِ الْجَنَّةِ خِطَابًا
لِلثَّقَلَيْنِ يَرُدُّ مَا ذَكَرْتُ .
قُلْنَا : ذَكَرُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَقُّفِ : التَّوَقُّفُ
فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلَاذِّ ، لَا الدُّخُولُ فِيهِ كَدُخُولِ
الْمَلَائِكَةِ لِلسَّلَامِ وَالزِّيَارَةِ وَالْخِدْمَةِ : { وَالْمَلَائِكَةُ
يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ } الْآيَةَ ( انْتَهَى ) .
فَمِنْهَا النِّكَاحُ: قَالَ فِي السِّرَاجِيَّةِ : لَا
تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْجِنِّ وَإِنْسَانِ الْمَاءِ
لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( انْتَهَى ) .
وَتَبِعَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَالْفَيْضِ ، وَفِي
الْقُنْيَةِ : سُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ
التَّزْوِيجِ بِجِنِّيَّةٍ فَقَالَ : يَجُوزُ بِلَا شُهُودٍ ، ثُمَّ رَقَّمَ آخَرُ
فَقَالَ : لَا يَجُوزُ ، ثُمَّ رَقَّمَ آخَرُ : يُصْفَعُ السَّائِلُ لِحَمَاقَتِهِ
( انْتَهَى ) .
وَفِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ :
سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ التَّزْوِيجِ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مِنْ
الْجِنِّ ؛ هَلْ يَجُوزُ إذَا تُصُوِّرَ ذَلِكَ أَمْ يَخْتَصُّ الْجَوَازُ
بِالْآدَمِيِّينَ ؟ فَقَالَ : يُصْفَعُ هَذَا السَّائِلُ لِحَمَاقَتِهِ وَجَهْلِهِ .
قُلْت : وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى حَمَاقَةِ السَّائِلِ
وَكَانَ لَا يُتَصَوَّرُ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ
ذَكَرَ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِنَبِيٍّ مِنْ
الْأَنْبِيَاءِ ، هَلْ يُرْمَى ؟ فَقَالَ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ ، وَلَا
يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَلَكِنْ أَجَابَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصَوُّرِ كَذَا هَذَا .
وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو حَامِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ
لَا يَجُوزُ ( انْتَهَى )
وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ
الْجِنِّيَّاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ : { وَاَللَّهُ جَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أَيْ مِنْ جِنْسِكُمْ وَنَوْعِكُمْ وَعَلَى
خَلْقِكُمْ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ }
أَيْ مِنْ الْآدَمِيِّينَ ( انْتَهَى ) .
وَبَعْضُهُمْ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ حَرْبٌ
الْكَرْمَانِيُّ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
الْقَطِيعِيُّ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ
يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ } ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ
مُرْسَلًا فَقَدْ اُعْتُضِدَ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ ، فَرُوِيَ الْمَنْعُ عَنْ
الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَاكِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ
بْنِ رَاهْوَيْهِ وَعُقْبَةَ بْنِ الْأَصَمِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
فَإِذَا تَقَرَّرَ الْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْإِنْسِيِّ
الْجِنِّيَّةَ ؛ فَالْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْجِنِّيِّ الْإِنْسِيَّةَ مِنْ بَابِ
أَوْلَى ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ : لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ
، وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا ، لَكِنْ رَوَى أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَعِيدِ بْنِ
الْعَبَّاسِ الرَّازِيّ فِي كِتَابِ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَسَةِ فَقَالَ :
حَدَّثَنَا مُقَاتِلٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ دَاوُد الزَّبِيدِيِّ قَالَ : كَتَبَ
قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إلَى مَالِكٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ
وَقَالُوا : إنَّ هُنَا رَجُلًا مِنْ الْجِنِّ يَخْطُبُ إلَيْنَا جَارِيَةً
يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْحَلَالَ .
فَقَالَ : مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي الدِّينِ ،
وَلَكِنْ أَكْرَهُ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً حَامِلًا قِيلَ لَهَا مَنْ زَوْجُكِ قَالَتْ
مِنْ الْجِنِّ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ فِي الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا لَوْ وَطِئَ الْجِنِّيُّ إنْسِيَّةً فَهَلْ
يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ ؟ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ : امْرَأَةٌ قَالَتْ
: مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي فِي النَّوْمِ مِرَارًا وَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا
أَجِدُ لَوْ جَامَعَنِي زَوْجِي .
لَا غُسْلَ عَلَيْهَا ( انْتَهَى ) .
وَقَيَّدَهُ الْكَمَالُ بِمَا إذَا لَمْ تُنْزِلْ ؛ أَمَّا
إذَا أَنْزَلَتْ وَجَبَ كَأَنَّهُ احْتِلَامٌ
وَمِنْهَا انْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالْجِنِّ ، ذَكَرَهُ
الْأُسْيُوطِيُّ عَنْ صَاحِبِ آكَامِ الْمَرْجَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مُسْتَدِلًّا
بِحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ الْجِنِّ
وَفِيهِ : فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ فَقَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ
إنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا قَالَ : فَصَفَّهُمَا خَلْفَهُ
ثُمَّ صَلَّى بِهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَ .
وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ
تَحْصُلُ بِالْمَلَائِكَةِ ، وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ ؛ لَوْ صَلَّى فِي فَضَاءٍ
بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مُنْفَرِدًا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ
لَمْ يَحْنَثْ .
وَمِنْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْجِنِّيِّ ذَكَرَهُ
فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ .
وَمِنْهَا إذَا مَرَّ الْجِنِّيُّ بَيْنَ يَدَيْ
الْمُصَلِّي يُقَاتَلُ كَمَا يُقَاتَلُ الْإِنْسِيُّ وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ قَتْلُ
الْجِنِّيِّ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْإِنْسِيِّ .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالُوا : يَنْبَغِي أَنْ لَا
تُقْتَلَ الْحَيَّةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَمْشِي مُسْتَوِيَةً ؛ لِأَنَّهَا مِنْ
الْجَانِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { اُقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ
وَالْأَبْتَرَ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْحَيَّةَ الْبَيْضَاءَ فَإِنَّهَا مِنْ الْجِنِّ
} وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ : لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاهَدَ الْجِنَّ أَنْ لَا يَدْخُلُوا بُيُوتَ
أُمَّتِهِ وَلَا يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ ، فَإِذَا خَالَفُوا فَقَدْ نَقَضُوا
عَهْدَهُمْ فَلَا حُرْمَةَ لَهُمْ .
وَالْأَوْلَى هُوَ الْإِنْذَارُ وَالْإِعْذَارُ فَيُقَالُ
لَهَا : ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ خَلِّي طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ
فَإِنْ أَبَتْ قَتَلَهَا ، وَالْإِنْذَارُ إنَّمَا يَكُونُ خَارِجَ الصَّلَاةِ (
انْتَهَى ) .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا رَأَتْ فِي بَيْتِهَا حَيَّةً فَأَمَرَتْ
بِقَتْلِهَا فَقُتِلَتْ فَأَتَيْت فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقِيلَ لَهَا إنَّهَا
مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَتْ إلَى الْيَمَنِ فَابْتِيعَ لَهَا أَرْبَعُونَ رَأْسًا
فَأَعْتَقَتْهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ ، وَفِيهِ :
فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفُرِّقَتْ عَلَى
الْمَسَاكِينِ وَمِنْهَا قَبُولُ رِوَايَةِ الْجِنِّيِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ آكَامِ
الْمَرْجَانِ ، وَذَكَرَ الْأُسْيُوطِيُّ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي جَوَازِ
رِوَايَتِهِمْ عَنْ الْإِنْسِ مَا سَمِعُوهُ ؛ سَوَاءٌ عَلِمَ الْإِنْسِيُّ بِهِمْ
أَوْ لَا ، وَإِذَا أَجَازَ الشَّيْخُ مَنْ حَضَرَ دَخَلَ الْجِنُّ كَمَا فِي
نَظِيرِهِ مِنْ الْإِنْسِ .
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْإِنْسِ عَنْهُمْ فَالظَّاهِرُ
مَنْعُهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الثِّقَةِ بَعْدَ التُّهَمِ .
وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِزَادِ الْجِنِّ
وَهُوَ الْعَظْمُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ .
وَمِنْهَا أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تَحِلُّ .
قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ : { وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ } (
انْتَهَى ) .
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْكُرْدِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ فِي
فَضْلِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْجَانِّ وَأَوْلَادِ الشَّيْطَانِ
وَبَيَانِ الْغُولِ وَالْكَلَامِ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَأَكْلِهِمْ
فَوَائِدُ :
الْأُولَى : الْجُمْهُورُ ؛ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ
الْجِنِّ نَبِيٌّ ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } .
فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى أَنَّهُمْ رُسُلٌ عَنْ الرُّسُلِ
سَمِعُوا كَلَامَهُمْ فَأَنْذَرُوا قَوْمَهُمْ ، لَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى .
وَذَهَبَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ حَزْمٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ
مِنْهُمْ نَبِيٌّ تَمَسُّكًا بِحَدِيثِ { وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى
قَوْمِهِ خَاصَّةً } قَالَ : وَلَيْسَ الْجِنُّ مِنْ قَوْمِهِ وَلَا شَكَّ
أَنَّهُمْ أُنْذِرُوا فَصَحَّ أَنَّهُ جَاءَهُمْ أَنْبِيَاءٌ مِنْهُمْ .
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ
الْأَحْقَافِ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ
مَبْعُوثًا إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعًا ، قَالَ مُقَاتِلٌ رَحِمَهُ
اللَّهُ : لَمْ يُبْعَثْ قَبْلَهُ نَبِيٌّ إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ مُؤْمِنِي الْجِنِّ .
فَقَالَ قَوْمٌ : لَا ثَوَابَ لَهُمْ إلَّا النَّجَاةُ مِنْ
النَّارِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَعَنْ اللَّيْثِ : ثَوَابُهُمْ أَنْ يُجَارُوا مِنْ
النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ كُونُوا تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ .
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَذَلِكَ .
وَقَالَ آخَرُونَ .
يُثَابُونَ كَمَا يُعَاقَبُونَ .
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى رَحِمَهُمَا
اللَّهُ .
وَعَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّهُمْ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ
وَالذِّكْرَ فَيُصِيبُونَ مِنْ لَذَّتِهِ مَا يُصِيبُهُ بَنُو آدَمَ .
مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنَّ مُؤْمِنِي
الْجِنِّ حَوْلَ الْجَنَّةِ فِي رَبَضِهَا وَلَيْسُوا فِيهَا ( انْتَهَى ) .
الثَّالِثَةُ : ذَهَبَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ إنَّ
الْجِنَّ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛
نَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَا عَكْسَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا
الرَّابِعَةُ : صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي
الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ
: { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ } وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مُؤْمِنِي الْبَشَرِ فَبَقِيَ
عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ .
قَالَ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ : وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ
الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمْ
أَيْضًا ( انْتَهَى
) .
وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْأُسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ،
وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ
بِالْآيَةِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ
أَصْلًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ : لَا تُدْرِكُهُ
أَيْ لَا تُحِيطُ بِهِ .
وَاسْتَدَلَّتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى امْتِنَاعِ
الرُّؤْيَةِ وَهُوَ
ضَعِيفٌ ؛ إذْ لَيْسَ الْإِدْرَاكُ بِمُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ
؛ وَلَا النَّفْيُ فِي الْآيَةِ عَامًّا فِي الْأَوْقَاتِ ؛ فَلَعَلَّهُ مَخْصُوصٌ
بِبَعْضِ الْحَالَاتِ ، وَلَا فِي الْأَشْخَاصِ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا : كُلُّ
بَصَرٍ لَا يُدْرِكُهُ مَعَ أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ ( انْتَهَى
) أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ
الْمَحْرَمُ عِنْدَنَا مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ عَلَى
التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ .
وَلَوْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ ؛ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ وَلَد
الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ وَبِالثَّانِي أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا
، وَشَمِلَ أُمَّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتَهَا وَآبَاءَ الزَّانِي وَابْنَهُ
وَأَحْكَامُهُ : تَحْرِيمُ النِّكَاحِ وَجَوَازُ النَّظَرِ
وَالْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ إلَّا الْمَحْرَمَ مِنْ الرَّضَاعِ ، فَإِنَّ
الْخَلْوَةَ بِهَا مَكْرُوهَةٌ وَكَذَا بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ ، وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ
عَلَى التَّأْبِيدِ لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِيهَا ؛ فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ
تَحِلُّ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ ،
وَالْمَجُوسِيَّةُ تَحِلُّ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِتَهَوُّدِهَا أَوْ تَنَصُّرِهَا
، وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا بِدُخُولِ الثَّانِي وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ ، وَمَنْكُوحَةُ
الْغَيْرِ بِطَلَاقِهَا وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، وَمُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ
بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا .
وَكَذَا لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ
النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ ، وَأَمَّا عَبْدُهَا فَكَالْأَجْنَبِيِّ
عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّ الزَّوْجَ يُشَارِكُ الْمَحْرَمَ فِي هَذِهِ
الثَّلَاثَةِ ، وَالنِّسَاءُ الثِّقَاتُ لَا يَقُمْنَ مَقَامَ الزَّوْجِ
وَالْمَحْرَمِ فِي السَّفَرِ
وَاخْتُصَّ الْمَحْرَمُ النَّسَبِيُّ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا عِتْقُهُ عَلَى قَرِيبِهِ لَوْ مَلِكَهُ ؛ وَلَا
يَخْتَصُّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ .
وَمِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَلَى
قَرِيبِهِ الْغَنِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْ جِهَةِ
الْقَرَابَةِ ، فَإِنَّ الْعَمَّ وَالْأَخَ مِنْ الرَّضَاعِ لَا يُعْتَقُ وَلَا
تَجِبُ نَفَقَتُهُ ، وَيُغَسِّلُ الْمَحْرَمُ قَرِيبَتَهُ .
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ صَغِيرٍ
وَمَحْرَمٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ إلَّا فِي عَشْرَةِ مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي
شَرْحِ الْكَنْزِ ؛ فَإِنْ فَرَّقَ صَحَّ الْبَيْعُ .
وَمِنْهَا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ
الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ
وَتَخْتَصُّ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ
الْمَحَارِمِ بِأَحْكَامٍ : مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا
بِسَرِقَةِ مَالِ الْآخَرِ .
وَمِنْهَا لَا يَقْضِي وَلَا يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا
لِلْآخَرِ .
وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَوْطُوءَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى
الْآخَرِ وَلَوْ بِزِنًا .
وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَنْكُوحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى
الْآخَرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ .
وَمِنْهَا لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ
وَتَخْتَصُّ الْأُصُولُ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ أَصْلِهِ الْحَرْبِيِّ
إلَّا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنْ خَافَ رُجُوعَهُ ضَيَّقَ عَلَيْهِ
وَأَلْجَأَهُ لِيَقْتُلَهُ غَيْرُهُ ، وَلَهُ قَتْلُ فَرْعِهِ الْحَرْبِيِّ
كَمَحْرَمِهِ .
وَمِنْهَا لَا يُقْتَلُ الْأَصْلُ بِفَرْعِهِ وَيُقْتَلُ
الْفَرْعُ بِأَصْلِهِ
.
وَمِنْهَا لَا تَجُوزُ مُسَافَرَةُ الْفَرْعِ إلَّا
بِإِذْنِ أَصْلِهِ دُون عَكْسِهِ .
وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى الْأَصْلُ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ
ثَبَتَ نَسَبُهُ .
وَالْجَدُّ أَبُ الْأَبِ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلَوْ
حُكْمًا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْفَرْعِ إذَا ادَّعَى وَلَدَ
جَارِيَةِ أَصْلِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَصْلِ .
وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الْجِهَادُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ بِخِلَافِ
الْأُصُولِ لَا يَتَوَقَّفُ جِهَادُهُمْ عَلَى إذْنِ الْفُرُوعِ .
وَمِنْهَا لَا تَجُوزُ الْمُسَافَرَةُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ ،
إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَحِيًا
فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا .
وَمِنْهَا إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فِي الصَّلَاةِ
وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْنِهِ فِيهَا .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ .
وَيَنْبَغِي الْإِلْحَاقُ .
وَمِنْهَا كَرَاهَةُ حُجَّةٍ بِدُونِ إذْنِ مَنْ كَرِهَهُ
مِنْ أَبَوَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَى خِدْمَتِهِ .
وَمِنْهَا جَوَازُ تَأْدِيبِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ .
وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِالْأَبِ فَالْأُمُّ
وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ .
وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
وَمِنْهَا تَبَعِيَّةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ فِي
الْإِسْلَامِ .
وَكَتَبْنَا مَسَائِلَ الْجَدِّ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ
الْأَبِ فِيهِ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ .
وَمِنْهَا لَا يُحْبَسُونَ بِدَيْنِ الْفَرْعِ ،
وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ .
وَاخْتَصَّ الْأُصُولُ الذُّكُورُ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ
وَاخْتَصَّ الْأَبُ وَالْجَدُّ بِأَحْكَامٍ : مِنْهَا وِلَايَةُ الْمَالِ ، فَلَا
وِلَايَةَ لِلْأُمِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَّا الْحِفْظُ وَشِرَاءُ مَا لَا
بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ وَمِنْهَا تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ ؛ فَلَوْ بَاعَ الْأَبُ
مَالَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ اشْتَرَى وَلَيْسَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ انْعَقَدَ
بِكَلَامٍ وَاحِدٍ
.
وَمِنْهَا عَدَمُ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ
وَالْجَدِّ فَقَطْ ، وَأَمَّا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ فَلَا تَخْتَصُّ بِهِمَا
فَتَثْبُتُ لِكُلِّ وَلِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ عَصَبَةً أَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ
، وَكَذَا الصَّلَاةُ فِي الْجِنَازَةِ لَا تَخْتَصُّ بِهِمَا .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ : لَوْ ضَرَبَ
الْمُعَلِّمُ الْوَلَدَ بِإِذْنِ الْأَبِ فَهَلَكَ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا أَنْ
يَضْرِبَ ضَرْبًا لَا يُضْرَبُ مِثْلُهُ وَلَوْ ضَرَبَ بِإِذْنِ الْأُمِّ غَرِمَ
الدِّيَةَ إذَا هَلَكَ .
وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ ، إلَّا فِي
اثْنَتَيْ عَشَرَةَ
مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِد مِنْ كِتَابِ
الْفَرَائِضِ وَذَكَرْنَا مَا خَالَفَ فِيهِ الْجَدُّ الصَّحِيحُ الْفَاسِدَ
فَائِدَةٌ : يَتَرَتَّبُ عَلَى النَّسَبِ اثْنَا عَشَرَ
حُكْمًا :
تَوْرِيثُ الْمَالِ ، وَالْوَلَاءُ ، وَعَدَمُ صِحَّةِ
الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ ، وَيُلْحَقُ بِهَا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ
فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ ، وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ ، وَوِلَايَةُ
غُسْلِ الْمَيِّتِ ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ، وَوِلَايَةُ الْمَالِ ، وَوِلَايَةُ
الْحَضَانَةِ ، وَطَلَبُ الْحَدِّ ، وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ
أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ
يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ : وُجُوبُ الْغُسْلِ
وَتَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالْخُطْبَةِ وَالطَّوَافِ وَقِرَاءَةِ
الْقُرْآنِ وَحَمْلِ الْمُصْحَفِ وَمَسِّهِ وَكِتَابَتِهِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ ،
وَكَرَاهَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَبْلَ الْغُسْلِ ، وَوُجُوبُ نَزْعِ الْخُفِّ
، وَالْكَفَّارَةُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ بِدِينَارٍ وَفِي
آخِرِهِ بِنِصْفِ دِينَارٍ .
وَفَسَادُ الصَّوْمِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ وَالتَّعْزِيرُ
وَالْكَفَّارَةُ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مُخَالِصًا وَقَطْعُ
التَّتَابُعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ ، وَفِي الِاعْتِكَافِ وَفَسَادُ الِاعْتِكَافِ ،
وَالْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَالْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِ الْأَكْثَرِ ،
وَوُجُوبُ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِمَا وَقَضَائِهِمَا ، وَوُجُوبُ الدَّمِ وَبُطْلَانُ
خِيَارِ الشَّرْطِ لِمَنْ لَهُ ، وَسُقُوطُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ إذَا فَعَلَهُ
الْمُشْتَرِي بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَقَبْلَهُ إنْ كَانَتْ
بِكْرًا أَوْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ .
وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَوْ
نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ بِهِ ، وَبَيْعُ الْعَبْدِ فِي مَهْرِهَا
إذَا نَكَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَتَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ ، وَتَحْرِيمُ أَصْلِ الْمَوْطُوءَةِ
وَفَرْعِهَا عَلَيْهِ ، وَتَحْرِيمُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ عَلَيْهَا وَحِلُّهَا
لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلِسَيِّدِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مِلْكِهَا
، وَتَحْرِيمُ وَطْءِ أُخْتِهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً ، وَزَوَالُ الْعُنَّةِ
وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْعَتِيقَةِ ، وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْبُلُوغِ إذَا كَانَتْ
بِكْرًا ، وَكَمَالُ الْمُسَمَّى ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمُفَوَّضَةِ
وَإِسْقَاطُ حَبْسِهَا نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ مَهْرٍ مُعَجَّلٍ مِنْ مَهْرِهَا
عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ الْمُعْتَقِ بِهِ ، وَثُبُوتُ السُّنَّةِ
وَالْبِدْعَةِ فِي طَلَاقِهَا وَكَوْنُهُ تَعْيِينًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ ،
وَثُبُوتُ الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ ، وَوُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ
كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ وَمَنْعُ تَزْوِيجِهَا قَبْلَ
الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُفْتَى بِهِ ،
وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ بَعْدَهُ ، وَوُجُوبُ
الْحَدِّ لَوْ كَانَ زِنًا أَوْ لِوَاطَةٍ عَلَى
قَوْلِهِمَا ، وَذَبْحُ الْبَهِيمَةِ الْمَفْعُولِ بِهَا ثُمَّ حَرْقُهَا ،
وَوُجُوبُ التَّعْزِيرِ إنْ كَانَ فِي مَيِّتَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مُوصًى
بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لِوَاطَةٍ بِزَوْجَتِهِ ،
وَثُبُوتُ الْإِحْصَانِ وَثُبُوتُ النَّسَبِ ، وَوُقُوعُ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ
بِهِ ، وَاسْتِحْقَاقُ الْعَزْلِ عَنْ الْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ
وَرَدِّ الشَّهَادَةِ لَوْ كَانَ زِنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَوَائِدُ :
الْأُولَى لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ
بِحَائِلٍ أَوْ لَا ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَصِلَ الْحَرَارَةُ مَعَهُ .
هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي التَّحْلِيلِ ؛ فَتَجْرِي فِي
سَائِرِ الْأَبْوَابِ الثَّانِيَةُ : مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ
ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا إنْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُهَا ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُهَا
لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ
لِكَوْنِهَا كُلِّيَّةً وَلَمْ أَرَهُ الثَّالِثَةُ : الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي
الْقُبُلِ فَيَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالْوَطْءِ فِي
الْقُبُلِ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهِ اتِّفَاقًا .
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ : وَالْأَصَحُّ
وُجُوبُهَا ، وَيَفْسُدُ الْحَجُّ بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى قَوْلِهِمَا ،
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى قَوْلِهِ ؛ وَالْأَصَحُّ فَسَادُهُ بِهِ كَمَا
فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَيَفْسُدُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَتَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ
عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَا تَثْبُتُ
بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ
إلَّا إذَا تَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ
وَلَا التَّحْلِيلُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَا فَيْءَ لِلْمُولِي ، وَلَا
يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُنَّةِ ، وَلَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا بِكْرًا
فَيُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا ، وَلَا يَحِلُّ بِحَالٍ .
وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ حَلَالٌ فِي الزَّوْجَةِ
وَالْأَمَةِ عِنْدَ عَدَمِ مَانِعٍ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ بِهِ خِيَارُ
الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ لِقَوْلِهِمْ بِسُقُوطِهِ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ
بِشَهْوَةٍ ، فَهَذَا أَوْلَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا ، وَفِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ : جَامَعَهَا
فِي دُبُرِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ ( انْتَهَى ) .
فَعَلَى هَذَا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ كَمَالَ
الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَلَا تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ .
لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ
الرَّابِعَةُ : الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ
بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى: وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ
وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَفِي الصَّحِيحِ يَجِبُ الْمُسَمَّى .
الثَّانِيَةُ : الْحُرْمَةُ .
الثَّالِثَةُ : عَدَمُ الْحِلِّ لِلْأَوَّلِ .
الرَّابِعَةُ : عَدَمُ الْإِحْصَانِ بِهِ
الْخَامِسَةُ : لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ
كَأَحْكَامِ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ ؛ فَيُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عَلَى أُصُولِهِ
وَفُرُوعِهِ ، وَتَحْرِيمُ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا عَلَيْهِ ، وَوُجُوبُ
الِاسْتِبْرَاءِ ، وَحُرْمَةُ ضَمِّ أُخْتِهَا إلَيْهَا .
وَيُخَالِفُ الْوَطْءَ بِالنِّكَاحِ فِي مَسَائِلَ : لَا
يَثْبُتُ بِهِ التَّحْلِيلُ وَلَا الْإِحْصَانُ السَّادِسَةُ : كُلُّ حُكْمٍ
تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ لِكَوْنِهِ تَبَعًا
السَّابِعَةُ : لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ
أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى : الذِّمِّيَّةُ إذَا نُكِحَتْ
بِغَيْرِ مَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَا وَكَانُوا يَدِينُونَ أَنْ لَا مَهْرَ فَلَا
مَهْرَ .
الثَّانِيَةُ : نَكَحَ صَبِيٌّ بَالِغَةً حُرَّةً بِغَيْرِ
إذْنِ وَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا طَائِعَة ؛ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ .
الثَّالِثَةُ : زَوَّجَ أَمَتَهُ عَنْ عَبْدِهِ
فَالْأَصَحُّ أَنْ لَا مَهْرَ .
الرَّابِعَةُ : وَطِئَ الْعَبْدُ سَيِّدَتَهُ بِشُبْهَةٍ
فَلَا مَهْرَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ
عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا .
الْخَامِسَةُ : لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً فَلَا مَهْرَ لَهَا
، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
السَّادِسَةُ : الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ
الْمَوْقُوفَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ ، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
السَّابِعَةُ : الْبَائِعُ لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ
قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي وَهِيَ فِي حِفْظِي مَنْقُولَةٌ كَذَلِكَ .
الثَّامِنَةُ : أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي
الْوَطْءِ فَوَطِئَ ظَانًّا الْحِلَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ
وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
التَّاسِعَةُ : الَّذِي يُحَرِّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَطْءَ
زَوْجَتِهِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ : الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصَّوْمُ
الْوَاجِبُ وَضِيقُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافُ وَالْإِحْرَامُ
وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَعِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ،
وَإِذَا صَارَتْ مُفْضَاةً اخْتَلَطَ قُبُلُهَا وَدُبُرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ
لَهُ إتْيَانُهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ وُقُوعَهُ فِي قُبُلِهَا ، وَفِيمَا إذَا
كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُهُ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ .
أَوْ سِمَنِهِ ، وَعِنْدَ امْتِنَاعِهَا لِقَبْضِ مُعَجَّلِ
مَهْرِهَا لَمْ يَحِلَّ كَرْهًا ، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ
يَحْرُمُ وَطْءُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ وَلَيْسَ بِهَا حَبَلٌ ظَاهِرٌ
يَحْدُثُ حَمْلٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا .
الْعَاشِرَةُ : إذَا حُرِّمَ الْوَطْءُ حُرِّمَتْ
دَوَاعِيهِ ؛ إلَّا فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالصَّوْمِ لِمَنْ أَمِنَ
فَتَحْرُمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ مُطْلَقًا وَالظِّهَارِ
وَالِاسْتِبْرَاءِ
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي
الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : ادَّعَى
الْعِنِّينُ الْإِصَابَةَ وَأَنْكَرَتْ وَقُلْنَ ثَيِّبٌ ،
فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا فَرْقَ فِي
ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّأْجِيلِ أَوْ بَعْدَهُ .
الثَّانِيَةُ : الْمُولِي إذَا ادَّعَى الْوُصُولَ إلَيْهَا
قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لَا بَعْدَ مُضِيِّهَا .
الثَّالِثَةُ : لَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي بَعْدَ الدُّخُولِ
وَلِي كَمَالُ الْمَهْرِ .
وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَك نِصْفُهُ ، فَالْقَوْلُ لَهَا
لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَلَهُ فِي الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى
فِي الْعِدَّةِ وَفِي حِلِّ بِنْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَأُخْتِهَا لِلْحَالِ
؛ فَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ تَحْتَمِلُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ .
وَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهَا فِي تَكْمِيلِ الْمَهْرِ فَإِنْ
لَاعَنَ بِنَفْيِهِ عُدْنَا إلَى تَصْدِيقِهِ .
هَكَذَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ
صَرِيحًا .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ
الثَّانِي دَخَلَ بِهَا ؛ فَالْقَوْلُ لَهَا لِحِلِّهَا لِلْمُطَلِّقِ لَا
لِكَمَالِ الْمَهْرِ
.
الْخَامِسَةُ : لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ وَطْئِهِ
الْيَوْمَ فَادَّعَتْ عَدَمَهُ وَادَّعَاهُ ، فَالْقَوْلُ لَهُ لِإِنْكَارِهِ
وُجُودَ الشَّرْطِ
.
قَالَ فِي الْكَنْزِ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ
الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ
أَحْكَامُ الْعُقُودِ
هِيَ أَقْسَامٌ : لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ : الْبَيْعُ
وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالْوَضِيعَةُ وَالتَّشْرِيكُ
وَالصُّلْحُ وَالْحَوَالَةُ .
إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْفَوَائِدِ
مِنْهَا ؛ وَالْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ
مِنْهَا ، وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَوُجُودُ مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ
السَّبْعَةِ وَالصَّدَاقُ وَالْخُلْعُ بِعِوَضٍ وَالنِّكَاحُ الْخَالِي عَنْ
الْخِيَارَيْنِ .
أَيْ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ
يُقَالَ : وَنِكَاحُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ امْرَأَةً كَذَلِكَوَجَائِزٌ
مِنْ الْجَانِبَيْنِ : الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْوَصِيَّةُ
وَالْعَارِيَّةُ وَالْإِيدَاعُ وَالْقَرْضُ وَالْقَضَاءُ وَسَائِرُ الْوِلَايَاتِ
إلَّا الْإِمَامَةَ الْعُظْمَىوَجَائِزٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ :
الرَّهْنُ جَائِزٌ مِنْ جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ وَلَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الرَّاهِنِ
بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ لَازِمَةٌ
مِنْ جَانِبِ السَّيِّدِ ، وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْمُطَالِبِ لَازِمَةٌ
مِنْ جَانِبِ الْكَفِيلِ ، وَعَقْدُ الْأَمَانِ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ الْحَرْبِيِّ
لَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُسْلِمِ
تَنْبِيهٌ :
مِنْ الْجَائِزِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ : تَوْلِيَةُ
الْقَضَاءِ فَلِلسُّلْطَانِ عَزْلُهُ وَلَوْ بِلَا جُنْحَةٍ ، كَمَا فِي
الْخُلَاصَةِ ، وَلَهُ
عَزْلُ نَفْسِهِ .
وَأَمَّا الْوِلَايَةُ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ
بِالْوِصَايَةِ ؛ فَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ فَهِيَ لَازِمَةٌ بَعْدَ مَوْتِ
الْمُوصِي ؛ فَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَهُ إلَّا بِخِيَانَةٍ أَوْ عَجْزٍ
ظَاهِرٍ .
وَمِنْ جَانِبِ الْوَصِيِّ ؛ فَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ
عَزْلَ نَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي وَصَايَا
الْفَوَائِدِ ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي فَلَا ، لِأَنَّ لِلْقَاضِي
عَزْلَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي ،
وَقَدْ ذَكَرْنَا التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَوْقَافِ فِي وَقْفِ الْفَوَائِدِ
تَقْسِيمٌ : فِي الْعُقُودِ : الْبَيْعُ نَافِذٌ
وَمَوْقُوفٌ وَلَازِمٌ وَغَيْرُ لَازِمٍ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ
وَضَبَطَ الْمَوْقُوفَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي خَمْسَةَ
عَشَرَ ، وَزِدْت عَلَيْهَا ثَمَانِيَةً : تَكْمِيلٌ : الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ
عِنْدَنَا فِي الْعِبَادَاتِ مُتَرَادِفَانِ وَفِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ ، لَكِنْ
قَالُوا : نِكَاحُ
الْمَحَارِمِ فَاسِدٌ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ فَلَا حَدَّ ،
وَبَاطِلٌ عِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَيُحَدُّ ، وَفِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ : نِكَاحُ الْمَحَارِمِ ؛ قِيلَ بَاطِلٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ
لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ ، وَقِيلَ فَاسِدٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ
الْعَقْدِ ( انْتَهَى
) .
وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ ، فَمُتَبَايِنَانِ فَبَاطِلُهُ مَا
لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ ، وَفَاسِدُهُ مَا كَانَ مَشْرُوعًا
بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ ، وَحُكْمُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ
، وَحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يُمْلَكُ بِهِ .
وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَمُتَبَايِنَانِ ؛ قَالُوا لَا
يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْبَاطِلَةِ ، كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ
الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ ، وَيَجِبُ أَجْرُ
الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ ، وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ : فَاسِدُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ ، وَبَاطِلُهُ لَا
يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَيَمْلِكُ الْحَبْسَ لِلدَّيْنِ
فِي فَاسِدِهِ دُونَ بَاطِلِهِ ، وَمِنْ الْبَاطِلِ : لَوْ رَهَنَ شَيْئًا
بِأَجْرِ نَائِحَةٍ أَوْ مُغَنِّيَةٍ ، وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ فَقَالُوا : مِنْ
الْفَاسِدِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ
وَالصُّلْحُ الْبَاطِلُ : الصُّلْحُ عَنْ الْكَفَالَةِ
وَالشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَقَسَمِ الْمَرْأَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ
وَخِيَارِ الْبُلُوغِ ؛ فَفِيهَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا
دَفَعَ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَأَمَّا فِي الْكَفَالَةِ فَقَالَ فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ : إذَا ادَّعَى بِحُكْمٍ كَفَالَةً فَاسِدَةً رَجَعَ بِمَا
أَدَّى ؛ فَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلَةٌ (
انْتَهَى ) وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي
الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ بِمَا ذَكَرْنَا فَلْيُرْجَعْ إلَى الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ .
وَأَمَّا الْكِتَابَةُ ؛ فَفَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِدِ
وَالْبَاطِلِ ؛ فَيُعْتِقُ بِأَدَاءِ الْعَيْنِ فِي فَاسِدِهَا كَالْكِتَابَةِ
عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ؛ وَلَا يَعْتِقُ فِي بَاطِلِهَا كَالْكِتَابَةِ
عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
وَأَمَّا الشَّرِكَةُ ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْفَرْقُ
بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحِ بَاطِلَةٌ ، وَفِي غَيْرِهِ إذَا فُقِدَ
شَرْطٌ فَاسِدَةٌ
.
فَائِدَةٌ .
الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ
مُتَرَادِفَانِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ وَالْعَارِيَّةِ
وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْقَرْضِ وَفِي الْعِبَادَاتِ فِي الْحَجِّ ،
ذَكَرَهُ الْأُسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
أَحْكَامُ الْفُسُوخِ وَحَقِيقَتُهُ :
حَلُّ ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ ؛ إذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ
لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِأَحَدِ أَشْيَاءَ : خِيَارُ الشَّرْطِ
وَخِيَارُ عَدَمِ النَّقْدِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ
وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ وَخِيَارُ الْغَبْنِ وَخِيَارُ الْكَمِّيَّةِ
وَخِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ وَخِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ
وَخِيَارُ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَبِالْإِقَالَةِ
وَالتَّحَالُفِ وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَخِيَارُ التَّغْرِيرِ
الْفِعْلِيِّ ، كَالتَّصْرِيَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَخِيَارُ
الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَظُهُورُ الْمَبِيعِ
مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا ؛ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَبَبًا وَكُلُّهَا
يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدُ إلَّا التَّحَالُفَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ
وَإِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي ، وَكُلُّهَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَلَا
يَنْفَسِخُ فِيهَا بِنَفْسِهِ ، وَقَدَّمْنَا فَرْقَ النِّكَاحِ فِي قِسْمِ
الْفَوَائِدِ
خَاتِمَةٌ :
جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ لَهُ إذَا سَاعَدَهُ
صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي جُحُودِ الْمُوصِي لِلْفَسْخِ ؛ هَلْ
يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ ؟ قَالَ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ إنَّهُ
يَجْعَلُ الْعَقْدَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
لَا فِيمَا مَضَى ، وَفَائِدَتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي أَحْكَامِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ
، وَذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ
أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ
يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ :
وَالْكِتَابُ كَالْخِطَابِ ، وَكَذَا الْإِرْسَالُ حَتَّى اعْتَبَرُوا مَجْلِسَ
بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : وَصُورَةُ الْكِتَابِ أَنْ يَكْتُبَ ؛
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْت عَبْدِي مِنْك بِكَذَا ؛ فَلَمَّا بَلَغَهُ وَفَهِمَ
مَا فِيهِ قَالَ : قَبِلْت فِي الْمَجْلِسِ .
وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِقَوْلِهِ بِعْنِي
بِكَذَا فَقَالَ بِعْته يَتِمُّ ، فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا الْفَرْقُ بَيْنَ
الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِي شَرْطِ الشُّهُودِ ، وَقِيلَ : بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَاضِرِ
وَالْغَائِبِ ؛ فَبِعْنِي مِنْ الْحَاضِرِ اسْتِيَامٌ وَمِنْ الْغَائِبِ إيجَابٌ (
انْتَهَى ) .
وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ :
وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهَا يَخْطُبَهَا ؛ فَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ
أَحْضَرَتْ الشُّهُودَ وَقَرَأَتْهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَتْ : زَوَّجْتُ نَفْسِي
مِنْهُ ، أَوْ تَقُولُ : إنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ يَخْطُبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي
قَدْ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ .
أَمَّا لَوْ لَمْ تَقُلْ بِحَضْرَتِهِمْ سِوَى : زَوَّجْت
نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ لَا يَنْعَقِدُ ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الشَّطْرَيْنِ شَرْطٌ
وَبِإِسْمَاعِهِمْ الْكِتَابَ أَوْ التَّعْبِيرَ عَنْهُ مِنْهَا قَدْ سَمِعُوا
الشَّطْرَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا .
وَمَعْنَى الْكِتَابِ بِالْخُطْبَةِ : أَنْ يَكْتُبَ زَوِّجِينِي
نَفْسَك فَإِنِّي رَغِبْت فِيك وَنَحْوَهُ وَلَوْ جَاءَ الزَّوْجُ بِالْكِتَابِ
إلَى الشُّهُودِ مَخْتُومًا فَقَالَ : هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانَةَ فَاشْهَدُوا
عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّى
تَعْلَمَ الشُّهُودُ مَا فِيهِ ، وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ
غَيْرِ شَرْطِ إعْلَامِ الشُّهُودِ بِمَا فِيهِ ، وَأَصْلُهُ كِتَابُ الْقَاضِي
إلَى الْقَاضِي .
قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى : هَذَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ
، أَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ : زَوِّجِي نَفْسَكِ مِنِّي .
لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا الشُّهُودَ بِمَا فِي
الْكِتَابِ لِأَنَّهَا تَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ .
وَنَقَلَهُ مِنْ الْكَامِلِ قَالَ : وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ
فِيمَا إذَا جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ
غَيْرِ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِعْلَامِهِمْ بِمَا فِيهِ ، وَقَدْ قَرَأَ الْمَكْتُوبُ
إلَيْهِ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ وَقَبِلَ الْعَقْدَ بِحَضْرَتِهِمْ فَشَهِدُوا
أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ لَا تُقْبَلْ هَذِهِ
الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمَا وَلَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ ، وَعِنْدَهُ تُقْبَلُ
وَيُقْضَى بِهِ ، أَمَّا الْكِتَابُ فَصَحِيحٌ بِلَا إشْهَادٍ
وَهَذَا الْإِشْهَادُ لِهَذَا ، وَهُوَ أَنْ تَتَمَكَّنَ
الْمَرْأَةُ مِنْ إثْبَاتِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُحُودِ الزَّوْجِ الْكِتَابَ (
انْتَهَى ) وَأَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِهَا ؛ فَقَالَ فِي
الْبَزَّازِيَّةِ : الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّحِيحِ وَالْأَخْرَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ
أَوْجُهٍ : إنْ كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا وَثَبَتَ
ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَكَالْخِطَابِ
وَإِنْ قَالَ : لَمْ أَنْوِ بِهِ الْخِطَابَ لَمْ يُصَدَّقْ
قَضَاءً وَدِيَانَةً
.
وَفِي الْمُنْتَقَى : أَنَّهُ يُدَيَّنُ وَلَوْ كَتَبَ
عَلَى شَيْءٍ يَسْتَبِينُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ كَذَا إنْ نَوَى
صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ، وَلَوْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ لَمْ يَقَعْ
شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى ، وَإِنْ كَتَبَ : امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ؛ فَهِيَ طَالِقٌ بَعَثَ
إلَيْهَا أَوْ لَا ، وَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ إذَا وَصَلَ إلَيْك فَأَنْتِ كَذَا
، لَمْ تَطْلُقْ ، وَإِنْ نَدِمَ وَمَحَا مِنْ الْكِتَابِ ذِكْرَ الطَّلَاقِ
وَتَرَكَ مَا سِوَاهُ وَبَعَثَ إلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ إذَا وَصَلَ .
وَمَحْوُهُ الطَّلَاقَ كَرُجُوعِهِ عَنْ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا
يَقَعُ إذَا بَقِيَ مَا يُسَمَّى كِتَابَةً أَوْ رِسَالَةً ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ
هَذَا الْقَدْرُ لَا يَقَعُ .
وَإِنْ مَحَا الْخُطُوطَ كُلَّهَا وَبَعَثَ إلَيْهَا
الْبَيَاضَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهَا لَيْسَ بِكِتَابٍ ، وَلَوْ
جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَتَبَهُ
بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَضَاءِ ( انْتَهَى ) .
