كتاب: محاسبة النفس لابن أبي الدنيا + وكتاب: مجابو الدعوة
1.كتاب: محاسبة
النفس لابن أبي الدنيا
المؤلف: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي
المعروف بابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ)
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ
الْإِمَامُ حَافِظُ الْعَصْرِ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ الشَّافِعِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِ فِي
رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ، قَالَ: قَرَأْتُ
عَلَى الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ
الْوَاحِدِ التَّنُّوخِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ
الدَّائِمِ، أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْإِرْبِلِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى شُهْدَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ الْكَاتِبَةِ
وَنَحْنُ نَسْمَعُ قَالَتْ: أَنا أَبُو الْفَوَارِسِ طَرَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ
الْبَرْذَعِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ،
ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ ابْنُ أَبِي
الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ قَالَ:
1 - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ،
عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي خُمْرَةُ
بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَيِّسُ مَنْ
دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنِ أَتْبَعَ
نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
2 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18] "
3 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ جِدَارٌ وَهُوَ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ: «عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَخٍ وَاللَّهِ لَتَتَّقِيَنَّ اللَّهَ، ابْنَ الْخَطَّابِ أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ»
(1/23)
4 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْعِجْلِيُّ، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [الْقِيَامَة: 2] قَالَ: «لَا يُلْقَى الْمُؤْمِنُ إِلَّا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ مَاذَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي مَاذَا أَرَدْتُ بِأَكْلَتِي مَاذَا أَرَدْتُ بِشَرْبَتِي وَالْعَاجِزُ يَمْضِي قُدُمًا لَا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ»
5 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حُمْرَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الْكَهْف: 28] قَالَ: «أَضَاعَ أَكْبَرَ الضَّيْعَةِ أَضَاعَ نَفْسَهُ وَعَسَى مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَجِدَهُ حَافِظًا لِمَا لَهُ، مُضَيِّعًا لِدِينِهِ»
(1/25)
6 - وَأَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ النَّاجِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَهُ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِهِ وَكَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هِمَّتِهِ»
(1/25)
7 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: «لَا يَكُونُ الرَّجُلُ تَقِيًّا حَتَّى يَكُونَ لِنَفْسِهِ أَشَدَّ مُحَاسَبَةً مِنَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ»
(1/25)
8 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الصَّفَّارُ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: " رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ لِنَفْسِهِ النَّفِيسَةِ: أَلَسْتِ صَاحِبَةَ كَذَا؟ أَلَسْتِ صَاحِبَةَ كَذَا؟ ثُمَّ ذَمَّهَا ثُمَّ خَطَمَهَا، ثُمَّ أَلْزَمَهَا كِتَابَ اللَّهِ؛ فَكَانَ لَهَا قَائِدًا "
(1/26)
9 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: «التَّقِيُّ أَشَدُّ مُحَاسَبَةً لِنَفْسِهِ مِنْ سُلْطَانٍ عَاصٍ، وَمِنْ شَرِيكٍ شَحِيحٍ»
(1/26)
10 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: " مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي الْجَنَّةِ، آكُلُ ثِمَارَهَا، وَأَشْرَبُ مِنْ أَنْهَارِهَا، وَأُعَانِقُ أَبْكَارَهَا، ثُمَّ مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي النَّارِ، آكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا، وَأَشْرَبُ مِنْ صَدِيدِهَا، وَأُعَالِجُ سَلَاسِلَهَا وَأَغْلَالَهَا؛ فَقُلْتُ لِنَفْسِي: أَيْ نَفْسِي، أَيُّ شَيْءٍ تُرِيدِينَ؟، قَالَتْ: أُرِيدُ أَنْ أُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا؛ فَأَعْمَلَ صَالِحًا قَالَ: قُلْتُ: فَأَنْتِ فِي الْأُمْنِيَةِ فَاعْمَلِي "
(1/26)
11 - حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، يَخْطُبُ وَيَقُولُ: «امْرَأً وَزَنَ نَفْسَهُ، امْرَأً اتَّخَذَ نَفْسَهُ عَدُوًّا، امْرَأً حَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْحِسَابُ إِلَى غَيْرِهِ، امْرَأً أَخَذَ بِعِنَانِ عَمَلِهِ فَنَظَرَ أَيْنَ يُرِيدُ؟ امْرَأً نَظَرَ فِي مِكْيَالِهِ، امْرَأً نَظَرَ فِي مِيزَانِهِ، فَمَا زَالَ يَقُولُ امْرَأً حَتَّى أَبْكَانِي»
(1/28)
12 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْأَغَرِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " مَكْتُوبٌ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ: حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَغْفَلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ، سَاعَةٍ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهِ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٍ يَخْلُو فِيهَا مَعَ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيَصْدُقُونَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَسَاعَةٍ يَخْلُو فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيُحْمَدُ؛ فَإِنَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْنًا عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ، وَإِجْمَامًا لِلْقُلُوبِ، وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يُرَى ظَاعِنًا إِلَّا فِي ثَلَاثٍ، زَادٍ لِمِيعَادٍ، أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِزَمَانِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ "
(1/30)
13 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ رُدَيْحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ مَوْلًى لَهُمْ كَانَ يَصْحَبُ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ أَصْحَبُهُ فَكَانَ عَامَّةُ صَلَاتِهِ الدُّعَاءَ وَكَانَ يَجِيءُ الْمِصْبَاحَ فَيَضَعُ أُصْبُعَهُ فِيهِ ثُمَّ يَقُولُ: «حِسِّ» ثُمَّ يَقُولُ: «يَا حُنَيْفُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا؟ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا؟»
(1/58)
14 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ، عَنْ سَلَامِ بْنِ مِسْكِينٍ، قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ، أَوْ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ ذُمُّوا أَنْفُسَكُمْ وَاخْطِمُوهَا وَخُذُوا بَأَزِمَّتِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَكُفُّوهَا بِخَطْمِهَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ»
(1/58)
15 - حَدَّثَنِي يَحْيَى أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِدَاشٍ، ثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ، سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ رَجُلٌ خَطَمَ نَفْسَهُ وَذَمَّهَا فَقَادَهَا بِخِطَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنَجَهَا بِزِمَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
(1/59)
16 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الطَّالْقَانِيُّ مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ ثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ فَكَانَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ «أَنْ حَاسِبْ نَفْسَكَ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابِ الشِّدَّةِ، فَإِنَّهُ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابٍ فِي الشِّدَّةِ؛ عَادَ مَرْجِعُهُ إِلَى الرْضَا وَالْغِبْطَةِ، وَمَنْ أَلْهَتْهُ حَيَاتُهُ، وَشَغَلَتْهُ أَهْوَاؤُهُ عَادَ أَمْرُهُ إِلَى النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ فَتَذَكَّرْ مَا تُوعَظُ بِهِ لِكَيْمَا تُنْهَى عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ وَتَكُونَ عِنْدَ التَّذْكِرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ مِنْ أُولِي النُّهَى»
(1/59)
17 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " الْمُؤْمِنُ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ يُحَاسِبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا شَقَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ أَخَذُوا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَفْجَأَهُ الشَّيْءُ وَيُعْجِبُهُ، فَيَقُولُ وَاللَّهِ أَنِّي لَأَشْتَهِيكَ وَإِنَّكَ لَمِنْ حَاجَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ، مَا صِلَةٌ إِلَيْكَ هَيْهَاتَ، حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيُفْرَطُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَيَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ: هَيْهَاتَ مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا وَمَا لِي وَلِهَذَا وَاللَّهِ مَا أُعْذَرُ بِهَذَا وَاللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَالِي وَلِهَذَا، وَاللَّهِ مَا أُعْذَرُ بِهَذَا وَاللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمٌ أَوْقَفَهُمُ الْقُرْآنُ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَلَكَتِهِمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أَسِيرٌ فِي الدُّنْيَا يَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا يَأْمَنُ شَيْئًا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي سَمْعِهِ، وَفِي بَصَرِهِ، وَفِي لِسَانِهِ، وَفِي جَوَارِحِهِ، مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ "
(1/60)
18 - حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: " لَمَّا قَالَ يُوسُفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يُوسُف: 52] قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا حِينَ هَمَمْتَ بِمَا هَمَمْتَ بِهِ، حِينَ حَلَلْتَ السَّرَاوِيلَ قَالَ {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يُوسُف: 53] "
(1/66)
19 - وَحَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا
عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ
بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ
جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قُتِلَ دَعَا النَّاسُ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ رَوَاحَةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ» وَهُوَ فِي جَانِبِ
الْعَسْكَرِ وَمَعَهُ ضِلَعٌ وَجَمَلٌ مُنْهَشَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاقَ طَعَامًا
قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ، فَرَمَى بِالضِّلَعِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ مَعَ
الدُّنْيَا " ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ فَأُصِيبَ أُصْبُعُهُ فَارْتَجَزَ
فَجَعَلَ يَقُولُ: «
[الْبَحْر الرجز]
هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ
يَا نَفْسُ، إِلَّا تُقْتَلِي تَمُوتِي ... هَذَا حِيَاضُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيتِ ... إِنْ تَفْعَلِي؛ فِعْلَهَا هُدِيتِ
وَإِنْ تَأَخَّرْتِي؛ فَقَدْ شَقِيتِي»
ثُمَّ قَالَ: " يَا نَفْسُ، إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَتَشَوَّفِينَ إِلَى
فُلَانَةَ، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ - غِلْمَانٍ لَهُ -
وَإِلَى مَعْجَفٍ - حَائِطٍ لَهُ - فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ:
يَا نَفْسُ، مَا لَكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ ... أُقْسِمُ بِاللَّهِ
لَتَنْزِلِنَّهْ
طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ ... فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ
هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ ... قَدْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدْوُ
الرَّنَّهْ "
(1/68)
20 - وَحَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: كَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ كُلْثُومٍ إِذَا مَشَى نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ قَالَ: وَدُورُ النَّاسِ إِذْ ذَاكَ فِيهَا تَوَاضُعٌ فَعَسَى أَنْ يَفْجَأَ النِّسْوَةَ، فَيَقُولُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: كَلَّا إِنَّهُ الْأَسْوَدُ بْنُ كُلْثُومٍ إِنَّهُ لَا يَنْظُرُ فَلَمَّا قَرُبَ غَازِيًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ، إِنَّ هَذِهِ النَّفْسَ تَزْعُمُ فِي الرَّخَاءِ أَنَّهَا تُحِبُّ لِقَاكَ، فَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً؛ فَارْزُقْهَا ذَاكَ، وَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً؛ فَاحْمِلْهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَتْ؛ فَاجْعَلْ ذَلِكَ قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ، وَأَطْعِمْ لَحْمِي سِبَاعًا وَطَيْرًا» قَالَ: فَانْطَلَقَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ حَتَّى دَخَلُوا حَائِطًا فِيهِ ثَلْمَةٌ وَجَاءَ الْعَدُوُّ حَتَّى قَامَ عَلَى الثَّلْمَةِ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَضَرَبَ وَجْهَهُ فَانْطَلَقَ غَايِرًا، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الْمَاءِ فِي الْحَائِطِ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، وَصَلَّى، قَالَ: «تَقُولُ الْعَجَمُ هَكَذَا اسْتِسْلَامُ الْعَرَبِ» فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ وَعَظُمَ الْجَيْشُ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ وَفِيهِمْ أَخُوهُ، فَقِيلَ لِأَخِيهِ: «أَلَا تَدْخُلُ الْحَائِطَ فَتَنْظُرَ مَا أُصِيبَتْ مِنْ عِظَامِ أَخِيكَ فَتُجِبَّهُ»، قَالَ: «مَا أَنَا بِفَاعِلٍ شَيْئًا دَعَا بِهِ أَخِي فَاسْتُجِيبَ لَهُ»
(1/70)
21 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو أُمَيَّةَ الْغِفَارِيُّ، قَالَ: " كُنَّا فِي غَزَاةٍ لَنَا، فَحَضَرَ عَدُوُّهُمْ، فَصِيحَ فِي النَّاسِ، فَهُمْ يَثُوبُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَفِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ، إِذَا رَجُلٌ أَمَامِي، رَأْسُ فَرَسِي عِنْدَ عَجُزِ فَرَسِهِ، وَهُوَ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: أَيْ نَفْسِي، أَلَمْ أَشْهَدْ مَشْهَدَ كَذَا وَكَذَا؟ فَقُلْتِ لِي: أَهْلُكَ وَعِيَالُكَ، وَأَطَعْتُكِ فَرَجَعْتُ، أَلَمْ أَشْهَدْ مَشْهَدَ كَذَا وَكَذَا؟، فَقُلْتِ لِي: أَهْلُكَ وَعِيَالُكَ، فَأَطَعْتُكِ، فَرَجَعْتُ، وَاللَّهِ، لَأَعْرِضَنَّكِ الْيَوْمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَخَذَكِ أَوْ تَرَكَكِ، فَقُلْتُ: لَأَرْمُقَنَّهُ الْيَوْمَ فَرَمَقْتُهُ فَحَمَلَ النَّاسُ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكَانَ فِي أَوَائِلِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ الْعَدُوَّ حَمَلَ عَلَى النَّاسِ فَانْكَشَفُوا وَكَانِ فِي حُمَاتِهِمْ، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكَانَ فِي أَوَائِلِهِمْ، ثُمَّ حَمَلَ الْعَدُوُّ وَانْكَشَفَ النَّاسُ فَكَانَ فِي حُمَاتِهِمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ، مَازَالَ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى رَأَيْتُهُ صَرِيعًا فَعَدَدْتُ بِهِ وِبَدَابَّتِهِ سِتِّينَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ طَعْنَةً "
(1/71)
بَابُ ذَمِّ النَّفْسِ
(1/72)
22 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْكُوفِيُّ الضَّبِّيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْكُوفِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا الصَّبَّاحِ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ، عَنْ مَوْلًى، لِأَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ مَقَتَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ؛ آمَنَهُ اللَّهُ مِنْ مَقْتِهِ»
(1/72)
23 - حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَمْقُتَ النَّاسَ فِي جَنْبِ اللَّهِ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونَ لَهَا أَشَدَّ مَقْتًا»
(1/72)
24 - حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ، قَالَ: قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: «لَوْلَا مَا أَعْلَمُ مِنْ نَفْسِي، لَقَيْتُ النَّاسَ»
(1/72)
25 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي نَهْشَلٍ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ بِعَرَفَةَ: «اللَّهُمَّ لَا تَرُدَّ الْجَمِيعَ مِنْ أَجْلِي»
(1/72)
26 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ الْجَوْيَنْبَارِيُّ، ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ أَوْ قَالَ رَجُلٌ: «لَمَّا نَظَرْتُ إِلَى أَهْلِ عَرَفَاتٍ ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُمْ لَوْلَا أَنِّي كُنْتُ فِيهِمْ»
(1/73)
27 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «أَذْكُرُ الصَّالِحِينَ، فَأُفٍ لِي وَتُفٍّ»
(1/75)
28 - وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ وَهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: «إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ كُنْتُ مِنْهُمْ بِمَعْزِلٍ»
(1/76)
29 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: " جَلَسْتُ ذَاتَ يَوْمٍ أُحَدِّثُ وَمَعَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ الطَّائِفِيُّ فَجَعَلَ سَعِيدٌ يَبْكِي حَتَّى رَحِمْتُهُ فَقُلْتُ: يَا سَعِيدُ، مَا يُبْكِيكَ وَأَنْتَ تَسْمَعُنِي أَذْكُرُ أَهْلَ الْخَيْرِ وَفِعَالَهُمْ؟ قَالَ: يَا سُفْيَانُ وَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْبُكَاءِ وَإِذَا ذُكِرَ مَنَاقِبُ أَهْلِ الْخَيْرِ كُنْتُ مِنْهُمْ بِمَعْزِلٍ؟ قَالَ: يَقُولُ سُفْيَانُ: حُقَّ لَهُ أَنْ يَبْكِيَ "
(1/76)
30 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ، قَالَ: " لَمَّا حَضَرَتْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ الْوَفَاةُ قَالَ لِرَجُلٍ: أَدْخِلْ عَلَيَّ رَجُلَيْنِ، فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ أَبَا الْأَشْهَبِ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ، فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَبْشِرْ فَقَدْ أُمِّنْتَ مِمَّنْ كُنْتَ تَخَافُهُ، وَتَقْدُمُ عَلَى مَنْ تَرْجُوهُ، قَالَ: إِي وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَرْجُو ذَلِكَ "
(1/76)