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى فِي
الْكِتَابَةِ لَا عَلَى الرَّسْمِ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ أَوْ الْإِمْلَاءَ
عَلَى الْغَيْرِ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ : كَتَبَتْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَتْ
لِزَوْجِهَا اقْرَأْ عَلَيَّ فَقَرَأَ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهَا
( انْتَهَى )
وَقَدْ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ كَتَبَ أَيْمَانًا ثُمَّ قَالَ
لِآخَرَ اقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا هَلْ تَلْزَمُهُ ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا
تَلْزَمُهُ إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ، وَإِنْ كَانَتْ
بِاَللَّهِ تَعَالَى
.
فَقَالُوا : النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ وَالذَّاهِلُ
كَالْعَامِدِ .
وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِهَا ؛ فَفِي إقْرَارِ
الْبَزَّازِيَّةِ : كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ
فَهَذَا عَلَى أَقْسَامٍ : الْأَوَّلُ : أَنْ يَكْتُبَ وَلَا يَقُولَ
شَيْئًا وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا ؛ فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ
أَقَرَّ ؛ قَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ : إنْ كَتَبَ مُصَدَّرًا مَرْسُومًا
وَعَلِمَ الشَّاهِدُ حَلَّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارٍ كَمَا
لَوْ أَقَرَّ كَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدْ
عَلَيَّ بِهِ ، فَعَلَى هَذَا إذَا كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ
أَمَّا بَعْدُ ذَلِكَ عَلَيَّ كَذَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ
كَالْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ فَيَكُونُ مُتَكَلِّمًا .
وَالْعَامَّةُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ
تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ .
وَفِي حَقِّ الْأَخْرَسِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ
مُعَنْوَنًا مُصَدَّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْغَائِبِ .
الثَّانِي : كَتَبَ وَقَرَأَ عِنْدَ الشُّهُودِ ؛ لَهُمْ أَنْ
يَشْهَدُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا عَلَيَّ .
الثَّالِثُ : أَنْ يَقْرَأَ هَذَا عِنْدَهُمْ غَيْرُهُ
فَيَقُولُ الْكَاتِبُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ .
الرَّابِعُ : أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَهُمْ وَيَقُولَ
اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ ؛ إنْ عَلِمُوا مَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا
فَلَا وَذَكَرَ الْقَاضِي : ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَأَخْرَجَ
خَطًّا وَقَالَ إنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَأَنْكَرَ
أَنْ يَكُونَ خَطَّهُ فَاسْتُكْتِبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ
ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ ، لَا يُحْكَمُ
عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ
هَذَا خَطِّي وَأَنَا حَرَّرْتُهُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ ، وَثَمَّةَ
لَا يَجِبُ كَذَا هُنَا إلَّا فِي ( يَادِكَارِ ) الْعَامَّةِ وَالصَّرَّافِ
وَالسِّمْسَارِ ( انْتَهَى ) وَكَتَبْنَا فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْفَوَائِدِ
أَنَّهُ يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ الْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ ،
وَالْخَطُّ فِيهِ حُجَّةٌوَفِي كِتَابِ مِلْكِ الْكُفَّارِ بِالِاسْتِئْمَانِ حَتَّى
لَوْ وُجِدَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِنَا وَقَالَ أَنَا رَسُولُ الْمَلِكِ لَمْ
يُصَدَّقْ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ كِتَابُهُ ، كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ ،
فَيُعْمَلُ بِهَا
.
وَأَمَّا اعْتِمَادُ الرَّاوِي عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ
وَالشَّاهِدُ عَلَى خَطِّهِ وَالْقَاضِي عَلَى عَلَامَته عِنْدِ عَدَمِ
التَّذَكُّرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْإِمَامِ ، وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلرَّاوِي وَالْقَاضِي دُونَ الشَّاهِدِ ، وَجَوَّزَهُ
مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْكُلِّ إنْ تَيَقَّنَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ
تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ
الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهَكَذَا فِي الْأَجْنَاسِ ( انْتَهَى ) وَفِي إجَارَاتِ
الْبَزَّازِيَّةِ : أَمَرَ الصَّكَّاكُ بِكِتَابَةِ الْإِجَارَةِ وَأَشْهَدَ
وَلَمْ يَجْرِ الْعَقْدَ .
لَا يَنْعَقِدُ بِخِلَافِ صَكِّ الْإِقْرَارِ وَالْمَهْرِ (
انْتَهَى ) وَاخْتَلَفُوا
فِيمَا لَوْ أَمَرَ الزَّوْجُ بِكِتَابَةِ الصَّكِّ بِطَلَاقِهَا ؛ فَقِيلَ يَقَعُ
وَهُوَ إقْرَارٌ بِهِ ، وَقِيلَ
هُوَ تَوْكِيلٌ فَلَا يَقَعُ حَتَّى يُكْتَبَ ، وَبِهِ
يُفْتَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي زَمَانِنَا .
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
وَفِيهَا بَعْدَهُ : وَقِيلَ لَا يَقَعُ وَإِنْ كُتِبَ
إلَّا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ .
وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ : مَنْ رَأَى خَطَّهُ
وَعَرَفَهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا كَانَ فِي حِرْزِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ (
انْتَهَى )
وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى كُتُبِ الْفِقْهِ
الصَّحِيحَةِ
قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ : وَطَرِيقُ
نَقْلِ الْمُفْتِي فِي زَمَانِنَا عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ ؛ إمَّا
أَنْ يَكُونَ لَهُ سَنَدٌ فِيهِ إلَيْهِ ، أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ
تَدَاوَلْته الْأَيْدِي ؛ نَحْوَ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَنَحْوَهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ ( انْتَهَى )
وَنَقَلَ الْأُسْيُوطِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الْإسْفَرايِينِيّ : الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ
الْمُعْتَمَدَةِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ السَّنَدِ إلَى مُصَنِّفِيهَا (
انْتَهَى ) وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى خَطِّ الْمُفْتِي أَخْذًا مِنْ
قَوْلِهِمْ : يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إشَارَتِهِ ؛ فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى
وَأَمَّا الدَّعْوَى مِنْ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةُ مِنْ نُسْخَةٍ فِي يَدِهِ ؛ فَقَالَ
فِي الْخَانِيَّةِ : وَلَوْ ادَّعَى مِنْ الْكِتَابِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ
عَسَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ فِي
مَوْضِعِهَا وَفِي الْيَتِيمَةِ : سُئِلَ عَنْ وَكِيلٍ عَنْ جَمَاعَةٍ
بِالدَّعْوَى لِأَشْيَاءَ عَنْ نُسْخَةٍ يَقْرَؤُهَا بَعْضُ الْمُوَكَّلِينَ هَلْ
يَسْمَعُهَا الْقَاضِي ؟ قَالَ : إذَا تَلَقَّنَهَا الْوَكِيلُ مِنْ
لِسَانِ الْمُوَكِّلِ صَحَّ دَعْوَاهُ وَإِلَّا لَا ( انْتَهَى ) وَفِي شَهَادَاتِ
الْبَزَّازِيَّةِ
.
شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَنْ النُّسْخَةِ وَقَرَأَهُ
بِلِسَانِهِ وَقَرَأَ غَيْرُ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْهُمَا وَقَرَأَ الشَّاهِدُ
أَيْضًا مَعَهُ مُقَارِنًا لِقِرَاءَتِهِ ، لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ
الْقَارِئُ مِنْ الشَّاهِدِ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي : ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْكِتَابِ
، تُسْمَعُ إذَا أَشَارَ إلَى مَوَاضِعِهَا ( انْتَهَى ) وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ : شَهِدَا
بِالْكِتَابَةِ فَطَلَبَ الْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَا بِاللِّسَانِ لَا تَجِبُ .
وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْقُضَاةِ وَفِي الْيَتِيمَةِ : سُئِلَ
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ يَصِفُ حُدُودَ الْمُدَّعَى
بِهِ حِينَ يَنْظُرُ فِي الصَّكِّ ، وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لَا يَقْدِرُ
هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ؟ فَقَالَ : إذَا كَانَ بِنَظَرِهِ يَنْقُلُهُ
وَيَحْفَظُهُ عَنْ النَّظَرِ فَلَا تُقْبَلُ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَسْتَعِينُ
بِهِ نَوْعَ اسْتِعَانَةٍ كَقَارِئِ الْقُرْآنِ مِنْ الْمُصْحَفِ فَلَا بَأْسَ
بِهِ ( انْتَهَى )
وَأَمَّا الْحَوَالَةُ بِالْكِتَابِ فَذَكَرَهَا فِي كَفَالَةِ
الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي فَصْلِ السَّفْتَجَةِ وَفَصَّلَ فِيهَا
تَفْصِيلًا حَسَنًا فَلْيُرَاجِعْهَا مَنْ رَامَهُ .
وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ ؛ فَقَالَ فِي
شَهَادَاتِ الْمُجْتَبَى : كَتَبَ صَكًّا بِخَطِّ يَدِهِ إقْرَارًا
بِمَالِ أَوْ وَصِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ : اشْهَدْ عَلَيَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ
يَقْرَأَ لَهُ ، وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ ( انْتَهَى ) وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشَّهَادَاتِ
: رَجُلٌ كَتَبَ صَكَّ وَصِيَّةٍ وَقَالَ لِلشُّهُودِ : اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَقْرَأْ
وَصِيَّتَهُ عَلَيْهِمْ .
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : لَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ
يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُمْ ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ
لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ : إمَّا أَنْ يَقْرَأَ
الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ ، أَوْ كَتَبَ الْكِتَابَ غَيْرُهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بَيْنَ
يَدَيْ الشُّهُودِ وَيَقُولَ لَهُمْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ ، أَوْ يَكْتُبَ
هُوَ بَيْنَ يَدَيْ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِمَا فِيهِ وَيَقُولُ هُوَ
اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ ، وَتَمَامُهُ فِيهَا أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ
الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ
مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ : مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ
وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَقِصَاصٍ ،
إلَّا فِي الْحُدُودِ وَلَوْ حَدَّ قَذْفٍ ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْقِصَاصُ
الْحُدُودَ .
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحُدُودِ هُنَا فَلَا
يَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى
اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ وَتُزَادُ عَلَيْهَا الشَّهَادَةُ ؛ فَلَا تُقْبَلُ
شَهَادَتُهُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ .
وَأَمَّا يَمِينُهُ فِي الدَّعَاوَى ؛ فَفِي أَيْمَانِ خِزَانَةِ
الْفَتَاوَى وَتَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ : أَنْ يُقَالَ لَهُ عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ
تَعَالَى وَمِيثَاقُهُ إنْ كَانَ كَذَا ؟ فَيُشِيرُ بِهِ نَعَمْ ، وَلَوْ حَلَفَ
بِاَللَّهِ كَانَتْ إشَارَتُهُ إقْرَارًا بِاَللَّهِ تَعَالَى .
وَظَاهِرُ اقْتِصَارِ الْمَشَايِخِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ
الْحُدُودِ فَقَطْ صِحَّةُ إسْلَامِهِ بِالْإِشَارَةِ وَلَمْ أَرَ الْآنَ فِيهَا
نَقْلًا صَرِيحًا
.
كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ كَإِشَارَتِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى
الْكِتَابَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ
بِالْإِشَارَةِ أَوْ لَا .
وَالْمُعْتَمَدُ لَا ، وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ
بِأَوْ ، وَلَا بُدَّ فِي إشَارَةِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعْهُودَةً وَإِلَّا
لَا تُعْتَبَرُ .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الطَّلَاقِ : وَلَا يَخْفَى
أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُهُ الْإِشَارَةُ الْمَقْرُونَةُ
بِتَصْوِيتٍ مِنْهُ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْهُ ذَلِكَ فَكَانَتْ بَيَانًا لِمَا
أَجْمَلَهُ الْأَخْرَسُ ( انْتَهَى ) وَأَمَّا إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ ،
فَإِنْ كَانَ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ فَفِي اخْتِلَافٍ ، وَالْفَتْوَى عَلَى
أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ
بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ الِامْتِدَادَ بِسَنَةٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ
، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا
إلَّا فِي أَرْبَعٍ : الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالنَّسَبُ وَالْإِفْتَاءُ .
كَذَا فِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ ، وَيُزَادُ أَخْذًا
مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِفْتَاءِ بِالرَّأْسِ إشَارَةُ الشَّيْخِ فِي رِوَايَةِ
الْحَدِيثِ ، وَأَمَانُ الْكَافِرِ أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ
فِيهِ لِحَقْنِ الدَّمِ ، وَلِذَا ثَبَتَ بِكِتَابِ الْإِمَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ
، أَوْ أَخْذًا مِنْ الْكِتَابِ وَالطَّلَاقِ إذَا كَانَ تَفْسِيرًا لِمُبْهَمٍ ،
كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ وَقَعَتْ ،
بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ لَمْ تَقَعْ إلَّا
وَاحِدَةٌ كَمَا عُلِمَ فِي الطَّلَاقِ ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمُ أَنْتِ
هَكَذَا مُشِيرًا بِأَصَابِعِهِ وَلَمْ يَقُلْ طَالِقٌ ، وَتُزَادُ أَيْضًا الْإِشَارَةُ
مِنْ الْمُحْرِمِ إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُشِيرِ
وَهُنَا فُرُوعٌ لَمْ أَرَهَا الْآنَ .
الْأَوَّلُ : إشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْقِرَاءَةِ
وَهُوَ جُنُبٌ ، يَنْبَغِي أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ : إنَّ
الْأَخْرَسَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ ، فَجَعَلُوا التَّحْرِيكَ
قِرَاءَةً ، الثَّانِي : عَلَّقَ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ أَخْرَسَ فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ
، وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ .
الثَّالِثُ : لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ رَجُلٍ نَاطِقٍ
فَخَرِسَ فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ ، يَنْبَغِي الْوُقُوعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَاعِدَةٌ : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ
وَالْعِبَارَةُ ، وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ : إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ
وَالتَّسْمِيَةُ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ بَابُ الْمَهْرِ : الْأَصْلُ أَنَّ
الْمُسَمَّى إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ
بِالْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ
ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى
، لِأَنَّ الْمُسَمَّى مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ ،
وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيف
مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ ،
وَالْإِشَارَةُ تُعَرِّفُ الذَّاتَ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَصًّا
عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ
لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ، وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ
فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ انْعَقَدَ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ ( انْتَهَى ) .
قَالَ الشَّارِحُونَ : إنَّ هَذَا الْأَصْلَ مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ ،
وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ جِنْسًا ،
وَالْحُرَّ وَالْعَبْدَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ ؛
فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ
الْخَلِّ وَأَشَارَ إلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَشَارَ إلَى حُرٍّ
، وَلَوْ سَمَّى حَرَامًا وَأَشَارَ إلَى حَلَالٍ فَلَهَا الْحَلَالُ فِي
الْأَصَحِّ ، وَلَوْ سَمَّى الْبَيْعَ شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِهِ ؛ فَإِنْ
كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا
وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ ، وَلَوْ سَمَّى ثَوْبًا
هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ ؛ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهِ أَوْ
فَسَادِهِ ، هَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ ذُكِرَ
الِاخْتِلَافُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْفَصِّ ، وَنَظِيرُ الْفَصِّ : الذَّكَرُ
وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ ، بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ
جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَالْفَائِتُ الْوَصْفَ
وَفِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ قَالُوا : لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ
زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ
بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ
أَنَّهُ عَمْرٌو يَصِحُّ ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا
هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَلَوْ بِهَذَا الشَّيْخِ فَإِذَا
هُوَ شَابٌّ يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِعِلْمِهِ ، وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ
أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَبَانَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ
لَمْ تَصِحَّ .
وَاسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى
الْحَدِيثِ : { صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا
سِوَاهُ } أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ
اللَّهُ فَلَا يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ ، وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ ، فَقَالَ فِي
الْخَانِيَّةِ : رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا عَائِشَةُ ، فَقَالَ
الْأَبُ وَقْتَ الْعَقْدِ زَوَّجْت مِنْك بِنْتِي فَاطِمَةَ لَا يَنْعَقِدُ
النِّكَاحُ ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك
بِنْتِي فَاطِمَةَ هَذِهِ ، وَأَشَارَ إلَى عَائِشَةَ وَغَلِطَ فِي اسْمِهَا ،
فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت جَازَ ( انْتَهَى ) .
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ
إلَى بِنْتِهِ لَصَحَّتْ تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ ، وَكَذَا
لَوْ قَالَ : زَوَّجْتُك هَذِهِ الْعَرَبِيَّةَ فَكَانَتْ
أَعْجَمِيَّةً ، أَوْ هَذِهِ الْعَجُوزَ فَكَانَتْ شَابَّةً ، أَوْ هَذِهِ
الْبَيْضَاءَ فَكَانَتْ سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ ، وَكَذَا الْمُخَالَفَةُ فِي
جَمِيعِ وُجُوهِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ وَأَمَّا فِي
بَابِ الْأَيْمَانِ ؛ فَقَالُوا : لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ
أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا شَاخَ حَنِثَ ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ
لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ كَبْشًا حَنِثَ لِأَنَّ فِي
الْأَوَّلِ وَصْفَ الصِّبَا ، وَإِنْ كَانَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ لَكِنَّهُ
مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا ، وَفِي الثَّانِي وَصْفُ الصِّغَرِ لَيْسَ بِدَاعٍ
إلَيْهَا ، فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ امْتِنَاعًا عَنْ لَحْمِ
الْكَبْشِ ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ امْرَأَتَهُ
هَذِهِ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَتْ الْإِضَافَةُ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ
فِي الْعَبْدِ ، وَحَنِثَ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّدِيقِ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا
يُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَبَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ .
الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ
قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : الْمِلْكُ قُدْرَةٌ
يُثْبِتُهَا الشَّارِعُ ابْتِدَاءً عَلَى التَّصَرُّفِ ، فَخَرَجَ نَحْوُ
الْوَكِيلِ ( انْتَهَى ) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : إلَّا لِمَانِعٍ كَالْمَحْجُورِ
عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَالِكٌ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ ،
وَالْمَبِيعُ الْمَنْقُولُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى
بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ .
وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِأَنَّهُ الِاخْتِصَاصُ
الْحَاجِزُ وَأَنَّهُ حُكْمُ الِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّهُ بِهِ يَثْبُتُ لَا غَيْرُ ،
إذْ الْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ كَالْمَكْسُورِ لَا يَنْكَسِرُ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ
الْمِلْكَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الَّذِي
ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ خَالِيًا عَنْ الْمِلْكِ ، وَالْخَالِي عَنْ الْمِلْكِ
هُوَ الْمُبَاحُ وَالْمُثَبِّتُ لِلْمِلِكِ فِي الْمَالِ الْمُبَاحِ
الِاسْتِيلَاءُ لَا غَيْرُ إلَى آخِرِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ : الْأُولَى :
أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ : الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ وَالْأَمْهَارُ
وَالْخُلْعُ وَالْمِيرَاثُ وَالْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَالْوَصَايَا وَالْوَقْفُ
وَالْغَنِيمَةُ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ وَالْإِحْيَاءِ ، وَتُمْلَكُ
اللُّقَطَةُ بِشَرْطِهِ ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلًا ثُمَّ
تُنْقَلُ إلَى الْوَرَثَةِ ، وَمِنْهَا الْغُرَّةُ يَمْلِكُهَا الْجَنِينُ
فَتُورَثُ عَنْهُ ، وَالْغَاصِبُ إذَا فَعَلَ بِالْمَغْصُوبِ شَيْئًا أَزَالَ بِهِ
اسْمَهُ وَعَظَّمَ مَنَافِعَ مِلْكِهِ وَإِذَا خَلَطَ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِيٍّ
بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ مِلْكُهُ
الثَّانِيَةُ : لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ
بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إلَّا الْإِرْثُ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ فِي
مَسْأَلَةٍ ؛ وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ
قَبُولِهِ .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِلْجَنِينِ
يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ اسْتِحْسَانًا لِعَدَمِ مَنْ يَلِي
عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَ عَنْهُ ( انْتَهَى ) .
وَزِدْتُ : مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ وَقَبِلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ
السَّيِّدِ يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ بِلَا اخْتِيَارِهِ ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ
يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ، وَنِصْفُ الصَّدَاقِ
بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ إنْ كَانَ قَبْلَ
الْقَبْضِ مُطْلَقًا ، وَبَعْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ
كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، وَالْمَعِيبُ إذَا رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ ،
لَكِنْ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ
بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَاءِ كَالْمَوْهُوبِ إذَا رَجَعَ
الْوَاهِبُ فِيهِ ، وَأَرْشُ الْجِنَايَاتِ وَالشَّفِيعُ إذَا تَمَلَّكَ بِالشُّفْعَةِ
دَخَلَ الثَّمَنُ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ جَبْرًا كَالْمَبِيعِ إذَا
هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ،
وَكَذَا إنْمَاءُ مِلْكِهِ مِنْ الْوَلَدِ وَالثِّمَارِ وَالْمَاءُ النَّابِعُ فِي
مِلْكِهِ وَمَا كَانَ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ ، إلَّا الْكَلَأَ وَالْحَشِيشَ
وَالصَّيْدَ الَّذِي بَاضَ فِي أَرْضِهِ الثَّالِثَةُ : الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ
الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَّا إذَا كَانَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ : فَإِنْ
كَانَ لِلْبَائِعِ لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ
لِلْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا ، وَفِي
التَّحْقِيقِ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ ، فَإِنْ تَمَّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي ؛ فَتَكُونُ
الزَّوَائِدُ لَهُ مِنْ حِينِهِ وَإِنْ فُسِخَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ ،
فَالزَّوَائِدُ لَهُ ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ يَزُولُ
عَنْهُ زَوَالًا مُرَاعًى ؛ فَإِنْ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ ،
وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ بَانَ أَنَّهُ زَالَ عَنْ وَقْتِهَا .
الرَّابِعَةُ : الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ
بِالْقَبُولِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ قَدَّمْنَاهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا ،
فَلَهَا شَبَهَانِ : شَبَهٌ بِالْهِبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ ، وَشَبَهٌ
بِالْمِيرَاثِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ ، وَإِذَا وَقَعَ
الْيَأْسُ مِنْ الْقَبُولِ اُعْتُبِرَتْ مِيرَاثًا ؛ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى
الْقَبُولِ ، وَإِذَا قَبِلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ ، إنْ
قَبِلُوهَا انْفَسَخَ مِلْكُهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرُوا كَمَا فِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ ، وَالْمِلْكُ بِقَبُولِهِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ مَوْتِ
الْوَصِيِّ بِدَلِيلِ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ : رَجُلٌ أَوْصَى بِعَبْدٍ
لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُوصِي ، فَإِنْ
حَضَرَ الْغَائِبُ إنْ قَبِلَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ
بِأَمْرِ الْقَاضِي ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ .( انْتَهَى )
الْخَامِسَةُ : لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ
بِنَفْسِ الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ
بِالتَّمَكُّنِ مِنْهُ أَوْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِشَرْطِهِ ، فَلَوْ كَانَ
عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ
لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ؛ وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ
الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَبِهَذَا
فَارَقَتْ الْبَيْعَ ، فَإِنَّ الْبَيْعَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ فَمَا لَمْ تَحْدُثْ
فَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ ، وَلِذَا قُلْنَا : إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا تَصِحُّ
إجَارَتُهُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ .
السَّادِسَةُ : اخْتَلَفُوا فِي الْقَرْضِ : هَلْ يَمْلِكُهُ
الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ ؟ وَفَائِدَتُهُ مَا فِي
الْبَزَّازِيَّةِ :
بَاعَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ الْكُرَّ
الْمُسْتَقْرَضَ ، الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ
، يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُسْتَقْرِضِ ، وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يَجُوزُ
لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرَضَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ ، وَبَيْعُ
الْمُسْتَقْرِضِ يَجُوزُ إجْمَاعًا ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ
بِنَفْسِ الْقَرْضِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنَّقْدَيْنِ
يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ
الْمُسْتَقْرِضِ ، وَيَجُوزُ لِلْمُقْرِضِ التَّصَرُّفُ فِي الْكُرِّ
الْمُسْتَقْرَضِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (
انْتَهَى ) .
وَلْيُتَأَمَّلْ فِي مُنَاسَبَةِ التَّعْلِيلِ لِلْحُكْمِ .
السَّابِعَةُ : دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ
تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ ؛ فَهِيَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ فَتُقْضَى مِنْهَا
دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ ؛ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ دَخَلَتْ .
وَعِنْدَنَا الْقِصَاصُ بَدَلٌ عَنْهَا فَيُورَثُ كَسَائِرِ
أَمْوَالِهِ ، وَلِهَذَا لَوْ انْقَلَبَ مَا لَا تُقْضَى بِهِ دُيُونُهُ
وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ ، ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْقِصَاصِ فِيمَا
دُونَ النَّفْسِ .
وَفُرِّعَتْ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ أَرَ مِنْ فَرْعِهِ :
لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ ؛ وَقُلْنَا لَا قِصَاصَ بِاتِّفَاقِ
الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ ؛ فَلَا دِيَةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا تَثْبُتُ
لِلْمَقْتُولِ وَقَدْ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ،
وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهَا لِمَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ
أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ وُجُوبِهَا ؛ فَظَهَرَ مَا رَجَّحْتُهُ بَحْثًا مُرَجَّحًا
نَقْلًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ، وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى
وَارِثِ السَّيِّدِ قَتْلًا لَمْ أَرَهُ الْآنَ ، وَمُقْتَضَى ثُبُوتِهَا
لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِمَا إذَا
جَنَى عَلَى الرَّاهِنِ .
الثَّامِنَةُ : فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ ؛ الصَّحِيحُ
عِنْدَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ عَنْ الْمَالِكِ لَا إلَى مَالِكٍ ، وَإِنَّهُ
لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا
التَّاسِعَةُ : اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ
: قِيلَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ ، وَقِيلَ
بِمَوْتِهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَ فَائِدَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْفَرَائِضِ
مِنْ الْفَوَائِدِ ، وَالدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ لِلتَّرِكَةِ يَمْنَعُ مِلْكَ
الْوَارِثِ ، قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ
: لَوْ اسْتَغْرَقَهَا دَيْنٌ لَا يَمْلِكُهَا بِإِرْثٍ إلَّا إذَا أَبْرَأَ
الْمَيِّتَ غَرِيمُهُ أَوْ أَدَّاهُ وَارِثُهُ بِشَرْطِ التَّبَرُّعِ وَقْتَ
الْأَدَاءِ ، أَمَّا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا ، بِشَرْطِ
التَّبَرُّعِ أَوْ الرُّجُوعِ ، يَجِبُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَتَصِيرُ
مَشْغُولَةً بِدَيْنٍ فَلَا يَمْلِكُهَا ؛ فَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَقِنًّا
وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ فَأَدَّاهُ وَارِثُهُ ثُمَّ أَذِنَ لِلْقِنِّ فِي
التِّجَارَةِ أَوْ كَاتِبِهِ لَمْ يَصِحَّ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ ، وَلَا يَنْفُذُ
بَيْعُ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرِقَةَ بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ
الْقَاضِي وَالدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ بِمَنْعِ جَوَازِ الصُّلْحِ وَالْقِسْمَةِ
فَإِنْ لَمْ يُسْتَغْرَقْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَالِحُوا مَا لَمْ يَقْضُوا
دَيْنَهُ ، وَلَوْ فَعَلُوا جَازَ ، وَلَوْ اقْتَسَمُوهَا ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ
مُحْبِطٌ أَوْ لَا رُدَّتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْوَارِثِ اسْتِخْلَاصُ التَّرِكَةِ
بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا .
وَهُنَا مَسْأَلَةٌ : لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْوَارِثِ وَالْمَالُ
مُنْحَصِرٌ فِيهِ ؛ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَمَا يَأْخُذُهُ مِيرَاثٌ أَوْ لَا
، وَمَا يَأْخُذُهُ دَيْنُهُ ؟ قَالَ فِي آخِرِ الْبَزَّازِيَّةِ : اسْتِغْرَاقُ
التَّرِكَةِ بِدَيْنِ الْوَارِثِ إذَا كَانَ هُوَ الْوَارِثَ لَا غَيْرُ لَا
يَمْنَعُ الْإِرْثَ ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ بِطَرِيقِ
الْخِلَافَةِ عَنْ الْمَيِّتِ ، فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَأَنَّهُ حَيٌّ
فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِالْجَارِيَةِ
الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَيِّتُ ، وَيَصِحُّ إثْبَاتُ دَيْنِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ
وَيَتَصَرَّفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ بِالْبَيْعِ فِي التَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِهِ .
وَأَمَّا مِلْكُ الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ خِلَافَةً عَنْهُ
بَلْ بِعَقْدٍ يَمْلِكُهُ ابْتِدَاءً ، فَانْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ
فِي حَقِّهِ ، كَذَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ
أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ وَذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ مَا ذَكَرْنَاهُ ،
وَزَادَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاءُ مَا بَاعَ الْمَيِّتُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ
قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ
الْعَاشِرَةُ : يَمْلِكُ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ ؛
فَالزَّوَائِدُ لَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي تَنْصِيفِ
الزِّيَادَةِ مَعَ الْأَصْلِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا
تَفَاصِيلَهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ النِّصْفَ يَعُودُ إلَى
مِلْكِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا ، وَبَعْدَهُ
بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ ، وَفَائِدَتُهُ فِي الزَّوَائِدِ
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ ؛
فَيَسْتَقِرُّ فِي الْبَيْعِ الْخَالِي عَنْ الْخِيَارِ بِالْقَبْضِ ،
وَيَسْتَقِرُّ الصَّدَاقُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ
وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي
الشَّرْحِ ، .
وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَاتِي أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ
وَالْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ الْأَمْنُ مِنْ انْفِسَاخِهِ بِالْهَلَاكِ
، وَفِي الصَّدَاقِ الْأَمْنُ مِنْ تَشْطِيرِهِ بِالطَّلَاقِ وَسُقُوطِهِ
بِالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ
اسْتِقْرَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ
: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ .
وَجَمِيعُ الدُّيُونِ بَعْدَ لُزُومِهَا مُسْتَقِرَّةٌ
إلَّا دَيْنَ السَّلَمِ لِقَبُولِهِ الْفَسْخَ بِالِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ ثَمَنِ
الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ بِالِانْقِطَاعِ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ
عَنْهُ .
وَأَمَّا الْمِلْكُ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ
فَمُسْتَنِدٌ عِنْدَنَا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ ؛ فَإِذَا
غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ وَضَمِنَ قِيمَتُهُ مَلَكَهُ عِنْدَنَا مُسْتَنِدًا إلَى
وَقْتِ الْغَصْبِ ، وَفَائِدَتُهُ تَمَلُّكُ الِاكْتِسَابِ وَوُجُوبُ الْكَفَنِ
وَنُفُوذُ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ .
وَالتَّحْقِيقُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ
لِلْغَاصِبِ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ ، لَا حُكْمًا ثَابِتًا بِالْغَصْبِ
مَقْصُودًا وَلِذَا لَا يَمْلِكُ الْوَلَدُ ، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ
الْمُتَّصِلَةِ كَذَا فِي الْكَشْفِ فِي بَابِ النَّهْيِ .
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ النَّفَقَةِ : لَوْ أَنْفَقَ
الْمُودِعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودَعِ بِلَا إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَهَا
، ثُمَّ إذَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لِمَا ضَمِنَ مِلْكَهُ
بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا .
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ : أَنَّهُ بِالضَّمَانِ اسْتَنَدَ
مِلْكُهُ إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَلَكَهُ فَصَارَ
كَمَا إذَا قَضَى دَيْنَ الْمُودِعِ بِهَا ( انْتَهَى ) .
وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ مِنْ أَوَّلِ
كِتَابِ الْغَصْبِ
: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ : إنَّ زَوَالَ الْمَغْصُوبِ عَنْ
مِلْكِ الْمَالِكِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ عِنْدَنَا يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ
الْغَصْبِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمَا يَقْتَصِرُ
عَلَى التَّضْمِينِ ؛ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِالِاسْتِنَادِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُنَا
مِنْ أَنْ نَجْعَلَ الزَّوَالَ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ فَحِينَئِذٍ يَسْتَنِدُ
فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ الزَّوَالَ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ
اسْتَنَدَ لَا لِكَوْنِ الْغَصْبِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَضْعًا حَتَّى يَسْتَنِدَ
فِي حَقِّ الْكُلِّ ، بَلْ ضَرُورَةُ وُجُوبِ الضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ ،
فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِالِاسْتِنَادِ
حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِأَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْكُلِّ
فَيَظْهَرُ الِاسْتِنَادُ فِي حَقِّ الْكُلِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ فُرُوعًا كَثِيرَةً
عَلَى هَذَا الْأَصْلِ : مِنْهَا ؛ الْغَاصِبُ إذَا أَوْدَعَ الْعَيْنَ ثُمَّ هَلَكَتْ
عِنْدَ الْمُودَعِ ثُمَّ ضَمَّنَ الْمَالِكُ
الْغَاصِبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُودَعِ لِأَنَّهُ
مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَصَارَ مُودَعًا مَالَ نَفْسِهِ ، وَفِيهِ إذَا غَصَبَ
جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا فَأَبَقَتْ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا مَلَكَهَا الْغَاصِبُ
، فَلَوْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ صَحَّ ، وَلَوْ ضَمِنَهَا الْمُودِعُ
فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً مِنْ الْغَاصِبِ عَتَقَتْ
عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُودِعِ إذَا ضَمِنَا ، لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى
الْغَاصِبِ ، لِأَنَّ الْمُودَعَ وَإِنْ جَازَ تَضْمِينُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ
بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ وَهُوَ الْمُودَعُ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ فَهُوَ
كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمُودَعُ بَعْدَ تَضْمِينِهِ أَخْذَهَا
بَعْدَ عَوْدِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ
هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ كَانَتْ أَمَانَةً وَلَهُ الرُّجُوعُ
عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا ،
وَلِلْمُودَعِ حَبْسُهَا عَنْ الْغَاصِبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ
مَا ضَمِنَهَا الْمَالِكُ ، فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ هَلَكَتْ بِالْقِيمَةِ
، وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا بَعْدَ الْحَبْسِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَكِيلِ
بِالشِّرَاءِ ، لِأَنَّ الْفَائِتَ وُصِفَ وَهُوَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ ،
وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَدَّى جَمِيعَ الْقِيمَةِ
، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ
آجَرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَهُوَ الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ ،
وَإِنْ أَعَارَهَا أَوْ وَهَبَهَا ، فَإِنْ ضَمِنَ
الْغَاصِبُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ
الْمَوْهُوبُ لَهُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا ، لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَوْجِبَانِ
الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَكَانَ
الْمِلْكُ لَهُمَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمَا مُشْتَرٍ فَضَمِنَ سُلِّمَتْ
الْجَارِيَةُ لَهُ ، وَكَذَا غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ مَلَكَهَا ،
لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ
مُحَرَّمَةً مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ
بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَيَصِيرُ الثَّانِي غَاصِبًا
مِلْكَ الْأَوَّلِ ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّضْمِينِ أَوْ
وَهَبَهَا لَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي ،
وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُضَمِّنْ
الْأَوَّلُ الثَّانِي حَتَّى ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ كَانَتْ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ ،
فَإِنْ قَالَ : أَنَا
أُسَلِّمُهَا لِلثَّانِي وَأَرْجِعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ
الثَّانِي قَدَرَ عَلَى رَدِّ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ تَضْمِينُهُ ، وَإِنْ
رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي ثُمَّ ظَهَرَتْ كَانَتْ لِلثَّانِي ، وَتَمَامُ
التَّفْرِيعَاتِ فِيهِ
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ
وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا وَهُوَ الْغَالِبُ ، أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ ، أَوْ
لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا
رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ ، وَمَنْفَعَتُهُ
لِلْمُوصَى لَهُ ،
فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ إلَى الْمَالِكِ
، وَالْوَلَدُ وَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لِلْمَالِكِ ، وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ
الْإِجَارَةُ وَلَا إخْرَاجُهُ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ
، فِي غَيْرِهَا ، وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلَا يَمْلِكُ
اسْتِخْدَامَهُ إلَّا فِي وَطَنِهِ وَعِنْدَ أَهْلِهِ ، وَيَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ
الْمُوصَى لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ ، وَجَازَ بَيْعُ الْوَارِثِ
الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ ، وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَالْفِدَاءُ عَلَى
الْمَخْدُومِ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ وَرَثَتُهُ بِالْفِدَاءِ عَلَى صَاحِبِ
الرَّقَبَةِ .
فَإِنْ أَبَى بَيْعَ الْعَبْدِ أَوْ أَبَى الْمَخْدُومُ
الْفِدَاءَ فَدَاهُ الْمَالِكُ أَوْ يَدْفَعُهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ،
وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَكَسْبُهُ إنْ لَمْ
تُنْقِصْ الْخِدْمَةُ فَإِنْ نَقَصْتَهَا اُشْتُرِيَ بِالْأَرْشِ خَادِمٌ إنْ
بَلَغَ ، وَإِلَّا بِيعَ الْأَوَّلُ وَضُمَّ إلَى الْأَرْشِ وَاشْتُرِيَ بِهِ
خَادِمٌ ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ عَمْدًا مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى
قَتْلِهِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَا ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ يَشْتَرِي بِهَا آخَرَ
؛ فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ نَفَذَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ ، يُشْتَرَى بِهَا
خَادِمٌ هَكَذَا فِي وَصَايَا الْمُحِيطِ .
وَأَمَّا نَفَقَتُهُ : فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ
الْخِدْمَةَ ؛ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ بَلَغَهَا فَعَلَى الْمُوصَى
لَهُ ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَهِيَ عَلَى
الْمَالِكِ ؛ فَإِنْ تَطَاوَلَ الْمَرَضُ بَاعَهُ الْقَاضِي إنْ رَأَى ذَلِكَ
وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا فِي نَفَقَات الْمُحِيطِ .
وَأَمَّا صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَعَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي
الظَّهِيرِيَّةِ . وَأَمَّا مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ
صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَسَبْقُ قَلَمٍ ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، وَيُمْكِنُ
حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ
نَفَقَتِهِ .
وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ ، فَلَا
يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ ، فَإِنْ بِيعَ بِرِضَاهُ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّهُ إلَى
الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّرَاضِي ، ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ
الْجِنَايَاتِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُتِلَ خَطَأً وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى
بِهَا عَبْدٌ وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ ، كَالْوَقْفِ إذَا
اُسْتُبْدِلَ انْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى بَدَلِهِ .
ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ ، وَكَالْمُدَبَّرِ
إذَا قُتِلَ خَطَأً يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدٌ وَيَكُونُ بِهِ مُدَبَّرًا مِنْ
غَيْرِ تَدْبِيرٍ
.
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ كِتَابَتِهِ مِنْ الْمَالِكِ ؛
وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَإِعْتَاقِهِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي ،
وَحُكْمِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ
عَادِمُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمَالِكِ .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ وَطْءِ الْمَالِكِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ
يَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ ، وَقَيَّدَهُ
الشَّافِعِيَّةُ بِأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ
، وَيَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ فِي الْهِبَةِ بِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ
سَبْعَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْفِقْهِ وَفِي الصَّدَقَةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي
أَصْلِ الْمِلْكِ . الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ
بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي ، فَقَبْلَهُمَا لَا مِلْكَ
لَهُ فَلَا تُورَثُ عَنْهُ لَوْ مَاتَ ، وَتَبْطُلُ إذَا بَاعَ مَا يَشْفَعُ بِهِ .
تَنْبِيهٌ :
قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ مَلَكَ
الْمَنْفَعَةَ لَا يُؤَجِّرُ ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الْإِعَارَةَ : وَأَمَّا
الْمُسْتَأْجِرُ فَيُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ
الْمُسْتَعْمَلِ ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَا يُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ ، وَالشَّافِعِيَّةُ
جَعَلُوا لِذَلِكَ أَصْلًا وَهُوَ : أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَ
الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ ، وَمَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ مَلَكَ الْإِعَارَةَ
لَا الْإِجَارَةَ ، وَيَجْعَلُونَ الْمُسْتَعِيرَ وَالْمُوصَى لَهُ
بِالْمَنْفَعَةِ مَالِكًا لِلِانْتِفَاعِ فَقَطْ ، وَهَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى
قَوْلِ الْكَرْخِيِّ مِنْ أَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةُ الْمَنَافِعِ لَا تَمْلِيكُهَا
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ،
فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ تَمَلُّكُ الْمَنَافِعِ ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ
الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَمْلِكُ أَنْ
يَمْلِكَهَا بِعِوَضٍ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْإِجَارَةَ لَمَلَكَ أَكْثَرَ
مِمَّا مَلَكَ ، فَإِنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِلَا عِوَضٍ فَيَمْلِكُهَا
نَظِيرَ مِلْكٍ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا لَلَزِمَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ
غَيْرُ الْجَائِزَيْنِ : لُزُومُ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَدَمُ
لُزُومِ الْإِجَارَةِ
.
وَهَذَانِ التَّعْلِيلَانِ يَشْمَلَانِ الْمَوْقُوفَ
عَلَيْهِ وَالْمُسْتَعِيرَ وَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى الرَّاجِحِ ، فَيَمْلِكُ
الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى الْمَنْفَعَةَ كَالْمُسْتَعِيرِ ، وَقِيلَ :
إنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَانَ لَهُ الْإِعَارَةُ .
وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْوَقْفِ .
وَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْمُقْطَعُ مَا أَقَطَعَهُ
الْإِمَامُ ؛ فَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمُ بْنُ قُطُلُوبُغَا بِصِحَّتِهَا ،
قَالَ : وَلَا أَثَرَ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الْإِمَامِ لَهُ فِي أَثْنَاءِ
الْمُدَّةِ كَمَا لَا أَثَرَ لِجَوَازِ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ فِي أَثْنَائِهَا ؛
وَلَا لِكَوْنِهِ مَلَكَ مَنْفَعَةً لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ ؛ فَهُوَ نَظِيرُ الْمُسْتَأْجِرِ
لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْإِقْطَاعِ بِمُقَابَلَةِ اسْتِعْدَادِهِ لِمَا
أَعَدَّ لَهُ لَا نَظِيرَ الْمُسْتَعِيرِ لِمَا قُلْنَا ، وَإِذَا مَاتَ
الْمُؤَجِّرُ أَوْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ الْأَرْضَ عَنْ الْمُقْطَعِ تَنْفَسِخُ
الْإِجَارَةُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى غَيْرِ الْمُؤَاجِرِ .
كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي النَّظَائِرِ الَّتِي
خَرَجَ عَلَيْهَا إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ ، وَهِيَ إجَارَةُ الْمُسْتَأْجِرِ ،
وَإِجَارَةُ الْعَبْدُ الَّذِي صُولِحَ عَلَى خِدْمَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ،
وَإِجَارَةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ وَإِجَارَةُ
الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مِنْ مَالِ
التِّجَارَةِ وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ أَلَّفْتُ رِسَالَةً فِي الْإِقْطَاعَاتِ وَأُخْرَى
سَمَّيْتُهَا التُّحْفَةُ الْمَرْضِيَّةُ فِي ( الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ )
وَفِيمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ
أَنْ يُخْرِجَ الْإِقْطَاعَ عَنْ الْمُقْطِعِ مَتَى شَاءَ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ
عَلَى مَا إذَا أَقَطَعَهُ أَرْضًا عَامِرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، أَمَّا إذَا
أَقَطَعَهُ مَوَاتًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَحْيَاهَا ، لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ
عَنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ
اللَّهُ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ .
الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ
وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِأَنَّهُ :
عِبَارَةٌ عَنْ مَالٍ حُكْمِيٍّ يَحْدُثُ فِي الذِّمَّةِ بِبَيْعٍ أَوْ
اسْتِهْلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا .
وَإِيفَاؤُهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ
الْمُقَاصَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
مِثَالُهُ : إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ
دَرَاهِمَ صَارَ الثَّوْبُ مِلْكًا لَهُ ، وَحَدَثَ بِالشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ
عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ ؛ فَإِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةً
إلَى الْبَائِعِ وَجَبَ مِثْلُهَا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ دَيْنًا ، وَقَدْ وَجَبَ
لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي عَشَرَةٌ بَدَلًا عَنْ الثَّوْبِ ، وَوَجَبَ
لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِثْلُهَا بَدَلًا عَنْ الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ
فَالْتَقَيَا قِصَاصًا ( انْتَهَى ) .
وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ طَرِيقَ إيفَائِهِ إنَّمَا هُوَ
الْمُقَاصَّةُ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ بَعْدَ قَضَائِهِ صَحَّ وَرَجَعَ
الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّائِنِ بِمَا دَفَعَهُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي
الْمُدَايَنَاتِ مِنْ قِسْمِ الْفَوَائِدِ وَاخْتُصَّ الدَّيْنُ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِهِ إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا وَهُوَ مَا لَا
يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ ؛ فَلَا يَجُوزُ بِبَدَلِ
الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِالتَّعْجِيزِ .
وَمِنْهَا جَوَازُ الرَّهْنِ بِهِ ؛ فَلَا تَجُوزُ
الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْأَمَانَةِ وَالْمَضْمُونَةُ
بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ .
وَأَمَّا الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا كَالْمَغْصُوبِ
وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ
وَالْمَبِيعِ فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ ، فَتَصِحُّ
الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالدُّيُونِ ، قَالَ الْأُسْيُوطِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْزِيًّا إلَى السُّبْكِيّ فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ :
فَرْعٌ :
حَدَثَ فِي الْأَعْصَارِ الْقَرِيبَةِ ؛ وَقْفُ كُتُبٍ
اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا تُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ مِنْ
مَكَانِ تَحْبِيسِهَا إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا .
وَاَلَّذِي أَقُولُ فِي هَذَا : أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ بِهَا ؛
لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ، وَلَا يُقَالُ
لَهَا عَارِيَّةٌ أَيْضًا ، بَلْ الْأَخْذُ بِهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ
اسْتَحَقَّ الِانْتِفَاعَ وَيَدُهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ .
فَشَرْطُ أَخْذِ الرَّهْنِ عَلَيْهَا فَاسِدٌ ، وَإِنْ
أَعْطَاهُ كَانَ رَهْنًا فَاسِدًا ، وَيَكُونُ فِي يَدِ خَازِنِ الْكُتُبِ
أَمَانَةً ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْعُقُودِ فِي الضَّمَانِ كَصَحِيحِهَا ،
وَالرَّهْنُ أَمَانَةٌ ، هَذَا إذَا أُرِيدَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ ، وَإِنْ
أُرِيدَ مَدْلُولُهُ لُغَةً وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِرَةً ، فَيَصِحُّ الشَّرْطُ ؛
لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ ، وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادُ الْوَاقِفِ
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْبُطْلَانِ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَمْلًا
عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى
الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا
أَمْكَنَ ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا بِدُونِهِ ، وَإِنْ قُلْنَا
بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا بِهِ لِعُذْرِهِ وَلَا بِدُونِهِ ، إمَّا ؛
لِأَنَّهُ خِلَافٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِمَّا لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ ،
فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَخْرُجْ مُطْلَقًا ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ صَحَّ ؛
لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مَظِنَّةُ
ضَيَاعِهَا ، بَلْ يَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَنْ يُمَكِّنَ كُلَّ مَنْ
يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِتِلْكَ الْكُتُبِ فِي مَكَانِهَا ، وَفِي بَعْضِ
الْأَوْقَافِ يَقُولُ لَا تَخْرُجْ إلَّا بِتَذْكِرَةٍ وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ
وَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهِ ، وَهُوَ كَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا
بِرَهْنٍ فِي الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ ، فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنَّ
تَجْوِيزَ الْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ لِمَنْ يَخْرُجُ بِهِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَضَعَ
فِي خِزَانَةِ الْوَقْفِ مَا يَتَذَكَّرُ هُوَ بِهِ إعَادَةَ الْمَوْقُوفِ ؛
وَيَتَذَكَّرُ الْخَازِنُ مُطَالَبَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ هَذَا ، وَمَتَى
أَخَذَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ يَمْتَنِعُ .
وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ تِلْكَ التَّذْكِرَةَ تَبْقَى
رَهْنًا بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا طَالَبَهُ الْخَازِنُ
بِرَدِّ الْكِتَابِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ أَيْضًا بِغَيْرِ طَلَبٍ ،
وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْوَاقِفِ الرَّهْنَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى
حَتَّى يَصِحَّ إذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الرَّهْنِ تَنْزِيلًا لِلَّفْظِ عَلَى
الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِالشَّرْطِ
الْمَذْكُورِ وَيَمْتَنِعُ لِغَيْرِهِ ، لَكِنْ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ
الرَّهْنِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهُ وَلَا بَدَلَ الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ ،
إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ، وَلَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَهُ ، وَلَكِنْ
لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ لِوَفَائِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى
صَاحِبِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ ( انْتَهَى )
وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ
بِالْأَمَانَاتِ شَامِلٌ لِلْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ ، وَالرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ
بَاطِلٌ .
فَإِذَا هَلَكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ
الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ كَالصَّحِيحِ ، وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِ
شَرْطِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَغَيْرُ بَعِيدٍ .
وَمِنْهَا صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ ؛ فَلَا يَصِحُّ
الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَاهَا صَحِيحٌ .
فَلَوْ قَالَ : أَبْرَأْتُك عَنْ دَعْوَى هَذِهِ
الْعَيْنِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهَا بَعْدَهُ ، وَلَوْ
قَالَ : بَرِئْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ دَعْوَى هَذِهِ لَمْ تُسْمَعْ
دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ، وَلَوْ قَالَ : أَبْرَأْتُك عَنْهَا أَوْ عَنْ
خُصُومَتِي فِيهَا فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ وَإِنَّمَا أَبْرَأَهُ
عَنْ ضَمَانِهِ ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ الصُّلْحِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ
مِنْ الْإِقْرَارِ : لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ يَبْرَأُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ
وَالْكَفَالَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ ( انْتَهَى ) .
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَعْيَانِ فِي
الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ
لَكِنْ فِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : افْتَرَقَ
الزَّوْجَانِ وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ جَمِيعِ
الدَّعَاوَى ، وَكَانَ لِلزَّوْجِ بَذْرٌ فِي أَرْضِهَا وَأَعْيَانٌ قَائِمَةٌ ؛
فَالْحَصَادُ وَالْأَعْيَانُ الْقَائِمَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ
جَمِيعِ الدَّعَاوَى ( انْتَهَى ) .
وَتَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الشُّفْعَةُ فَهُوَ
مُسْقِطٌ لَهَا قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَقْصِدْهَا ، كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
، وَفِي الْخِزَانَةِ
: الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إبْرَاءٌ عَنْ
ضَمَانِهَا ، وَتَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ
: لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَتَبْقَى مَضْمُونَةً وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ
مُسْتَهْلَكَةً صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا ( انْتَهَى ) .
فَقَوْلُهُمْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ ؛ مَعْنَاهُ
أَنَّهَا لَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِالْإِبْرَاءِ وَإِلَّا فَالْإِبْرَاءُ
عَنْهَا لِسُقُوطِ الضَّمَانِ صَحِيحٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْأَمَانَةِ .
الثَّالِثُ قَبُولُ الْأَجَلِ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الْأَعْيَانِ
؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ شُرِعَ رِفْقًا لِلتَّحْصِيلِ وَالْعَيْنُ حَاصِلَةٌ .
فَوَائِدُ:
الْأُولَى : لَيْسَ فِي الشَّرْعِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ إلَّا
حَالًّا إلَّا : رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ ، وَبَدَلُ الصَّرْفِ
وَالْقَرْضِ وَالثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ ، وَدَيْنُ
الْمَيِّتِ وَمَا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ ، كَمَا كَتَبْنَاهُ فِي
شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ : وَصَحَّ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ إلَّا
الْقَرْضَ .
وَلَيْسَ فِيهِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَجَّلًا إلَّا
الدِّيَةُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ .
وَأَمَّا بَدَلُ الْكِتَابَةِ فَيَصِحُّ عِنْدَنَا حَالًّا
وَمُؤَجَّلًا .
الثَّانِيَةُ : مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا
بِقَبْضٍ ؛ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهَا دَيْنٌ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَقَبَضَ
أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ .
وَيَصِحُّ تَفْرِيقُهُ عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا
تَصِحُّ قِسْمَتُهُ
.
الثَّالِثُ : الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ قَبْلَ وَقْتِهِ
إلَّا بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ حُكْمًا بِاللَّحَاقِ مُرْتَدًّا بِدَارِ
الْحَرْبِ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الدَّائِنِ .
وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ إذَا اسْتَرَقَ وَلَهُ دَيْنٌ
مُؤَجَّلٌ ؛ فَنَقُولُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ مُطْلَقًا لَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ
فَقَطْ ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَأَمَّا الْجُنُونُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا
يُوجِبُ الْحُلُولَ لِإِمْكَانِ التَّحْصِيلِ بِوَلِيِّهِ
الرَّابِعَةُ : الْحَالُّ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ إلَّا
مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ شَيْئَانِ :
حُكْمُ الْمَالِكِيِّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَصْلُ الدَّيْنِ ،
أَوْ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضُ صَاحِبَ الْمَالِ عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ
أَوْ سَنَتَيْنِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ
الْوَقْتِ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : الْحَالُ لَا يَقْبَلُهُ بَعْدَ
اللُّزُومِ إلَّا إذَا نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِهِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ
أَوْصَى بِذَلِكَ
.
وَشَرْطُ التَّأْجِيلِ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ .
وَالْمَالُ حَالٌّ ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ
مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً ، فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَى مَهَبِّ
الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ ، وَيَصِحُّ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ ، وَإِنْ كَانَ
الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَيْهِمَا ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
تَنْبِيهٌ .
قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ : اذْهَبْ وَاعْطِنِي كُلَّ
شَهْرٍ كَذَا .
فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِعْطَاءِ
الْخَامِسَةُ : لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَّا
إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَكُونُ وَكِيلًا قَابِضًا لِلْمُوَكِّلِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ
، وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ عَزْلِهِ عَنْ التَّسْلِيطِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِي
وَكَالَةِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ .
لَوْ قَالَ : وَهَبْت مِنْك الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي
عَلَى فُلَانٍ فَاقْبِضْهَا مِنْهُ ، فَقَبَضَ مَكَانَهَا دَنَانِيرَ جَازَ ؛
لِأَنَّهُ صَارَ الْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ (
انْتَهَى ) .
وَهُوَ مُقْتَضٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ
التَّسَلُّطِ .
وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مِنْ الزَّكَاةِ : لَوْ
تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ عَلَى زَيْدٍ
بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ
أَجْزَأَهُ ذَلِكَ
.
وَمِنْ هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ : وَهَبَ لَهُ دَيْنًا
عَلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ
لَا .
وَبَيْعُ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ
الْمَدْيُونِ أَوْ وَهَبَهُ جَازَ وَالْبِنْتُ لَوْ وُهِبَتْ مَهْرَهَا مِنْ
أَبُوهَا أَوْ ابْنِهَا الصَّغِيرِ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ .
إنْ أُمِرَتْ بِالْقَبْضِ صَحَّتْ وَإِلَّا لَا ؛ لِأَنَّهُ
هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ
لِيَكُونَ لَهُ مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَرَضِيَ جَازَ ثُمَّ رَقَّمَ لِآخَرَ بِخِلَافِهِ : وَلَوْ
أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لِلْآمِرِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَلَى
الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا
فَاسِدًا وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ وَكَانَ الثَّمَنُ
عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ قَالَ فِيهَا : لَوْ قَالَتْ الْمَهْرُ الَّذِي لِي
عَلَى زَوْجِي لِوَالِدَيَّ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا بِهِ ( انْتَهَى ) .
وَخَرَجَ عَنْ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ
عَلَيْهِ الْحَوَالَةُ ؛ فَإِنَّهَا كَذَلِكَ مَعَ صِحَّتِهَا كَمَا أَشَارَ
إلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ مِنْهَا .
وَخَرَجَ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ بِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ كَمَا فِي وَصَايَا الْبَزَّازِيَّةِ ؛ فَالْمُسْتَثْنَى
ثَلَاثٌ .
وَفَرَّعَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى
عَدَمِ صِحَّةِ تَمْلِيكِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ
بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِمَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَبِيعَ وَالْبَائِعَ لَمْ
يَصِحَّ التَّوْكِيلُ
.
وَصَحَّ إنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا .
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ مَدْيُونَهُ
بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا ، وَلَوْ
وَكَّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يُعَمِّرَ الْعَيْنَ مِنْ الْأُجْرَةِ صَحَّ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ
السَّادِسَةُ : لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إذَا كَانَ
الْمَدْيُونُ جَاحِدًا وَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ ، فَلَوْ كَانَ عَلَى
مُقِرٍّ وَجَبَتْ ، إلَّا إذَا كَانَ مُفْلِسًا ؛ فَإِذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ .
مِمَّا أَصْلُهُ بَدَلُ تِجَارَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ .
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ شَرْحِ
الْكَنْزِ .
أَنْوَاعُ الدُّيُونِ مَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ
وَمَا لَا يَمْنَعُ
:
الْأَوَّلُ : الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ ؛ يَمْنَعُ
الدَّيْنُ وُجُوبَ شِرَائِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ فِي آخِرِ بَابِ
التَّيَمُّمِ : " وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ " .
الثَّانِي : السُّتْرَةُ كَذَلِكَ فِيمَا يَنْبَغِي وَلَمْ
أَرَهُ .
الثَّالِثُ : الزَّكَاةُ ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِيهَا ،
مَا لَهُ مَطَالِبُ مِنْ الْعِبَادِ ؛ فَلَا يَمْنَعُ دَيْنَ النَّذْرِ
وَالْكَفَّارَاتِ
.
وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ .
الرَّابِعُ : الْكَفَّارَةُ .
وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ وُجُوبَهَا ، وَالصَّحِيحُ
أَنَّهُ يَمْنَعُهُ بِالْمَالِ كَمَا فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ
الْأَمْرِ .
الْخَامِسُ : صَدَقَةُ الْفِطْرِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى
مَنْعِهِ وُجُوبَهَا ،
تَنْبِيهٌ : دَيْنُ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ
صَدَقَةِ فِطْرِهِ ، وَيَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاتِهِ لَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا
بَيَّنَّاهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ .
السَّادِسُ : الْحَجُّ يَمْنَعُهُ اتِّفَاقًا .
السَّابِعُ : نَفَقَةُ الْقَرِيبِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ
يَمْنَعَهَا ؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا إلَّا بِمِلْكِ نِصَابِ
حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ .
الثَّامِنُ : ضَمَانُ سِرَايَةِ الْإِعْتَاقِ ، وَلَا يَمْنَعُهُ
؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ دَيْنًا آخَرَ التَّاسِعُ : الدِّيَةُ ، لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا .
الْعَاشِرُ : الْأُضْحِيَّةُ ، يَمْنَعُهَا كَصَدَقَةِ
الْفِطْرِ
تَتِمَّةٌ :
قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ
لِلتَّرِكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا ، وَيَمْنَعُهُ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا
وَيَمْنَعُ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّبَرُّعِ مِنْ الْمَرِيضِ ، وَيُبِيحُ
أَخْذَ الزَّكَاةِ ، وَالدَّفْعُ إلَى الْمَدْيُونِ أَفْضَلُ .
مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ وَمَا لَا يَثْبُتُ :
إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَا
تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ دَفْعِهَا وَطَلَبِ
السَّاعِي ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا
تَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِهَلَاكِ الْمَالِ وَكَذَا الْحَجُّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا
كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُمَا لَا
يَجِبَانِ ، وَمَا يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَلَا فَرْقَ
فِيهِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ .
كَجَزَاءِ الصَّيْدِ .
وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ وَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ لِعُذْرٍ .
وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ ، وَمَا يَكُونُ الصَّوْمُ
مَشْرُوطًا بِإِعْسَارِهِ كَكَفَّارَةِ
الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ
وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ
بَيْنَهُمَا ، فَالِاعْتِبَارُ لِإِعْسَارِهِ وَقْتُ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ ،
وَكَذَا يُفَرَّقُ فِي فَدِيَةِ الشَّيْخِ الْفَانِي ، فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْفَقِيرِ
، فَإِذَا أَيْسَرَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ .
مَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَ مَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ:
أَمَّا حُقُوْقُ اللهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ
الْفِطْرِ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ
، فَإِنْ وَقَّتَ التَّرِكَةَ بِالْكُلِّ فَلَا كَلَامَ ؛ وَإِلَّا قُدِّمَ .
الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ كَالرَّهْنِ عَلَى مَا تَعَلَّقَ
بِالذِّمَّةِ ، وَإِذَا أَوْصَى بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قُدِّمَتْ
الْفَرَائِضُ ، وَإِنْ أَخَّرَهَا كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ ،
وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي الْقُوَّةِ بَدَأَ بِمَا بَدَأَ بِهِ ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْوَصَايَا
لَا يُقَدِّمُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ .
إلَّا الْعِتْقَ وَالْمُحَابَاةَ ، وَلَا مُعْتَبَرَ
بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ .
وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الزَّيْلَعِيِّ
تَذْنِيبٌ : فِيمَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ
مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ ثَلَاثَةٌ فِي السَّفَرِ : جُنُبٌ وَحَائِضٌ وَمَيِّتٌ ،
وَثَمَّةَ مَاءٌ يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا
لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ جَمِيعًا لَا يُصْرَفُ
لِأَحَدِهِمْ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْكُلِّ ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُبَاحًا
كَانَ الْجُنُبُ أَوْلَى بِهِ ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرِيضَةٌ وَغُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ .
الرَّجُلُ يَصْلُحُ إمَامًا لِلْمَرْأَةِ فَيَغْتَسِلُ الْجُنُبُ
وَتَتَيَمَّمُ الْمَرْأَةُ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ
الْأَبِ وَالِابْنِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِهِ ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ تَمَلُّكِ مَالِ
الِابْنِ ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ ؛ قَالُوا :
الرَّجُلُ أَوْلَى بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَبُولِ
الْهِبَةِ ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرَّجُلِ .
قَالَ مَوْلَانَا : وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ
عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ
لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ ، كَذَا فِي فَتَاوَى
قَاضِي خَانْ .
وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ
؛ أَنَّ وُجُوبَهُ بِهَا ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ فِي الْقُرْآنِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِمَا إذَا كَانَ مُبَاحًا : مَا
إذَا أَوْصَى بِهِ لِأَحْوَجِ النَّاسِ وَلَا يَكْفِي إلَّا لِأَحَدِهِمْ .
وَأَمَّا مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَوَجَدَ
مَاءً يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى النَّجَاسَةِ كَمَا
فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْأَنْجَاسِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الثَّلَاثَةِ ذُو نَجَاسَةٍ
يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ أَرَهُ
اجْتَمَعَتْ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَقْتِيَّةٌ ، قُدِّمَتْ
الْجِنَازَةُ .
وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضُ
وَقْتٍ لَمْ أَرَهُ
.
وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْفَرْضِ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ .
وَإِلَّا الْكُسُوفُ ؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى فَوَاتُهُ
بِالِانْجِلَاءِ ،
وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ ، يَنْبَغِي
تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ .
وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ جُمُعَةٍ وَفَرْضٍ وَلَمْ
يُخَفْ خُرُوجُ وَقْتِهِ ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ الْخُسُوفِ عَلَى
الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ
وَأَمَّا الْحُدُودُ إذَا اجْتَمَعَتْ فَفِي الْمُحِيطِ : وَإِذَا
اجْتَمَعَ حَدَّانِ وَقُدِرَ عَلَى دَرْءِ أَحَدِهِمَا دُرِئَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ
أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ ، بِأَنْ اجْتَمَعَ حَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ
وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَالْفَقْءِ ؛ بَدَأَ بِالْفَقْءِ فَإِذَا بَرِئَ حُدَّ
لِلْقَذْفِ فَإِذَا بَرِئَ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْقَطْعِ وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ
بِحَدِّ الزِّنَا ، وَحَدُّ الشُّرْبِ آخِرُهَا لِثُبُوتِهِ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ
الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا يُبْدَأُ
بِالْفَقْءِ ثُمَّ بِحَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ بِالرَّجْمِ وَيُلْغَى غَيْرُهَا (
انْتَهَى )
وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّعْزِيرُ وَالْحُدُودُ ؛ قُدِّمَ
التَّعْزِيرُ عَلَى الْحُدُودِ فِي الِاسْتِيفَاءِ لِتَمَحُّضِهِ حَقًّا
لِلْعَبْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَا إذَا اجْتَمَعَ
قَتْلُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْقِصَاصِ قَطْعًا
لِحَقِّ الْعَبْدِ ، وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الزِّنَا وَالرِّدَّةِ ،
وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الرَّجْمِ ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا ،
بِخِلَافِ مَا إذَا قُدِّمَ قَتْلُ الرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الرَّجْمُ ،
وَإِذَا قُدِّمَ قَتْلُ الْقِصَاصُ وَهُوَ الْقَتْلُ
بِالسَّيْفِ حَصَلَ مَقْصُودُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الرَّجْمُ
فَرْعٌ : تَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَسَائِلُ
اجْتِمَاعِ الْفَضِيلَةِ وَالنَّقِيصَةِ
فَمِنْهَا الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ
وَآخِرَهُ بِالْوُضُوءِ ؛ فَعِنْدَنَا يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ طَمِعَ
فِي وُجُودِ الْمَاءِ آخِرَهُ ، وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ .
وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُ
يَتَيَمَّمُ فِي أَوَّلِهِ وَيُصَلِّي ؛ فَإِذَا وَجَدَهُ آخِرَهُ تَوَضَّأَ
وَصَلَّى ثَانِيًا ، وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِأَفْضَلِيَّتِهِ ، وَقَالَ
الشَّافِعِيَّةُ : إنَّهُ
النِّهَايَةُ فِي تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ .
وَمِنْهَا لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا صَلَّى فِي الْوَقْتِ
الْمُسْتَحَبِّ ، وَإِنْ أَخَّرَ عَنْهُ صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ فَالْأَفْضَلُ
التَّأْخِيرُ
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ
تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ أَدْرَكَهَا ؛ فَيَنْبَغِي
تَفْضِيلُ الِاقْتِصَارِ لِإِدْرَاكِهَا .
وَمِنْهَا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ
عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ يَرَى جَوَازَهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ ، وَكَذَا
بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَرَاهُ
وَمِنْهَا التَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ مِنْ
النَّهْرِ
بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَرَاهُ ، وَإِلَّا لَا .
وَمِنْهَا لَوْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لَوْ مَشَى إلَى
الصَّفِّ ، فَفِي الْيَتِيمَةِ : الْأَفْضَلُ إدْرَاكُهُ فِي الرُّكُوعِ ، وَقَوْلُ
النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمْ أَرَ فِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَلَا
لِغَيْرِهِمْ شَيْئًا فَقُصُورٌ
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ
صَلَّى قَائِمًا وَلَوْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ؛ فَفِي
الْخُلَاصَةِ : يَخْرُجُ إلَى الْمَسْجِدِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا قَدَرَ
عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا لَا ، قَعَدَ وَقَرَأَهَا ،
وَمِنْهَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ سُنَنِ الطَّهَارَةِ
أَوْ الصَّلَاةِ تَرَكَهَا وُجُوبًا وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ عَنْ
اسْتِيعَابِ السُّنَنِ ، يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُؤَكَّدَةِ ثُمَّ الصَّلَاةُ فِي
الْمُسْتَحَبِّوَمِنْهَا تَقْدِيمُ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ
وَمَا كَانَ مَعْلُومَ السَّبَبِ عَلَى الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْمَرَضِ.
وَمِنْهَا بَابُ الْإِمَامَةِ ؛ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ
ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَصْبَحُ وَجْهًا
ثُمَّ الْأَحْسَنُ خُلُقًا ثُمَّ الْأَحْسَنُ زَوْجَةً ثُمَّ مَنْ لَهُ جَاهٌ
ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا ثُمَّ الْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ ثُمَّ الْحُرُّ
الْأَصْلِيُّ عَلَى الْمُعْتَقِ ثُمَّ الْمُتَيَمِّمُ عَنْ الْحَدَثِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ
عَنْ الْجَنَابَةِ ، وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ .
وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ
يُقَابِلُ الْبَعْضَ فَالْعَالِمُ الْعَجَمِيُّ كُفُؤٌ لِلْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ شَرِيفَةً
وَعِلْمُهُ يُقَابِلُ نَسَبَهَا وَكَذَا شَرَفُهُ.
خَاتِمَةٌ : لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى
الْحُقُوقِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ
وَمِنْهُ السَّبْقُ كَالِازْدِحَامِ فِي الدَّعْوَى
وَالْإِفْتَاءِ وَالدَّرْسِ ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَجِيءِ أُقْرِعَ
بَيْنَهُمْالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ
الْمِثْلِ وَتَوَابِعِهَا .
أَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ : فَذَكَرُوهُ فِي مَوَاضِعَ .
مِنْهَا : بَابُ التَّيَمُّمِ .
قَالَ فِي الْكَنْزِ : وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ إلَّا بِثَمَنِ
الْمِثْلِ وَلَهُ ثَمَنُهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَإِلَّا يَتَيَمَّمُ ، وَفَسَّرَهُ
فِي الْعِنَايَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يَعِزُّ فِيهِ الْمَاءُ
أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ ، وَفَسَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِالْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ
الْمَكَانِ ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ فِي وَقْتِ عِزَّتِهِ أَوْ فِي
أَغْلَبِ الْأَوْقَاتِ ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ
لِلْقِيمَةِ حَالَةُ التَّقْوِيمِ .
وَيَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمِثْلِ عِنْدَ
الْحَاجَةِ لِسَدِّ الرَّمَقِ وَخَوْفِ الْهَلَاكِ ، وَرُبَّمَا تَصِلُ
الشَّرْبَةُ إلَى دَنَانِيرَ فَيَجِبُ شِرَاؤُهَا عَلَى الْقَادِرِ بِأَضْعَافِ
قِيمَتِهَا إحْيَاءً لِنَفْسِهِ .
وَمِنْهَا : بَابُ الْحَجِّ ؛ فَثَمَنُ الْمِثْلِ لِلزَّادِ
وَالْمَاءِ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ ، وَكَذَا الرَّاحِلَةُ كَمَا فِي فَتْحِ
الْقَدِيرِ .
وَمِنْهَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : إذَا
اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَاوَكَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا
فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ.وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ
يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقَلُّهَا.
قَالَ : وَمِنْهَا إذَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ
الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهِ كَيْفَ يَرْجِعُ بِهِ ؟ قَالَ قَاضِي خَانْ :
وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ أَنْ يُقَوَّمَ صَحِيحًا لَا عَيْبَ بِهِ
وَيُقَوَّمَ وَبِهِ الْعَيْبُ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ يَنْقُصُ عُشْرَ
الْقِيمَةِ كَانَ حِصَّةُ النُّقْصَانِ عُشْرَ الثَّمَنِ ( انْتَهَى ) .
وَلَمْ يُذْكَرْ اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ
يَوْمَ الْقَبْضِ ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ
.وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ .
وَمِنْهَا : الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ الْمَضْمُونِ
بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا ؛ فَالِاعْتِبَارُ لِقِيمَتِهِ
يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمَ التَّلَفِ.
قَالَ : وَمِنْهَا : الْمَغْصُوبُ الْقِيَمِيُّ إذَا هَلَكَ
؛ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ اتِّفَاقًا .
وَمِنْهَا : الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ إذَا انْقَطَعَ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ
الْخُصُومَةِ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَوْمَ الْغَصْبِ ،
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ .
وَمِنْهَا : الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ
يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ .
وَمِنْهَا : الْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تُعْتَبَرُ
قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ ، وَعِنْدَ
مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ
يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ
.
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ .
وَمِنْهَا : الْعَبْدُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ
قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ .
وَمِنْهَا : الْعَبْدُ إذَا جَنَى فَأَعْتَقَهُ
السَّيِّدُ غَيْرَ عَالَمٍ بِهَا وَقُلْنَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ
وَمِنْ أَرْشِهِ ، هَلْ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ
إعْتَاقِهِ وَمِنْهَا : الرَّهْنُ إذَا هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتُهُ وَمِنْ
الدَّيْنِ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لِقَوْلِهِمْ : إنَّ
يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ فِيهِ حَتَّى كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي
حَيَاتِهِ ؛ وَكَفَنُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
وَمِنْهَا : لَوْ أَخَذَ مِنْ الْأُرْزِ وَالْعَدَسِ وَمَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا مَثَلًا لِيُنْفِقَ
عَلَيْهِ ثُمَّ اخْتَصَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ ؛ هَلْ
تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَوْ يَوْمَ الْخُصُومَةِ ؟ قَالَ فِي
الْيَتِيمَةِ : تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ .
قِيلَ لَهُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بَلْ
كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَ مَا يَجْتَمِعُ
عِنْدَهُ .
قَالَ : يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأَخْذِ ؛ لِأَنَّهُ سَوْمٌ
حِينَ ذَكَرَ الثَّمَنَ ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا : ضَمَانُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ
إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَانَ مُوسِرًا وَاخْتَارَ السَّاكِتُ تَضْمِينَهُ
؛ فَالْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ كَمَا اُعْتُبِرَ حَالُهُ مِنْ
الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ ،
فَفِي الْخُلَاصَةِ : تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَاقْتَصَرَ
عَلَيْهِ وَحَكَاهُ فِي النِّهَايَةِ ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ
أَنَّهُ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَضَاءِ .
وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ يَوْمِ
الْخُصُومَةِ .
وَمَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ
بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَرَاخَى عَنْهَا .
وَلِهَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَوَّلًا اعْتِبَارَ
يَوْمِ الْخُصُومَةِ ، وَثَانِيًا اعْتِبَارَ يَوْمِ الْقَضَاءِ .
وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ وَضْعِهِ.
وَمِنْهَا : ضَمَانُ جَنِينِ الْأَمَةِ .قَالُوا :
لَوْ كَانَ ذَكَرًا وَجَبَ عَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ
حَيًّا ، وَعُشْرُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ أُنْثَى ، كَذَا فِي الْكَنْزِ ، وَفِي
الْخَانِيَّةِ .وَهُمَا
فِي الْقَدْرِ سَوَاءٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْوَضْعِ.
وَمِنْهَا : قِيمَةٌ الصَّيْدِ الْمُتْلَفِ فِي الْحَرَمِ أَوْ
الْإِحْرَامِ ؛ فَفِي الْكَنْزِ فِي الثَّانِي بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ فِي
مَقْتَلِهِ أَوْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْهُ .وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّمَانَ
وَالظَّاهِرُ فِيهِمَا يَوْمُ قَتْلِهِ كَمَا فِي الْمُتْلِفِ.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ اللُّقَطَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِهَا
أَوْ انْتَفَعَ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَجِدْ مَالِكَهَا فَالْمُعْتَبَرُ
قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّصَدُّقِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ تَصَرُّفُهُ
فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ جَارِيَةِ الِابْنِ إذَا
أَحْبَلَهَا الْأَبُ وَادَّعَاهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ
الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمِلْكَ
يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ عِنْدَنَا لَا حُكْمًا.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ الصَّدَاقِ إذَا انْتَصَفَ
بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَكَانَ هَالِكًا ، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ يَوْمُ الْقَضَاءِ بِهِ أَوْ
التَّرَاضِي لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ
النِّصْفَ إلَّا بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهَذِهِ تِسْعَةَ
عَشَرَ مَوْضِعًا فَاغْتَنِمْهَا
الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ
تَجِبُ فِي مَوَاضِعَ ؛ أَحَدُهَا الْإِجَارَةُ فِي صُوَرٍ
: مِنْهَا الْفَاسِدَةُ ، وَمِنْهَا : لَوْ قَالَ لَهُ الْمُؤَاجِرُ بَعْدَ
انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَعَلَيْك كُلُّ
شَهْرٍ كَذَا ، وَقِيلَ : يَجِبُ الْمُسَمَّى .
وَمِنْهَا : لَوْ قَالَ مُشْتَرِي الْعَيْنِ لِلْأَجِيرِ
اعْمَلْ كَمَا كُنْت وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَجْرِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ
فَإِنَّهُ يَجِبُ
.
وَمِنْهَا : لَوْ عَمِلَ لَهُ شَيْئًا وَلَمْ
يَسْتَأْجِرْهُ وَكَانَ الصَّانِعُ مَعْرُوفًا بِتِلْكَ الصَّنْعَةِ وَجَبَ أَجْرُ
الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهِ يُفْتَى .
وَمِنْهَا : فِي غَصْبِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَ
الْمَغْصُوبُ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفًا أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى
الْمُفْتَى بِهِ .
وَلَيْسَ مِنْهَا لِمَا إذَا خَالَفَ الْمُسْتَأْجِرُ
الْمُؤَجِّرَ إلَى شَرْطٍ بِأَنْ حَمَلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَشْرُوطِ فَإِنَّهُ لَا
يَجِبُ أَجْرُ مَا زَادَ ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْأَجْرَ لَا يَجْتَمِعَانِ .
وَمِنْهَا : إذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ
كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ .
وَمِنْهَا : إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ
وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ ، فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ
يَسْتَحْصِدَهُ .
وَمِنْهَا : إذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ فَلِلْعَامِلِ
أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ .
وَمِنْهَا : عَامِلُ الزَّكَاةِ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ
عَمَلِهِ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي أَعْوَانَهُ
وَفَائِدَتُهُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ أَجْرُهُ أَنَّهُ لَوْ
لَمْ يَعْمَلْ ؛ بِأَنْ حَمَلَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ أَمْوَالَهُمْ إلَى
الْإِمَامِ ، فَلَا أَجْرَ لَهُ .
وَمِنْهَا : النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ ، إذَا لَمْ
يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ
الْوَقْفُ طَاحُونَةً يَسْتَغِلَّهَا الْمُوقِفُ عَلَيْهِمْ ؛ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيهَا
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .وَهَذَا إذَا عَيَّنَ الْقَاضِي لَهُ أَجْرًا .فَإِنْ
لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ وَسَعَى فِيهِ سَنَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ ، كَذَا فِي
الْقُنْيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ
لَهُ الْقَاضِي ، وَلَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَجْرُ النَّظَرِ وَالْعِمَالَةِ لَوْ
عَمِلَ مَعَ الْعَمَلَةِ ( انْتَهَى ) .
وَمِنْهَا : الْوَصِيُّ إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ
لَهُ أَجْرًا بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ جَازَ .
وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى
الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
وَمِنْهَا : الْقَسَّامُ لَوْ لَمْ يُسْتَأْجَرْ
بِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ .
وَمِنْهَا : يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي عَلَى كِتَابَةِ
الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ
تَنْبِيهَاتٌ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُمْ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ
انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مَعْنَاهُ
بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَإِلَّا فَلَا أَجْرٌ لَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الثَّانِي : إذَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَكَانَ هُنَاكَ
مُسَمًّى فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَا يُزَادُ عَلَيْهِ
وَيَنْقُصُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا وَجَبَ بَالِغًا مَا بَلَغَ .
الثَّالِثُ : يَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ جِنْسِ
الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ .
الرَّابِعُ : إذَا وَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَانَ
مُتَفَاوِتًا مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْصِي وَمِنْهُمْ مِنْ يَتَسَاهَلُ فِي
الْأَجْرِ يَجِبُ الْوَسَطُ ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ
عِنْدَ بَعْضِهِمْ ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ عَشَرَةٌ ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ أَحَدَ
عَشَرَ ، وَجَبَ أَحَدَ عَشَرَ بِخِلَافِ التَّقْوِيمِ ؛ لَوْ اخْتَلَفَ
الْمُقَوِّمُونَ فِي مُسْتَهْلَكٍ ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ
وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتُهُ أَقَلُّ وَجَبَ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ ، ذَكَرَهُ
الْأَقْطَعُ فِي بَابِ السَّرِقَةِ .
الْخَامِسُ : أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ
الْفَاسِدَةِ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا
وَالْكُلُّ مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَقَدَّمْنَا حُكْمَ زِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي
الْفَوَائِدِ
الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ :
الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ
وَاشِقٍ ، وَبَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَبِمَنْ يُعْتَبَرُ ،
وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا ؛ فَيَجِبُ
فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَسْمِيَةِ مَا لَا
يَصْلُحُ مَهْرًا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ وَالْقُرْآنِ وَخِدْمَةِ زَوْجٍ
حُرٍّ وَنِكَاحٍ آخَرَ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَمَجْهُولُ الْجِنْسِ .
وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي عَلَى خَطَرٍ وَفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ
لَهَا مِنْ الْمَنَافِعِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ فِي الْكُلِّ أَوْ الْمَوْتِ .
وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ؛ فَالْمُتْعَةُ وَلَا
يُنْتَصَفُ ،وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ .
وَفِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ الْمِلْكُ
سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ ؛ كَمَا فِي أَمَةِ ابْنِهِ إذَا أَحَبْلَهَا فَلَا
مَهْرَ عَلَيْهِ
بَيَانُ مَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ
الْوَطْءِ وَمَا لَا يَتَعَدَّدُ :
أَمَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ؛ فَجَعَلَهُ أَبُو
حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُنْقَسِمًا عَلَى عَدَدِ الْوَطْآتِ
تَقْدِيرًا فَلَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ .
كَمَا لَا يَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ
إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَكَذَا بِوَطْءِ السَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ ، وَفِي النِّكَاحِ
الْفَاسِدِ .
وَيَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ
الزَّوْجِ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ ، وَأَفْتَى وَالِدُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ
بِالتَّعَدُّدِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْكَنْز
ِتَنْبِيهٌ :
يَجِبُ مَهْرَانِ فِيمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ
تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا ، مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْأَوَّلِ ،
وَالْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ .
وَمَهْرَانِ وَنِصْفٌ فِيمَا لَوْ قَالَ : كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك
فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَلَوْ
زَادَ بَائِنٌ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ .
فَعَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ . وَبَيَانُهُ فِي
فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ
التَّعْلِيقُ : رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ
بِحُصُولِ مَضْمُونِ أُخْرَى .
وَفُسِّرَ الشَّرْطُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّهُ تَعْلِيقُ
حُصُولِ مَضْمُونٍ جُمْلَةً بِحُصُولِ مَضْمُونٍ جُمْلَةً ( انْتَهَى ) .
وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ ؛ كَوْنُ الشَّرْطِ
مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَالتَّعْلِيقُ بِكَائِنٍ تَنْجِيزٌ
وَبِالْمُسْتَحِيلِ بَاطِلٌ ، وَوُجُودُ رَابِطٍ حَيْثُ كَانَ الْجَزَاءُ
مُؤَخَّرًا وَإِلَّا يُتَنَجَّزُ ، وَعَدَمُ فَاصِلٍ أَجْنَبِيٍّ بَيْنَ الشَّرْطِ
وَالْجَزَاءِ .
وَرُكْنُهُ : أَدَاةُ شَرْطٍ وَفِعْلُهُ وَجَزَاءُ صَالِحٍ
، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَدَاةِ لَا يَتَعَلَّقُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَنْجِيزِهِ
لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ .الْفَتْوَى عَلَى بُطْلَانِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي
شَرْحِ الْكَنْزِ
.
وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ :
تَعْلِيقُ التَّمْلِيكَاتِ وَالتَّقْيِيدَاتِ بِالشَّرْطِ
بَاطِلٌ ؛ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْهِبَةِ
وَالصَّدَقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ
وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ وَالرَّجْعَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْكِتَابَةِ
وَالْكَفَالَةِ بِغَيْرِ الْمُلَائِمِ وَالْوَقْفِ فِي رِوَايَةٍ وَالْهِبَةِ
بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ ،
وَمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ
بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ؛ كَطَلَاقٍ وَعِتَاقٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ .
وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ
وَالْإِقَالَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ، وَتَعْلِيقُ الْبَيْعِ بِكَلِمَةِ ( إنْ
) بَاطِلٌ إلَّا إذَا قَالَ : بِعْت إنْ رَضِيَ أَبِي .
وَوَقْتُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَبِكَلِمَةِ ( عَلَى )
صَحِيحٌ ، إنْ كَانَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ مُلَائِمًا لَهُ أَوْ
جَرَى الْعُرْفُ بِهِ أَوْ وَرَدَّ الشَّرْعُ بِهِ أَوْ كَانَ لَا مَنْفَعَةَ
فِيهِ لِأَحَدِهِمَا
.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مُدَايَنَاتِ الْفَوَائِدِ مَا خَرَجَ
عَنْ قَوْلِهِمْ : لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالشَّرْطِ ، وَفِي
الْبُيُوعِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فِيهَا.
وَجُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَبْطُلُ
بِفَاسِدِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ :
الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ .
وَالْإِجَارَةُ وَالرَّجْعَةُ .
وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْإِبْرَاءُ وَالْحَجْرُ .
وَعَزْلُ الْوَكِيلِ فِي رِوَايَةٍ وَإِيجَابُ
الِاعْتِكَافِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْوَقْفُ ،
فِي رِوَايَةٍ .
وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ : الطَّلَاقُ
وَالْخُلْعُ وَالرَّهْنُ وَالْقَرْضُ 8 - وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ
وَالْوِصَايَةُ وَالْوَصِيَّةُ .
وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْقَضَاءُ
وَالْإِمَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْإِقَالَةُ .
وَالْغَصْبُ وَالْكِتَابَةُ وَأَمَانُ الْقِنِّ وَدَعْوَةُ
الْوَلَدِ وَالصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ وَجِنَايَةُ غَصْبٍ وَعَهْدُ ذِمَّةٍ
وَوَدِيعَةٌ وَعَارِيَّةٌ .
إذَا ضَمِنَهَا رَجُلٌ وَشَرَطَ فِيهَا كَفَالَةً أَوْ
حَوَالَةً .
وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ .
أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ وَعَزْلِ قَاضٍ .
وَالتَّحْكِيمُ .
عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَتَمَامُهُ
فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ
فَائِدَةٌ :
مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ .
إلَّا الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ ، يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ
وَلَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ ، إلَّا إذَا عَلَّقَهُ وَمَنْ لَا يَمْلِكُ
التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ .
الثَّانِيَةُ : الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ لَوْ قَالَ : كُلُّ
مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ عِتْقِي صَحَّ ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ .
وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ مِنْ
بَابِ الْيَمِينِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ :
رُخْصَةُ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ وَالْمَسْحِ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا ، وَأَمَّا التَّنَقُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ فَحُكْمُ
خَارِجِ الْمِصْرِ لَا السَّفَرِ .
وَمِنْهَا سُقُوطُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ
وَالْأُضْحِيَّةِ وَتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ .
وَأَمَّا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فَمِنْ أَحْكَامِ الْمِصْرِ .
وَمِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ حُرْمَتُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ
بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ
وُجُودُ أَحَدِهِمَا شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي
وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا إذَا امْتَنَعَ الْمَحْرَمُ إلَّا بِهَا .
وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى
أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ .
وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ خُرُوجِهَا إلَّا
بِأَحَدِهِمَا هِجْرَتُهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ .
وَمِنْ أَحْكَامِهِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْهُ إلَّا
بِرِضَاءِ أَبَوَيْهِ إلَّا فِي الْحَجِّ إذَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ ،
وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْمَدْيُونِ إلَّا بِإِذْنِ الدَّائِنِ ، إلَّا إذَا كَانَ
مُؤَجَّلًا
وَيَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا سُقُوطُ الْحَجِّ إذَا غَلَبَهُ الْهَلَاكُ ،
وَتَحْرِيمُ السَّفَرِ فِيهِ وَضَمَانُ الْمُودِعِ لَوْ سَافَرَ بِهَا فِي
الْبَحْرِ ، وَكَذَا الْوَصِيُّ ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ.
مِنْهَا فِيمَا إذَا غَزَا فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ فَرَسٌ
فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمُ الْفَارِسِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ
لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إلَّا مُحْرِمًا وَتُكْرَهُ
الْمُجَاوَرَةُ بِهِ وَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ فَعَلَ خَارِجَهُ
وَالْتَجَأَ بِهِ ؛ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِهِ وَيَجِبُ الْجَزَاءُ
بِقَتْلِهِ وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ وَرَعْيُ حَشِيشِهِ .
إلَّا الْإِذْخِرَ وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِهِ ؛
وَتُضَاعَفُ فِيهِ الصَّلَاةُ .
وَحَسَنَاتُهُ كَسَيِّئَاتِهِ وَيُؤَاخَذُ فِيهِ بِالْهَمِّ
وَلَا يَسْكُنُ فِيهِ كَافِرٌ وَلَهُ .
الدُّخُولُ فِيهِ وَلَا تَمَتُّعَ وَلَا قِرَانَ لِمَكِّيٍّ
وَتَخْتَصُّ الْهَدَايَا بِهِ وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ حِجَارَتِهِ وَتُرَابِهِ وَهُوَ
مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا فِي اللُّقَطَةِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ فِيهِ
خَطَأٌ وَلَا حَرَمَ لِلْمَدِينَةِ عِنْدَنَا فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ
إلَّا اسْتِنَانَ الْغُسْلِ لِدُخُولِهَا ؛ وَكَرَاهَةَ الْمُجَاوَرَةِ بِهَا ؛
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ
هِيَ كَثِيرٌ جِدًّا ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ
الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ .
فَمِنْهَا : تَحْرِيمُ دُخُولِهِ عَلَى الْجُنُبِ
وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْعُبُورِ .
وَإِدْخَالُ
نَجَاسَةٍ فِيهِ يُخَافُ مِنْهَا التَّلْوِيثُ .
وَمَنْعُ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّ
الْمَنْعَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ فِيهِ إلَّا
لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ .وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّتِهِ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ
عَلَّلَ بِخَوْفِ التَّلْوِيثِ ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ
لَهَا .وَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ تَنْزِيهِيَّةٌ
.وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .وَلَمْ
يُعَلِّلْهُ أَحَدٌ مِنَّا بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى
طَهَارَتِهِ بِالْغُسْلِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا .
وَمِنْهَا : صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ فِيهِ .
وَمِنْهَا : حُرْمَةُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ
وَالْمَجَانِينِ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ .
وَمِنْهَا: مَنْعُ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ بَعْدَ قَتْلِهَا
فِيهِ .
وَمِنْهَا : تَحْرِيمُ الْبَوْلِ فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ ،
وَأَمَّا الْقَصْدُ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَلَمْ أَرَهُ .
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ .
وَمِنْهَا: مَنْعُ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ
.قَالُوا فِي تُرَابِهِ ؛ إنْ كَانَ مُجْتَمِعًا جَازَ الْأَخْذُ مِنْهُ وَمَسْحُ
الرِّجْلِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا.
وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْبُصَاقِ فِيهِ ، وَإِلْقَاءُ النُّخَامَةِ
فَوْقَ الْحَصِيرِ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِهَا تَحْتَهُ ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ
دَفَنَهُ وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ
مَوْضِعٍ أُعِدَّ لِذَلِكَ لَا يُصَلِّي فِيهِ ، أَوْ فِي إنَاءٍ وَيُكْرَهُ
مَسْحُ الرِّجْلِ مِنْ الطِّينِ عَلَى عَمُودِهِ وَالْبُزَاقُ عَلَى حِيطَانِهِ
وَلَا يُحْفَرُ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ.وَتُتْرَكُ الْقَدِيمَةُ .
وَيُكْرَهُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِيهِ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ
لِيَقِلَّ النَّزُّ
.
وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ طَرِيقٍ فِيهِ لِلْمَرِّ إلَّا
لِعُذْرٍ
وَتُكْرَهُ الصِّنَاعَةُ فِيهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ
بِأَجْرٍ وَتَعْلِيمِ صِبْيَانٍ بِأَجْرٍ لَا بِغَيْرِهِ إلَّا لِحِفْظِ الْمَسْجِدِ
فِي رِوَايَةٍ.
وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُصِيبَةِ.
وَتُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ فَإِنْ كَانَ
مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ.
وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِيهِ وَجُلُوسُ الْقَاضِي
فِيهِ ،
وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ وَفَوْقَهُ كَالتَّخَلِّي
وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لِمَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهَةٍ
وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَا كُلُّ مُؤْذٍ فِيهِ وَلَوْ بِلِسَانِهِ وَمِنْ
الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكُلُّ عَقْدٍ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ ، وَيَجُوزُ لَهُ
بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْ السِّلْعَةَ .
وَإِنْشَادُ الضَّالَّةِ وَالْأَشْعَارِ وَالْأَكْلُ
وَالنَّوْمُ لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَمُعْتَكِفٍ وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ :
أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ ، كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ
الْحَطَبَ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إلَّا لِلْمُتَفَقِّهَةِ.
وَاخَرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ مِنْ الدُّبُرِ وَالْخُصُومَةُ.
وَيُسَنُّ كَنْسُهُ وَتَنْظِيفُهُ وَتَطْيِيبُهُ وَفُرُشُهُ
وَإِيقَادُهُ وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِهِ
وَعَكْسُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ ، وَمَنْ اعْتَادَ الْمُرُورَ فِيهِ يَأْثَمُ
وَيَفْسُقُ ، وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ مَكَان فِيهِ لِصَلَاتِهِ ، وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْمُلَازَمَةِ
فَلَا يُزْعِجُ غَيْرَهُ لَوْ سَبَقَهُ إلَيْهِ.
وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ جَعْلُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ
مَسْجِدَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ وَلَهُمْ
جَعْلُ الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا وَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ أَدَوَاتِهِ لِمَسْجِدٍ
آخَرَ وَلَا يَشْغَلُ الْمَسْجِدَ بِالْمَتَاعِ إلَّا لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ
، وَبَقِيَ مِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مُنْتَعِلًا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( { فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ } ) كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي .
خَاتِمَةٌ :
أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ .
ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ .
ثُمَّ الْجَوَامِعُ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ ثُمَّ
مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ. الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ
اُخْتُصَّ بِأَحْكَامٍ : لُزُومِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ .
وَاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لَهَا .
وَكَوْنِهَا ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ .
وَالْخُطْبَةِ لَهَا .
وَكَوْنِهَا قَبْلَهَا شَرْطًا .
وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ لَهَا .
وَتَحْرِيمِ السَّفَرِ قَبْلَهَا بِشَرْطِهِ وَاسْتِنَانِ
الْغُسْلِ لَهَا وَالطِّيبِ وَلُبْسِ الْأَحْسَنِ ، أَوْ تَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ
وَحَلْقِ الشَّعْرِ
.
وَلَكِنْ بَعْدَهَا أَفْضَلُ ،
وَالْبَخُورُ فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّكْبِيرِ لَهَا ،
وَالِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ إلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ .
وَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهَا ،
وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ ، وَإِفْرَادِ
لَيْلَتِهِ بِالْقِيَامِ . وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ فِيهِ .
وَنَفْيِ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ .
عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُصَحَّحِ
الْمُعْتَمِدِ .
وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ ، وَيَوْمُ عِيدٍ ،
وَفِيهِ سَاعَةُ إجَابَةٍ ،
وَتَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَرْوَاحُ وَتُزَارُ فِيهِ
الْقُبُورُ وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ .
وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَمِنَ مِنْ
فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ ، وَلَا تُسْجَرُ فِيهِ جَهَنَّمُ ، وَفِيهِ
خُلِقَ آدَم وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ
وَفِيهِ يَزُورُ أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ تَعَالَى .
وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ فَنِّ الْجَمْعِ
وَالْفَرْقِ مِمَّا يَكْثُرُ دُورُهُ وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهُ .
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَلَهُ الْحَوْلُ
وَالْقُوَّةُ .
ثُمَّ الْآنَ نَشْرَعُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
وَقُوَّتِهِ فِي الْفَرْقِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ
يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ
، وَيُكْرَهُ تَجْدِيدُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا ، يَمْسَحُ فِيهِ الْخُفَّ وَيَنْزِعُ
لِلْغُسْلِ .
يُسَنُّ فِيهِ التَّرْتِيبُ .بِخِلَافِ الْغُسْلِ ، تُسَنُّ
الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِيهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَفَرِيضَةٌ ،
تُمْسَحُ الرَّأْسُ فِيهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ عَلَى قَوْلٍ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ
يَتَأَقَّتُ الْمَسْحُ دُونَهُ .
وَرَأَيْت فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ
غَسْلُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ بِلَا خِلَافٍ
وَلَا يَجُوزُ مَسْحُ الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ ؛ وَصُورَةُ
الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ أَنْ يَسْتَحِقَّ قَطْعَ رِجْلِهِ فَلَا يُمَكَّنَ
مِنْهَا .
يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْغُسْلِ دُونَ الْمَسْحِ .
يَجِبُ تَعْمِيمُ الرِّجْلِ دُونَ الْخُفِّ .
لَا تَنْقُضُهُ الْجَنَابَةُ خِلَافَ الْمَسْحِ ، هُوَ
أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ لِمَنْ رَآهُ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الرَّأْسِ وَالْخُفِّ
يُسَنُّ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ دُونَ الْخُفِّ ، لَوْ
ثُلْثُ مَسْحِ الرَّأْسِ .
لَمْ يُكْرَهْ .
وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ وَيُكْرَهُ تَثْلِيثُ مَسْحِ الْخُفِّ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ :
كَوْنُهُ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَقَطْ ، وَلَا
يَجُوزُ إلَّا لِعُذْرٍ ، وَلَا يُمْسَحُ فِيهِ الْخُفُّ ، وَيَفْتَقِرُ إلَى
النِّيَّةِ .
وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ وَلَا تَثْلِيثُهُ ، وَيَسُنُّ
فِيهِ النَّقْضُ ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ وَمَسْحُ الْخُفِّ :
لَا يُشْتَرَطُ شَدُّهَا عَلَى وُضُوءٍ وَيُشْتَرَطُ
لُبْسُهُ عَلَى كَمَالِ الطَّهَارَةِ ، وَتُجْمَعُ مَعَ الْغُسْلِ بِخِلَافِ
مَسْحِ الْخُفِّ ، وَيَجِبُ تَعْمِيمُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ .
وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ
إنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا ، وَلَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ
بِخِلَافِهِ .
وَلَا يَنْتَقِضُ إذَا سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ ؛ فَلَا
تَجِبُ إعَادَتُهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ إذَا سَقَطَ لَا تُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ
بِخِلَافِ الْخُفِّ
.
وَإِذَا كَانَ عَلَى عُضْوٍ جَبِيرَتَانِ فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا
أَعَادَهَا بِلَا إعَادَةِ مَسْحِهَا بِخِلَافِ نَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ
أَقَلُّ الْحَيْضِ مَحْدُودٌ وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ
النِّفَاسِ ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ .
وَأَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ .
وَيَكُونُ بِهِ الْبُلُوغُ وَالِاسْتِبْرَاءُ دُونَ
النِّفَاسِ ، وَالْحَيْضُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ
بِخِلَافِ النِّفَاسِ ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ دُونَ النِّفَاسِ ،
وَيَحْصُلُ بِهِ الْفَصْلُ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِخِلَافِ
النِّفَاسِ .
فَهِيَ سَبْعَةٌ ؛ فَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ
الِافْتِرَاقِ بِأَرْبَعَةٍ قُصُورٌ .
[مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ
وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ
وَالْإِبَاحَةِ يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَلَوْ امْرَأَةً الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا
مَضْمَضَةٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ ،
وَمِنْهُ أَنَّ الْجَنَابَةَ صِفَةٌ مُسْتَدَامَةٌ بِخِلَافِ
الْحَيْضِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ جُنُبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ
أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ وَفِيهِ كَلَامٌ لِلْكَمَالِ
وَمِنْهُ وُضُوءُ الْحَائِضِ مُسْتَحَبٌّ مَعَ أَنَّهَا
لَيْسَتْ أَهْلًا
وَمِنْهُ وُجُوبُ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجُنُبِ
وَقَضَائِهَا
وَمِنْهُ حِلُّ وَطْئِهَا جُنُبًا لَا حَائِضًا
وَمِنْهُ تَطْلِيقُ الْجُنُبِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَطَلَاقُ
الْحَائِضِ بِدْعِيٌّ
وَمِنْهُ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ مَعَ الْجَنَابَةِ لَا
الْحَيْضِ
وَمِنْهُ الْجَنَابَةُ تَصْلُحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ
بِخِلَافِ الْحَيْضِ
وَمِنْهُ يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ لَوْ قُتِلَ جُنُبًا
وَالْحَائِضُ قَبْلَ اسْتِمْرَارِ الْحَيْضِ ثَلَاثًا لَا تُغَسَّلُ].
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ:
يَجُوزُ تَرَاخِي الصَّلَاةِ عَنْ الْأَذَانِ .
دُونَ الْإِقَامَةِ .
يُسَنُّ التَّمَهُّلُ فِيهِ وَالْإِسْرَاعُ فِيهَا .
تُكْرَهُ إقَامَةُ الْمُحْدِثِ لَا أَذَانُهُ ، وَيُكْرَهُ
التَّكْرَارُ فِيهَا لَا فِيهِ.
مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ
هُوَ سَجْدَتَانِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ ، هُوَ فِي آخِرِ
صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ .
وَهِيَ فِيهَا .
هُوَ لَا يَتَكَرَّرُ . بِخِلَافِهَا ،
لَا يَقُومُ لَهُ وَيَقُومُ لَهَا
يَتَشَهَّدُ لَهُ وَيُسَلِّمُ بِخِلَافِهِمَا ، الذِّكْرُ
الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُشَرَّعُ فِيهِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ :
سُجُودُ الشُّكْرِ لَا يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِهَا ،
وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ الشُّكْرِ .
فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ
اللَّهُ .
لَا وَاجِبَةٌ .
وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ
مَشْرُوعَةً ؛ أَيْ : وُجُوبًا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ
نِيَّةُ الِائْتِمَامِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَأْمُومِ دُونَ
الْإِمَامِ .
إلَّا لِصِحَّةِ صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَهُ أَوْ
لِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ إذَا بَطَلَتْ
صَلَاةُ الْمَأْمُومِ
. بِخِلَافِ عَكْسِهِ .
إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ
اقْتِدَاؤُهُ .بِخِلَافِ الْإِمَامِ إذَا عَيَّنَ الْمَأْمُومَ وَأَخْطَأَ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ:
الْجُمُعَةُ فَرْضٌ وَالْعِيدُ وَاجِبٌ ، وَقْتُهَا وَقْتُ
الظُّهْرِ .
وَوَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا .
وَشَرْطُهَا الْخُطْبَةُ وَكَوْنُهَا قَبْلَهَا بِخِلَافِهِ
فِيهِمَا .
وَأَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي مِصْرٍ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ
بِخِلَافِهِ ،
وَيُسْتَحَبُّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ أَنْ يَطْعَمَ قَبْلَ
خُرُوجِهِ إلَى الْمُصَلَّى بِخِلَافِهَا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ
تُسْتَحَبُّ الْبِدَايَةُ بِغُسْلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ
بِخِلَافِ الْحَيِّ ؛ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِغُسْلِ يَدَيْهِ وَلَا يُمَضْمَضُ
وَلَا يُسْتَنْشَقُ بِخِلَافِ الْحَيِّ ، وَلَا يُؤَخَّرُ غُسْلُ رِجْلَيْهِ
بِخِلَافِ الْحَيِّ إنْ كَانَ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ ، وَلَا يُمْسَحُ
رَأْسُهُ فِي وُضُوءِ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْحَيِّ .فِي رِوَايَةٍ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ
يُشْتَرَطُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ النُّمُوُّ وَلَوْ
تَقْدِيرًا بِخِلَافِ نِصَابِهَا ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِذِمِّيٍّ
بِخِلَافِهَا ، وَلَا وَقْتَ لَهَا .
وَلِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ
عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ، وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ
. بِخِلَافِهَا بَعْدَ وُجُودِ الرَّأْسِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ
يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا
إنْ لَمْ يَسِقْ الْهَدْيَ .
بِخِلَافِهِ .
يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا مِنْ الْمِيقَاتِ
وَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ بِخِلَافِ
الْقَارِنِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِهِمَا مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ
يُشْتَرَطُ لَهَا الْقَبُولُ بِخِلَافِهِ ، وَلَهُ
الرُّجُوعُ فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ بِخِلَافِهِ مُطْلَقًا.
مَاافْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ
التَّأْقِيتُ يُفْسِدُهُ وَيُصَحِّحُهَا ، وَيَمْلِكُ
الْعِوَضَ فِيهِ بِالْعَقْدِ.وَفِيهَا لَا إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ
وَتُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ بِخِلَافِهِ ، وَتُفْسَخُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ بِخِلَافِهِ
، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا إذَا عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ .
وَإِذَا هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَبْطُلُ
الْبَيْعُ .
وَاذَا هَلَكَتْ الْأُجْرَةُ الْعَيْنُ قَبْلَهُ
انْفَسَخَتْ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ
لَا قَسْمَ لِلْأَمَةِ . بِخِلَافِهَا ، وَلَا حَصْرَ
لِعَدَدِ الْإِمَاءِ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ ، وَلَا تُقَدَّرُ نَفَقَتُهَا
بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا بِحَسَبِ حَالِهَا ، وَلَا يُسْقِطُهَا
النُّشُوزُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ
نَفَقَتُهَا مُقَدَّرَةٌ بِحَالِهَا وَنَفَقَتُهُ
بِالْكِفَايَةِ وَنَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَعْدَ
التَّقْدِيرِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ ، وَشَرْطُ نَفَقَتِهِ
إعْسَارُهُ وَزَمَانَتُهُ وَيَسَارُ الْمُنْفِقِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهَا
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ
لَا يُقَرُّ الْمُرْتَدُّ وَلَوْ بِجِزْيَةٍ ، وَلَا
يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ ، وَيُهْدَرُ دَمُهُ
وَيُوقَفُ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ ، وَلَا يَسْبِي وَلَا
يُفَادِي وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ .
وَلَا يُوَرَّثُ ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ
مِلَّةٍ ، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ فِيهَا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ
يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ ، دُونَ عَكْسِهِ .
وَهُوَ أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .
دُونَ الْعِتْقِ ، وَيَكُونُ بِدْعِيًّا فِي بَعْضِ
الْأَحْوَالِ دُونَ الْعِتْقِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ
الْعِتْقُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ . بِخِلَافِ الْوَقْفِ ،
وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ .
بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ .
مَاافْتَرَقَ فِيْهِ الْمُدَبَّرُ و أُمُّ الْوَلَدِ
ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ :
لَا تُضَمَّنُ بِالْغَصْبِ وَبِالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا يَجُوزُ
الْقَضَاءُ بِبَيْعِهَا بِخِلَافِهِ ، وَتُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ
مِنْ الثُّلُثِ ، وَقِيمَتُهَا ثُلُثُ قِيمَتِهَا لَوْ كَانَتْ قِنَّةً وَهُوَ النِّصْفُ
فِي رِوَايَةٍ وَالثُّلُثَانِ فِي أُخْرَى وَالْجَمِيعُ فِي أُخْرَى ، وَعَلَيْهَا
الْعِدَّةُ إذَا أُعْتِقَتْ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ لَا عَلَى الْمُدَبَّرَةِ ،
وَلَوْ اسْتَوْلَدَ أُمَّ وَلَدٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا يَمْلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ
بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا
بِالسُّكُوتِ دُونَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ ، وَلَا تَسْعَى لِدَيْنِ الْمَوْلَى
بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِهِ ، وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا وَيَصِحُّ اسْتِيلَادُ
الْمُدَبَّرَةِ ، وَلَا يَمْلِكُ الْحَرْبِيُّ بَيْعَهَا وَلَهُ بَيْعُهُ ، وَلَوْ
اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ صَحَّ وَلَوْ صَغِيرًا ، وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ
لَا
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ
يَصِحُّ إعْتَاقُ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي
بِتَكْرِيرِ لَفْظِ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ
الْمُشْتَرِي بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِهِ
فِي الصَّحِيحِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِطَحْنِ
ج5. كتاب : الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِر الشَّيْخ زَيْنُ
الْعَابِدِيْنَ بْنِ إِبْرَاهِيْمِ بْنِ نُجَيْمٍ
الْحِنْطَةِ فَفَعَلَ كَانَ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِهِ فِي
الصَّحِيحِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِذَبْحِ الشَّاةِ فَفَعَلَ كَانَتْ لِلْبَائِعِ
بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْقِيمَةِ بَعْدَ فَسْخِ
الْفَاسِدِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ .
وَفِي الصَّحِيحِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَلَا شُفْعَةَ
فِيهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ
يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا
بِخِلَافِ الْقَاضِي ، وَلَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ وَجَازَ
تَعَدُّدُ الْقَاضِي ، وَلَوْ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ .
وَلَا يَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِالْفِسْقِ بِخِلَافِ
الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ
لِلْقَاضِي سَمَاعُ الدَّعْوَى عُمُومًا وَلِلْمُحْتَسِبِ
فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَجَسٍ أَوْ تَنْظِيفٍ أَوْ غِشٍّ .
وَلَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُحَلِّفُ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ
يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِيهَا دُونَ الرِّوَايَةِ ، لَا
تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الرِّوَايَةِ مُطْلَقًا وَتُشْتَرَطُ فِي
الشَّهَادَةِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ، تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِيهَا دُونَ
الرِّوَايَةِ ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَرَقِيقِهِ
بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ .
لِلْعَالِمِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
فِي الرِّوَايَةِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ
، الْأَصَحُّ قَبُولُ الْجَرْحِ الْمُبْهَمِ مِنْ الْعَالِمِ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي
الشَّهَادَةِ ، لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا عِنْدَ
تَعَذُّرِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ ، إذَا رَوَى شَيْئًا ثُمَّ رَجَعَ
عَنْهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ .
بِخِلَافِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ ،
لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِمَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَتُقْبَلُ
رِوَايَتُهُ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ حَبْسُ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ
لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ
تَسْلِيمُ الثَّمَنِ مُطْلَقًا وَالرَّهْنُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمِصْرِ وَتَلْحَقُ
الْمُرْتَهِنَ مُؤْنَةٌ فِي إحْضَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ قَبْلَ أَخْذِ
الدَّيْنِ ، وَالْمُرْتَهِنُ إذَا أَعَارَ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ لَمْ
يَبْطُلْ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ ، فَلَهُ رَدُّهُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ إذَا
أَعَارَ الْمَبِيعَ أَوْ أَوْدَعَهُ مِنْ
الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ .فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ ، وَهُمَا
فِي بُيُوعِ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْبَائِعُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ
الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً
وَرَدَّهَا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ وَفِي الرَّهْنِ يَسْتَرِدُّهُ ،
وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ
وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَعْدَ نَقْدِ
الثَّمَنِ زُيُوفًا لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ
الرَّهْنِ
ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْبُيُوعِ . وَقَاضِي
خَانْ فِي الرَّهْنِ
.
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ
بِقَبْضِ الدَّيْنِ
صَحَّ إبْرَاءُ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ وَحَطُّهُ
وَضُمِّنَ وَلَا يَصِحُّ مِنْ الثَّانِي ، صَحَّ مِنْ الْأَوَّلِ قَبُولُ
الْحَوَالَةِ لَا مِنْ الثَّانِي .وَصَحَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَخْذُ الرَّهْنِ لَا
مِنْ الثَّانِي ، وَصَحَّ مِنْهُمَا أَخْذُ الْكَفِيلِ وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ
بِالْقَبْضِ الْمَدْيُونِ فِيهِ .
وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ فِي الْمَبِيعِ الْمُشْتَرَى
فِي الثَّمَنِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بِالدَّيْنِ لَا
الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِهِ ، وَلِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِمَا
دَفَعَهُ لَهُ إذَا سَلَّمَهُ لِلْمُوَكِّلِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ بِخِيَارٍ
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لِلثَّمَنِ ، وَلَا يَصِحُّ نَهْيُ الْمُوَكِّلِ
الْمُشْتَرِيَ عَنْ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ
بِالْقَبْضِ لِلثَّمَنِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ
لَا يَصِحُّ إلَّا بِشُهُودٍ بِخِلَافِهَا .
لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَاهَا بِخِلَافِهَا ، لَا مَهْرَ
فِيهَا بِخِلَافِهِ ، لَا تَصِحُّ إلَّا لِلْمُعْتَدَّةِ بِخِلَافِهِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ :
يَمْلِكُ الْوَكِيلُ عَزْلَ نَفْسِهِ .
لَا الْوَصِيُّ بَعْدَ الْقَبُولِ لَا يُشْتَرَطُ
الْقَبُولُ فِي الْوَكَالَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوِصَايَةِ ، وَيَتَقَيَّدُ
الْوَكِيلُ بِمَا قَيَّدَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْوَصِيُّ وَلَا
يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَلَا
تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوِصَايَةُ تَصِحُّ ؛ وَتَصِحُّ الْوِصَايَةُ
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْوَصِيُّ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي
الْوَصِيِّ الْإِسْلَامُ .
وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَلَا يُشْتَرَطُ
فِي الْوَكِيلِ إلَّا الْعَقْلُ ، وَإِذَا مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ تَمَامِ
الْمَقْصُودِ وَنَصَّبَ الْقَاضِي غَيْرَهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَكِيلِ لَا
يُنَصِّبُ غَيْرَهُ إلَّا عَنْ مَفْقُودٍ لِلْحِفْظِ وَفِي أَنَّ الْقَاضِيَ
يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ لِخِيَانَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ ، وَفِي
أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي
أَنَّهُ مَعِيبٌ
وَلَا بَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى الْبَتَاتِ
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَهِيَ فِي
الْقُنْيَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَلْخِي فَالْأَفْضَلُ لِلْوَصِيِّ
أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَلْخَ .
فَإِنْ أَعْطَى فِي كُورَةٍ أُخْرَى جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ
وَلَوْ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَجِّ يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ
عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ ، وَلَوْ خَصَّ فَقَالَ لِفُقَرَاءِ هَذِهِ السِّكَّةِ
لَمْ يَجُزْ ، كَذَا فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
وَفِي الْخَانِيَّةِ : لَوْ قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ
أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى جِنْسٍ فَتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ
بِنَفْسِهِ جَازَ ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالتَّصَدُّقِ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ
ضَمَّنَ الْمَأْمُورَ ( انْتَهَى ) .
فَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْوَصِيُّ الْوَكِيلَ لَوْ
اسْتَأْجَرَ الْمُوصِي الْوَصِيَّ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ وَصِيَّةً
لَهُ بِشَرْطِ الْعَمَلِ ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ
الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ ؛ فَإِنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ صَحَّتْ وَإِلَّا
لَا .
وَيَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ
مَقْبُولُ الْقَوْلِ مَعَ الْيَمِينِ ، وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُمَا عَمَّا وَجَبَ
بِعَقْدِهِمَا . وَيُضَمَّنَانِ ، وَكَذَا يَصِحُّ حَطُّهُمَا وَتَأْجِيلُهُمَا
وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُمَا فِيمَا لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِمَا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَصِيُّ وَالْوَارِثُ
اعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْوَارِثَ يَشْتَرِكَانِ فِي
الْخِلَافَةِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي التَّصَرُّفِ ، وَالْوَارِثُ أَقْوَى لِمِلْكِهِ
الْعَيْنَ .
فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلِكُلٍّ
مِنْهُمَا إعْتَاقُهُ لَكِنْ يَمْلِكُ الْوَارِثُ إعْتَاقُهُ تَنْجِيزًا
وَتَعْلِيقًا وَتَدْبِيرًا وَكِتَابَةً ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إلَّا
التَّنْجِيزَ ، وَهِيَ فِي التَّلْخِيصِ ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَ
التَّرِكَةِ .
لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ .
وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْوَصِيِّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي ،
وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ : وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ ،
وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَحْكَامٍ ذَكَرْنَاهَا فِي وَصَايَا الْفَوَائِدِ .
أَمِينُ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ
الْأَمِينَ لَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ كَالْقَاضِي وَوَصِيُّهُ تَلْحَقُهُ كَوَصِيِّ
الْمَيِّتِ .
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلْنَخْتَتِمْ هَذَا
الْفَنَّ بِقَوَاعِدَ شَتَّى مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَفَوَائِدَ لَمْ
تُذْكَرْ فِيمَا سَبَقَ .
قَاعِدَةٌ : إذَا أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ عَلَيْهِ هَلْ
يَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا أَمْ لَا ؟
قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى : لَوْ
قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ فَرْضًا وَلَوْ أَطَالَ
الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا وَقَعَ
فَرْضًا .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ .
فَقِيلَ : يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا ،
وَالْمُعْتَمَدُ وُقُوعُ الرُّبُعِ فَرْضًا وَالْبَاقِي سُنَّةً وَاخْتَلَفُوا فِي
تَكْرَارِ الْغَسْلِ
.
فَقِيلَ : يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا ،
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأُولَى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةَ مَعَ الثَّالِثَةِ سُنَّةٌ
مُؤَكَّدَةٌ .
وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَا إذَا أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ
خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ .
هَلْ يَقَعُ فَرْضًا .
أَوْ خُمُسَهُ وَأَمَّا إذَا نَذَرَ ذَبْحَ شَاةٍ فَذَبَحَ
بَدَنَةً ، وَلَعَلَّ فَائِدَتَهُ فِي النِّيَّةِ : هَلْ يَنْوِي فِي الْكُلِّ الْوُجُوبَ
أَوْ لَا ؟ وَفِي الثَّوَابِ هَلْ يُثَابُ عَلَى الْكُلِّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَوْ
ثَوَابَ النَّفْلِ فِيمَا زَادَ ؟
وَفِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ : لَوْ اسْتَحَقَّ
الِاسْتِرْدَادَ مِنْ الْعَامِلِ هَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ أَوْ الْكُلِّ
؟ ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ قَالُوا فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ
مَعْزِيًّا إلَى الْخُلَاصَةِ : الْغَنِيُّ إذَا ضَحَّى بِشَاتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ
مِنْهُمَا فَرْضًا
وَالْأُخْرَى تَطَوُّعٌ ؛ وَقِيلَ الْأُخْرَى لَحْمًا (
انْتَهَى )
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ أَزْيَدَ
مِنْ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ ، أَوْ زَادَ عَلَى حَالِهِمَا فِي نَفَقَةِ
الزَّوْجَةِ أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ فِي الْخَلَاءِ زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ
الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ ، هَلْ يَأْثَمُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ لَا ؟
فَائِدَةٌ :
تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ ، وَهُوَ
بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدِينِهِ .
وَفَرْضَ كِفَايَةٍ ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِنَفْعِ
غَيْرِهِ .
وَمَنْدُوبًا ، وَهُوَ التَّبَحُّرُ فِي الْفِقْهِ وَعِلْمِ
الْقَلْبِ .
وَحَرَامًا ، وَهُوَ عِلْمُ الْفَلْسَفَةِ وَالشَّعْبَذَةِ
وَالتَّنْجِيمِ وَالرَّمْلِ وَعِلْمُ الطَّبِيعِيِّينَ وَالسِّحْرِ .
وَدَخَلَ فِي الْفَلْسَفَةِ الْمَنْطِقُ .
وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ عِلْمُ الْحَرْفِ وَالْمُوسِيقِيِّ
وَمَكْرُوهًا ، وَهُوَ أَشْعَارُ الْمُوَلَّدِينَ مِنْ
الْغَزَلِ وَالْبَطَالَةِ .
وَمُبَاحًا ، كَأَشْعَارِهِمْ الَّتِي لَا سُخْفَ فِيهَا .
وَكَذَا النِّكَاحُ تَدْخُلُهُ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ
كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْهُ .
وَكَذَا الطَّلَاقُ تَدْخُلُهُ ، وَكَذَا الْقَتْلُ
فَائِدَةٌ :
ذَكَرَ الْبَزَّازِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ الْإِمَامِ
الْبُخَارِيِّ : الرَّجُلُ
لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا إلَّا أَنْ يَكْسِبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ ،
كَأَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ ، فِي أَرْبَعٍ عِنْدَ أَرْبَعٍ ، بِأَرْبَعٍ عَلَى
أَرْبَعٍ ، عَنْ أَرْبَعٍ لِأَرْبَعٍ ، وَهَذِهِ الرُّبَاعِيَّاتُ لَا تَتِمُّ
إلَّا بِأَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ ، فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ كُلُّهَا هَانَتْ عَلَيْهِ
أَرْبَعٌ وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ ، فَإِذَا صَبَرَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
فِي الدُّنْيَا بِأَرْبَعٍ وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ .
أَمَّا الْأُولَى فَأَخْبَارُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَائِعُهُ ، وَأَخْبَارُ الصَّحَابَةِ
وَمَقَادِيرُهُمْ ، وَالتَّابِعِينَ وَأَحْوَالُهُمْ ، وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَتَوَارِيخُهُمْ .
مَعَ أَرْبَعٍ : أَسْمَاءُ رِجَالِهِمْ وَكُنَاهُمْ وَأَمْكِنَتُهُمْ
وَأَزْمِنَتُهُمْ
.
كَأَرْبَعٍ : التَّحْمِيدُ مَعَ الْخُطَبِ ،
وَالدُّعَاءُ مَعَ التَّرَسُّلِ ، وَالتَّسْمِيَةُ مَعَ السُّورَةِ ،
وَالتَّكْبِيرُ مَعَ الصَّلَوَاتِ .
مَعَ أَرْبَعٍ : الْمُسْنَدَاتُ وَالْمُرْسَلَاتُ
وَالْمَوْقُوفَاتُ وَالْمَقْطُوعَاتُ .
فِي أَرْبَعٍ : فِي صِغَرِهِ ، فِي إدْرَاكِهِ ، فِي
شَبَابِهِ ، فِي كُهُولَتِهِ .
عِنْدَ أَرْبَعٍ : عِنْدَ شَغْلِهِ ، عِنْدَ فَرَاغِهِ ،
عِنْدَ فَقْرِهِ ، عِنْدَ غِنَاهُ .
بِأَرْبَعٍ : بِالْجِبَالِ ، بِالْبِحَارِ ،
بِالْبَرَارِيِّ ، بِالْبُلْدَانِ .
عَلَى أَرْبَعٍ : عَلَى الْحِجَارَةِ ، عَلَى الْأَخْزَافِ
، عَلَى الْجُلُودِ ، عَلَى الْأَكْتَافِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُمْكِنُ
نَقْلُهَا إلَى الْأَوْرَاقِ .
عَنْ أَرْبَعٍ : عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ ، وَدُونَهُ ،
وَمِثْلُهُ ، وَعَنْ كِتَابِ أَبِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ خَطُّهُ .
لِأَرْبَعٍ : لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَرِضَاهُ
وَلِلْعَمَلِ بِهِ إنْ وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلِنَشْرِهَا بَيْنَ
طَالِبِيهَا ، وَلِإِحْيَاءِ ذِكْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ .
ثُمَّ لَا تَتِمُّ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا بِأَرْبَعٍ
مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَهِيَ : مَعْرِفَةُ الْكِتَابَةِ وَاللُّغَةِ
وَالصَّرْفِ وَالنَّحْوِ .
مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ تَعَالَى : الصِّحَّةِ
وَالْقُدْرَةِ وَالْحِرْصِ وَالْحِفْظِ .
فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ هَانَتْ عَلَيْهِ
أَرْبَعٌ : الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ وَالْمَالُ وَالْوَطَنُ
وَابْتُلِيَ بِأَرْبَعٍ : بِشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ
وَمَلَامَةِ الْأَصْدِقَاءِ وَطَعْنِ الْجُهَّالِ وَحَسَدِ الْعُلَمَاءِ .
فَإِذَا صَبَرَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا
بِأَرْبَعٍ : بِعِزِّ الْقَنَاعَةِ وَهَيْبَةِ النَّفْسِ وَلَذَّةِ الْعِلْمِ
وَحَيَاةِ الْأَبَدِ
.
وَأَثَابَهُ فِي الْآخِرَةِ بِأَرْبَعٍ : بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ
أَرَادَ مِنْ إخْوَانِهِ بِظِلِّ الْعَرْشِ حَيْثُ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ
وَالشُّرْبِ مِنْ الْكَوْثَرِ وَجِوَارِ النَّبِيِّينَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ .
فَإِنْ لَمْ يُطِقْ احْتِمَالَ هَذِهِ الْمَشَاقِّ فَعَلَيْهِ
بِالْفِقْهِ الَّذِي يُمْكِنُهُ تَعَلُّمُهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ قَارٌّ
سَاكِنٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى بُعْدِ أَسْفَارٍ وَوَطْءِ
دِيَارٍ وَرُكُوبِ بِحَارٍ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ثَمَرَةُ الْحَدِيثِ ، وَلَيْسَ
ثَوَابُ الْفَقِيهِ وَعِزُّهُ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْمُحَدِّثِ وَعِزِّهِ (
انْتَهَى ) .
فَائِدَةٌ :
قَالَ فِي آخِرِ الْمُصَفَّى : إذَا سُئِلْنَا عَنْ
مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ مُخَالِفِينَا فِي الْفُرُوعِ ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ
نُجِيبَ بِأَنَّ مَذْهَبَنَا صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَمَذْهَبَ
مُخَالِفِينَا خَطَأٌ يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ ؛ لِأَنَّك لَوْ قَطَعْت الْقَوْلَ
لِمَا صَحَّ قَوْلُنَا إنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ .
وَإِذَا سُئِلْنَا عَنْ مُعْتَقَدِنَا وَمُعْتَقَدِ
خُصُومِنَا فِي الْعَقَائِدِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ : الْحَقُّ مَا نَحْنُ
عَلَيْهِ وَالْبَاطِلُ مَا عَلَيْهِ خُصُومُنَا .
هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ
تَعَالَى ( انْتَهَى
) .
قَاعِدَةٌ : الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ
لِلْعُمُومِ
صَرَّحُوا بِهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ
لِلْوُجُوبِ فِي قَوْله تَعَالَى ( { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ } ) .
أَيْ كُلِّ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ فُرُوعِهِ
الْفِقْهِيَّةِ : لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ أَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ
وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ كَانَ لِلْكُلِّ ، ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
مِنْ الْوَقْفِ .
وَقَدْ فَرَّعْتُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ . وَمِنْ
فُرُوعِهَا : لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ
طَالِقٌ وَاحِدَةً ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ .
فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى .
قَالُوا لَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِلْكُلِّ .
فَمَا لَمْ يَكُنْ الْكُلُّ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً لَمْ
يُوجَدْ الشَّرْطُ
.