31 - حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: " إِنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا فِي مَسْجِدٍ لَهُمْ فِي يَوْمِ عِيدٍ لَهُمْ فَجَاءَ شَابٌّ حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: أَنَا صَاحِبُ كَذَا لَيْسَ مِثْلِي يَدْخُلُ مَعَكُمْ أَنَا صَاحِبُ كَذَا يُزْرِي عَلَى نَفْسِهِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيِّهِمْ أَنَّ فُلَانًا صِدِّيقٌ "
(1/77)
32 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ وَهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ: " بَيْنَمَا امْرَأَةٌ فِي الطَّوَافِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهَى تَقُولُ: يَا رَبِّ ذَهَبَتِ اللَّذَّاتُ وَبَقِيَتِ التَّبِعَاتُ يَا رَبِّ سُبْحَانَكَ وَعِزَّتِكَ إِنَّكَ لَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يَا رَبِّ مَا لَكَ عُقُوبَةٌ إِلَّا النَّارُ، فَقَالَتْ صَاحِبَةٌ لَهَا كَانَتْ مَعَهَا: يَا أُخَيَّةُ دَخَلْتِ بَيْتَ رَبِّكِ الْيَوْمَ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَرَى هَاتَيْنِ الْقَدَمَيْنِ وَأَشَارَتْ إِلَى قَدَمَيْهَا أَهْلًا لِلطَّوَافِ حَوْلَ بَيْتِ رَبِّي فَكَيْفَ أَرَاهُمَا أَهْلًا أَطَأُ بِهِمَا بَيْتَ رَبِّي؟ وَقَدْ عَلِمْتُ حَيْثُ مَشَتَا وَإِلَى أَيْنَ مَشَتَا؟ "
(1/77)
33 - وَحَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُسْتَلِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيِّ، أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزْوَةٍ إِلَى كَابُلَ وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتَمَةِ وَصَلُّوا فَصَلَّى ثُمَّ اضْطَجَعَ فَقُلْتُ: لَأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ فَالْتَمَسَ غَفَلَةَ النَّاسِ حَتَّى إِذَا قُلْتُ هَدَأَتِ الْعُيُونُ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً قَرِيبًا مِنَّا وَدَخَلْتُ عَلَى إِثْرِهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ قَالَ: قَصَدْتُ شَجَرَةً قَالَ: فَتَرَاهُ الْتَقَتَ أَوْ عَدَّ بِهِ جَزْوًا حَتَّى سَجَدَ فَقُلْتُ: الْآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلَا شَيْءَ فَجَلَسَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا السَّبُعُ اطْلُبِ الرِّزْقَ فِي مَكَانٍ آخَرَ» فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا أَقُولُ: تَصَدَّعُ الْجِبَالُ مِنْهُ قَالَ: فَمَا زَالَ كَذَلِكَ يُصَلِّي حَتَّى لَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوَ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ؟» قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَأَصْبَحَ كَأَنَّهُ بَاتَ عَلَى الْحَشَايَا وَأَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ
(1/78)
34 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، بَلَغَنِي عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: «إِنِّي لَأَعُدُّ مِائَةَ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا أَعْلَمُ أَنَّ فِيَ نَفْسِي وَاحِدَةً مِنْهَا»
(1/80)
35 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ نَعُودُهُ فَقَالَ: «وَمَا يُغْنِي عَنِّي مَا يَقُولُ النَّاسُ إِذَا أُخِذَ بِيَدِي وَرِجْلِي فَأُلْقِيتُ فِي النَّارِ؟»
(1/80)
36 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَهِيمُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ حَزْمٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: «يَا إِخْوَتَاهْ تَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ بِي؟ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَى النَّارِ أَوْ يَعْفُو عَنِّي»
(1/81)
37 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، قَالَ: «لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ مَا قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيَّ»
(1/82)
38 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الطُّفَاوِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّرَّادُ، قَالَ: رَأَى مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ ابْنًا لَهُ وَهُوَ يَخْطِرُ بِيَدِهِ فَقَالَ: «وَيْحَكَ تَعَالَ أَتَدْرِي مَنْ أَنْتَ؟ أُمُّكَ اشْتَرَيْتُهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَبُوكَ فَلَا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ ضَرَبِهِ» أَوْ قَالَ «نَحْوَهُ»
(1/82)
39 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، سَمِعْتُ جَسْرًا أَبَا جَعْفَرٍ، يَقُولُ: «رَأَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَأَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ خَيْرُ رَجُلٍ بِالْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ»
(1/83)
40 - حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْوَزَّاعِ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَاكَ لَنَا اللَّهُ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيكَ بَابَهُ؟»
(1/83)
41 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي صُبَيْحٌ الْفُرْغَانِيُّ، وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، ثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْجِلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: " كَانَ عَابِدٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى صَوْمَعَتِهِ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً وَإِنَّهُ أُتِيَ فِي مَنَامِهِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا الْإِسْكَافَ خَيْرٌ مِنْكَ فَلَمَّا انْتَبَهَ قَالَ: رُؤْيَا ثُمَّ سَكَتَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَائِلَةِ أَيْضًا رَأَى مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَنَامِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَرَى فِي مَنَامِهِ مِرَارًا حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَمْرٌ فَنَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَأَتَى الْإِسْكَافَ فَلَمَّا رَآهُ الْإِسْكَافُ قَامَ مِنْ عَمَلِهِ وَتَلَقَّاهُ وَجَعَلَ يَمْسَحُ بِهِ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مِنْ صَوْمَعَتِكَ؟ قَالَ: أَنْتَ أَنْزَلْتَنِي أَخْبِرْنِي مَا عَمَلُكَ؟ فَكَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُخْبِرَهُ ثُمَّ قَالَ: أَجَلْ أَعْمَلُ النَّهَارَ وَأَكْسَبُ شَيْئًا فَمَا رَزَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ أَتَصَدَّقُ بِنِصْفِهِ وَآكُلُ مَعَ عِيَالِي النِّصْفَ وَأَصُومُ النَّهَارَ فَانْطَلَقَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ أَيْضًا قِيلَ لِلرَّاهِبِ: سَلْهُ مِمَّ صُفْرَةُ وَجْهِكَ؟ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مِمَّ صُفْرَةُ وَجْهِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ لَا يَكَادُ يُرْفَعُ لِي أَحَدٌ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَأَنَا فِي النَّارِ وَإِنَّمَا فُضِّلَ عَلَيَّ الرَّاهِبُ بِإِزْرَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ "
(1/83)
42 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: بَلَغَ دَاوُودَ الطَّائِيَّ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ فَأُثْنِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «إِنَّمَا نَتَبَلَّغُ بِسَتْرِهِ بَيْنَ خَلْقِهِ وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ بَعْضَ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مَا ذَلَّ لَنَا لِسَانٌ أَنْ نُذْكَرَ بِخَيْرٍ أَبَدًا»
(1/85)
43 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنِي ابْنُ سِمَاكٍ، قَالَ: قَالَ دَاوُودُ الطَّائِي: «تَرَكْنَا الذُّنُوبَ وَإِنَّا لَنَسْتَحِي مِنْ كَثِيرٍ مِنْ مُجَالَسَةِ النَّاسِ»
(1/85)
44 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ: «مَا نُعَوِّلُ إِلَّا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا التَّفْرِيطُ فَهُوَ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْأَبْدَانِ»
(1/85)
45 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِشْكَابَ الصَّغَّارُ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ: «الْيَأْسُ سَبِيلُ أَعْمَالِنَا هَذِهِ وَلَكِنَّ الْقُلُوبَ تَحِنُّ إِلَى الرَّجَاءِ»
(1/87)
46 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنِي سَيَّارٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: لَقِيَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: يَا أَبَا يَحْيَى، كَيْفَ بِكَ؟ قَالَ: «كَيْفَ بِمَنْ هُوَ ظَاهِرُ الْعُيُوبِ كَثِيرُ الذُّنُوبِ مَسْتُورٌ عَلَى غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ؟ فَكَيْفَ بِكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟» قَالَ: فَكَتِفٌ تَابَتْ يَدُهُ وَمَدَّ عُنُقَهُ وَخَفَضَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: هَذَا عُذْرُ الْخَطَّائِينَ الْأَشِرَّاءِ. قَالَ: وَأَقْبَلَا يَبْكِيَانِ حَتَّى سَقَطَا
(1/87)
47 - حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِكَعْبِ بْنِ عَجُزَةَ: " يَا كَعْبُ بْنَ عَجُزَةَ: النَّاسُ غَادِيَانِ فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقٌ رَقَبَتَهُ وَغَادٍ مُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقٌ رَقَبَتَهُ "
(1/87)
بَابُ مُعَاقَبَةِ النَّفْسِ
(1/90)
48 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا أَبِي، عَنِ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْعُبَّادِ كَلَّمَ امْرَأَةً فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهَا فَوَضَعَ يَدَهُ فِي النَّارِ حَتَّى نَشَّتْ»
(1/90)
49 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَنًا طَوِيلًا فَأَشْرَفَ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ فَافْتُتُنَ بِهَا وَهَمَّ بِهَا فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ لِيَنْزِلَ إِلَيْهَا فَأَدْرَكَهُ اللَّهُ بِسَابِقَتِهِ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أُرِيدُ أَصْنَعُ؟ وَرَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَجَاءَتْهُ الْعِصْمَةُ فَنَدِمَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعِيدَ رِجْلَهُ فِي الصَّوْمَعَةِ قَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ رِجْلٌ خَرَجَتْ تُرِيدُ أَنْ تَعْصِيَ اللَّهَ تَعُودُ مَعِي فِي صَوْمَعَتِي لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَاللَّهِ أَبَدًا فَتَرَكَهَا وَاللَّهِ مُعَلَّقَةً مِنَ الصَّوْمَعَةِ تُصِيبُهَا الْأَمْطَارُ وَالرِّيَاحُ وَالشَّمْسُ وَالثَّلْجُ حَتَّى تَقَطَّعَتْ فَسَقَطَتْ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَذُو الرِّجْلِ يَذْكُرُهُ بِذَلِكَ "
(1/91)
50 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هَارُونِ بْنِ رِئَابٍ، أَنَّ غَزْوَانَ، وَأَبَا مُوسَى كَانَا فِي بَعْضِ مَغَازِيهِمْ فَتَكَشَّفَتْ جَارِيَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا غَزْوَانُ فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَطَمَ عَيْنَهُ حَتَّى نَفَرَتْ وَقَالَ: «إِنَّكِ لَلَحَّاظَةٌ إِلَى مَا يَضُرُّكِ»
(1/92)
51 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنِّي بَصِيرٌ قَدْ كُنْتُ نَظَرْتُ نَظْرَةً وَأَنَا شَابٌّ»
(1/92)
52 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ ضُغَيْمٍ، حَدَّثَتْنِي خَالَتِي حُبَابَةُ بِنْتُ مَيْمُونٍ الَعَتْكِيَّةُ قَالَتْ: رَأَيْتُ أَبَا ضُغَيْمًا نَزَلَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ بِكُوزٍ قَدْ بُرِّدَ لَهُ حَتَّى صَبَّهُ ثُمَّ اكْتَازَ مِنَ الْجُبِّ مَاءً حَارًّا فَشَرِبَ فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: بِأَبِي أَنْتَ قَدْ رَأَيْتُ الَّذِيَ صَنَعْتَ فَمِمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: «حَانَتْ مِنِّي نَظْرَةٌ مَرَّةً إِلَى امْرَأَةٍ فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا تَذُوقَ الْمَاءَ الْبَارِدَ أَيَّامَ الدُّنْيَا قُلْتُ»: أَنْغَصَ عَلَيْهَا الْحَيَاةَ
(1/92)
53 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ النَّضْرِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: مَرَّ حَيَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ بِغَرْفَةٍ فَقَالَ: «مَتَى بُنِيَتْ هَذِهِ؟» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: «تَسْأَلِينَ عَمَّا لَا يَعْيِنكِ لَأُعَاقِبَنَّكِ بِصَوْمِ سَنَةٍ فَصَامَهَا»
(1/92)
54 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ ضُغَيْمٍ، قَالَ: جَاءَ رَبَاحٌ الْقَيْسِيُّ يَسْأَلُ عَنْ أَبِي بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقُلْنَا: إِنَّهُ نَائِمٌ، فَقَالَ: «أَنَوْمٌ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ أَهَذَا وَقْتُ نَوْمٍ؟» ثُمَّ وَلَّى مُنْصَرِفًا فَأَتْبَعْنَاهُ رَسُولًا فَقُلْنَا: قُلْ لَهُ: أَلَا نُوقِظُهُ لَكَ؟ قَالَ: فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا الرَّسُولُ ثُمَّ جَاءَ وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقُلْنَا: أَبْطَأْتَ جِدًّا فَهَلْ قُلْتَ لَهُ؟ قَالَ: هُوَ أَشْغَلُ مِنْ أَنْ يَفْهَمَ عَنِّي شَيْئًا أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَدْخُلُ الْمَقَابِرَ وَهُوَ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَهُوَ يَقُولُ: " أَقُلْتِ: أَنَوْمٌ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ أَفَكَانَ هَذَا عَلَيْكِ؟ يَنَامُ الرَّجُلُ مَتَى شَاءَ وَقُلْتِ: هَذَا وَقْتُ نَوْمٍ؟ وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ وَقْتَ نَوْمٍ، تَسْأَلِينَ عَمَّا لَا يَعْنِيكِ وَتَكَلَّمِينِ بِمَا لَا يَعْنِيكِ أَمَا إِنَّ لِلَّهَ عَلَيَّ عَهْدًا لَا أَنْقُضُهُ أَبَدًا لَا أُوَسِّدُكِ الْأَرْضَ لِنَوْمٍ حَوْلًا إِلَّا لِمَرَضٍ جَاءَ بِكِ أَوْ لِذَهَابِ عَقْلٍ زَائِلٍ، سَوْءَةً لَكِ سَوْءَةً لَكِ، أَمَا تَسْتَحِينَ كَمْ تُوَبَّخيِنَ وَعَنْ غَيِّكِ لَا تَنْتَهِينَ " قَالَ: وَجَعَلَ يَبْكِي وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِمَكَانِي فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ انْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ
(1/93)
55 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَحْيَى أَبُو نُبَاتَةَ الْأُمَوِيُّ، عَنْ مُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ «تَمِيمًا الدَّارِيَّ نَامَ لَيْلَةً لَمْ يَقُمْ يَتَهَجَّدُ فِيهَا حَتَّى أَصْبَحَ فَقَامَ سَنَةً لَمْ يَنَمْ فِيهَا عُقُوبَةً لِلَّذِي صَنَعَ»
(1/93)
56 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ طَلْقِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: «قَدِمَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ هِنْدُ بْنُ عَوْفٍ مِنْ سَفَرٍ فَمَهَّدَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ فِرَاشًا وَكَانَتْ لَهُ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ يَقُومُهَا فَنَامَ عَنْهَا حَتَّى أَصْبَحَ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ أَبَدًا»
(1/93)
57 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ رَجُلٌ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَزَعَ ثِيَابَهُ وَتَمَرَّغَ فِي الرَّمْضَاءِ وَيَقُولُ لِنَفْسِهِ: ذَوقِي، نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا جِيفَةٌ بِاللَّيْلِ وَبَطَّالَةٌ بِالنَّهَارِ قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَالَ: غَلَبَتْنِي نَفْسِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَمْ يَكُنْ لَكَ بُدٌّ مِنَ الَّذِي صَنَعْتَ؟ أَمَا لَقَدْ فُتِحَتْ لَكَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَقَدْ بَاهَى اللَّهُ بِكَ الْمَلَائِكَةَ» ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «تَزَوَّدُوا مِنْ أَخِيكُمْ» فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُولُ لَهُ: يَا فُلَانُ ادْعُ لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمَّهُمْ» فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ التَّقْوَى زَادَهُمْ وَاجْمَعْ عَلَى الْهُدَى أَمْرَهُمْ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ سَدِّدْهَ» فَقَالَ: اللَّهُمَّ وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ مَآبَهُمْ
(1/94)
58 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ قَتَادَةَ: " قِيلَ لِرَجُلٍ: كَيْفَ تَصْنَعُ فِي شَهْوَتِكَ؟ قَالَ: مَا فِي الْأَرْضِ نَفْسٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهَا فَكَيْفَ أُعْطِيهَا شَهْوَتَهَا؟ "
(1/94)
59 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْكِنْدِيَّ، فِي جَنَازَةِ بِشْرِ بْنِ الْحَرْثِ يَقُولُ: دَخَلَ ابْنُ السَّمَّاكِ عَلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ حِينَ مَاتَ وَهُوَ فِي بَيْتٍ عَلَى التُّرَابِ فَقَالَ " دَاوُدُ: سَجَنْتَ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُسْجَنَ وَعَذَّبْتَ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُعَذَّبَ فَالْيَوْمَ تَرَى مَنْ كُنْتَ لَهُ تَعْمَلُ "
(1/94)
60 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، صَاحِبِ الزِّنَادِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنُ مُنَبِّهٍ، " أَنَّ رَجُلًا تَعَبَّدَ زَمَانًا ثُمَّ بَدَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ فَصَامَ سَبْعِينَ سَبْتًا يَأْكُلُ كُلَّ سَبْتٍ إِحْدَى عَشْرَةَ تَمْرَةً ثُمَّ سَأَلَ اللَّهَ حَاجَتَهُ فَلَمْ يُعْطَهَا فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: مِنْكِ أُتِيتُ لَوْ كَانَ فِيكِ خَيْرٌ أُعْطِيتِ حَاجَتَكِ فَنَزَلَ إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ مَلَكٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ آدَمَ سَاعَتُكَ هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَتِكَ الَّتِي مَضَتْ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَاجَتَكَ "
(1/94)
بَابُ جِهَادِ النَّفْسِ وَمَنْعِهَا مِنْ شَهَوَاتِهَا
(1/96)
61 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَسَدِيُّ، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِ الشَّدِيدُ لَيْسَ الَّذِي يَغْلِبُ النَّاسَ وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ»
(1/96)
62 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ، حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، حَدَّثَنِي حَنَّانُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: كَيْفَ تَقُولُ فِي الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ؟ قَالَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَجَاهِدْهَا وَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَاغْزُهَا فَإِنَّكَ إِنْ قُتِلْتَ فَارًّا بَعَثَكَ اللَّهُ فَارًّا وَإِنْ قُتِلْتَ مُرَائِيًا بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا وَإِنْ قُتِلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا»
(1/97)