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ
مُوَافِقٌ لِلْقَاعِدَةِ فَفَرَّعْته عَلَيْهَا ، وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ
الْعُمُومِ لَلَزِمَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ .
وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لَوْ قَالَ : زَوْجَتِي طَالِقٌ
أَوْ عَبْدِي حُرٌّ
.
طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَعَتَقَ وَاحِدٌ ، وَالتَّعْيِينُ
إلَيْهِ ، وَمُقْتَضَاهَا طَلَاقُ الْكُلِّ وَعِتْقُ الْجَمِيعِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ : إنْ فَعَلْت
كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَأَكْثَرُ ، طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ
وَالْبَيَانُ إلَيْهِ ( انْتَهَى ) .
وَكَأَنَّهُ إنَّمَا خَرَّجَ هَذَا الْفَرْعَ عَنْ
الْأَصْلِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْعُرْفِ
كَمَا لَا يَخْفَى
.
فَائِدَةٌ : قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ : الْعُلُومُ
ثَلَاثَةٌ : عِلْمٌ نَضِجَ وَمَا احْتَرَقَ ؛ وَهُوَ عِلْمُ النَّحْوِ ، وَعِلْمُ
الْأُصُولِ .
وَعِلْمٌ لَا نَضِجَ وَلَا احْتَرَقَ ؛ وَهُوَ عِلْمُ
الْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ .
وَعِلْمٌ نَضِجَ وَاحْتَرَقَ ؛ وَهُوَ عِلْمُ الْفِقْهِ
وَالْحَدِيثِ .
فَائِدَةٌ :
مِنْ الْجَوْهَرَةِ ؛ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى : ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ اسْتِقْرَاضُ الْخُبْزِ ، وَالْجُلُوسُ
عَلَى بَابِ الْحَمَّامِ ، وَالنَّظَرُ فِي مِرْآةِ الْحَجَّامِ .
فَائِدَةٌ : مِنْ الْمُسْتَطْرَفِ :
لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا
خَمْسَةٌ : كَلْبُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَكَبْشُ إسْمَاعِيلَ ، وَنَاقَةُ صَالِحٍ
وَحِمَارُ عُزَيْرٍ ، وَبُرَاقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَائِدَةٌ مِنْهُ :
الْمُؤْمِنُ مَنْ يَقْطَعُهُ خَمْسَةٌ : ظُلْمَةُ
الْغَفْلَةِ ، وَغَيْمُ الشَّكِّ ، وَرِيحُ الْفِتْنَةِ ، وَدُخَانُ الْحَرَامِ ؛
وَنَارُ الْهَوَى
.
فَائِدَةٌ : فِي الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ :
سُئِلْتُ عَنْهُ فِي طَاعُونِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ
وَتِسْعِ مِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ فَأَجَبْت بِأَنِّي لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا ،
وَلَكِنْ صَرَّحَ فِي الْغَايَةِ وَعَزَاهُ الشُّمُنِّيُّ إلَيْهَا بِأَنَّهُ إذَا
نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ .
قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ ، وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ : الْقُنُوتُ
عِنْدَ النَّوَازِلِ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا ( انْتَهَى )
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْقُنُوتِ
لِلنَّازِلَةِ مُسْتَمِرٌّ لَمْ يُنْسَخْ ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ حَدِيثَ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ( { مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا } ) أَيْ عِنْدَ النَّوَازِلِ ،
وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ يُفِيدُ تَقَرُّرَهُ لِفِعْلِهِمْ
ذَلِكَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ قَنَتَ
الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُحَارَبَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ وَعِنْدَ مُحَارَبَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَكَذَلِكَ
قَنَتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَذَلِكَ قَنَتَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ فِي مُحَارَبَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَقَنَتَ مُعَاوِيَةُ فِي مُحَارَبَتِهِ (
انْتَهَى ) .
فَالْقُنُوتُ عِنْدَنَا فِي النَّازِلَةِ ثَابِتٌ .وَهُوَ
الدُّعَاءُ بِرَفْعِهَا .
وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ أَشَدِّ النَّوَازِلِ ،
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ : النَّازِلَةُ الْمُصِيبَةُ الشَّدِيدَةُ تَنْزِلُ بِالنَّاسِ
( انْتَهَى ) .
وَفِي الْقَامُوسِ : النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الصِّحَاحِ : النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ
شَدَائِدِ الدَّهْرِ تَنْزِلُ بِالنَّاسِ ( انْتَهَى ) .
وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ
: وَلَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ عِنْدَنَا مِنْ غَيْرِ بَلِيَّةٍ .
فَإِنْ وَقَعَتْ بَلِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا فِيهَا ، يَدْعُو
عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ ثُمَّ تَرَكَهُ ، كَذَا فِي
الْمُلْتَقَطِ ( انْتَهَى ) .
فَإِنْ قُلْت هَلْ لَهُ صَلَاةٌ ؟ قُلْت هُوَ كَالْخُسُوفِ
لِمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي قُبَيْلَ الزَّكَاةِ : فِي الْخُسُوفِ
وَالظُّلْمَةِ ، فِي النَّهَارِ وَاشْتِدَادِ الرِّيحِ وَالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ
وَالْأَفْزَاعِ وَعُمُومِ الْمَرَضِ يُصَلِّي وُحْدَانًا ( انْتَهَى ) .
وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ
الْمَرَضِ فَتُسَنُّ لَهُ رَكْعَتَانِ فُرَادَى ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي
خُسُوفِ الْقَمَرِ أَنَّهُ يَتَضَرَّعُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ ، وَكَذَا فِي
الظُّلْمَةِ الْهَائِلَةِ بِالنَّهَارِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَالزَّلَازِلِ
وَالصَّوَاعِقِ وَانْتِشَارِ الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءِ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ
وَالثَّلْجِ وَالْأَمْطَارِ الدَّائِمَةِ وَعُمُومِ الْأَمْرَاضِ وَالْخَوْفِ الْغَالِبِ
مِنْ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْزَاعِ وَالْأَهْوَالِ ؛ لِأَنَّ
كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْمُخَوِّفَةِ ( انْتَهَى ) .
فَإِنْ قُلْت : هَلْ يُشْرَعُ الِاجْتِمَاعُ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ
كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ بِالْقَاهِرَةِ بِالْجَبَلِ ؟ قُلْت : هُوَ
كَخُسُوفِ الْقَمَرِ ، وَقَدْ قَالَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ : وَالصَّلَاةُ
فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ تُؤَدَّى فُرَادَى وَكَذَلِكَ فِي الظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ
وَالْفَزَعِ ، لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلُّوا فُرَادَى وَيَدْعُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ
إلَى أَنْ يَزُولَ ذَلِكَ ( انْتَهَى ) .
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ لِلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ
؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فُرَادَى ،
وَفِي الْمُجْتَبَى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ : وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ جَائِزَةٌ
عِنْدَنَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً ( انْتَهَى ) .
وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ : يُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ
لِنَفْسِهِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ وَكَذَا فِي غَيْرِ الْخُسُوفِ مِنْ
الْأَفْزَاعِ ؛ كَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ .
وَالظُّلْمَةِ الْهَائِلَةِ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْأَمْطَارِ
الدَّائِمَةِ وَالْأَفْزَاعِ الْغَالِبَةِ ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ خُسُوفِ الْقَمَرِ
، كَذَا فِي الْوَجِيزِ ، وَحَاصِلُهُ : أَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ
يَفْزَعَ إلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ كُلِّ حَادِثَةٍ .
فَقَدْ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذَا أَحْزَنَهُ أَمْرٌ صَلَّى } ( انْتَهَى )
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ : الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ وَالظُّلْمَةُ
الْهَائِلَةُ بِالنَّهَارِ وَالثَّلْجُ وَالْأَمْطَارُ
الدَّائِمَةُ وَالصَّوَاعِقُ وَالزَّلَازِلُ وَانْتِشَارُ الْكَوَاكِبِ
وَالضَّوْءُ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَعُمُومُ الْأَمْرَاضِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ
النَّوَازِلِ وَالْأَهْوَالِ وَالْأَفْزَاعِ إذَا وَقَعْنَ صَلَّوْا وُحْدَانًا وَسَأَلُوا
وَتَضَرَّعُوا ، وَكَذَا فِي الْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ ( انْتَهَى ) .
فَقَدْ صَرَّحُوا بِالِاجْتِمَاعِ وَالدُّعَاءِ بِعُمُومِ
الْأَمْرَاضِ ، وَقَدْ صَرَّحَ شَارِحُو الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ
وَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى الطَّاعُونِ كَابْنِ حَجَرٍ بِأَنَّ الْوَبَاءَ اسْمٌ
لِكُلِّ مَرَضٍ عَامٍّ وَأَنَّ كُلَّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ
طَاعُونًا ( انْتَهَى
) .
فَتَصْرِيحُ أَصْحَابِنَا بِالْمَرَضِ الْعَامِّ
بِمَنْزِلَةِ تَصْرِيحِهِمْ بِالْوَبَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَشْمَلُ
الطَّاعُونَ .
وَبِهِ عُلِمَ جَوَازُ الِاجْتِمَاعِ لِلدُّعَاءِ
بِرَفْعِهِ ، لَكِنْ يُصَلُّونَ فُرَادَى رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي رَكْعَتَيْ رَفْعِ
الطَّاعُونِ .
وَصَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لِلدُّعَاءِ
بِرَفْعِهِ بِدْعَةٌ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ
وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: سَبَبَهُ وَحُكْمَ مَنْ مَاتَ بِهِ
وَمَنْ أَقَامَ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدٍ
هُوَ فِيهَا وَمَنْ دَخَلَهَا ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ أَصْحَابَنَا رَحِمَهُمُ
اللَّهُ لَمْ يُهْمِلُوا الْكَلَامَ عَلَى الطَّاعُونِ وَقَدْ أَوْسَعَ الْكَلَامَ
فِيهِ الْإِمَامُ الشِّبْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَاضِي الْقُضَاةِ مِنْ
الْحَنَفِيَّةِ ، كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِهِ
الْمُسَمَّى " بِبَذْلِ الْمَاعُونِ فِي فَوَائِدِ فَصْلِ الطَّاعُونِ "
وَقَدْ طَالَعْته فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ، وَقَدْ
ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْمُرَجَّحَ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ
الطَّاعُونَ إذَا ظَهَرَ فِي بَلَدٍ أَنَّهُ مَخُوفٌ إلَى أَنْ يَزُولَ عَنْهَا ؛ فَتُعْتَبَرُ
تَصَرُّفَاتُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَالْمَرِيضِ .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَتَانِ وَالْمُرَجَّحُ
مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ .
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يَنُصُّوا عَلَى خُصُوصِ
الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا
هُوَ الْمُصَحَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ، وَهَكَذَا قَالَ لِي جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ
( انْتَهَى ) .
قُلْت إنَّمَا كَانَتْ قَوَاعِدُنَا أَنَّهُ فِي حُكْمِ
الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ : لَوْ طَلَّقَ
الزَّوْجُ وَهُوَ مَحْصُورٌ أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ
الْمَرِيضِ فَلَا مِيرَاثَ لِزَوْجَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ ،
بِخِلَافِ مَنْ بَارَزَ رَجُلًا أَوْ قَدِمَ لِيُقْتَلَ بِقَوَدٍ أَوْ رَجْمٍ
فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْهَلَاكُ ( انْتَهَى ) .
وَغَايَةُ الْأَمْرِ فِي الطَّاعُونِ أَنْ يَكُونَ مَنْ
نَزَلَ بِبَلَدِهِمْ كَالْوَاقِفِينَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ ؛ فَلِذَا قَالَ
جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا لِابْنِ حَجَرٍ : إنَّ قَوَاعِدَنَا تَقْتَضِي أَنْ
يَكُونَ كَالصَّحِيحِ ، يَعْنِي قَبْلَ نُزُولِهِ بِوَاحِدٍ ، أَمَّا إذَا طُعِنَ
وَاحِدٌ فَهُوَ مَرِيضٌ حَقِيقَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ
لَمْ يُطْعَنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ الطَّاعُونُ .
وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ : الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ
تُسْتَنْبَطُ مِنْ أَحَدِ الْأَوْجُهِ فِي النَّهْيِ عَنْ الدُّخُولِ إلَى بَلَدِ
الطَّاعُونِ ، وَهُوَ مَنْعُ التَّعَرُّضِ إلَى الْبَلَاءِ وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ
عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدَّوَاءِ : التَّحَرُّزُ فِي أَيَّامِ الْوَبَاءِ مِنْ
أُمُورٍ أَوْصَى بِهَا حُذَّاقُ الْأَطِبَّاءِ مِثْلُ إخْرَاجِ الرُّطُوبَاتِ
الْفُضْلِيَّةِ وَتَقْلِيلِ الْغِذَاءِ وَتَرْكِ الرِّيَاضَةِ وَالْمُكْثِ فِي
الْحَمَّامِ وَمُلَازَمَةِ السُّكُونِ وَالدَّعَةِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْ
اسْتِنْشَاقِ الْهَوَاءِ الَّذِي هُوَ عَفِنٌ .
وَصَرَّحَ الرَّئِيسُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا بِأَنَّ أَوَّلَ
شَيْءٍ يُبْدَأُ بِهِ فِي عِلَاجِ الطَّاعُونِ الشُّرَطُ إنْ أَمْكَنَ ، فَيُسِيلُ
مَا فِيهِ وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يَجْمُدَ فَتَزْدَادَ سُمِّيَّتُهُ ؛ فَإِنْ اُحْتِيجَ
إلَى مَصِّهِ بِالْمِحْجَمَةِ فَلْيَفْعَلْ بِلُطْفٍ ، وَقَالَ أَيْضًا :
يُعَالَجُ الطَّاعُونُ بِمَا يَقْبِضُ وَيُبَرِّدُ وَبِإِسْفَنْجَةٍ مَغْمُوسَةٍ
فِي خَلٍّ أَوْ مَاءٍ أَوْ دُهْنِ وَرْدٍ أَوْ دُهْنِ تُفَّاحٍ أَوْ دُهْنٍ آسٍ ،
وَيُعَالَجُ بِالِاسْتِفْرَاغِ بِالْقَصْدِ بِمَا يَحْتَمِلُهُ الْوَقْتُ ، أَوْ يُؤْجَرُ
مَا يُخْرِجُ الْخَلْطَ ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَلْبِ بِالْحِفْظِ
وَالتَّقْوِيَةِ بِالْمُبَرِّدَاتِ وَالْمُعَطِّرَاتِ ، وَيَجْعَلُ عَلَى
الْقَلْبِ مِنْ أَدْوِيَةِ أَصْحَابِ الْخَفَقَانِ الْجَائِرِ .
قُلْتُ : وَقَدْ أَغْفَلَ الْأَطِبَّاءُ فِي عَصْرِنَا وَمَا
قَبْلَهُ هَذَا التَّدْبِيرَ ، فَوَقَعَ التَّفْرِيطُ الشَّدِيدُ مِنْ
تَوَاطُئِهِمْ عَلَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِصَاحِبِ الطَّاعُونِ بِإِخْرَاجِ
الدَّمِ حَتَّى شَاعَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَذَاعَ بِحَيْثُ صَارَ عَامَّتُهُمْ
تَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ رَئِيسِهِمْ يُخَالِفُ مَا
اعْتَمَدُوهُ وَالْعَقْلُ يُوَاقِفُهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّعْنَ يُثِيرُ
الدَّمَ الْكَائِنَ فَيَهِيجُ فِي الْبَدَنِ فَيَصِلُ إلَى مَكَان مِنْهُ ثُمَّ
يَصِلُ أَثَرُ ضَرَرِهِ إلَى الْقَلْبِ فَيَقْتُلُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ
سِينَا لَمَّا ذَكَرَ الْعِلَاجَ بِالشَّرْطِ وَالْفَصْدِ إنَّهُ وَاجِبٌ .
انْتَهَى كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ : إذَا تَزَلْزَلَتْ الْأَرْضُ
وَهُوَ فِي بَيْتِهِ ؛ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِرَارُ إلَى الصَّحْرَاءِ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى { وَلَا
تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ } ) وَفِيهِ قِيلَ : الْفِرَارُ
مِمَّا لَا يُطَاقُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ ( انْتَهَى ) .
وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ إذَا
نَزَلَ بِبَلْدَةٍ .وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِخِلَافِهِ .
رَوَى الْعَلَائِيُّ فِي فَتَاوَاهُ { أَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهَدَفٍ مَائِلٍ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ فَقِيلَ
لَهُ : أَتَفِرُّ
مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
فِرَارِي إلَى قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا } انْتَهَى .
فَائِدَةٌ :[إِعَادَةُ بِنَاءِ الْكَنِيْسَةِ
الْمُنْهَدِمَةِ]
نَقَلَ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا
يَجُوزُ إعَادَتُهَا ، كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي حُسْنِ الْمُحَاضَرَةِ فِي
أَخْبَارِ مِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ ، عِنْدَ ذِكْرِ الْأُمَرَاءِ .
قُلْت : يُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا
قُفِلَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا تُفْتَحُ ، كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي
عَصْرِنَا بِالْقَاهِرَةِ فِي كَنِيسَةِ بِحَارَةِ زُوَيْلَةَ قَفَلَهَا الشَّيْخُ
مُحَمَّدُ بْنُ إلْيَاسَ قَاضِي الْقُضَاةِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمْ تُفْتَحْ إلَى
الْآنَ ، حَتَّى وَرَدَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِفَتْحِهَا فَلَمْ يَتَجَاسَرْ
حَاكِمٌ عَلَى فَتْحِهَا .
وَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ
الْإِجْمَاعِ قَوْلَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ : وَيُعَادُ الْمُنْهَدِمُ ؛ لِأَنَّ
الْكَلَامَ فِيمَا هَدَمَهُ الْإِمَامُ لَا فِيمَا انْهَدَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ .
فَائِدَةٌ : الْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ
وَالْإِمْرَةِ وَالسَّلْطَنَةِ وَالْإِمَامَةِ وَالْوِلَايَةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ
وَالتَّوْلِيَةِ عَلَى الْأَوْقَافِ ، وَلَا تَحِلُّ تَوْلِيَتُهُ كَمَا كَتَبْنَاهُ
فِي الشَّرْحِ ، وَإِذَا فَسَقَ لَا يَنْعَزِلُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ
بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَزْلُهُ أَوْ يَحْسُنُ عَزْلُهُ إلَّا الْأَبَ
السَّفِيهَ ؛ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ ، كَمَا فِي
وَصَايَا الْخَانِيَّةِ .
وَقِسْت عَلَيْهِ النَّظَرَ ، فَلَا نَظَرَ لَهُ فِي
الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ الْوَاقِفِ الْمَشْرُوطُ لَهُ ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ
لِنَفْسِهِ لَا يَنْفُذُ ، فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ؟ وَلَا
يُؤْتَمَنُ عَلَى مَالِهِ وَلِذَا لَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ بِنَفْسِهِ ، وَلَا يُنْفِقُ
عَلَى نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَحِلِّهِ ، فَكَيْفَ يُؤْتَمَنُ عَلَى مَالِ
الْوَقْفِ ؟
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : الصَّالِحُ لِلنَّظَرِ مَنْ لَمْ
يَسْأَلْ الْوِلَايَةَ لِلْوَقْفِ ، وَلَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ
يُعْرَفُ ، ثُمَّ قَالَ : وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ مِمَّا
يُخْرَجُ بِهِ النَّاظِرُ مَا إذَا ظَهَرَ بِهِ فِسْقٌ كَشُرْبِ الْخَمْرِ
وَنَحْوِهِ ( انْتَهَى ) .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( يُخْرَجُ ) مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ
يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي لَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ لِمَا
عُرِفَ فِي الْقَاضِي
.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ السَّفَهَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفِسْقَ
، لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ حَجْرِ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ الْمُضَيِّعِ لِمَالِهِ
، سَوَاءٌ كَانَ فِي الشَّرِّ ، بِأَنْ جَمَعَ أَهْلَ الشَّرَابِ وَ الْفَسَقَةَ
فِي دَارِهِ وَيُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ وَيُسْرِفُ فِي النَّفَقَةِ وَيَفْتَحُ
بَابَ الْجَائِزَةِ وَالْعَطَاءِ عَلَيْهِمْ ، أَوْ فِي الْخَيْرِ ، بِأَنْ
يَصْرِفَ مَالَهُ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَيَحْجُرَ
عَلَيْهِ الْقَاضِي صِيَانَةً لِمَالِهِ ( انْتَهَى ) .
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ مَنْ عَادَتُهُ
التَّبْذِيرُ وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ ، وَ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا
لَا لِغَرَضٍ أَوْ لِغَرَضٍ لَا يَعُدُّهُ الْعُقَلَاءُ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ
غَرَضًا مِثْلُ : دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُغَنِّي وَاللَّعَّابِ وَشِرَاءِ
الْحَمَامِ الطَّيَّارَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ وَالْغَبْنِ فِي التِّجَارَاتِ مِنْ
غَيْرِ مَحْمَدَةٍ
.
وَأَصْلُ الْمُسَامَحَاتِ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالْبِرِّ
وَالْإِحْسَانِ مَشْرُوعٌ ، وَ الْإِسْرَافُ حَرَامٌ كَالْإِسْرَافِ فِي
الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ( انْتَهَى ) .
وَالْغَفْلَةُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ عِنْدَهُمَا
أَيْضًا .
وَالْغَافِلُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ وَلَا يَقْصِدُهُ لَكِنَّهُ
لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ ؛ فَيُغْبَنُ فِي الْبِيَاعَاتِ
لِسَلَامَةِ قَلْبِهِ
.
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ شَهَادَةِ السَّفِيهِ وَلَا شَكَّ
أَنَّهُ إنْ كَانَ مُضَيِّعًا لِمَا لَهُ فِي الشَّرِّ ، فَهُوَ فَاسِقٌ لَا
تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْخَيْرِ فَتُقْبَلُ ، وَإِنْ كَانَ
مُغَفَّلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ .
لَكِنْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْمُغَفَّلِ فِي الشَّهَادَةِ
الْمُغَفَّلُ فِي الْحَجْرِ ؟
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ : وَمَنْ اشْتَدَّتْ غَفْلَتُهُ
لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ انْتَهَى ) .
وَفِي الْمُغْرِبِ : رَجُلٌ مُغَفَّلٌ عَلَى اسْمِ
الْمَفْعُولِ مِنْ التَّغْفِيلِ وَهُوَ الَّذِي لَا فِطْنَةَ لَهُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْمِصْبَاحِ : الْغَفْلَةُ غَيْبَةُ الشَّيْءِ عَنْ
بَالِ الْإِنْسَانِ وَعَدَمُ تَذَكُّرِهِ لَهُ ( انْتَهَى ) .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُغَفَّلَ فِي الْحَجْرِ غَيْرُهُ
فِي الشَّهَادَةِ ؛ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْحَجْرِ مَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى
التَّصَرُّفِ الرَّابِحِ وَفِي الشَّهَادَةِ مَنْ لَا يَتَذَكَّرُ مَا رَآهُ أَوْ
سَمِعَهُ فَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى ضَبْطِ الْمَشْهُودِ بِهِ .
فَائِدَةٌ : لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ
مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ لَهُ حُكْمَ
الْإِمَامِ
وَهُوَ يُكْرَهُ انْفِرَادُهُ عَلَى الدُّكَّانِ ؛
لِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالتَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ؛ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ ، وَ بِهِ أَفْتَيْت .
فَائِدَةٌ : ذَكَرَ الْأَبِيُّ مِنْ الْقَضَاءِ فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ ، الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ ، فَرْقُ مَا
بَيْنَ الْأَخَصِّ وَالْأَعَمِّ، فَفِقْهُ الْقَضَاءِ أَعَمُّ ؛ لِأَنَّهُ
الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ ، وَعِلْمُ الْقَضَاءِ الْفِقْهُ
بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ تَنْزِيلِهَا عَلَى النَّوَازِلِ
الْوَاقِعَةِ.
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرَّفِيقِ ،
أَنَّ أَمِيرَ إفْرِيقِيَّةَ اسْتَفْتَى أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ فِي دُخُولِهِ
الْحَمَّامَ مَعَ جَوَارِيهِ دُونَ سَاتِرٍ لَهُ وَلَهُنَّ .فَأَفْتَاهُ
بِالْجَوَازِ ؛ لِأَنَّهُنَّ مِلْكُهُ .
وَأَجَابَ أَبُو مُحْرِزٍ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ :
إنْ جَازَ لِلْمَلِكِ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ وَجَازَ لَهُنَّ النَّظَرُ إلَيْهِ ،
لَمْ يَجُزْ لَهُنَّ نَظَرُ بَعْضِهِنَّ إلَى بَعْضٍ .
فَأَهْمَلَ أَسَدٌ إعْمَالَ النَّظَرِ فِي هَذِهِ
الصُّورَةِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَمْ يَعْتَبِرْهَا لَهُنَّ فِيمَا بَيْنَهُنَّ
وَاعْتَبَرَهَا أَبُو مُحْرِزٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ هُوَ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ
الْفُتْيَا وَفِقْهِ الْفُتْيَا ؛ فَفِقْهُ الْفُتْيَا هُوَ الْعِلْمُ
بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ ، وَعِلْمُهَا هُوَ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ
مَعَ تَرْتِيبِهَا عَلَى النَّوَازِلِ .
وَلَمَّا وَلِيَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الصَّالِحُ أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَضَاءَ الْقَيْرَوَانِ وَمَحَلُّ
تَحْصِيلِهِ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ شَهِيرَةٌ .فَلَمَّا جَلَسَ الْخُصُومُ
إلَيْهِ وَفَصَلَ بَيْنَهُمْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ مَقْبُوضًا ،فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ
: مَا شَأْنُك ؟ فَقَالَ لَهَا : عَسُرَ عَلَيَّ عِلْمُ الْقَضَاءِ .فَقَالَتْ
لَهُ : رَأَيْت الْفُتْيَا عَلَيْك سَهْلَةً ، اجْعَلْ الْخَصْمَيْنِ
كَمُسْتَفْتِيَيْنِ سَأَلَاك.قَالَ فَاعْتَبَرْتُ ذَلِكَ فَسَهُلَ عَلَيَّ (
انْتَهَى ) .
فَائِدَةٌ ) :[شُرُوطُ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا]
ذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ
الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ : الِاجْتِهَادُ فِي الْأَحْكَامِ
الشَّرْعِيَّةِ ، وَأَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِأَمْرِ الْحُرُوبِ وَتَدْبِيرِ
الْجُيُوشِ ، وَأَنْ تَكُونَ لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَا تَهُولُهُ إقَامَةُ
الْحُدُودِ وَضَرْبُ الرِّقَابِ وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ ،
وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَرِعًا ، بَالِغًا ذَكَرًا حُرًّا ، نَافِذَ الْحُكْمِ ،
مُطَاعًا ، قَادِرًا عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ .
وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَكَوْنُهُ : قُرَشِيًّا
وَهَاشِمِيًّا وَمَعْصُومًا وَأَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ ، ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ
مِنْ كِتَابِ الْإِمَامَةِ .
فَائِدَةٌ : كُلُّ إنْسَانٍ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ
لَمْ يُعْلَمْ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَبِهِ ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ
غَيْبٌ عَنَّا ، إلَّا الْفُقَهَاءَ فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا إرَادَتَهُ تَعَالَى
بِهِمْ بِخَبَرِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ ؛ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( { فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي
الدِّينِ } ) كَذَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْعِرَاقِيِّ .
فَائِدَةٌ : إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا
لَيْسَ بِأَهْلٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ
فِعْلَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَوْلِيَةِ غَيْرِ
الْأَهْلِ خُصُوصًا أَنَّا نَعْلَمُ مِنْ سُلْطَانِ زَمَانِنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُوَلَّى
الْمُدَرِّسُ عَلَى اعْتِقَادِ الْأَهْلِيَّةِ فَكَأَنَّهَا كَالْمَشْرُوطَةِ .
وَقَدْ قَالُوا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ : لَوْ وَلَّى
السُّلْطَانُ قَاضِيًا عَدْلًا فَفَسَقَ انْعَزَلَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَمَدَ
عَدَالَتَهُ صَارَتْ كَأَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ وَقْتَ التَّوْلِيَةِ .
قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ ؛ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَكَذَلِكَ
يُقَالُ إنَّ السُّلْطَانَ اعْتَمَدَ أَهْلِيَّتَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ
مَوْجُودَةً لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ خُصُوصًا إنْ كَانَ الْمُقَرَّرُ عَنْ
مُدَرِّسٍ أَهْلٍ فَإِنَّ الْأَهْلَ لَمْ يَنْعَزِلْ وَصَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ فِي
الصُّلْحِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَعْطَى غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ فَقَدْ ظَلَمَ
مَرَّتَيْنِ ؛ بِمَنْعِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِعْطَاءِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ رِسَالَةَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ
اللَّهُ إلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ : إنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ
يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ .
وَعَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ : إنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ
إنَّمَا يَنْفُذُ إذَا وَافَقَ الشَّرْعَ .
وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ .
وَفِي مُفِيدِ النِّعَمِ وَمُبِيدِ النِّقَمِ :
الْمُدَرِّسُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلتَّدْرِيسِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ
تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْفُقَهَاءُ الْمُنَزِّلُونَ
مَعْلُومًا ؛ لِأَنَّ مَدْرَسَتَهُمْ شَاغِرَةٌ مِنْ مُدَرِّسٍ ( انْتَهَى ) .
وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ شَرْطِ
الْوَاقِفِ فِي الْمُدَرِّسِ ، أَمَّا إذَا عُلِمَ شَرْطُهُ وَلَمْ يَكُنْ
الْمُقَرَّرُ مُتَّصِفًا بِهِ لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا
لِلتَّدْرِيسِ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ .
وَالْأَهْلِيَّةُ لِلتَّدْرِيسِ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ
لَهُ بَصِيرَةٌ .
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا بِمَعْرِفَةِ مَنْطُوقِ
الْكَلَامِ وَمَفْهُومِهِ وَبِمَعْرِفَةِ الْمَفَاهِيمِ ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ
سَابِقَةُ اشْتِغَالٍ عَلَى الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِحَيْثُ صَارَ
يَعْرِفُ الِاصْطِلَاحَاتِ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الْمَسَائِلِ مِنْ الْكُتُبِ ،
وَأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى أَنْ يَسْأَلَ وَيُجِيبَ إذَا سُئِلَ ، وَيَتَوَقَّفُ
ذَلِكَ عَلَى سَابِقَةِ اشْتِغَالٍ فِي النَّحْوِ وَالصَّرْفِ بِحَيْثُ صَارَ
يَعْرِفُ الْفَاعِلَ مِنْ الْمَفْعُولِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ
، وَإِذَا قَرَأَ لَا يَلْحَنُ وَإِذَا لَحَنَ قَارِئٌ بِحَضْرَتِهِ رَدَّ
عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ : ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ :
رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَا يُطَلِّقُهَا ، وَرَجُلٌ أَعْطَى
مَالًا سَفِيهًا . وَرَجُلٌ دَايَنَ رَجُلًا وَلَمْ يُشْهِدْ .
كَذَا فِي حَجْرِ الْمُحِيطِ .
فَائِدَةٌ : كُلُّ شَيْءٍ يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا الْعِلْمَ .فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَسْأَلُ
عَنْهُ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ نَبِيِّهِ أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ مِنْهُ قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى (
{ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } ) فَكَيْفَ يَسْأَلُهُ
عَنْهُ ؟ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ .
فَائِدَةٌ : سُئِلْت عَنْ مَدْرَسَةٍ بِهَا صُفَّةٌ لَا
يُصَلِّي فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُدَرَّسُ وَالْقَاضِي جَالِسٌ فِيهَا لِلْحُكْمِ
.فَهَلْ لَهُ وَضْعُ الْخِزَانَةِ فِيهَا لِحِفْظِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ
لِنَفْعِ الْعَالَمِ أَوْ لَا ؟
فَأَجَبْت بِالْجَوَازِ آخِذًا مِنْ قَوْلِهِمْ ؛ لَوْ
ضَاقَ الطَّرِيقُ عَلَى الْمَارَّةِ وَالْمَسْجِدُ وَاسِعٌ فَلَهُمْ أَنْ
يُوَسِّعُوا الطَّرِيقَ مِنْ الْمَسْجِدِ ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ وَضَعَ أَثَاثَ
بَيْتِهِ وَمَتَاعَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ
جَازَ ،وَلَوْ كَانَ الْحُبُوبَ ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْجَامِعِ
أَوْلَى ، وَقَالُوا : لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ فِنَاءَهُ لِلتُّجَّارِ لِيَتَّجِرُوا
فِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ ، وَلَهُ وَضْعُ السَّرِيرِ بِالْإِجَارَةِ فِي
فِنَائِهِ .
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ الْفِنَاءِ ،
وَحِفْظُ السِّجِلَّاتِ مِنْ النَّفْعِ الْعَامِّ .
فَهُمْ جَوَّزُوا جَعْلَ بَعْضِ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا دَفْعًا
لِلضَّرَرِ الْعَامِّ ، وَجَوَّزُوا اشْتِغَالَهُ بِالْحُبُوبِ وَالْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ
دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْخَاصِّ ، وَجَوَّزُوا وَضْعَ النَّعْلِ عَلَى رَفِّهِ ،
وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْجَامِعِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ فِي
بَيْتِهِ ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَضَعُ قِمْطَرَةً عَنْ يَمِينِهِ إذَا
جَلَسَ فِيهِ لِلْقَضَاءِ .وَهُوَ مَا فِيهِ السِّجِلَّاتُ وَالْمَحَاضِرُ
وَالْوَثَائِقُ ؛ فَجَوَّزُوا اشْتِغَالَ بَعْضِهِ بِهَا
فَإِذَا كَثُرَتْ وَتَعَذَّرَ حَمْلُهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ بَيْتِ الْقَاضِي إلَى
الْجَامِعِ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى حِفْظِهَا بِهِ .
فَائِدَةٌ : مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْأَشْبَهُ،، أَنَّهُ
أَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً وَالرَّاجِحِ دِرَايَةً ؛ فَيَكُونُ الْفَتْوَى
عَلَيْهِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ .
فَائِدَةٌ: إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي
ضِمْنِهِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ : إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ ( بِالْكَسْرِ
) بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ ( بِالْفَتْحِ ) قَالُوا لَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ أَقَرَّ
لَهُ ضَمِنَ عَقْدَ فَاسِدٍ فَسَدَ الْإِبْرَاءُ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَقَالُوا
: التَّعَاطِي ضَمِنَ عَقْدَ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ
، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالُوا : لَوْ قَالَ بِعْتُكَ دَمِي بِأَلْفٍ
فَقَتَلَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ ، كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ ، وَلَا يُعْتَبَرُ
مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْإِذْنِ بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي
فَقَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِبُطْلَانِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ
وَقَالُوا ، كَمَا فِي الْخِزَانَةِ لَوْ آجَرَ
الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا لَمْ تَصِحَّ ، وَإِنْ أَذِنَ
لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعَمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ
مُتَطَوِّعًا .
فَقُلْتُ : لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ
لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا ، وَقَالُوا : لَوْ جَدَّدَ النِّكَاحَ
لِمَنْكُوحَتِهِ بِمَهْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ .
فَقُلْتُ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ لَمْ يَصِحَّ
فَلَمْ يَلْزَمْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْمَهْرِ ، وَقَدْ اسْتَثْنَى فِي
الْقُنْيَةِ مَسْأَلَتَيْنِ يَلْزَمُ فِيهِمَا لَوْ جَدَّدَهُ لِلزِّيَادَةِ لَا
لِلِاحْتِيَاطِ ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَبْرِئِينِي فَإِنِّي أُمْهِرُكِ مَهْرًا
جَدِيدًا ؛ فَأَبْرَأَتْهُ فَجَدَّدَ لَهَا ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَعَتْ
حَادِثَةٌ : اشْتَرَى جَامِعًا مَعَ أَوْقَافِهِ وَوَقْفِهِ وَضَمَّهُ إلَى وَقْفٍ
آخَرَ وَشَرَطَ لَهُ شُرُوطًا .
فَأَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ شُرُوطِهِ لِبُطْلَانِ
الْمُتَضَمَّنِ ، وَهُوَ شِرَاءُ الْجَامِعِ وَوَقْفِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ
وَقَالُوا : لَوْ اشْتَرَى يَمِينَهُ بِمَالٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أَنْ
يَسْتَحْلِفَهُ ( انْتَهَى ) .
قُلْتُ : لِأَنَّ الشِّرَاءَ لِمَا بَطَلَ بَطَلَ
مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ إسْقَاطِ الْيَمِينِ ، ثُمَّ قُلْتُ : يُمْكِنُ أَنْ
يُفَرَّعَ عَلَيْهِ : لَوْ بَاعَ وَظِيفَتَهُ فِي الْوَقْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَا
يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا تَخْرِيجًا عَلَى هَذِهِ ، وَخَرَجَ عَنْهَا مَا
ذَكَرَهُ فِي الْبُيُوعِ : لَوْ بَاعَهُ الثِّمَارَ وَآجَرَهُ الْأَشْجَارَ طَابَ
لَهُ تَرْكُهَا مَعَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ ؛ فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ : أَنْ لَا
يَطِيبَ لِثُبُوتِ الْإِذْنِ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ
وَمِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْمُكَاتَبِ : لَوْ أَبْرَأَهُ
الْمَوْلَى عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ عَتَقَ وَبَقِيَ الْبَدَلُ ،
مَعَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ مُتَضَمِّنٌ لِلْعِتْقِ ، وَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ بِالرِّدِّ
وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْعِتْقِ ، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ
: لَوْ صُولِحَ الشَّفِيعُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ كَانَ إسْقَاطًا
لِلشُّفْعَةِ ، مَعَ أَنَّ الْمُتَضَمِّنِ لِلْإِسْقَاطِ صَالَحَهُ وَقَدْ بَطَلَ
وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ
وَقَالُوا : لَوْ بَاعَ شُفْعَتَهُ بِمَالِ لَمْ يَصِحَّ
وَسَقَطَتْ فَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْمُتَضَمَّنُ ،
وَقَالُوا : لَوْ قَالَ الْعِنِّينُ لِامْرَأَتِهِ
أَوْ الْمُخَيِّرُ لِلْمُخَيَّرَةِ : اخْتَارِي تَرْكَ الْفَسْخِ بِأَلْفٍ ،
فَاخْتَارَتْ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ وَسَقَطَ خِيَارُهَا .فَقَدْ بَطَلَ
الْتِزَامُ الْمَالِ لَا مَا فِي ضِمْنِهِ.
وَقَالُوا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِمَنْزِلَةِ
الشُّفْعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَتَسْقُطُ .
فَائِدَةٌ : يَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ
قَوْلُهُمْ : الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ ،وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا
مَسْأَلَةُ الدَّفْعِ الصَّحِيحِ لِلدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ صَحِيحٌ ، عَلَى
الْمُخْتَارِ. وَقِيلَ:
لَا ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ .
ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي الدَّعْوَى ، وَقَدْ بَيَّنْتُ
فِي الشَّرْحِ فَائِدَةَ صِحَّتِهِ بَعْدَ فَسَادِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ
الْخَامِسَةِ
فَائِدَةٌ :
إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ قُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ
لِاحْتِيَاجِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِغِنَاهُ بِإِذْنِهِ إلَّا فِيمَا
إذَا أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ وَجَبَ إرْسَالُهُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَا التَّرْجِيحِ
وَلِذَا يُرْسِلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضِيعُ . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
أَعْلَمُ .
تَمَّ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ ، وَيَلِيه الْفَنُّ الرَّابِعُ وَهَذَا آخِرُ مَا رَأَيْنَاهُ
الْفَنُّ الرَّابِعُ: الْأَلْغَازُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا ، وَالصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ كَمُلَتْ مَحَاسِنُهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا
وَبَعْدُ
فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ ؛ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ ، جَمْعُ لُغْزٍ قَالَ فِي الصِّحَاحِ
: أَلْغَزَ فِي كَلَامِهِ إذَا عَمَّى مُرَادَهُ ، وَالِاسْمُ اللُّغْزُ
وَالْجَمْعُ الْأَلْغَازُ مِثْلُ رُطَبٍ وَأَرْطَابٍ ، وَأَصْلٌ اللُّغْزِ جُحْرُ الْيَرْبُوعِ
بَيْنَ الْقَاصِعَاءِ وَالنَّافِقَاءِ يَحْفِرُ مُسْتَقِيمًا إلَى أَسْفَلَ ثُمَّ
يَعْدِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ عُرُوضًا يَعْتَرِضُهَا فَيُخْفِي مَكَانَهُ
بِتِلْكَ الْأَلْغَازِ ( انْتَهَى )
وَقَدْ طَالَعْت قَدِيمًا حِيرَةَ الْفُقَهَاءِ
وَالْعُمْدَةِ فَرَأَيْتهمَا اشْتَمَلَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ
رَأَيْت قَرِيبًا الذَّخَائِرَ الْأَشْرَفِيَّةَ فِي الْأَلْغَازِ لِلسَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ
لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ تَارِكًا لِمَا فُرِّعَ
عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا .
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
مَا أَفْضَلُ الْمِيَاهِ ؟
فَقُلْ مَا نَبَعَ مِنْ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيُّ حَوْضٍ صَغِيرٍ لَا يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِ
النَّجَاسَةِ فِيهِ ؟
فَقُلْ حَوْضُ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ الْغَرْفُ مِنْهُ
مُتَدَارِكًا.
أَيُّ حَيَوَانٍ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبِئْرِ حَيًّا نُزِحَ
الْجَمِيعُ وَإِنْ مَاتَ لَا ؟
فَقُلْ الْفَارَةُ ، إنْ كَانَتْ هَارِبَةً مِنْ الْهِرَّةِ
فَيُنْزَحُ كُلُّهُ . وَإِلَّا لَا
أَيُّ بِئْرٍ نُزِحَ دَلْوٌ وَاحِدٌ مِنْهَا ؟
فَقُلْ بِئْرٌ صُبَّ فِيهَا الدَّلْوُ الْأَخِيرِ مِنْ
بِئْرٍ تَنَجَّسَتْ بِمَوْتِ نَحْوِ فَارَةٍ
قَوْلُهُ أَيُّ مَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ
وَإِنْ نَقَصَ جَازَ؟
فَقُلْ هُوَ مَاءُ حَوْضٍ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ
عَشْرٌ فِي عَشْرٍ.