63 - أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «حَادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ فَإِنَّهَا سَرِيعَةُ الذُّنُوبِ وَاقْرَعُوا هَذِهِ الْأَنْفُسَ فَإِنَّهَا طَالِعَةٌ، وَإِنَّهَا تَنَازَعُ إِلَى شَرِّ غَايَةٍ، وَإِنَّكُمْ إِنْ تُعَاوِنُوهَا لَا تُبْقِ لَكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا، فَتَصَبَّرُوا وَتَشَدَّدُوا فَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ قَلَائِلُ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ رَكْبٌ وَقُوفٌ يُوشِكُ أَنْ يُدْعَى الرَّجُلُ مِنْكُمْ فَيُجِيبَ وَلَا يَلْتَفِتُ، فَانْتَقِلُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ»
(1/102)
64 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَنا عَبْدُ اللَّهِ، أَنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجُهَنِيَّ، يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
(1/102)
65 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ لِنَفْسِهِ: «إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ بِكِ إِلَّا الْخَيْرَ» مَرَّتَيْنِ
(1/103)
66 - أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدٍ السُّلَمِيِّ أَبِي فِرَاسٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: كَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ وَيَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ جَسَدُهُ وَيَصْفَرَّ فَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ لَهُ: كَمْ تُعَذَّبُ هَذَا الْجَسَدَ فَكَانَ الْأَسْوَدُ يَقُولُ: «إِنَّ الْأَمْرَ جَدٌّ فَجِدُّوا» وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ الْأَسْوَدُ: كَرَامَةَ هَذَا الْجَسَدِ أُرِيدُ
(1/103)
67 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْمُؤَدِّبُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: «مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ لِلدُّنْيَا عِنْدَهُ قَدْرٌ»
(1/103)
68 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ سَعِيدًا الْبَرَائِيَّ، يَقُولُ: «مَنْ كَرُمَتْ نَفْسُهُ عَلَيْهِ رَغِبَ بِهَا عَنِ الدُّنْيَا»
(1/104)
69 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْجَنَّةَ بِمَثَابَةٍ لِأَنْفُسِكُمْ فَلَا تَبِيعُوهَا بِغَيْرِهَا»
(1/104)
70 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كُنَاسَةَ، سَمِعْتُ مِسْعَرَ بْنَ كِدَامٍ، يَقُولُ: «مَنْ أَهَمَّتْهُ نَفْسُهُ تَبَيَّنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ»
(1/104)
71 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْكُمَيْتِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْرًا؟ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرَ الدُّنْيَا كُلَّهَا لِنَفْسِهِ خَطَرًا»
(1/104)
72 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " يَا إِخْوَتَاهْ، اجْتَهِدُوا فِي الْعَمَلِ فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا تَرْجُو مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ كَانَتْ لَنَا دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ وَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ شَدِيدًا كَمَا تَخَافِ وَتَحْذَرُ لَمْ نَقُلْ: رَبَّنَا أَرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ نَقُولُ: قَدْ عَمِلْنَا فَلَمْ يَنْفَعْنَا ذَلِكَ "
(1/105)
73 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: قَالَ زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَصَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ: «الْجِدَّ الْجِدَّ وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلَى مَا نَرْجُوهُ كَانَ مَا عَمَلُنَاهُ فَضْلًا وَإِلَّا لَمْ تَلُومَا أَنْفُسَكُمَا»
(1/105)
قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: «وَاللَّهِ لَأَجْتَهِدَنَّ فَإِنْ نَجَوْتُ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ وَإِلَّا لَمْ أَلُمْ نَفْسِي»
(1/105)
74 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «ابْنَ آدَمَ عَنْ نَفْسِكَ فَكَايِسْ فَإِنَّكَ إِنْ دَخَلْتَ النَّارَ لَمْ تَنْجَبِرْ بَعْدَهَا أَبَدًا»
(1/105)
75 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ
الْعَبَّاسِ النَّمَرِيُّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنْ أَهْلِ
الْبَصْرَةِ ذَكَرَ عَنْهُ فَضْلًا: «
[الْبَحْر الْكَامِل]
أُثَامِنُ بِالنَّفْسِ النَّفِيسَةَ رَبَّهَا ... وَلَيْسَ لَهَا فِي الْخَلْقِ
كُلِّهِمْ ثَمَنُ
بِهَا تَمْلِكُ الدُّنْيَا فَإِنْ أَنَا بِعْتُهَا ... بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا
فَذَلِكُمُ الْغَبْنُ
لَئِنْ ذَهَبَتْ نَفْسِي بِدُنْيَا أَصَبْتُهَا ... لَقَدْ ذَهَبَتْ نَفْسِي
وَقَدْ ذَهَبَ الثَّمَنُ»
(1/105)
76 - حَدَّثَنِي 1131 رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ تَوْبَةُ بْنُ الصِّمَّةِ بِالرَّقَّةِ وَكَانَ مُحَاسِبًا لِنَفْسِهِ فَحَسَبَ فَإِذَا هُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، فَحَسَبَ أَيَّامَهَا فَإِذَا هِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ يَوْمٍ وَخَمْسُمِائَةِ يَوْمٍ فَصَرَخَ وَقَالَ: «يَا وَيْلَتِي أَلْقَ الْمَلِيكَ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ ذَنْبٍ كَيْفَ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَةُ آلَافِ ذَنْبٍ» ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، فَسَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: يَا لَكِ رَكْضَةً إِلَى الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى
(1/106)
77 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ، عَنِ الْبُحْتُرِيِّ بْنِ حَارِثَةَ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَابِدٍ مَرَّةً فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ قَدِ أَجَّجَهَا وَهُوَ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَاتِبْهَا حَتَّى مَاتَ»
(1/107)
78 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ، يَذْكُرُ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا كَالْغَرِيبِ لَا يُنَافِسُ فِي عِزِّهَا وَلَا يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا، لِلنَّاسِ حَالٌ وَلَهُ حَالٌ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ وَنَفْسُهُ مِنْهُ فِي شُغُلٍ»
(1/107)
79 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيِّ، كَانَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَبِّي إِذَا رَأَى شَيْخًا قَالَ: «هَذَا خَيْرٌ مِنِّي هَذَا عَبَدَ اللَّهَ قَبْلِي» وَإِذَا رَأَى شَابًّا قَالَ: «هَذَا خَيْرٌ مِنِّي ارْتَكَبْتُ مِنَ الذُّنُوبِ أَكْثَرَ مِمَّا ارْتَكَبَ»
(1/108)
80 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَهْلٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ إِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: «وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، وَأَبِيكَ يَا عَطَاءُ، وَأُمِّكَ يَا عَطَاءُ حَتَّى يُصْبِحَ»
(1/108)
81 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ ضَيْغَمٍ، حَدَّثَنِي مَوْلَانَا أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو مَالِكٍ يَوْمًا: «يَا أَبَا أَيُّوبَ احْذَرْ نَفْسَكَ عَلَى نَفْسِكَ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هُمُومَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا لَا تَنْقَضِي وَايْمِ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَأْتِ الْآخِرَةَ وَالْمُؤْمِنُ بِالسُّرُورِ لَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَمْرَانِ هَمُّ الدُّنْيَا وَشَقَاءُ الْآخِرَةِ» قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَكَيْفَ لَا تَأْتِيهِ الْآخِرَةُ بِالسُّرًُورِ وَهُوَ يَنْصَبُ لِلَّهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَيَدْأَبُ؟ قَالَ: «يَا أَبَا أَيُّوبَ، فَكَيْفَ بِالْقَبُولِ؟ وَكَيْفَ بِالسْلَامَةٍ؟» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «كَمْ رَجُلٍ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَصْلَحَ شَأْنَهُ قَدْ أَصْلَحَ قُرْبَانَهُ قَدْ أَصْلَحَ هِمَّتَهُ قَدْ أَصْلَحَ عَمَلَهُ يُجْمَعُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُضْرَبُ بِهِ وَجْهُهُ»
(1/108)
82 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَدْرَكْتُهُمْ يَجْتَهِدُونَ فِي الْأَعْمَالِ فَإِذَا بَلَغُوهَا أُلْقِيَ عَلَيْهِمُ الْهَمُّ وَالْحَزَنُ لَا يَدْرُونَ قُبِلَتْ مِنْهُمْ أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ؟»
(1/108)
83 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: «الْإِيمَانُ قَائِدٌ وَالْعَمَلُ سَائِقٌ وَالنَّفْسُ بَيْنَهُمَا حَرُونٌ فَإِذَا قَادَ الْقَائِدُ وَلَمْ يَسُقِ السَّائِقُ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ شَيْئًا وَإِذَا سَاقَ السَّائِقُ وَلَمْ يَقُدِ الْقَائِدُ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ شَيْئًا وَإِذَا قَادَ الْقَائِدُ وَسَاقَ السَّائِقُ اتَّبَعَتْهُ النَّفْسُ طَوْعًا وَكَرْهًا وَطَابَ الْعَمَلُ»
(1/108)
84 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ، ثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ اجْتَمَعَ هَوَاهُ وَعَمَلُهُ فَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِهَوَاهُ فَيَوْمُهُ يَوْمٌ سُوءٌ وَإِنْ كَانَ هَوَاهُ تَبَعًا لِعَمَلِهِ فَيَوْمُهُ يَوْمٌ صَالِحٌ»
(1/109)
85 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، ثَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنِي مِسْكِينٌ أَبُو فَاطِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً السَّلِيمِيَّ، يَقُولُ: «بَلَغَنَا أَنَّ الشَّهْوَةَ وَالْهَوَى يَغْلِبَانِ الْعَمَلَ وَالْعَقْلَ»
(1/109)
86 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، ثَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «الْإِيمَانُ قَائِدٌ وَالْعَمَلُ سَائِقٌ وَالنَّفْسُ حَرُونٌ فَإِذَا وَنِيَ قَائِدُهَا لَمْ تَسْتَقِمْ لِسَائِقِهَا وَإِذَا وَنِيَ سَائِقُهَا لَمْ تَسْتَقِمْ لِقَائِدَهَا فَلَا يَصْلُحُ هَذَا إِلَّا مَعَ هَذَا حَتَّى يَقُومَ عَلَى الْخَيْرِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ مَعَ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالْعَمَلُ لِلَّهِ مَعَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ»
(1/109)
بَابُ الْحَذَرِ عَلَى النَّفْسِ مَخَافَةَ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ وَالْمَقْتِ
(1/110)
87 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَبْكِي فَتَقُولُ لَهُ أَهْلُهُ: لَوْ قَتَلْتَ قَتِيلًا ثُمَّ جِئْتَ لِأَهْلِهِ تَبْكِي لَعَفَوْا عَنْكَ فَيَقُولُ: «إِنَّمَا قَتَلْتُ نَفْسِي»
(1/110)
88 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ زُفَرٍ، حَدَّثَنِي بَهِيمٌ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: " رَكِبَ مَعَنَا شَابٌّ مِنْ بَنِي مُرَّةَ الْبَحْرَ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ فَجَعَلَ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَعَاتَبَهُ أَهْلُ الْمَرْكَبِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: ارْفُقْ بِنَفْسِكَ قَلِيلًا قَالَ: إِنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ يَكُونَ لِنَفْسِي عِنْدِي أَنْ أَبْكِيَهَا وَأَبْكِيَ عَلَيْهَا أَيَّامَ الدُّنْيَا لِعَمَلِي بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ غَدًا قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْمَرْكَبِ أَحَدٌ إِلَّا بَكَى "
(1/110)
89 - حُدِّثْتُ عَنْ مُوسَى
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَدَنِيِّ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ:
رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَامَرْدَ الْأَزْرَقَ الْعَدَنِيَّ وَكَانَ
عَابِدًا يَقُولُ: «
[الْبَحْر الرجز]
وَيْلِي وَوَيْحِي مِنْ تَتَابُعِ جُرْمِي ... لَوْ قَدْ دَعَانِي لِلْحِسَابِ
حَسِيبُ
وَالْوَيْلُ لِي وَيْلٌ أَلِيمٌ دَائِمٌ ... إِنْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا أَخَذْتُ
نَصِيبِي»
قَالَ: وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ:
وَاسْتَيْقِظِي يَا نَفْسُ وَيْحَكِ وَاحْذَرِي ... حَذَرًا يُهَيِّجُ عَبْرَتِي
وَنَحِيبِي
(1/110)
90 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْخَبَّابِ، ثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: كَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ إِذَا رَأَيْتُهُ قُلْتُ: رَجُلٌ قَدْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ وَلَقَدْ قَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ؟ تَبْكِي اللَّيْلَ عَامَّتَهُ لَا تَكَادُ أَنْ تَسْكُتَ لَعَلَّكَ يَا بُنَيَّ أَصَبْتَ نَفْسًا قَتَلْتَ قَتِيلًا فَيَقُولُ: «يَا أُمَّاهُ، أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَتْ نَفْسِي»
(1/111)
91 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي رَبَاحٌ الْقَيْسِيُّ يَوْمًا فَقَالَ: «هَلُمَّ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَجِيءُ حَتَّى تَبْكِيَ عَلَى مَمَرِّ السَّاعَاتِ وَنَحْنُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ» قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُ إِلَى الْمَقَابِرِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْقُبُورِ صَرَخَ ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ فَجَلَسْتُ وَاللَّهِ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِي فَأَفَاقَ فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ؟» قُلْتُ: لِمَا أَرَى بِكَ قَالَ: لِنَفْسِكَ فَابْكِ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «وَانَفْسَاهُ وَانَفْسَاهُ ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ»
(1/111)
92 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْقَيْسِيُّ، وَكَانَ ذَا قَرَابَةٍ لِرَبَاحٍ قَالَ: كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يَبْكِي وَأَدْخُلُ عَلَيْهِ الْبَيْتَ وَهُوَ يَبْكِي وَآتِيهِ فِي الْجِبَالِ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: أَنْتَ دَهْرَكَ فِي مَأْثَمٍ قَالَ: فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: «يَحِقُّ لِأَهْلِ الْمَصَائِبِ وَالذُّنُوبِ أَنْ يَكُونُوا هَكَذَا»
(1/111)
93 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ سَأَلْتَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مَا لَا نَمْلِكُ فَأَعْطِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مَا يُرْضِيكَ عَنَّا حَتَّى تَأْخُذَ رِضَا نَفْسِكَ مِنْ أَنْفُسِنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
(1/111)
94 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ النَّقْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمَلِكِ بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقُلْتُ لَهَا: يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَخْبِرِينِي عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: " أَفْعَلُ وَلَوْ كَانَ حَيًّا مَا فَعَلْتُ، إِنَّ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ قَدْ فَرَّغَ نَفْسَهُ وَبَدَنَهُ لِلنَّاسِ كَانَ يَقْعُدُ لَهُمْ يَوْمَهُ فَإِنْ أَمْسَى وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ حَوَائِجِ يَوْمِهِ وَصَلَهُ بِلَيْلِهِ إِلَى أَنْ أَمْسَى مَسَاءً وَقَدْ فَرَغَ مِنْ حَوَائِجِ يَوْمِهِ فَدَعَا بِسِرَاجِهِ الَّذِي كَانَ يُسْرَجُ لَهُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْعَى وَاضِعًا رَأْسَهُ عَلَى يَدِهِ تَسَايَلُ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّهِ يَشْهَقُ الشَّهْقَةَ فَأَقُولُ: قَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ وَانْصَدَعَتْ كَبِدُهُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ لَيْلَتَهُ حَتَّى بَرَقَ لَهُ الصُّبْحُ ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا قَالَتْ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِشَيْءٍ مَا كَانَ قَبْلَ اللَّيْلَةِ مَا كَانَ مِنْكَ؟ قَالَ: أَجَلْ فَدَعِينِي وَشَأْنِي وَعَلَيْكِ بِشَأْنِكِ قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَتَّعِظَ قَالَ: إِذًا أُخْبِرُكِ إِنِّي نَظَرْتُ إِلَيَّ فَوَجَدْتُنِي قَدْ وُلِّيتُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَأَسْوَدِهَا وَأَحمْرِهَا ثُمَّ ذَكَرْتُ الْغَرِيبَ الضَّايِعَ وَالْفَقِيرَ الْمُحْتَاجَ وَالْأَسِيرَ الْمَفْقُودَ وَأَشْبَاهَهُمْ فِي أَقَاصِي الْبِلَادِ وَأَطْرَافِ الْأَرْضِ فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُسَائِلِي عَنْهُمْ وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجِيجِي فِيهِمْ فَخِفْتُ أَنْ لَا يُثْبَتَ لِي عِنْدَ اللَّهِ عُذْرٌ وَلَا يَقُومَ لِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ فَخِفْتُ عَلَى نَفْسِي خَوْفًا دَمَعَتْ لَهُ عَيْنِي وَوَجِلَ لَهُ قَلْبِي فَأَنَا كُلَّمَا ازْدَدْتُ لَهَا ذِكْرًا ازْدَدْتُ لِهَذَا وَجَلًا وَقَدْ أَخْبَرْتُكِ فَاتَّعِظِي الْآنَ أَوْ دَعِي "
(1/112)
95 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْعَثِ، سَمِعَ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النِّسَاء: 29] قَالَ: «لَا تَغْفُلُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «مَنْ غَفَلَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ قَتَلَهَا»
(1/113)
96 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: " كَانَ الرَّجُلُ مِنَ السَّلَفِ يَلْقَ الْأَخَ مِنْ إِخْوَانِهِ فَيَقُولُ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُسِيءَ إِلَى مَنْ تُحِبُّ فَافْعَلْ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَوْمًا: وَهَلْ يُسِيءُ الْإِنْسَانُ إِلَى مَنْ يُحِبُّ؟ قَالَ: «نَعَمْ نَفْسُكَ أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَيْكَ فَإِذَا عَصَيْتَ اللَّهَ فَقَدْ أَسَأْتَ إِلَى نَفْسِكَ»
(1/113)
97 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ السَّعْدِيُّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمَّازٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: مَا أَكْرَمَ الْعِبَادُ أَنْفُسَهُمْ بِمِثْلِ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا أَهَانَ الْعِبَادُ أَنْفُسَهُمْ بِمِثْلِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "
(1/113)
98 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى،
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُسَيْمٍ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ امْرَأَةً تَقُولُ:
[الْبَحْر الوافر]
دَعَتْنِي النَّفْسُ بَعْدَ خُرُوجِ عَمْرٍو ... إِلَى اللَّذَّاتِ تَطَّلِعُ
اطِّلَاعَا
فَقُلْتُ لَهَا عَجَّلْتِ فَلَنْ تُطَاعِي ... وَلَوْ طَالَتْ إِقَامَتُهُ
رُبَاعَا
أحَاذرُ أَنْ أُطِيعَكِ سَبَّ نَفْسِي ... وَمَخْزَاةً تُحَلِّلُنِي قِنَاعَا
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: «مَا الَّذِي مَنَعَكِ مِنْ ذَلِكَ؟» قَالَتِ: الْحَيَاءُ