أَيُّ مَاءٍ طَهُورٍ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ
شُرْبُهُ؟ .
فَقُلْ مَاءٌ مَاتَ فِيهِ ضُفْدَعٌ بَحْرِيٌّ وَتَفَتَّتَ
كِتَابُ الصَّلَاةِ
أَيُّ تَكْبِيرٍ لَا يَكُونُ بِهِ شَارِعًا فِيهَا ؟
فَقُلْ تَكْبِيرُ التَّعَجُّبِ دُونَ التَّعْظِيمِ .
أَيُّ مُكَلَّفٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ
وَالْوَتْرُ ؟
فَقُلْ مَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ
فِيهِ طَلَعَتْ أَيُّ مُصَلٍّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ؟ فَقُلْ
مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ .
فَقَرَأَ فِي ذَهَابِهِ أَيُّ صَلَاةٍ ؛ قِرَاءَةُ
بَعْضِ السُّورَةِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ سُورَةٍ ؟
فَقُلْ التَّرَاوِيحُ لِاسْتِحْبَابِ الْخَتْمِ فِي
رَمَضَانَ ؛فَإِذَا قَرَأَ بَعْضَ سُورَةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ
الْإِخْلَاصِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لِأَنَّ الْبَعْضَ
إذَا كَانَ أَكْثَرَ آيَاتٍ كَانَ أَفْضَلَ.
أَيُّ صَلَاةٍ أَفْسَدَتْ خَمْسًا وَأَيُّ صَلَاةٍ
صَحَّحَتْ خَمْسًا ؟
فَقُلْ رَجُلٌ تَرَكَ صَلَاةً وَصَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا
ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ ؛فَإِنْ قَضَى الْفَائِتَةَ فَسَدَتْ الْخَمْسُ ، وَإِنْ
صَلَّى السَّادِسَةَ قَبْلَ قَضَائِهَا صَحَّتْ الْخَمْسُ وَلِي فِيهِ كَلَامٌ فِي
شَرْحِ الْكَنْزِ.
أَيُّ صَلَاةٍ فَسَدَتْ أَصْلَحَهَا الْحَدَثُ ؟
فَقُلْ مُصَلِّي الْأَرْبَعِ إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ
قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ فَأَحْدَثَ قَبْلَ
الرَّفْعِ تَمَّتْ ، وَلَوْ رَفَعَ قَبْلَ الْحَدَثِ فَسَدَ وَصْفُ الْفَرِيضَةِ ،
وَفِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : ذِهِ صَلَاةٌ فَسَدَتْ
أَصْلَحهَا الْحَدَثُ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
بِهِ.
أَيُّ مُصَلٍّ قَالَ نَعَمْ وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ ؟
فَقُلْ:مَنْ اعْتَادَهَا فِي كَلَامِهِ.
أَيُّ مُصَلٍّ مُتَوَضِّئٍ إذَارَأَى الْمَاءَ فَسَدَتْ
صَلَاتُهُ ؟
فَقُلْ: الْمُقْتَدِي بِإِمَامٍ مُتَيَمِّمٍ إذَا رَآهُ
دُونَ إمَامِهِ.
أَيُّ امْرَأَةٍ تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ ؟
فَقُلْ إذَا قَرَأَتْ آيَةَ سَجْدَةٍ سَجَدَتْ وَتَبِعَهَا
السَّامِعُونَ.
أَيُّ فَرِيضَةٍ يَجِبُ أَدَاؤُهَاوَيُحَرَّمُ قَضَاؤُهَا ؟
فَقُلْ:الْجُمُعَةُ وَإِنَّمَا يُقْضَى الظُّهْرُ .
أَيُّ رَجُلٍ كَرَّرَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ
وَتَكَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ إذَا تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا
ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الصَّلَاةِ
كِتَابُ الزَّكَاةِ
أَيُّ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاتُهُ ثُمَّ سَقَطَتْ
بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَهْلَكْ ؟
فَقُلْ الْمَوْهُوبُ إذَا رَجَعَ لِلْوَاهِبِ فِيهِ بَعْدَ
الْحَوْلِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ أَيْضًا.
أَيُّ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٌ عَنْ الدَّيْنِ وَلَا
زَكَاةَ فِيهِ؟
فَقُلْ الْمَهْرُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مَالُ الضِّمَارِ.
أَيُّ رَجُلٍ يُزَكِّي وَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا
فَقُلْ مَنْ يَمْلِكُ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا تُسَاوِي
مِائَتَيْ دِرْهَمٍ
أَيُّ رَجُلٍ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ النَّقْدِ وَحَلَّتْ
لَهُ ؟
فَقُلْ مَنْ لَهُ دُيُونٌ لَمْ يَقْبِضْهَا
أَيُّ رَجُلٍ يَنْبَغِي لَهُ إخْفَاءُ إخْرَاجِهَا عَنْ
بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ؟
فَقُلْ الْمَرِيضُ إذَا خَافَ مِنْ وَرَثَتِهِ يُخْرِجُهَا
سِرًّا عَنْهُمْ
أَيُّ رَجُلٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ إخْفَاؤُهَا ؟
فَقُلْ الْخَائِفُ مِنْ الظَّلَمَةِ لِئَلَّا يَعْلَمُوا
كَثْرَةَ مَالِهِ
أَيُّ رَجُلٍ غَنِيٌّ عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ
،فَقِيرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ فَتَحِلُّ لَهُ ؟
فَقُلْ مَنْ لَهُ دُورٌ يَسْتَغِلُّهَا وَلَا يَمْلِكُ
نِصَابًا .
كِتَابُ الصَّوْمِ
أَيُّ رَجُلٍ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ وَلَا كَفَّارَةً
عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ مَنْ رَآهُ وَحْدَهُ وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ
،وَلَك أَنْ تَقُولَ :مَنْ كَانَ فِي صِحَّةِ صَوْمِهِ اخْتِلَافٌ
أَيُّ رَجُلٍ نَوَى رَمَضَانَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ
وَوَقَعَ نَفْلًا ؟
فَقُلْ مَنْ بَلَغَ بَعْدَ الطُّلُوعِ أَيُّ صَائِمٍ
ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ؟
فَقُلْ مَنْ ابْتَلَعَ رِيقَ حَبِيبِهِ أَيُّ صَائِمٍ
أَفْطَرَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ مَنْ شَرَعَ فِيهِ مَظْنُونًا كَمَنْ شَرَعَ
بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَيُّ رَجُلٍ نَوَى
التَّطَوُّعَ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ يَصِحَّ ؟
فَقُلْ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ
وَنَوَاهُ
كِتَابُ الْحَجِّ
أَيُّ قَارِنٍ لَا دَم عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ مَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا قَبْلَ وَقْتِهِ ثُمَّ أَتَى
بِأَفْعَالِهِمَا فِي وَقْتِهِ
أَيُّ فَقِيرٌ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْرَاضُ لِلْحَجِّ ؟
فَقُلْ مَنْ كَانَ غَنِيًّا وَوَجَبَ عَلَيْهِ ثُمَّ
اسْتَهْلَكَهُ
أَيُّ آفَاقِيٌّ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا
دَمَ عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَهُ مَكَّةَ أَوْ مَنْ
جَاوَزَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ .
كِتَابُ النِّكَاحِ
أَيُّ أَبٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ كُفْءٍ وَلَمْ يَنْفُذْ
عِنْدَ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ ؟
فَقُلْ الْأَبُ السَّكْرَانُ إذَا زَوَّجَهَا بِأَقَلَّ
مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا
أَيُّ امْرَأَةٍ أَخَذَتْ ثَلَاثَةَ مُهُورٍ مِنْ ثَلَاثَةِ
أَزْوَاجٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ؟
فَقُلْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ طَلُقَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ فَلَهَا
كَمَالُ الْمَهْرِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَطَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ ،ثُمَّ
تَزَوَّجَتْ فَمَاتَ
أَيُّ رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَاحِدَةٌ
مِنْهُنَّ تَطْلُبُ الْمَهْرَ وَالْمِيرَاثَ ، وَالثَّانِيَةُ لَا مَهْرَ لَهَا
وَلَا مِيرَاثَ ، وَالثَّالِثَةُ لَهَا الْمَهْرُ دُونَ الْمِيرَاثِ ،
وَالرَّابِعَةُ لَهَا الْمِيرَاثُ دُونَ الْمَهْرِ ؟
فَقُلْ هُوَ عَبْدٌ زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ أَمَتَهُ ثُمَّ
أَعْتَقَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَنَصْرَانِيَّةً
أَيُّ صَغِيرٍ تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَتِهِ ؟
فَقُلْ الْمُكَاتَبُ الصَّغِيرُ إذَا زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ
أَيُّ أَبٍ زَوَّجَ بِنْتَه فَلَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ فَبَطَلَ ؟
فَقُلْ الْعَبْدُ أَيُّ جِمَاعٍ لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ
الْمُصَاهَرَةِ ؟
فَقُلْ جِمَاعُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَيِّتَةِ أَيُّ
مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَلَمْ تَحِلُّ ؟ فَقُلْ إذَا كَانَ
الْعَقْدُ فَاسِدًا.
أَيُّ مُعْتَدَّةٍ امْتَنَعَتْ رَجْعَتُهَا وَلَمْ تَحِلَّ
لِغَيْرِهِ ؟
فَقُلْ إذَا اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَتْ لُمْعَةً بِلَا غَسْلٍ
كِتَابُ الطَّلَاقِ
أَيُّ رَجُلٍ طَلَّقَ وَلَمْ يَقَعْ؟
فَقُلْ إذَا قَالَ عَنَيْتُ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا .
أَيُّ رَجُلٍ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَتَّى
تَقُومَ السَّاعَةُ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَقَعْ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَ قَصَدَ تِلْكَ السَّاعَةَ الَّتِي هُوَ
فِيهَا وَهَذَا إذَا سَكَّنَ أَيُّ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتْ
أَحَدُهُمَا صَبِيًّا حُرِّمَتْ الْأُخْرَى عَلَيْهِ وَحْدَهَا ؟
فَقُلْ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرِ أَمَةً
فَأَعْتَقَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَلَهُ زَوْجَةٌ
فَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ الَّذِي كَانَ زَوْجُ ضَرَّتِهَا بِلَبَنِ هَذَا
الرَّجُلِ حُرِّمَتْ ضَرَّتُهَا عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهُ صَارَ ابْنَهُ مِنْ
الرَّضَاعِ فَصَارَ مُتَزَوِّجًا حَلِيلَةَ ابْنِهِ فَلَا يَجُوزُ
كِتَابُ الْعَتَاقِ
أَيُّ عَبْدٍ عَتَقَ بِلَا إعْتَاقٍ وَصَارَ مَوْلَاهُ
مِلْكًا لَهُ ؟
فَقُلْ حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَنَا مَعَ عَبْدِهِ بِلَا
أَمَانٍ ،وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ عَتَقَ وَاسْتَوْلَى عَلَى سَيِّدِهِ مَلَكَهُ ؛
وَيُسْأَلُ بِوَجْهٍ آخَرَ : أَيُّ رَجُلٍ صَارَ مَمْلُوكًا
لِعَبْدِهِ وَصَارَ الْعَبْدُ حُرًّا ؟ أَيُّ زَوْجَيْنِ مَمْلُوكَيْنِ تَوَلَّدَ
مِنْهُمَا وَلَدٌ حُرٌّ ؟
فَقُلْ الزَّوْجُ عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِالْإِذْنِ أَمَةَ أَبِيهِ
بِإِذْنِهِ فَالْوَلَدُ مِلْكٌ لِلْأَبِ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ
أَيُّ رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَبَاعَهُ وَجَازَ ؟
فَقُلْ إذَا ارْتَدَّ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَسَبَاهُ
سَيِّدُهُ وَبَاعَهُ
أَيُّ عَبْدٍ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى شَرْطٍ وَوُجِدَ
وَلَمْ يَعْتِقْ ؟
فَقُلْ إذَا قَالَ لَهُ إنْ صَلَّيْتَ رَكْعَةً فَأَنْتَ
حُرٌّ فَصَلَّاهَا ثُمَّ تَكَلَّمَ ، وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ
فَالرَّكْعَةُ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ أُخْرَى إلَيْهَا لِتَكُونَ جَائِزَةً
كِتَابُ الْأَيْمَانِ
قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الْمَاءِ
فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَا الْحِيلَةُ ؟
فَقُلْ تَخْرُجُ وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي
كَانَتْ فِيهِ زَالَ بِالْجَرَيَانِ
رَجُلٌ أَتَى إلَى امْرَأَتِهِ بِكِيسٍ فَقَالَ إنْ
حَلَلْتِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَإِنْ قَصَصْته فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَإِنْ لَمْ
تُخْرِجِي مَا فِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ؛ فَأَخْرَجَتْ مَا فِي الْكِيسِ وَلَمْ
يَقَعْ ؟
فَقُلْ إنَّ الْكِيسَ كَانَ فِيهِ سُكَّرٌ أَوْ مِلْحٌ
فَوَضَعَتْهُ فِي الْمَاءِ فَذَابَ مَا فِيهِ. امْرَأَةٌ تَزَيَّنَتْ بِالْحَرِيرِ
فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ لَمْ أُجَامِعْكِ فِي هَذِهِ الثِّيَابِ فَأَنْتِ
طَالِقٌ ، فَنَزَعَتْهَا وَأَبَتْ لُبْسَهَا فَمَا الْخَلَاصُ ؟
فَقُلْ إنْ يَلْبَسُهَا هُوَ وَيُجَامِعُهَا فَلَا يَحْنَثُ
إنْ لَمْ أَطَأْكِ مَعَ هَذِهِ الْمِقْنَعَةِ
الْمِقْنَعَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ؛ وَإِنْ وَطِئْتُكِ
مَعَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ؛ فَمَا الْخَلَاصُ ؟ فَقُلْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا
بِغَيْرِهَا وَلَا يَحْنَثُ مَا دَامَتْ الْمِقْنَعَةُ بَاقِيَةً وَهُمَا
حَيَّانِ. حَلَفَ لَا يَطَأُ سِوَاهَا وَأَرَادَهُ فَمَا الْخَلَاصُ ؟
فَقُلْ إنْ يَنْوِي الْوَطْءَ بِرِجْلِهِ فَيُصَدَّقُ
دِيَانَةً لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ ، وَلَهُ ثَوْبَانِ فَقَالَ إنْ لَمْ تَلْبَسْ
كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ ثَوْبًا مِنْهُمَا فِي هَذَا الشَّهْرِ عِشْرِينَ
يَوْمًا وَإِلَّا فَأَنْتُنَ طَوَالِقُ كَيْفَ الْخَلَاصُ ؟
فَقُلْ تَلْبَسُ اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ كُلٌّ ثَوْبًا ثُمَّ
تَلْبَسُ إحْدَاهُنَّ ثَوْبًا عَشَرَةً وَتَنْزِعُهُ فَتَلْبَسُهُ الْأُخْرَى بَقِيَّةَ
الشَّهْرِ حَلَفَ أَنَّهُ يُشْبِعُهَا مِنْ الْجِمَاعِ الْيَوْمَ ؛ إنْ لَمْ
يُفَارِقْهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ فَقَدْ أَشْبَعَهَا .
وَطِئْتُكِ عَارِيًّا فَكَذَا لَابِسًا فَكَذَا فَمَا
الْخَلَاصُ ؟
فَقُلْ يَطَؤُهَا وَنِصْفُهُ مَكْشُوفٌ وَالنِّصْفُ
مَسْتُورٌ
كِتَابُ الْحُدُودِ
أَيُّ رَجُلٍ سَرَقَ مِائَةً مِنْ حِرْزٍ وَلَا قَطْعَ ؟
فَقُلْ إذَا سَرَقَهَا عَلَى دَفَعَاتٍ ؛ كُلُّ مَرَّةٍ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ
أَيُّ رَجُلٍ سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَقَطَعَ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَيُّ رَجُلٍ قَالَ إنْ
شَرِبْتُ الْخَمْرَ طَائِعًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَشَرِبَهَا طَائِعًا بِالْبَيِّنَةِ
وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يُحَدُّ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ
كِتَابُ السِّيَرِ
أَيُّ رَجُلٍ أَمَّنَ أَلْفًا فَقَتَلَ وَلَمْ يَقْتُلُوا ؟
فَقُلْ حَرْبِيٌّ طَلَبَ الْأَمَانَ لِأَلْفِ أَلْفٍ
فَعَدَّهَاوَلَمْ يَعُدَّ نَفْسَهُ أَيُّ مُرْتَدٍّ لَا يُقْتَلُ ؟ فَقُلْ مَنْ
كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعَا أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ
أَيُّ حِصْنٍ لَا يَجُوزُ قَتْلُ أَهْلِهِ وَلَا أَمَانَ
لَهُمْ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ لَا يُعْرَفُ فَلَوْ
خَرَجَ الْبَعْضُ حَلَّ قَتْلُ الْبَاقِي
أَيُّ رَضِيعٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِلَا تَبَعِيَّةٍ ؟
فَقُلْ لَقِيطٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ .
كِتَابُ الْمَفْقُودِ
أَيُّ رَجُلٍ يُعَدُّ مَيِّتًا وَهُوَ حَيٌّ يُنَعَّمُ ؟
فَقُلْ الْمَفْقُودُ
كِتَابُ الْوَقْفِ
أَيُّ شَيْءٍ إذَا فَعَلَ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ، وَإِذَا
وَكَّلَ بِهِ جَازَ ؟
فَقُلْ الْوَقْفُ إذَا قَبَضَهُ الْوَاقِفُ
لَا يَجُوزُ وَإِذَا قَبَضَهُ وَكِيلُهُ جَازَ
أَيُّ وَقْفٍ آجَرَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَانْفَسَخَتْ ؟
فَقُلْ الْوَاقِفُ إذَا آجَرَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ ،
وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ، فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ
وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ
كِتَابُ الْبَيْعِ
أَيُّ بَيْعٍ إذَا عَقَدَهُ الْمَالِكُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا
عَقَدَهُ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ جَازَ
فَقُلْ بَيْعُ الْمَرِيضِ بِمُحَابَاةٍ يَسِيرَةٍ لَا
يَجُوزُ وَمِنْ وَصِيِّهِ جَازَ أَيُّ رَجُلٍ بَاعَ أَبَاهُ وَصَحَّ حَلَالًا لَهُ
؟
فَقُلْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ حُرَّةً
فَفَعَلَ فَوَلَدَتْ ابْنًا وَمَاتَتْ فَوَرِثَهَا ابْنُهَا فَطَالِبَ الِابْنُ
مَالِكَ أَبِيهِ بِمَهْرِ أُمِّهِ فَوَكَّلَهَا الْمَوْلَى فِي بَيْعِ أَبِيهِ وَاسْتِيفَاءِ
الْمَهْرِ مِنْ ثَمَنِهِ فَفَعَلَ جَازَ
أَيُّ رَجُلٍ اشْتَرَى أَمَةً وَلَا يَحِلُّ لَهُ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ
مَجُوسِيَّةً أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ بِاثْنَتَيْنِ
أَيُّ خُبْزٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا مِنْ
الشَّافِعِيَّةِ
فَقُلْ مَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ قَلِيلٍ ، لَمْ يَجُزْ
بَيْعُهُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِأَنَّهُ إذَا أَعْلَمَهُمْ لَا
يَشْتَرُونَهُ وَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إعْلَامِهِمْ بِخِلَافِ الشَّافِعِيَّةِ
فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ طَاهِرٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِلَا إعْلَامِهِمْ
كِتَابُ الْكَفَالَةِ
أَيُّ كَفِيلٍ بِالْأَمْرِ إذَا لَمْ يَرْجِعْ ؟
فَقُلْ عَبْدٌ كَفَلَ سَيِّدَهُ بِأَمْرِهِ فَأَدَّى
الْمَالَ بَعْدَ عِتْقِهِ
كِتَابُ الْقَضَاءِ
أَيُّ بَيْعٍ يُجْبِرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ ،
وَالْمُصْحَفِ الْمَمْلُوكِ لِكَافِرٍ أَيُّ قَوْمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ يَمِينٌ
فَلَمَّا حَلَفَ وَاحِدٌ سَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْ الْبَاقِي ؟
فَقُلْ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا بَابُهَا فِي سِكَّةٍ
نَافِذَةٍ ، وَقَدْ كَانَ قَدِيمًا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَجَحَدَ
الْجِيرَانُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَحَلَفُوا ،فَإِنْ نَكَلُوا قُضِيَ لَهُ
بِفَتْحِ الْبَابِ ، وَإِنْ حَلَفَ وَاحِدٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَاقِينَ
لِأَنَّ فَائِدَتَهُ النُّكُولُ وَقَدْ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهِ بِحَلِفِ
الْبَعْضِ .
ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ
رَحِمَهُ اللَّهُ
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
أَيُّ شُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى شَرِيكَيْنِ فَقُبِلَتْ عَلَى
أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ؟ فَقُلْ شُهُودٌ نَصَارَى شَهِدُوا عَلَى
نَصْرَانِيٍّ وَمُسْلِمٍ بِعِتْقِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ
أَيُّ شُهُودٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يَعْرِفُونَ
الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ ؟
فَقُلْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَيُّ شَاهِدٍ
جَازَ لَهُ الْكِتْمَانُ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَ الْحَقُّ يَقُومُ بِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ
الْقَاضِي فَاسِقًاأَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ
أَيُّ مُسْلِمَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ بِشَيْءٍ شَهَادَتُهُمَا
وَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ بِضِدِّهِ فَقُبِلَتْ ؟ فَقُلْ نَصْرَانِيٌّ مَاتَ لَهُ ابْنَانِ
مُسْلِمَانِ شَهِدَ ابْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا ، وَنَصْرَانِيَّانِ
شَهِدَا أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا قُبِلَ النَّصْرَانِيَّانِ
كِتَابُ الْإِقْرَارِ
أَيُّ إقْرَارٍ لَا بُدَّ مِنْ تَكْرَارِهِ ؟
فَقُلْ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ
، عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ،ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَالثَّانِي
مِنْ أَغْرَبِ مَا يَكُونُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ
كِتَابُ الصُّلْحِ
أَيُّ صُلْحٍ لَوْ وَقَعَ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ
الْمَصَالِحِ وَيَرُدُّ الْخَصْمُ الْبَدَلَ إلَيْهِ ؟
فَقُلْ الصُّلْحُ عَنْ الشُّفْعَةِ
كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ
أَيُّ مُضَارِبٍ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدَهُ ؟
فَقُلْ إذَا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ
كِتَابُ الْهِبَةِ
أَيُّ أَبٍ وَهَبَ لِابْنِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فَقُلْ إذَا
كَانَ الِابْنُ مَمْلُوكًا لِأَجْنَبِيٍّ أَيُّ مَوْهُوبٍ لَهُ وَجَبَ دَفْعُ
ثَمَنِهِ إلَى الْوَاهِبِ ؟
فَقُلْ الْمُسْلَمُ فِيهِ ؛ إذَا وَهَبَهُ رَبُّ السَّلَمِ
إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ كِتَابُ
الْإِجَارَةِ خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِإِقْرَارِ
الْمُؤَجِّرِ بِدَيْنٍ ، مَا الْحِيلَةُ ؟
فَقُلْ أَنْ يَجْعَلَ لِلسَّنَةِ الْأُولَى قَلِيلًا مِنْ
الْأُجْرَةِ وَيَجْعَلَ لِلْأَخِيرَةِ أَكْثَرَ
كِتَابُ الْوَدِيعَةِ
أَيْ رَجُلٌ ادَّعَى وَدِيعَةً فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ ؟
فَقُلْ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّ الْمَتْرُوكَ
وَدِيعَةٌ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ
فَيَقْضِي
الْقَاضِي دَيْنَ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى
الْغُرَمَاءِ لِتَصْدِيقِهِمْ ، وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ
وَالْعَارِيَّةِ وَالرَّهْنِ .
كِتَابُ الْعَارِيَّةِ
أَيْ مُسْتَعِيرٌ مَلَكَ الْمَنْعَ بَعْدَ الطَّلَبِ ؟
فَقُلْ إذَا طَلَبَ السَّفِينَةَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ ،
أَوْ السَّيْفَ لِيَقْتُلَ بِهِ ظُلْمًا ، أَوْ الظِّئْرَ بَعْدَ مَا صَارَ
الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا ، أَوْ فَرَسَ الْغَازِي فِي دَارِ
الْحَرْبِ أَوْ عَارِيَّةَ الرَّهْنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ .
أَيْ مُودَعٍ ضَمِنَ بِالْهَلَاكِ ؟
فَقُلْ إذَا ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً .
أَيْ مُودَعٌ لَمْ يُخَالِفْ وَضَمِنَ ؟
فَقُلْ إذَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ
فَدَفَعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ .
كِتَابُ الْمُكَاتَبِ
أَيْ كِتَابُهُ يَنْقُضُهَا غَيْرُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ؟
فَقُلْ إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مَدْيُونًا لِلْغُرَمَاءِ
نَقَضَهَا ،
أَيُّ مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ جَازَ بَيْعُهُ ؟
فَقُلْ إذَا كَاتَبَهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ
دَبَّرَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ .
أَوْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدَّيْنِ
فَيَأْسِرُهُمَا الْمَوْلَى .
كِتَابُ الْمَأْذُونِ
أَيُّ عَبْدٍ لَا يَثْبُتُ إذْنُهُ بِالسُّكُوتِ إذَا رَآهُ
مَوْلَاهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي ؟ فَقُلْ عَبْدُ الْقَاضِي .
كِتَابُ الْغَصْبِ
أَيُّ رَجُلٍ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا فَلَزِمَهُ شَيْئَانِ ؟
فَقُلْ إذَا اسْتَهْلَكَ أَحَدٌ مَصْرَعَيْ الْبَابِ أَوْ زَوْجَيْ خُفٍّ أَيُّ
غَاصِبٌ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ
فَقُلْ إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَا يَعْقِلُ أَيَّ مُودَعٍ
يَضْمَنُ بِلَا تَعَدٍّ فَقُلْ هُوَ مُودَعُ الْغَاصِبِ
كِتَابُ الشُّفْعَةِ
أَيُّ مُشْتَرٍ سَلَّمَ لَهُ الشَّفِيعُ وَلَمْ تَبْطُلْ ؟
فَقُلْ هُوَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ
كِتَابُ الْقِسْمَةِ
أَيُّ شُرَكَاءَ فِيمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إذَا
طَالِبُوهَا لَمْ يَقْسِمْ ؟ فَقُلْ السِّكَّةُ الْغَيْرُ النَّافِذَةِ ؛ لَيْسَ
لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهَا وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ
كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ
أَيُّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ ذَبَحَ وَسَمَّى وَلَمْ تَحِلَّ ؟
فَقُلْ إذَا سَمَّى وَلَمْ يُرِدْ بِهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ .
أَيُّ رَجُلٍ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًاوَلَمْ
يَضْمَنْ ؟
فَقُلْ شَاةُ الْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِهَا ،أَوْ
قَصَّابٌ شَدَّهَا لِلذَّبْحِ .
كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ
أَيُّ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ يَحْرُمُ
اسْتِعْمَالُهُ ؟
فَقُلْ الْمُتَّخَذُ مِنْ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ .
أَيُّ إنَاءٍ مُبَاحِ الِاسْتِعْمَالِ يُكْرَهُ الْوُضُوءُ
مِنْهُ ؟
فَقُلْ مَا خَصَّهُ لِنَفْسِهِ .
أَيُّ مَكَانٍ فِي الْمَسْجِدِ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ ؟
فَقُلْ مَا عَيَّنَهُ لِصَلَاتِهِ دُونَ غَيْرِهِ .
أَيُّ مَاءِ مَسِيلٍ لَا يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْهُ ؟
فَقُلْ مَاءٌ وَضَعَ الصَّبِيُّ فِيهِ كُوزًا مِنْ مَاءٍ .
أَيُّ رَجُلٍ هَدَمَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
وَلَمْ يَضْمَنْهَا ؟
فَقُلْ إذَا وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي مَحَلَّةٍ فَهَدَمَهَا
لِإِطْفَائِهِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ .
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
أَيُّ جَانٍ إذَا مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ
نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَإِذَا عَاشَ فَالدِّيَةُ ؟ فَقُلْ الْخِتَانُ إذَا قَطَعَ
حَشَفَةَ الصَّبِيِّ خَطَأً بِإِذْنِ أَبِيهِ .
أَيُّ رَجُلٍ قَطَعَ أُذُنَ إنْسَانٍ وَجَبَ عَلَيْهِ
خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ خَمْسُونَ دِينَارًا ؟
فَقُلْ إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ
أُذُنَهُ وَلَمْ يَمُتْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا ، وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ
الْغُرَّةُ .
أَيُّ شَيْءٍ فِي الْإِنْسَانِ تَجِبُ بِإِتْلَافِهِ دِيَةٌ
وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا ؟
فَقُلْ الْأَسْنَانُ .
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
مَا أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ ؟
فَقُلْ مِيرَاثُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ، كَذَا فِي
الْمُحِيطِ .
أَيُّ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ بِمَا أُوصِي
إنَّمَا تَرِثُنِي عَمَّتَاكَ وَخَالَتَاك وَجِدَّتَاك وَزَوْجَتَاك ؟
فَقُلْ صَحِيحٌ تَزَوَّجَ بِجَدَّتَيْ رَجُلٍ مَرِيضٍ أُمُّ
أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ ، وَالْمَرِيضُ مُتَزَوِّجٌ بِجَدَّتَيْ الصَّحِيحِ
كَذَلِكَ ؛ فَوَلَدَتْ كُلٌّ مِنْ جَدَّتَيْ الصَّحِيحِ
مِنْ الْمَرِيضِ بِنْتَيْنِ ؛ فَالْبِنْتَانِ مِنْ جَدَّتَيْ الصَّحِيحِ أُمُّ
أُمِّهِ خَالَتَاهُ ، وَاللَّتَانِ مِنْ أُمِّ أَبِيهِ عَمَّتَاهُ ، وَقَدْ كَانَ
أَبُو الْمَرِيضِ مُتَزَوِّجًا أُمَّ الصَّحِيحِ فَوَلَدَتْ بِنْتَيْنِ فَهُمَا أُخْتَا
الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ وَالْمَرِيضِ لِأَبِيهِ ؛ فَإِذَا مَاتَ الْمَرِيضُ
فَلِامْرَأَتَيْهِ الثُّمُنُ وَهُمَا جَدَّتَا الصَّحِيحِ ، وَلِبَنَاتِهِ
الثُّلُثَانِ وَهُنَّ عَمَّتَا الصَّحِيحِ وَخَالَتَاهُ ، وَلِجَدَّتَيْهِ
السُّدُسُ وَهُمَا امْرَأَتَا الصَّحِيحِ وَلِأُخْتَيْهِ لِأَبِيهِ مَا بَقِيَ
وَهُمَا أُخْتَا الصَّحِيحِ لِأُمِّهِ ، وَالْمَسْأَلَةُ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ
وَأَرْبَعِينَ انْتَهَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
تَمَّ الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ وَيَتْلُوهُ الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْهُ وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ
(صحفة فارغة)
الْفَنُّ الْخَامِسُ:الْحِيَلُ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَعْلَمُ دَقَائِقَ الْأُمُورِ
مِنْ غَيْرِ الْتِبَاسٍ ، وَيْحُكُمْ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ ، وَإِنْ جَهِلَ
النَّاسُ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَفْضَلِ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ
وَفَوَّضَ الْأُمُورَ كُلَّهَا إلَيْهِ ، وَبَعْدُ فَهَذَا هُوَ النَّوْعُ
الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ ، وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ جَمْعُ
حِيلَةٍ ، وَهِيَ الْحِذْقُ فِي تَدْبِيرِ الْأُمُورِ ، وَهِيَ تَقْلِيبُ
الْفِكْرِ حَتَّى يَهْتَدِيَ إلَى الْمَقْصُودِ ، وَأَصْلُهَا الْوَاوُ ،
وَاحْتَالَ طَلَبُ الْحِيلَةِ .
كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ .
وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي
التَّعْبِيرِ عَنْ ذَلِكَ ؛ فَاخْتَارَ كَثِيرٌ التَّعْبِيرَ بِكِتَابِ الْحِيَلِ .
وَاخْتَارَ كَثِيرٌ كِتَابَ الْمَخَارِجِ وَاخْتَارَهُ فِي
الْمُلْتَقَطِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : كَذَبُوا عَلَى مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ كِتَابُ الْحِيَلِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْهَرَبُ مِنْ
الْحَرَامِ وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُ حَسَنٌ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ
وَلَا تَحْنَثْ }وَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ{رَجُلًا اشْتَرَى صَاعًا مِنْ
تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَيْت
هَلَّا بِعْت تَمْرَكَ بِالسِّلْعَةِ ثُمَّ ابْتَعْت بِسِلْعَتِكَ تَمْرًا }
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الضَّرَرِ بِأَحَدٍ انْتَهَى.
وَفِيهِ فُصُولٌ:
الْأَوَّلُ:فِي الصَّلَاةِ
إذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَأُقِيمَتْ فِي
الْمَسْجِدِ فَالْحِيلَةُ ؛ أَنْ لَا يَجْلِسَ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ ،حَتَّى
تَنْقَلِبَ هَذِهِ الصَّلَاةُ نَفْلًا وَيُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ .
الثَّانِي:فِي الصَّوْمِ ؛الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ
مُتَتَابِعَيْنِ وَصَامَ رَجَبًا وَشَعْبَانَ ،فَإِذَا شَعْبَانُ نَقَصَ يَوْمًا
؛فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ مُدَّةَ السَّفَرِ فَيَنْوِيَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ
مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَمَّا الْتَزَمَ ،وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ رَمَضَانَ
هَذَا يُسَافِرُ وَيُفْطِرُ . الثَّالِثُ: فِي الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ نِصَابٌ أَرَادَ
مَنْعَ الْوُجُوبِ عَنْهُ ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ مِنْهُ
قَبْلَ التَّمَامِ ، أَوْ يَهَبَ النِّصَابَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ
التَّمَامِ بِيَوْمٍ
.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَرَاهَةِ
وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَخَذُوا
بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ
الْفُقَرَاءِ .وَمَنْ لَهُ عَلَى فَقِيرٍ دَيْنٌ وَأَرَادَ جَعْلَهُ عَنْ زَكَاةِ
الْعَيْنِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَهُ مِنْهُ عَنْ
دَيْنِهِ ،وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَدْيُونُ مِنْ
دَفْعِهِ لَهُ مَدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ ظَفِرَ بِجِنْسِ
حَقِّهِ ؛ فَإِنْ مَانَعَهُ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَيُكَلِّفُهُ قَضَاءَ الدَّيْنِ
أَوْ يُوَكِّلُ الْمَدْيُونُ خَادِمَ الدَّائِنِ بِقَبْضِ الزَّكَاةِ ثُمَّ
بِقَضَاءِ دَيْنِهِ ؛فَيَقْبِضُ الْوَكِيلُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ .
وَنَظَرَفِيهِ بِإِمْكَانِ عَزْلِهِ فَيُدَافِعُهُ .
وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ .
وَدَفَعَهُ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ وَيَغِيبَ فَلَا يُسَلِّمُ
الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ إلَّا فِي غَيْبَتِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا عَزَلْتُكَ
فَأَنْتَ وَكِيلِي وَدُفِعَ بِأَنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّوْكِيلِ اخْتِلَافًا
.فَإِنْ كَانَ لِلطَّالِبِ شَرِيكٌ فِي الدَّيْنِ يَخَافُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ
؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الدَّائِنُ وَيَهَبَ الْمَدْيُونَ مَا قَبَضَهُ
لِلدَّائِنِ فَلَا مُشَارَكَةَ ،وَالْحِيلَةُ فِي التَّكْفِينِ بِهَا التَّصَدُّقُ
بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ هُوَ يُكَفِّنُ ،فَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُمَا ،
وَكَذَا فِي تَعْمِيرِ الْمَسَاجِدِ .
الرَّابِعُ: فِي الْفِدْيَةِ أَرَادَ الْفِدْيَةَ عَنْ صَوْمِ
أَبِيهِ أَوْ صَلَاتِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ يُعْطِي مَنَوَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ
فَقِيرًا ثُمَّ يَسْتَوْهِبُهُ ثُمَّ يُعْطِيهِ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يُتِمَّ .
الْخَامِسُ: فِي الْحَجِّ إذَا أَرَادَ الْأَفَاقِيُّ دُخُولَ
مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ ،قَصَدَ مَكَانًا آخَرَ دَاخِلَ
الْمَوَاقِيتِ كَبُسْتَانِ بَنِي عَامِرٍ ، إذَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِبِنْتِهِ
مَحْرَمٌ فِي السَّفَرِ يُزَوِّجُهَا مِنْ عَبْدِهِ يُعْلِمُهَا فَقَطْ .
السَّادِسُ: فِي النِّكَاحِ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحَهُ
فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا يَمِينَ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَيْهِ ، فَلَا
يُمْكِنُهَا التَّزَوُّجُ .
وَلَا يُؤْمَرُ بِتَطْلِيقِهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُقِرًّا
بِالنِّكَاحِ ؛فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ : إنْ كُنْتِ
امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا .وَلَوْ ادَّعَى نِكَاحَهَا فَأَنْكَرَتْ
فَالْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهَا عَلَى قَوْلِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ
بِآخَرَ ،وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهَا بِنِكَاحِ غَائِبٍ وَالْحِيلَةُ فِي
صِحَّةِ هِبَةِ الْأَبِ شَيْئًا مِنْ مَهْرِ بِنْتِهِ لِلزَّوْجِ ؛ أَنَّهَا إنْ
كَانَتْ كَبِيرَةً فَإِنَّهُ يَهَبُ لَهُ كَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى أَنَّهَاإنْ
أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ فَأَنَا ضَامِنٌ فَيَصِحُّ ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً
يُحِيلُ الزَّوْجُ الْبِنْتَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْأَبِ .
إنْ كَانَ مَلِيًّا فَيَصِحُّ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ ، وَإِذَا
أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ لَهُ يُزَوِّجُهُ
عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِ الْمَوْلَى ؛ يُطَلِّقُهَا الْمَوْلَى كُلَّمَا
أَرَادَ ، وَإِذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ الْإِخْرَاجَ مِنْ
بَلَدِهَا .
تَتَزَوَّجُهُ عَلَى مَهْرِ كَذَا ، عَلَى أَنْ لَا
يُخْرِجَهَا فَإِذَا أَخْرَجَهَا كَانَ لَهَا تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا ،أَوْ
تُقِرُّ لِأَبِيهَا أَوْ لِوَلَدِهَا بِدَيْنٍ ؛فَإِذَا أَرَادَ إخْرَاجَهَا
مَنَعَهَا الْمُقِرُّ لَهُ ، فَإِنْ خَافَ الْمُقِرُّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ
الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا كَذَا بَاعَهَا بِذَلِكَ الْمَالِ ثِيَابًا
فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْثَمُ .
وَالْأَوْلَى أَنْ تَشْتَرِيَ شَيْئًا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ
أَوْ تَكْفُلَ لَهُ لِيَكُونَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ فَإِنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ
اللَّهُ خَالَفَ فِي الْإِقْرَارِ .
أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَخِيفَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا ؛
تُوَكِّلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ
تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَيَّ بِصَدَاقِ ، كَذَا
جَوَّزَهُ الْخَصَّافُ إنْ كَانَ كُفُؤًا ،وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ أَنَّ الْخَصَّافَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ
بِهِ .
وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَهْرَهَا وَكَانَ قَدْ دَفَعَهُ
إلَى أَبِيهَا وَخَافَ إنْكَارَهُمَا ؟ يُنْكِرُ أَصْلَ النِّكَاحِ وَجَازَ لَهُ
الْحَلِفُ أَنَّهُ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا قَاصِدًا الْيَوْمَ ،
وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّتِهِ حَيْثُ كَانَ مَظْلُومًا .
حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ ؛فَالْحِيلَةُ أَنْ يُزَوِّجَهُ
فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ ، وَكَذَا لَا تَتَزَوَّجُ .وَلَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ
ابْنَتَهُ فَزَوَّجَهَا فُضُولِيٌّ وَأَجَازَهُ الْأَبُ لَمْ يَحْنَثْ.
السَّابِعُ: فِي الطَّلَاقِ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ إلَيَّ
غَيْرِكِ وَغَيْرِ فُلَانَةَ طَالِقٌ ثُمَّ مَحَا ذِكْرَ فُلَانَةَ وَبَعَثَ
بِالْكِتَابِ لَهَا لَمْ تَطْلُقْ فُلَانَةُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ جَيِّدَةٌ،وَ
الْحِيلَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَنْ يَقُولَ الْمُحَلِّلُ قَبْلَ الْعَقْدِ
:إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَجَامَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنَةٌ
فَيَقَعُ بِالْجِمَاعِ مَرَّةً ؛فَإِنْ خَافَتْ مِنْ إمْسَاكِهِ بِلَا جِمَاعٍ
يَقُولُ إنْ تَزَوَّجْتُكِ وَأَمْسَكْتُكِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ
أُجَامِعْكِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا
وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فِي الطَّلَاقِ
بِشَرْطِ بِدَايَتِهَا بِذَلِكَ ثُمَّ قَبُولُهُ أَمَّا إذَا بَدَأَ الْمُحَلِّلُ فَقَالَ
تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكَ فَقَبِلَتْ لَمْ يَصِرْ أَمْرُهَا
بِيَدِهَا إلَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ بَعْدَمَا
أَتَزَوَّجُكِ فَقَبِلَتْ ، وَإِذَا خَافَتْ ظُهُورَ أَمْرِهَا فِي التَّحْلِيلِ
تَهَبُ لِمَنْ تَثِقُ بِهِ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ مَمْلُوكًامُرَاهِقًا يُجَامِعُ
مِثْلُهُ ثُمَّ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ ، فَإِذَا دَخَلَ بِهَا وَهَبَهُ مِنْهَا
وَتَقْبِضُهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ ثُمَّ تَبْعَثُ بِهِ إلَى بَلَدٍ يُبَاعُ
،وَنَظَرَ فِيهَا بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِكُفْءٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى
رِضَا الْوَلِيِّ أَوْ أَنَّهَا لَا وَلِيَّ لَهَا .
حَلَفَ لَيُطَلِّقُهَا الْيَوْمَ ؛فَالْحِيلَةُ أَنْ
يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ عَلَى أَلْفٍ
فَلَمْ تَقْبَلْ .