وَإِكْرَامُ رُوحِي فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّ فِي الْحَيَاءِ لَهَنَاتٍ ذَاتِ
أَلْوَانٍ مَنِ اسْتَحْيَى اخْتَفَى وَمَنِ اخْتَفَى اتَّقَى وَمَنِ اتَّقَى
وُقِيَ»
(1/113)
بَابُ إِجْهَازِ النَّفْسِ فِي الْأَعْمَالِ طَلَبَ الرَّاحَةِ يَوْمَ الْمَعَادِ
(1/118)
99 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَسَافٍ، سَمِعْتُ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، يَقُولُ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ جَلَسَ وَقَدِ انْتَفَخَتْ سَاقَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ فَيَقُولُ: «يَا نَفْسِي بِهَذَا أُمِرْتِ وَلِهَذَا خُلِقْتِ يُوشِكُ أَنْ تَذْهَبَ الْغَيَابِقُ» وَكَانَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: «قَوْمِي يَا مَأْوَى كُلِّ سُوءٍ فَوَعِزَّةِ رَبِّي لَأَزْحَفَنَّ بِكِ زَحَفَ الْبَعِيرِ وَإِنِ اسْتَطَعْتُ أَنْ لَا يَمَسَّ الْأَرْضَ مِنْ رُهْمِكِ لَأَفْعَلَنَّ» ثُمَّ يَتَلَوَّى كَمَا يَتَلَوَّى الْحَبُّ عَلَى الْمِقْلَى ثُمَّ يَقُومُ فَيُنَادِي: «اللَّهُمَّ إِنَّ النَّارَ قَدْ مَنَعْتَنِي مِنَ النَّوْمِ فَاغْفِرْ لِي»
(1/118)
100 - حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ، كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى مِائَةَ رَكْعَةٍ وَيَقُولُ: «لِهَذَا خُلِقْنَا وَبِهَذَا أُمِرْنَا وَيُوشِكُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ أَنْ يُكْفَوْا وَيُحْمَدُوا»
(1/119)
101 - أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: كَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ وَيَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ جَسَدُهُ وَيَصْفَرَّ وَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ لَهُ: لِمَ تُعَذِّبُ هَذَا الْجَسَدَ؟ فَكَانَ الْأَسْوَدُ يَقُولُ: «إِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ فَجِدُّوا» وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ: كَرَامَةَ هَذَا الْجَسَدِ أُرِيدُ
(1/120)
102 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَيْمُونٍ الْخَوَّاصِ، سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ زَائِدَةَ، يَقُولُ: كَانَ كُرْزٌ الْجُرْجَانِيُّ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: «كَمْ بَلَغَكُمْ مِقْدَارُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟» قَالَ: «خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ» قَالَ: «فَكَمْ بَلَغَكُمْ عُمَرُ الدُّنْيَا؟» قَالَ: «سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ» قَالَ: «فَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَعْمَلَ سَبْعًا حَتَّى يَأْمَنَ ذَلِكَ الْيَوْمَ؟»
(1/120)
103 - حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ، فَحَاكَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ فَحَدَّثَنِي مُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّفَرِ قَالَ: ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ فَقَالَ: «مَا أَنَا عَنْ نَفْسِي بِرَاضٍ فَأَنْفَرِغُ مِنْهَا إِلَى ذَمِّ غَيْرِهَا إِنَّ الْعِبَادَ خَافُوا اللَّهَ عَلَى ذُنُوبِ غَيْرِهِمْ وَأَمِنُوهُ عَلَى ذُنُوبِ أَنْفُسِهِمْ»
(1/120)
104 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:
" تَعَبَدْتُ بِبَيْتِ شِعْرٍ سَمِعْتُهُ:
[الْبَحْر الطَّوِيل]
لِنَفْسِي أَبْكِي لَسْتُ أَبْكِي لِغَيْرِهَا ... لِنَفْسِي فِي نَفْسِي عَنِ
النَّاسِ شَاغِلُ "
(1/121)
105 - حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِمَّنْ كَانَ يُوصَفُ بِالْعَقْلِ وَالْأَدَبِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: تَكَلَّمْ قَالَ: «بِمَ أَتَكَلَّمُ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهِ وَبَالٌ إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ؟» فَبَكَى عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَوَاعَظُونَ وَيَتَوَاصَوْنَ، قَالَ الرَّجُلُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِلنَّاسِ فِي الْقِيَامَةِ جَوْلَةً لَا يَنْجُو مِنْ غُصَصِ مَرَارَتِهَا وَمُعَايَنَةِ الرَّدَى فِيهَا إِلَّا مَنْ أَرْضَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِسَخَطِ نَفْسِهِ» قَالَ: فَبَكَى عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ قَالَ: لَا جَرَمَ لَأَجْعَلَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِثَالًا نُصْبَ عَيْنَيَّ مَا عِشْتُ أَبَدًا
(1/121)
106 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَسِيرٌ فِي الدُّنْيَا يَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا يَأْمَنُ شَيْئًا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»
(1/122)
107 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَحْيَى: «كَيْفَ لَا أَفْتِكُ نَفْسِي مِنْ قَبْلِ أَنْ يُعَلَّقَ بِي رَهْنِي»
(1/122)
108 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي رُسْتُمُ بْنُ أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ رُسْتُمَ الْخَيَّاطُ، جَلِيسٌ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ مَرَّةً وَأَنَا شَابٌّ: «خَلِّصْ رَقَبَتَكَ مَا اسْتَطَعْتَ فِي الدُّنْيَا مِنْ رِقِّ الْآخِرَةِ فَإِنَّ أَسِيرَ الْآخِرَةِ غَيْرُ مَفْكُوكٍ أَبَدًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَا نَسِيتُهَا بَعْدُ
(1/122)
109 - حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قِيلَ لِمَسْرُوقٍ: لَوْ أَنَّكَ قَصَرْتَ عَنْ بَعْضِ مَا تَصْنَعُ، أَيْ مِنَ الْعِبَادَةِ قَالَ: «وَاللَّهِ لَوْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُنِي لَاجْتَهَدْتُ فِي الْعِبَادَةِ» قِيلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: " حَتَّى تَعْذُرَنِي نَفْسِي إِنْ دَخَلْتُ جَهَنَّمَ لَا أَلُومُهَا أَمَا بَلَغَكَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [الْقِيَامَة: 2] إِنَّمَا لَامُوا أَنْفُسَهُمْ حَتَّى صَارُوا إِلَى جَهَنَّمَ وَاعْتَنَقَتْهُمُ الزَّبَانِيَةُ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ وَانْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْأَمَانِيُّ وَرُفِعَتْ عَنْهُمُ الرَّحْمَةُ وَأَقْبَلَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَلُومُ نَفْسَهُ "
(1/122)
110 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ أَسْلَمَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ نَعُودُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: " عَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ قُوَّةً فَأَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ قَصُرَ بِهِ ضَعْفٌ فَلَمْ يُعْمِلْهَا فِي مَعَاصِي اللَّهِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: ثُمَّ لَقِيتُ أَسْلَمَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَحَدَّثْنَاهُ عَنْ أَبِي حُرَّةَ
(1/123)
111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثَنَا يَزِيدُ الْأَعْرَجُ الشَّنِّيُّ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِمُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ: يَا أَبَا الْمُعْتَمِرِ أَشْكُو إِلَيْكَ نَفْسِي إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ وَلَا أَصُومَ قَالَ: «بِئْسَ مَا تُثْنِي عَلَى نَفْسِكَ أَمَّا إِذْ ضَعُفْتَ عَنِ الْخَيْرِ فَاضْعُفْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنِّي أَفْرَحُ بِالنَّوْمَةِ أَنَامُهَا»
(1/123)
112 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْمَكِّيُّ، ثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: " لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَصْنَعَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي لَأَوْصَيْتُ أَهْلِي إِذَا أَنَا مُتُّ أَنْ تُقَيِّدُونِي وَأَنْ تَجْمَعُوا يَدَيَّ إِلَى عُنُقِي فَيُنْطَلَقَ بِي عَلَى تِلْكِ الْحَالِ حَتَّى أُدْفَنَ كَمَا يُصْنَعُ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ وَقَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ: فَإِذَا سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ: أَيْ رَبِّ لَمْ أُرْضِ لَكَ نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ
(1/123)
113 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ مَا أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ»
(1/123)
114 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَضَّاحِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ «فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَدَعَ مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ مَا يَكُونُ حَاجِزًا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ مَنِ اسْتَوْعَبَ الْحَلَالَ كُلَّهُ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْحَرَامِ»
(1/123)
115 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ، سَمِعْتُ زُهَيْرًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا شَيْبَةَ الزُّبَيْدِيَّ، يَقُولُ: «خِفْتُ نَفْسِي وَرَجَوْتُ رَبِّي وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُفَارِقَ مَا أَخَافُ إِلَى مَا أَرْجُو»
(1/125)
116 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَغِيرٍ، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ:
«ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ رَقِيقٌ عَلَى النَّاسِ غَلِيظٌ بَعْضُكَ عَلَى بَعْضٍ لَوْ
نُعِيَ إِلَيْكَ بَعْضُ أَهْلِكَ بَكَيْتَ وَأَنْتَ كُلَّ يَوْمٍ تُنْعَى إِلَيْكَ
نَفْسُكَ لَا تَبْكِيهَا» وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الدُّنْيَا:
أَنشْدَهُ مُحَمَّدٌ الْوَرَّاقُ وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
[الْبَحْر الطَّوِيل]
فَيَبْكِي عَلَى مَيِّتٍ وَيَغْفِلُ نَفْسَهُ ... كَأَنَّ بِكَفَّيْهِ أَمَانًا
مِنَ الرَّدَى
وَمَا الْمَيِّتُ الْمَقْبُورُ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ ... أَحَقَّ بِأَنْ يَبْكِيَهُ
مِنْ مَيِّتٍ غَدَا
(1/125)
117 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قِيلَ لِرَجُلٍ: صِفْ لَنَا الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ: قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ سُلْطَانًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ»
(1/125)
118 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: كَانَ يُخْبَزُ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ سِتُّونَ رَغِيفًا يُعَلِّقُهَا بِشَرِيطٍ يُفْطِرُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عَلَى رَغِيفَيْنِ بِمِلْحٍ وَمَاءٍ فَأَخَذَ لَيْلَةً فِطْرَهُ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَ: وَمَوْلَاةٌ لَهُ سَوْدَاءُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَامَتْ فَجَاءَتْ بِشَيْءٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى طَبَقٍ فَأَفْطَرَ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَلَمَّا أَنْ جَاءَ وَقْتُ الْإِفْطَارِ أَخَذَ رَغِيفَهُ وَمِلْحًا وَمَاءً، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ: حَدَّثَنِي حَارِثَةُ قَالَ: جَعَلْتُ أَسْمَعُهُ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ يَقُولُ: «اشْتَهَيْتِ الْبَارِحَةَ تَمْرًا فَأَطْعَمْتُكِ وَاشْتَهَيْتِ اللَّيْلَةَ تَمْرًا لَا ذَاقَ دَاوُدُ تَمْرًا مَا دَامَ فِي دَارِ الدُّنْيَا»
(1/125)
119 - حَدَّثَنِي شَيْخٌ، فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي بَشِيرٌ الْجَزَرِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمَهْدِيِّ، قَالَ: «مَنْ جَعَلَ شَهْوَتَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَرِقَ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ»
(1/126)
120 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «لَوْلَا الْبَلَاءُ مَا كَانَ فِي أَيَّامٍ قَلَائِلَ مَا يُهْلِكُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ»
(1/126)
121 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ، عَنْ خُلَيْدٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «لَمْ يُرَ أَعْطَى مِنْ نَفْسٍ إِذَا عُوِّدَتْ وَلَا أَضْعَفَ مِنْهَا إِذَا لَمْ تُعَوَّدْ»
(1/126)
122 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَبَّادٍ، حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ لِابْنِهَا مُحَمَّدٍ: يَا بُنَيَّ، لَوْلَا أَنِّي أَعْرِفُكَ صَغِيرًا طَيِّبًا وَكَبِيرًا طَيِّبًا لَظَنَنْتُ أَنَّكَ أَحْدَثْتَ ذَنْبًا مَوْبِقًا لِمَا أَرَاكَ تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ قَالَ: " يَا أُمَّاهُ وَمَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدِ اطَّلَعَ عَلَيَّ وَأَنَا فِي بَعْضِ ذُنُوبِي فَمَقَتَنِي؟ وَقَالَ: اذْهَبْ لَا أَغْفِرُ لَكَ مَعَ أَنَّ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ تَرُدُّنِي عَلَى أُمُورٍ حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْقَضِي اللَّيْلُ وَلَمْ أَفْرَغْ مِنْ حَاجَتِي "
(1/126)
123 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَوْتُ قَالَ: «أَخْرِجُوا فِرَاشِي إِلَى صَحْنِ الدَّارِ» فَأُخْرِجَ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ فَإِنِّي لَمْ أُصَبْ بِمِثْلِهَا»
(1/126)
124 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، ثَنَا صَالِحٌ الْمُزَنِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَسْتَرْجِعُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَبَتِ، هَلْ رَأَيْتُ شَيْئًا فَقَدْ غَمَمْتَنَا؟ قَالَ: «أَيْ بُنَيَّ هِيَ وَاللَّهِ نَفْسِي الَّتِي لَمْ أُصَبْ بِمِثْلِهَا»
(1/126)
125 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ، ثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، قَالَ: " لَمَّا ابْتُلِيَ أَيُّوبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنَفْسِهِ: «قَدْ نِعْمَتِ سَبْعِينَ سَنَةً فَاصْبِرِي عَلَى الْبَلَاءِ سَبْعِينَ سَنَةً»
(1/127)
126 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، " قَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ: مَا أَصَبْتُ مِنْ أَيُّوبَ شَيْئًا فَرِحْتُ بِهِ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ أَنِينَهُ عَلِمْتُ أَنِّي قَدْ أَبَلَغْتُ إِلَيْهِ "
(1/127)
127 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ صَالِحٌ الْمُرِّيَّ: «اللَّهُمَّ اعْدِنَا عَلَى أَنْفُسِنَا عَدْوَى لَا عُقُوبَ عَلَيْنَا فِيهَا»
(1/127)
128 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ بَكْرٍ، سَمِعْتُ كِلَابَ بْنَ
جُرَيٍّ، قَالَ: رَأَيْتُ شَابًّا بِبَيْتِ الْمَقِدسِ قَدْ عَمِشَ مِنْ طُولِ
الْبُكَاءِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا فَتَى كَمْ تَكُونُ الْعَيْنُ سَلِيمَةً عَلَى
هَذَا الْبُكَاءِ؟ قَالَ: فَبَكَى ثُمَّ قَالَ «كَمْ شَاءَ رَبِّي فَلْتَكُنْ
وَإِذَا شَاءَ سَيِّدِي فَلْتَذْهَبْ فَلَيْسَتْ بِأَكْرَمَ عَلَيَّ مِنْ بَدَنِي
إِنَّمَا أَبْكِي رَجَاءَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ تَكُنِ
الْأُخْرَى فَهُوَ وَاللَّهِ شَقَاءُ الدَّهْرِ وَحُزْنُ الْأَبَدِ، وَالْأَمْرُ
الَّذِي كُنْتُ أَخَافُهُ وَأَحْذَرُهُ عَلَى نَفْسِي وَإِنِّي احْتَسِبُ عَلَى
اللَّهِ غَفْلَتِي فِي نَفْسِي وَتَقْصِيرِي فِي حَظِّي ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ»
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ
الْجَوْرِيُّ:
[الْبَحْر الْبَسِيط]
إِنِّي أَرِقْتُ وَذِكْرُ الْمَوْتِ أَرَّقَنِي ... فَقُلْتُ لِلدَّمعِ
أَسْعِدْنِي فَأَسْعَدَنِي
إِنْ لَمْ أَبْكِ لِنَفْسِي مُشْعِرًا حُزْنًا ... قَبْلَ الْمَمَاتِ وَلَمْ
أَرِقْ لَهَا فَمَنِ
يَا مَنْ يَمُوتُ وَلَمْ تُحْزِنْهُ مِيتَتُهُ ... وَمَنْ يَمُوتُ فَمَا أَوْلَاهُ
بِالْحُزْنِ
إِنِّي لَأُرْقِعُ أَثْوَابِي وَيُخْلِقُهَا ... جَدَبُ الزَّمَانِ لَهَا
بِالْوَهَنِ وَالْعَفَنِ
لِمَنْ أُثْمِرُ أَمْوَالِي وَأَجْمَعُهَا ... لِمَنْ أَرْوَحُ لِمَنْ أَغْدُ
لِمَنْ لِمَنِ
لِمَنْ سَيُوقِعُ بِي لَحْدِي وَيَتْرُكُنِي ... تَحْتَ الثَّرَى تَرِبَ
الْخَدَّيْنِ وَالذَّقْنِ
(1/127)
129 - حَدَّثَنِي هَارُونُ
بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ الْقُرَوِيُّ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو
عَزْبَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: كَانَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
يَجْتَمِعُونَ فِي مَجْلِسٍ لَهُمْ بِاللَّيْلِ يَسْمُرُونَ فِيهِ فَلَمَّا قُتِلَ
النَّاسُ يَوْمَ الْحَرَّةِ قُتِلُوا وَنَجَا مِنْهُمْ رَجُلٌ فَجَاءَ إِلَى
مَجْلِسِهِ فَلَمْ يُحِسَّ مِنْهُمْ أَحَدًا ثُمَّ جَاءَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ
فَلَمْ يُحِسَّ مِنْهُمْ أَحَدًا ثُمَّ جَاءَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ فَلَمْ
يُحِسَّ مِنْهُمْ أَحَدًا فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ قُتِلُوا فَتَمَثَّلَ بِهَذَا
الْبَيْتِ: «
[الْبَحْر الوافر]
أَلَا ذَهَبَ الْكُمَاةُ وَخَلَّفُونِي ... كَفَى حُزْنًا بِذِكْرِي لِلْكُمَاةِ»
قَالَ: فَنُودِيَ مِنْ جَانِبِ الْمَجْلِسِ: «
[الْبَحْر الوافر]
فَدَعْ عَنْكَ الْكُمَاةَ فَقَدْ تَوَلَّتْ ... وَنَفْسَكَ فَابْكِهَا قَبْلَ
الْمَمَاتِ
فَكُلُّ جَمَاعَةٍ لَا بُدَّ يَوْمًا ... يُفَرِّقُ بَيْنَهَا شَعَثُ الشَّتَاتِ»
(1/128)
130 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَذْكُرُ أَنَّ سُلَيْمَانَ
بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ رُبَّمَا نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَيَقُولُ: «أَنَا
الْمَلِكُ الشَّابُّ» قَالَ: فَنَزَلَ مَرْجَ دَابِقٍ فَمَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي
مَاتَ فِيهِ وَفَشَتِ الْحُمَّى فِي أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ فَدَعَا جَارِيَتَهُ
بِوَضُوءٍ فَبَيْنَا هِيَ تُوَضِّئُهُ إِذْ سَقَطَ الْكُوزُ مِنْ يَدِهَا قَالَ:
«مَا قِصَّتُكِ؟» قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ قَالَ: فَفُلَانٌ قَالَتْ: مَحْمُومٌ،
قَالَ: فَفُلَانَةُ قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ قَالَ: «الْحَمْدُ اللَّهِ الَّذِي
جَعَلَ خَلِيفَتَهُ فِي أَرْضِهِ لَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُوَضِّئُهُ» ثُمَّ
الْتَفَتَ إِلَى خَالِهِ ابْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْقَعْقَاعِ الْعَنْسِيِّ
فَقَالَ: «
[الْبَحْر الْكَامِل]
قَرِّبْ وَضُوءَكَ يَا وَلِيدُ فَإِنَّمَا ... هَذِهِ الْحَيَاةُ تَعِلَّةٌ
وَمَتَاعٌ»
قَالَ: فَأَجَابَهُ الْوَلِيدُ:
[الْبَحْر الْكَامِل]
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ فِي حَيَاتِكَ صَالِحًا ... فَالدَّهْرُ فِيهِ فُرْقَةٌ
وِجِمَاعُ
(1/129)
131 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنِي مُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْهَجَرِيُّ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ، مِنْ أَهْلِ هَجَرَ يُكَنَّى أَبَا صَالِحٍ قَالَ: " تَفَكَّرْتُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِي فَمَقَتُّ نَفْسِي فَدَمَعتَ عَيْنِي لِمَا ذَكَرْتُ، وَسَهِرْتُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ ثُمَّ أَغْفَيْتُ مَوْضِعِي فَإِذَا بِجَارِيَةٍ حَسْنَاءَ عَلَيْهَا ثِيَابٌ خَضِرٌ وَمَعَهَا شَيْءٌ شِبْهُ الْقُرْصِ الْأَبْيَضِ فَقَالَتْ: ذُقْ هَذَا فَذُقْتُهُ فَإِذَا هُوَ شُهْدٌ فَاسْتَعْذَبْتُهُ فَجَعَلَتْ تُلْقِمُنِي فَقُلْتُ: مَا ذُقْتُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَتْ: هَذَا مِنْكَ فَإِنْ زِدْتَ زَادَوكَ فَقُلْتُ: فَسِّرِي قَالَتْ: مَقْتُكُ نَفْسَكَ عُبَادَةٌ وَفِكْرَتُكَ حَسَنَةٌ وَدَمْعَتُكَ مَسَرَّةٌ وَصَلَاتُكَ جُنَّةٌ ثُمَّ قَالَتِ: اعْمَلْ لِلْكَرِيمِ لَا تَضِيقُ بِالْكَبِيرِ وَقُلْ: يَا مُتَّسِعُ اتَّسِعْ عَلَيْنَا بِفَضْلِكَ وَأَهِّلْنَا لِأَمْرٍ لَسْنَا أَهْلَهُ فَإِنْ لَمْ نَسْتَحِقَّ الْمَغْفِرَةَ فَأَنْتَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَجُدْ عَلَيْنَا بِرَحْمَتِكَ فَإِنَّ مَا عِنْدَنَا يَنْفُذُ وَمَا عِنْدَكَ يَبْقَى وَنَحْنُ إِلَى الْفَنَاءِ وَأَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ثُمَّ قَالَتِ: اضْطَجِعْ فَاضْطَجَعْتُ فَنِمْتُ فَانْتَبَهْتُ فَإِذَا فِي يَدِي خِرْقَةُ حَرِيرٍ لَازَوَرْدٍ فِيهَا مَكْتُوبٌ: سُبْحَانَ مَنْ أَنْعَمَ وَشُكِرَ وَأَعْطَى مَنْ كَفَرَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَجْهَلَكَ تُطِيعُ عَدُوَّكَ وَتَعْصِي رَازِقَكَ وَفِيهِ تَيَقَّظْ مِنْ مَنَامِكِ يَا غَبِيُّ فَخَيْرُ تِجَارَةِ الدُّنْيَا التُّقَى قَالَ: فَانْتَبَهْتُ وَإِنَّهَا لَمُلْصَقَةٌ فِي رَاحَتِي "
(1/129)
132 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: " مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: خَيْرًا قُلْتُ: مَاذَا؟ قَالَ: قِيلَ لِي: الْمَالُ مَا كَدَدْتَ نَفْسَكَ فَالْيَوْمَ أُطِيلُ رَاحَتَكَ وَرَاحَةَ الْمَتْعُوبِينَ فِي الدُّنْيَا بَخٍ بَخٍ مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهُمْ؟ "
(1/130)
133 - حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ أَبُو الصَّهْبَاءِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ: " طَلَبَ الدُّنْيَا فَكَانَ حَلَالُهَا فَجَعَلْتُ لَا أُصِيبُ مِنْهَا إِلَّا قُوتًا أَمَّا أَنَا فَلَا أُعِيلُ فِيهِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُجَاوِزُنِي، لَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: أَيْ نَفْسِي جُعِلَ رِزْقُكِ كَفَافًا فَارْتَعِي بِغَيْرِ تَعَبٍ وَلَا نَكَدٍ "
(1/131)
134 - حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا ابْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: قَالَ صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ: «قَدْ أَرَى مَوْضِعَ الشَّهَادَةِ لَوْ تُتَابِعُنِي نَفْسِي»
(1/131)
135 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُرْدُنِّيُّ، قَالَ: دَخَلَ عَلَى زَنْجُلَةَ الْعَابِدَةِ نَفَرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ فَكَلَّموُهَا فِي الرِّفْقِ بِنَفْسِهَا فَقَالَتْ: «مَا لِي وَللِرِّفْقِ بِهَا إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ مُبَادَرَةٍ فَمَنْ فَاتَهُ الْيَوْمَ شَيْءٌ لَمْ يُدْرِكْهُ غَدًا وَاللَّهِ يَا إِخْوَتَاهْ لَأُصَلِّيَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَقَلَّتْنِي جَوَارِحِي وَلَأَصُومَنَّ لَهُ أَيَّامَ حَيَاتِي وَلَأَبْكِيَنَّ لَهُ مَا حَمَلَتِ الْمَاءَ عَيْنِي» ثُمَّ قَالَتْ: «أَيُّكُمْ يَأْمُرُ عَبْدَهُ بِأَمْرٍ فَيُحَبُّ أَنْ يُقَصِّرَ فِيهِ؟»
(1/131)
136 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي سَجَقُ بْنُ مَنْظُورٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنِي سَرَّارُ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَتْ لِيَ امْرَأَةُ عَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ: عَاتِبْ عَطَاءً فِي كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَعَاتَبْتُهُ فَقَالَ لِي: يَا سَرَّارُ، «كَيْفَ تُعَاتِبُنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ هُوَ إِلَيَّ، إِنِّي إِذَا ذَكَرْتُ أَهْلَ النَّارِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِقَابِهِ تَمَثَّلَتْ لِي نَفْسِي ثَمَّ، فَكَيْفَ لِنَفْسٍ تُغَلُّ يَدُهَا إِلَى عُنُقِهَا وَتُسْحَبُ فِي النَّارِ أَنْ لَا تَصِيحَ وَتَبْكِيَ؟ وَكَيْفَ لِنَفْسٍ تُعَذَّبُ أَنْ لَا تَبْكِيَ؟ وَيْحَكَ يَا سَرَّارُ مَا أَقَلَّ غَنَاءَ الْبُكَاءِ عَنْ أَهْلِهِ إِنْ لَمْ يَرْحَمْهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»
(1/131)
137 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، قَالَ: " وَصَفْتُ لِأُخْتِي عَبْدَةَ قَنْطَرَةً مِنْ قَنَاطِرِ جَهَنَّمَ فَأَقَامَتْ لَيْلَةً وَيَوْمًا فِي صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ مَا تَسْكُتُ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا بَعْدُ فَكُلَّمَا ذَكَرْتُ لَهَا صَاحَتْ صَيْحَةً وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَتْ قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ صِيَاحُهَا؟ قَالَ: مَثَّلَتْ نَفْسَهَا عَلَى الْقَنْطَرَةِ وَهِيَ بِكِفَانِهَا "
(1/131)
138 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ غَنَّامِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي عُمَرُ أَبُو حَفْصٍ الْجَزَرِيُّ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْأَبْيَضِ وَكَانَ عَابِدًا إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ «لَمْ تُكَلَّفْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا نَفْسًا وَاحِدَةً فَإِنْ أَنْتَ أَصْلَحْتَهَا لَمْ يَضُرَّكَ فَسَادُ مَنْ فَسَدَ بِصَلَاحِهَا وَإِنْ أَنْتَ أَفْسَدْتَهَا لَمْ يَنْفَعْكَ صَلَاحُ مَنْ صَلَحَ بِفَسَادِهَا وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَسْلَمُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى لَا تُبَالِيَ مِنْ أُكُلِهَا مِنْ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ»
(1/132)
139 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ هَارُونَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: «أَصْبَحْتُ بَطِيًّا بَطِينًا مُتَلَوِّثًا مِنَ الْخَطَايَا أَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْأَمَانِيَّ»
(1/132)
140 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ
الْحُسَيْنِ، يَذْكُرُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ
نَائِمًا فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، " أَخْبِرِ
النَّاسَ:
[الْبَحْر الْكَامِل]
إِنَّ النُّفُوسَ رَهَائُنُ بِكُسُوبِهَا ... فَاعْمَلْ فَإِنَّ فِكَاكَهُنَّ
الدَّأَبُ "
(1/132)
141 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّ الْحَسَنَ قَدِمَ مَكَّةَ فَلَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ وَلَمْ يَطُفْ فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ، قَالَ: «وَجَدْتُ فِي نَفْسِي فَتْرَةً فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَوِّدَهَا الضِّجْعَةَ»
(1/132)
142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ، قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: «إِنَّ لِلْعَيْنِ نَوْمًا وَسَهَرًا إِذَا عَوَّدْتَهَا السَّهَرَ اعْتَادَتْ وَإِذَا عَوَّدْتَهَا النَّوْمَ اعْتَادَتْ»
(1/133)
143 - وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي مَعْدَانُ بْنُ سَمُرَةَ الْعِجْلِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الزِّبْرِقَانِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «إِنَّ الصَّالِحِينَ فِيمَا مَضَى كَانَتْ أَنْفُسُهُمْ تُوَاتِبُهُمْ عَلَى الْخَيْرِ عَفْوًا وَإِنَّ أَنْفُسَنَا لَا تَكَادُ تُوَاتِبُنَا إِلَّا عَلَى كُرْهٍ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُكْرِهَهَا»
(1/133)
144 - حَدَّثَنِي هَارُونُ عَنْ سَيَّارٍ، ثَنَا جَعْفَرٌ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ، أَدْرَكَ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعِظُ أَصْحَابَهُ فَيَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ نَفْسًا إِنْ نَعَّمَهَا صَاحِبُهَا وَقَنَّفَهَا وَكَارَبَهَا ذَمَّتْهُ غَدًا قُدَّامَ اللَّهِ وَإِنْ خَالَفَهَا وَأَنْصَبَهَا وَأَتْعَبَهَا مَدَحَتْهُ غَدًا قُدَّامَ اللَّهِ تِيكُمْ أَنْفُسُكُمُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبِكُمْ»
(1/133)
145 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثَنَا سَيَّارٌ، ثَنَا رَبَاحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمَعْمَرٌ، قَالُوا: سَمِعْنَا سُمَيْطَ بْنَ عَجْلَانَ، يَقُولُ: «إِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَبْدَانَكُمْ إِلَّا مَطَايَاكُمْ فَأَمْضُوهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ»
(1/134)
146 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمُقَدَّمِيُّ، ثَنَا نَهْشَلُ بْنُ قَيْسٍ الْعَنْبَرِيُّ، سَمِعْتُ صَخْرَ بْنَ أَبِي صَخْرٍ، قَالَ: قَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوَ أَنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ أَوَ مِثْلِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟»
(1/134)
147 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنِّي خَلَّفْتُ زِيَادَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ يُخَاصِمُ نَفْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُولُ؟: «اجْلِسْ أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟ أَتَخْرُجِينَ إِلَى أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ؟ انْظُرِي إِلَى مَا فِيهِ تُرِيدِينَ أَنْ تُبْصِرِي دَارَ فُلَانٍ وَدَارَ فُلَانٍ وَدَارَ فُلَانٍ؟» قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: «وَمَا لَكِ مِنَ الطَّعَامِ يَا نَفْسُ إِلَّا هَذَا الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ وَمَا لَكِ مِنَ الثِّيَابِ إِلَّا هَذَانِ الثَّوْبَانُ، وَمَا لَكِ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا هَذِهِ الْعَجُوزُ، أَفَتُحِبِّينَ أَنْ تَمُوتِي؟» فَقَالَتْ: «أَنَا أَصْبِرُ عَلَى هَذَا الْعَيْشِ»
(1/134)
148 - وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ غَلِيظٍ، قَالَ: مَضَيْتُ مَعَ عَامِرِ بْنِ الصَّبَّاحِ إِلَى بَكْرٍ الْعَابِدِ وَكَانَ فِي دَارٍ وَحْدَهُ فَسَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ فَلَمَّا أَدْرَكَنَا قَالَ لَهُ عَامِرٌ: لِمَنْ كُنْتَ تُكَلَّمُ؟ قَالَ: " لِنَفْسٍ نَازَعَتْنِي الطَّعَامَ فَإِذَا مَطْهَرَةٌ فِيهَا كِسَرٌ قَدْ بَلَّهَا فَسَأَلَتْنِي مِلْحًا طَيِّبًا فَقُلْتُ لَهَا: لَيْسَ إِلَّا مِلْحُ الْعَجِينِ الْجَرِيشُ فَإِنْ كُنْتِ تَشْتَهِينَ هَذَا وَإِلَّا فَلَيْسَ عِنْدِي غَيْرُهُ قَالَ فَمَكَثَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثًا لَمْ يَطْعَمْ شَيْئًا "
(1/134)
149 - حَدَّثَنِي أَبُو
الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، ثَنَا الْمُبَارَكُ،
عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " أَيْسَرُ النَّاسِ حِسَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الَّذِينَ يُحَاسِبُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَوَقَفُوا عِنْدَ
هُمُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ الَّذِي هَمُّوا بِهِ لَهُمْ مَضَوْا
وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ أَمْسَكُوا قَالَ: وَإِنَّمَا يَثْقُلُ الْأَمْرُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عَلَى الَّذِينَ جَازَفُوا الْأُمُورَ فِي الدُّنْيَا أَخَذُوهَا
مِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ فَوَجَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحْصَى
عَلَيْهِمْ مَثَاقِيلَ الذَّرِّ وَقَرَأَ {مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ
صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} "
[ص:135]
قلت وَوجدت بعد آخر الْكتاب هَذَا الْكَلَام:
لحمد لله وَحده وَصلى الله على مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وسلمعلى الأَصْل مَا ملخصه
سَمعه على الشَّيْخ عَلَاء الدَّين سنقر أبي سعيد بن عبد الله الْأَسدي القصابي
الْحلَبِي بِسَمَاعِهِ من الْمُوفق عبد اللَّطِيف بن يُوسُف مُحَمَّد
الْبَغْدَادِيّ فِي رَجَب سنة أَنا أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن
البطي أَنا الْخَطِيب عَليّ بن مُحَمَّد الْأَنْبَارِي أَنا أَبُو الْحُسَيْن
عَليّ بن مُحَمَّد بن بَشرَان بِسَنَدِهِ أولهو كتاب التَّوَكُّل لـ ابْن أبي
الدُّنْيَا أَيْضا بِسَمَاعِهِ من الْمُوفق عبد اللَّطِيف فِي شعْبَان سنة
بِسَمَاعِهِ من شهدة بنت أَحْمد الكاتبة بسماعها من أبي الْخطاب نصر بن أَحْمد بن
البطر أَنا أَبُو الْحُسَيْن بن بَشرَان أَنا ابْن صَفْوَان عَنهُ وَكتاب
الْأَرْبَعين البكدائية ل أبي طَاهِر السلَفِي بِسَمَاعِهِ على أبي الْحسن عَليّ
بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الصَّابُونِي فِي شعْبَان سنة بحلب عُثْمَان بن بلنان
المقاتلي وَأحمد بن سنجر عَتيق بن فَارس الْحَرَّانِي أَبوهُ وَعبد الْعَزِيز بن عماد
الدَّين بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْهَاشِمِي وَمُحَمّد بن نجم الدَّين بن
عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن صَالح العجمي وَآخَرُونَ وَصَحَّ يَوْم السبت خَامِس
عشر من ربيع الأول سنة خمس وَسَبْعمائة بِمَسْجِد قبات فِي حلب وَأَجَازَ وسَمعه
أَي كتاب المحاسبة هَذَا على الشَّيْخ طهر الدَّين أبي هَاشم مُحَمَّد بن نجم
الدَّين بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن صَالح بن هَاشم بن عبد الله بن العجمي
الْحلَبِي بِسَمَاعِهِ ترَاهُ من سنقر بِقِرَاءَة أبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن
مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الْمُنْذِرِيّ الدِّمَشْقِي وَكتب فِي الأَصْل وَمن خطه
نقلت الْعِزّ أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن عبد الْعَزِيز الْمُؤَذّن
الْبَغْدَادِيّ والبدر مُحَمَّد بن يحيى بن سليم بن أَحْمد بن صبح المادح
وَالصَّلَاح خَلِيل بن هِلَال بن حسن الحاصري وولداه المحمدان الْعِزّ والكمال
وَأَخُوهُ اصلاح لأمة الشَّمْس مُحَمَّد بن أَيُّوب بن اسماعيل الحاصري والكمال
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الشّحْنَة وَولده مُحَمَّد وشمس الدَّين
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الدَّائِم ولد أَخِيه نَاصِر الدَّين مُحَمَّد بن
أَحْمد وَالشَّمْس مُحَمَّد بن قَاسم بن أَحْمد المغربي أَبوهُ وَولده مُحَمَّد
وَالْجمال عبد الله بن سعيد بن أبي بكر المشرقي والصدر مُحَمَّد بن عُثْمَان بن
عبد الصَّمد عرف ب ابْن قَاضِي عزار وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد عرف
بفقيه تونس وَصَحَّ بكرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشْرين جُمَادَى الآ خرةسنة
أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بمكتب الشُّهُود تجاه قلعة حلب وَأَجَازَ قلت أما
فِي آخر النُّسْخَة ب المنسوخة بدار الْكتب المصرية مَكْتُوب هَذَا الْكَلَام بعون
الله تَعَالَى وتوفيقه قد تمّ نسخ هَذَا الْكتاب فِي صباح يَوْم الْأَرْبَعَاء الْمُوَافق
من شهر شعْبَان الْمُعظم من سنة هجرية وَفِي من شهر ديسمبر من سنة ميلادية بقلم
راجي عَفْو المتين مَحْمُود بن عبد اللَّطِيف فَخر الدَّين النساخ بدار الْكتب
المصرية نقلا عَن النُّسْخَة الخطية المحفوظة بدار الْكتب المصرية تَحت نمرة
حَدِيث وَذَلِكَ على نَفَقَة دَار الْكتب المصرية العامرة وَصلى الله على سيدنَا
مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم
لحمد لله وَحده وَصلى الله على مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم.
على الأَصْل مَا ملخصه: سَمعه على الشَّيْخ عَلَاء الدَّين سنقر أبي سعيد بن عبد
الله الْأَسدي القصابي الْحلَبِي بِسَمَاعِهِ من الْمُوفق عبد اللَّطِيف بن يُوسُف
مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ فِي رَجَب سنة 628 أَنا أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد
الْبَاقِي بن البطي أَنا الْخَطِيب عَليّ بن مُحَمَّد الْأَنْبَارِي أَنا أَبُو
الْحُسَيْن عَليّ بن مُحَمَّد بن بَشرَان بِسَنَدِهِ أَوله.
وَكتاب التَّوَكُّل ل ابْن أبي الدُّنْيَا أَيْضا بِسَمَاعِهِ من الْمُوفق عبد
اللَّطِيف فِي شعْبَان سنة 628 بِسَمَاعِهِ من شهدة بنت أَحْمد الكاتبة بسماعها من
أبي الْخطاب نصر بن أَحْمد بن البطر أَنا أَبُو الْحُسَيْن بن بَشرَان أَنا ابْن
صَفْوَان عَنهُ وَكتاب الْأَرْبَعين البكدائية ل أبي طَاهِر السلَفِي بِسَمَاعِهِ
على أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الصَّابُونِي فِي شعْبَان سنة
627 بحلب عُثْمَان بن بلنان المقاتلي وَأحمد بن سنجر عَتيق بن فَارس الْحَرَّانِي
أَبوهُ وَعبد الْعَزِيز بن عماد الدَّين بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْهَاشِمِي
وَمُحَمّد بن نجم الدَّين بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن صَالح العجمي
وَآخَرُونَ وَصَحَّ يَوْم السبت خَامِس عشر من ربيع الأول سنة خمس وَسَبْعمائة
بِمَسْجِد قبات فِي حلب وَأَجَازَ وسَمعه أَي كتاب المحاسبة هَذَا على الشَّيْخ
طهر الدَّين أبي هَاشم مُحَمَّد بن نجم الدَّين بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن
صَالح بن هَاشم بن عبد الله بن العجمي الْحلَبِي بِسَمَاعِهِ ترَاهُ من سنقر
بِقِرَاءَة أبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الْمُنْذِرِيّ
الدِّمَشْقِي وَكتب فِي الأَصْل وَمن خطه نقلت الْعِزّ أَبُو مُحَمَّد عبد
الْعَزِيز بن عبد الْعَزِيز الْمُؤَذّن الْبَغْدَادِيّ والبدر مُحَمَّد بن يحيى بن
سليم بن أَحْمد بن صبح المادح وَالصَّلَاح خَلِيل بن هِلَال بن حسن الحاصري وولداه
المحمدان الْعِزّ والكمال وَأَخُوهُ اصلاح لأمة الشَّمْس مُحَمَّد بن أَيُّوب بن
اسماعيل الحاصري والكمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الشّحْنَة وَولده
مُحَمَّد وشمس الدَّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الدَّائِم ولد أَخِيه نَاصِر
الدَّين مُحَمَّد بن أَحْمد وَالشَّمْس مُحَمَّد بن قَاسم بن أَحْمد المغربي
أَبوهُ وَولده مُحَمَّد وَالْجمال عبد الله بن سعيد بن أبي بكر المشرقي والصدر
مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الصَّمد عرف ب ابْن قَاضِي عزار وَالشَّمْس مُحَمَّد
بن عَليّ بن مُحَمَّد عرف بفقيه تونس وَصَحَّ بكرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع
عشْرين جُمَادَى الآ خرةسنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بمكتب الشُّهُود تجاه
قلعة حلب وَأَجَازَ.
قلت أما فِي آخر النُّسْخَة [ب] المنسوخة بدار الْكتب المصرية مَكْتُوب هَذَا
الْكَلَام.
بعون الله تَعَالَى وتوفيقه قد تمّ نسخ هَذَا الْكتاب فِي صباح يَوْم
الْأَرْبَعَاء الْمُوَافق 15من شهر شعْبَان الْمُعظم من سنة 1351هجرية وَفِي 14 من
شهر ديسمبر من سنة 1932ميلادية بقلم راجي عَفْو المتين مَحْمُود بن عبد اللَّطِيف
فَخر الدَّين النساخ بدار الْكتب المصرية نقلا عَن النُّسْخَة الخطية المحفوظة
بدار الْكتب المصرية تَحت نمرة 1559حَدِيث وَذَلِكَ على نَفَقَة دَار الْكتب
المصرية العامرة.