حَلَفَ لَا يُطَلِّقُهَا فَخَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ وَدَفَعَ
لَهُ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ ،وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ
طَالِقٌ ، فَتَزَوَّجَ فَإِذَا حَكَّمَا شَافِعِيًّا ، فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ
صَحَّ .
وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ
طَالِقٌ ثَلَاثًا ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفِ
دِرْهَمٍ وَلَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
أَنْكَرَ طَلَاقَهَا ، فَالْحِيلَةُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْتًا ،
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ أَلَكَ امْرَأَةٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ ؟ فَيَقُولُ لَا
لِعَدَمِ عِلْمِهِ ،فَيُقَالُ لَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَكَ فِيهِ فَهِيَ بَائِنٌ ،
فَيُجِيبُ بِذَلِكَ فَتَظْهَرُ عَلَيْهِ فَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ .
إنْ لَمْ تَطْبُخْ قِدْرًا ، نِصْفُهَا حَلَالٌ وَنِصْفُهَا
حَرَامٌ ، فَهِيَ طَالِقٌ ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ تَجْعَلَ الْخَمْرَ فِي الْقِدْرِ
ثُمَّ تَطْبُخَ الْبَيْضَ فِيهِ .
حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ ؛ الْحِيلَةُ حَمْلُهُ
لَهَا .
فِي فِيهِ لُقْمَةٌ فَقَالَ إنْ أَكَلْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ
وَإِنْ طَرَحَتْهَا فَهِيَ طَالِقٌ ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْكُلَ النِّصْفَ
وَيَطْرَحَ النِّصْفَ أَوْ يَأْخُذَهَا مِنْ فِيهِ إنْسَانٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ .
الثَّامِنُ : فِي الْخُلْعِ سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ
ثَلَاثًا إنْ سَأَلْتِنِي الْخُلْعَ وَلَمْ أَخْلَعْ ، وَحَلَفَتْ هِيَ
بِالْعِتْقِ إنْ لَمْ تَسْأَلْهُ الْخُلْعِ قَبْلَ اللَّيْلِ .
فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
لِلْمَرْأَةِ سَلِيهِ الْخُلْعَ ، فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ لَهُ قُلْ : خَلَعْتُكِ
عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ لَهَا :قُوْلِي لَا أَقْبَلُ فَقَالَتْ ، فَقَالَ :قُوْمِي
وَاذْهَبِي مَعَ زَوْجِكِ فَقَدْ بَرَّ كُلٌّ مِنْكُمَا .
وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ تَبِيعَ الْمَرْأَةُ جَمِيعَ
مَمَالِيكِهَا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ ثُمَّ تَسْتَرِدَّهُ
بَعْدُ .
التَّاسِعُ : فِي الْأَيْمَانِ لَا يَتَزَوَّجُ بِالْكُوفَةِ
يَعْقِدُ خَارِجَهَا وَلَوْ فِي سَوَادِهَا إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ .
لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ أَرَادَهُ
فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهُمَا مِنْ ثِقَةٍ فَيُزَوِّجَهُمَا ثُمَّ
يَسْتَرِدَّهُمَا
.
لَا يُطَلِّقُهَا بِبُخَارَى يَخْرُجُ مِنْهَا ثُمَّ
يُطَلِّقُهَا أَوْ يُوَكِّلُ فَيُطَلِّقُهَا خَارِجَهَا . حَلَفَ لَا
يَتَزَوَّجُهَا ؛ بِعَقْدٍ مَرَّتَيْنِ .
قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا ،
الْأَوْلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ . حَلَّفَتْهُ
امْرَأَتُهُ بِأَنَّ كُلَّ جَارِيَةٍ تَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ .
فَقَالَ نَعَمْ نَاوِيًا جَارِيَةً
بِعَيْنِهَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ .
وَلَوْ نَوَى بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ صَحَّتْ
نِيَّتُهُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْكِ نَاوِيًا عَلَى
رَقَبَتِكِ صَحَّتْ
.
عَرَضَ عَلَى غَيْرِهِ يَمِينًا فَقَالَ نَعَمْ ؛ لَا
يَكْفِي وَلَا يَصِيرُ حَالِفًا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، كَذَا فِي
التَّتَارْخَانِيَّة ، وَعَلَى هَذَا فَمَا يَقَعُ مِنْ التَّعَالِيقِ فِي
الْمُحَاكِمِ أَنَّ الشَّاهِدَ يَقُولُ لِلزَّوْجِ تَعْلِيقًا فَيَقُولُ نَعَمْ
،لَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ .
إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ يَبِيعُهُ ثُمَّ
يَفْعَلُ ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُ
الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ مُدَبَّرٍ يَعْتِقُ بِمَوْتِ
سَيِّدِهِ أَنْ يَقُولَ إذَا مِتُّ وَأَنْتَ فِي مِلْكِي فَأَنْتَ حُرٌّ .
اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ ثُمَّ
ادَّعَى بِهِ ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَاوِيًا
مَكَانًا غَيْرَ مَكَانِهِ أَوْ زَمَانًا غَيْرَ زَمَانِهِ .
حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا ؛
يَشْتَرِيهِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ .
لَا يَبِيعُ الثَّوْبَ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنٍ أَبَدًا ؛
فَالْحِيلَةُ بَيْعُ الثَّوْبِ مِنْهُ وَمِنْ آخَرَ أَوْ بَيْعُهُ مِنْهُ بِعَرْضٍ
أَوْ يَبِيعُهُ الْبَعْضَ وَيَهَبُهُ الْبَعْضَ أَوْ يُوَكِّلُ بَيْعَهُ مِنْهُ أَوْ
بَيْعَهُ فُضُولِيٌّ مِنْهُ وَيُجِيزُ الْبَيْعَ .لَا يَشْتَرِيهِ ، يَشْتَرِيهِ
بِالْخِيَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، أَوْ يَشْتَرِيهِ مَعَ آخَرَ أَوْ يَشْتَرِيهِ
إلَّا سَهْمًا .
ثُمَّ يَشْتَرِي السَّهْمَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ .
عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَخَذَ دَيْنَهُ مُتَفَرِّقًا
يَأْخُذُهُ إلَّا دِرْهَمًا .
حَلَفَ لَيَأْخُذَنَّ مِنْ فُلَانٍ حَقَّهُ أَوْ
لَيَقْبِضَنَّهُ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ
يَأْخُذَ مِنْ وَكِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ كَفِيلِهِ أَوْ مِنْ
حَوِيلِهِ ، وَقِيلَ يَحْنَثُ .
إنْ أَكَلْت مِنْ هَذَا الْخُبْزِ ، يَدُقُّهُ وَيُلْقِيهِ
فِي عَصِيدَةٍ وَيَطْبُخُهُ حَتَّى يَصِيرَ هَالِكًا فَيَأْكُلَهُ .
لَا يَأْكُلُ طَعَامًا لِفُلَانٍ ؛ يَبِيعُهُ لَهُ أَوْ
يُهْدِيهِ فَيَأْكُلُهُ .
إنْ صَعِدْت فَكَذَا وَإِنْ نَزَلْت فَكَذَا .
يَحْمِلُهَا وَيَنْزِلُ بِهَا .
لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا ؛ يَهَبُهَا مَالًا فَتُنْفِقُهُ
،أَوْ يُبِينُهَا ، فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، أَوْ
تَسْتَأْجِرُ زَوْجَهَا كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهَا
،فَحِينَئِذٍ الْكَسْبُ لَهَا ،وَإِنْ كَانَ صَانِعًا تَسْتَأْجِرُهُ لِتَقْبَلَ الْعَمَلَ
طَلَبَتْ أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتهَا ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى
اسْمُهَا عَلَى اسْمِ الضَّرَّةِ ، ثُمَّ يَقُولُ طَلَّقْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ
نَاوِيًا الْجَدِيدَةَ أَوْ يَكْتُبَ اسْمَ الضَّرَّةِ فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى
ثُمَّ يَقُولُ طَلَّقْت فُلَانَةَ مُشِيرًا بِالْيُمْنَى إلَى مَا فِي كَفِّهِ
الْيُسْرَى .
حَلَّفَهُ السُّرَّاقُ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِأَسْمَائِهِمْ ،
تُعَدُّ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ ؛ فَمَنْ لَيْسَ بِسَارِقٍ يَقُولُ لَا
وَبِالسَّارِقِ يَسْكُتُ عَنْ اسْمِهِ ؛ فَيَعْلَمُ الْوَالِي السُّرَّاقَ وَلَا
يَحْنَثُ الْحَالِفُ . لَا يُسْكِنُهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْأَمْتِعَةِ ؛ يَبِيعُهُ
مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَخْرُجُ .
إنْ لَمْ آخُذْ مِنْكَ حَقِّي وَقَالَ الْآخَرُ إنْ أَعْطَيْتُكَ
؛ فَالْحِيلَةُ لَهُمَا الْأَخْذُ جَبْرًا ،
الْعَاشِرُ : فِي الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ
الْحِيلَةُ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي تَدْبِيرِ الْعَبْدِ وَكِتَابَتِهِ لَهُمَا أَنْ
يُوَكِّلَا مَنْ يَعْقِلُ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ .الْحِيلَةُ فِي عِتْقِ
الْعَبْدِ فِي الْمَرَضِ بِلَا سِعَايَةٍ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَقْبِضَ
الْبَدَلَ مِنْهُ ،فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ دَفَعَ الْمَوْلَى لَهُ
لِيَقْبِضَهُ مِنْهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ .وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ إقْرَارِ
الْمَوْلَى لَهُ بِالْقَبْضِ .
أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَشْهَدْ حَتَّى مَرِضَ ،فَإِنْ أَقَرَّ
اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ ،فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ ثُمَّ
الرَّجُلُ بِعِتْقِهِ ،إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا
لَوْ وَلَدَتْ ؛ يَهَبُهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَإِذَا
وَلَدَتْ فَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ .
الْحَادِي عَشَرَ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ أَرَادَ الْوَقْفَ
فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَخَافَ عَدَمَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ يُقِرُّ أَنَّهَا وَقْفُ
رَجُلٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَأَنَّهُ مُتَوَلِّيهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ .
أَرَادَ وَقْفَ دَارِهِ وَقْفًا صَحِيحًا اتِّفَاقًا ،
يَجْعَلُهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَيُسَلِّمُهَا إلَى
الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَتَنَازَعُونَ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِاللُّزُومِ ، أَوْ
يَقُولُ إنَّ قَاضِيًا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ ، فَيَلْزَمُ وَإِنْ أَبْطَلَهُ قَاضٍ
كَانَ صَدَقَةً . الثَّانِي
عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِهَا فِي الْعُرُوضِ أَنْ يَبِيعَ
كُلَّ نِصْفِ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ الْآخَرِ يَعْقِدَانِهَا وَهِيَ
مَعْرُوفَةٌ .
الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ أَرَادَتْ هِبَةَ
الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا إنْ خَلَصَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ يَعُودُ
الْمَهْرُ عَلَيْهِ ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا شَيْئًا مَسْتُورًا
بِمِقْدَارِ الْمَهْرِفَإِذَا وَلَدَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ فَتَرُدُّهُ بِخِيَارِ
الرُّؤْيَةِ ، وَإِنْ مَاتَتْ فَقَدْ بَرِئَ الزَّوْجُ ،وَهَكَذَا فِيمَنْ لَهُ
دَيْنٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ
وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ . قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَهَبِينِي
صَدَاقَكِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ تَشْتَرِيَ
مِنْهُ ثَوْبًا مَلْفُوفًا بِمَهْرِهَا ثُمَّ تَرُدَّهُ بَعْدَ الْيَوْمِ
فَيَبْقَى الْمَهْرُ وَلَا حِنْثَ .
الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَرَادَ
بَيْعَ دَارِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ سَلَّمَهَا وَإِلَّا رَدَّ الثَّمَنَ
، فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا وَهِيَ فِي
يَدِ ظَالِمٍ يُقِرُّ بِالْغَصْبِ وَلَمْ تَكُنْ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَوْلَا
ذَلِكَ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْبَائِعِ عَلَى تَسْلِيمِهَا .
هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَعَابُوا
عَلَيْهِ تَعْلِيمَ الْكَذِبِ ، وَكَذَلِكَ عِيبَ عَلَى
الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ إذَا
بَاعَ حُبْلَى وَخَافَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدَّعِيَ حَبَلَهَا
وَيَنْقُضَ الْبَيْعَ قَالَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِأَنْ يُقِرَّ
بِأَنَّ الْحَبَلَ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ حَتَّى لَوْ ادَّعَاهُ لَمْ
تُسْمَعْ .
وَأُجِيبُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا بِالْكَذِبِ
وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ كَذَا لَكَانَ حُكْمُهُ كَذَا .
أَرَادَ شِرَاءَ شَيْءٍ وَخَافَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ
قَدْ بَاعَهُ ؛ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنْ اسْتَحَقَّ ، يَرْجِعُ عَلَى
الْبَائِعِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ حَلَالًا لَهُ ،فَالْحِيلَةُ أَنْ
يَبِيعَ لَهُ بِضِعْفِ الثَّمَنِ ثَوْبًا ، كَمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ
يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، وَيَدْفَعَ الثَّوْبَ لَهُ بِالْمِائَةِ
؛ فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالْمِائَتَيْنِ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ
بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَخَافَ مِنْ شَافِعِيٍّ بَاعَ مِنْ
رَجُلٍ غَرِيبٍ ثُمَّ الْغَرِيبُ يَشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي الْحِيلَةُ فِي
بَيْعِ جَارِيَةٍ يُعْتِقُهَا الْمُشْتَرِي ، أَنْ يَقُولَ إنْ اشْتَرَيْتهَا
فَهِيَ حُرَّةٌ ؛ فَإِذَا اشْتَرَاهَا عَتَقَتْ ، وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي
أَنْ تَخْدِمَهُ زَادَ : بَعْدَ مَوْتِي فَيَكُونُ مُدَبِّرَةًأَرَادَ شِرَاءَ إنَاءٍ
ذَهَبٍ بِأَلْفٍ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا النِّصْفُ ، يَنْقُدُهُ مَا مَعَهُ ثُمَّ
يَسْتَقْرِضُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَنْقُدُهُ فَلَا يَفْسُدُ بِالتَّفَرُّقِ بَعْدَ
ذَلِكَ .
لَمْ يَرْغَبْ فِي الْقَرْضِ إلَّا بِرِبْحٍ ،فَالْحِيلَةُ
أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا بِقَدْرِ مُرَادِهِ مِنْ الرِّبْحِ ثُمَّ
يَسْتَقْرِضُإذَا أَرَادَ الْبَائِع أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ
يَأْمُرُهُ الْبَائِعُ أَنْ يَقُولَ : إنْ خَاصَمْتُكَ فِي عَيْبٍ فَهُوَ
صَدَقَةٌ وَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي إذَا
اسْتَحَقَّ ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ
الْبَائِعِ
الْخَامِسَ عَشَرَ : فِي الِاسْتِبْرَاءِ الْحِيلَةُ فِي
عَدَمِ لُزُومِهِ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ أَوَّلًا مِمَّنْ لَيْسَ تَحْتَهُ
حُرَّةٌ ثُمَّ يَبِيعَهَا وَيَقْبِضَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ
بِهَا .
وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَبَ عَلَى
الْأَصَحِّ ، أَوْ يُزَوِّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ ثُمَّ
يَقْبِضَهَا فَيُطَلِّقَهَا ، وَلَوْ خَافَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا يَجْعَلُ
أَمْرَهَا بِيَدِهِ كُلَّمَا شَاءَ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا كُلَّمَا شَاءَ لِئَلَّا
يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَجْلِسِ ، أَوْ يَتَزَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا
وَيَقْبِضَهَا ،وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهِيَةِ الْحِيلَةِ لِإِسْقَاطِ
الِاسْتِبْرَاءِ
السَّادِسَ عَشَرَ : فِي الْمُدَايَنَاتِ الْحِيلَةُ فِي
إبْرَاءِ الْمَدْيُونِ إبْرَاءً بَاطِلًا أَوْ تَأْجِيلِهِ كَذَلِكَ أَوْ صُلْحِهِ
كَذَلِكَ ؛ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ لِرَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَيَشْهَدُ
أَنَّ اسْمَهُ كَانَ عَارِيَّةً وَيُوَكِّلُهُ
بِقَبْضِهِ ثُمَّ يَذْهَبَا إلَى الْقَاضِي ،وَيَقُولُ
الْمُقِرُّ لَهُ : إنَّهُ كَانَ لِي بِاسْمِ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا
وَكَذَا فَيُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْقَاضِي : امْنَعْ
هَذَا الْمُقِرَّ مِنْ قَبْضِ الْمَالِ وَأَنْ يُحْدِثَ فِيهِ حَدَثًا أَوْ
اُحْجُرْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ .
فَيَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ قَبْضِهِ
.فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَبْرَأَ أَوْ أَجَّلَ أَوْ صَالَحَ كَانَ بَاطِلًا .
وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى حَجْرِ الْقَاضِي لِأَنَّ
الْمُقِرَّ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ فَلَا تُفِيدُ الْحِيلَةُ فَتَنَبَّهْ
فَإِنَّهُ يَغْفُلُ عَنْهُ
ثُمَّ قَالَ الْخَصَّافُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
بَعْدَهُ : وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : يَجُوزُ قَبْضُ الَّذِي كَانَ
بِاسْمِهِ الْمَالُ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَتَأْجِيلِهِ وَإِبْرَائِهِ وَهِبَتِهِ
لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ جَائِزًا
الْحِيلَةُ فِي تَحَوُّلِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الطَّالِبِ ،
إمَّا الْإِقْرَارَكَمَا سَبَقَ وَإِمَّا الْحَوَالَةَ ،أَوْ أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ
مِنْ الطَّالِبِ شَيْئًا بِمَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ ،أَوْ يُصَالِحَ عَمَّا عَلَى الْمَطْلُوبِ
بِعَبْدِهِ فَيَكُونَ الدَّيْنُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ
إذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ التَّأْجِيلَ وَخَافَ أَنَّ
الدَّائِنَ إنْ أَجَّلَهُ يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ فَلَمْ يَصِحَّ
تَأْجِيلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ .فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَالَ حِينَ
وَجَبَ كَانَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ كَذَاإذَا أَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي
دَيْنٍ أَنْ يُؤَجِّلَ نَصِيبَهُ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُ ،
فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ حَيْثُ وَجَبَ كَانَ
مُؤَجَّلًا إلَى كَذَاوَإِذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ التَّأْجِيلَ وَخَافَ أَنْ
يَكُونَ الطَّالِبُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ وَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ
قَبْضِهِ ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَضْمَنَ الطَّالِبُ لِلْمَطْلُوبِ مَا يُدْرِكُهُ
مِنْ دَرْكِ مَا قَبْلَهُ مِنْ إقْرَارِ تَلْجِئَةٍ وَهِبَةٍ وَتَوْكِيلٍ
وَتَمْلِيكٍ وَحَدَثٍ أَحْدَثَهُ يَبْطُلُ بِهِ التَّأْجِيلُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ
، فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ
، فَإِذَا احْتَالَ بِهَذَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمَالِ قَبْلَ
التَّأْجِيلِ وَأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ كَانَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى
الطَّالِبِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ ، وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يُقِرَّ
الطَّالِبُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِتَارِيخٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يُقِرَّ الْمَطْلُوبَ
بَعْدَهُ بِيَوْمٍ يُمَثِّلُ الدَّيْنُ لِلطَّالِبِ مُؤَجَّلًا
فَإِذَا خَافَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ أَحْضَرَ الشُّهُودَ
وَقَالَ : لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا إلَّا بَعْدَ قِرَاءَةِ الْكِتَابَيْنِ ،
فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُنَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَا تَشْهَدُوا عَلَى الْمُقِرِّ
وَنُظِرَ فِيهِ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ
لَا تَشْهَدْ .
وَجَوَابُهُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ
الْمُقَرُّ لَهُ لَا تَشْهَدْ عَلَى الْمُقِرِّ ، أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ لَا
تَسَعُهُ الشَّهَادَةُ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ
الدَّيْنُ ،فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ ؛ أَنْ يُقِرَّ
الْوَارِثُ بِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مُؤَجَّلًا إلَى
كَذَا وَيُصَدِّقَهُ الطَّالِبُ أَنَّهُ كَانَ مُؤَجَّلًا
عَلَيْهِمَا وَيُقَرَّ الطَّالِبُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ
يَتْرُكْ شَيْئًا ، وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ ؛ فَيُؤْمَرَ
الْوَارِثُ بِالْبَيْعِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ
مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا حَلَّ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ لَا يَحِلُّ عَلَى
كَفِيلِهِ
السَّابِعَ عَشَرَ : فِي الْإِجَارَاتِ اشْتِرَاطُ
الْمَرَمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يُفْسِدُهَا ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْظُرَ
إلَى قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَيُضَمَّ إلَى الْأُجْرَةِ ثُمَّ يَأْمُرَهُ
الْمُؤَجِّرُ بِصَرْفِهِ إلَيْهَا ، فَيَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ وَكِيلًا
بِالِاتِّفَاقِ ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الْإِنْفَاقَ لَمْ يُقْبَلْ
مِنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ ، وَلَوْ أَشْهَدَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ
بِلَا حُجَّةٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِهَا ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يُعَجِّلَ
الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ قَدْرَ الْمَرَمَّةِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ الْمُؤَجِّرُ
يَدْفَعُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْمَرَمَّةِ
فَيُقْبَلُ بِلَا بَيَانٍ أَوْ يَجْعَلَ مِقْدَارَهَا فِي يَدِ عَدْلٍ وَلَوْ
اسْتَأْجَرَ عَرْصَةً بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَذِنَ لَهُ رَبُّ الْعَيْنِ
بِالْبِنَاءِ فِيهَا مِنْ الْأَجْرِ جَازَ ، وَإِنْ أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ
اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ فَيَلْقَيَانِ قِصَاصًا وَيَتَرَادَّانِ
الْفَضْلَ إنْ كَانَ وَالْبِنَاءُ لِلْمُؤَجِّرِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ
فَقَطْ فَبَنَى ، اخْتَلَفُوا قِيلَ لِلْآجِرِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ
الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ إجَارَةِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ .
أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا
ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ ،وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ بِيعَ أَمَّا إذَا
كَانَ بَيْعَ هَزْلٍ وَتَلْجِئَةٍ ، فَلَا لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ
،وَعَلَامَةُ الرَّغْبَةِ أَنْ يَكُونَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ
بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ اشْتِرَاطُ خَرَاجِ الْأَرْضِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرُ جَائِزٍ
كَاشْتِرَاطِ الْمَرَمَّةِ ،وَالْحِيلَةُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ بِقَدْرِهِ
ثُمَّ يَأْذَنَهُ بِصَرْفِهِ ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَمَّةِ اشْتِرَاطُ
الْعَلَفِ أَوْ طَعَامِ الْغُلَامِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرُ جَائِزٍ ،
وَالْحِيلَةُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَمَّةِ الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ
أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَلَا تَنْفَسِخَ بِمَوْتِ
الْمُؤَجِّرِ ، يُقِرُّ الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ عَشْرُ سِنِينَ
؛ يَزْرَعُ فِيهَا مَا شَاءَ وَمَا خَرَجَ فَهُوَ لَهُ ، أَوْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ آجَرَهَا
لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ يُقِرَّ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّهُ
اسْتَأْجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ
أَحَدِهِمَا وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ عَيْنُ نِفْطٍ أَوْ قِيرٍ فَيَجُوزُ إذَا
آجَرَ ، أَرْضَهُ وَفِيهَا نَخْلٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ التَّمْرَ
لِلْمُسْتَأْجِرِ ، يَدْفَعْ النَّخِيلَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُعَامَلَةً عَلَى
أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ جُزْءٌ مِنْ أَلْفٍ مِنْ التَّمْرَةِ وَالْبَاقِي
لِلْمُسْتَأْجِرِ
الثَّامِنُ عَشَرَ: فِيْ مَنْعِ الدَّعْوَى
إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا بَاطِلًا ، فَالْحِيلَةُ
لِمَنْعِ الْيَمِينِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ،
وَفِي الثَّانِي اخْتِلَافٌ ،أَوْ يُعَيِّرَهُ خُفْيَةً فَيَعْرِضَهُ الْمُسْتَعِيرُ
لِلْبَيْعِ فَيُسَاوِمَهُ الْمُدَّعِي فَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ ،وَلَوْ ادَّعَى
عَدَمَ الْعِلْمِ بِهِ ، وَلَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ فَسَاوَمَهُ بَطَلَتْ ،وَلَوْ
قَالَ لَمْ أَعْلَمْ ،أَوْ يَبِيعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ
يَهَبَهُ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَسْتَحِقَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ
التَّاسِعَ عَشَرَ : فِي الْوَكَالَةِ ؛الْحِيلَةُ فِي
جَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْمُعَيَّنِ لِنَفْسِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ
بِخِلَافِ جِنْسِ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ أَوْ
يُصَرِّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ يُوَكِّلَ فِي
شِرَائِهِ الْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْوَكِيلِ عَنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا
،أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْوَكِيلُ قَدْرَ الثَّمَنِ ثُمَّ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي
الثَّمَنَ لَهُ أَرَادَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ الْمَتَاعُ لِلْمُوكَلِ
لَا يَضْمَنُ ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي بَعْثِهِ ،وَكَذَا لَوْ أَرَادَ
الْإِيدَاعَ يَسْتَأْذِنُهُ أَوْ يُرْسِلُهُ الْوَكِيلُ مَعَ أَجِيرٍ لَهُ ،
لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْوَاحِدَ مِنْ عِيَالِهِ ،أَوْ يَرْفَعَ الْوَكِيلُ
الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْذَنُهُ فِي إرْسَالِهَا
الْعِشْرُونَ : فِي الشُّفْعَةِ ؛الْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَ الدَّارَ
مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ هُوَ يُوهِبُهُ قَدْرَ الثَّمَنِ ،وَكَذَا الصَّدَقَةُ
،أَوْ يُقِرَّ لِمَنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا بِهَا ثُمَّ يُقِرَّ الْآخَرُ لَهُ
بِقَدْرِ ثَمَنِهَا ،أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَلِي دَارَ
الْجَارِ بِطَرِيقِهِ ثُمَّ يَبِيعَهُ الْبَاقِي
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ : فِي الصُّلْحِ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا
وَزَوْجَةً وَدَارًا ، فَادَّعَى رَجُلٌ الدَّارَ فَصَالَحَاهُ عَلَى مَالٍ
،فَإِنْ صَالَحَاهُ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا أَثْمَانًا
وَالدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْمَانًا ، وَإِلَّا فَالْمَالُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ
كَالدَّارِ فَالْحِيلَةُ فِي جَعْلِ الْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ ؛ أَنْ يُصَالِحَ
أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا عَلَى إقْرَارٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا الثُّمْنَ
وَلَهُ سُبْعَهُ أَوْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِأَنَّ لَهَا الثُّمُنَ وَالْبَاقِي
لِلِابْنِ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : فِي الْكَفَالَةِ
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الْحَوَالَةِ الْحِيلَةُ
فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا
،أَنْ يَكْتُبَ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى فُلَانٍ مَجْهُولٍ .
وَالْحِيلَةُ فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ أَنْ
يَضْمَنَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : فِي الرَّهْنِ الْحِيلَةُ فِي
جَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ النِّصْفَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ
يَرْهَنَهُ النِّصْفَ ثُمَّ يَفْسَخَ الْبَيْعَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ انْتِفَاعِ
الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ أَنْ يَسْتَعِيرَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فَلَا يَبْطُلُ بِالْعَارِيَّةِ
وَيَبْطُلُ بِالْإِجَارَةِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ مَادَامَ
مُسْتَعْمِلًا لَهُ فَإِذَا
فَرَغَ عَادَ الضَّمَانُ.
الْحِيلَةُ فِي إثْبَاتِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فِي
غَيْبَةِ الرَّهْنِ أَنْ يَدَّعِيَهُ إنْسَانٌ فَيَدْفَعَهُ بِأَنَّهُ رَهْنٌ
عِنْدَهُ وَيُثْبِتَ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالرَّهْنِيَّةِ وَدَفْعِ الْخُصُومَةِ
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ : فِي الْوَصَايَا الْوَصِيَّةُ لَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ
بِنَوْعٍ وَمَكَانٍ وَزَمَانٍ فَإِذَا خَصَّصَ زَيْدًا بِمِصْرَ وَعَمْرًا بِالشَّامِ
وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلٌّ ،فَالْحِيلَةُ أَنْ يُشْتَرَطَ لِكُلٍّ أَنْ
يُوَكِّلَ وَيَعْمَلَ بِرَأْيِهِ أَوْ يَشْتَرِطَ لَهُ الِانْفِرَادَ الْحِيلَةُ
فِي أَنْ يَمْلِكَ الْوَصِيُّ عَزْلَ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ ،أَنْ يَشْتَرِطَهُ
الْمُوصِي وَقْتَ الْإِيصَاءِ
الْحِيلَةُ فِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُ وَصِيَّ
الْمَيِّتِ ، أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيُخْرِجَهُ الْقَاضِي إنْ
لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
تَمَّ الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ ،وَيَتْلُوهُ الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْهُ وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ
الْفَنُّ السَّادِسُ:الْفُرُوقُ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ، وَبَعْدُ هَذَا
هُوَ الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ ،وَهُوَ فَنُّ
الْفُرُوقِ ، ذَكَرْت فِيهَا مِنْ كُلِّ بَابٍ شَيْئًا جَمَعْتهَا مِنْ فُرُوقِ
الْإِمَامِ الْكَرَابِيسِيِّ الْمُسَمَّى بِتَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ .
كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْبَعْرَةُ إنْ سَقَطَتْ فِي الْبِئْرِ لَا تُنَجِّسُ
الْمَاءَ وَنِصْفُهَا يُنَجِّسُهُ ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَعْرَةَ إذَا سَقَطَتْ
فِي الْبِئْرِ وَعَلَيْهَا جِلْدَةٌ تَمْنَعُ مِنْ الشُّيُوعِ ، وَلَا كَذَلِكَ
النِّصْفُ ، وَفِي الْمَحْلَبِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَضِّئَ
امْرَأَتَهُ الْمَرِيضَةَ بِخِلَافِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ
الْعَبْدَ مِلْكُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ لَا الْمَرْأَةِ لَا يُنْزَحُ
مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ بِالْفَارَةِ وَيُنْزَحُ مِنْ ذَنَبِهَا ؛ وَالْفَرْقُ
أَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ذَنَبِهَا فَيُنْزَحُ الْكُلَّ لَهُ وَلَوْ نَظَرَ
الْمُصَلِّي إلَى الْمُصْحَفِ وَقَرَأَ مِنْهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لَا إلَى فَرْجِ
امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ فِيهَا لَا
الثَّانِي قَالَ
الْإِمَامُ بَعْدَ شَهْرٍ كُنْت مَجُوسِيًّا فَلَا إعَادَةَ
عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ قَالَ صَلَّيْت بِلَا وُضُوءٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ
أَعَادُوا إنْ كَانَ مُتَيَقِّنًا ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْبَارَهُ الْأَوَّلَ
مُسْتَنْكَرٌ بَعِيدٌ وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ أُقِيمَتْ بَعْدَ شُرُوعِهِ مُتَنَفِّلًا
لَا يَقْطَعُهَا وَمُفْتَرِضًا يَقْطَعُهَا وَلَا يَأْثَمُ ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ
الثَّانِيَ لِإِصْلَاحِهَا لَا الْأَوَّلَ سُؤْرُ الْفَارَةِ نَجَسٌ لَا بَوْلُهَا
لِلضَّرُورَةِ وُجِدَ مَيِّتًا فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَهُ زُنَّارٌ وَفِي
حِجْرِهِ مُصْحَفٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَفِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا ؛ لِأَنَّهُ
فِي دَارِ الْحَرْبِ قَدْ لَا يَجِدُ أَمَانًا إلَّا بِهِ بِخِلَافِهِ فِي دَارِ
الْإِسْلَامِ
كِتَابُ الزَّكَاةِ
يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا عَنْ نُصُبٍ بَعْدَ مَلْكِ نِصَابٍ
وَقَبْلَ الْحَوْلِ ،وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الْعُشْرِ بَعْدَ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ،وَالْفَرْقُ
أَنَّهُ فِيهَا تَعْجِيلٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَفِيهِ قَبْلَهُ الْوَكِيلُ
يَدْفَعُهَا لَهُ ، دَفَعَهَا لِقَرَابَتِهِ وَنَفْسِهِ وَبِالْبَيْعِ لَا يَجُوزُ
؛وَالْفَرْقُ أَنَّ مَبْنَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ
عَلَى الْمُضَايَقَةِ .شَكَّ فِي أَدَائِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ
أَدَّاهَا وَفِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا ،وَالْفَرْقُ أَنَّ
جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُهَا فَهِيَ كَالصَّلَاةِ إذَا شَكَّ فِي أَدَائِهَا فِي
الْوَقْتِ اشْتَرَى زَعْفَرَانًا لِجَعْلِهِ عَلَى كَعْكِ التِّجَارَةِ لَا
زَكَاةَ فِيهِ ، وَلَوْ كَانَ سِمْسِمًا وَجَبَتْ ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلِ مُسْتَهْلَكٌ
دُونَ الثَّانِي .
وَالْمِلْحُ وَالْحَطَبُ لِلطَّبَّاخِ ، وَالْحُرْضُ
وَالصَّابُونُ لِلْقَصَّارِ ، وَالشَّبُّ وَالْقَرَظُ لِلدَّبَّاغِ
كَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ ، وَالزَّعْفَرَانُ لِلصَّبَّاغِ كَالسِّمْسِمِ ،
وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ
كِتَابُ الصَّوْمِ
نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ ، لَا يَلْزَمُهُ
إلَّا وَاحِدٌ ، وَلَوْ نَذَرَ حَجَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ لَزِمَتَاهُ ؛ وَالْفَرْقُ
إمْكَانُ حَجَّتَيْنِ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِالنَّائِبِ بِخِلَافِهِ ذَاقَ فِي رَمَضَانَ
مِنْ الْمِلْحِ قَلِيلًا كَفَّرَ
وَلَوْ كَثِيرًا لَا ،لِأَنَّ قَلِيلَهُ نَافِعٌ
وَكَثِيرَهُ مُضِرٌّ وَقَضَى وَكَفَّرَ بِابْتِلَاعِ سِمْسِمَةٍ مِنْ خَارِجٍ ،
لَا أَنْ مَضَغَهَا ،لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى بِالْمَضْغِ دُونَ الِابْتِلَاعِ
كِتَابُ الْحَجِّ
لَوْ رَمَى الْجَمْرَةَ بِالْبَعْرِ جَازَ ،
وَبِالْجَوَاهِرِ لَا ، لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ اسْتِخْفَافًا بِالشَّيْطَانِ
وَفِي الثَّانِي إعْزَازَهُ لَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ لَزِمَهُ
الْجَزَاءُ ، وَلَوْ دَلَّ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ لَا ،وَالْفَرْقُ أَنَّ
الْأَوَّلَ مَحْظُورٌ إحْرَامُهُ وَالثَّانِي مَحْظُورٌ بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ
غَلِطُوا فِي وَقْتِ الْوُقُوفِ لَا إعَادَةَ ، وَفِي الصَّوْمِ وَالْأُضْحِيَّةِ أَعَادُوا
؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَدَارُكَهُ فِي الْحَجِّ مُتَعَذِّرٌ وَفِي غَيْرِهِ
مُتَيَسِّرٌ أَعْتَقَ الْعَبْدَ بَعْدَ حَجِّهِ حَجَّ لِلْإِسْلَامِ ، وَلَوْ
اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ كَفَاهُ ،وَ الْفَرْقُ انْعِقَادُ السَّبَبِ فِي حَقِّ
الْفَقِيرِ دُونَ الْعَبْدِ ،وَالصَّبِيُّ كَالْعَبْدِ وَالْأَعْمَى وَالزَّمِنُ ،
وَالْمَرْأَةُ بِلَا مَحْرَمٍ كَالْفَقِيرِ
كِتَابُ النِّكَاحِ
النِّكَاحُ يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَالطَّلَاقِ
،وَالْمِلْكُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لَا ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ
حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ حَقُّهُ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ لِلْأَبِ صَدَاقُهَا
قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ لَا قَبْضُ مَا وَهَبَهُ الزَّوْجُ لَهَا
، وَلَوْ قَبَضَ لَهَا كَانَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ ،وَالْفَرْقُ أَنَّهَا
تَسْتَحِي مِنْ قَبْضِ صَدَاقِهَا فَكَانَ إذْنًا دَلَالَةً ، بِخِلَافِهَا فِي
الْمَوْهُوبِ لَوْ مَسَّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ حَرُمَ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا إنْ
لَمْ يُنْزِلْ وَإِنْ أَنْزَلَ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَاعٍ لِلْجِمَاعِ
فَأُقِيمَ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي مَسُّ الدُّبُرِ يُوجِبُ حُرْمَةَ
الْمُصَاهَرَةِ لَا جِمَاعَهُ ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَاعٍ إلَى الْوَلَدِ لَا
الثَّانِي تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ صَحَّ
النِّكَاحُ وَالشَّرْطُ ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ فَسَدَ ؛ لِأَنَّ
الثَّانِيَ يُفْسِدُهُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ
كِتَابُ الطَّلَاقِ
قَالَ لَسْتِ امْرَأَتِي وَقَعَ إنْ نَوَى ، وَلَوْ زَادَ
وَاَللَّهِ لَا ، وَإِنْ نَوَى ، لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الْإِنْشَاءَ وَفِي
الثَّانِي تَمَحَّضَ لِلْإِخْبَارِ يَحِلُّ وَطْءُ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا لَا
السَّفَرُ بِهَا .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَطْءَ رَجْعَةٌ بِخِلَافِ
الْمُسَافَرَةِ تَقْبِيلُ ابْنِ الزَّوْجِ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ بَائِنٍ لَا يُحَرِّمُهَا
وَلَهَا النَّفَقَةُ ،وَحَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ
النِّكَاحَ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي أَنْتِ طَالِقٌ
إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا فَدَخَلَتْ مَرَّةً وَقَعَ
الثَّلَاثُ .
لِأَنَّ الْعَدَدَ فِي الْأَوَّلِ لَا يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ
وَيَصْلُحُ لِلدُّخُولِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ
بِالطَّلَاقِ ،وَلَوْ وَكَّلَهَا بِطَلَاقِهَا لَا ،لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَهَا
يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالتَّدْبِيرُ وَالنِّكَاحُ
وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْمَعْنَى بِالتَّلْقِينِ ،بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ
وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقَالَةِ ،وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ مُتَعَلِّقَةٌ
بِالْأَلْفَاظِ بِلَا رِضَابِخِلَافِ الثَّانِيَةِ
كِتَابُ الْعَتَاقِ
لَوْ أَضَافَهُ إلَى فَرْجِهِ عَتَقَ ، لَا إلَى ذَكَرِهِ ؛
لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ بِخِلَافِ الثَّانِي
وَلَوْ قَالَ عِتْقُكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ لَا يَعْتِقُ ، بِخِلَافِ طَلَاقُكِ
عَلَيَّ وَاجِبٌ .
لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُوصَفُ بِهِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ
كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ فَاسِدًا ثُمَّ صَحِيحًا لَا
يَعْتِقُ ، وَفِي النِّكَاحِ تَطْلُقُ ،لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي الْأَوَّلِ
بِالْفَاسِدِ بِخِلَافِ الثَّانِي أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : لَمْ
أَعْنِ هَذَا .
يَعْتِقُ الْآخَرُ ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ ، بِخِلَافِهِ
فِي الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِأَنَّ الْبَيَانَ وَاجِبٌ
فِيهِمَا فَكَانَ مُتَعَيَّنًا إقَامَةً لَهُ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ( تَمَّ الْفَنُّ
السَّادِسُ مِنَ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَيَتْلُوْهُ الْفَنُّ السَّابِعُ،
وَهُوَ فَنُّ الْحِكَايَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ)
(صفحة فارغة)
الْفَنُّ السَّابِعُ : الْحِكَايَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ
اصْطَفَى وَبَعْدُ
.
فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ السَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ
وَالنَّظَائِرِ وَبِهِ تَمَامُهُ ، وَهُوَ فَنُّ الْحِكَايَاتِ وَالْمُرَاسَلَاتِ
، وَهُوَ فَنٌّ وَاسِعٌ قَدْ كُنْت طَالَعْت فِيهِ أَوَاخِرَ كُتُبِ الْفَتَاوَى ،
وَطَالَعْت مَنَاقِبَ الْكَرْدَرِيِّ مِرَارًا وَطَبَقَاتِ عَبْدِ الْقَادِرِ ،
لَكِنِّي اخْتَصَرْت فِي هَذَا الْكُرَّاسِ مِنْهَا الزُّبْدَةَ .
مُقْتَصِرًا غَالِبًا عَلَى مَا اشْتَمَلَ عَلَى أَحْكَامٍ
،
لَمَّا جَلَسَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
لِلتَّدْرِيسِ مِنْ غَيْرِ إعْلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَرْسَلَ
إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ عَنْ خَمْسِ مَسَائِلَ:
الْأُولَى : قَصَّارٌ جَحَدَ الثَّوْبَ وَجَاءَ بِهِ مَقْصُورًا
، هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ أَمْ لَا ؟ فَأَجَابَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ
اللَّهُ : يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ .
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : أَخْطَأْت فَقَالَ : لَا
يَسْتَحِقُّ فَقَالَ : أَخْطَأْت ، ثُمَّ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إنْ كَانَتْ
الْقِصَارَةُ قَبْلَ الْجُحُودِ ،اسْتَحَقَّ ،وَإِلَّا لَا .
الثَّانِيَةُ: هَلْ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ بِالْفَرْضِ
أَمْ بِالسُّنَّةِ ؟ فَقَالَ : بِالْفَرْضِ
فَقَالَ أَخْطَأْتَ .
فَقَالَ بِالسُّنَّةِ .
فَقَالَ أَخْطَأْتَ فَتَحَيَّرَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ
اللَّهُ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : بِهِمَا لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فَرْضٌ ،
وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ
الثَّالِثَةُ : طَيْرٌ سَقَطَ فِي قِدْرٍ عَلَى النَّارِ
، فِيهِ لَحْمٌ وَمَرَقٌ ؛ هَلْ يُؤْكَلُ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ يُؤْكَلُ فَخَطَّأَهُ .