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم.==
الكتاب: مجابو
الدعوة (مطبوع ضمن مجموعة رسائل ابن أبي الدنيا)
المؤلف: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي
المعروف بابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ)
ثَلَاثَةٌ تَكَلَّمُوا فِي الْمَهْدِ
(1/11)
قَالَ أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ
بْنث شَاهِينَ سَبْطُ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ: أَخْبَرَتْنِي
الشَّيْخَتَانِ الْمُسْنِدَتَانِ: أُمُّ الْكِرَامِ أَنَسُ خَاتُونَ بْنِتُ عَبْدِ
الْكَرِيمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّلْخِمُّي، وَأُمُّ الْفَضلِ
هَاجُرُ بِنْتُ الْمُحَدِّثِ الشَّرَفِ الْقُدْسِيِّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِمَا
مُجْتَمِعَتَيْنِ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ
وَعِشْرِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ، وَسَمِعَهُ السَّادَةُ الْأَشْيَاخُ: الْقُدْوَةُ
بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَرَكَةَ النُّعْمَانِيُّ،
وَشَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقَوبَ بْنِ خَلَفٍ الْمِصْرِيُّ، وَمُحْيِي
الدِّينِ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حُسَيْن الدِّفْنَائِيُّ، وَصَحَّ
ذَلِكَ فِي مَجْلِسَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي مَنْزِلِ الْمُسَمِّعَةِ الْأُولَى.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
عُمرَ الْبَالِسِيُّ، عَنْهَا سَمَاعًا وَأَجَازَ مُكَاتَبَةً ح. وَكَتَبَ إِلَيَّ
بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ
الْحَدَّادِ الدِّمَشْقِيُّ ح. وَأَخْبَرَنَا بِهِ عَالِيًا الشَّيْخَانِ
الْمُسْنِدَانِ الْمُعَمِّرَانِ برْهَانُ الدِّينِ بنُ حَجِّي الْخَلِيلِيُّ،
وَشِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ مِنْ
كِتَابَيْهِمَا إِلَيَّ. قَالُوا: حَدَّثَتْنَاَ الْمُسْنِدَةُ زَيْنَبُ بِنْتُ
الْكَمَالِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا الْأَعَزُّ
بْنُ فَضَائِلِ بْنِ الْعَلِيقِ، عَنْهُمَا سَمَاعًا إِجَازَةً، حَدَّثَتْنَا
الْكَاتِبَةُ فَخْرُ النِّسَاءِ: شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الفْرَجِ
بْنِ عُمَرَ الدِّينَوَرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهَا وَنَحْنُ نَسْمَعُ بِبَغْدَادَ،
قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ طَرَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
الزَّيْنَبِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ بِبَغْدَادَ. أَخْبَرَنَا
أَبُو الْحُسَينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ
السُّكَّرِيُّ الْمَعَدِّلُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ، وَأَصْلُهُ
حَاضِرٌ يَنْظُرُ فِيِه. أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ
الْبَرْدَعِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ
وَثَلَاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ عُبَيدٍ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ: [ص:12]
1 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ
الْعَامِرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ
حَازِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي
الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ
جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، وَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ
أُمُّهُ وَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُمِّي وَصَلَاتِي،
فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ أُمُّهُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ
أَتَتْهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُمِّي وَصَلَاتِي،
فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ
فِي وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا
وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيُّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ:
إِنْ شِئْتُمْ فِتْنَتَهُ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ، قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ،
فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى
صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ،
فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، [ص:13] فَأَتَوْهُ
فَاسْتَنْزَلُوهُ، وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ، فَقَالَ:
مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ، قَالَ:
أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: بِاللَّهِ يَا غُلَامُ، مَنْ
أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ
وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ:
لَا، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا، وَبَيْنَمَا صَبِيُّ
يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ،
وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا
فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأَقْبَلَ عَلَى أُمِّهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ:
اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيهِ فَجَعَلَ
يَرْتَضِعُ " قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ فِي فِيهِ،
فَجَعَلَ يَمُصُّهَا قَالَ: " وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا
وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا فَتَرَكَ
الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا
فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ فَقَالَتْ: مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الشَّارَةِ
فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمَرُّوا بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ،
فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ
اجْعَلْنِي مِثْلَهَا؟ فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا، فَقُلْتُ:
اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ وَإِنْ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَلَمْ
تَزْنِ، وَسَرَقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ، فَأَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا
"
(1/11)
ثَوَابُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ
(1/14)
2 - حَدَّثَنَا أَبُو
خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا
أَبِي، عَنْ صَالِحٍ - يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ رَهْطٍ يَتَمَاشَوْنَ، أَخَذَهُمُ
الْمَطَرُ، فَآوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِيهِ إِذِ
انْحَطَّتْ صَخْرَةٌ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَفْضَلَ أَعْمَالٍ عَمِلْتُمُوهَا، فَاسْأَلُوهُ بِهَا
لَعَلَّهُ يُفَرَّجُ عَنْكُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي
وَالِدَانِ كَبِيرَانِ، وَكَانَتْ لِي امْرَأَةٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ، فَكُنْتُ
أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا أَرَحْتُ غَنَمِي بَدَأْتُ بِأَبَوَيَّ
فَسَقَيْتُهُمَا، فَلَمْ آتِ حَتَّى نَامَ أَبَوَايَ، فَطَلَبْتُ الْإِنَاءَ ثُمَّ
حَلَبْتُ، ثُمَّ قُمْتُ بِحِلَابِي عِنْدَ رَأْسِ أَبَوَيَّ، وَالصِّبْيَةُ
يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ أَنْ أَبْدَأَ بِهِمْ قَبْلَ أَبَوَيَّ،
وَأَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ قَائِمًا
حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ
ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَجَ
لَهُمْ فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ
إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، فَأَحْبَبْتُهَا حُبًّا كَانَتْ أَعَزَّ
النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَأَلْتُهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا، حَتَّى تَأْتِيَنِي
بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُهَا
بِهَا، فَلَمَّا كُنْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتِ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا
تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ
تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً،
فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ
اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ ذُرَةٍ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ عَرَضْتُهُ
عَلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَعْتَمِلُ
بِهِ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرِعَاءً، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ
وَأَعْطِنِي حَقِّي، وَلَا تَظْلِمْنِي فَقُلْتُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ
الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْهَا، فَذَهَبَ فَاسْتَاقَهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ
تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا بَقِيَ
مِنْهَا فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ " [ص:15]
3 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا
الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ الرُّصَافِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَحْوَهُ
4 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ
5 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نَحْوَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ [ص:16]
6 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي
عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَحْوَهُ
7 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ [ص:17]
8 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، سَمِعْتُ
وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّهُ
سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
9 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَجِيلَةَ،
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِنَحْوِهِ [ص:18]
10 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ [ص:19]
11 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ سُرَيْجِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادِ
بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بِنَحْوِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ
12 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ
حَنَشِ بْنِ الْحَارِثِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ
13 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ
عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ
14 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ
قَيْسٍ بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ [ص:20]
15 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
حَمْزَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ
النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ
16 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ
أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ
17 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ،
عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِنَحْوِهِ
(1/14)
دُعَاءُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(1/20)
18 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نَهِيكٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ قَالَ: اسْتَقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، فِيهِ شَعْرَةٌ، فَرَفَعْتُهَا ثُمَّ نَاوَلْتُهُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ» قَالَ أَبُو نَهِيكٍ: «فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ»
(1/20)
دُعَاءُ الْحَاجَةِ
(1/21)
19 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا
بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنِي زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ
جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مَنْهَبٍ قَالَ: قَالَ عَمِّي عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسِ بْنِ
أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ تَحَدَّثَ , عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ أُمِّهِ
رُقَيْقَةَ ابْنَةِ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ قَالَتْ: " تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُونَ أَقْحَلَتِ
الضَّرْعَ وَأَدَقَّتِ الْعَظْمَ فَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمَةٌ - اللَّهُمَّ - أَوْ
مَهْوُمَةٌ، إِذَا هَامَّةٌ تَصْرُخُ بِصَوْتٍ صَحْلٍ، تَقُولُ: مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ فِيكُمْ قَدْ أَظَلَّتْكُمْ
أَيَّامُهُ، وَهَذَا إِبَّانُ نُجُومِهِ، فَحَيَّ هَلَّا بِالْحَيَا وَالْخِصْبِ
أَلَا فَانْظُرُوا رَجُلًا مِنْكُمْ وَسِيطًا عِظَامًا جِسَامًا، أَبْيَضَ بَضًّا،
أَوْطَفَ الْأَهْدَابِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، أَشَمَّ الْعُرَنَيْنِ، لَهُ فَخْرُ
يَكْظُمُ عَلَيْهِ، وَسُنَّةٌ تَهْدِي إِلَيْهِ، فَلْيَخْلُصْ هُوَ وَوَلَدُهُ،
وَلْيَهْبِطْ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَلْيَشِنُّوا مِنَ الْمَاءِ،
وَلْيَمَسُّوا الطِّيبَ، ثُمَّ لِيَسْتَلِمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ لَيَرْتَقُوا
أَبَا قُبَيْسٍ، فَيَسْتَقِي الرَّجُلُ، وَلْيُؤْمِنِ الْقَوْمُ، فَغُثْتُمْ مَا
شِئْتُمْ فَأَصْبَحْتُ عَلِمَ اللَّهُ مَذْعُورَةً، قَدِ اقْشَعَرَّ جِلْدِي،
وَوَلِهَ عَقْلِي، وَاقْتَصَصْتُ رُؤْيَايَ قَوْمًا بِحَرَمِهِ، وَالْحَرَمُ مَا
بَقِيَ فِيهَا أَبْطَحِيُّ إِلَّا قَالُوا: هَذَا شَيْبَةُ الْحَمْدِ، وَتَنَاهَتْ
إِلَيْهِ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ، وَهَبَطَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَشَنُّوا
وَمَشَوْا وَاسْتَلَمُوا، ثُمَّ ارْتَقَوْا أَبَا قُبَيْسٍ، وَطَفِقُوا
جَنَابِيَّهُ مَا يَبْلُغُ سَعْيُهُمْ مُهِلَّةً، حَتَّى اسْتَوَوْا بِذِرْوَةِ
الْجَبَلِ، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ قَدْ أَيْفَعَ أَوْ كَرَبَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ
سَادَّ الْخَلَّةِ، وَكَاشِفَ الْكُرْبَةِ، أَنْتَ مُعَلِّمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ،
وَمَسْئُولٌ غَيْرُ مِبْخِلٍ، وَهَذِهِ عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ بِعَذَراتِ
حَرَّتِكَ، يَشْكُونَ إِلَيْكَ سِنِيَّهُمْ أَذْهَبَتِ الْخُفَّ وَالظِّلْفَ
اللَّهُمَّ فَأَمْطِرَنَّ غَيْثًا مُغْدِقًا مَرِيعًا مُرْتِعًا، فَوَالْكَعْبَةِ
مَا رَامُوا حَتَّى تَفَجَّرَتِ السَّمَاءُ كَأَنْهَارٍ، وَاكْتَظَّ الْوَادِي
بِثَجِيجِهِ، فَلَيَسْمَعَنَّ شِيخَانُ قُرَيْشٍ وِجَلَّتُهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
جُدْعَانَ، وَحَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَهِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، يَقُولُونَ
لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: هَنِيئًا لَكَ أَبَا الْبَطْحَاءِ أَيْ: عَاشَ بِكَ أَهْلُ
الْبَطْحَاءِ [ص:22] وَفِي ذَلِكَ مَا تَقُولُ رُفَيْعَةٌ:
[البحر البسيط]
بِشَيْبَةِ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنَا ... لَمَّا فَقَدْنَا الْحَيَا
وَاجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
فَجَادَنَا الْمَاءُ جَوْنِيُّ لَهُ سُبُلٌ ... سَيْحًا فَعَاشَتْ بِهِ
الْأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ
مَنًّا مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونٍ طَائِرُهُ ... وَخَيْرِ مَنْ بُشِّرَتْ
يَوْمًا بِهِ مُضَرُ
مُبَارَكُ الْأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ ... مَا فِي الْأَنَامِ لَهُ
عِدْلٌ وَلَا خَطَرُ "
(1/21)
دُعَاءُ الْمَظْلُومِ
(1/22)
20 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ
بْنُ غَانِمٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ
حَدَّثَهُمْ قَالَ: [ص:24] بَيْنَا أَنَا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ
خَلِيفَةٌ، وَهُوَ يَعْرِضُ النَّاسَ عَلَى دِيَوَانِهِمْ، إِذْ مَرَّ بِهِ شَيْخٌ
كَبِيرٌ أَعْمَى يَجْبِذُهُ قَائِدُهُ جَبْذًا شَدِيدًا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَآهُ:
" مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا أَسْوَأَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
الْقَوْمِ جَالِسٌ عِنْدَهُ: وَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ: لَا، قَالَ: " هَذَا ابْنُ ضَبْعَا السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الْبَهْزِيُّ،
الَّذِي بَهَلَهُ بُرَيْقٌ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ بُرَيْقًا
لَقَبٌ، فَمَا اسْمُ الرَّجُلِ؟ قَالُوا: عِيَاضٌ، قَالَ: فَدَعَى لَهُ، فَقَالَ:
أَخْبِرْنِي خَبَرَكَ وَخَبَرَ بَنِي ضَبْعَا قَالَ: " يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ، أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ قَدِ انْقَضَى شَأْنُهُ،
وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِسْلَامِ، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ
غُفْرًا، مَا كُنَّا أَحَقَّ بِأَنْ نَتَحَدَّثَ بِأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مُنْذُ
أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، حَدِّثْنَا حَدِيثَكَ وَحَدِيثَهُمْ "
قَالَ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانُوا بَنِي ضَبْعَا عَشْرَةً،
فَكُنْتُ ابْنَ عَمٍّ لَهُمْ لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي أَبِي غَيْرِي، وَكُنْتُ
لَهُمْ جَارًا، وَكَانُوا أَقْرَبَ قَوْمِي لِي نَسَبًا، وَكَانُوا
يَضْطَهِدُونَنِي وَيَظْلِمُونَنِي، وَيَأْخُذُونَ مَالِي بِغَيْرِ حَقِّهِ،
فَذَكَّرْتُهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ وَالْجِوَارَ إِلَّا مَا كَفُّوا عَنِّي،
فَلَمْ يَمْنَعْنِي ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَأَمْهَلْتُهُمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ
الشَّهْرُ الْحَرَامُ رَفَعْتُ يَدَيَّ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قُلْتُ:
[البحر المنسرح]
لَا هُمَّ أَدْعُوكَ دُعَاءً جَاهِدَا ... اقْتُلْ بَنِي الضَّبْعَاءَ إِلَّا
وَاحِدَا
ثُمَّ اضْرِبِ الرَّجُلَ فَذَرْهُ قَاعِدَا ... أَعْمَى إِذَا مَا قِيدَ عَنَّى
الْقَائِدَا
فَتَتَابَعَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ فِي عَامِهِمْ مَوْتًا، وَبَقِيَ هَذَا مَعِي،
وَرَمَاهُ اللَّهُ فِي رِجْلَيْهِ بِمَا تَرَى، فَقَائِدُهُ يَلْقَى مِنْهُ مَا
رَأَيْتَ، فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا لَلْعَجَبُ. فَقَالَ
رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَشَأْنُ أَبِي
تَقَاصُفٍ الْهُذَلِيُّ ثُمَّ الْخُنَاعِيُّ، أَعْجَبُ مِنْ هَذَا، قَالَ:
«وَكَيْفَ كَانَ شَأْنُهُ؟» [ص:25] قَالَ: " كَانَ لِأَبِي تَقَاصُفٍ
تِسْعَةٌ هُوَ عَاشِرُهُمْ، وَكَانَ لَهُمُ ابْنُ عَمٍّ هُوَ مِنْهُمْ
بِمَنْزِلَةِ عِيَاضٍ مِنْ بَنِي ضَبْعَا، فَكَانُوا يَظْلِمُونَهُ
وَيَضْطَهِدُونَهُ، وَيَأْخُذُونَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهَ
وَالرَّحِمَ إِلَّا مَا كَفُّوا عَنْهُ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ،
فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ:
[البحر الكامل]
لَاهُمَّ رَبَّ كُلِّ امْرِئٍ آمَنٍ وَخَائِفْ ... وَسَامِعَ هِتَافَ كُلِّ
هَاتِفْ
إِنَّ الْخُنَاعِيَّ أَبَا تَقَاصُفْ ... لَمْ يُعْطِنِي الْحَقَّ وَلَمْ
يُنَاصِفْ
فَاجْمَعْ لَهُ الْأَحِبَّةَ الْأَلَاطِفْ ... بَيْنَ كَرَّانَ ثَمَّ
وَالنَّوَاصِفْ
قَالَ: " فَتَدَلَّوْا حَيْثُ وَصَفَ فِي قَلِيبٍ لَهُمْ يُصْلِحُونَهُ،
فَتَهَوَّرَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، فَإِنَّهُ لَقَبْرٌ لَهُمْ جَمِيعًا إِلَى
يَوْمِهِمْ هَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا لَلْعَجَبُ،
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَشَأْنُ بَنِي
الْمُؤَمَّلِ مِنْ بَنِي نَصْرٍ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، قَالَ: "
وَكَيْفَ كَانَ شَأْنُ بَنِي مُؤَمَّلٍ؟ قَالَ: كَانَ لَهُمُ ابْنُ عَمٍّ، وَكَانَ
بَنُو أَبِيهِ قَدْ هَلَكُوا، فَأَلْجَأَ مَالَهُ إِلَيْهِمْ وَنَفْسَهُ
لِيَمْنَعُوهُ، فَكَانُوا يَظْلِمُونَهُ وَيَضْطَهِدُونَهُ، وَيَأْخُذُونَ مَالَهُ
بِغَيْرِ حَقٍّ، فَكَلَّمَهُمْ، فَقَالَ: يَا بَنِي مُؤَمَّلٍ، إِنِّي قَدِ
اخْتَرْتُكُمْ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ، وَأَضَفْتُ إِلَيْكُمْ مَالِي وَنَفْسِي
لِتَمْنَعُونِي، فَظَلَمْتُمُونِي وَقَطَعْتُمْ رَحِمِي، وَأَكَلْتُمْ مَالِي
وَأَسَأْتُمْ جَوَارِي، فَأُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ وَالْجِوَارَ إِلَّا
مَا كَفَفْتُمْ عَنِّي فَقَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ، فَقَالَ: يَا بَنِي
مُؤَمَّلٍ، قَدْ صَدَقَ وَاللَّهِ ابْنُ عَمِّكُمْ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِيهِ، فَإِنَّ
لَهُ رَحِمًا وَجِوَارًا، وَإِنَّهُ قَدِ اخْتَارَكُمْ عَلَى غَيْرِكُمْ مِنْ
قَوْمِكُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا
دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ خَرَجُوا أَعْمَارًا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَدْبَارِهِمْ، وَقَالَ:
[البحر الرجز]
لَاهُمَّ زِلْهُمْ عَنْ بَنِي مُؤَمَّلِ ... وَارْمِ عَلَى أَقْفَائِهِمْ
بِمِنْكَلِ
بِصَخْرَةْ أَوْ عَرْضِ جَيْشٍ جَحْفَلٍ ... إِلَّا رَبَاحًا إِنَّهُ لَمْ
يَفْعَلِ [ص:26]
فَبَيْنَمَا هُمْ نُزُولٌ إِلَى جَبَلٍ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِمْ أَرْسَلَ اللَّهُ
صَخْرَةً مِنَ الْجَبَلِ تَجُرُّ مَا مَرَّتْ بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ صَخْرٍ،
حَتَّى دَكَّتْهُمْ دَكَّةً وَاحِدَةً، إِلَّا رَبَاحًا وَأَهْلَ جَنَابِهِ
إِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا لَلْعَجَبُ،
لَمْ يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا كَانَ يَكُونُ؟ قَالُوا: أَنْتَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ قَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ لِمَ كَانَ ذَلِكَ؟
كَانَ النَّاسُ أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، لَا يَرْجُونَ جَنَّةً وَلَا يَخَافُونَ
نَارًا، وَلَا يَعْرِفُونَ بَعْثًا وَلَا قِيَامَةً، فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى
يَسْتَجِيبُ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُمْ عَلَى الظَّالِمِ لِيَدْفَعَ بِذَلِكَ
بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَلَمَّا أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَ
مَعَادَهُمْ، وَعَرَفُوا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ قَالَ:
{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرَّ} [القمر: 46] ,
فَكَانَتِ النَّظِرَةُ وَالْمُدَّةُ وَالتَّأْخِيرُ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ "
(1/22)
21 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ
بْنُ غَانِمٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أُمَيَّةَ
قَالَ: " كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ،
وَنَحْنُ عَلَى شِرْكِنَا، وَكَانَ مِنَّا رَجُلٌ مُحَارِبٌ خَبِيثٌ يُقَالُ لَهُ:
رِيشَةُ، وَكُنَّا قَدْ خَلَّفْنَاهُ لِخُبْثِهِ، فَكَانَ وَلَا يَزَالُ يَعْدُو
عَلَى جَارِنَا ذَلِكَ الْجُهَنِيِّ، فَيُصِيبُ لَهُ الْبِكْرَةَ وَالنَّابَ
وَالشَّارِفَ، فَيَأْتُونَنَا، فَيَشْكُونَهُ إِلَيْنَا، فَنَقُولُ لَهُ:
وَاللَّهِ مَا نَدْرِي مَا نَصْنَعُ بِهِ، قَدْ خَلَعْنَاهُ، فَاقْتُلْهُ،
قَتَلَهُ اللَّهُ، فَوَاللَّهِ لَا يَتْبَعُكَ مِنْ دَمِهِ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ
أَبَدًا حَتَّى عَدَا مَرَّةً مِنْ ذَلِكَ، فَأَخَذَ مِنْهُ نَاقَةً لَهُ خِيَارًا،
فَأَقْبَلَ بِهَا إِلَى شُعْبَةِ الْوَادِي، ثُمَّ نَحَرَهَا وَأَخَذَ سَنَامَهَا،
وَمَطَايِبَ لَحْمِهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا، وَخَرَجَ الْجُهَنِيُّ فِي طَلَبِهَا
حِينَ فَقَدَهَا يَلْتَمِسُهَا، فَاتَّبَعَ أَثَرَهَا حَتَّى وَجَدَهَا، فَجَاءَ
إِلَى نَادِي بَنِي ضَمْرَةَ وَهُوَ آسِفٌ مُصَابٌ، وَهُوَ يَقُولُ: [ص:27]
[البحر الرجز]
أَصَادِقٌ رِيشَةُ يَا آلَ ضَمْرَةَ ... أَنْ لَيْسَ لِلَّهِ عَلَيْهِ قُدْرَةْ
مَا إِنْ يَزَالُ شَارِفٌ وَبِكْرُهُ ... يَطْعَنُ مِنْهَا فِي سَوَاءِ
الثَّغْرَةْ
بِصَارِمٍ ذِي رَوْنَقٍ أَوْ شَفْرَةْ ... لَا هُمَّ إِنْ كَانَ مُعَدًّا
فَجَرَّهْ
فَاجْعَلْ أَمَامَ الْعَيْنُ مِنْهُ جُدْرَهْ ... تَأْكُلُهُ حَتَّى تُوَافِيَ
الْجَهْرَةْ
قَالَ: فَأَخْرَجَ اللَّهُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ فِي مَآقِيهِ حَيْثُ وَصَفَ
بِبُثْرَةٍ مِثْلِ النَّبْقَةِ، وَخَرَجْنَا إِلَى الْمَوْسِمِ حُجَّاجًا،
فَرَجَعْنَا مِنَ الْحَجِّ وَقَدْ صَارَتْ أَكَلَةٌ أَكَلَتْ رَأْسَهُ أَجْمَعَ،
فَمَاتَ حِينَ قَدِمْنَا "
(1/26)
دُعَاءُ النُّعْمَانِ بْنِ قَوْفَلٍ
(1/27)
22 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا جِسْرُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي ثَابِتِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ يَوْمَ أُحُدٍ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ أُقْتَلَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقُتِلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النُّعْمَانَ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ فَأَبَرَّهُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطَأَ فِي حَظِيرَتِهَا مَا بِهِ مِنْ عَرَجٍ»
(1/27)
دُعَاءُ الْمَكْرُوبِ
(1/27)
23 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنِي فُهَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ - وَلَيْسَ بِصَاحِبِ التَّفْسِيرِ -، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: [ص:28] كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكَنَّى: أَبَا مُعَلَّقٍ، وَكَانَ تَاجِرًا يَتَّجِرُ بِمَالٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، يَضْرِبُ بِهِ فِي الْآفَاقِ، وَكَانَ نَاسِكًا وَرِعًا، فَخَرَجَ مَرَّةً فَلَقِيَهُ لِصٌّ مُقَنَّعٌ فِي السِّلَاحِ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ مَا مَعَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ قَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَى دَمِي؟ شَأْنَكَ بِالْمَالِ، قَالَ: أَمَّا الْمَالُ فَلِي، وَلَسْتُ أُرِيدُ إِلَّا دَمَكَ قَالَ: أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ، فَذَرْنِي أُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، قَالَ: صَلِّ مَا بَدَا لَكَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ أَنْ قَالَ: يَا وَدُودُ، يَا ذَا الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، يَا فَعَّالُ لَمَّا يُرِيدُ، أَسْأَلُكُ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَمُلْكِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ، أَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ هَذَا اللِّصِّ، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي , ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: دَعَا بِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ أَقْبَلَ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ وَاضِعُهَا بَيْنَ أُذُنِي فَرَسِهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ اللِّصُّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، فَطَعَنَهُ، فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قُمْ قَالَ: مَنْ أَنْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَدْ أَغَاثَنِي اللَّهُ بِكَ الْيَوْمَ، قَالَ: أَنَا مَلَكٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الْأَوَّلِ، فَسَمِعْتُ لِأَبْوَابُ السَّمَاءُ قَعْقَعَةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّانِي، فَسَمِعْتُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ ضَجَّةً، ثُمَّ دَعَوْتَ [ص:29] بِدُعَائِكَ الثَّالِثِ، فَقِيلَ لِي: دُعَاءُ مَكْرُوبٍ، فَسَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَلِّيَنِي قَتْلَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ تَوَضَّأٍ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ، اسْتُجِيبَ لَهُ مَكْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَكْرُوبٍ "
(1/27)
دُعَاءُ طَلَبِ الْمَوْتِ
(1/29)
24 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا نَفَرَ مِنْ مِنًى، أَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةً مِنْ بَطْحَاءٍ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا طَرَفَ رِدَائِهِ، ثُمَّ اسْتَلْقَى، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ، فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى طُعِنَ فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ»
(1/29)
مِنْ أَدْعِيَةِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ
(1/29)
25 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْجَنْبِيُّ، [ص:30] عَنْ أَبِي جَنَابٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَحَ لِيَ اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتَ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوْدِ وَالْكَدِّ؟ قَالَ: «ادْعُ عَلَيْهِمْ» قُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ مِنِّي مَنْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ مِنِّي، فَخَرَجَ فَضَرَبَهُ الرَّجُلُ "
(1/29)
26 - حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمَّارٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَ عَلِيًّا بِحَدِيثٍ , فَقَالَ: [ص:32] " مَا أَرَاكَ إِلَّا كَذَبْتَنِي قَالَ: لَمْ أَفْعَلْ قَالَ: أَدْعُو اللَّهَ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ، قَالَ: ادْعُ فَدَعَا، فَمَا بَرِحَ الرَّجُلُ حَتَّى عَمِيَ "
(1/31)
27 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ أَبِي مَكِينٍ قَالَ: مَرَرْتُ أَنَا وَخَالِي أَبُو أُمَيَّةَ، عَلَى دَارٍ فِي حَيٍّ مِنْ مُرَادٍ، فَقَالَ: " تَرَى هَذِهِ الدَّارَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّ عَلِيًّا مَرَّ عَلَيْهَا وَهُمْ يَبْنُونَهَا، فَسَقَطَ عَلَيْهِ قِطْعَةٌ فَشَجَّتْهُ، فَدَعَا اللَّهَ أَنْ لَا يَكْمُلَ بِنَاؤُهَا، قَالَ: فَمَا وُضِعَتْ عَلَيْهَا لَبِنَةٌ، قَالَ: فَكُنْتَ تَمُرُّ عَلَيْهَا لَا تُشْبِهُ الدُّورَ "
(1/32)
28 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ الْجَمَلَ مَعَ مَوْلَايَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَكْثَرَ سَاعِدًا بَارِدًا، وَقَدَمًا بَارِدَةٌ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَلَا مَرَرْتُ بِدَارِ الْوَلِيدِ قَطُّ إِلَّا ذَكَرْتُ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: فَحَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ أَنَّ عَلِيًّا دَعَا يَوْمَ الْجَمَلِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ خُذْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ»
(1/32)
دُعَاءُ امْرَأَةِ عُثْمَانَ
(1/32)
29 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ الْعَجْلَانَ، حَدَّثَنِي مُعَلَّى بْنُ عِيسَى الْوَرَّاقُ، عَنْ شَدَّادٍ الْأَعْمَى، عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ مِنْ بَنِي رَاسِبٍ قَالَ: " كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ أَعْمَى يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَمَا أَرَاكَ تَفْعَلُ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ قَالَ: إِنَّ لِي شَأْنًا، آلَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي لَئِنْ قُتِلَ عُثْمَانُ لَنَلْطُمَنَّ حُرَّ وَجْهِهِ، [ص:33] فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأْسُهُ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ ابْنَةِ الْفُرَافِصَةِ، فَقَالَ لَهَا صَاحِبِي: اكْشِفِي عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: أَلْطُمُ حَرَّ وَجْهِهِ، قَالَتْ: أَمَا تَرْضَى مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ , قَالَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا فَاسْتَحْيَى صَاحِبِي فَرَجَعَ، فَقُلْتُ: اكْشِفِي عَنْ وَجْهِهِ قَالَ: فَذَهَبَتْ تَعْدُو عَلَيَّ، فَلَطَمْتُ وَجْهَهُ فَقَالَتْ: مَا لَكَ، يَبَّسَ اللَّهُ يَدَكَ، وَأَعْمَى بَصَرَكَ، وَلَا غَفَرَ لَكَ ذَنْبًا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنَ الْبَابِ حَتَّى يَبِسَتْ يَدِي، وَعَمِيَ بَصَرِي، وَمَا أَرَى اللَّهَ يَغْفِرُ ذَنْبِي "
(1/32)
30 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ طُعْمَةَ بْنِ عَمْرٍو، كَانَ رَجُلٌ قَدْ يَبِسَ وَشَحِبَ مِنَ الْعِبَادَةِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: " إِنِّي كُنْتُ حَلَفْتُ أَنْ أَلْطُمَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ جِئْتُ فَلَطَمْتُهُ، فَقَالَتْ لِي امْرَأَتُهُ: أَشَلَّ اللَّهُ يَمِينَكَ، وَصَلَّى وَجْهَكَ النَّارَ، فَقَدْ شَلَّتْ يَمِينِي وَأَنَا أَخَافُ "
(1/33)
دُعَاءُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
(1/33)
31 - وَحَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: [ص:34] لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ أَتَتْهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَاطَّلَعَ فِي خِدْرِهَا، فَجَعَلَ يَنْعَتُهَا لِلنَّاسِ فَقَالَتْ: " مَا لَهُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَهُ، وَأَبْدَى عَوْرَتَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ، فَأَلْقَى يَمِينَهُ بِيَمِينِهِ فَقَطَعَهَا، فَانْطَلَقَ هَارِبًا آخِذًا إِزَارَهُ بِفِيهِ أَوْ بِشِمَالِهِ، بَادِيًا عَوْرَتُهُ "
(1/33)
دُعَاءُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
(1/34)
32 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: [ص:35] شَكَى أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ حَتَّى قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي قَالَ سَعْدٌ: " أَمَّا أَنَا فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ وَبَعَثَ رِجَالًا يَسْأَلُونَ عَنْهُ فِي مَجَالِسِ الْكُوفَةِ، فَكَانُوا لَا يَأْتُونَ مَجْلِسًا إِلَّا أَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا، أَوْ قَالُوا مَعْرُوفًا، حَتَّى أَتَوْا مَسْجِدًا مِنْ مَسَاجِدِهِمْ، فَقَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَعْدَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ سَأَلْتُمُونَا فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ، وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَتَعَرَّضُ لِلْإِمَاءِ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا سَعْدَةَ؟ قَالَ: كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ
(1/34)
33 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: كَانَ بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِنَا عِنْدَ أَهْلِ سَعْدٍ قَالَتْ: فَرَأَيْنَا امْرَأَةً قَامَتُهَا قَامَةُ صَبِيٍّ، فَقُلْنَا: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ ابْنَةٌ لِسَعْدٍ، وَضَعَ سَعْدٌ يَوْمًا طَهُورَهُ فَغَمَسَتْ يَدَهَا فِيهِ، فَطَرَفَ لَهَا وَقَالَ: «قَطَعَ اللَّهُ قَرْنَكِ فَمَا شَبَّتْ بَعْدُ»
(1/35)
34 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِينَا، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَطَّلِعُ عَلَى سَعْدٍ، فَنَهَاهَا، فَلَمْ تَنْتَهِ، فَاطَّلَعَتْ يَوْمًا وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: «شَاهَ وَجْهُكِ فَعَادَ وَجْهُهَا فِي قَفَاهَا»
(1/36)
35 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ غَالِبٍ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي
أُمِّي - وَكَانَتْ مَوْلَاةَ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -
قَالَتْ: رَأَيْتُ سَعْدًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ،
وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَلَّا يُخْرِجَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَرَادَتْ أَنْ
تَخْرُجَ مَعَهُ، فَنَهَاهَا سَعْدٌ، وَكَرِهَ خُرُوجَهَا، فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ
تَخْرُجَ فَقَالَ سَعْدٌ: «اللَّهُمَّ لَا تُبَلِّغْهَا مَا تُرِيدُ فَأَدْرَكَهَا
الْمَوْتُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَتْ
[البحر الطويل]
تَذَكَّرْتُ مَنْ يَبْكِي عَلَيَّ فَلَمْ أَجِدْ ... مِنَ النَّاسِ إِلَّا
أَعْبُدِي وَوَلَائِدِي
فَوَجَدَ سَعْدٌ مِنْ نَفْسِهِ»
(1/36)
36 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَجُلًا نَالَ مِنْ عَلِيٍّ، فَنَهَاهُ سَعْدٌ، فَلَمْ يَنْتَهِ فَقَالَ سَعْدٌ: «أَدْعُو عَلَيْكَ، فَلَمْ يَنْتَهِ فَدَعَا عَلَيْهِ سَعْدٌ فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَ بَعِيرٌ نَادٌّ أَوْ نَاقَةٌ نَادَّةٌ، فَخَبَطَتْهُ حَتَّى مَاتَ»
(1/37)
37 - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ الْكُوفِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَدِ اتَّخَذَ جَفْنَةً وَجَعَلَ فِيهَا سِيَاطًا، نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ سَوْطًا، فَكَتَبَ عَلَى السَّوْطِ عَشَرَةً، وَعِشْرِينَ، وَثَلَاثِينَ، إِلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ وَكَانَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ غُلَامٌ رَتِيبٌ مِثْلُ وَلَدِهِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ بِشَيْءٍ فَعَصَاهُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَفْنَةِ، فَوَقَعَ بِيَدِهِ سَوْطُ مِائَةٍ، فَجَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَأَقْبَلَ الْغُلَامُ عَلَى سَعْدٍ وَدَمُهُ يَسِيلُ عَلَى عَقِبَيْهِ فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اقْتُلْ عُمَرَ، وَأَسِلْ دَمَهُ عَلَى عَقِبَيْهِ [ص:38] قَالَ: فَمَاتَ الْغُلَامُ، وَقَتَلَ الْمُخْتَارُ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ "
(1/37)
دُعَاءُ أَبِي الْمُنْذِرِ
(1/38)
38 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " اخْرُجُوا بِنَا إِلَى أَرْضِ قَوْمِنَا قَالَ: فَخَرَجْنَا، فَكُنْتُ أَنَا وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي مُؤْخِرَةِ النَّاسِ، فَهَاجَتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ أُبَيٌّ: اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا آذَاهَا فَلَحِقْنَاهُمْ وَقَدِ ابْتَلَّتْ رِحَالُهُمْ فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَصَابَكُمُ الَّذِي أَصَابَنَا؟ قُلْتُ: إِنَّ أَبَا الْمُنْذِرِ دَعَا اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَ عَنَّا أَذَاهَا فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا دَعَوْتُمْ لَنَا مَعَكُمْ؟ "
(1/38)
مِنْ أَدْعِيَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
(1/38)
39 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سَرِيَّةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَتْ: [ص:39] دَعَانِي عَلِيٌّ وَأَنَا حُبْلَى، فَمَسَحَ بَطْنِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ «اجْعَلْهُ ذَكَرًا مَيْمُونًا مُبَارَكًا، صَالِحًا تَقِيًّا فَوَلَدْتُ غُلَامًا»
(1/38)
مِنْ أَدْعِيَةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ
(1/39)
40 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَطَرٍ الْخُلَيْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ أُخْتِ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْمًا يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ دَارِينَ، قَالَ: فَدَعَا بِثَلَاثِ دَعَوَاتٍ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ قَالَ: سِرْنَا مَعَهُ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، وَطَلَبْنَا الْوَضُوءَ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، إِنَّا عَبِيدُكَ، وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، فَاسْقِنَا غَيْثًا نَشْرَبُ مِنْهُ وَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْأَحْدَاثِ، وَإِذَا تَرَكْنَاهُ فَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ نَصِيبًا غَيْرِنَا قَالَ: فَمَا جَاوَزْنَا غَيْرَ قَلِيلٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِنَهْرٍ مِنْ مَاءِ سَمَاءٍ يَتَدَفَّقُ، قَالَ: [ص:40] فَنَزَلْنَا فَتَرَوَّيْنَا، وَمَلَأْتُ إِدَاوَتِي، ثُمَّ تَرَكْتُهَا، فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ هَلِ اسْتُجِيبُ لَهُ؟ فَسِرْنَا مِيلًا أَوْ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: إِنِّي نَسِيتُ إِدَاوَتِي فَذَهَبْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَكَأَنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ قَطُّ فَأَخَذْتُ إِدَاوَتِي فَجِئْتُ بِهَا فَلَمَّا أَتَيْنَا دَارِينَ - وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الْبَحْرُ - فَدَعَا أَيْضًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ يَا عَلِيمُ يَا حَلِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، إِنَّا عَبِيدُكَ، وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، فَاجْعَلْ لَنَا سَبِيلًا إِلَى عَدُوِّكَ ثُمَّ اقْتَحَمَ بِنَا الْبَحْرَ، فَوَاللَّهِ مَا ابْتَلَّتْ سُرُوجُنَا حَتَّى خَرَجْنَا إِلَيْهِمْ فَلَمَّا رَجَعْنَا اشْتَكَى الْبَطْنَ فَمَاتَ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُغَسِّلُهُ بِهِ، فَكَفَّنَّاهُ فِي ثِيَابِهِ، وَدَفَنَّاهُ، فَلَمَّا سِرْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ إِذَا نَحْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: ارْجِعُوا لِنَسْتَخْرِجْهُ فَنُغَسِّلُهُ فَرَجَعْنَا فَطَلَبْنَا قَبْرَهُ، فَخَفِيَ عَلَيْنَا قَبْرُهُ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَدْعُو اللَّهَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ يَا عَلِيمُ يَا حَلِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، أَخْفِ جُثَّتِي، وَلَا تُطْلِعْ عَلَى عَوْرَتِي أَحَدًا فَرَجَعْنَا وَتَرَكْنَاهُ "
(1/39)
41 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ السَّعْدِيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " رَأَيْتُ مِنَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَمْ أَشْهَدْهَا مِنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ: كُنَّا فِي سَفَرٍ، فَعَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَدَعَا اللَّهَ فَأُمْطِرْنَا، فَسُقِينَا وَأَسْقَيْنَا وَكُنْتُ مَعَهُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى الْعُبُورِ، فَدَعَا اللَّهَ، فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ حَتَّى عَبَرَ ذَلِكَ الْجَانِبَ [ص:41] وَشَهِدْتُ مَوْتَهُ، فَحَفَرْنَا لَهُ قَبْرًا، وَوَضَعْنَاهُ فِي اللَّحْدِ، فَذَكَرْنَا أَنَّا لَمْ نَحُلَّ الْعُقَدَ، فَرَفَعْنَا اللَّبِنَ فَلَمْ نَرَ فِي اللَّحْدِ شَيْئًا "
(1/40)
42 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْخَزْرَجِيِّ قَالَ: " دَخَلَتْ فِي أُذُنِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ حَصَاةٌ، فَعَالَجَهَا الْأَطِبَّاءُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى صُمَاخِهِ، فَأَسْهَرَتْ لَيْلَهُ، وَنَغَّصَتْ عَيْشَ نَهَارِهِ، فَأَتَى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ كَانَ شَيْءٌ يَنْفَعُكَ فَدَعْوَةُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ الَّتِي دَعَا بِهَا فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمَفَازَةِ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، يَا عَلِيمُ يَا حَلِيمُ قَالَ: فَدَعَا بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْنَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَلَهَا طَنِينٌ حَتَّى صَكَّتِ الْحَائِطَ، وَبَرَأَ "
(1/41)
مِنْ أَدْعِيَةِ طَلَبِ الِاسْتِسْقَاءِ
(1/41)
43 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: [ص:42] أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ شَدِيدٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَخَرَجَ عُمَرُ بِالنَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْ رِدَائِهِ، فَجَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الْيَسَارِ، وَالْيَسَارَ عَلَى الْيَمِينَ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ وَنَسْتَسْقِيكَ فَمَا بَرِحُوا حَتَّى مُطِرُوا فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا أَعْرَابٌ قَدِمُوا، فَأَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بَيْنَمَا نَحْنُ فِي بَوَادِينَا يَوْمَ كَذَا، فِي سَاعَةِ كَذَا، إِذَا أَظَلَّنَا غَمَامٌ، فَسَمِعْنَا مِنْهَا صَوْتًا: إِيَّاكَ الْغَوْثَ أَبَا حَفْصٍ، إِيَّاكَ الْغَوْثَ أَبَا حَفْصٍ "
(1/41)
44 - حَدَّثَنَا بَشَّارُ بْنُ مُوسَى الْخَفَّافُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: [ص:43] كُنْتُ مَعَ أَنَسٍ فَجَاءَ قَهْرَمَانُهُ فَقَالَ: " يَا أَبَا حَمْزَةَ، عَطِشَتْ أَرْضُنَا قَالَ: فَقَامَ أَنَسٌ وَتَوَضَّأَ، وَخَرَجَ إِلَى الْبَرِيَّةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ السَّحَابَ يَلْتَئِمُ وَقَالَ: ثُمَّ أَمْطَرَتْ حَتَّى مَلَأَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَلَمَّا سَكَنَ الْمَطَرُ، بَعَثَ أَنَسٌ بَعْضَ أَهْلِهِ، فَقَالَ: «انْظُرُوا أَيْنَ بَلَغَتِ السَّمَاءُ؟» فَنَظَرَ فَلَمْ تَعْدُ أَرْضَهُ إِلَّا يَسِيرًا "
(1/42)
دُعَاءُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ
(1/43)
45 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعِشَاءَ، فَلَمَّا رَآنِي سَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ: مَا قَدِمْتَ بِهِ؟ قُلْتُ: قَدِمْتُ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ، حَتَّى عَدَدْتُ خَمْسًا، فَقَالَ: إِنَّكَ نَاعِسٌ، فَارْجِعْ إِلَى بَيْتِكَ فَنَمْ، ثُمَّ أَعِدْ عَلَيَّ قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَاذَا جِئْتَ بِهِ؟ قُلْتُ: خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ: أَطَيِّبٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، لَا أَعْلَمُ إِلَّا ذَلِكَ فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ كَثِيرٌ، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعُدَّهُ لَكُمْ عَدًّا، وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَكِيلَهُ لَكُمْ كَيْلًا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ الْأَعَاجِمَ يُدَوِّنُونَ دِيوَانًا، يُعْطُونَ النَّاسَ عَلَيْهِ، فَدَوِّنِ الدِّيوَانَ فَفَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِلْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا
(1/43)
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ بَدْرَةَ ابْنَةِ رَافِعٍ قَالَتْ: فَلَمَّا جَاءَ الْعَطَاءُ بَعَثَ عُمَرُ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِالَّذِي لَهَا، فَلَمَّا [ص:44] دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ: " غَفَرَ اللَّهُ لِعُمَرَ لَغَيْرِي مِنْ إِخْوَانِي كَانَ أَجْرَأَ عَلَى قَسْمِ هَذَا مِنِّي قَالُوا: هَذَا كُلُّهُ لَكِ قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاسْتَقَرَّتْ دُونَهُ، وَقَالَتْ: صُرُّوهُ وَاطْرَحُوا عَلَيْهِ ثَوْبًا، فَصَرُّوهُ وَطَرَحُوا عَلَيْهِ ثَوْبًا، فَقَالَتْ لِي: أَدْخِلِي يَدَكِ فَاقْبِضِي مِنْهُ قَبْضَةً، فَاذْهَبِي بِهَا إِلَى آلِ فُلَانٍ، وَإِلَى آلِ فُلَانٍ مِنْ أَيْتَامِهَا وَذَوِي رَحِمِهَا، فَقَسَّمَتْهُ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ , فَقَالَتْ لَهَا بَدْرَةٌ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ لَنَا فِي هَذَا حَظٌّ قَالَتْ: فَلَكُمْ مَا تَحْتَ الثَّوْبِ قَالَتْ: فَرَفَعْنَا الثَّوْبَ، فَوَجَدْنَا خَمْسًا وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَفَعَتْ يَدَهَا، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكْنِي عَطَاءٌ لِعُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا قَالَ: فَمَاتَتْ "
(1/43)
دُعَاءُ أُمِّ رَجُلٍ أَنْصَارِيٍّ
(1/44)
46 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ الْعَجْلَانَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " دَخَلْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ مَرِيضٌ ثَقِيلٌ، فَلَمْ نَبْرَحْ حَتَّى قَضَى، فَبَسَطْنَا عَلَيْهِ ثَوْبَهُ، وَأُمٌّ لَهُ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا بَعْضُنَا، [ص:45] فَقَالَ: يَا هَذِهِ، احْتَسِبِي مُصِيبَتِكِ عِنْدَ اللَّهِ. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ أَمَاتَ ابْنِي؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَتْ: أَحَقًّا مَا تَقُولُونَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ فَمَدَّتْ يَدَهَا إِلَى اللَّهِ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَسْلَمْتُ، وَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِكَ رَجَاءَ أَنْ تُعِينَنِي عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ، فَلَا تَحْمِلْنِي عَلَى هَذِهِ الْمُصِيبَةِ الْيَوْمَ قَالَ: فَكَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهِ، فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى طَعِمْنَا مَعَهُ "
(1/44)
الْمُسْتَوْدِعُ رَبِّهِ
(1/45)
47 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعْرِضُ النَّاسَ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ مَعَهُ ابْنٌ لَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَالَ عُمَرُ: " مَا رَأَيْتُ غُرَابًا بِغُرَابٍ أَشْبَهَ بِهَذَا مِنْ هَذَا فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَقَدْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ قَالَ: وَيْحَكَ، وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: خَرَجْتُ فِي بَعْثِ كَذَا وَتَرَكْتُهَا حَامِلًا، وَقُلْتُ: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ مَا فِي بَطْنِكِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مِنْ سَفَرِي أُخْبِرْتُ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ قَاعِدٌ فِي الْبَقِيعِ مَعَ بَنِي عَمٍّ لِي، إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا ضَوْءٌ يُشْبِهُ السَّرَاجَ فِي الْمَقَابِرِ فَقُلْتُ لِبَنِي عَمِّي: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي، غَيْرَ أَنَّنَا نَرَى هَذَا الضَّوْءَ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ قَبْرِ فُلَانَةَ فَأَخَذْتُ مَعِيَ فَأْسًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ نَحْوَ الْقَبْرِ، فَإِذَا الْقَبْرُ مَفْتُوحٌ، وَإِذَا هَذَا فِي حِجْرِ أُمِّهِ فَدَنَوْتُ فَنَادَانِي مُنَادٍ: أَيُّهَا الْمُسْتَوْدِعُ رَبَّهُ: خُذْ وَدِيعَتَكَ، أَمَا لَوِ اسْتَوْدَعْتَ أُمَّهُ لَوَجَدْتَهَا فَأَخَذْتُ الصَّبِيَّ، وَانْضَمَّ الْقَبْرُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَأَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ زُفَرَ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَاصِمٍ
(1/45)
دُعَاءُ أُمٍّ عَلَى وَلَدِهَا
(1/46)
48 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ - عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ قَالَ: " مَرَرْنَا بِبَعْضِ الْمِيَاهِ الَّتِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ، فَسَمِعْنَا نَهِيقَ حِمَارٍ، فَقُلْنَا لَهُمْ: مَا هَذَا النَّهِيقُ؟ قَالُوا: هَذَا رَجُلٌ كَانَتْ أُمُّهُ تُكَلِّمُهُ بِالْحُسْنَى، فَيَقُولُ: انْهَقِي نَهِيقَكِ، قَالَ غَيْرُ إِسْحَاقَ: فَكَانَتْ أُمُّهُ تَقُولُ: جَعَلَكَ اللَّهُ حِمَارًا فَلَمَّا مَاتَ نَسْمَعُ هَذَا النَّهِيقَ عِنْدَ قَبْرِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ "
(1/46)
دُعَاءُ مَنْ خَرَجُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
(1/46)
49 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُجَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ خَرَجُوا مُتَطَوِّعِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَنَفَقَ حِمَارُ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَأَرَادُوهُ عَلَى أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهُمْ، فَأَبَى فَانْطَلَقَ أَصْحَابُهُ مُتَرَجِّلِينَ وَتَرَكُوهُ فَقَامَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ تُحْيِي الْمَوْتَى، وَأَنَّكَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، اللَّهُمَّ فَأَحْيِي لِي حِمَارِي ثُمَّ قَامَ إِلَى الْحِمَارِ فَضَرَبَهُ، فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ، فَأَسْرَجَهُ وَأَلْجَمَهُ، ثُمَّ رَكِبَهُ فَأَجْرَاهُ حَتَّى لَحِقَ بِأَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ لِي حِمَارِي قَالَ إِسْمَاعِيلُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَنَا رَأَيْتُ هَذَا الْحِمَارَ بِيعَ أَوْ يُبَاعُ بِالْكُنَاسَةِ
(1/46)
50 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَحَدُ الْعَشَرَةِ قَالَ: " كُنَّا عِدَّةً خَرَجْنَا فِي سَرِيَّةٍ، فَانْكَسَرَتْ فَخِذُ رَجُلٍ مِنَّا، فَتَرَكْنَاهُ وَتَرَكْنَا فَرَسَهُ عِنْدَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْنَا قَالَ: قُلْتُ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] فَانْبَسَطَتْ رِجْلَيَّ ثُمَّ قَلَبَهَا فَقَبَضَهَا، فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَلَحِقَنَا "
(1/47)
51 - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، كَانَ فِي غَزَاةٍ لَهُ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَأَبَقَ غُلَامٌ لَهُ بِفَرَسِهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَصْحَابُهُ أَنْ يَرْتَحِلُوا، تَوَضَّأَ الرَّجُلُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَانِي وَحَالِي، وَارْتُحَالَ أَصْحَابِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ لَمَا رَدَدْتَ عَلَيَّ فَرَسِي وَغُلَامِي [ص:48] فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالْغُلَامِ مَكْتُوفٌ بِشَطَنِ الْفَرَسِ
(1/47)
فَضْلُ سُورَةِ السَّجْدَةِ
(1/48)
52 - حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَاذَانَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَطَلَبَ نَاقَةً لِصَاحِبٍ لَنَا، [ص:49] فَطَلَبْنَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَأَخَذْنَا نَقْتَسِمُ مَتَاعَهُ، فَقَالَ زِيَادٌ: أَلَا تَقُولُونَ شَيْئًا؟ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: " تَقْرَأُ (حم) السَّجْدَةَ، وَتَسْجُدُ وَتَدَعُو، فَقَرَأَ (حم) السَّجْدَةَ، وَسَجَدَ وَدَعَا، فَرَفَعْنَا رُءُوسَنَا، فَإِذَا رَجُلٌ مَعَهُ النَّاقَةُ الَّتِي ذَهَبَتْ قَالَ زِيَادٌ: أَعْطُوهُ مِنْ طَعَامِكُمْ، فَلَمْ يَقْبَلْ فَقَالَ: أَطْعِمُوهُ قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ فَنَظَرْنَا فَلَمْ نَرَ شَيْئًا وَلَا نَدْرِي مَا كَانَ "
(1/48)
دُعَاءُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ
(1/49)
53 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّهْمِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: أُتِيَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِرَجُلٍ مَعَهُ زِقُّ خَمْرٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَسَلًا فَصَارَ عَسَلًا»
(1/49)
دُعَاءُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
(1/49)
54 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا حَزْمٌ الْقُطَعِيُّ، سَمِعْتُ مُسْلِمًا يُحَدِّثُ , عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَفَدْنَا وُفُودًا مِنَ الْبَصْرَةِ نَسْأَلُ: فِيمَ قُتِلَ؟ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَتَفَرَّقْنَا فَمِنَّا مَنْ أَتَى عَلِيًّا، وَمِنَّا مَنْ أَتَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَمِنَّا مَنْ أَتَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَقُولِينَ فِي عُثْمَانَ؟ قَالَتْ: «قُتِلَ وَاللَّهِ مَظْلُومًا، لَعَنَ اللَّهُ قَتَلَتَهُ، أَقَادَ بِهِ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَهْرَقَ بِهِ دِمَاءَ بَنِي بُدَيْلٍ، وَأَبْدَى اللَّهُ عَوْرَةَ أَعْيَنَ، وَرَمَى اللَّهُ الْأَشْتَرَ بِسَهْمٍ مِنْ سِهَامِهِ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَصَابَتْهُ دَعَوْتُهَا»
(1/49)
مِنْ أَدْعِيَةِ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ
(1/49)
55 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ [ص:50] الْمُبَارَكِ، عَنْ مُسْتَلِمِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا غَزَاةً إِلَى كَابُلَ وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، قَالَ الْأَمِيرُ: لَا يَشِذَّنَّ مِنَ الْعَسْكَرِ أَحَدٌ فَذَهَبَتْ بَغْلَةُ صِلَةَ بِثِقْلِهَا، فَأَخَذَ يُصَلِّي فَقِيلَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ ذَهَبُوا فَقَالَ: إِنَّمَا هُمَا خَفِيفَتَانِ قَالَ: فَدَعَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ بَغْلَتِي وَثِقْلَهَا قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ "
(1/49)
56 - وَحَدَّثَنِي أَبِي وَغَيْرُهُ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، حَدَّثَنِي صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ قَالَ: " كُنْتُ أَسِيرُ بِهَذِهِ الْأَهْوَازِ، إِذْ جُعْتُ جُوعًا شَدِيدًا، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَبِيعُنِي طَعَامًا، فَجَعَلْتُ أَتَحَرَّجُ أَنْ أُصِيبَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ شَيْئًا فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ دَعَوْتُ رَبِّي، فَاسْتَطْعَمْتُ، فَسَمِعْتُ وَجْبَةً خَلْفِي، فَإِذَا أَنَا بِثَوْبٍ أَوْ مِنْدِيلٍ فِيهِ دَوْخَلَةٌ مَلْأَى رُطَبًا، فَأَخَذْتُهُ وَرَكِبْتُ دَابَّتِي، فَأَكَلْتُ حَتَّى شَبِعْتُ، فَأَدْرَكَنِي الْمَسَاءُ، فَنَزَلَتْ إِلَى رَاهِبٍ فِي دَيْرٍ لَهُ، فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ، فَاسْتَطْعَمَنِي مِنَ الرُّطَبِ، فَأَطْعَمْتُهُ رُطَبَاتٍ قَالَ ثُمَّ إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى ذَلِكَ الرَّاهِبِ بَعْدَ زَمَانٍ فَإِذَا نَخْلَاتٌ حِسَانٌ حِمَالٌ، فَقَالَ: إِنَّهُنَّ مِنْ رُطَبَاتِكَ الَّتِي أَطْعَمْتَنِي وَجَاءَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَهْلِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تُرِيهِ النَّاسَ "
(1/50)
مِنْ أَدْعِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ
(1/50)
57 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: [ص:51] كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، فَكَانَتْ تَمُرُّ بِهِ السَّحَابَةُ، فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَا تَجُوزُ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى تُمْطِرَ فَلَا تَجُوزُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ حَتَّى تُمْطِرَ»
(1/50)
مِنْ أَدْعِيَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
(1/51)
58 - أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَبَانَ بْنِ دَارِمٍ يُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ، شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَمَى الْحُسَيْنَ بِسَهْمٍ، فَأَصَابَ حَنَكَهُ، فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ يَقُولُ: هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ فَيَرْمِي بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُسَيْنَ دَعَا بِمَاءٍ لِيَشْرَبَ، فَلَمَّا رَمَاهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ، اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَهُ وَهُوَ يَمُوتُ، وَهُوَ يَصِيحُ مِنَ الْحَرِّ فِي بَطْنِهِ، [ص:52] وَالْبَرْدِ فِي ظَهْرِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرَاوِحُ وَالثَّلْجُ، وَخَلْفَهُ الْكَانُونُ، وَهُوَ يَقُولُ: اسْقُونِي أَهْلَكَنِي الْعَطَشُ، فَيُؤْتَى بِعُسٍّ عَظِيمٍ فِيهِ السَّوِيقُ أَوِ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ، لَوْ شَرِبَهُ خَمْسَةٌ لَكَفَاهُمْ قَالَ: فَيَشْرَبُهُ، ثُمَّ يَعُودُ، فَيَقُولُ: اسْقُونِي أَهْلَكَنِي الْعَطَشُ، قَالَ: فَانْقَدَّ بَطْنُهُ كَانْقِدَادِ الْبَعِيرِ "
(1/51)
59 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ أَبِي قَالَتْ: " أَدْرَكْتُ رَجُلَيْنِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَطَالَ ذَكَرُهُ، حَتَّى كَانَ يَلُفُّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَسْتَقْبِلُ الرَّاوِيَةَ، فَيَشْرَبُهَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهَا قَالَ سُفْيَانُ: أَدْرَكْتُ ابْنَ أَحَدِهِمَا بِهِ خَبَلٌ أَوْ نَحْوَ هَذَا
(1/52)
دُعَاءُ عَمْرِو السَّرَايَا
(1/52)
60 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ الْبُهْلُولِ بْنِ حَسَّانَ التَّنُوخِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ابْنُ بِنْتِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الْحَارِثِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو السَّرَايَا قَالَ: " كُنْتُ أَغْزُو فِي بِلَادِ الرُّومِ وَحْدِي فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ نَائِمٌ، إِذْ وَرَدَ عَلَيَّ عِلْجٌ، فَجَذَبَنِي، فَانْتَبَهْتُ، فَقَالَ: يَا عَرَبِيُّ، اخْتَرْ إِنْ شِئْتَ مُطَاعَنَةً، وَإِنْ شِئْتَ مُسَايَفَةً، وَإِنْ شِئْتَ مُصَارَعَةً، فَقُلْتُ: أَمَّا الْمُسَايَفَةُ وَالْمُطَاعَنَةُ فَلَا طَاقَةَ لِي بِقِتَالِهِمَا، وَلَكِنْ مُصَارَعَةٌ فَنَزَلَ فَلَمْ يُنُهْنِهُنِي أَنْ صَرَعَنِي، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: أَيُّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ فَتَذَكَّرْتُ، فَرَفَعْتُ طَرْفِي إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مَا دُونَ عَرْشِكَ إِلَى قَرَارِ أَرْضِكَ، بَاطِلٌ غَيْرُ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، قَدْ تَرَى مَا أَنَا فِيهُ، فَفَرِّجْ عَنِّي، فَأُغْمِيَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَفَقْتُ فَإِذَا الرُّومِيُّ قَتِيلٌ إِلَى جَانِبِي "
(1/52)
دُعَاءُ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ
(1/53)
61 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَاصِمٍ الْكِلَابِيِّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ قَالَ: " أَخَذَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ابْنُ أَخٍ لِصَفْوَانَ بْنَ مُحْرِزٍ، فَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ، فَلَمْ يَدَعْ صَفْوَانُ شَرِيفًا بِالْبَصْرَةِ يَرْجُو مَنْفَعَتَهُ إِلَّا تَجَمَّلَ بِهِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ لِحَاجَتِهِ نَجَاحًا، فَثَابَ فِي مُصَلَّاهُ حَزِينًا، فَهَوَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا آتٍ قَدْ أَتَاهُ فِي مَنَامِهِ، فَقَالَ: يَا صَفْوَانُ، قُمْ فَاطْلُبْ حَاجَتَكَ مِنْ وَجْهِهَا قَالَ: فَانْتَبَهَ فَزِعًا، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ دَعَا، فَأَرِقَ ابْنُ زِيَادٍ، فَقَالَ: عَلَيَّ بِاب