فَقَالَ : لَا يُؤْكَلُ فَخَطَّأَهُ ثُمَّ قَالَ : إنْ
كَانَ اللَّحْمُ مَطْبُوخًا قَبْلَ سُقُوطِ الطَّيْرِ يُغْسَلُ ثَلَاثًا
وَيُؤْكَلُ وَتُرْمَى الْمَرَقَةُ وَإِلَّا يُرْمَى الْكُلُّ
الرَّابِعَةُ : مُسْلِمٌ لَهُ زَوْجَةٌ ذِمِّيَّةٌ مَاتَتْ
وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ ؛ تُدْفَنُ فِي أَيْ الْمَقَابِرِ ؟ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ
رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ .
فَخَطَّأَهُ ، فَقَالَ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
فَخَطَّأَهُ ، فَتَحَيَّرَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ : تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ
الْيَهُودِ ، وَلَكِنْ يُحَوَّلُ وَجْهُهَا عَنْ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَكُونَ
وَجْهُ الْوَلَدِ إلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي الْبَطْنِ يَكُونُ
وَجْهُهُ إلَى ظَهْرِ أُمِّهِ
الْخَامِسَةُ : أُمُّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ ، تَزَوَّجَتْ
بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا فَمَاتَ الْمَوْلَى ، هَلْ تَجِبُ الْعِدَّةُ
مِنْ الْمَوْلَى ؟ فَقَالَ : تَجِبُ ، فَخَطَّأَهُ ثُمَّ
قَالَ : لَا تَجِبُ فَخَطَّأَهُ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ :إنْ كَانَ الزَّوْجُ
دَخَلَ بِهَا لَا تَجِبُ وَإِلَّا وَجَبَتْ .
فَعَلِمَ أَبُو يُوسُفَ تَقْصِيرَهُ فَعَادَ إلَى أَبِي
حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ : تَزَبَّبْت قَبْلَ أَنْ تُحَصْرِمَ كَذَا
فِي إجَارَاتِ الْفَيْضِ .
وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ : إنَّ سَبَبَ انْفِرَادِهِ
أَنَّهُ مَرَضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَعَادَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ : لَقَدْ كُنْتُ
آمُلُك بَعْدِي لِلْمُسْلِمِينَ وَلَئِنْ أُصِبْت لَيَمُوتُ عِلْمٌ كَثِيرٌ :
فَلَمَّا بَرَأَ أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِسَ الْأَمَالِي وَقَالَ لَهُ
حِينَ جَاءَ : مَا جَاءَ بِك إلَّا مَسْأَلَةُ الْقَصَّارِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ
رَجُلٍ يَتَكَلَّمُ فِي دِينِ اللَّهِ وَيَعْقِدُ مَجْلِسًا لَا يُحْسِنُ
مَسْأَلَةً فِي الْإِجَارَةِ ،ثُمَّ قَالَ : مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ
التَّعَلُّمِ فَلِيَبْكِ عَلَى نَفْسِهِ ( انْتَهَى )
وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَاوِي الْحَصِيرِيُّ مَسْأَلَةً
جَلِيلَةً فِي أَنَّ الْمَبِيعَ يُمْلَكُ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ ،
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ رَحِمَهُ اللَّهُ :
جَرَى الْكَلَامُ بَيْنَ سُفْيَانَ وَبِشْرٍ فِي الْعُقُودِ ، مَتَى يَمْلِكُ
الْمَالِكُ بِهَا ، مَعَهَا ، أَوْ بَعْدَهَا ، قَالَ : آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ
قَالَ سُفْيَانُ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ زُجَاجَةً سَقَطَتْ فَانْكَسَرَتْ أَكَانَ
الْكَسْرُ مَعَ مُلَاقَاتِهَا الْأَرْضَ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا ؟ أَوْ
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ نَارًا فِي قُطْنَةٍ فَاحْتَرَقَتْ ؛ أَمَعَ
الْخَلْقِ احْتَرَقَتْ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ؟
وَقَدْ قَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ
أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا : إنَّ الْمِلْكَ فِي الْبَيْعِ يَقَعُ مَعَهُ لَا بَعْدَهُ
، فَيَقَعُ الْبَيْعُ وَالْمِلْكُ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ وَلَا تَأَخُّرٍ
، لِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ مُبَادَلَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يَقَعَ
الْمِلْكُ فِي الطَّرَفَيْنِ مَعًا .
وَكَذَا الْكَلَامُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ مِنْ النِّكَاحِ
وَالْخُلْعِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ .
وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ قَالَ الْإِمَامُ
الْأَعْظَمُ رَحِمَهُ اللَّهُ :
خَدَعَتْنِي امْرَأَةٌ وَفَقَّهَتْنِي امْرَأَةٌ
وَزَهَّدَتْنِي امْرَأَةٌ .
أَمَّا الْأُولَى قَالَ :كُنْت مُجْتَازًا فَأَشَارَتْ
إلَيَّ امْرَأَةٌ ، إلَى شَيْءٍ مَطْرُوحٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَوَهَّمْت أَنَّهَا
خَرْسَاءُ ، وَأَنَّ الشَّيْءَ لَهَا فَلَمَّا رَفَعْتُهُ إلَيْهَا قَالَتْ :
احْفَظْهُ حَتَّى تُسَلِّمَهُ لِصَاحِبِهِ .
الثَّانِيَةُ :سَأَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي
الْحَيْضِ ، فَلَمْ أَعْرِفْهَا ، فَقَالَتْ قَوْلًا : تَعَلَّمْتُ الْفِقْهَ مِنْ أَجْلِهِ
الثَّالِثَةُ : مَرَرْتُ بِبَعْضِ الطُّرُقَاتِ ، فَقَالَتْ
امْرَأَةٌ : هَذَا الَّذِي يُصَلِّي الْفَجْرَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ فَتَعَمَّدْتُ
ذَلِكَ حَتَّى صَارَ دَأْبِي
وَسُئِلَ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّنْ
قَالَ : لَا أَرْجُو الْجَنَّةَ ، وَلَا أَخَافُ النَّارَ ، وَلَا أَخَافُ اللَّهَ
تَعَالَى ، وَآكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَأُصَلِّي بِلَا قِرَاءَةٍ وَبِلَا رُكُوعٍ وَسُجُودٍ
وَأَشْهَدُ بِمَا لَمْ أَرَهُ ، وَأُبْغِضُ الْحَقَّ وَأُحِبُّ الْفِتْنَةَ .
فَقَالَ أَصْحَابُهُ : أَمْرُ هَذَا الرَّجُلِ مُشْكِلٌ فَقَالَ
الْإِمَامُ : هَذَا الرَّجُلُ يَرْجُو اللَّهَ لَا الْجَنَّةَ ، وَيَخَافُ اللَّهَ
لَا النَّارَ ، وَلَا يَخَافُ الظُّلْمَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَذَابِهِ ،
وَيَأْكُلُ السَّمَكَ وَالْجَرَادَ وَيُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ ، وَيَشْهَدُ
بِالتَّوْحِيدِ ، وَيُبْغِضُ الْمَوْتَ وَهُوَ حَقٌّ وَيُحِبُّ الْمَالَ
وَالْوَلَدَ وَهُمَا فِتْنَةٌ فَقَامَ السَّائِلُ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَقَالَ :
أَشْهَدُ أَنَّك لِلْعِلْمِ وِعَاءٌ ( انْتَهَى ) .
وَفِي آخِرِ فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ سُئِلَ الشَّيْخُ
الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَمَّنْ يَقُولُ : أَنَا لَا
أَخَافُ النَّارَ وَلَا أَرْجُو الْجَنَّةَ ، وَإِنَّمَا أَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى
وَأَرْجُوهُ فَقَالَ قَوْلُهُ : إنِّي لَا أَخَافُ النَّارَ وَلَا أَرْجُو
الْجَنَّةَ غَلَطٌ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَوَّفَ عِبَادَهُ بِالنَّارِ
بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }
وَمَنْ قِيلَ لَهُ : خَفْ مِمَّا خَوَّفَك اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ : لَا أَخَافُ
رَدًّا لِذَلِكَ كَفَرَ ( انْتَهَى )
وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ قَدِمَ قَتَادَةُ الْكُوفَةَ
؛ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ : سَلُونِي عَنْ الْفِقْهِ فَقَالَ
الْإِمَامُ : مَا تَقُولُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ ؟
فَقَالَ : قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُ ؛ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ
وَتَتَزَوَّجُ بِمَا شَاءَتْ قَالَ : فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَقَالَ
تَزَوَّجْتِ وَأَنَا حَيٌّ ، وَقَالَ الثَّانِي : تَزَوَّجْتِنِي وَلَك زَوْجٌ
أَيُّهُمَا يُلَاعِنُ ؟ فَغَضِبَ قَتَادَةُ وَقَالَ : لَا أُجِيبُكُمْ بِشَيْءٍ.
قَالَ الْإِمَامُ : خَرَجْنَا مَعَ حَمَّادٍ نُشَيِّعُ
الْأَعْمَشَ وَأَغْوَرَ الْمَاءُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ ؛ فَأَفْتَى حَمَّادٌ
بِالتَّيَمُّمِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ ، فَقُلْت : يُؤَخَّرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ
فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ وَإِلَّا يَتَيَمَّمُ ، فَفَعَلْت فَوُجِدَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ
وَهَذِهِ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ خَالَفَ فِيهَا أُسْتَاذَه وَكَانَ لِلْإِمَامِ
جَارَةٌ لَهَا غُلَامٌ أَصَابَ
مِنْهَا دُونَ الْفَرْجِ فَحَبِلَتْ ، فَقَالَ أَهْلُهَا
لَهُ : كَيْفَ تَلِدُ وَهِيَ بِكْرٌ ؟ فَقَالَ : هَلْ لَهَا أَحَدٌ تَثِقُ بِهِ ؟
قَالُوا عَمَّتُهَا ، فَقَالَ : تَهَبُ الْغُلَامَ مِنْهَا ثُمَّ
تُزَوِّجُهَا مِنْهُ ، فَإِذَا أَزَالَ عُذْرَتَهَا رَدَّتْ الْغُلَامَ إلَيْهَا
فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ.
وَخَرَجَ الْإِمَامُ إلَى بُسْتَانٍ فَلَمَّا رَجَعَ مَعَ
أَصْحَابِهِ إذْ هُوَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى رَاكِبًا عَلَى بَغْلَتِهِ ،
فَتَسَايَرَا فَمَرَّا عَلَى نِسْوَةٍ يُغَنِّينَ فَسَكَتْنَ ، فَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْسَنْتُنَّ ، فَنَظَرَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي قِمْطَرَةٍ فَوَجَدَ قَضِيَّةً
فِيهَا شَهَادَاتُهُ ، فَدَعَاهُ لِيَشْهَدَ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَمَّا شَهِدَ
أَسْقَطَ شَهَادَتَهُ وَقَالَ : قُلْت : لِلْمُغَنِّيَاتِ أَحْسَنْتُنَّ ، فَقَالَ
: مَتَى قُلْت ذَلِكَ ؛ حِينَ سَكَتْنَ أَمْ حِينَ كُنَّ يُغَنِّينَ ؟ قَالَ حِينَ
سَكَتْنَ قَالَ : أَرَدْت بِذَلِكَ أَحْسَنْتُنَّ بِالسُّكُوتِ ، فَأَمْضَى
شَهَادَتَهُ .
وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي
وَلِيمَةٍ فِي الْكُوفَةِ وَفِيهَا الْعُلَمَاءُ وَالْأَشْرَافُ ، وَقَدْ زَوَّجَ
صَاحِبُهَا ابْنَيْهِ مِنْ أُخْتَيْنِ ، فَغَلِطَتْ النِّسَاءُ فَزَفَّتْ كُلَّ
بِنْتٍ إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا وَدَخَلَ بِهَا .
فَأَفْتَى سُفْيَانُ بِقَضَاءِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَهْرُ وَتَرْجِعُ كُلٌّ إلَى زَوْجِهَا .
فَسُئِلَ الْإِمَامُ فَقَالَ : عَلَيَّ بِالْغُلَامَيْنِ
فَأَتَى بِهِمَا فَقَالَ : أَيُحِبُّ كُلٌّ مِنْكُمَا ؟ أَنْ يَكُونَ
الْمُصَابُ عِنْدَهُ ؟ قَالَا نَعَمْ .
قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا : طَلِّقْ الَّتِي عِنْدَ أَخِيك فَفَعَلَ
، ثُمَّ أَمَرَ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَقَامَ سُفْيَانُ فَقَبَّلَهُ بَيْنَ
عَيْنَيْهِ.
وَحَكَى الْخَطِيبُ الْخُوَارِزْمِيُّ أَنَّ كَلْبَ
الرُّومِ أَرْسَلَ إلَى الْخَلِيفَةِ مَالًا جَزِيلًا عَلَى يَدِ رَسُولِهِ
وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْعُلَمَاءَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ ؛ فَإِنْ هُمْ
أَجَابُوك اُبْذُلْ لَهُمْ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يُجِيبُوك فَاطْلُبْ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ الْخَرَاجَ فَسَأَلَ الْعُلَمَاءَ فَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمَا
فِيهِ مُقْنِعٌ ، وَكَانَ الْإِمَامُ إذْ ذَاكَ صَبِيًّا حَاضِرًا مَعَ أَبِيهِ ؛
فَاسْتَأْذَنَهُ فِي جَوَابِ الرُّومِيِّ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ ، فَقَامَ
وَاسْتَأْذَنَ مِنْ الْخَلِيفَةِ فَأَذِنَ لَهُ ؛ وَكَانَ الرُّومِيُّ عَلَى
الْمِنْبَرِ
فَقَالَ لَهُ : أَسَائِلٌ أَنْتَ ؟
قَالَ : نَعَمْ قَالَ : انْزِلْ ؛ مَكَانَك
الْأَرْضُ وَمَكَانِي الْمِنْبَرُ فَنَزَلَ الرُّومِيُّ وَصَعِدَ أَبُو حَنِيفَةَ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
فَقَالَ : سَلْ
فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَ اللَّهِ تَعَالَى ؟
قَالَ : هَلْ تَعْرِفُ الْعَدَدَ ؟
قَالَ : نَعَمْ
قَالَ : مَا قَبْلَ الْوَاحِدِ؟.
قَالَ : هُوَ الْأَوَّلُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ
قَالَ : إذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْوَاحِدِ
الْمَجَازِيِّ اللَّفْظِيِّ شَيْءٌ ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَبْلَ الْوَاحِدِ
الْحَقِيقِيِّ ؟
فَقَالَ الرُّومِيُّ : فِي أَيِّ جِهَةٍ وَجْهُ اللَّهِ
تَعَالَى ؟
قَالَ : إذَا أَوْقَدْت السِّرَاجَ ؛ فَإِلَى أَيِّ وَجْهٍ
نُورُهُ ؟ فَإِنَّ ذَاكَ نُورٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ
فَقَالَ : إذَا كَانَ النُّورُ الْمَجَازِيُّ
الْمُسْتَفَادُ الزَّائِلُ لَا وَجْهَ لَهُ إلَى جِهَةٍ ، فَنُورُ خَالِقِ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْبَاقِي الدَّائِمِ الْمُفِيضِ : كَيْفَ يَكُونُ لَهُ
جِهَةٌ ؟
قَالَ الرُّومِيُّ : بِمَاذَا يَشْتَغِلُ وَجْهُ اللَّهِ
تَعَالَى ؟
قَالَ : إذَا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ مُشَبِّهٌ
مِثْلُك أَنْزَلَهُ ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مُوَحِّدٌ مِثْلِي رَفَعَهُ {
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }.فَتَرَكَ الْمَالَ وَعَادَ إلَى الرُّومِ.
احْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى الْمَاءِ فِي طَرِيقِ الْحَاجِّ ، فَسَاوَمَ
أَعْرَابِيًّا قِرْبَةَ مَاءٍ ، فَلَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ
فَاشْتَرَاهُ بِهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ : كَيْفَ أَنْتَ بِالسَّوِيقِ ؟ فَقَالَ
أُرِيدُهُ ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَكَلَ مَا أَرَادَ وَعَطِشَ فَطَلَبَ الْمَاءَ
فَلَمْ يُعْطِهِ حَتَّى اشْتَرَى مِنْهُ شَرْبَةً بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ .
وَصِيَّةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ
اللَّهُ
بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ الرُّشْدُ وَحُسْنُ
السِّيرَةِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ لَهُ : يَا يَعْقُوبُ وَقِّرْ
السُّلْطَانَ وَعَظِّمْ مَنْزِلَتَهُ ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالدُّخُولَ
عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا لَمْ يَدْعُك لِحَاجَةٍ عَلَيْهِ ، فَإِنَّك إذَا
أَكْثَرْت إلَيْهِ الِاخْتِلَافَ تَهَاوَنَ بِك وَصَغُرَتْ مَنْزِلَتُك عِنْدَهُ ،
فَكُنْ مِنْهُ كَمَا أَنْتَ مِنْ النَّارِ تَنْتَفِعُ وَتَتَبَاعَدُ وَلَا تَدْنُ
مِنْهَا ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ لَا يَرَى لِأَحَدٍ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ ،
وَإِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْكَلَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَلَيْك
مَا قُلْته لِيُرِيَ مِنْ نَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْك
وَأَنَّهُ يُخَطِّئُكَ فَتَصْغُرَ فِي أَعْيُنِ قَوْمِهِ ، وَلْتَكُنْ إذَا
دَخَلْت عَلَيْهِ تَعْرِفُ قَدْرَك وَقَدْرَ غَيْرِك ، وَلَا تَدْخُلْ عَلَيْهِ
وَعِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَإِنَّك إنْ كُنْت
أَدْوَنَ حَالًا مِنْهُ لَعَلَّك تَتَرَفَّعُ عَلَيْهِ فَيَضُرُّك ، وَإِنْ كُنْت
أَعْلَمَ مِنْهُ لَعَلَّك تَحُطُّ عَنْهُ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ مِنْ عَيْنِ
السُّلْطَانِ .
وَإِذَا عَرَضَ عَلَيْك شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ فَلَا
تَقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْضَاك وَيَرْضَى مَذْهَبَك
فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَايَا ،كَيْ لَا تَحْتَاجَ إلَى ارْتِكَابِ مَذْهَبِ
غَيْرِك فِي الْحُكُومَاتِ وَلَا تُوَاصِلْ أَوْلِيَاءَ السُّلْطَانِ
وَحَاشِيَتَهُ بَلْ تَقَرَّبْ إلَيْهِ فَقَطْ وَتَبَاعَدْ عَنْ حَاشِيَتِهِ
لِيَكُونَ مَجْدُك وَجَاهُك بَاقِيًا وَلَا تَتَكَلَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ
إلَّا بِمَا تُسْأَلُ عَنْهُ ، وَإِيَّاكَ وَالْكَلَامَ فِي الْعَامَّةِ وَالتِّجَارَةِ
إلَّا بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ ؛ كَيْ لَا يُوقَفَ عَلَى حُبِّك رَغْبَتُك
فِي الْمَالِ ؛ فَإِنَّهُمْ يُسِيئُونَ الظَّنَّ بِك وَيَعْتَقِدُونَ مَيْلَك إلَى
أَخْذِ الرِّشْوَةِ مِنْهُمْ .
وَلَا تَضْحَكْ وَلَا تَتَبَسَّمْ بَيْنَ يَدَيْ
الْعَامَّةِ ،وَلَا تُكْثِرْ الْخُرُوجَ إلَى الْأَسْوَاقِ وَلَا تُكَلِّمْ
الْمُرَاهِقِينَ ؛ فَإِنَّهُمْ
فِتْنَةٌ ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تُكَلِّمَ الْأَطْفَالَ وَتَمْسَحَ
رُءُوسَهُمْ وَلَا تَمْشِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مَعَ الْمَشَائِخِ
وَالْعَامَّةِ ؛ فَإِنَّك إنْ قَدَّمْتَهُمْ ،ازْدَرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك وَإِنْ
أَخَّرْتَهُمْ ازْدَرَى بِك مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَسَنُّ مِنْك ، فَإِنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ
يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا } وَلَا تَقْعُدْ عَلَى قَوَارِعِ
الطَّرِيقِ " فَإِذَا دَعَاك ذَلِكَ فَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَا
تَأْكُلْ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ .
وَلَا تَشْرَبْ مِنْ السِّقَايَاتِ وَلَا مِنْ أَيْدِي السَّقَّائِينَ
وَلَا تَقْعُدْ عَلَى الْحَوَانِيتِ وَلَا تَلْبَسْ الدِّيبَاجَ وَالْحُلِيَّ
وَأَنْوَاعَ الْإِبْرَيْسَمِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الرُّعُونَةِ .
وَلَا تُكْثِرْ الْكَلَامَ فِي بَيْتِك مَعَ امْرَأَتِك فِي
الْفِرَاشِ إلَّا وَقْتَ حَاجَتِك إلَيْهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ ، وَلَا تُكْثِرْ
لَمْسَهَا وَمَسَّهَا وَلَا تَقْرَبْهَا إلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا
تَتَكَلَّمْ بِأَمْرِ نِسَاءِ الْغَيْرِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَلَا بِأَمْرِ
الْجَوَارِي ، فَإِنَّهَا تَنْبَسِطُ إلَيْك فِي كَلَامِك وَلَعَلَّك إذَا
تَكَلَّمْت عَنْ غَيْرِهَا تَكَلَّمَتْ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَلَا
تَتَزَوَّجْ امْرَأَةً كَانَ لَهَا بَعْلٌ أَوْ أَبٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ بِنْتٌ إنْ
قَدَرْت إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِك.
فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ يَدَّعِي أَبُوهَا أَنَّ جَمْعَ مَالِهَا
لَهُ وَأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهَا.وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَبِيهَا مَا
قَدَرْت
وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْضَى أَنْ تُزَفَّ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا
؛ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَك وَيَطْمَعُونَ فِيهَا غَايَةَ الطَّمَعِ ،
وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَتَزَوَّجَ بِذَاتِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ ، فَإِنَّهَا
تَدَّخِرُ جَمِيعَ الْمَالِ لَهُمْ وَتَسْرِقُ مِنْ مَالِكَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ
، فَإِنَّ الْوَلَدَ أَعَزُّ عَلَيْهَا مِنْك وَلَا تَجْمَعْ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ
فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ
.
وَلَا تَتَزَوَّجْ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّك
تَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهَا وَاطْلُبْ الْعِلْمَ أَوَّلًا ثُمَّ
اجْمَعْ الْمَالَ مِنْ الْحَلَالِ.ثُمَّ تَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّك إنْ طَلَبْت
الْمَالَ فِي وَقْتِ
التَّعَلُّمِ عَجَزْت عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَدَعَاك الْمَالُ
إلَى شِرَاءِ الْجَوَارِي وَالْغِلْمَانِ وَتَشْتَغِلُ بِالدُّنْيَا وَالنِّسَاءِ
قَبْلَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ ؛ فَيَضِيعُ وَقْتُك وَيَجْتَمِعُ عَلَيْك الْوَلَدُ
وَيَكْثُرُ عِيَالُك فَتَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ وَتَتْرُكُ
الْعِلْمَ.
وَاشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِك وَوَقْتِ
فَرَاغِ قَلْبِك وَخَاطِرِك ثُمَّ اشْتَغِلْ بِالْمَالِ لِيَجْتَمِعَ عِنْدَك ؛
فَإِنَّ كَثْرَةَ الْوَلَدِ وَالْعِيَالِ يُشَوِّشُ الْبَالَ ؛ فَإِذَا جَمَعْت
الْمَالَ فَتَزَوَّجْ
.
وَعَلَيْك بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ
وَالنَّصِيحَةِ لِجَمِيعِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ ، وَلَا تَسْتَخِفَّ
بِالنَّاسِ ، وَوَقِّرْ نَفْسَك وَوَقِّرْهُمْ وَلَا تُكْثِرْ مُعَاشَرَتَهُمْ
إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعَاشِرُوك ، وَقَابِلْ مُعَاشَرَتَهُمْ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ
، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مِنْ أَهْلِهِ أَحَبَّك.
وَإِيَّاكَ وَأَنْ تُكَلِّمَ الْعَامَّةَ بِأَمْرِ الدِّينِ
فِي الْكَلَامِ ؛ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ يُقَلِّدُونَك فَيَشْتَغِلُونَ بِذَلِكَ
وَمَنْ جَاءَك يَسْتَفْتِيك فِي الْمَسَائِلِ ؛ فَلَا تُجِبْ إلَّا عَنْ سُؤَالِهِ
وَلَا تَضُمَّ إلَيْهِ غَيْرَهُ ؛ فَإِنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْك جَوَابَ سُؤَالِهِ
وَإِنْ بَقِيت عَشْرَ سِنِينَ بِلَا كَسْبٍ وَلَا قُوتٍ فَلَا تُعْرِضْ عَنْ
الْعِلْمِ ؛ فَإِنَّك إذَا أَعْرَضْت عَنْهُ كَانَتْ مَعِيشَتُك ضَنْكًا
وَأَقْبِلْ عَلَى مُتَفَقِّهِيك كَأَنَّك اتَّخَذْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنًا
وَوَلَدًا لِتَزِيدَهُمْ رَغْبَةً فِي الْعِلْمِ
وَمَنْ نَاقَشَك مِنْ الْعَامَّةِ وَالسُّوقَةِ فَلَا
تُنَاقِشُهُ ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك، وَلَا تَحْتَشِمْ مِنْ أَحَدٍ
عِنْدَ ذِكْرِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا وَلَا تَرْضَ لِنَفْسِك مِنْ
الْعِبَادَاتِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا
فَالْعَامَّةُ إذَا لَمْ يَرَوْا مِنْك الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا
يَفْعَلُونَ اعْتَقَدُوا فِيك قِلَّةَ الرَّغْبَةِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ عِلْمَك
لَا يَنْفَعُك إلَّا مَا نَفَعَهُمْ الْجَهْلُ الَّذِي هُمْ فِيهِ .
وَإِذَا دَخَلْت بَلْدَةً فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ ؛ فَلَا
تَتَّخِذُهَا لِنَفْسِك ، بَلْ كُنْ كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ لِيَعْلَمُوا
أَنَّك لَا تَقْصِدُ جَاهَهُمْ ، وَإِلَّا يَخْرُجُونَ عَلَيْك بِأَجْمَعِهِمْ
وَيَطْعَنُونَ فِي مَذْهَبِك ، وَالْعَامَّةُ يَخْرُجُونَ عَلَيْك وَيَنْظُرُونَ
إلَيْك بِأَعْيُنِهِمْ فَتَصِيرُ مَطْعُونًا عِنْدَهُمْ بِلَا فَائِدَةٍ
وَإِنْ اسْتَفْتَوْك الْمَسَائِلَ فَلَا تُنَاقِشْهُمْ فِي
الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُطَارَحَاتِ ، وَلَا تَذْكُرْ لَهُمْ شَيْئًا إلَّا عَنْ
دَلِيلٍ وَاضِحٍ ، وَلَا تَطْعَنْ فِي أَسَاتِذَتِهمْ ، فَإِنَّهُمْ يَطْعَنُونَ فِيك
وَكُنْ مِنْ النَّاسِ عَلَى حَذَرٍ ، وَكُنْ لِلَّهِ
تَعَالَى فِي سِرِّك كَمَا أَنْتَ لَهُ فِي عَلَانِيَتِك ، وَلَا تُصْلِحُ أَمْرَ الْعِلْمِ
إلَّا بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ سِرَّهُ كَعَلَانِيَتِهِ
وَإِذَا أَوْلَاك السُّلْطَانُ عَمَلًا لَا يَصْلُحُ لَك
فَلَا تَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا
يُوَلِّيك ذَلِكَ إلَّا لِعِلْمِك
وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ
عَلَى خَوْفٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوَرِّثُ الْخَلَلَ فِي الْإِحَاطَةِ وَالْكَلَّ فِي
اللِّسَانِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُكْثِرَ الضَّحِكَ ؛ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ ،
وَلَا تَمْشِ إلَّا عَلَى طُمَأْنِينَةٍ وَلَا تَكُنْ عَجُولًا فِي الْأُمُورِ ،
وَمَنْ دَعَاك مِنْ خَلْفِك فَلَا تُجِبْهُ ، فَإِنَّ الْبَهَائِمَ تُنَادَى مِنْ
خَلْفِهَا
وَإِذَا تَكَلَّمْت فَلَا تُكْثِرْ صِيَاحَك وَلَا تَرْفَعْ
صَوْتَك وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك السُّكُونَ وَقِلَّةَ الْحَرَكَةِ عَادَةً كَيْ
يَتَحَقَّقَ عِنْدَ النَّاسِ ثَبَاتُك .
وَأَكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ
لِيَتَعَلَّمُوا ذَلِكَ مِنْك ، وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك وِرْدًا خَلْفَ الصَّلَاةِ
، تَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَتَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَتَشْكُرُهُ عَلَى مَا
أَوْدَعَك مِنْ الصَّبْرِ وَأَوْلَاك مِنْ النِّعَمِ
وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك أَيَّامًا مَعْدُودَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ
تَصُومُ فِيهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُك بِك وَرَاقِبْ نَفْسَك وَحَافِظْ عَلَى
الْغَيْرِ تَنْتَفِعُ مِنْ دُنْيَاك وَآخِرَتِك بِعِلْمِك وَلَا تَشْتَرِ
بِنَفْسِك وَلَا تَبِعْ ،بَلْ اتَّخِذْ لَك غُلَامًا مُصْلِحًا يَقُومُ
بِأَشْغَالِكَ وَتَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي أُمُورِك.
وَلَا تَطْمَئِنَّ إلَى دُنْيَاك وَإِلَى مَا أَنْتَ فِيهِ
، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَائِلُك عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا تَشْتَرِ
الْغِلْمَانَ الْمُرْدَانَ ، وَلَا تُظْهِرْ مِنْ نَفْسِك التَّقَرُّبَ إلَى السُّلْطَانِ
وَإِنْ قَرَّبَك فَإِنَّهُ تُرْفَعُ إلَيْك الْحَوَائِجُ فَإِنْ قُمْتَ أَهَانَك
وَإِنْ لَمْ تَقُمْ أَعَابَك ،
وَلَا تَتَّبِعْ النَّاسَ فِي خَطَايَاهُمْ بَلْ اتَّبِعْ
فِي صَوَابِهِمْ ، وَإِذَا عَرَفْت إنْسَانًا بِالشَّرِّ فَلَا تَذْكُرْهُ بِهِ
بَلْ اُطْلُبْ مِنْهُ خَيْرًا فَاذْكُرْهُ بِهِ ، إلَّا فِي بَابِ الدِّينِ ،
فَإِنَّك إنْ عَرَفْت فِي دِينِهِ ذَلِكَ فَاذْكُرْهُ لِلنَّاسِ كَيْ لَا
يَتَّبِعُوهُ وَ يَحْذَرُوهُ ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { اُذْكُرُوا
الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ حَتَّى يَحْذَرَهُ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ ذَا جَاهٍ وَمَنْزِلَةٍ }
وَاَلَّذِي تَرَى مِنْهُ الْخَلَلَ فِي الدِّينِ فَاذْكُرْ
ذَلِكَ وَلَا تُبَالِ مِنْ جَاهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُعِينُك وَنَاصِرُك
وَنَاصِرُ الدِّينِ ، فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ مَرَّةً هَابُوكَ وَلَمْ يَتَجَاسَرْ
أَحَدٌ عَلَى إظْهَارِ الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ
وَإِذَا رَأَيْت مِنْ سُلْطَانِك مَا يُوَافِقُ الْعِلْمَ ؛
فَاذْكُرْ ذَلِكَ مَعَ طَاعَتِك إيَّاهُ فَإِنَّ يَدَهُ أَقْوَى مِنْ يَدِك ؛
تَقُولُ لَهُ : أَنَا مُطِيعٌ لَك فِي الَّذِي أَنْتَ فِيهِ سُلْطَانٌ وَمُسَلَّطٌ
عَلَيَّ ، غَيْرَ أَنِّي أَذْكُرُ مِنْ سِيرَتِك مَا لَا يُوَافِقُ الْعِلْمَ ،
فَإِذَا فَعَلْت مَعَ السُّلْطَانِ مَرَّةً كَفَاك لِأَنَّكَ إذَا وَاظَبْت
عَلَيْهِ وَدُمْت لَعَلَّهُمْ يَقْهَرُونَك فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ قَمْعٌ لِلدِّينِ
، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِيَعْرِفَ مِنْك الْجَهْدَ فِي
الدِّينِ وَالْحِرْصَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً
أُخْرَى ، فَادْخُلْ عَلَيْهِ وَحْدَك فِي دَارِهِ وَانْصَحْهُ فِي الدِّينِ وَنَاظِرْهُ
إنْ كَانَ مُبْتَدِعًا ،وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا فَاذْكُرْ لَهُ مَا يَحْضُرُك
مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قَبِلَ مِنْك وَإِلَّا فَاسْأَلْ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ
يَحْفَظَك مِنْهُ
وَاذْكُرْ الْمَوْتَ وَاسْتَغْفِرْ لِلْأُسْتَاذِ وَمَنْ
أَخَذْت عَنْهُمْ الْعِلْمَ وَدَاوِمْ عَلَى التِّلَاوَةِ وَأَكْثِرْ مِنْ
زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالْمَشَايِخِ وَالْمَوَاضِعِ الْمُبَارَكَةِ ،
وَاقْبَلْ مِنْ الْعَامَّةِ مَا يَعْرِضُونَ عَلَيْك مِنْ
رُؤْيَاهُمْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَفِي
رُؤْيَا الصَّالِحِينَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَقَابِرِ ، وَلَا
تُجَالِسْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الدَّعْوَةِ إلَى
الدِّينِ .
وَلَا تُكْثِرْ اللَّعِبَ وَالشَّتْمَ
وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَتَأَهَّبْ لِدُخُولِ
الْمَسْجِدِ كَيْ لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْك الْعَامَّةُ ، وَلَا تَتَّخِذُ دَارَك
فِي جِوَارِ السُّلْطَانِ ،وَمَا رَأَيْت عَلَى جَارِك فَاسْتُرْهُ عَلَيْهِ
فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَا تُظْهِرْ أَسْرَارَ النَّاسِ
وَمَنْ اسْتَشَارَك فِي شَيْءٍ فَأَشِرْ عَلَيْهِ بِمَا
تَعْلَمُ أَنَّهُ يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاقْبَلْ وَصِيَّتِي هَذِهِ ؛
فَإِنَّك تَنْتَفِعُ بِهَا فِي أُولَاك وَآخِرِك ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَإِيَّاكَ وَالْبُخْلَ فَإِنَّهُ يُبْغَضُ بِهِ الْمَرْءُ
وَلَا تَكُ طَمَّاعًا وَلَا كَذَّابًاوَلَا صَاحِبَ تَخْلِيطٍ ، بَلْ احْفَظْ
مُرُوءَتَكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا .وَالْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ الْبِيضَ فِي
الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، وَأَظْهِرْ غِنَى الْقَلْبِ مُظْهِرًا مِنْ نَفْسِك
قِلَّةَ
الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَأَظْهِرْ مِنْ
نَفْسِك الْغَنَاءَ ، وَلَا تُظْهِرْ الْفَقْرَ وَإِنْ كُنْت فَقِيرًا ، وَكُنْ
ذَا هِمَّةٍ ؛ فَإِنَّ مَنْ ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ ضَعُفَتْ مَنْزِلَتُهُ. وَإِذَا
مَشَيْت فِي الطَّرِيقِ ، فَلَا تَلْتَفِتْ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا ، بَلْ
دَاوِمْ النَّظَرَ إلَى الْأَرْضِ.
وَإِذَا دَخَلْت الْحَمَّامَ فَلَا تُسَاوِ النَّاسَ فِي
أُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَالْمَجْلِسِ بَلْ أَرْجِحْ عَلَى مَا تُعْطِي الْعَامَّةَ
لِتَظْهَرَ مُرُوءَتُكَ بَيْنَهُمْ فَيُعَظِّمُونَك وَلَا تُسَلِّمْ الْأَمْتِعَةَ
إلَى الْحَائِكِ وَسَائِرِ الصُّنَّاعِ بَلْ اتَّخِذْ لِنَفْسِك ثِقَةً يَفْعَلُ
ذَلِكَ.
وَلَا تُمَاكِسْ بِالْحَبَّاتِ وَالدَّوَانِيقِ وَلَا
تَزِنْ الدَّرَاهِمَ بَلْ اعْتَمِدْ عَلَى غَيْرِك وَحَقِّرْ الدُّنْيَا
الْمُحَقَّرَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ
مِنْهَا وَوَلِّ أُمُورَك غَيْرَك لِيُمْكِنَك الْإِقْبَالُ عَلَى الْعِلْمِ
فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْفَظُ لِحَاجَتِك
وَإِيَّاكَ أَنْ تُكَلِّمَ الْمَجَانِينَ وَمَنْ لَا
يَعْرِفُ الْمُنَاظَرَةَ وَالْحُجَّةَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَاَلَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْجَاهَ وَيَسْتَغْرِبُونَ
بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ ؛ فَإِنَّهُمْ يَطْلُبُونَ
تَخْجِيلَك وَلَا يُبَالُونَ مِنْك ، وَإِنْ عَرَفُوك عَلَى الْحَقِّ وَإِذَا
دَخَلْت عَلَى قَوْمٍ كِبَارٍ فَلَا تَرْفَعْ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَرْفَعُوك ،
كَيْ لَا يَلْحَقَ بِك مِنْهُمْ أَذِيَّةٌ وَإِذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَلَا تَتَقَدَّمْ
عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يُقَدِّمُوك عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ ،وَلَا
تَدْخُلْ الْحَمَّامَ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَالْغَدَاةِ ، وَلَا تَخْرُجْ إلَى
النَّظَّارَاتِ وَلَا تَحْضُرْ مَظَالِمَ السَّلَاطِينِ ؛وَإِلَّا إذَا عَرَفْت
أَنَّك إذَا قُلْت شَيْئًا يَنْزِلُونَ عَلَى قَوْلِك بِالْحَقِّ ؛ فَإِنَّهُمْ
إنْ فَعَلُوا مَا لَا يَحِلُّ وَأَنْتَ عِنْدَهُمْ رُبَّمَا لَا تَمْلِكُ
مَنْعَهُمْ وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِسُكُوتِك فِيمَا بَيْنَهُمْ
وَقْتَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ ، وَلَا
تَقُصَّ عَلَى الْعَامَّةِ فَإِنَّ الْقَاصَّ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ
وَإِذَا أَرَدْت اتِّخَاذَ مَجْلِسٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ فَإِنْ
كَانَ مَجْلِسَ فِقْهٍ فَاحْضُرْ بِنَفْسِك وَاذْكُرْ فِيهِ مَا تَعْلَمُهُ
وَإِلَّا فَلَا ، كَيْ لَا يَغْتَرَّ النَّاسُ بِحُضُورِك فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ
عَلَى صِفَةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ ، وَإِنْ كَانَ
يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى فَاذْكُرْ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا .
وَلَا تَقْعُدْ لِيُدَرِّسَ الْآخَرُ بَيْنَ يَدَيْك بَلْ
اُتْرُكْ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِك لِيُخْبِرَك بِكَيْفِيَّةِ كَلَامِهِ
وَكَمِّيَّةِ عِلْمِهِ .
وَلَا تَحْضُرْ مَجَالِسَ الذِّكْرِ أَوْ مَنْ يَتَّخِذُ
مَجْلِسَ عِظَةٍ بِجَاهِك وَتَزْكِيَتِك لَهُ ، بَلْ وَجِّهْ أَهْلَ مَحَلَّتِك
وَعَامَّتَك الَّذِينَ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِك
وَفَوِّضْ أَمْرَ الْمَنَاكِحِ إلَى خَطِيبِ نَاحِيَتِك ،
وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَلَا تَنْسَنِي مِنْ صَالِحِ
دُعَائِك ، وَاقْبَلْ هَذِهِ الْمَوْعِظَةَ مِنِّي ، وَإِنَّمَا أُوصِيك
لِمَصْلَحَتِك وَمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ ( انْتَهَى )
وَفِي آخِرِ تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ قَالَ الْحَاكِمُ
الْجَلِيلُ : نَظَرْت فِي ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِثْلِ الْأَمَالِي وَنَوَادِرِ
ابْنِ سِمَاعَةَ حَتَّى انْتَقَيْت كِتَابَ الْمُنْتَقَى ، وَقَالَ حِينَ
اُبْتُلِيَ بِمِحْنَةِ الْقَتْلِ بِمَرْوَ وَمِنْ جِهَةِ الْأَتْرَاكِ : هَذَا
جَزَاءُ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَالْعَالِمُ مَتَى أَخْفَى
عِلْمَهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْتَحَنَ بِمَا يَسُوءُهُ.
وَقِيلَ :كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى
فِي كُتُبِ مُحَمَّدٍ مُكَرَّرَاتٍ وَتَطْوِيلَاتٍ خَلَسَهَا وَحَذَفَ
مُكَرَّرَهَا ، فَرَأَى مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَنَامِهِ
فَقَالَ : لِمَ فَعَلْت هَذَا بِكُتُبِي ؟ فَقَالَ : لِأَنَّ فِي الْفُقَهَاءِ
كَسَالَى فَحَذَفْت الْمُكَرَّرَ وَذَكَرْت الْمُقَرَّرَ تَسْهِيلًا فَغَضِبَ
وَقَالَ : قَطَعَك
اللَّهُ كَمَا قَطَعْت كُتُبِي فَابْتُلِيَ بِالْأَتْرَاكِ حَتَّى جَعَلُوهُ عَلَى
رَأْسِ شَجَرَتَيْنِ فَتَقَطَّعَ نِصْفَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ : وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ
كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ
الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
وَأَرْضَاهُ الْجَامِعِ لِلْفُنُونِ السَّبْعَةِ الَّتِي وَعَدَنَا بِهَا فِي
خُطْبَةِ الْفَرِيدِ فِي نَوْعِهِ بِحَيْثُ لَمْ أَطَّلِعْ لَهُ عَلَى نَظِيرٍ فِي
كُتُبِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْهُ فِي
السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِ
مِائَةٍ وَكَانَتْ مُدَّةُ تَأْلِيفِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَعَ تَخَلُّلِ أَيَّامِ
تَوَعُّكِ الْجَسَدِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى التَّمَامِ وَعَلَى
نَبِيِّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَصَحْبِهِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ
وَتَابِعِيهِ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .==
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق